الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موضع الاسرار. واعلم ان التأمين مستحب للامام والمنفرد داخل الصلاة وخارجها وردت أحاديث كثيرة في فضله وعظيم أجره والسنة ان يؤمن المأمومون بأسرهم لقراءة أمامهم ويقترن تأمينهم بتأمين امامهم لا قبله ولا بعده لانه صح ان الملائكة تؤمن لقراءة الامام فمن وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وليس في الصلاة موضع يستحب ان يقترن فيه قول المأموم بقول الامام الا في التأمين واما باقى الاقوال فيتأخر قول المأموم عن قول الامام والسنة ان يسكت بين الفاتحة والتأمين سكتة لطيفة ليعلم ان أمين ليست من الفاتحة.
[فصل وثبت انه صلى الله عليه وسلم كان يسكت بعد التأمين سكتة طويلة]
(فصل) وثبت انه صلى الله عليه وسلم كان يسكت بعد التأمين سكتة طويلة بحيث يقرأ المأموم الفاتحة فهى سنة قل من الأئمة من يستعملها فهى من السنن المهجورة.
(فصل) وثبت انه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح والأولين من باقى حديث وائل بن حجر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فقال آمين رفع بها صوته (مستحب للامام) لما مر أنه صلى الله عليه وسلم رفع بها صوته (و) المأموم لما أخرجه البيهقى عن عطاء قال أدركت مائتين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد اذا قال الامام غير المغضوب عليهم ولا الضالين سمعت لهم رجة بآمين وفي البخاري معلقا آمين أمن الزبير ومن خلفه حتى أن للمسجد للجة (والمنفرد) قياسا (ووردت أحاديث كثيرة في فضله وعظيم أجره) كقوله صلى الله عليه وسلم وقد سمع داعيا يدعو وجب إن ختم فقال رجل من القوم بأي شيء يختم فقال بآمين فانه ان ختم بآمين فقد أوجب أخرجه أبو داود عن أبى زهير النميرى وأمن صلى الله عليه وسلم على دعاء زيد بن ثابت ورجل آخر وأبي هريرة وهم في المسجد يدعون أخرجه النسائي والحاكم عن زيد بن ثابت وأمن صلى الله عليه وسلم على المنبر ثلاثا أخرجه الحاكم في المستدرك عن كعب بن عجرة وأخرجه ابن حبان في صحيحه عن مالك بن الحويرث ودعا صلى الله عليه وسلم بدعاء طويل وأمن في تفاصيله أخرجه الحاكم من حديث أم سلمة وأخرج ابن أبي عدي والطبراني من حديث أبي هريرة آمين خاتم رب العالمين على لسان عباده وأخرج ابن شاهين في السنة من حديث علي أمنوا اذا قرأ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (باسرهم) بفتح الهمزة أى باجمعهم (لانه صح) عنه صلى الله عليه وسلم (ان الملآئكة تؤمن لقراءة الامام الى آخره) أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي عن أبى هريرة (فمن وافق قوله قول الملائكة) أى وقتا وزمانا أو صفة وخشوعا واخلاصا قولان والمراد بالملآئكة الحفظة او غيرهم لقوله في الحديث الآخر قول أهل السماء قولان (غفر له ما تقدم من ذنبه) المراد غفران الصغائر كما في نظائره زاد الجرجانى في الامالى وما تأخر (الا في آمين) فانه يستحب اقتران قول الامام والمأموم (فهى) أي سكتة الامام بعد التأمين (سنة) قال أصحابنا لكن يشتغل فيها بقراءة وهي أولى أو ذكر فليس هذا سكوتا حقيقيا.
(فصل) في قراءته صلى الله عليه وسلم السورة (كان يقرأ في صلاة الصبح والاولتين من باقي
الفرائض سورة بعد الفاتحة فيجعلها في الصبح والظهر من طوال المفصل وفي العصر والعشاء من أوساطه وفي المغرب من قصاره وهذا غالب حالاته في الصلوات وربما غيرها بحسب الحاجات والضرورات فثبت انه صلى الله عليه وسلم ربما دخل في الصلاة يريد اطالتها فيسمع بكاء الصبى وأمه من المقتدين به فيخفف مخافة ان يشق على أمه وغضب على معاذ غضبا شديدا حين طول في العشاء وعين له سورة والشمس وضحاها وسبح اسم ربك الاعلى والليل اذا يغشى وقال اذا أم أحدكم الناس فليخفف فان فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض وذا الحاجة فاذا صلى وحده فليصل كيف شاء* وثبت انه صلى الله عليه وسلم كان يطول في الاولى مالا يطول في الثانية ويبالغ في الاسرار في موضعه حتى لا يعلمون قراءته الا باضطراب لحيته وربما أسمعهم الآية أحيانا وكره صلى الله عليه وسلم للمأمومين الجهر بالقراءة خلف أمامهم فثبت في الصحيح انه صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر أو العصر فلما سلم قال أيكم قرأ خلفي سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قال بعضهم انا ولم أرد بها الا الخير قال قد علمت ان بعضكم خالجنيها أى نازعنيها لهذا الحديث. قال العلماء تستحب السورة التى بعد الفرائض سورة الى آخره) أخرجه الشيخان في غير المغرب وأخرجه النسائي فيه باسناد حسن وكان يقرأ في غير الاولتين أيضا كما أخرجه الشيخان في الظهر والعصر ومالك في المغرب ومن ثم كان للشافعى قول بسنية السورة في جميع الصلاة وفي ترجيح الاصحاب القول الثاني وهو القراءة في الاوليين فقط تقديم للدليل النافي على الدليل المثبت عكس الراجح في الاصول وجمع بعضهم بينهما بان ذلك بحسب اختلاف المأمومين فحيث آثروا التطويل قرأ السورة في غير الاوليين وحيث كثروا تركها والاوليان تثنية اولى (من طوال) بكسر الطاء فقط (المفصل) سمي بذلك لكثرة فصوله أى لقصر سوره وغير ذلك (وفي العصر والعشاء من أوساطه وفي المغرب من قصاره) وحكمة ذلك أن الصبح والظهر يكونان عقب النوم غالبا فشرع صلى الله عليه وسلم التطويل ليدرك من قام من النوم وأن المغرب ضيقة الوقت فشرع لها القصار وأما العصر والعشاء فلأن المذكور في محل التطويل والاختصار لم يوجد فيهما فاختصا بالوسط وآخر المفصل آخر القرآن وفي أوله عشرة أقوال للسلف أصحها انه من الحجرات وقيل من الصافات وقيل من الجاثية وقيل من الفتح وقيل من سورة محمد وقيل من قاف وقيل من الحديد وقيل من الصف وقيل من تبارك الملك (اذا أم أحدكم الناس فليخفف الى آخره) أخرجه أحمد والشيخان والترمذى عن أبي هريرة (العصر) بالنصب وكذا ما بعده (فليصل كيف شاء) في رواية اخرى فليطول ما شاء (وكان يطول في الاولى) زاد أبو داود وغيره فطننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الاولى (خالجنيها) بالمعجمة فالجيم وللترمذي
الفاتحة للمأموم كما تستحب للامام والمنفرد لأن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر عليه في رفع صوته لا في أصل القراءة وهذا كله فيما يسر به الامام أما ما يجهر به فلا يزيد المأموم فيه على الفاتحة فان لم يسمع قراءة الامام أو سمع هينمة لم يفهمها استحب له السورة بحيث لا يشوش على غيره واعتاد كثير من الناس من الموسوسين وغيرهم الجهر بالقراءة خلف الامام والتشويش على من بقربهم من المصلين وهى عادة سيئة وربما علم بعضهم النهي عن ذلك فلم ينته فيصير علمه حجة عليه وقد قال صلى الله عليه وسلم علم لا يعمل به ككنز لا ينفق منه أتعب صاحبه نفسه في جمعه ثم لم يصل الى نفعه.
(فصل) وثبت انه صلى الله عليه وسلم كان يسكت بعد الفراغ من القراءة سكتة لطيفة يفصل بها بين القراءة وتكبيرة الهويّ الى الركوع ثم يكبر رافعا يديه كاحرامه ثم يركع فيضع كفيه على ركبتيه ويفرق بين أصابعه ويجافي مرفقيه عن جنبيه ويسوي ظهره ورأسه من غير ترفيع ولا تنكيس وينصب ساقيه ولا يثني ركبتيه ثم يقول سبحان ربى العظيم ثلاثا باسناد حسن مالي انازع القرآن أما (ما يجهر به) الامام (فلا يزيد المأموم فيه على) قراءة (الفاتحة) لقوله تعالى وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا (هينمة) بفتح الهاء والنون بينهما تحتية ساكنة هي الصوت الذي لا يفهم (استحب له السورة) لانه اذا لم يسمع الامام فأي معنى لسكوته (علم لا يعمل به ككنز لا ينفق منه) أخرجه ابن عساكر عن أبي هريرة بلفظ لا ينتفع به وله عن ابن عمر لا يقال به وللقضاعي عن ابن مسعود علم لا ينفع ككنز لا ينفق منه.
(فصل) في سكوته بعد الفراغ من الفاتحة (سكتة لطيفة) بقدر سبحان الله (الهوى) بضم الهاء وفتحها وكسر الواو وتشديد التحتية (رافعا يديه كاحرامه) كما مر تخريجه (فيضع كفيه على ركبتيه) أخرجه البخاري من حديث أبى حميد الساعدي وأخرج هو ومسلم عن سعد بن أبي وقاص كنا نطبق في الركوع فنهينا عنه وأمرنا أن نضع أيدينا على الركب والتطبيق جعل بطن احدى الكفين على بطن الاخرى ويجعلهما بين ركبتيه وفخذيه وهو منسوخ بحديث سعد هذا عند الجمهور بل قالوا بكراهيته ومذهب ابن مسعود وصاحبيه علقمة والاسود أنه غير منسوخ (ويفرق بين أصابعه) أخرجه الحاكم والبيهقي عن وائل بن حجر (ويجافي مرفقيه عن جنبيه) أخرجه بمعناه البيهقي من حديث البراء بن عازب (ويسوي ظهره ورأسه) أخرجه مسلم عن عائشة (من غير ترفيع) هو معنى قولها لم يشخص رأسه (ولا ينكس) هو معنى قولها ولم يصوبه وأخرج ابن ماجه من حديث وابصة كان اذا ركع سوى ظهره حتى لوصب عليه الماء لاستقر وأخرجه الطبرانى في الكبير عن ابن عباس وأبي برزة وعن أبى مسعود (وينصب ساقيه ولا يثنى ركبتيه) أخرجه ابن حبان في صحيحه والبيهقى (ثم يقول سبحان ربي العظيم) وبحمده (ثلاثا)
فقد جاء في كتب السنن انه صلى الله عليه وسلم قال اذا قال أحدكم سبحان ربى العظيم ثلاثا فقد تم ركوعه* وثبت في صحيح مسلم انه صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده سبوح قدوس رب الملائكة والروح* وثبت في غيره بأسانيد صحيحة عن عوف ابن مالك قال قمت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فقام فقرأ سورة البقرة لا يمر بآية رحمة الا وقف وسأل ولا يمر بآية عذاب الا وقف وتعوذ قال ثم ركع بقدر قيامه يقول في ركوعه سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة واذكار الركوع واسعة وذهب الامام أحمد بن حنبل وجماعة الى أن الذكر في الركوع واجب فينبغي المحافظة عليه للخروج من الخلاف ولحديث أما في الركوع فعظموا فيه الرب* واعلم ان الركوع ذمام الصلاة وبادراكه تدرك الركعة وبفواته تفوت ولهذا قال العلماء يستحب للامام اذا أحس بداخل وهو راكع أن ينتظره ويمكث حتى يعلم منه الاحرام والركوع والطمأنينة ولا ينتظره فيما بعده من الاركان الا في التشهد الاخير أخرجه أبو داود عن عقبة بن عامر (اذا قال أحدكم سبحان ربي العظيم ثلاثا فقد تم ركوعه) وأخرج أبو داود وابن ماجه والحاكم وصححه من حديث عقبة بن عامر لما نزلت فسبح باسم ربك العظيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلوها في ركوعكم فلما نزلت سبح اسم ربك الاعلى قال اجعلوها في سجودكم (وثبت في صحيح مسلم) وسنن أبي داود والنسائي عن عائشة (سبوح قدوس) بضم أولهما على المشهور ومعناهما مسبح ومقدس والمسبح المبرأ من كل النقائص ومن الشريك في الملك والخلق وكل مالا يليق بالباري تعالى (رب الملائكة والروح) قال الخطابي فيه قولان أحدهما أنه جبريل خص بالذكر تفضيلا له على سائر الملائكة والثاني أنه خلق من الملائكة يشبهون الانس في الصور وليسوا انسا وقيل هو ملك عظيم أعظم من الملائكة خلقا انتهى (فائدة) الروح تطلق على القرآن كما قال تعالى وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا الآية وعلى عيسى قال تعالى وَرُوحٌ مِنْهُ وعلى روح الانسان وعلى جبريل وعلى ملك آخر من الملائكة قيل وهو المراد بقوله تعالى يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ وعلى صنف من الملائكة (وثبت في غيره) أي في سنن أبي داود والترمذي في الشمائل والنسائى (وذهب الامام أحمد) بن محمد (ابن حنبل وجماعة) من المحدثين (الى ان الذكر في الركوع) والسجود (واجب) آخذا بظاهر الحديث في الامر به مع قوله صلى الله عليه وسلم صلوا كما رأيتموني اصلي أخرجه البخاري وغيره وذهب الشافعي ومالك وأبو حنيفة والجمهور الى عدم وجوبه محتجين بحديث المسىء صلاته فانه صلى الله عليه وسلم لم يأمره به وأجابوا بان الامر بالتسبيح محمول على الاستحباب (أما الركوع فعظموا فيه الرب) أخرجه مسلم وغيره عن ابن عباس أى سبحوه ونزهوه ومجدوه (زمام الصلاة) بكسر الزاى أى من أدركه فقد أدرك الصلاة كما أن من أدرك زمام الدابة فقد أدركها (ولهذا قال العلماء يستحب للامام الى آخره) اعلم أن في الانتظار قولين للشافعي أرجحهما ينتظر