الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيأخذونه بعضديه فيقيمونه فاذا مشى رجموه وهم يضحكون وزيد بن حارثة يقيه بنفسه حتى لقد شج فى رأسه شجاجا وألجأوا النبىّ صلى الله عليه وسلم الى حائط لعتبة وشيبة ابنى ربيعة ورجع عنه من كان يتبعه من سفهاء ثقيف وعمد النبىّ صلى الله عليه وسلم الى ظل شجرة فجلس فيه محزونا وابنا ربيعة كانا فى الحائط ينظران اليه فلما رأيا ما لقيه من سفهاء ثقيف تحرّكت له رحمهما فدعوا غلاما لهما نصرانيا يقال له عداس فقالا له خذ قطفا من هذا العنب وضعه فى ذلك الطبق ثم اذهب به الى ذلك الرجل وقل له يأكل منه ففعل عداس ثم أقبل به حتى وضعه بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده قال بسم الله الرحمن الرحيم ثم أكل فنظر عداس الى وجهه ثم قال انّ هذا الكلام ما يقوله أهل هذا البلد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أى البلاد أنت وما دينك قال أنا نصرانى وأنا رجل من أهل نينوى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمن قرية الرجل الصالح يونس بن متى قال وما يدريك ما يونس بن متى قال ذلك أخى كان نبيا وأنا نبىّ فأكب عداس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل رأسه ويديه وقدميه وأسلم وينظر اليه ابنا ربيعة فيقول أحدهما للآخر أما غلامك فقد أفسده عليك فلما جاءهما عداس قالا له ويلك يا عداس مالك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه قال يا سيدى ما فى الارض خير من هذا الرجل لقد أخبرنى بأمر لا يعلمه الا نبى ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف حين يئس من خير ثقيف*
ذكر وفود الجنّ
ولما نزل نخلة وهو موضع على ليلة من مكة صرف اليه سبعة من جنّ نصيبين مدينة بالشام وقد قام فى جوف الليل يصلى وفى الصحيح انّ الذى آذنه صلى الله عليه وسلم بالجنّ ليلة الجنّ شجرة كذا فى المواهب اللدنية وأقام بنخلة أياما ثم دخل مكة فى جوار مطعم بن عدىّ* وفى أسد الغابة ولما عاد من الطائف أرسل الى مطعم بن عدىّ يطلب منه أن يجيره فأجاره فدخل المسجد معه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكرها له وكان دخوله من الطائف لثلاث وعشرين ليلة خلت من ذى القعدة* وفى هذه السنة جاءت وفود الجنّ الى رسول الله صلى الله عليه وسلم* فى حياة الحيوان لما بلغ عمره خمسين سنة وفى سيرة اليعمرى خمسين سنة وثلاثة أشهر قدم عليه جنّ نصيبين فأسلموا* وفى الاستيعاب كان رجوعه من الطائف الى مكة سنة احدى وخمسين من الفيل وفيها قدم عليه جنّ نصيبين بعد ثلاثة أشهر* وعن ابن عباس قال انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فى طائفة من أصحابه عامدين سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب فرجعت الشياطين الى قومهم فقالوا ما لكم قالوا حيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب قالوا ما حال بينكم وبين خبر السماء الا شىء حدث فاضربوا مشارق الارض ومغاربها فانظروا ما هذا الذى حال بينكم وبين خبر السماء فنهض سبعة نفر من أشراف جنّ نصيبين أو نينوى منهم زوبعة أمير الجنّ فضربوا حتى بلغوا تهامة ثم اندفعوا الى وادى نخلة فوافوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى بأصحابه صلاة الفجر* وفى المدارك وهو قائم فى جوف الليل يصلى أو فى صلاة الفجر* وفى أنوار التنزيل روى أنهم وافوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادى نخلة وهو موضع على ليلة من مكة عند منصرفه من الطائف يقرأ فى تهجده انتهى* فلما سمعوا القرآن استمعوا له وهو يقرأ سورة الجنّ كذا فى سيرة مغلطاى فأولئك حين رجعوا الى قومهم قالوا انا سمعنا قرآنا عجبا يهدى الى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا وأنزل الله على نبيه قل أوحى الىّ أنه استمع نفر من الجنّ كذا فى الصحيحين* وفى المواهب اللدنية قال الحافظ ابن كثير هذا صحيح لكن قوله انّ الجنّ كان استماعهم تلك الليلة فيه نظر فانّ الجنّ كان استماعهم فى ابتداء الايحاء* وفى أنوار التنزيل فى سورة الاحقاف فى قوله تعالى قالوا يا قومنا انا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى قيل انما قالوا ذلك
لانهم كانوا يهودا وما سمعوا بأمر عيسى وعن عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول انّ الملائكة تنزل فى العنان وهو السحاب فتذكر الامر قضى فى السماء فتسترق الشياطين السمع فتوحيه الى الكفار فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم رواه البخارى* وعن ابن عباس قال كان الجنّ يستمعون الوحى فيسمعون الكلمة فيزيدون فيها عشرا فيكون ما سمعوه حقا ومازادوه باطلا كذا قاله أحمد وكانت النجوم لا يرمى بها قبل ذلك فلما بعث النبىّ صلى الله عليه وسلم كان أحدهم لا يقعد مقعدا الارمى بشهاب يحرق ما أصاب فشكوا ذلك الى ابليس فقال ما هذا الامن أمر حدث فبعث جنوده فاذاهم بالنبىّ صلى الله عليه وسلم يصلى بين جبلى نخلة فأتوه فأخبروه فقال ما هذا الحدث الذى حدث فى الارض كذا فى الصفوة* وفى معالم التنزيل روى أنهم لما رجموا بالشهب بعث ابليس سراياه ليعرف الخبر فكان أوّل بعث بعث ركب من أهل نصيبين وهم أشراف الجنّ وسادتهم وبعث الى تهامة يقال انهم كانوا من بنى الشيصبان وهم أكثر الجنّ عددا وهم عامّة جنود ابليس فلما رجعوا قالوا انا سمعنا قرآنا عجبا* واختلفوا فى عدد أولئك النفر فقال ابن عباس كانوا سبعة من جنّ نصيبين فجعلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم رسلا الى قومهم* وفى العمدة ثلاثة من أهل نجران وأربعة من أهل نصيبين وقال قوم كانوا تسعة وكان زوبعة من التسعة الذين استمعوا القرآن وفى العمدة أيضا وهم تسعة من جنّ نصيبين استمعوا القرآن وأجابوا دعوة النبىّ صلى الله عليه وسلم وأسماؤهم حسا وبسا وشاصرا وناصرا وأزد وأنين وأحتب وصخب وزوبعة* وفى الصفوة وهذا الحديث أى حديث رجم الشياطين بالشهب يدل على انّ النجوم ولم يرم بها الا لمبعث نبينا صلى الله عليه وسلم وقد روى الزهرى أنه كان يرمى بها قبل ذلك ولكنها غلظت حين بعث النبىّ صلى الله عليه وسلم وقد مرّ مثله فى هذا الركن الثانى فى مبعثه صلى الله عليه وسلم* وفى المدارك عن سعيد ابن جبير ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجنّ ولا رآهم وانما كان يتلو فى صلاته فمرّوا به فوقفوا مستمعين وهو لا يشعر فأنبأه الله باستماعهم وقيل بل أمر الله رسوله أن ينذرهم ويقرأ عليهم فصرف اليه نفرا منهم وقال انى أمرت أن أقرأ على الجنّ وكان ذلك بمكة بشعب الحجون الى آخر الحديث المروى عن عبد الله بن مسعود كما سيجىء الآن* وفى المنتقى قال العلماء انّ الجنّ أتوا النبىّ صلى الله عليه وسلم مرّتين احداهما بنخلة كما مرّ آنفا والثانية بمكة وهى ما روى انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن ينذر الجنّ ويدعوهم الى الله ويقرأ عليهم القرآن فصرف الله اليه نفرا من الجنّ من نينوى وجمعوهم له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انى أمرت أن أقرأ على الجنّ الليلة فأيكم يتبعنى قالها ثلاثا فالصحابة أطرقوا فاتبعه عبد الله بن مسعود وقال عبد الله ولم يحضر معنا أحد فانطلقنا حتى اذا كنا بأعلا مكة دخل النبىّ صلى الله عليه وسلم شعبا يقال له شعب الحجون وخط لى خطا وقال لى لا تخرج عنه حتى أعود اليك ثم انطلق حتى قام فافتتح القرآن فجعلت أرى مثل النسور تهوى وسمعت لغطا شديدا حتى خفت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وغشيته أسودة كثيرة حالت بينى وبينه حتى ما أسمع صوته ثم طفقوا يتقطعون كقطع السحاب ذاهبين ففرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الفجر ثم انطلق الىّ وقال أنمت قلت لا يا رسول الله ولقد هممت مرارا أن أستغيث بالناس حين سمعتك تقرع بعصاك تقول اجلسوا قال ولو خرجت لم آمن عليك أن يختطفك بعضهم ثم قال هل رأيت شيئا قلت نعم رأيت رجالا سودا مستثفرى ثياب بيض فقال أولئك جنّ نصيبين* وفى المدارك كانوا اثنى عشر ألفا والسورة التى قرأها عليهم اقرأ باسم ربك انتهى قال صلى الله عليه وسلم سألونى المتاع والمتاع الزاد فمتعتهم بكل عظم حائل وورثة وبعرة فقالوا يا رسول الله يقذرها الناس فنهى صلّى الله عليه