الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه قال لعل امامي علم في ذلك ما لم اعلمه أو يرى من ينهه عن ذلك لا يتأهل للترجيح والاجتهاد وكل ذلك قصور وتقصير فقد نص جهابذة العلماء على ان الاجتهاد يتجزأ وان يجوز ان يكون الانسان محتهدا من حج في مسئلة أو باب دون غيره ومظنة الترجيح عليه الظن بعد البحث في وجوه الادلة وسيأتي في طي هذا الباب ما يفهمك فائدة تقديم هذه القاعدة جعلنا الله ممن يقبل الهدي أينما كان وعلى لسان من ظهر واصفين منصفين آمين* اعلم رحمك لله واياى ان هذا الباب واسع جدا موضع بسطه الحديث ومبسوطات كتب الفقه وانما أذكر نكتا وعيونا من أسرار عوائده التي واظب عليها صلى الله عليه وسلم وكادت لكثرة التسهيل والاهمال ان يذهب أكثرها فأنبه على ذلك على وجه الاختصار والايجاز مستعينا بالله وسائلا منه التوفيق
[فصل في عادته صلى الله عليه وسلم في الوضوء]
فمن ذلك عادته صلى الله عليه وسلم في الوضوء كان في غالب الأحوال يتوضأ لكل فريضة وقال من توضأ على طهر كتب له عشر حسنات قال العلماء وانما يحصل هذا الثواب لمن استعمل الوضوء الأول وربما صلى في بعض الأوقات بوضوء واحد عددا من الصلوات وكان صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع بالمد ونهى عن كثرة استعمال الماء وقال لسعد بن أبى وقاص لا تسرف وان كنت على نهر جار وقال ان للوضوء شيطانا يقال له الولهان واعتل بكذا معناه جعله علة له (لا يتأهل) أي لا يصير أهلا (جهابذة) جمع جهبذ بكسر الجيم والموحدة بينهما هاء ساكنة وآخره معجمة النقاد الخبير قاله في القاموس (كان في غالب الاحوال يتوضأ لكل فريضة) أخرجه أحمد والبخاري وأبو داود والترمذى والنسائي وابن ماجه عن أنس (من توضأ على طهر كتب له عشر حسنات) أخرجه أبو داود والترمذى وابن ماجه عن ابن عمرو ذلك لان هذا الوضوء من جملة الحسنات وهي مضاعفة الى ما ذكر (وانما يحصل هذا الثواب) ان صح كون الوضوء الثانى عبادة ولا يكون ذلك الا (لمن استعمل الوضوء الاول) أى صلى به صلاة ما ولو ركعة لا سجدة تلاوة ونحوها وليس الطواف في ذلك كالصلاة لان للصلاة أثرا عظيما في هذا الدين فكانت سببا لضعف الوضوء المحوج الى التجديد بخلاف غيرها هذا ان قلنا ان سنية التجديد معقولة وان قلنا تعبدية فكذلك أيضا لان التجديد انما ورد فيها ولا يقاس عليها العظمها (وربما صلى في بعض الاوقات بوضوء واحد عددا من الصلوات) كما فعل يوم الخندق صلى أربع صلوات بوضوء واحد وصلى أيضا يوم فتح مكة الخمس بوضوء واحد (كان يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد) أخرجه الشيخان وأبو داود عن أنس ولمسلم من حديث سفينة كان يغسله الصاع ويوضئه المد والمد رطل وثلث وهو ربع الصاع وأخرج أبو داود باسناد حسن انه صلى الله عليه وسلم توضأ باناء فيه قدر ثلثى مد (ان للوضوء شيطانا الى اخره) أخرجه الترمذي وابن ماجه والحاكم عن أبىّ بن كعب (الولهان) بفتح الواو واللام
فاتقوا وساوس الماء وقال انه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون بالطهور والدعاء ففي هذه الأخبار ذم الاسراف في صب الماء فانه من الشيطان وقد صحت الأخبار عن محمد المختار انه توضأ مرة مرة ومرتين مرتين وغالب أحواله ثلاثا ثلاثا وكره الزيادة عليها والنقصان منها فكأنها حد بين الاقلال والاكثار وقد كانت أموره صلى الله عليه وسلم على حد الاعتدال ويصلح لمن كان على بعض أعضائه اذى أن يغسله قبل الوضوء ثم يتوضأ ليتم له الاقتصار على التثليث مع انه قد صحح الأكثرون ان غسلة واحدة تنوب عنهما وربما ثلث صلى الله عليه وسلم في بعض الأعضاء ونقص في بعضها وربما ثلث في الكل وغسل الرجلين بغير عدد وأما الرأس فأكثر الروايات وأصحها على التوحيد في مسحه وروي التثليث في حديث حسن فينبغي التثليث من أجله وكان صلى الله عليه وسلم يعم جميع رأسه بالمسح ويقبل بيديه ويدبر وحيث ما اقتصر على بعضه لعمامة ونحوها كمل بالمسح عليها ولم يقتصر (وسواس الماء) بفتح الواو (سيكون في هذه الامة قوم يعتذرون الى آخره) أخرجه أبو داود عن عبد الله بن معقل المزني وأخرجه أيضا عن سعد بدون ذكر الطهور (في الطهور) بضم الطاء (والدعاء) قال الخطابي ليس معني الاعتداء الاكثار وانما هو مثل ما روي عن سعد يعنى انه سمع ابنه يقول اللهم اني اسألك الجنة ونعيمها وبهجتها وكذا وكذا وأعوذبك من النار وسلاسلها واغلالها وكذا وكذا أي ومثل ما روي عن عبد الله بن معقل انه سمع ابنه يقول اللهم إنى أسألك القصر الابيض عن يمين الجنة اذا دخلتها وقال ابن جريج من الاعتداء رفع الصوت والنداء بالدعاء والصياح وقال عطية الذين يدعون على المؤمنين فيما لا يحل فيقولون اللهم اخزهم اللهم العنهم وقال أبو مجلزهم الذين يسألون منازل الانبياء (وقد صحت الاخبار) في صحيح البخاري وغيره (وكره الزيادة عليها) أى الثلاث (والنقصان منها) بقوله هكذا الوضوء فمن أزاد أو نقص فقد أساء وظلم أخرجه أبو داود باسانيد صحيحة وفي رواية للنسائى فقد أساء وتعدي وظلم قال امام الحرمين أساء معناه ترك الافضل وتعدى السنة وظلم أى وضع الشيء في غير موضعه (ويصلح) بمعني ويسن (اذي) طاهرا كان أو نجسا (صحح الاكثرون) ومنهم النووي وكذا الرافعي في غير النجس (ان غسلة واحدة تنوب عنهما) ما لم تكن نجاسة عينية أو غير نجاسة وصعب وصول الماء الى المحل أولم يمنعه ولكنها غيرته تغيرا يخرج به الماء عن كونه طهورا (وروي التثليث في حديث) أخرجه أبو داود باسناد حسن (و) كان (يقبل بيديه ويدبر) اخرج الشيخان وغيرهما عن عبد الله بن زيد انه صلى الله عليه وسلم مسح بيديه فاقبل بهما وأدبر بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما الى قفاه ثم ردهما الى المكان الذي بدأ منه قال العلماء واستحباب الرد يختص بمن له شعر ينقلب بالذهاب والرد ليصل البلل الى جميعه والا اقتصر على الذهاب (كمل بالمسح عليها) كما أخرجه مسلم عن المغيرة بن شعبة بلفظ فمسح بناصيته وعلى العمامة ففيه ندب استيعاب
على بعض مسح الرأس من غير تتميم على العمامة أبدا وأما المضمضة والاستنشاق فأصح الروايات على أنه صلى الله عليه وسلم جمع بينهما بثلاث غرفات يتمضمض ويستنشق من كل واحدة منها بيمينه ويستنثر بشماله قال ابن الصلاح ولم يثبت في الفصل شيء. قلت رواه أبو داود بسند لم يضعفه فهو حجة عنده والله أعلم. وكان صلى الله عليه وسلم يمسح الاذنين ظاهرهما وباطنهما قال شيخ شيوخنا القاضي مجد الدين الشيرازي ولم يثبت في مسح الرقبة حديث (تنبيه) في سنن أبى داود من رواية ابن عباس رضى الله عنهما عن علىّ كرم الله وجهه حين أراه كيفية وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ففيه انه أدخل يده في الاناء جميعا فغسل وجهه ثلاثا وهو فعل حسن يعرف حسنه بالمشاهدة وفيه انه بعد غسل الوجه أخذ بكفه اليمنى قبضة من ماء فصبها على ناصيته فتركها تشتر على وجهه وكأنه والله أعلم فعل ذلك استظهارا على غسل مقدم الوجه فهاتان سنتان قل من يعمل بهما ويثابر عليهما وفيه انه غسل رجليه في النعلين وفتلهما ليصل الماء الى ما تحت السيور* قال ابن عباس قلت وفي النعلين قال وفي النعلين قال ذلك ثلاثا ففيه تأييد لقوله صلى الله عليه وسلم بعثت بالحنيفية السمحة وقد كان صلى الله عليه وسلم ربما صلى في نعليه وقال تفقدوا نعالكم عند أبواب مساجدكم وقد صحح جماعة من أصحابنا جواز الصلاة في الخف المتنجس أسفله اذا دلكه بالارض حتى تذهب العين وكان صلى الناصية ثم التتميم (جمع بينهما بثلاث غرفات الي آخره) أخرجه الشيخان عن عبد الله بن زيد بن عاصم (ويستنثر) بفوقية فنون فمثلثة أى يستخرج الماء من انفه واشتقاقه من النثرة وهي طرف الانف (رواه أبو داود) عن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده (بسند لم يضعفه) لكن ضعفه غيره (كان يمسح الاذنين ظاهرهما وباطنهما) أخرجه أبو داود عن ابن عباس وصححه الترمذى وابن حبان وكان يمسحهما بماء خلاف الماء الذي لرأسه أخرجه البيهقى عن عبد الله بن زيد (لم يثبت في مسح الرقبة حديث) وأما خبر مسح الرقبة امان من الغل وأثر ابن عمر من توضأ ومسح عنقه وقى الغلى يوم القيامة فقال النووي وغيره الخبر المذكور موضوع والاثر غير معروف ومسح الرقبة بدعة وتعقب بعض المتأخرين كلام النووي بان الخبر روى بسند ضعيف أي وهو يعمل به في الفضائل وقد صحح الرافعي في الصغير انه سنة (قبضة) بضم القاف اسم للشيء المقبوض وبالفتح المرة من القبض (تشتر) بالمعجمة أي تنصب متفرقة (يثابر) بالمثلثة والموحدة يحافظ وزنا ومعني (وفتلهما) بالفاء أى ادارهما يعنى رجليه (وربما صلى في نعليه) أخرجه أحمد والشيخان والترمذى عن أنس (تفقدوا نعالكم عند أبواب مساجدكم) أخرجه أبو نعيم في الحلية عر أنس (وقد صحح جماعة من أصحابنا) أحد قولى الشافعي وهو (جواز الصلاة في الخف المتنجس أسفله) نجاسة جافة لا جرم لها ولم يتعمدها (اذا دلكه بالارض حتى تذهب العين) وذلك بالقياس على موضع الاستنجاء والثاني وهو الاصح لا تجزئه كما لو مسح النجاسة عن ثوبه وصلى فيه وفارق الاستنجاء بانه
الله عليه وسلم يرفّع في غسل أعضاء الوضوء وقال ان أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم ان يطيل غرته وتحجيله فليفعل أخرجه الشيخان والغرة مقدم الرأس مع الوجه والتحجيل غسل بعض العضدين مع الذراعين وبعض الساقين مع الرجلين وغايته استيعاب العضد والساق فكان صلى الله عليه وسلم يسمى الله أوله ووردت أحاديث تدل على التحتم في التسمية وكلها مؤولة أو ضعيفة وكان يقول في أثنائه ما رواه النسائي وابن السنى باسناد صحيح عن أبى موسى الأشعري قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فتوضأ فسمعته يقول اللهم اغفر لى ذنبى ووسع لى في داري وروى في ذاتى وبارك لى في رزقى فقلت يا رسول الله سمعتك تدعو بكذا وكذا قال وهل تركن من شيء وكان يقول بعد فراغه ما رواه عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضأ فقال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء رواه مسلم وزاد الترمذى فيه اللهم اجعلني يتكرر بخلاف هذا (غرا) بضم المعجمة جمع أغر والغرة بياض يكون في وجه الفرس (محجلين) أى بيض الاوجه والايدى والارجل (أخرجه الشيخان) عن أبي هريرة ولمسلم عنه أيضا أنتم الغر المحجلون الى آخره (مقدم الرأس مع الوجه) وكذا صفحة العنق (استيعاب العضد) بان يغسل الى المنكب (والساق) بان يغسل الى الركبة (فكان يسمى الله أوله) أخرجه النسائي بسند جيد كما في المجموع عن أنس قال طلب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وضوأ فلم يجدوا فقال صلى الله عليه وسلم هل مع أحد منكم ماء فاتي بماء فوضع يده في الاناء الذى فيه الماء ثم قال توضؤا بسم الله وهذا اقل مجزى فيها والاكمل كما في المجموع بسم الله الرحمن الرحيم لحديث كل أمر ذى بال لا يبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم أقطع أخرجه الخطيب (وورد أحاديث تدل على التحتم في البسملة) كحديث لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه والطبرانى والحاكم عن أبي هريرة وأخرجه ابن ماجه عن سعيد بن زيد وأبى سعيد وسهل بن سعد (وكلها مؤولة) بان المراد نفي كمال الوضوء كحديث لا صلاة بحضرة طعام (أو ضعيفة) يرد هذا ان الحاكم صحح اسناده وقال الترمذى قال محمد بن اسماعيل يعنى البخاري أحسن شيء في هذا الباب هذا الحديث (ما رواه النسائي وابن السنى باسناد صحيح) لكن فيه عباد بن عباد بن علقمة وقد وثقه أيضا أبو داود ويحيى بن معين وابن حبان واسم ابن السنى أحمد بن محمد بن اسحاق (عن أبي موسى الاشعرى) وأخرجه الترمذي من حديث أبى هريرة ولم يذكر الوضوء (وروي في ذاتي) بالمعجمة والفوقية أى اجعل ذاتي واسعة لا ضيق فيها (وهل تركن من شيء) ينبغى الدعاء به من امور الدنيا والآخرة (من توضأ) زاد أبو داود والنسائى فاحسن الوضوء (فقال) زاد ابن ماجه من حديث أنس ثلاث مرات (الثمانية) بالرفع (رواه مسلم) وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه (وزاد الترمذي) من حديث أبي ادريس الخولاني وأبى عثمان النهدى عن