الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مطلب ثم كانت بيعة عليّ لأبي بكر بعد موت فاطمة رضي الله عنها]
قال عمر وانا والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة ابي بكر خشينا ان فارقنا القوم ولم تكن بيعة ان يبايعوا رجلا منهم فاما بايعناهم على ما لا نرضى وإما نخالفهم فيكون فساد فمن بايع رجلا على غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو لا والذى بايعه تغره أن يقتلا وروينا فيه أيضا عن الزهرى قال أخبرنا أنس بن مالك انه سمع خطبة عمر الاخيرة حين جلس على المنبر ذلك الغد حين توفي النبي صلى الله عليه وسلم فتشهد وابو بكر جالس صامت لا يتكلم قال كنت أرجو ان يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يدبرنا يريد بذلك ان يكون آخرهم فان يكن محمدا قد مات فان الله عز وجل قد جعل بين اظهركم نورا تهتدون به هدى الله محمدا صلى الله عليه وسلم وان أبا بكر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثاني اثنين وانه أولى المسلمين بأموركم فقوموا فبايعوه وكان طائفة منهم قد بايعوه قبل ذلك في سقيفة بني ساعدة وكانت بيعة العامة على المنبر قال أنس بن مالك سمعت عمر يقول لأبى بكر يومئذ اصعد المنبر فلم يزل به حتى صعد المنبر فبايعه الناس عامة قال القاسم بن محمد فما كان من خطبتهما من خطبة الا نفع الله بها لقد خوف عمر الناس وان فيهم لنفاقا فردهم الله بذلك ثم لقد بصر أبو بكر الناس الهدى وعرفهم الحق الذى عليهم وخرجوا به يتلون وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ الى الشَّاكِرِينَ* ثم كانت بيعة علي بن أبي طالب رضى الله عنه ومن معه بعد موت فاطمة وعاشت فاطمة بعد موت أبيها ستة أشهر ولما ماتت أرسل علي الى أبى بكر أن ائتنا فأتاهم فتشهد عليّ بن أبى طالب ثم قال انا قد (وذلك الغد) بالنصب (حتى يدبرنا) باهمال الدال وضم الموحدة (صاحب) بالنصب والرفع (ثانى اثنين) بسكون التحتية علامة للرفع (وكانت بيعة العامة على المنبر) في المسجد زاد أهل السير فسمع على والعباس التكبير ولم يفرغوا من غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال العباس هذا ما كنت قلت لك يا على (قال القاسم بن محمد) ابن أبي بكر الصديق (من خطبتهما) أي أبي بكر وعمر ومن تبعيضية أو بيانية (من خطبة) من زائدة (لقد بصر) بالموحدة وتشديد المهملة (قد خلت) مضت كلمة تامة (بيعة على) بالرفع (عاشت فاطمة بعد أبيها) صلى الله عليه وسلم (ستة أشهر) على الصحيح المشهور وقيل ثلاثة أشهر وقيل ثمانية وقيل شهرين وقيل سبعين يوما وكانت وفاتها رضى الله عنها لثلاث مضين من شهر رمضان سنة احدى عشرة (أن اثنتا) زاد مسلم في رواية ولا يأتينا معك أحد كراهية يحضر عمر فقال عمر لابي بكر والله لا تدخل عليهم وحدك وانما كرهوا محضر عمر كما قال النووي لعلمهم شدته وصدعه بما يظهر له فخافوا ان ينتصر لابي بكر فيتكلم بكلام يوحش قلوبهم على أبي بكر وكانت قلوبهم قد طابت عليه وانشرحت له فخافوا أن يكون حضور عمر
عرفنا يا أبا بكر فضيلتك وما أعطاك الله ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله اليك ولكنك استبددت علينا بالأمر وكنا نحن نري لنا حقا لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزل يكلم أبا بكر حتى فاضت عينا أبا بكر فلما سكت تكلم أبو بكر قال والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب الي أن أصل من قرابتي وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فانى لم آل فيها على الحق ولم أترك أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيها الا صنعته فقال علي لأبى بكر موعدك العشية فلما صلى ابو بكر صلاة الظهر رقى ابو بكر على المنبر فتشهدو ذكر شأن علي وتخلفه عن البيعة وعذره بالذي اعتذر اليه ثم استغفر وتشهد علي بن أبى طالب كرم الله وجهه فعظم حق ابى بكر وانه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبى بكر ولا إنكار الذي فضله الله به ولكنا كنا نرى أن لنا في هذا الأمر نصيبا فاستبد علينا به فوجدنا في أنفسنا فسر بذلك المسلمون وقالوا أصبت وكان المسلمون الى على قريبا حتى راجع الأمر المعروف رواه مسلم* وانما ذكرت الحديث الأول متمما بيان حكم الرجم وكانت الدلالة على ذلك تتم دون تمامه لما فيه وفي الحديثين بعده من الدلالة على أصل بيعة ابى بكر وانها كانت اجماعا من الصحابة الذين تقررت عصمتهم من الاجتماع على الضلال والخطأ والتمالئ عليهما وانه قد كان من على رضي الله عنه بعض تردد سببا لتغييرها وعمر انما قال لا تدخل عليهم وحدك خوفا عليه من اغلاظهم عليه في المعاتبة وعدم جواب أبى بكر والانتصار لنفسه لقوة لينه وصبره وخاف تغير قلب أبي بكر فيترتب على ذلك مفسدة خاصة أو عامة وبحضور عمر يمتنعون من ذلك هذا معنى ما ذكره النووي قال وفي دخول أبي بكر وحده مع حلف عمر انه لا يدخل كذلك دليل علي ان ابرار القسم المأمور به في الاحاديث الصحيحة محله اذا أمكن احتماله بلا مشقة ولم يكن فيه مفسدة وهذا ظاهر (ولم ننفس عليك) بفتح الفاء أي لم نحسدك يقال نفس بكسر الفاء في الماضى تنفس بفتحها في المضارع (ولكنا كنا نري) بضم النون وفتحها (لنا في هذا الامر نصيبا) وذكر جماعة من أهل السير ان أبا بكر قال يا علي أكرهت امارتي قال لا لكن ابيت ان لا اخرج بعد موته صلى الله عليه وسلم حتى احفظ القرآن فعليه حبست نفسى (شجر بينى وبينكم) أى اختلفنا فيه وتنازعنا (لم آل) بمد الهمزة أى لم اقصر (موعدك العشية) بالنصب والضم قال أهل اللغة العشية والعشى من زوال الشمس الى الغروب (رقى) بكسر القاف في الماضي وفتحها في المستقبل كعلم يعلم (وعذره) بفتح العين والذال فعل ماض وبضمها وسكون الذال أي وذكر عذره (نفاسة) بفتح النون أى حسدا (من الدلالة علي أصل بيعة الصديق) لمبايعة من تيسر حضوره يومئذ من اهل الحل والعقد له (قد كان من علي رضى الله عنه بعض تردد) غير قادح في صحة البيعة اذ لا يجب على كل أحد اتيان الامام ووضع يده في يده ومبايعته بل يلزمه
أول الأمر ثم شرح الله صدره فاعتذر في تخلفه تلك الايام وبايع وتابع فادّ الطاعة لأبى بكر والخلفاء بعده الى ان انتهت النوبة اليه وتعين القيام عليه فقام بها على أحسن الوجوه واكملها وأعدلها وقاتل من غلا في محبته كما قاتل من خرج عن طاعته ولم يعنف من تخلف عن نصرته وختم الله له بالسعادة والشهادة هذا وقد تعصب قوم له وادعوا له الخلافة ابتداء وان النبي أوصى اليه وتعاموا عن دلائل كثيرة صحيحة صريحة أو كالصريحة على خلافة أبى بكر اقواها بعد الاجماع إنابته اياما في الصلاة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبمحضر من على رضى الله عنه وكانت الصلاة اعظم شعار في الاسلام واول امرأ حوج الى النيابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال علي رضي الله عنه رضينا لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا واعظم ما وقع فيه هؤلاء من الأخطار تفسيقهم للصحابة ونسبتهم الى الخطأ ولزم من ذلك دخول علي معهم حيث القى بيديه ودخل في بيعة لا يعتقد صحتها وألزم نفسه طاعة الانقياد له وعدم اظهار خلاف ولا شق عصا وكان ذلك شأن علي في مدة تخلفه ولم يظهر على أبي بكر خلافا ولا شق العصا بل كان لعذر ولم يكن انعقاد البيعة متوقفا على حضوره فلم يجب عليه الحضور لذلك ولا لغيره ولم ينقل عنه قدح في بيعة أبى بكر رضي الله عنه ولا مخالفة نعم بقي في نفسه عتب مما لا يعصم منه البشر فتأخر الى ان زال وكان عتبه انه رأى أن لا يبرم أمرا الا بمشورته وحضوره ولكن كان أبو بكر وعمر وسائر الصحابة معذورين في الاستبداد علي علىّ لانهم رأوا المبادرة بالبيعة من أعظم المصالح وخافوا من تأخرها خلافا يترتب عليه مفاسد عظيمة ومن ثم أخروا دفن النبى صلى الله عليه وسلم حتى عقدت البيعة كيلا يقع نزاع في موضع دفنه أو في غسله أو الصلاة عليه أو غير ذلك وليس لهم حاكم يفصل أمرهم فيها وان تقديم البيعة أهم الاشياء هذا معني ما ذكره النووى (بايع) بالموحدة والتحتية (وتابع) بالفوقية والموحدة (وختم الله له بالسعادة والشهادة) فقتله عبد الرحمن بن ملجم الحميرى ثم المرادى قاتله الله وذلك يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان سنة ست وأربعين علي الصحيح عن ثلاث وستين سنة على أسد الاقوال ودفن في قصر الامارة بالكوفة ليلا وغيب قبره وقيل في رحبة بالكوفة وقيل بنجف الحرة وغسله ابناه الحسن والحسين وصلى عليه الحسن وكبر أربع تكبيرات على الصحيح (وقد تعصب قوم له) كالروافض والامامية وسائر فرق الشيعة (وبمحضر) بفتح الضاد (تفسيقهم للصحابة ونسبتهم الى الخطأ) وهذا قول الامامية وبعض المعتزلة وأما الروافض كلاب النار فانهم يكفرون سائر الصحابة في تقديمهم غير على وكفر بعضهم أيضا عليا لانه لم يقم في طلب حقه بزعمهم. قال القاضى وهؤلاء أسخف مذهبا وأفسد عقلا من ان يرد قولهم ويناظروا قال ولا شك في كفرهم لان من كفر الامة كلها والصدر الاول فقد أبطل نقل الشريعة وهدم