الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نحرت عنك وقع علىّ الآن لما رأت فى وجهه من نور النبوّة ورجت أن تحمل بهذا النبىّ الكريم صلى الله عليه وسلم فقال لها أنا مع أبى ولا أستطيع خلافه ولا فراقه وقيل أجابها بقوله* أما الحرام فالممات دونه* والحلّ لا حلّ فاستبينه* فكيف بالامر الذى تبغينه* يحمى الكريم عرضه ودينه* كما مرّ*
(ذكر حمل آمنة برسول الله صلى الله عليه وسلم
* فلما كانت الليلة التى أذن الله عز وجل للنور المحمدى أن يخرج من عبد الله الى آمنة اهتزت الملائكة فرحا وذلك ليلة الجمعة فى شعب أبى طالب عند الجمرة الوسطى كذا فى المنتقى* وفى سيرة اليعمرى حملت به آمنة فى أيام التشريق عند الجمرة الوسطى انتهى وفى المواهب اللدنية زعموا أنه وقع عليها يوم الاثنين أيام منى فى شعب أبى طالب عند الجمرة الوسطى قال أبو أحمد الحاكم كان سنه اذ ذاك ثلاثين سنة وكذا فى سيرة مغلطاى فحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر الله خازن الجنة أن يفتح أبواب الجنان تعظيما لنور محمد صلى الله عليه وسلم وهبط جبريل بلوائه الاخضر ونصبه على ظهر الكعبة* وفى المواهب اللدنية ولما حملت آمنة برسول الله صلى الله عليه وسلم ظهر لحمله عجائب ووجد لايجاده غرائب فذكروا أنه لما استقرّت نطفته الزكية ودرّته المحمدية فى صدفة آمنة القرشية نودى فى الملكوت ومعالم الجبروت أن عطروا جوامع القدس الاسنى وبخروا جهات الشرف الاعلى وافرشوا سجادات العبادات فى صفف الصفاء لصوفية الملائكة المقرّبين أهل الصدق والوفاء فقد انتقل النور المكنون الى بطن آمنة ذات العقل الباهر والفخر المصون قد خصها الله تعالى القريب المجيب بهذا الصدر المصطفى الحبيب لانها أفضل قومها حسبا وأنجب وأزكاهم أصلا وفرعا وأطيب* وقال سهل بن عبد الله التسترى فيما رواه الخطيب البغدادى الحافظ لما أراد الله خلق محمد صلى الله عليه وسلم فى بطن أمه آمنة ليلة رجب وكانت ليلة جمعة أمر الله تعالى تلك الليلة خازن الجنان أن يفتح الفردوس ونادى مناد فى السموات والارض ألا انّ النور المخزون الذى يكون منه النبىّ الهادى فى هذه الليلة يستقرّ فى بطن أمّه الذى فيه يتمّ خلقه ويخرج الى الناس بشيرا ونذيرا* وفى رواية كعب الاحبار أنه نودى تلك الليلة فى السماء وصفاحها والارض وبقاعها أن النور المكنون الذى منه رسول الله صلى الله عليه وسلم يستقرّ الليلة فى بطن أمه فيا طوبى لها ثم يا طوبى لها قوله طوبى الطيب والحسنى والخير والخيرة قاله فى القاموس* وقال غيره فرح وقرّة عين* وقال الضحاك عطية* وقال عكرمة نعم وفى الحديث طوبى لاهل الشام فان الملائكة باسطة أجنحتها عليها فالمراد بها هنا فعلى من الطيب وغيره مما ذكرنا لا الجنة ولا الشجرة ويحتمل أن يفسر بالجنة* فأصبحت يومئذ أصنام الدنيا منكوسة وكانت قريش فى جدب شديد وضيق عظيم فاخضرّت الارض وحملت الاشجار وأتاهم الرفد من كل جانب فسميت تلك السنة التى حمل فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم سنة الفتح والابتهاج وكان قد أذن الله تلك السنة لنساء الدنيا أن يحملن ذكورا كرامة لمحمد صلى الله عليه وسلم وأصبح عرش ابليس لعنه الله منكوسا والملك على رأسه يغطسه فى مضيق البحار أربعين صباحا فانقلب أسود محترقا* وأخرج أبو نعيم عن ابن عباس قال كان من دلالات حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ان كل دابة فى قريش نطقت تلك الليلة باذن الله عز اسمه وقالت حمل بمحمد* وفى رواية برسول الله صلى الله عليه وسلم ورب الكعبة وهو أمان الارض وسراجها* وفى المواهب اللدنية وهو أمان الدنيا وسراج أهلها ولم تبق كاهنة فى قريش ولا فى قبيلة من قبائل العرب الا علمت بحمله ولم يبق سرير لملك من ملوك الارض الا أصبح منكوسا ومرّت وحوش المشرق الى وحوش المغرب بالبشارات وكذلك أهل البحار يبشر بعضهم بعضا وله فى كل شهر من شهور حمله نداء فى الارض ونداء فى السماء أن ابشروا فقد آن أن
يظهر أبو القاسم صلى الله عليه وسلم ميمونا مباركا انتهى كلام المواهب اللدنية وكلت ألسنة الملوك حتى لم يقدروا فى ذلك اليوم على التكلم* وفى الصفوة روى عن يزيد بن عبد الله بن وهب بن زمعة عن عمته قالت كنا نسمع أن آمنة لما حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تقول ما شعرت أنى حملت ولا وجدت له ثقلا ولا وحما كما تحد النساء الا انى أنكرت رفع حيضتى وأتانى آت وأنا بين النوم واليقظة أو قالت بين النائمة واليقظانة فقال هل شعرت بأنك حملت فكأنى أقول ما أدرى قال انك حملت بسيد هذه الامة ونبيها كذا ذكر ابن اسحاق فى كتاب المغازى* وفى رواية بسيد الانام قالت وذلك يوم الاثنين فكان ذلك مما يقن أو حقق عندى الحمل تم أمهلنى حتى اذا دنا وقت ولادتى أتانى ذلك الآتى فقال قولى أعيذه بالصمد الواحد من شرّ كل حاسد وفى المواهب اللدنية بغير لفظ الصمد ثم سميه محمدا قالت فكنت أقول ذلك فذكرت ذلك لنسائى فقلن لى تعلقى حديدا فى عضديك وفى عنقك قالت ففعلت فلم ينزل علىّ أياما فأجده قد قطع فكنت لا أتعلقه وعن أبى جعفر محمد بن علىّ قال أمرت آمنة وهى حامل برسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسميه أحمد* وفى رواية عن ابن اسحاق سميه محمدا وعلقى عليه هذه التميمة قالت فانتبهت وعند رأسى صحيفة من ذهب مكتوب فيها هذه النسخة
أعيذه بالواحد من شرّ كل حاسد وكل خلق رائد من قائم وقاعد عن السبيل حائد
على الفساد جاهد من نافث أو عاقد وكل خلق مارد يأخذ بالمراصد فى طرق الموارد
قال الحافظ عبد الرحيم العراقى هكذا ذكر هذه الابيات بعض أهل السير وجعلها من حديث ابن عباس ولا أصل لها كذا فى المواهب اللدنية وفى رواية أبى نعيم من حديث ابن عباس قال كانت آمنة تحدّث وتقول أتانى آت حين مرّ من حملى ستة أشهر فى المنام وقال لى يا آمنة انك حملت بخير العالمين فاذا ولدتيه فسميه محمدا واكتمى شأنك فاذا وقع على الارض فقولى أعيذه بالواحد من شرّ كل حاسد فى كل برّ غامد وكل عبد رائد حتى أراه قد أتى المشاهد وان آية ذلك أن يخرج معه نور يتلألأ يملأ قصور بصرى من أرض الشام فاذا وقع فسميه محمدا وان اسمه فى التوراة والانجيل أحمد يحمده أهل السماء وأهل الارض واسمه فى القرآن محمد فسميه بذلك* وفى مورد اللطافة وسيرة مغلطاى ولما شاع قبل ولادته أن نبيا اسمه محمد هذا ابان ظهوره سمى جماعة زها خمسة عشر أبناءهم محمدا رجاء أن يكون هو منهم محمد بن سفيان بن مجاشع ومحمد بن احيحة بن الجلاح ومحمد بن حمران ومحمد بن مسلمة الانصارى وفيه نظر ومحمد بن براء البكرى ومحمد بن خزاعى السلمى ومحمد بن عدى ابن ربيعة بن سعد المنقرى ومحمد بن عثمان بن ربيعة السعدى وأظنهما واحدا ومحمد الاسدى ومحمد الفقيمى ومحمد بن عتوارة الليثى ومحمد بن حرمان العمرى ومحمد بن خولى الهمدانى ومحمد بن يزيد بن ربيعة ومحمد بن أسامة بن مالك فقالت أمه والله لقد رأيت فى النوم وهو فى بطنى أنه خرج منى نور أضاءت منه قصور الشام وقالت لقد علقت فما وجدت له مشقة حتى وضعته وفى المواهب اللدنية واختلف فى مدّة الحمل به فقيل تسعة أشهر وقيل عشرة وقيل ثمانية وقيل سبعة وقيل ستة* ومن وقائع مدّة حمله وفاة عبد الله أبى النبىّ صلى الله عليه وسلم* وفى اسد الغابة لابن الاثير توفى أبوه عبد الله وأمه حامل به وفى المواهب اللدنية ولما تم لها من حملها شهران وقيل قبل ولادته بشهرين كذا فى سيرة مغلطاى توفى عبد الله وقيل توفى وهو فى المهد قاله الدولابى وعن أبى خيثمة وهو ابن شهرين وقيل وهو ابن سبعة أشهر وقيل وهو ابن ثمانية وعشرين شهرا وكذا فى سيرة اليعمرى والراجح المشهور هو الاوّل انتهى ويؤيد كونه فى المهد الرجز المنقول عن عبد المطلب حين توفى قال لابى طالب
أوصيك يا عبد مناف بعدى
…
بموتم وهو ضجيع المهد
وذكر أهل السيران آمنة بنت وهب لم تحمل حملا ولا ولدت ولدا غيره وكذا أبوه عبد الله لم يبلغنا انه ولد له ولد غيره صلى الله عليه وسلم وفى الصفوة قال محمد بن كعب خرج عبد الله بن عبد المطلب الى الشام فى تجارة مع جماعة من قريش فلما رجعوا مرّوا بالمدينة وعبد الله كان مريضا فتخلف بالمدينة عند أخواله بنى عدى بن النجار فأقام عندهم مريضا شهرا ومضى أصحابه وقدموا مكة فأخبروا عبد المطلب فبعث اليه ولده الحارث أو الزبير على قول ابن الاثير فوجده قد توفى ودفن فى دار النابغة وهو رجل من بنى عدى* وفى المواهب اللدنية دفن بالابواء فرجع الحارث الى مكة فأخبر أباه فوجد عليه وجدا شديدا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ حمل وقيل بعثه عبد المطلب الى يثرب يمتار له تمرا منها فتوفى بها ولعبد الله يوم توفى خمس وعشرون سنة وقيل غير ذلك وقالت آمنة زوجته ترثيه
عفا جانب البطحاء من آل هاشم
…
وجاور لحدا خارجا فى الغماغم
دعته المنايا دعوة فأجابها
…
وما تركت فى الناس مثل ابن هاشم
عشية راحوا يحملون سريره
…
تعاوره أصحابه فى التزاحم
فان يك غالته المنايا وريبها
…
فقد كان معطاء كثير التراحم
ولما توفى عبد الله قالت الملائكة الهنا وسيدنا بقى نبيك يتيما فقال الله أناله حافظ ونصير* وفى بعض الكتب لما مات أبوه وصف فى السماء باليتيم وأعلى اليتم ما توفى الوالد والولد فى بطن الامّ فقالت الملائكة الهنا وسيدنا صار نبيك بلا أب فبقى من غير حافظ ومرب قال الله تعالى أنا وليه وحافظه وحاميه وربه وعونه ورازقه وكافيه فصلوا عليه وتبركوا باسمه وسيجىء وفاة أمّه فى الباب الاوّل من الركن الاوّل وترك عبد الله جارية يقال لها أم أيمن بركة الحبشية بنت ثعلب بن حصين بن مالك غلبت عليها كنيتها وكنيت باسم ابنها أيمن الحبشى ماتت فى خلافة عثمان وخمسة أجمال وقطيع غنم فورث ذلك النبىّ صلى الله عليه وسلم وكانت أمّ أيمن تحضنه* ومن حوادث مدّة حمله قصة أصحاب الفيل من بركة الحمل به وقرب أوان وضعه أهلك الله أصحاب الفيل وجعل كيدهم فى تضليل فيها دلالة ظاهرة على قدرة الله تعالى وعزة نبيه وشرف رسوله صلى الله عليه وسلم فانها من الارهاصات اذروى أنها وقعت فى السنة التى ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبحان من خصه بأعظم الفضائل وميزه عن خلقه بأكرم الخصائل وشرّفه ورفع قدره وكرمه وشرح صدره وجعل كل حال من أحواله آية باهرة وكل طور من أطواره معجزة ظاهرة صلوات الله تعالى وسلامه عليه وزاده فضلا وكرما وشرفا لديه* قال الامام فخر الدين الرازى مذهبنا أنه يجوز تقديم المعجزات على زمان البعثة تأسيسا وارهاصا ولذلك كانت الغمامة تظله عليه السلام يعنى قبل البعثة وخالفه السيد الشريف تبعا لغيره فاشترط فى المعجزة أن لا تتقدّم على الدعوى بل تكون مقارنة لها فما وقع من الخوارق قبل دعوى الرسالة فانها ليست بمعجزات انما هى كرامات ظهورها على الاولياء جائز والانبياء قبل نبوّتهم لا يقصرون عن درجة الاولياء فيجوز ظهورها عليهم أيضا وحينئذ تسمى ارهاصا أى تأسيسا للنبوّة صرّح به العلامة السيد الجرجانى فى شرح المواقف وغيره وهو مذهب جمهور أئمة الاصول وغيرهم (فان قلت) الحجاج خرب الكعبة ولم يحدث شىء مثل ما حدث لا برهة من البلاء (الجواب) أن ذلك وقع ارهاصا لامر نبينا صلى الله عليه وسلم والارهاص انما يحتاج اليه قبل قدومه عليه السلام فلما ظهر وتأكدت نبوّته بالدلائل القطعية لا حاجة الى شىء من ذلك والله أعلم كذا فى المواهب اللدنية روى انه لما كان المحرّم سنة ثلاث وثمانين وثمانمائة من تاريخ ذى القرنين وكان قد مضى من ملك كسرى أنوشروان اثنتان وأربعون سنة وكان النبىّ صلى الله عليه وسلم حملا فى بطن أمه حضر ابرهة