الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاجملة واحدة بعد أن كمل الله نزوله عليه وكان داود ألطف الناس محاورة وأحسنهم شمائل وكان نحيف البدن قصير القامة ذا قوّة شديدة كثير الاطلاع على العلوم المستعملة فى زمانه
مطلب نفيس فى نغمات داود
* وفى العرائس قال وهب وكعب كان داود عليه السلام أحمر الوجه دقيق الساقين سبط الرأس قليل الشعر أبيض الجسم طويل اللحية فيها جعودة حسن الصوت وكان اذا تلا الزبور وقفت الحيوانات حوله من الوحوش والطيور وكان يهلك الناس فى مجلسه من صوته الحسن ونغمته اللذيذة والترجيع والالحان ولم يعط أحد من خلق الله مثل صوته وكان يقرأ الزبور تسعين لحنا لحنة منها يفيق المجنون والمغمى عليه وما صنعت المزامير والعيدان والبرابط وسائر أنواع الاوتار والملاهى الاعلى نغماته وأجناس صوته بتعليم ابليس وعفاريته انتهى كلام العرائس* وفى كتاب طهارة القلوب للشيخ العارف عبد العزيز الديرينى يروى أن داود عليه السلام كان اذا أراد أن ينوح على ذنبه مكث سبعة أيام بلياليها لا يأكل ولا يشرب ولا يقرب النساء ثم يخرج له منبرا الى البرية ثم يأمر سليمان عليه السلام أن ينادى بصوت عال من أراد أن يسمع نوح داود فليأت فتأتى الوحوش من البرارى والآكام وتأتى الهوام من الجبال والطير من الاوكار وتخرج العذارى من خدورهنّ وتجتمع الخلائق لذلك اليوم فيأتى داود فيرقى على المنبر فيحيط به بنو اسرائيل على طبقاتهم وكل صنف من الخلق على حدته وسليمان عليه السلام واقف على قدميه عنده فيأخذ داود فى الثناء على الله تعالى فيضجون بالبكاء والصراخ ثم يأخذ فى ذكر الجنة والنار فيموت خلق كثير من الناس والوحوش والطيور والهوام ثم يأخذ فى أهوال القيامة وينوح على نفسه فيموت من كل صنف طائفة عظيمة فاذا رأى سليمان كثرة الموتى قال يا أبتاه مزقت المستمعين كل ممزق وماتت طائفة من بنى اسرائيل ومن الوحوش والطير والهوام ثم يأخذ فى الدعاء حتى يقع مغشيا عليه فيحمل الى منزله وتكثر الجنائز فى الناس فيقال هذا قتيل ذكر الله تعالى وهذا قتيل خوف الله وهذا قتيل ذكر الجنة وهذا قتيل ذكر النار ثم يدخل داود بيت عبادته ويغلق بابه ويقول يا اله داود أغضبان أنت على داود ولا يزال يناجى ربه حتى يأتى سليمان فيستأذن ويدخل ويقدّم اليه قرصا من شعير ويقول يا أبت تقوّ بهذا على ما تريد فيأكل منه ما شاء الله تعالى ثم يخرج الى بنى اسرائيل وقال يزيد الرقاشى خرج داود مرّة ينوح على نفسه ومعه أربعون ألفا فمات منهم ثلاثون ألفا فما رجع منهم الا عشرة آلاف وكان اذا جاءه الخوف سقط واضطرب حتى يقعد انسان على رجليه وآخر على صدره لئلا تتفرّق أعضاؤه ومفاصله* وفى الانسان الكامل أنزل الله الانجيل على عيسى باللغة السريانية وقرئ على سبعة عشر لغة وأوّل الانجيل
دقبقة فى الاب والام والابن
* باسم الاب والامّ والابن* كما أن أوّل القرآن* بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* وأخذ هذا الكلام قومه على ظاهره فظنوا أن الاب والامّ والابن عبارة عن الروح ومريم وعيسى فحينئذ قالوا ثالث ثلاثة ولم يعلموا أن المراد بالاب هو اسم الله وبالامّ كنه الذات المعبر عنها بماهية الحقائق وبالابن الكتاب وهو الوجود المطلق لانه فرع ونتيجة عن ماهية الكنه واليه أشار فى قوله تعالى وعنده امّ الكتاب* وفى أنوار التنزيل ان السبب فى وقوع النصارى فى هذه الضلالة أن أرباب الشرائع المتقدّمة كانوا يطلقون الاب على الله باعتبار أنه السبب الاوّل حتى قالوا ان الاب هو الرب الاصغر والله سبحانه هو الرب الاكبر ثم ظنت الجهلة منهم أن المراد به الولادة فاعتقدوا ذلك تقليدا ولذلك كفر قائله ومنع مطلقا حسما لمادّة الفساد* وعن وهب بن منبه قال ان صحف ابراهيم عليه السلام أنزلت فى أوّل ليلة من شهر رمضان وأنزلت التوراة على موسى عليه الصلاة والسلام لست ليال خلون من شهر رمضان بعد صحف ابراهيم بسبعمائة عام وأنزل الزبور على داود عليه الصلاة والسلام لا ثنتى عشرة ليلة خلت من شهر رمضان بعد التوراة بخمسمائة عام وأنزل الانجيل على عيسى عليه الصلاة
والسلام لثلاث عشر على ما فى الكشاف وقيل لثمان عشرة ليلة خلت من شهر رمضان بعد الزبور بألف عام ومائتى عام وأنزل الفرقان على محمد صلى الله عليه وسلم لاربع وعشرين أو سبع وعشرين ليلة خلت من شهر رمضان بعد الانجيل بستمائة عام وعشرين عاما واختلف فى كيفية انزاله على ثلاثة أقوال أحدها أنه نزل جملة واحدة فى ليلة القدر من اللوح المحفوظ الى السماء الدنيا وأملاه جبريل على السفرة ثم كان ينزل بعد ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم نجوما فى عشرين سنة أو فى ثلاث وعشرين سنة أو خمس وعشرين سنة على حسب الاختلاف فى مدّة اقامته صلى الله عليه وسلم بمكة بعد النبوّة فقيل عشر وقيل ثلاثة عشر وقيل خمسة عشر ولم يختلف فى مدّة اقامته بالمدينة انها عشر واختلفوا فى وقت ليلة القدر فأكثرهم على انها فى شهر رمضان فى العشر الاواخر فى أوتارها وأكثر الاقوال انها السابعة منها كذا فى الكشاف وهذا أى القول الاوّل أشهر وأصح واليه ذهب الاكثرون ويؤيده ما رواه الحاكم فى مستدركه عن ابن عباس قال أنزل القرآن جملة واحدة الى السماء الدنيا فى ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك فى عشرين سنة قال الحاكم صح على شرط الشيخين* وأخرج النسائى فى تفسيره من جهة حسان بن أبى الاشرس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال فصل القرآن من الذكر أى أمّ الكتاب وهو اللوح الى بيت العزة فى السماء الدنيا جملة واحدة واسناده صحيح وحسان بن أبى الاشرس وثقه النسائى وغيره* والقول الثانى انه نزل الى السماء الدنيا فى عشرين ليلة قدر من عشرين سنة وقيل فى ثلاث وعشرين ليلة قدر من ثلاث وعشرين سنة وقيل فى خمس وعشرين ليلة قدر من خمس وعشرين سنة نزل فى كل ليلة قدر انزاله فى كل سنة ثم ينزل بعد ذلك منجما فى جميع السنة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا معنى قول بعض العلماء كان ينزل من القرآن فى كل ليلة قدر من السنة الى السنة ما يكفيه الى مثلها من القابل وكان جبريل ينزل فى ليلة القدر من السماء السابعة الى بيت العزة فى السماء الدنيا ثم ينزل عليه من السماء الدنيا بحسب المصالح والوقائع الى ليلة القدر من قابل واذا كان ليلة القدر من قابل أنزل عليه مثل ما أنزل فى ليلة القدر التى قبلها وبهذا أى بالقول الثانى قال مقاتل والامام أبو عبد الله الحليمى فى المنهاج والماوردى فى تفسيره* والقول الثالث أنه ابتدئ انزاله فى ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك منجما فى أوقات مختلفة من سائر الاوقات وبهذا أى بالقول الثالث قال الشعبى وغيره* واعلم أنه اتفق أهل السنة على أن كلام الله منزل واختلفوا فى معنى الانزال فقيل معناه اظهار القرآن وقيل ان الله أفهم كلامه جبريل وهو فى السماء وهو عال من المكان وعلمه قراءته ثم جبريل أدّاه فى الارض وهو يهبط فى المكان وذكر النيسابورى فى تفسيره كلم الله جبريل بالقرآن فى ليلة واحدة وهى ليلة القدر فسمعه جبريل وحفظه بقلبه وجاء به الى السماء الدنيا الى الكتبة فكتبوه ثم نزل على محمد صلى الله عليه وسلم بالنجوم أى الاوقات قال الزركشى فى البرهان فى التنزيل طريقان أحدهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انخلع من صورة البشرية الى صورة الملكية وأخذه من جبريل والثانى أن الملك انخلع الى البشرية حتى يأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم منه والاوّل أصعب الحالين ونقل بعضهم عن السمرقندى حكاية ثلاثة أقوال فى أن المنزل على النبى صلى الله عليه وسلم ما هو أحدها أنه اللفظ والمعنى وان جبريل حفظ القرآن من اللوح المحفوظ ونزل به وذكر بعضهم أن احرف القرآن فى اللوح المحفوظ كل حرف منها بقدر جبل قاف وان تحت كل حرف معان لا يحيط بها الا الله وهذا معنى قول الغزالى ان هذه الاحرف سترة لمعانيه والثانى أنه انما نزل جبريل عليه الصلاة والسلام بالمعانى خاصة وأنه صلى الله عليه وسلم علم تلك المعانى وعبر عنها بلغة العرب وانما تمسكوا بقوله تعالى نزل به الروح الامين على قلبك والقول
الثالث أن جبريل عليه السلام انما ألقى عليه المعنى وانه عبر بهذه الالفاظ