الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النصب انك جدّه يا عبد المطلب من غير كذب* قال فخرّ عبد المطلب ساجدا لاجل هذا الخبر فقال له ابن ذى يزن ارفع رأسك ثلج صدرك وعلا كعبك فهل أحسست بشىء مما ذكرت لك قال نعم أيها الملك كان لى ابن وكنت به معجيا وعليه رفيقا وبه شفيقا وانى زوّجته كريمة من كرائم قومى آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة فجاءت بغلام سميته محمدا مات أبوه وامّه وكفلته أنا وعمه فقال له الملك ان هذا الغلام هو الذى قلت لك عليه فاحفظ ابنك واحذر عليه من اليهود فانهم له أعداء ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا واطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذين معك فانى لست آمن أن تدخلهم النفاسة فى أن تكون لك الرياسة فينصبون لك الحبائل ويبتغون لك الغوائل وهم فاعلون ذلك أو أبناؤهم من غير شك ولو انى أعلم ان الموت غير مجتاحى قبل مبعثه لسرت اليه بخيلى ورجلى حتى أجعل يثرب دار ملكى فانى أجد فى الكتاب الناطق والعلم السابق أن يثرب دار استحكام أمره وأهل نصرته وموضع قبره ولولا انى أقيه الآفات وأحذر عليه العاهات لا علنت على حداثة سنه أمره ولا وطأت أسنان العرب كعبه ولكنى صارف ذلك اليك بمن معك ثم دعا بالقوم وأمر لكل واحد بعشرة أعبد سود وعشرا ماء سود وحلتين من حلل البرود وخمسة أرطال ذهب وعشرة أرطال فضة وكرش مملوء عنبرا ومائة من الابل وأمر لعبد المطلب بعشرة أضعاف ذلك وقال اذا كان الحول فانبئنى بما يكون منه فمات سيف بن ذى يزن قبل ان يحول عليه الحول قال عبد الله اسناد هذا متصل مشهور من حديث اولاد سيف بحمص وعقبهم بها*
(ذكر سليمان وبلقيس ملكة اليمن وسنبأ ونبذ من أخبارهما)
* روى أنه كان لداود عليه السلام تسعة عشر ابنا وأوتى سليمان عليه السلام النبوّة والحكم والعلم دون سائر أولاده* ومن معجزاته انه علم منطق الطير وكان يفهم عنها كما يفهم بعضها عن بعض* وفى أنوار التنزيل النطق والمنطق فى المتعارف كل لفظ يعبر به عما فى الضمير مفردا كان أو مركبا وقد يطلق لكل ما يصوت به على التسبب أو التصوّت كقولهم نطقت الحمامة ومنه الناطق والصامت للحيوان والجماد فان الاصوات الحيوانية من حيث انها تابعة للتخيلات منزلة منزلة العبارات سيما وفيها ما يتفاوت باختلاف الاغراض بحيث يفهمها ما من جنسه ولعل سليمان عليه السلام مهما سمع صوت حيوان علم بقوّته القدسية التخيل الذى صوّته والغرض الذى توخاه به* ومن ذلك ما روى انه صاحت فاختة فأخبر أنها تقول ليت الخلق لم يخلقوا ومر ببلبل يصوّت ويترقص فقال يقول اذا أنا اكلت نصف تمرة فعلى الدنيا العفا* وفى انوار التنزيل فلعله كان صياح الفاختة من مقاساة شدّة وتألم قلب وصوت البلبل عن شبع وفراغ بال وصاح طاوس فقال يقول كما تدين تدان وصاح هدهد فقال انه يقول من لا يرحم لا يرحم وصاح صرد فقال يقول استغفروا الله يا مذنبين وصاح خطاف فقال يقول قدّموا خيرا تجدوه وصاحت رخمة فقال تقول سبحان ربى الاعلى ملأ سمائه وارضه وصاح ورشان فقال يقول لدوا للموت وابنوا للخراب وصاح قمرى فأخبر انه يقول سبحان ربى الاعلى الوهاب وقال ان الحدأة تقول كل شىء هالك الا وجهه والقطاة تقول من سكت سلم والديك يقول اذكروا الله يا غافلين والنسر يقول يا ابن آدم عش ما شئت آخرك للموت والعقاب يقول فى البعد من الناس انس والضفدع يقول سبحا ربى القدّوس* روى ان معسكر سليمان عليه السلام كان مائة فرسخ فى مائة فرسخ خمسة وعشرون للجنّ وخمسة وعشرون للانس وخمسة وعشرون للطير وخمسة وعشرون للوحوش وكان له بيت من قوارير مرتفع على الخشب فيه ثلثمائة منكوحة وسبعمائة سرية وقد نسجت له الجنّ بساطا من ذهب وابريسم فرسخ فى فرسخ وكان يوضع منبر فى وسطه وكراسى من ذهب وفضة فيقعد الانبياء على كراسى الذهب والعلماء على كراسى الفضة وحولهم الناس والجنّ والشياطين وتظلله الطير بأجنحتها حتى لا تقع عليه الشمس وترفع ريح الصبا البساط
فتسير به مسيرة شهر بالغداة ومسيرة شهر بالعشىّ قال الله تعالى غدوّها شهر ورواحها شهر أى جريها بالغداة مسيرة شهر وجريها بالعشىّ كذلك فكان يغدو من دمشق فيقيل باصطخر فارس وبينهما مسيرة شهر للراكب المسرع ويروح من اصطخر فيبيت بكابل وبينهما مسيرة شهر للراكب المسرع وقيل كان يتغدّى بالرى ويتعشى بسمرقند كذا فى المدارك ويروى أنه كان يأمر الريح العاصف تحمله ويأمر الرخاء تسيره فأوحى الله اليه وهو يسير بين السماء والارض انى قد زدت فى ملكك لا يتكلم أحد بشىء الا ألقته الريح فى سمعك وكانت الريح تحمله من مسافة ثلاثة اميال فيحكى أنه مرّ بحرّاث فقال لقد اوتى آل داود ملكا عظيما فألقته الريح فى اذنه فنزل ومشى الى الحراث وقال انما مشيت اليك لئلا تتمنى ما لا تقدر عليه ثم قال لتسبيحة واحدة يقبلها الله خير مما أوتى آل داود* وفى معالم التنزيل روى عن وهب بن منبه وعن كعب الاحبار قالا كان سليمان اذا ركب حمل أهله وخدمه وحشمه وقد اتخذ مطابخ ومخابز تحمل فيها تنانير الحديد وقدور عظام يسع كل قدر عشر جزائر وقد اتخذ ميادين الدواب أمامه فيطبخ الطباخون ويخبز الخبازون وتجرى الدواب بين يديه بين السماء والارض والريح تهوى بهم* وفى المدارك وكانت الريح تحمل سليمان وجنوده على بساط بين السماء والارض فسار من اصطخر الى اليمن فسلك مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم فقال هذه دار هجرة نبى يخرج فى آخر الزمان طوبى لمن آمن به وطوبى لمن اتبعه ثم مضى سليمان حتى مرّ بوادى السرير وهو واد من الطائف فأتى على وادى النمل هكذا قال كعب قال انه واد بالطائف* وقال قتادة ومقاتل هو أرض بالشام وقيل واد كان تسكنه الجنّ وأولئك النمل مراكبهم* وقال أيوب الحموى كان نمل ذلك الوادى كأمثال الذئاب وقيل كالبخاتى والمشهور أنه النمل الصغير* وقال الشعبى كانت تلك النملة ذات جناحين وقيل كانت نملة عرجاء اسمها طاخية قاله الضحاك أو منذرة قاله فى المدارك* وقال مقاتل اسمها خرما ويقال شاهدة عن قتادة أنه دخل الكوفة فالتفت عليه الناس فقال سلوا ما شئتم فسأله أبو حنيفة وهو شاب عن نملة سليمان أكانت ذكرا أم انثى فأفحم فقال أبو حنيفة كانت انثى فقيل له بم عرفت قال بقوله تعالى قالت نملة ولو كانت ذكرا لقال قال نملة وذلك ان النملة مثل الحمامة فى وقوعها على الذكر والانثى فيميز بينهما بعلامة نحو قولهم حمامة ذكر وحمامة انثى أو هو أوهى فقالت النملة يأيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم أى لا يكسرنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون فألقت الريح قولها فى سمع سليمان من ثلاثة أميال فتبسم متعجبا من حذرها واهتدائها لمصالحها ونصيحتها للنمل روى ان النملة أحست بصوت الجنود ولا تعلم أنهم فى الهواء فأمر سليمان الريح فوقفت لئلا يذعر حتى دخلن مساكنهنّ روى أن سليمان لما أتى اليها قال لها حذرت أيها النملة ظلمى أما علمت أنى نبى عادل حيث قلت لا يحطمنكم سليمان وجنوده فقالت أما سمعت قولى وهم لا يشعرون مع انى لم أرد حطم النفوس وانما أردت حطم القلوب حيث يتمنين ما أعطيت فيشتغلن بالنظر اليك عن التسبيح فقال لها عظينى قالت هل علمت لم سمى أبوك داود قال لا قالت لانه داوى جرحه فزاد وهل تدرى لم سميت سليمان قال لا قالت لانك سليم الصدر وكنت بسلامة صدرك وآن لك أن تلحق بأبيك داود وهل تدرى لم سخر الله لك الريح قال لا قالت أخبرك الله ان الدنيا كلها ريح وهل تدرى لم جعل ملكك فى فص الخاتم قال لا قالت أعلمك الله ان الدنيا لا تساوى بقطعة حجر ثم قال لها سليمان يا نملة جندى أكثر أم جندك قالت جندى قال سليمان أرينى جندك فنادت جنسا واحدا من جندها فخرجوا سبعين يوما حتى امتلأت البرارى والجبال والاودية قال هل بقى من جندك شىء قالت يا سليمان ما خرج بعد جنس واحد وان لى مثل هذا سبعين جنسا* وفى معالم التنزيل ذكر العلماء ان سليمان لما فرغ