الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروي البخاري أيضا عن أنس بن مالك قال لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه الكرب فقالت فاطمة وا كرباه فقال لها ليس على أبيك كرب بعد اليوم فلما مات قالت يا أبتاه اجاب ربا دعاه يا أبتاه من جنة الفردوس مأواه يا أبتاه أتى جبريل ينعاه فلما دفن قالت فاطمة رضى الله عنها يا أنس أطابت انفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب
[فصل في دهش الصحابة عند قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم]
(فصل) ولما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتفعت الرنة عليه دهش اصحابه دهشة عظيمة وركت عقولهم وطاشت احلامهم وافحموا واختلطوا وصاروا فرقا وكان ممن اختلط عمر فجعل يصيح ويحلف ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتهدد من قاله وكأنه لم يتقرر قبل عنده موته واقعد علي فلم يستطع حراكا واخرس عثمان فكان يذهب به ويجاء ولا يستطيع كلاما واضنى عبد الله بن أنيس حتى مات كمدا واضطرب الأمر وجل الخطب وفدحهم هول مصيبته وحق لهم ولم يكن فيهم اثبت من العباس وأبو بكر روينا في صحيح البخاري عن عائشة قالت مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بالسنح فقام عمر يقول والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت وقال عمر ما كان يقع في نفسي الا ذاك وليبعثه الله فليقطعن أيدي الرجال وأرجلهم فجاء أبو بكر وكشف عن رسول الله صلى الله جواب اذا (وروي البخاري أيضا) والنسائي (أنى جبريل) وقال في التوشيح قال سبط ابن الجوزي الصواب نعاه (فصل) في ذكر ما بعد وفاته (الرنة) بفتح الرا والنون المشددة الصيحة (دهش) بكسر الهاء (وركت) بالراء وتشديد الكاف أي ضعفت والتركيك التضعيف (فطاشت) باهمال الطاء واعجام الشين أي خفت (أحلامهم) عقولهم (وافحموا) بالفاء والمهملة مبنى للمفعول أى غلبهم الجزع والمفحم المغلوب والباكي الى ان ينقطع نفسه (وتهدد) توعد وزنا ومعني (قبل) بالضم (موته) بالرفع فاعل يتقرر (وأضنى) أصابه الضنا وهو المرض المتولد من وجع القلب (ابن أنيس) بالنون والتحتية والمهملة مصغر وهو الجهني الانصاري حلفا (حتى مات) سنة أربع وخمسين من الهجرة (كمدا) والكمد داء يتولد في القلب من شدة الحزن (وجل) عظيم (الخطب) أي الشأن والامر (وفدحهم) بالفاء والمهملتين أى أثقلهم وفوادح الدهر خطوبه افدح الأمر واستفدحه وجده فادحا أى مثقلا صعبا (اثبت) بالرفع (بالسنح) بضم المهملة وسكون النون آخره مهملة هي منازل بنى الحارث بن الخزرج (طبت حيا وميتا) زاد السهيلى في شرح السيرة وانقطع لموتك ما لم ينقطع لموت أحد من الانبياء من النبوة فعظمت عن الصفة وجللت عن البكاء وخصصت حتى صرت مسلاة وعممت حتى صرنا فيك سواء ولو أن موتك كان اختيارا لجدنا لموتك بالنفوس ولولا انك نهيت عن البكاء لانفدنا عليك ماء الشؤون فاما ما لا نستطيع نفيه فكمد وادناف يتحالفان لا يبرحان اللهم فابلغه عنا اذكرنا يا محمد عند
عليه وسلم وقبّله وقال بأبى أنت وأمي طبت حيا وميتا والذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين ابدا ثم خرج فقال ايها الحالف على رسلك فلما تكلم أبو بكر جلس عمر فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه وقال ألا من كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فان الله حى لا يموت وقال انك ميت وانهم ميتون وقال وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفائن مات أو قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين قال فنشج الناس يبكون وروينا فيه من رواية عائشة وابن عباس وعمر ان أبا بكر أقبل على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مغشي بثوب حبرة فكشف عن وجهه فأكب عليه فقبله وبكى ثم قال بأبي وأمي انت والله لا يجمع الله عليك موتتين أما الموتة التي كتبت عليك فقدمتها ثم خرج وعمر يكلم الناس قال اجلس يا عمر فأبي عمر أن يجلس فأقبل الناس اليه وتركوا عمر فقال ابو بكر اما بعد من كان منكم يعبد محمدا فان محمدا قد مات ومن كان منكم يعبد الله فان الله حي لا يموت قال الله وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ الآية الى الشَّاكِرِينَ قال ابن عباس والله لكأن الناس لم يعلموا ان الله أنزل هذه الآية حتى تلاها ابو بكر فتلقاها الناس منه كلهم فما سمع بشرا من الناس إلا يتلوها قال عمر والله ما هو الا ان سمعت ابا بكر تلاها فعقرت حتى ما تقلني رجلاي وحتى اهويت الى الارض حين سمعته تلاها علمت ان النبي صلى الله عليه وسلم قد مات كل هذا من ابي بكر وعيناه تهملان ربك وليكن ممالك فلولا ما خلفت من السكينة لم نقم لما خلفت من الوحشة اللهم أبلغ نبيك عنا واحفظه فينا (لا يذيقك الله الموتتين أبدا) أي أنت أكرم على الله من أن يذيقك موتة أخرى كما أذاق الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت وكما أذاق الذي مر على قرية وأشار بهذا الى الرد على عمر وغيره ممن زعم انه يتخير وليقطعن أيدى رجال وأرجلهم اذ لو صح ذلك للزم منه أن يموت موتة أخرى (على رسلك) بفتح الرا وكسرها أي آمهل (فنشج الناس) بفتح الشين المعجمة وبالجيم يقال شج الباكي أى غص بالبكاء في حلقه (فتيمم) أى قصد (بثوب حبرة) باضافة ثوب الى حبرة وهى بكسر المهملة وفتح الموحدة نوع من برود اليمن (فأبى عمر أن يجلس) أي لما غلبه من الجزع (فعقرت) بفتح العين أي سقط الى الارض من قامته وحكاه يعقوب عفر بالفاء كانه من العفر وهو التراب وصوب ابن كيسان الروايتين انتهى (ما تقلني) بضم الفوقية وكسر القاف أي ما تحملني (حتى أهويت) وللكشميهنى هويت بلا ألف (وعيناه تهملان) بضم الميم تسيلان