الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عرى والسيف في عنقه وهو يقول لن تراعوا وقصة قتله لأبى بن خلف مبينة عن ثبات قلبه وقوة جأشه وقد سبق ذكرها في قسم السير.
[فصل وأما حياؤه وإغضاؤه صلى الله عليه وسلم]
«فصل» واما حياؤه واغضاؤه صلى الله عليه وسلم فقد كان اشد الناس حياء واكثرهم عن العورات اغضاء قال الله تعالى إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وعن ابى سعيد الخدرى قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اشد حياء من العذارى في خدرها وكان اذا كره شيئا عرفناه في وجهه وكان صلى الله عليه وسلم لا يواجه احدا بما يكره ولا يثبت بصره في وجه احد خافض الطرف نظره الى الأرض اطول من نظره الى السماء جل نظره الملاحظة وكان يكني عما اضطره الكلام اليه مما يستحى من ذكره كقوله تتبعي بها أثر الدم في نظائر له كثيرة قالت عائشة ما رأيت فرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قط.
[فصل في حسن عشرته صلى الله عليه وسلم لأصحابه وحسن أدبهم معه]
«فصل» في حسن عشرته صلى الله عليه وسلم لأصحابه وحسن أدبهم معه كان صلى الله عليه وسلم أشد الناس كرامة لأصحابه يؤلفهم ولا ينفرهم ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم يأتيكم روع أو فزع (جأشه) بالجيم والمعجمة والهمز أى قلبه
(فصل) في حياته (واما حياؤه) وهو رقة تعترى وجه الانسان عند فعل ما يتوقع كراهته أو ما يكون تركه خيرا من فعله قاله في الشفاء (واغضاؤه) بكسر الهمزة وسكون الغين ثم ضاد معجمتين مع المد وهو التغافل عما يكره الانسان بطبيعته قاله فيه أيضا (أشد) بالنصب خبر كان واسمها مضمر وكذا وأكثرهم (وعن أبي سعيد الخدرى) أخرجه عنه أحمد والشيخان وابن ماجه (العذراء) بفتح المهملة مع المد هي المرأة التى لم تتزوج (في خدرها) بكسر الخاء أى سترها (كان اذا كره شيأ عرفناه في وجهه) أخرجه بهذا اللفظ الطبراني في الاوسط عن أنس (كان لا يواجه أحدا بما يكره) أخرجه أحمد والبخارى في الادب وأبو داود والنسائي عن أنس (ولا يثبت) بضم أوله وسكون المثلثة وكسر الموحدة (بصره) بالنصب (جل نظره) أي معظمه (يكنى) بفتح أوله وسكون ثانيه ويجوز ضم أوله وفتح ثانيه مشددا (كقوله) للسائلة عن دم الحيض وهي أسماء بنت يزيد بن السكن ووقع في مسلم انها فاطمة بنت شكل (تتبعى بها) أي بالفرضة الممسكة (أثر الدم) أي اجعليها في فرجك فكنى عن ذلك بقوله تطهرى بها قالت كيف اتطهر بها يا رسول الله قال سبحان الله تطهرى بها قالت عائشة فاخذتها الى وقلت يعنى تتبعي بها أثر الدم أخرجه الشيخان والنسائى عن عائشة وتتبعي بها أثر الدم من لفظها لا من لفظه صلى الله عليه وسلم فقول المصنف كقوله نظرا الى المعنى لا الى اللفظ.
(فصل)(في حسن عشرته) وهي بكسر المهملة أشهر من ضمها وسكون المعجمة المخاطبة والعشير المخالط
ويحذر الناس ويحترس منهم من غير ان يطوي عن أحد منهم بشره ولا خلقه ويعطى كل جلسائه نصيبه حتى لا يحسب جليسه ان أحدا أكرم عليه منه. من جالسه أو قاربه لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف ومن سأله حاجة لم يرده الا بها أو بميسور من القول قد وسع بسطه الناس وخلقه وصار لهم أبا وصاروا عنده في الحق سواء بهذا وصفه ابن أبى هالة قال وكان دائم البشر سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ وبذلك وصفه ربه فقال فيما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك وقال تعالى ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وكان صلى الله عليه وسلم يمازحهم ويخالطهم ويداعب صبيانهم ويجلسهم في حجره ويعود مرضاهم ويشهد موتاهم ويقبل عذر المعتذر منهم ويكنيهم ويدعوهم بأحب أسمائهم اليهم ويقبل هداياهم ويكافئ عليها ويجيب من دعاه الى طعام أو الى وليمة ويذهب اليها وكان يشيع مسافرهم ويودعهم ويوصيهم ويتلقى قادمهم واذا قدم من سفر تلقى بصبيان أهل بيته فيتحملهم بين يديه وخلفه وكان يتحمل لأصحابه فضلا عن تحمله لاهله فاذا أراد أن يخرج اليهم نظر في الماء والمرآة وسوى شعره وعدل عمامته ويقول ان الله يحب من عبده اذا خرج الى اخوته ان يتهيأ اليهم ويتجمل وكان يتفقد أصحابه فمن خاف ان يكون وجد في نفسه شيئا قال لعل فلانا وجد علينا في شي أو رأى منا تقصير اذهبوا بنا اليه فينطلق الى منزله وكان ينزل الناس منازلهم فيكرم أهل الشرف من غير تقصير في حق غيرهم وكان لا يدع أحدا يمشى ولا يجلس خلفه ويقول خلوا ظهري للملائكة ولا يمد رجليه بينهم ويوسع عليهم اذا ضاق المكان ولا يقدم ركبتيه أمام ركبهم (ويحذر الناس) بفتح أوله وسكون ثانيه وفتح ثالثه (الشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة (لا يحسب) بالرفع والضم (أكرم) بالرفع (قاربه) بالموحدة (هو المنصرف) بالفتح وهو صلة (الناس) بالنصب (بسطه وخلقه) بالرفع (سواء) بالنصب (ابن أبي هالة) اسمه هند كما مر (فيما رحمة من الله) أي فبرحمة وما صلة (لنت لهم) أى سهلت اخلاقك لهم واحتملتهم ولم تسرع اليهم بالمعاقبة فيما كان منهم يوم أحد من الفرار (ولو كنت فظا) أي جافيا سيء الخلق قليل الاحتمال (غليظ القلب) قاسيه (لانفضوا) أي لنفروا (من حولك) وتفرقوا عنك (في حجره) بفتح المهملة وكسرها (كان يتجمل) بالجيم (فضلا) أى زيادة (وجد) أى غضب (خلوا ظهري للملائكة) أخرجه ابن سعد عن جابر