الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحكام سقوط حد القذف عنه ووجوب حد الزنا عليها وزوال الفراش ونفي الولد إن كان والتحريم المؤبد ويسقط الحد عنها بأن تلاعن فتقول أشهد بالله ان فلانا هذا لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا أربع مرات وتقول في الخامسة وعلىّ غضب الله ان كان من الصادقين ويسن ان يعظهما الحاكم ويبالغ عند الخامسة ويعرفهما انها الموجبة قال العلماء وجوّز اللعان لحفظ الانساب ودفع المعرة عن الأزواج قالوا وليس شيء تتعدد فيه اليمين ويكون في جانب المدعي الا اللعان والقسامة والله أعلم*
[فصل ومن حوادث هذه السنة قصة الغامدية]
ومن حوادث هذه السنة قصة الغامدية وقد رواها مسلم متصلة بقصة ماعز بن مالك فروى بسنده عن عبد الله بن بريدة عن أبيه ان ماعز بن مالك الأسلمي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله في على وتائه في ان كنت والموالاة بين كلماته فان طال فصل بطل ما مضى (سقوط حد القذف عنه) لها ولمن رماها به واحدا كان أو جمعا ان ذكره في لعانه والافله ان يعيد اللعان وتذكره ليسقط حقه (ووجوب حد الزنا عليها) لقوله تعالى وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ الآية (ونفي الولد ان كان) ونفاه في لعانه والافله اعادة اللعان لنفيه (والتحريم المؤبد) ظاهرا وباطنا صادقا كان الزوج أو كاذبا لحديث المتلاعنان لا يجتمعان أبدا رواه الدارقطني والبيهقى من حديث ابن عمر ومن حديث سهل بن سعد بلفظ ففرق بينهما وقال لا يجتمعان أبدا ولابى داود بلفظ مضت السنة بعد في المتلاعنين ان يفرق بينهما ثم لا يجتمعان والفرقة هذه فرقة فسخ لاطلاق (بان تلاعن) بعد لعان الزوج لانه لا سقاط حد الزنا عنها وهو لا يجب الا بلعانه (ويسن ان يعظمها الحاكم) فيقول عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة قاله صلى الله عليه وسلم لكل من هلال بن أمية وامرأته كما في الصحيحين وغيرهما (ويعرفهما انها الموجبة) توجب اللعنة ان كان كاذبا والغضب لها ان كانت كاذبة لانه صلى الله عليه وسلم قالها عند الخامسة كما رواه أبو داود ويندب أيضا ان يأمر رجلا يضع يده على فم الرجل عند الخامسة وامرأة تضع يدها على فم المرأة عندها فقد أمر صلى الله عليه وسلم بذلك كما رواه أبو داود والنسائي وبقى لذلك سماة مستوفاة في كتب الفقه (قال العلماء) كما نقله عنهم النووي في شرح مسلم (ودفع المعرة) أى النقص وهي بفتح الميم واهمال العين وتشديد الراء* قصة الغامدية باعجام الغين واهمال الدال منسوبة الى غامد أبى قبيلة واسمه عمر بن عبد الله ولقب غامدا لاصلاحه أمرا كان في قومه (وقد رواها مسلم) عن أبي سعيد وأبي هريرة وجابر بن عبد الله وجابر بن سمرة وابن عباس ورواها أيضا هو وأبو داود عن بريدة وعن عمران بن الحصين ورواها عن عمران أيضا الترمذي والنسائي (بقصة ماعز) وقد روي البخارى قصة ماعز فقط (بريدة) بالموحدة مصغر بن الحصيب بالمهملتين وآخره موحدة مصغر أيضا ابن الحارث الاسلمي أسلم قبل بدر ولم يشهدها وقيل أسلم بعدها وشهد خيبر وتوفي بمرو سنة اثنين أو ثلاث وستين (ماعز) بكسر المهملة بعدها زاى (أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا في أكثر الروايات وفي رواية في صحيح مسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لماعز أحق ما بلغنى عنك قال
اني قد ظلمت نفسي وزنيت وانى أريد ان تطهرني فرده فلما كان من الغدأتى فقال يا رسول الله اني قد زينت فرده الثانية فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الى قومه فقال هل تعلمون بعقله بأسا تنكرون منه شيئا فقالوا ما نعلمه الا وفيّ العقل من صالحينا فيما نرى فأتاه الثالثة فأرسل اليهم أيضا فسأل عنه فأخبروه أنه لا بأس به ولا بعقله فلما كان الرابعة حفر له حفرة ثم أمر به فرجم وما بلغك عني قال بلغني انك وقعت بجارية آل فلان قال نعم والجمع بينهما انه جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم لنفر عنده فلما جاء قال له أحق ما بلغني عنك فقال نعم (اني قد ظلمت نفسى وزنيت الي آخره) انما لم يقنع ماعز والغامدية بالتوبة مع تحصيلها الغرض من سقوط الاثم بل اختارا الحد لان التوبة ربما لم تكن نصوحا أو يختل بعض شروطها فارادا حصول البراءة بطريق متيقن وهي الحد (فرده) مع تكرير الرد ثلاثا لعله يرجع عن الاقرار ولقنه ذلك فقال لعلك قبلت أو غمزت ففيه جواز التعريض للمقر بعقوبة لله تعالى بالانكار وقبول رجوعه عنه وبناء عقوبة الله على المساهلة والدرء بخلاف ما لآدمي فلا يجوز التعريض له بانكاره (تعلمون) استفهام حذفت أداته (ان بعقله بأسا) قال ذلك مبالغة في تحقيق حاله وصيانة لدم المسلم قال النووى وفيه اشارة الى ان اقرار المجنون باطل وفي رواية انه صلى الله عليه وسلم سأله فقال ابك جنون فقال لا فقال هل احصنت قال نعم ففيه المبالغة في تحقيق شروط الرجم من احصان وغيره وفيه المؤاخذة بالاقرار وجاء في رواية في صحيح مسلم فقال أشرب خمرا فقام رجل فاستنهكه فلم يجد منه ريح خمر وظاهر ذلك عدم صحة اقرار السكران وهو خلاف الصحيح في مذهبنا قال النووي السؤال عن شربه محمول عندنا على انه لو كان سكرانا لم يقم عليه حال سكره انتهي قلت أو محمول على السكر بلا تعد فانه حينئذ أعماله لا تصح معه اقرار ولا غيره وليس في قوله اشرب خمرا ما يقتضى شربها تعديا (وفي العقل) أى كاملة (فيما ترى) بالفتح والضم (فلما كانت الرابعة) احتج به أبو حنيفة وأحمد وغيرهما علي ان الاقرار بالزنا لا يثبت حتى يقر أربع مرات زاد ابن أبي ليلى وغيره في أربعة مجالس وقال الشافعي ومالك وغيرهما يثبت بمرة بدليل واغد يا أنيس علي امرأة هذا فان اعترفت فارجمها وبحديث الغامدية اذ ليس فيه اقرارها أربع مرات (حفر له حفرة) استدل به القائلون بالحفر للزانى سواء كان ذكرا أو انثى ثبت زناه ببينة أو باقراره وهي رواية عن أبى حنيفة وقال بها قتادة وأبو يوسف وأبو ثور وفي رواية عن أبى حنيفة لا يحفر لواحد منهما وهو قول مالك وأحمد وقال بعض أصحاب مالك يحفر لمن يرجم بالبينة فقط وقال أصحابنا لا يحفر للرجل مطلقا وأجابوا عن هذا الحديث بانه معارض بحديث أبى سعيد في مسلم فما أوثقناه ولا حفرنا له ويؤيد عدم الحفر له هربه حين اذلقته الحجارة فرواية بريدة محمولة على الحفر اللغوي وهو الايقاع في عظيمة قاله النووى قلت أو لعلهم حفروا له ليرجموه في الحفرة ظنا منهم ندبها له ثم لم يرجم فيها اما لنهي عن ذلك أو لعدم اتفاق دخوله الحفرة فروي بريدة الحفر لانه كان نسيبه وأبو سعيد عدمه لانه كان حالة الرجم حاضرا سيما وقد قال في رواية بريدة (ثم أمر به فرجم) ولم يقل فيها وأما المرأة فحاصل الاصح في مذهبنا انه يحفر لها ان ثبت زناها
قال فجأت الغامدية فقالت يا رسول الله اني قد زنيت فطهرني وانه ردها فلما كان الغد قالت يا رسول الله لم تردني لعلك أن تردني كما رددت ماعزا فو الله انى لحبلى قال إما لا فاذهبي حتى تلدي فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة قالت هذا قد ولدته قال اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز فقالت هذا يا نبي الله قد فطمته وقد أكل الطعام فدفع الصبى الى رجل من المسلمين ثم أمر بها فحفر لها الى صدرها وأمر الناس برجمها بالبينة لا ان ثبت بالاقرار وسيأتي ما فيه وكان رجم ماعز بمصلي الجنائز بالبقيع ففيه دليل على ان المصلى اذا لم يوقف مسجدا لا يثبت له حكم المسجد والا يجتنب الرجم فيه وتلطيخه بالدماء والميتة كما نقله النووي عن البخارى وغيره من العلماء ونفي للحديث بتمامه منها انه لما اذ لقته الحجارة بالمعجمة والقاف أي اصابته بحدها هرب حتى انتهى الى عرض الحرة فانتصب لهم فرموه بجلاميدها حتى سكت زاد أبو داود والنسائى فاخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهربه فقال هلا تركتموه ففيه ندب ترك المقر اذا هرب لعله يرجع والا فلا ضمان لعدم ايجابه عليهم ومنها ان الناس كانوا فيه فرقتين قائل يقول لقد هلك لقد أحاطت به خطيئته وقائل يقول ما توبة أفضل من توبة ما عز جاء الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده في يده ثم قال اقتلني بالحجارة قال فلبثوا بذلك يومين أو ثلاثة ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم جلوس فسلم ثم جلس فقال استغفروا الله لما عز بن مالك فقالوا غفر الله لما عز بن مالك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم (فائدة) كان من جملة الراجمين لماعز أبو بكر الصديق رضي الله عنه قال ابن سعد وكان رأس الذى رجموه وعمر حكاه الحاكم عن ابن جريج وعبد الله بن أنيس ذكره ابن حجر قال وهو الذي أدرك ماعزا فقتله حين هرب (فجاءت الغامدية) نسبة الي غامد بطن من جهينة وتقدم ضبطه قريبا (فلما كان الغد) بالنصب والضم (إمّالا) بكسر الهمزة وتشديد الميم وبالامالة أى اذا ثبت أن تستري على نفسك وتتوبي وترجعى عن قولك (فاذهبي حتى تلدى) ففيه تحريم رجم الحامل سواء كان من زنا أو غيره وكذا جلدها وذلك مجمع عليه (اذهبى فارضعيه حتى تفطميه الي آخره) فيه ان حدود الله تعالى لا يجوز استبقاؤها من المرأة الا بعد ما ذكر من الفطام لبنيانها على المساهلة بخلاف حد الآدمي لا ينتظر به الا الوضع فقط هذا مذهبنا ومذهب أحمد واسحاق ومشهور مذهب مالك وفي رواية عنه يرجم اذا وضعت من غير انتظار حصول مرضعة وكافل وهو مذهب أبي حنيفة (فلما فطمته) أي قطعته من الرضاع لاستغنائه عنه (كسرة خبز) بكسر الكاف (فدفع) رسول الله صلى الله عليه وسلم (الصبي الى رجل من المسلمين) كان قد طلبه فقال الىّ رضاعه يا رسول الله وكان ذلك الرجل أيضا زنا كما في صحيح مسلم وفي رواية انه قيل له قد وضعت الغامدية فقال اذا لا يرجمها ويدع ولدها صغيرا ليس له من يرضعه فلما قال الانصاري اليّ رضاعه رجمها وظاهر هذه انه رجمها عقب ولادتها ويجب كما قال النووي تأويلها على وفق الاولى لانها قصة واحدة والروايتان صحيحتان فيؤول قول الانصاري الى رضاعه على انه قاله بعد الفطام واراد بالرضاع الكفالة والتربية فاطلق عليه الرضاع مجازا (فخفروا لها الى صدرها) ففيه ندب الحفر للمرأة وان ثبت زناها بالاقرار وهو ما صححه البلقينى لصحة الحديث به وقال لا يحل أن يثبت في مذهب الشافعى ما يخالف السنة (وأمر الناس برجمها) أى لانها كانت محصنة وان لم يصرح بذلك في الحديث