الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في دعائه صلى الله عليه وسلم في قراءة القرآن]
«فصل» في دعائه صلى الله عليه وسلم في قراءة القرآن وكيف كان سمته وخشوعه حال قراءته واستماعه من غيره كان له صلى الله عليه وسلم في الدرس كل يوم وظيفة معينة لا يتركها وأما رمضان فكان جبريل ينزل عليه في كل ليلة منه فيدارسه القرآن وكان اذا أراد القراءة قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم كما أمره الله تعالى وربما زاد من همزه ونفثه ونفخه وكان حسن الصوت في صوته صحل قال البراء بن عازب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في العشاء بالتين فما سمعت أحدا أحسن صوتا منه وكان يرتل قراءته ويبينها حرفا حرفا ويقف عند آخر الكلام ويكمل المد في موضعه وكان يقرأ في كل حال لا يمنعه من ذلك الا الجنابة وكان يحب سماعه من غيره كما رويناه فيما اتفق عليه الشيخان عن عبد الله بن مسعود قال قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأ عليّ القرآن فقلت يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل قال انى أحب أن أسمعه من غيري فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت هذه الآية فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً قال حسبك الآن فالتفت فاذا عيناه تذرفان. وقال صلى الله عليه وسلم لأبى بن كعب ان الله أمرنى أن أقرأ عليك (فصل) في دعائه صلى الله عليه وسلم في قراءة القرآن (سمته) بفتح المهملة وسكون الميم أي طريقه وهديه (وظيفة) بالظاء المعجمة والفاء بوزن عظيمة هى كل ما يقدر كل يوم من عبادة أو طعام أو رزق وأما رمضان فكان جبريل ينزل عليه كل ليلة منه الى آخره أخرجه الشيخان من حديث ابن عباس (فيدارسه القرآن) أى يقرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبريل يستمع لانه ورد ان الملائكة لا يقرؤن القرآن وقيل ان جبريل وحده يقرؤه وعليه فالمدارسة على بابها ان يقرأ هذا على هذا مرة وذاك عليه أخري (وكان اذا أراد القراءة الى آخره) أخرجه أبو داود وابن ماجه والحاكم وابن حبان في صحيحه من حديث جبير ابن مطعم وأخرجه بن عساكر من حديث جبير بن مطعم وعمرو بن مرة (أعوذ بالله) أى اعتصم به وامتنع من نفثه ونفخه (وهمزه) تتمة الحديث قال نفثه الشعر ونفخه الكبر وهمزه الموته ويسمى الشعر نفثا لانه كالشيء ينفث من الفم كالرقية ويسمي الكبر نفخا لان الشيطان يوسوس في النفس فيعظمها عنده ويحقر الناس في عينيه حتى يدخله الزهو قاله أيضا عاني في العباب والموتة بضم الميم وسكون الواو بلا همزة وفتح الفوقية هي الحبون (كان يرتل قراءته) أخرجه بهذا اللفظ أبو داود من حديث جابر (الا الجنابة) بالرفع (وقال لابيّ ابن كعب) أخرجه الشيخان والترمذى (ان الله أمرنى) أن اقرأ عليك قال العلماء حكمة ذلك التقييد على جلالة أبىّ بن كعب وانه اقرأ الامة وما من أحد من رؤس الصحابة رضي الله عنهم الا وقد خص بخصوصية وهذه خصوصية أبي ابن كعب لم يكن الذين كفروا قال النووي خصت هذه الصورة لانها وجيزة جامعة لقواعد كثيرة من أصول الدين وفروعه
القرآن قال أبى وسمانى لك قال وسماك لى فبكى أبى وقرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة لم يكن. وأمر صلى الله عليه وسلم بتحسين الصوت بالقراءة فقال زينوا القرآن بأصواتكم وقال من لم يتغن بالقرآن فليس منا. وقال ما أذن الله لشيء ما أذن لنبى حسن الصوت أن يتغنى بالقرآن ويجهر به* قال العلماء والناس بالتغني والتحسين على ضربين ضرب تسمع طبائعهم بذلك بديهة من غير تلكّ ولا تمرين وربما ازدادوا بالتغني والتحسين حسنا كما قال أبو موسى الأشعري وقد قال له النبي صلى الله عليه وسلم لو رأيتني وان أستمع الى قراءتك البارحة فقال لو شعرت انك تسمع لحبرته تحبيرا فهذا الضرب ان بقوا على طبائعهم فحسن وان تكلفوا بزيادة تحسين فقد أمروا بذلك والضرب الثانى من لا يحصل له ذلك لسماجة الطبع بل بتكلف وعلاج فينبغي له أن يتكلف ذلك ما استطاع ما لم يخرج الى حد التمطيط والتقعير ومهماته والاخلاص وتطهير القلوب وكان الوقت يقتضي الاختصار (فبكاء أبي) قيل فرحا وقيل خوفا من التقصير في شكر هذه النعمة العظيمة والخصوصية الجسيمة (زينوا القرآن بأصواتكم) أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم من حديث البراء بن عازب وأخرجه أبو نصر الشجري في الابانة من حديث أبي هريرة وأخرجه الدار قطنى في الافراد والطبرانى من حديث ابن عباس وأخرجه أبو نعيم في الحلية من حديث عائشة زاد الحاكم في رواية من حديث البراء فان الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا (من لم يتغن بالقرآن فليس منا) أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة وأخرجه مسلم من حديث سعد وأخرجه أبو داود من حديث أبي لبابة وأخرجه الحاكم من حديث ابن عباس وعائشة قال ومعنى التغني عند الشافعى وأصحابه وأكثر العلماء من الطوائف وأصحاب الفنون تحسين صوته وعند ابن عيينة يستغنى به قيل عن الناس وقيل عن غيره من الاحاديث والكتب* قال عياض والقولان منقولان عن سفيان يقال تغنيت بمعنى استغنيت وقال الشافعى وموافقوه معناه تحزين القراءة وترقيقها بدليل زينوا القرآن بأصواتكم وأنكر أبو جعفر الطبري تفسير من قال يستغنى به وخطأه لغة في معناه والصحيح ان المراد تحسين الصوت انتهي زاد في التوشيح من تغنى بالمكان اذا قام فيه وقيل المراد التلذذ والاستحالة كما يستلذ أهل الطرب بالغناء وقيل يجعله هجيراه كما يجعل المسافر والفارغ هجير الغناء فيكون معنى الحديث الحث على ملازمة القرآن وأن لا يتعدى الى غيره (ما أذن الله لنبي الى آخره) أخرجه أحمد والشيخان وأبو داود والنسائى عن أبي هريرة ولمسلم لشيء بدل لنبى ومعنى بوزن علم اسمع قالوا ولا يجوز حمله على الاصغاء لانه محال عليه يقال ولان سماعه يقال لا يختلف فيؤول على انه مجاز وكناية عن تقرير القارئ وأجزال ثوابه كأذنة بفتح الهمزة والذال مصدر أذن يأذن اذنا كفرح يفرح فرحا قال مسلم غير ان ابن أيوب في روايته قال كأذنة أي بكسر الهمزة وسكون الذال وهى بمعنى الحث على ذلك والامر به (لنبى) لابي ذر في صحيح البخارى للنبي بزيادة لام قال في التوشيح للجنس لا للعهد (يجهر به) هو أحد تفسيرات التغنى (صوت) بالجر على البدل والرفع على الابتداء (البارحة) اسم لليلة الماضية (لحبرته) أي زدته (تحبيرا) أي حسنا والحبر