الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَذَا إِنْ لَمْ يَنْوِ إِضَافَتَهُ إِلَيْهَا فِي الأَصَحِّ. وَلَوْ قَالَ: (أَنَا مِنْكِ بَائِنٌ) .. اشْتُرِطَ نِيَّةُ الطَّلَاقِ، وَفِي الإِضَافَةِ الْوَجْهَانِ. وَلَوْ قَالَ:(اسْتبرِئي رَحِمِي مِنْكِ) .. فَلَغْوٌ، وَقِيلَ: إِنْ نَوَى طَلَاقَهَا .. وَقَعَ.
فَصْلٌ [في بيان محل الطلاق والولاية عليه]
خِطَابُ الأَجْنَبِيَّةِ بِطَلَاقٍ، وَتَعْلِيقُهُ بِنِكَاح وَغَيْرِهِ لَغْوٌ
===
(وكذا إن لم ينو إضافته إليها في الأصح) لأن محل الطلاق: المرأة لا الرجل، واللفظ مضاف إليه، فلا بد من نية صارفة، تجعل الإضافة إليه إضافة إليها، والثاني: يكفي نية الطلاق، وإن لم يضفه، فإن الطلاق يقتضي رفع العقد، وإذا ارتفع العقد .. فلا حاجة للتنصيص على المحل نطقًا، أو نية.
(ولو قال: "أنا منك بائن") ونحوها من الكنايات ( .. اشترط نية الطلاق) كسائر الكنايات، (وفي) نية (الإضافة) إليها (الوجهان) في (أنا منك طالق)، وقد تقدم، ولا حاجة إلى ذكره هذه المسألة بعد ذكر التي قبلها؛ لأنه إذا شرطت النية في (أنا منك طالق) وهي من الصرائح .. اشترطت في (أنا منك بائن) بطريق أولى.
(ولو قال: "استبرئي رحمي منك" .. فلغو) لأن اللفظ غير منتظم في نفسه، والكناية شرطها: أن تحتمل معنيين فصاعدًا، وهي في بعض المعاني أظهر، (وقيل: إن نوى طلاقها .. وقع) ويكون المعنى: (استبرئي الرحم التي كانت لي).
* * *
(فصل: خطاب الأجنبية بطلاق، وتعليقه بنكاح) كقوله: (إن تزوجتها فهي طالق)(وغيره) كقوله لأجنبية: (إذا دخلت الدار .. فأنت طالق)، ثم نكحها، ثم دخلت ( .. لغو) أما المنجز .. فبالإجماع، وأما المعلق .. فلقوله صلى الله عليه وسلم:"لَا طَلَاقَ إِلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ" قال الترمذي: حديث حسن صحيح (1).
وحمل المخالف له على الطلاق المنجز، وتصحيح التعليق يرده ما رواه الدارقطني
(1) سنن الترمذي (1181)، وأخرجه الحاكم (2/ 420)، وأبو داوود (2190)، وابن ماجه (2047) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
وَالأَصَحُّ: صِحَّةُ تَعْلِيقِ الْعَبْدِ ثَالِثَةً؛ كَقَوْلهِ: (إِنْ عَتَقْتُ أَوْ إِنْ دَخَلْتِ .. فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا)، فَيَقَعْنَ إِذَا عَتَقَ أَوْ دَخَلَتْ بَعْدَ عِتْقِهِ. وَيَلْحَقُ رَجْعِيَّةً لَا مُخْتَلَعَةً. وَلَوْ عَلَّقَهُ بِدُخُولٍ فَبَانَتْ ثُمَّ نَكَحَهَا ثُمَّ دَخَلَتْ .. لَمْ يَقَعْ إِنْ دَخَلَتْ فِي الْبَيْنُونَةِ،
===
عن زيد بن علي بن الحسين يسنده عن آبائه رضي الله عنهم: أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ إن أمي عرضت علي قرابة لها، فقلت: هي طالق إن تزوجتها، فقال صلى الله عليه وسلم:"هَل كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مِلْكٌ؟ " قلت: لا، قال:"لَا بَأْسَ"(1)، فإنّ هذا صريح في بطلان التعليق، فيكون الحديث الأول على عمومه.
ونَاظَرَ الكسائي أبا يوسف في هذه المسألة، وتعلق بقولهم: السيل لا يسبق المطر، وتعليق العتق بالملك كتعليق الطلاق بالنكاح بلا فرق.
(والأصح: صحة تعليق العبد ثالثة؛ كقوله: "إن عتقت، أو إن دخلت .. فأنت طالق ثلاثًا" فيقعن إذا عتق أو دخلت بعد عتقه) لأن ملك النكاح مفيد لملك الطلقات الثلاث بشرط الحرية، وقد وُجد، والثاني: لا يصح؛ لأنه لا يملك تنجيزها، فلا يملك تعليقها؛ كالطلاق قبل النكاح، قال الرافعي: ويجري الوجهان في قوله لأمته الحائل: (إذا ولدت .. فولدك حر)(2)، فلو كانت حاملًا عند التعليق .. عتق قطعًا.
(ويلحق) الطلاق (رجعيةً) لأنها في حكم الزوجات، قال الشافعي: الرجعية زوجة في خمس آيات في كتاب الله (3)، يريد بذلك لحوق الطلاق، وصحة الظهار، واللعان، والإيلاء، والميراث، (لا مختلعة) لقطع الزوجية؛ إذ لو كانت زوجة .. لثبت له الرجعة، وصَحَّ إيلاؤه منها ونحوه.
(ولو علقه بدخول) بصيغة (إن) ونحوها مما لا يقتضي التكرار (فبانت ثم نكحها ثم دخلت .. لم يقع إن دخلت في البينونة) حتى إذا علق الطلاق الثلاث بالدخول .. فبانت، ودخلت في البينونة، ثم دخلت بعد النكاح .. لم يقع؛ لأن اليمين تناولت
(1) سنن الدارقطني (4/ 19 - 20).
(2)
الشرح الكبير (8/ 576).
(3)
مختصر المزني (ص 188).
وَكَذَا إِنْ لَمْ تَدْخُلْ فِي الأَظْهَرِ، وَفِي ثَالِثٍ: يَقَعُ إِنْ بَانَتْ بدُونِ ثَلَاثٍ. وَلَوْ طَلَّقَ دُونَ ثَلَاثٍ وَرَاجَعَ أَوْ جَدَّدَ وَلَوْ بَعْدَ زَوْجٍ .. عَادَتْ بِبَقِيَّةِ الثَّلَاَثِ، وَإِنْ ثلَثَ .. عَادَتْ بِثَلَاثٍ. وَلِلْعَبْدِ طَلْقَتَانِ فَقَطْ، وَلِلْحُرِّ ثَلَاثٌ
===
دخولًا واحدًا، وقد وجد في حالة لا تقع فيها، فانحلت.
(وكذا إن لم تدخل في الأظهر) لامتناع أن يريد النكاح الثاني؛ لأنه يكون تعليق طلاق قبل نكاح، فتعين أن يريدَ الأول، والأول قد ارتفع، والثاني: يقع؛ لقيام النكاح في حالتي التعليق والصفة، وتخلل البينونة لا يؤثر؛ لأنه ليس وقت الإيقاع ولا وقت الوقوع.
(وفي ثالث: يقع إن بانت بدون ثلاث) لأن العائد في النكاح الثاني ما بقي من الطلقات من الأول، فتعود بصفتها وهي التعليق بالفعل المعلق عليه، بخلاف ما لو بانت بالثلاث؛ لأنه استوفى ما علق من الطلاق، والعائد طلقات جديدة.
(ولو طلق دون ثلاث وراجع أو جدد ولو بعد زوج) وإصابةٍ ( .. عادت ببقية الثلاث) أما إذا لم يكن زوج .. فبالإجماع، وأما بعد الزوج .. فهو قول أكابر الصحابة، كما قاله ابن المنذر، منهم عمر رضي الله عنه (1)، ولم يظهر لهم مخالف؛ ولأنها إصابة ليست بشرط في الإباحة، فلم تؤثر؛ كإصابة السيد أمته المطلقة ثلاثًا.
(وإن ثلث .. عادت بثلاث) لأن دخول الثاني أفاد حل النكاح للأول، ولا يمكن بناؤه على العقد الأول، فثبت نكاح مستفتح بأحكامه.
(وللعبد طلقتان فقط) وإن كانت الزوجة حرة؛ لأن الاعتبار في الطلاق بالزوج؛ لأنه المالك له، وعن عمر رضي الله عنه:(العبد يطلق طلقتين، وتعتد الأمة بقرئين)(2)، وروى الدارقطني مرفوعًا:"طَلَاقُ الْعَبْدِ اثنتَانِ"(3)، والمدبر والمكاتب والمبعض كالقن.
(وللحر ثلاث) وإن كانت زوجته أمته؛ لما ذكرناه من أن اعتبار الطلاق بالرجال؛
(1) الإشراف (1/ 181).
(2)
أخرجه الشافعي في "المسند"(ص 395)، والدارقطني (3/ 308)، والبيهقي (7/ 158).
(3)
سنن الدارقطني (4/ 39) عن عائشة رضي الله عنها.