الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله في القسط والحبة السوداء. وأكل معه عليّ تمرا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم مه يا على فانك ناقه فكف عنه علىّ ثم جىء اليه بمطبوخ سلق وشعير فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا علىّ من هذا فأصب فانه أوفق لك ودنا ليأكل معه مرة رطبا وهو أرمد فقال له صلى الله عليه وسلم أتأكل الحلو وأنت ارمد فتنحى علىّ ناحية فرمى اليه النبي صلى الله عليه وسلم برطبة ثم اخرى حتى بلغ سبعا ثم قال حسبك فانه لا يضر من التمر ما أكل وترا
[فصل في صفة جلسته صلى الله عليه وسلم منفردا ومع أصحابه]
«فصل» في صفة جلسته صلى الله عليه وسلم منفردا ومع أصحابه قال أبو سعيد الخدري كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا جلس في المجلس احتبى بيديه وكذلك أكثر جلوسه محتبيا فربما احتبى بيديه وربما احتبى بثوبه وفي حديث قيلة بنت مخرمة قالت رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو قاعد القر فصاء فلما رأيته أرعدت من الفرق وذكر الحديث وفي حديث جابر بن سمرة انه صلى الله عليه وسلم تربع قال أهل الغريب الحبوة بضم الحاء وكسرها وقد تبدل الياء من الواو وهو ان يعقد الثوب على مجموع ظهره وركبتيه وربما احتبي صلى الله عليه وسلم بيديه وربما عقده على الركبتين فقط والقرفصاء بضم القاف والفاء مع المد وبكسرهما مع القصر وفسرها البخاري بالاحتباء باليد والتربع ان يخالف قدميه بين يديه ويجلس على وركيه متوطئا وكان صلى الله عليه وسلم ربما أسند الى جدار أو سارية وربما اتكأ على أحد جانبيه وربما استلقى على قفاه ووضع إحدى يديه على الأخرى. وفي حديث جبريل حين سئل النبي صلى الله عليه وسلم انه أسند ركبتيه الى ركبتيه كالتشهد. قال المؤلف دل مجموع هذه الاحاديث على ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس كيف ما تيسر وعلى حسب وكسر الجيم أى تريح فؤاده وتزيل عنه الهم وتنشطه (مه) بمعني أكفف (ناقه) بالنون والقاف وهو المعني من المرض الذي قربت عهدته لم يتراجع اليه كمال صحته (سلق) بكسر السين وسكون اللام ثم قاف.
(فصل) في صفة جلوسه (قال أبو سعيد) أخرجه عنه أبو داود والبيهقى في السنن (قيله) بفتح القاف وسكون التحتية (بنت مخرمة) بفتح الميم والراء وسكون المعجمة عنزية على الصحيح وقيل عدنية (أرعدت) أى علتني رعدة أي ارتعاش (الفرق) أي الخوف وذلك من وقاره صلى الله عليه وسلم وهيبته (وذكرت الحديث) هو قوله صلى الله عليه وسلم يا مسكينة عليك السكينة (القر فصاء) بضم القاف والفاء مع المد وبكسرهما مع القصر كذا قاله الفراء وقال ابن قرقول يمد ويقصر ويقال بكسر القاف والفاء (وفسرها البخاري) والجوهري في الصحاح (بالاحتباء باليد) مكان الثوب زاد الجوهري ويلصق فخذه ببطنه وقال أبو المهدى هو أن يجلس على ركبتيه متكئا ويلصق بطنه بفخذيه ويعابط كفيه وهي جلسة الاعراب (وربما استلقى على قفاه الي آخره)
ما اتفق وان أكثر جلوسه الاحتباء كما سبق فدل ذلك على ان الاحتباء من أمثل الجلسات المختارة في الوحدة والجماعات ولهذا اختارها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عند حديثهم عنه كما ورد في صحيح البخاري ان ابن عباس أمر ابنه عليا ومولاه عكرمة ان يقصدا أبا سعيد الخدرى ليسمعا منه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاؤا وهو يعمل في حائط له فلما كلماه في ذلك ترك العمل واحتبي وجعل يحدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا وقد كره قوم الحبوة في مجالس الحديث والعلم وحال الأذان ومنهم الصوفية في حال السماع ولا أعلم له دليلا بالنقل ولا مقبحا من العقل نعم روى أبو داود ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحبوة في يوم الجمعة والامام يخطب ثم روى أبو داود بعده عن شداد ابن أوس قال شهدت مع معاوية ببيت المقدس فجمع بنا فنظرت فاذا جل من في المسجد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيتهم محتبيين والامام يخطب قال أبو داود وكان ابن عمر يحتبى والامام يخطب وأنس بن مالك وشريح وصعصعة بن صوحان وسعيد ابن المسيب وابراهيم النخعى ومكحول واسمعيل بن محمد بن سعيد ونعيم بن سلامة قال ولا بأس بها ولا يبلغنى ان أحدا كرهها إلا عبادة بن نسىء. قلت وعلى تقرير النهي فقد قال الخطابى في شرح السنن انما نهى عنه في ذلك الوقت لأنه يجلب النوم ويعرض الطهارة للانتقاض فنهى عن ذلك وأمر بالاستغفار وقد تبعه النووى على ذلك فقال لانه يجلب النوم فتفوت استماع الخطبة ويخاف انتقاض الوضوء ففسر النهى بذلك وقد تتبعت الكلام عليه فلم أجد للنهى فائدة سوى ذلك وهو اللائق الموافق فلم يكن صلى الله عليه وسلم يلازم ما يكره أو يقبح أو ما هو خلاف الاولى والأدب وكأن مدار من كرهها على الاستحسان العرفي الذى يختلف الامر فيه باختلاف البلدان والازمان ولا معول عليه فانه ربما استقبح أخرجه البخارى والنهى عن مثل ذلك محمول على ما اذا خيف انكشاف العورة (من أمثل) أى أفضل (الوحدة) بفتح الواو أشهر من كسرها وضمها (وحال الاذان) بالفتح والكسر (نعم روي أبو داود والترمذى) وأحمد والحاكم عن معاذ بن أنس (نهى عن الحبوة يوم الجمعة والامام يخطب) زعم جماعة منهم السيوطى أن ذلك منسوخ بل نسبه السيوطي الى الجمهور (شداد) بفتح المعجمة وتشديد المهملة وتكريرها (وشريح) باعجام الشين واهمال الحاء مصغر هو القاضي كاتب على (صعصعة) بتكرير المهملتين بوزن علقمة (ابن صوحان) بمهملتين الاولى مضمومة كما مر (ونعيم) بالنون والمهملة مصغر (ابن سلامة) بفتح المهملة واللام الخفيفة (عبادة) بضم المهملة وتخفيف الموحدة (ابن نسىء) بفتح النون وسكون المهملة ثم همزة منونة (وكان) بفتح الهمزة وتشديد النون
أهل زمن أو بلد شيئا وهو مستحسن عند غيرهم وقد يكون ما استحسنه الشارع صلى الله عليه وسلم وتكرر منه كما ورد انه صلى الله عليه وسلم كان يردف خلفه على الحمار رجلا في المدينة من غير سفر ولا مشقة ويركب الفرس عريا ولو فعل هذا في قطرنا آحاد الناس فضلا عن الاعيان لاستنكر منهم والمستقبح حقيقة هو ما استقبحه الشارع صلى الله عليه وسلم وليس بدعا ان يستنكر منهم الناس ما خالف عاداتهم فقد صح في صحيح مسلم عن طاووس قال قلنا لابن عباس انا لنراه جفاء بالرجل يعني الاقعاء في الجلوس بين السجدتين فقال بل هى سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم وقد فهمت مما تقدم كيف كان الحال وان لا دليل على الكراهة وأما الحديث المذكور في الاحتباء يوم الجمعة فقد سبق تأويل العلماء له وان النهى ليس لنفس الحبوة ولذلك لم يقولوا لانها جلسة تكبر وتجبر بل قالوا لانها جلسة وطيئة قد تجلب النوم فتفوت سماع الخطبة التي يتحتم سماعها على الحاضرين مع ان الحديث في نفسه ليس مما يقطع بصحته ويغلب على صحاح الاحاديث وقد جعله الترمذى في حيز الحسان. وقال بعض من قبح الحبوة وان كان قد ورد في الاحتبى أثر فانما هو دليل الجواز واذا تأملت ما تقدم صدر هذا الفصل وقولهم أكثر جلوسه محتبيا فهمت خلل هذا الكلام وقد كان صلى الله عليه وسلم يفعل الواجب والمندوب والمباح ولا يفعل المحرم ولا المكروه فان فعل شيئا مما كره تنزيها فانما يفعله مرة لبيان الجواز وطريقة الانصاف أن يقال استعمال الجلسات الواردات عنه صلى الله عليه وسلم لا يوصف منها شيء بكراهة الا ما دل عليه دليل ويغلب منها ما كان غالب أحواله صلى الله عليه وسلم وأقرب الجلسات الى التواضع جلسة الجائى (كان يردف خلفه على الحمار) كما في قصة أبي هريرة وقوله لا والذي بعثك بالحق لا صار عنك الثالثة (ويركب الفرس عريا) بل والحمار كما أخرجه الحاكم في المستدرك عن أنس (وليس بدعا) أي عجيبا (في صحيح مسلم) وفي صحيح البخارى أيضا (انا لنراه) بضم النون وفتحها (جفاء بالرجل) بفتح الراء وضم الجيم أى الانسان وضبطه ابن عبد البر بكسر الراء وسكون الجيم ولم يصوبه الجمهور (يعني الاقعاء) بكسر الهمزة وسكون القاف مع المد وهو نوعان أحدهما أن يلصق اليتيه بالارض وينصب ساقيه ويضع يديه على الارض كاقعاء الكلب وهذا النوع مكروه ورد فيه النهى في سنن الترمذى عن على وفي سنن ابن ماجه عن أنس وفي مسند أحمد عن سمرة وأبي هريرة والثاني أن يجعل أليتيه على عقبيه وهذا الثاني سنة (في الجلوس بين السجدتين) وان كان الافتراش أفضل لما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يفعله وقد نص على هذا الشافعي في البويطي والاملاء (وطيئة) بالهمز على وزن عظيمة (في حيز) بفتح المهملة وكسر