الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التي أويت اليها فاحسنوا الى محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتتامّ به وجعه ولم يخطب خطبة بعدها.
[فصل في أمره صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يصلي بالناس]
(فصل) وأول عجزه عن الخروج الى الصلاة اجتمع الناس في المسجد وآذنوه بها فهم بالخروج فعجز فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس فقالت له عائشة ان أبا بكر اذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمر عمر فليصل بالناس فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس فقالت عائشة لحفصة قولى له ان أبا بكر اذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمر عمر فليصل بالناس ففعلت حفصة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انكن لانتن كصواحبات يوسف مروا أبا بكر فليصل بالناس فقالت حفصة لعائشة ما كنت لا صيب منك خيرا رواه الشيخان وفي رواية فيهما ان عائشة قالت لقد راجعت رسول الله في ذلك وما حملني على كثرة مراجعته الا انه لم يقع في قلبى ان يحب الناس بعده رجلا قام مقامه أبدا وانى كنت أرى انه لن يقوم مقامه أحد الا تشاءم الناس به فأردت ان يعدل ذلك رسول الله صلى أمورى والعيبة بفتح المهملة وبالموحدة وعاء معروف أكبر من المخلاة يحفظ الانسان فيها متاعه فضربها لهم مثلا لانهم محل سره وخفي أحواله (فأحسنوا الى محسنهم) أى واجهوه باللطف والبر (وتجاوزوا) اعفوا (عن مسيئهم) في بعض أصول مسلم سيئهم وذلك في غير حدود الله تعالي قاله النووي* فصل في أول عجزه عن الخروج (مروا أبا بكر فليصل بالناس) فيه ان الامام اذا عرض له عذر عن حصول الجماعة استخلف من يصلي بهم ولا يستخلف الا أفضلهم وفيه فضيلة أبي بكر رضى الله عنه على جميع الصحابة وتنبيه على انه أحق بخلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقالت له عائشة الى آخره) فيه جواز مراجعة أولي الأمر على سبيل العرض والمشاورة والاشارة بما يظهر انه مصلحة وتكون تلك المراجعة بعبارة لطيفة (فمر عمر) يؤخذ منه أفضلية عمر على غيره بعد أبي بكر فمن ثم اشارتا به ويؤخذ ذلك أيضا من قول أبى بكر يا عمر صل بالناس ولم يقل لاحد سواه (انكن لانتن كصواحبات يوسف) أي في التظاهر على ما ترون والالحاح في طلبه وقيل في اظهاركن خلاف ما أبطنتن ووجه التشبيه ان عائشة أظهرت انها إنما تريد صلاة عمر لان أبا بكر رجل رقيق اذا قام مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسمع الناس من البكاء وأبطنت ما أخبرت به بعد انها خافت التشاؤم بمن يقوم مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما حفصة فلانها أظهرت ما أظهرته عائشة وأبطنت محبة تقديم أبيها على غيره فاشبهن صواحب يوسف حيث أظهرن أنهن قعدن ليأكلن وهن انما يردن النظر الى يوسف (رواه الشيخان والترمذي وابن ماجه) عن عائشة ورواه الشيخان أيضا عن أبي موسي ورواه البخاري فقط عن ابن عمر ورواه ابن ماجه عن ابن عباس وعن سالم بن عبيد (كنت أري) بضم الهمزة أي أظن
الله عليه وسلم عن أبي بكر ورياوه أيضا باسناد واحد عن عبيد الله بن عبد الله بن مسعود قال دخلت على عائشة فقلت لها ألا تحدثينى عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت بلى ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أصلي الناس قلنا لا هم ينتظرونك يا رسول الله قال ضعوا لى ما في المخضب قال ففعلنا فاغتسل به ثم ذهب لينوء فأغمى عليه ثم أفاق فقال أصلى الناس قلنا لا هم ينتظرونك يا رسول الله قالت والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الأخيرة قالت فأرسل رسول الله عليه وآله وسلم الى أبى بكر أن يصلى بالناس فأتاه الرسول فقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك ان تصلى بالناس فقال أبو بكر وكان رقيقا يا عمر صل بالناس فقال عمر أنت أحق بذلك قال فصلى بهم أبو بكر تلك الأيام ثم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد من نفسه خفة فخرج بين رجلين أحدهما العباس والثانى علىّ لصلاة الظهر وأبو بكر يصلي (عن عبيد الله بن عبد الله) بن عتبة بن مسعود (ذهب لينوء) بفتح التحتية وضم النون ثم همزة ممدودة أي ليقوم وينهض (فاغمى عليه) فيه جواز الاغماء على الانبياء قال النووى ولا شك في جوازه فانه مرض والمرض يجوز عليهم بخلاف الجنون فانه لا يجوز عليهم لانه نقص (فاغتسل) أى توضأ من الاغماء لانه ناقض كذا حمله عياض على الوضوء لكن الصواب كما قال النووي ان المراد غسل جميع البدن اذ هو ظاهر اللفظ ولا مانع يمنع منه لان الغسل من الاغماء مستحب بل في وجه شاذ لبعض أصحابنا انه واجب وفي تكرير النبي صلى الله عليه وسلم الاغتسال دليل على استحباب تكرير الغسل اذا تكرر الاغماء لكن لو اغتسل مرة بعد تكرر الاغماء كفت (وهم ينتظرونك يا رسول الله) فيه ندب انتظار الامام اذا تأخر عن أول الوقت ورجى مجيئه عن قرب (والناس عكوف) بضم العين والكاف أي مجتمعون منتظرون خروجه صلى الله عليه وسلم (العشاء الآخرة) في صحة قول الشخص العشاء الآخرة وهو الصواب فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال ذلك وكذا عائشة وأنس والبراء وجماعة وان أنكره الاصمعى (أنت أحق بذلك) فيه الاعتراف بالفضل لاهله وان المفضول لا يقبل رتبة عرضها عليه الفاضل بل تدعى له وفيه جواز الثناء في الوجه لمن آمن عليه نحو العجب قال النووى وأما قول أبي بكر لعمر صل بالناس فقالوا للعذر المذكور قال وقد تأوله بعضهم على انه قاله تواضعا والمختار ما ذكرناه (بين رجلين أحدهما العباس) والآخر اما على بن أبى طالب كما قاله ابن عباس أو الفضل ابن العباس كما في طريق آخر في مسلم أو اسامة بن زيد كما في رواية أخرى في غير صحيح مسلم والجمع بين هذه الروايات كما قاله النووي وغيره انهم كانوا بتناوبون الاخذ بيده الكريمة وهؤلاء خواص أهل بيته الرجال الكبار وكان العباس أكثرهم ملازمة وادام الاخذ بيده وتناوب الباقون في اليد الاخرى وأكرموا العباس باختصاصه بيد لماله من السن والعمومة فمن ثم ذكرته عائشة مسمى وأبهمت الآخر اذ لم يكن أخذ الثلاثة الباقين ملازما في كل الطريق