الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موته ثلاثا لا يحوم حوله أحد حتى أنتن وبعد ذلك استأجروا حمالين سود حتى أخرجوه من مكة وألقوه فى مكان وقاموا يرمونه بالحجارة حتى ملؤه كذا فى المنتقى* ويروى انّ عائشة كانت اذا مرّت بموضعه ذلك غطت وجهها وخرج البخارى فى صحيحه انّ أبا لهب رآه بعض أهله فى المنام بشرخيبة أى حالة فقال ما لقيت بعدكم راحة غير انى سقيت فى مثل هذه وأشار الى النقرة بين السبابة والابهام بعتقى ثويبة وقد مرّ فى الركن الاوّل فى ارضاع ثويبة*
فائدة
روى عن الفقيه اسماعيل الحضرمى أنه لما حج الى مكة سأل الشيخ محب الدين الطبرى عن القبرين اللذين يرجمان فى أسفل مكة عند جبل البكاء فأجاب الشيخ محب الدين بأن القبرين المرجومين قصتهما أنه أصبح البيت يوما فى دولة بنى العباس ملطخا بالعذرة فرصدوا الفاعل لذلك فمسكوهما بعد أيام فبعث أمير مكة الى أمير المؤمنين فى شأنهما فأمر بصلبهما فصلبا فى هذا الموضع فصارا يرجمان الى الآن كذا فى البحر العميق فما هو المشهور عند أهل مكة من أنهم يقولون انه قبر أبى لهب ليس له أصل* قال ابن اسحاق ناحت قريش على قتلاهم شهرا ثم قالوا لا تفعلوا فيبلغ محمدا وأصحابه فيشمتوا بكم ولا تبعثوا فى أسراكم حتى تستأنوا بهم لا يتأرب عليكم محمد وأصحابه فى الفداء قال وكان الاسود بن المطلب قد أصيب له ثلاثة من ولده زمعة وعقيل ابناه والحارث بن زمعة وهو ابن ابنه وكان يحب أن يبكى عليهم فسمع نائحة من الليل فقال لغلام له وقد ذهب بصره انظر هل أحل النحب وهل بكت قريش على قتلاها لعلى أبكى على أبى حكيمة يعنى زمعة فان جوفى قد احترق فلما رجع اليه الغلام قال انما هى امرأة تبكى على بعير لها أضلته قال فذاك حين يقول الاسود
أتبكى أن يضل لها بعير
…
ويمنعها من النوم السهود
فلا تبكى على بكر ولكن
…
على بدر تقاصرت الجدود
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على الاسود بن المطلب هذا بأن يعمى الله بصره ويثكله ولده فاستجيب له وفق دعائه سيق العمى الى بصره أوّلا ثم أصيب يوم بدر بمن سمى آنفا من ولده فتمت اجابة الله سبحانه رسوله فيه وكان فى الاسارى أبو وداعة بن صبيرة السهمى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان له بمكة ابنا كيسا تاجرا ذا مال فكأنكم به قد جاء فى طلب فداء أبيه فلما قالت قريش لا تعجلوا بفداء أسراكم لا يتأرب عليكم محمد وأصحابه قال المطلب بن ابى وداعة وهو الذى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عنى صدقتم لا تعجلوا وانسل من الليل فقدم المدينة فأخذ أباه بأربعة آلاف درهم ثم بعثت قريش فى فداء الاسارى فقدم مكرز بن حفص بن الاحنف فى فداء سهيل بن عمرو وكان الذى أسره مالك بن الدخشم أخو بنى سالم بن عوف فلما قاولهم فيه مكرز فانتهى الى رضاهم قالوا هات الذى لنا قال اجعلوا رجلى مكان رجله وخلوا سبيله حتى يبعث اليكم بفدائه فخلوا سبيل سهيل وحبسوا مكرز امكانه عندهم وكان سهيل قد قام فى قريش خطيبا عند ما استنفرهم أبو سفيان فقال يا آل غالب أتاركون أنتم محمدا والصبأة من أهل يثرب يأخذون عيرانكم وأموالكم من أراد مالا فهذا مالى ومن أراد قوّة فهذه قوّة فيروى أن عمر بن الخطاب قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسر سهيل يوم بدر يا رسول الله انزع ثنيتى سهيل بن عمرو يدلع لسانه فلا يقوم عليك خطيبا فى موطن أبدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أمثل به فيمثل الله بى وان كنت نبيا وانه عسى أن يقوم مقاما لا نذمه فصدق الله رسوله وكان لسهيل بعد وفاته عليه السلام فى تثبيت أهل مكة على الايمان مقام وكان عمرو بن أبى سفيان بن حرب أسيرا فى يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسارى بدر قال ابن هشام أسره على بن أبى طالب فقيل لابى سفيان بن حرب افد عمرا ابنك فقال أيجمع على
دمى ومالى قتلوا حنظلة وأفدى عمروا دعوه فى أيديهم يمسكونه ما بدا لهم فبينا هو كذلك محبوس فى المدينة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ خرج سعد بن النعمان بن أكال أخو بنى عمرو بن عوف معتمرا ومعه مرية له وكان شيخا مسلما فى غنم له بالبقيع فخرج من هناك معتمرا ولا يخشى الذى صنع به لم يظنّ أنه يحبس بمكة انما جاء معتمرا وقد كان فى عهد قريش لا يتعرّضون لاحد جاء حاجا أو معتمرا الا بخير فعدا عليه أبو سفيان بن حرب بمكة فحبسه بابنه عمرو ومشى بنو عمرو بن عوف الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه خبره وسألوه أن يعطيهم عمرو بن أبى سفيان فيفكوا به صاحبهم ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعثوا به الى أبى سفيان فخلى سبيل سعد وكان فى الاسارى العباس ابن عبد المطلب أسره أبو اليسر كعب بن عمرو الانصارى وكان رجلا صغير الجثة وكان العباس رجلا عظيما جسيما قويا فقال النبىّ صلى الله عليه وسلم لابى اليسر كيف أسرته قال أعاننى عليه رجل ما رأيته قبل ذلك ولا بعده فقال لقد أعانك عليه ملك كريم* وفى الصفوة لما كانت أسارى بدر كان فيهم العباس فسهر النبىّ صلى الله عليه وسلم ليلته فقال له بعض أصحابه ما يسهرك يا نبىّ الله قال أنين العباس فقام رجل من المقوم فأرخى من وثاقه فقال رسول الله ما بالى ما أسمع أنين العباس فقال رجل من القوم انى أرخيت من وثاقه شيئا قال فافعل ذلك بالاسارى كلهم* فقال النبىّ صلى الله عليه وسلم للعباس افد نفسك وابنى أخيك عقيل بن أبى طالب ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب وحليفك عتبة بن جحدم فانك ذو مال قال انى كنت مسلما ولكن القوم استكرهونى قال الله أعلم باسلامك ان يك ما ذكرت حقا فالله يجزيك فأما ظاهر أمرك فقد كان علينا وكان العباس أحد العشرة الذين ضمنوا اطعام أهل بدر ونحر كل منهم يوم نوبته عشرة من الابل وكان حمل معه عشر بن أوقية من الذهب ليطعم بها الناس وكان يوم بدر نوبته فأراد أن يطعم ذلك اليوم فاقتتلوا وبقيت العشرون أوقية معه فأخذت منه حين أخذ وأسر فى الحرب فكلم النبىّ صلى الله عليه وسلم أن يحسب العشرين أوقية من فدائه فأبى وقال أما شىء خرجت لتستعين به علينا فلا أتركه لك* وفى رواية لما قال العباس احسبها فى فدائى قال صلى الله عليه وسلم لا فان ذلك شىء أعطاناه الله منك وكلفه فداء ابنى أخيه وحليفه قال تركتنى أتكفف قريشا ما بقيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأين الذهب الذى دفعته الى امّ الفضل وقت خروجك من مكة وقلت لها انى لا أدرى ما يصيبنى فى وجهى هذا فان حدث بى حدث فهذه لك ولعبد الله ولعبيد الله وللفضل ولقثم يعنى بنيه فقال له العباس وما يدريك قال أخبرنى به ربى جل جلاله فقال له العباس أشهد أنك صادق وأن لا اله الا الله وانك عبده ورسوله كذا فى معالم التنزيل* وفى المنتقى لما كلفه عليه السلام بالفداء ولم يحسب الذهب المأخوذ منه قال العباس فليس لى مال قال فأين مالك الذى وضعته عند امّ الفضل بمكة حين خرجت وليس معكما أحد ثم قلت ان أصبت فى سفرى هذا فالفضل كذا وكذا ولعبد الله كذا وكذا ولقثم كذا وكذا ولعبيد الله كذا وكذا قال والذى بعثك بالحق ما علم بهذا أحد غيرى وغيرها وانى لاعلم انك رسول الله ففدى نفسه وابنى أخيه وحليفه وفى العباس نزلت يأيها النبىّ قل لمن فى أيديكم من الاسرى ان يعلم الله فى قلوبكم خيرا أى ايمانا يؤتكم خيرا مما اخذ منكم من الفداء ويغفر لكم والله غفور رحيم قال العباس فأبدلنى الله عشرين عبدا كلهم تاجر يضرب بمال كثير وأدناهم بعشرين ألف درهم مكان العشرين أوقية وأعطانى زمزم وما أحب أن لى بها جميع أموال مكة وأنا أنتظر المغفرة من ربى* وفى المواهب اللدنية ذكر موسى ابن عقبة أن فداءهم كان أربعين أوقية ذهب وعند أبى نعيم فى الدلائل باسناد حسن من حديث ابن عباس أنه جعل على العباس مائة أوقية وعلى
عقيل ثمانين اوقية فقال له العباس أللقرابة صنعت هذا
فأنزل الله تعالى يأيها النبىّ قل لمن فى أيديكم من الاسرى الآية قال العباس وددت ان كنت أخذ منى اضعافها لقوله يؤتكم خيرا مما اخذ منكم وكان فى الاسارى أيضا أبو العاصى بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج ابنته زينب وكان عليه السلام يثنى عليه فى صهره خيرا وكان من رجال مكة المعدودين مالا وأمانة وتجارة وهو ابن اخت خديجة هالة بنت خويلد وخديجة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن ينزل عليه الوحى أن يزوّجه وكان لا يخالفها فزوّجه وكانت تعده بمنزلة ولدها فلما أكرم الله رسوله صلى الله عليه وسلم بنبوّته آمنت به خديجة وبناته فصدّقنه ودنّ بدينه وشهدن ان الذى جاء به هو الحق وثبت أبو العاصى على شركه فلما بادى رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا بأمر الله وبالعداوة قالوا انكم قد فرّغتم محمدا من همه فردوا عليه بناته فاشغلوه بهنّ فمشوا الى أبى العاصى فقالوا له فارق صاحبتك ونحن نزوجك أية امرأة من قريش شئت قال لاها الله اذا لا أفارق صاحبتى وما أحب ان لى بها امرأة من قريش ثم مشوا الى عتبة بن أبى لهب وكان رسول الله قد زوّجه رقية أو امّ كلثوم كذا فى سيرة ابن هشام واكتفاء الكلاعى وهو مخالف لما فى ذخائر العقبى للطبرى وغير ذلك من كتب السير من أن رقية كانت عند عتبة وامّ كلثوم كانت عند عتيبة ابنى أبى لهب فقالوا لعتبة طلق ابنة محمد ونحن ننكحك أية امرأة من قريش شئت فقال ان زوّجتمونى ابنة أبان بن سعيد بن العاصى أو ابنة سعيد بن العاصى فارقتها ففعلوا وفعل ولم يكن دخل بها فأخرجها الله من يده كرامة لها وهو اناله وخلف عليها عثمان بن عفان وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل بمكة ولا يحرم مغلوبا على أمره وكان الاسلام قد فرق بين زينب ابنته وبين أبى العاصى الا أنه كان لا يقدر ان يفرّق بينهما فأقامت معه على اسلامها وهو على شركه حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سارت قريش الى بدر سار فيهم أبو العاصى فاصيب فى الاسارى فكان فى المدينة عمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما بعث أهل مكة فى فداء أسراهم بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى فداء أبى العاصى بمال وبعثت فيه بقلادة لها كانت خديجة أدخلتها بها على أبى العاصى حين بنى بها فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة وقال ان رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردّوا عليها الذى لها فافعلوا قالوا نعم يا رسول الله فأطلقوه وردّوا عليها مالها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ عليه أن يخلى سبيل زينب اليه أو وعده أبو العاصى بذلك أو شرطه عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى اطلاقه ولم يظهر ذلك منه ولا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعلم ما هو الا انه لما خرج أبو العاصى الى مكة وخلى سبيله بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه زيد بن حارثة ورجلا من الانصار فقال كونا ببطن يأجج حتى تمرّ بكما زينب فتصحباها حتى تأتيانى بها فخرجا وذلك بعد بدر بشهر أو سبعة فلما قدم أبو العاصى أمرها باللحوق بأبيها فخرجت تجهز حالها قالت زينب بينا أنا أتجهز بمكة لقيتنى هند ابنة عتبة فقالت يا ابنة محمد ألم يبلغنى انك تريدين اللحوق بأبيك قلت ما أردت ذلك قالت أى ابنة عمّ لا تفعلى ان كانت لك حاجة بمتاع مما يرفق بك فى سفرك أو بمال تتبلغين به الى أبيك فان عندى حاجتك فلا تخفين منى فانه لا يدخل بين النساء ما يدخل بين الرجال قالت زينب فو الله ما أراها قالت ذلك الا لتفعل ولكنى خفتها فأنكرت أن أكون اريد ذلك ولما فرغت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهازها قدّم اليها حموها كنانة ابن الربيع أخو زوجها بعيرا فركبته وأخذ قوسه وكنانته ثم خرج بها نهارا يقود بها وهى فى هودج لها وتحدث بذلك رجال قريش فخرجوا فى طلبها حتى أدركوها بذى طوى فكان أوّل من سبق اليها هبار بن
الاسود بن المطلب الفهرى فروّعها هبار بالرمح وهى فى هودجها وكانت حاملا فلمّا
ريعت طرحت ما فى بطنها* وفى شفاء الغزام الحويرث بن نقيد هو الذى نخس بزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أدركها هو وهبار بن الاسود وقد مرّ فى الباب السابع فى حوادث السنة الخامسة والعشرين من المولد وبرك حموها كنانة ونثر كنانته ثم قال والله لا يدنو منى رجل الا وضعت فيه سهما فتكركر الناس عنه وأتى أبو سفيان بن حرب فى جلة من قريش فقال ايها الرجل كف عنا نبلك حتى نكلمك فكف فأقبل أبو سفيان حتى وقف عليه فقال انك لم تصب خرجت بالمرأة نهارا على رؤس الناس علانية وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا وما دخل علينا من محمد فيظنّ الناس اذا أخرجت اليه ابنته علانية على رؤس الناس من بين أظهرنا أن ذلك عن ذلّ أصابنا عن مصيبتنا التى كانت وان ذلك منا ضعف ووهن ولعمرى مالنا بحبسها عن أبيها من حاجة ومالنا فى ذلك من ثورة ولكن ارجع المرأة حتى اذا هدأت الاصوات وتحدث الناس أن قد رددناها فسلها سرّا وألحقها بأبيها ففعل فأقامت ليالى حتى اذا هدأت الاصوات خرج بها ليلا حتى أسلمها الى زيد بن حارثة وصاحبه فقدما بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما انصرف الذين خرجوا الى زينب لقيتهم هند بنت عتبة فقالت لهم عند ذلك
أفى السلم أنما رجفاء وغلظة
…
وفى الحرب أشباه النساء العوارك
وعن أبى هريرة أنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية انا فيها فقال لنا ان ظفرتم بهبار بن الاسود أو الرجل الذى سبق معه الى زينب قال ابن هشام وقد سمى ابن اسحاق الرجل فى حديثه فقال هو نافع بن عبد قيس فحرقوهما بالنار فلما كان الغد بعث الينا فقال انى قد كنت أمرتكم بتحريق هذين الرجلين ان أخذتموهما ثم رأيت انه لا ينبغى لاحد أن يعذب بالنار الا الله فان ظفرتم بهما فاقتلوهما فأقام أبو العاصى بمكة وأقامت زينب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرق بينهما الاسلام حتى اذا كان قبيل الفتح خرج أبو العاصى تاجرا الى الشأم وكان رجلا مأمونا بمال له وأموال لرجال من قريش أبضعوها معه فلما فرغ من تجارته وأقبل قافلا لقيته سرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابوا ما معه وأعجزهم هاربا فلما قدمت السرية بما أصابوا من ماله أقبل أبو العاصى تحت الليل حتى دخل على زينب بنت رسول الله فاستجار بها فأجارته وجاء فى طلب ماله فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الصبح فكبر وكبر الناس معه صرخت زينب من صفة النساء أيها الناس انى قد أجرت أبا العاصى بن الربيع فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة أقبل على الناس فقال أيها الناس هل سمعتم ما سمعت قالوا نعم قال أما والذى نفس محمد بيده ما علمت بشىء حتى سمعت ما سمعتم انه يجير على المسلمين ادناهم ثم انصرف فدخل على ابنته فقال اى بنية اكرمى مثواه ولا يخلصنّ اليك فانك لا تحلين له وبعث الى السرية الذين أصابوا مال ابى العاصى فقال لهم ان هذا الرجل منا حيث قد علمتم وقد أصبتم له مالا فان تحسنوا وتردّوا عليه الذى له فانا نحب ذلك وان أبيتم فهو فىء الله الذى أفاء عليكم فأنتم احق به قالوا يا رسول الله بل نردّه عليه فردّوه عليه حتى ان الرجل ليأتى بالدلو ويأتى الرجل بالشنة والا داوة وحتى ان الرجل ليأتى بالشظاظ حتى ردّوا عليه ماله بأسره لم يفقد منه شىء ثم احتمل الى مكة فأدّى الى كل ذى مال من قريش ماله ثم قال يا معشر قريش هل بقى لاحد منكم عندى مال لم يأخذه قالوا لا فجزاك الله خيرا فقد وجدناك وفيا كريما قال فانى اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله والله ما منعنى من الاسلام عنده الاخوف أن تظنوا انى انما اردت ان آكل اموالكم فلما ادّاها الله اليكم وفرغت منها اسلمت ثم خرج حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وردّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب على النكاح الاوّل لم يحدث
شيئا بعد ست سنين فى رواية ابن عباس* وفى الوفاء لما قدم مسلما ردّها عليه بالنكاح الاوّل على الصحيح وذلك بعد صلح الحديبية والله اعلم وقيل ردّها عليه بنكاح جديد* وحكى عن ابن هشام عن ابى عبيدة ان ابا العاصى لما قدم من الشأم ومعه اموال المشركين قيل له هل لك ان تسلم وتأخذ هذه الاموال فانها للمشركين فقال بئس ما أبد أبه اسلامى أن اخون امانتى روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اتى يوم بدر بسبعين اسيرا فيهم العباس وعقيل فاستشار فيهم اصحابه أنأخذ منهم الفداء ونخلى سبيلهم او نقتلهم فقال ابو بكر قومك واهلك استبقهم لعل الله ان يتوب عليهم وخذ منهم فدية تقوى بها أصحابك أو قال تكون لنا قوّة على الكفار وقال عمر اضرب أعناقهم فانهم أئمة الكفر كذبوك وأخرجوك وان الله أغناك عن الفداء مكنى من فلان لنسيب له ومكن عليا وحمزة من أخويهما عقيل والعباس فلنضرب أعناقهم وقال عبد الله بن رواحة يا رسول الله انظروا ديا كثير الحطب فأدخلهم فيه ثم أضرم عليهم نارا وقال له العباس قطعت رحمك فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجبهم ثم دخل فقال ناس يأخذ بقول أبى بكر وقال ناس يأخذ بقول ابن رواحة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انّ الله ليلين قلوب رجال حتى تكون ألين من اللبن وانّ الله ليشدّد قلوب رجال حتى تكون أشدّ من الحجارة وان مثلك يا أبا بكر مثل ابراهيم قال فمن تبعنى فانه منى ومن عصانى فانك غفور رحيم وانّ مثلك يا أبا بكر مثل عيسى قال ان تعذبهم فانهم عبادك وان تغفر لهم فانك أنت العزيز الحكيم وان مثلك يا عمر مثل نوح قال رب لا تذر على الارض من الكافرين ديارا ومثلك يا عمر مثل موسى قال ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتم اليوم عالة فلا يفلتن أحد منهم اليوم الا بفداء أو بضرب عنق* قال عبد الله بن مسعود الا سهيل بن بيضاء فانى سمعته يذكر الاسلام فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عبد الله فما رأيتنى فى يوم أخوف أن تقع علىّ الحجارة من السماء من ذلك اليوم حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا سهيل بن بيضاء* قال ابن عباس قال عمر بن الخطاب فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت فلما كان من الغد جئت فاذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر قاعدان يبكيان قلت يا رسول الله أخبرنى من أى شئ تبكى أنت وصاحبك فان وجدت بكاء بكيت وان لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبكى للذى عرض على أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض علىّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة لشجرة قريبة منه* قال العلامة ابن حجر فى شرح صحيح البخارى ان الترمذى والنسائى وابن حبان والحاكم رووا باسناد صحيح عن علىّ قال جاء جبريل الى النبىّ صلى الله عليه وسلم فقال انّ الله قد كره ما صنع قومك من أخذ الفداء من الاسارى وقد أمر أن تخيرهم بين أن يقدّموهم ويضربوا أعناقهم وبين أن يأخذوا الفداء على أن يقتل منهم عدّتهم فذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس فقال ان شئتم قتلتموهم وان شئتم فاديتموهم ويستشهد منكم عدّتهم قالوا يا رسول الله عشائرنا واخواننا بل نأخذ منهم فداءهم فنتقوى به على قتال عدوّنا ويستشهد منا عدّتهم فقتل منهم يوم أحد سبعون عدد أسارى بدر فهذا معنى قوله قل هو من عند أنفسكم يعنى بأخذكم الفداء واختياركم القتل ولما أخذوا الفداء نزل جبريل بقوله تعالى ما كان لنبىّ أن تكون له أسرى حتى يثخن فى الارض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم لولا كتاب من الله سبق أى لولا سبق حكم من الله وقضاؤه فى اللوح المحفوظ لمسكم أى لنا لكم وأصابكم فيما أخذتم فى أخذ فدية هؤلاء الاسرى عذاب عظيم قيل هذا دليل على أنّ الاجتهاد جائز للانبياء وعلى ان اجتهادهم يجوز أن يقع خطأ ولكن لا يتركون فيه بل ينبهون على
الصواب وللمفسرين اختلاف فى ان المراد من هذا الحكم ماذا* فى معالم التنزيل يعنى لولا قضاء الله سبق فى اللوح المحفوظ بأنه يحلّ لكم الغنائم* وقال الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير لولا كتاب من الله سبق انه لا يعذب أحدا ممن شهد بدرا مع النبىّ صلى الله عليه وسلم* وقال ابن جريج لولا كتاب من الله سبق انه لا يضل قوما بعد اذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون وانه لا يأخذ قوما فعلوا شيئا بجهالة* وفى روضة الاحباب قيل المراد ان المخطئ فى اجتهاده لا يعاقب وقيل لا يعذب قوما بسبب أمر ما لم ينهوا عنه نهيا صريحا وقيل المراد ان الفدية التى أخذوها ستحل لهم روى انه صلى الله عليه وسلم قال لو نزل عذاب من السماء لما نجا منه غير عمر وسعد بن معاذ لقوله كان الاثخان فى القتلى أحب الىّ من استبقاء الرجال* وفى معالم التنزيل روى انه لما نزلت الآية الاولى كف أصحاب رسول الله أيديهم مما أخذوا من الفداء فنزلت فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا* وعن جابر ان النبىّ صلى الله عليه وسلم قال أحلت لى الغنائم ولم تحل لاحد قبلى* وعن أبى هريرة لم تحل الغنائم لاحد من قبلنا وذلك بأنّ الله تعالى رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا* قال ابن عباس كانت الغنائم حراما على الانبياء والامم وكانوا اذا أصابوا شيئا من الغنائم كان للقربان وكانت نار تنزل من السماء وتأكله* وفى المنتقى ولما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفدية فأصابتهم مصيبة ونالتهم هزيمة وقتل منهم سبعون عدد أسارى يوم بدر وفرّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم على وجهه وأنزل الله تعالى أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم يعنى بأخذكم الفداء يوم بدر* وفى الاكتفاء منّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفر من الاسارى من قريش بغير فداء منهم من بنى عبد شمس بن عبد مناة أبو العاصى بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس منّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بفدائه وقد مرّ ومن بنى مخزوم المطلب بن حنطب بن الحارث ابن عبد بن عمرو بن مخزوم كان لبعض بنى الحارث بن الخزرج فترك فى أيديهم حتى خلوا سبيله فلحق بقومه* قال ابن هشام أسره خالد بن زيد أبو أيوب أخو بنى النجار وصيفى بن أبى رفاعة بن عائذ بن عبد الله ابن عمرو بن مخزوم ترك فى أيدى أصحابه فلما لم يأت أحد بفدائه أخذوا عليه ليبعثن اليهم بفدائه فخلوا سبيله ولم يف لهم بشئ وأبو عزة عمرو بن عبد الله الجمحى كان محتاجا ذا بنات فقال يا رسول الله لقد عرفت مالى من مال وانى لذو حاجة وذو عيال فامنن علىّ فمنّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ عليه أن لا يظاهر عليه أحدا فقال أبو عزة فى ذلك يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ويذكر فضله فى قومه
ومن مبلغ عنى الرسول محمدا
…
بأنك حق والمليك حميد
وأنت امرؤ تدعو الى الحق والهدى
…
عليك من الله العظيم شهيد
وأنت امرؤ بوّأت فينا مباءة
…
لها درجات سهلة وصعود
فانك من حاربته لمحارب
…
شقى ومن سالمته لسعيد
ولكن اذا ذكرت بدرا وأهله
…
تأوب مابى حسرة وفقود
وفى حياة الحيوان فرجع الى مكة ومسح عارضيه وقال خدعت محمدا وما وقع فى شعره ومحاورته رسول الله صلى الله عليه وسلم من التصريح برسالته فلم يعلم له مخرج ان صح الا أن يكون ذلك من جملة ما قصد به أن يخدع رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاد على عدوّ الله ضرره ولم يخدع الا نفسه وما شعر وذلك انه نقض العهد وخرج يسير فى تهامة ويدعو بنى كنانة ويقول