الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل ومن معجزاته الباهرة ما جمعه الله له من المعارف والعلوم]
(فصل) ومن معجزاته الباهرة ما جمعه الله له من المعارف والعلوم وخصه به من الاطلاع على جميع مصالح الدنيا والدين ومعرفته بأمور شرائعه وقوانين دينه وسياسة عباده ومصالح امته وما كان في الامم قبله وقصص الانبياء والرسل والجبابرة والقرون الماضية من لدن آدم الى زمنه وحفظ شرائعهم وكتبهم ووعى سيرهم وسرد أنبائهم وأيام الله فيهم وصفات أعيانهم واختلاف أرائهم والمعرفة بمددهم واعمارهم وحكم حكامهم ومحاجة كل أمة من الكفرة ومعارضة كل فرقة من أهل الكتابين بما في كتبهم واعلامهم باسرارها ومخبآت علومها واخبارهم بما كتموه من ذلك وغيروه الى الاحتواء على لغات العرب وغريب الفاظ فرقها والاحاطة بضروب فصاحاتها والحفظ لايامها وأمثالها وحكمها ومعاني أشعارها والتخصيص بجوامع كلمها الى المعرفة بضرب الامثال الصحيحة والحكم البينة لتقريب التفهيم للغامض والتبيين للمشكل الى تمهيد قواعد الشرع الذى لا تناقض فيه ولا تخاذل مع اشتمال شريعته عن محاسن الاخلاق ومحامد الآداب وكل شيء مستحسن مفضل لم ينكر منه ملحد ذو عقل سليم شيأ الا من جهة الخذلان بل كل جاحد وكافر من الجاهلية به اذا سمع ما يدعوا اليه صوبه واستحسنه دون طلب اقامة برهان عليه ثم ما أحل لهم من الطيبات وحرم عليهم من الخبائث وصان به أنفسهم واعراضهم وأموالهم من المعاقبات والحد ودعا جلا والتخويف بالنار آجلا الى الاحتواء على ضروب العلوم وفنون المعارف كالطب والعبارة والفرائض والحساب والنسب وغير ذلك من العلوم مما اتخذ أهل هذه المعارف كلامه صلى الله عليه وسلم فيها قدوة وأصولا في علمهم كقوله صلى الله عليه وسلم الرؤيا لاول عابر وهي على رجل طائر (فصل) ومن معجزاته الباهرة (أحل لهم) بفتح الهمزة مبنى للفاعل وكذا وحرم (والعبارة) بكسر المهملة ثم موحدة هي تعبير الرؤيا (والفرائض) جمع فريضة بمعنى مفروضة (الرؤيا لاول عابر) ليس هذا على الاطلاق كما قاله النووى وانما ذلك اذا أصاب وجهها فمن ثم قال صلى الله عليه وسلم لسيدنا أبي بكر حين عبر الرؤيا أصبت بعضا وأخطأت بعضا وفي قوله تعالى قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ دليل لذلك فان الرؤيا كانت رؤيا صحيحة على حسب ما فسره سيدنا يوسف ولو كانت لاول عابر مطلقا لما أخطأ أبو بكر في بعض ما عبر ولكانت الرؤيا التى عبرها يوسف أضغاث أحلام (وعلى رجل طائر) تتمة الحديث فاذا عبرت وقعت ولا تقصها الا على وادّ أودى رأي أخرجه أبو داود وابن ماجه والحاكم عن ابن رزين ومعنى قوله على رجل طائر كما قاله الهروى على قدر جار وقضاء ماض من خير أو شر وقال ابن قتيبة أراد انها غير مستقرة يقال للشيء اذا لم يستقر هو على رجل
واذا تقارب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب وقوله عليه السلام أصل كل داء البردة أي التخمة وخير ما تداويتم به السعوط واللدود والمشي والحجامة وخير الحجامة يوم تسع عشرة وسبع عشرة واحدى وعشرين وفي العود الهندي سبعة اشفية وفي الحبة السوداء شفاء من كل داء الا السام وقوله من يصبح سبع تمرات عجوة لم يضره في ذلك اليوم سم ولا سحر وقوله في السنا طائر وعلى قرن ظبي وبين مخالب طائر (اذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب) تتمة الحديث وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا أخرجه الشيخان وابن ماجه عن أبي هريرة والمراد اذا قارب الزمان ان يعتدل ليله ونهاره قاله الخطابي وغيره وقيل المراد اذا قارب القيامة والاول أشهر قاله النووي وقوله وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا هو على الاطلاق ونقل عياض عن بعض العلماء ان هذا يكون في آخر الزمان اذا انقطع العلم ومات العلماء والصالحون ومن يستدل بقوله وعمله فجعله الله له جابرا وعوضا ومنبها لهم قال النووي والاول أظهر لان غير الصادق في حديثه يتطرق الخلل الي رؤياه (أصل كل داء البردة) أخرجه الدار قطنى بسند ضعيف عن أنس وأخرجه ابن السني وأبو نعيم في الطب عن على وأبي سعيد وعن الزهرى مرسلا والبردة بفتح الموحدة والراء والمهملة قال الشمني هى التخمة وثقل الطعام على المعدة لان ذلك يبرد المعدة (خير ما تداويتم به الى آخره) أخرجه بمعناه أحمد والطبراني والحاكم عن سمرة وأخرجه أحمد والنسائي عن أنس وأخرجه أبو نعيم في الطب عن على (السعوط) بمهملات وفتح السين ما يتداوى به في الانف وهو الانتشاق أيضا (واللدود) بتكرير المهملة وفتح اللام ومر ذكره في الوفاة (والمشي) بفتح الميم وكسر المعجمة وتشديد التحتية قال ابن الاثير هو الدواء المسهل الذي يحمل صاحبه على المشي والتردد الى الخلاء (وخير الحجامة يوم سبع عشرة الى آخره) أخرجه البزار وأبو نعيم في الطب عن ابن عباس ولابن سعد والطبرانى وابن عدى من حديث معقل بن يسار الحجامة يوم الثلاثاء لسبع عشرة من الشهر دواء الداء سنة (عليكم بالعود الهندي الى آخره) قد تقدم الكلام عليه في الوفاة (وفي الحبة السوداء شفاء من كل داء الا السام) أخرجه أحمد والشيخان وأبو داود عن أبي هريرة والحبة السوداء هو الشونيز بضم المعجمة وفتحها وكسر النون وسكون التحتية ثم زاى قال النووي هذا الصواب المشهور الذي ذكره الجمهور وقيل انها الخردل وقيل الحبة الخضراء وهي البطم والعرب تسمى الاخضر أسود وقوله من كل داء قيل هو على عمومه وانها تدخل في كل دواء بالتركيب وقيل هو من العام الذى أريد به الخاص أي من كل داء يقبل العلاج بها والسام بالمهملة بلا همز وهو الموت (من يصبح سبع تمرات عجوة الى آخره) أخرجه أحمد والشيخان وأبو داود عن سعد بن أبي وقاص وأراد تمر المدينة فقط كما جاء في الاحاديث الصحيحة قال النووي تخصيص عجوة المدينة دون غيرها وعدد السبع مما علمه الشارع صلى الله عليه وسلم ولا نعلم نحن حكمتها فيجب الايمان بها واعتقاد فضلها والحكمة وهي كاعداد الصلوات ونصب الزكاة وغيرها (سم) مثلث السين والفتح أفصح (وقوله في السناء) بفتح المهملة مع المد والقصر قال في القاموس بنت مسهل
انه حار بارد وسئل عن سبأ ارجل هو أم امرأة أم أرض فقال رجل ولد عشرة من الولد تيامن منهم ستة وتشاءم أربعة الحديث بطوله وقال حمير رأس العرب ونابها ومذحج هامتها وغلصمها والازد كاهلها وجمجمتها وهمدان غاربها وذروتها وتعليمه لكاتبه تصوير الحروف باسمائها مع كونه اميالا يكتب وأما جوابه لوفود العرب على اختلافهم وخطاب كل منهم بلغته وتكلمه بالرطانة في بعض الاحيان فامر شائع هذا كله. وهو امي لا يحسب ولا يكتب ولا علّم ولا نقل انه اشتغل بمدارسة كتب ولا بمجالسة احد مما علمها قال تعالى وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ وقال تعالى وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً
وهذا تلخيص ما ذكره القاضى مع زيادات زدتها والحق بالمعجزات ايضا كفاية الله له وعصمته من الناس في حال اجتماعه وانفراده وكثرة المحاسد والمعاند قال الله تعالى وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ وقال واصبر لحكم ربك فانك بأعيننا وقال للصفراء والسوداء والبلغم (انه حار بارد) ولابن ماجه والحاكم عن عبد الله بن أم حرام عليكم بالسناء والسنون فان فيهما شفاء من كل داء الا السام والسنون بفتح المهملة وضم النون أو كسر المهملة وفتح النون وسكون الواو ثم فوقية العسل (وسئل عن سبأ) كما نقله البغوي عن أبى سبرة النخعى عن فروة بن مسيك القطيعي (كان رجلا من العرب) هو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان (تيامن منهم ستة) وهم كندة والاشعريون والازد ومذحج وانمار وحمير (وتشآم منهم أربعة) وهم عاملة وجراد ولخم وغسان (حمير) بكسر المهملة وسكون الميم وفتح التحتية (ونابها) بالنون والموحدة (ومذحج) بفتح الميم وسكون المعجمة وكسر المهملة بعدها جيم كما مر ذكر نسبه (وغلصمها) بفتح المعجمة وسكون اللام وكسر المهملة هو رأس الحلقوم وهو الموضع الثانى في الحلق (وكاهلها) هو ما بين الكتفين (وهمدان) بسكون الميم واهمال الدال كما سبق (وغاربها) ما بين السنام والعنق (وذروتها) بضم المعجمة وكسر التاء أعلاها (ولا علم) بتخفيف اللام (وما كنت تتلو من قبله) أي قبل القرآن (تنبيه) ترك المصنف من المعجزات كثيرا مما ذكره عياض في الشفاء فليراجع فان فيه اشياء من المعجزات وخوارق العادات في كل فنّ من هذه الفنون التى ذكرها المصنف ولولا خوف الاشهار والتطويل في ذكرها لذكرتها (خاتمة) قال ابن الجوزى في المنتخب شارك نبينا صلى الله عليه وسلم الانبياء في مناصبهم وزاد سبطه قوله: أين انشقاق البحر من انشقاق القمر أين انفجار الماء من الحجر من انفجاره من الاصابع أين التكليم عند الطور من قاب قوسين أين تسبيح الجبال في أماكنها من تسبيح الحصا في الكف اين علو سليمان بالريح من ليلة المعراج أين احياء عيسى الموتي من تكليم الذراع قال ونقل الرازي عن البيهقى ان الامام الشافعى قيل له ان الله أعطي عيسى احياء الميت فقال الشافعي حنين الجذع أعظم منه ان احياء الخشبة أعظم من احياء الميت وقال فلق القمر أعظم من فلق البحر لان فلق القمر سماوي وخروج الماء من الحجر معتاد بخلاف الاصابع فان خروجه من اللحم والدم أعجب والله أعلم.