الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يدع أحدا منهم يمشى معه وهو راكب حتى يحمله فان أبى قال له تقدمني الى المكان الذى يريد وركب صلى الله عليه وسلم حمارا عريا الى قبا وأرادان يردف خلفه أبا هريرة فاستمسك برسول الله صلى الله عليه وسلم فوقعا جميعا ثم أراد ان يركب ثانية فاستمسك برسول الله صلى الله عليه وسلم فوقعا جميعا ثم عرض عليه الثالثة فقال لا والذي بعثك بالحق لا صرعتك ثالثا. وكان صلى الله عليه وسلم يكرم الداخل عليه وربما بسط له ثوبه وآثره بالوسادة وكان صلى الله عليه وسلم لا يجلس اليه أحد وهو يصلى إلا خفف صلاته وسأل عن حاجته وكان له صلى الله عليه وسلم خدم وعبيد واماء فكان لا يترفع عليهم في مأكل ولا ملبس ويخدم من خدمه* قال أنس خدمته نخوا من عشر سنين فكانت خدمته لى أكثر من خدمتى له وأمر صلى الله عليه وسلم في بعض الاسفار باصلاح شاة فقال رجل على ذبحها وقال آخر على سلخها فقال صلى الله عليه وسلم وعلى جمع الحطب فقالوا نحن نكفيك فقال قد علمت انكم تكفونى ولكنى أكره ان أتميز عليكم ثم قام وجمع الحطب وذهب مرة ليعقل ناقته فقالوا نحن نكفيك فقال لأن يستغنى أحدكم من الناس ولو في قضمة من سواك. وأما أدب أصحابه معه صلى الله عليه وسلم فسبق في حديث صلح الحديبية قول عروة بن مسعود لقريش أي قوم لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر والنجاشى وكسرى والله ان رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد والله ان تنخم نخامة الا وقعت في كف رجل الا ذلك بها وجهه وجلده فاذا أمرهم ابتدروا أمره واذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه واذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون اليه النظر تعظيما له.
[فصل وأما شفقته ورأفته ورحمته بجميع الخلق]
(فصل) وأما شفقته ورأفته ورحمته بجميع الخلق فقال تعالى لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ وقال وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ فمن شفقته صلى الله عليه وسلم تألفه العرب ورؤساء القبائل بالعطايا حتى كان (ولو في قضمة) بفتح القاف وسكون المعجمة والجواب محذوف أى لكان خيرا له.
(فصل) في بيان شفقته ورحمته ورأفته (لقد جاءكم رسول) هو محمد صلى الله عليه وسلم (من أنفسكم) تعرفون حسبه ونسبه وقال السدى من العرب من بنى اسماعيل وقد مر أول الكتاب انه قرئ بفتح الفاء (عزيز عليه) أي شديد وعظيم (ما عنتم) قيل ما صلة أى عنتكم وهو دخول المشقة عليكم والمضرة لكم وقال القتبي ما أعنتكم وقال ابن عباس ما ضللتم وقال الكبى ما اثمتم (حريص عليكم) أى على هدايتكم وصلاحكم أو على ضالكم ان يهديه الله (بالمؤمنين رؤف رحيم) قيل رؤف بالمطيعين رحيم بالمذنبين (كان
سبب اسلامهم وفلاحهم قال صفو ان بن أمية والله لقد أعطانى ما أعطانى وانه لا بغض الخلق الى فما زال يعطينى حتى انه لاحب الخلق الى وأعطى اعرابيا عطاء ثم قال له أحسنت اليك قال الاعرابى لا ولا أجملت فغضب المسلمون وقاموا اليه فأشار اليهم ان كفوا فزاده شيأ ثم قال له أحسنت اليك قال نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا فأمره ان يخبرهم بذلك فأخبرهم ثم قال لهم صلى الله عليه وسلم مثلي ومثل هذا مثل رجل له ناقة شردت عليه فاتبعها الناس فلم يزيدوها الا نفورا فناداهم صاحبها خلوا بينى وبين ناقتى فانى أرفق بها منكم واعلم فتوجه لها بين يديها فأخذ لها من قمام الارض فردها حتى جاءت واستناخت وشد عليها رحلها واستوى عليها وانى لو تركتكم حيث قال الرجل ما قال فقتلتموه دخل النار وقال صلى الله عليه وسلم لا يبلغني أحد منكم على أحد من أصحابي شيأ فانى أحب ان أخرج اليهم وأنا سليم الصدر ومن شفقته صلى الله عليه وسلم سؤاله ربه التخفيف عن أمته وتركه أشياء خشية ان تفرض عليهم فيعجزوا عنها فيقعوا في الحرج. وكان صلى الله عليه وسلم يدخل في الصلاة يريد اطالتها فيسمع بكاء الصبي فيخفف خشية ان يشق على أمه وربما أصغى الاناء للهرة فما يرفعه حتى تروى. وروي انه صلى الله عليه وسلم لما تناها اذى قريش وحرج صدره سبب) بالفتح (ولا اجملت) بالجيم أي ولا فعلت جميلا (فامره أن يخبرهم بذلك) لفظ الشفاء فقال له النبي صلى الله عليه وسلم انك قلت ما قلت وفي أنفس أصحابى من ذلك شيء فان أحببت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدى حتى يذهب ما في صدورهم عليك قال نعم فلما كان الغداة وقال العبشمى جاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان هذا الاعرابي قال ما قال فرددناه فزعم انه رضي أكذلك قال نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا (من قمام الارض) بضم القاف وتخفيف الميم جمع قمامة وفي ذلك من بديع المثل تمثيل عرض الدنيا التى دفعها للاعرابى بالقمامة (وقال لا يبلغنى أحد الى آخره) أخرجه أبو داود والترمذي عن ابن مسعود (سؤاله) بالرفع (ربه) مفعول (التخفيف) مفعول ثان (عن أمته) أي من الصلاة من خمسين الي خمس وغير ذلك (وتركه) بالرفع (أشياء) منها قيام رمضان وترك قول نعم للاقرع بن حابس حين قال له في الحج أكل عام يا رسول الله وغير ذلك (وكان يدخل في الصلاة يريد اطالتها الى آخره) أخرجه أحمد والشيخان وابن ماجه عن أنس (فيسمع بكاء الصبى) أى وتكون أمه في المصلين خلفه صلى الله عليه وسلم (فيخفف) كى تسرع الانصراف الى ولدها وهو معنى التجوز في رواية اخرى (حسنة ان يشق على أمه) في رواية اخري مما اعلم من شدة وجد أمه من بكائه (وربما أصغى الاناء للهرة الى آخره) للطبراني في الاوسط وأبي نعيم في الحلية من حديث عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصغي للهرة الاناء فتشرب ثم يتوضأ بفضلها (وروى انه صلى الله عليه وسلم لما تناهي أذى قريش الي آخره) أخرجه