الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اليمن ومعه دوس وسار اليه ذو نواس فى حمير ومن أطاعه من قبائل اليمن فلما التقوا انهزم ذو نواس وأصحابه فلما رأى ذو نواس ما نزل به وبقومه وجه فرسه فى البحر ثم ضربه فدخل به فخاض به ضحضاح البحر حتى أفضى به الى غمره فأدخله فيه فكان آخر العهد به ودخل ارياط اليمن فلكها* قال ابن اسحاق فأقام ارياط باليمن ستين فى سلطانه ذلك ثم نازعه فى أمر الحبشة باليمن أبرهة الحبشى حتى تفرّقت الحبشة عليهما فانحاز الى كل واحد منهما طائفة منهم ثم سار أحدهما الى الآخر فلما تقارب الناس أرسل أبرهة الى ارياط انك لا تصنع أن تلقى الحبشة بعضها ببعض حتى تفنيها شيئا بعد شئ فابرز الىّ وأبرز اليك فأينا أصاب صاحبه انصرف اليه جنده فأرسل اليه ارياط أنصفت فخرج اليه أبرهة وكان رجلا لحيما قصيرا وكان ذادين فى النصرانية وخرج اليه ارياط وكان رجلا جميلا طويلا وفى يده حربة له وخلف أبرهة غلام له يقال له عتودة ويروى بعضهم عيودة بالياء يمنع ظهره فرفع ارياط الحربة فضرب بها أبرهة يريد بها نافوخه فوقعت الحربة على جبهة أبرهة فشرمت حاجبه وانفه وعينه وشفته فبذلك سمى أبرهة الاشرم وحمل عتودة على ارياط من خلف أبرهة فقتله وانصرف جند ارياط الى أبرهة فاجتمعت عليه الحبشة باليمن وودى أبرهة ارياط فلما بلغ ذلك النجاشى غضب غضبا شديدا وقال عدا على أميرى فقتله من غير أمرى ثم حلف لا يدع أبرهة حتى يطأ بلاده ويجز ناصيته فحلق أبرهة رأسه وملأ جرابا من تراب اليمن ثم بعث به الى النجاشى ثم كتب اليه أيها الملك انما كان ارياط عبدك وأنا عبدك اختلفنا فى أمرك وكل طاعته لك الا أنى كنت أقوى على أمر الحبشة وأضبط لها وأسوس منه وقد حلقت رأسى كله حين بلغنى قسم الملك وبعثت اليه بجراب من تراب أرضى ليضعه تحت قدميه فتبرّ قسمه فىّ فلما انتهى ذلك الى النجاشى رضى عنه وكتب اليه أن اثبت بأرض اليمن حتى يأتيك أمرى وأقام أبرهة باليمن* وفى تفسير أبى الليث السمرقندى فقال أبرهة لعتودة حين قتل ارياط يا عتودة احكم يعنى احكم علىّ بما شئت قال عتودة حكمى أن لا يدخل عروس من بيت أهل اليمن على زوجها حتى أصيبها قبله قال ذلك لك فقام أبرهة باليمن وغلامه عتودة يصنع باليمن ما كان أعطاه من حكمه حينا ثم عدا عليه رجل من حمير أو من خثعم فقتله فلما بلغ أبرهة قتله وكان رجلا حليما ورعا فى دينه من النصرانية فقال قد آن لكم يا أهل اليمن أن يكون منكم رجل حازم يأنف مما يأنف منه الرجال انى والله لو علمت حين حكمته أنه يسأل الذى سأل ما حكمته وأيم الله لا يؤخذ منكم فيه عقل ولا قود ثم بنى القليس بصنعاء كما ذكرنا والله أعلم
*
(الركن الاوّل فى الحوادث من عام ولادته الى زمان نبوّته
وفيه ثلاثة أبواب
الباب الاوّل فى الحوادث من عام ولادته الى السنة الحادية عشر من تاريخ ولادته
وفيه ذكر خالد بن سنان وحنظلة بن صفوان وما وقع ليلة ميلاده وما وقع حين الولادة وذكر الختان وذكر أسمائه والقابه وكناه وشمائله وصفاته وخصائصه ومعجزاته وارضاع الاظآر وعددها وما وقع عند حليمة من شق الصدر وغيره وولادة أبى بكر وردّ حليمة الى أمه وفقده فى الطريق ووفاة أمه وكفالة عبد المطلب وحديث سيف بن ذى يزن ورمده واستسقاء عبد المطلب وذكر سليمان وبلقيس ووفاة عبد المطلب وكفالة أبى طالب وموت حاتم الطائى وموت كسرى أنوشروان وولاية ابنه هرمز وخروج أبى طالب به الى الشام وحرب الفجار الاوّل وشق الصدر على قول) *
*
(ذكر تاريخ ولادته)
فى المواهب اللدنية اختلف فى عام ولادته صلى الله عليه وسلم فالاكثرون على أنه عام الفيل وبه قال ابن عباس* ومن العلماء من حكى الاتفاق عليه وقال وكل قول يخالفه فهو وهم وقال ابن الجوزى فى الصفوة اتفقوا على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد بمكة يوم الاثنين فى شهر
ربيع الاوّل عام الفيل وبعد ما اتفقوا على أن ولادته كانت فى عام الفيل اختلفوا فيما مضى من ذلك العام ففى المنتقى قال ابن عباس ولد يوم الفيل وكان قدوم الفيل يوم الاحد لخمس خلون من المحرّم كذا فى سيرة مغلطاى وهلاك أصحابه لثلاث عشرة ليلة بقيت من المحرم وكان أوّل المحرم تلك السنة يوم الجمعة وذلك فى عهد كسرى أنوشروان بن قباد بن فيروز بن يزدجرد بن بهرام جور لمضىّ اثنتين وأربعين سنة وفى أسد الغابة لاربعين سنة من ملكه وعاش كسرى بعد مولد النبىّ صلى الله عليه وسلم سبع سنين وثمانية أشهر وكان ملكه سبعا أو ثمانيا وأربعين سنة وثمانية أشهر كذا قاله ابن الاثير وفى المنتقى كانت وفاة عبد المطلب فى ملك هرمز بن أنوشروان ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ كان ابن ثمان سنين وقيل غير ذلك وفى شواهد النبوّة عاش كسرى أنوشروان بعد مولده صلى الله عليه وسلم اثنتين وعشرين سنة والله أعلم وفى المواهب الدنية المشهور أنه ولد بعد الفيل بخمسين يوما واليه ذهب السهيلى فى جماعة وفى المنتقى أيضا قال بعضهم ولد بعد الفيل بخمسين يوما وكان بين الفيل والفجار عشرون سنة وكان بين بنيان الكعبة والفجار خمس عشرة سنة وفى المواهب اللدنية وقيل بعده بخمسة وخمسين يوما حكاه الدمياطى فى آخرين وفى المنتقى عن أبى جعفر محمد بن على قال ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لعشر خلون من ربيع الاوّل وكان قدوم الفيل للنصف من المحرم فبين الفيل وبين مولد النبىّ صلى الله عليه وسلم خمس وخمسون ليلة* وفى المواهب اللدنية وقيل بعده بشهر وقيل بأربعين يوما وقيل بشهرين وعشرة أيام وقيل بعشرين سنة وقيل بثلاثين سنة وقيل بأربعين سنة وقيل بسبعين سنة وقيل غير ذلك كذا فى مورد اللطافة* وفى سيرة مغلطاى وقيل بخمسين يوما وقيل بشهرين وستة أيام وقيل لثنتى عشرة ليلة خلت من رمضان سنة ثلاث وعشرين من غزوة أصحاب الفيل وقيل بعد الفيل بعشر سنين ويروى هذا القول عن الزهرى ولا يصح وقيل قبل الفيل بخمس عشرة سنة وقيل غير ذلك والمشهور أنه بعد الفيل لان قصة الفيل كانت توطئة وارهاصا لنبوّته وتقدمة وأساسا لظهور بعثته والا فاصحاب الفيل كما قاله ابن القيم كانوا نصارى أهل كتاب وكان دينهم خيرا من دين أهل مكة اذ ذاك لانهم كانوا عبدة الاوثان فنصرهم الله على أهل الكتاب نصرا لا صنع للبشر فيه ارهاصا وتقدمة للنبىّ الذى خرج من مكة وتعظيما للبلد الحرام واختلف أيضا فى الشهر الذى ولد فيه والمشهور أنه ولد فى شهر ربيع الاوّل وهو قول جمهور العلماء ونقل ابن الجوزى الاتفاق عليه كما مر وفيه نظر فقد قيل ولد يوم عاشوراء وقيل فى صفر وقيل فى ربيع الآخر وقيل فى رجب وقيل فى رمضان وروى عن ابن عمر باسناد لا يصح وهو موافق لمن قال ان آمنة حملت به فى أيام التشريق وأغرب من قال ولد يوم عاشوراء وكذا اختلف أيضا فى أىّ يوم من الشهر ولد فقيل انه غير معين وانما ولد يوم الاثنين من ربيع الاوّل من غير تعيين والجمهور على أنه يوم معين منه فقيل لليلتين خلتا منه وقيل لثمان خلت منه قال الشيخ قطب الدين القسطلانى وهو اختيار أكثر أهل الحديث ونقله عن ابن عباس وجبير بن مطعم وهو اختيار أكثر من له معرفة بهذا الشان واختاره الحميدى وشيخه ابن حزم وحكى القضاعى فى عيون المعارف اجماع أهل الزيج عليه ورواه الزهرى عن محمد بن جبير بن مطعم وكان عارفا بالنسب وأيام العرب أخذ ذلك عن أبيه جبير وقيل لعشر وقيل لاثنتى عشرة ليلة وعليه عمل أهل مكة فى زيارتهم موضع مولده فى هذا الوقت وقيل لسبع عشرة وقيل لثمان بقين منه وقيل ان هذين القولين غير صحيحين عمن حكيا عنه بالكلية والمشهور أنه ولد فى ثانى عشر ربيع الاوّل وهو قول ابن اسحاق وغيره وانما كان فى شهر ربيع الاوّل على الصحيح ولم يكن
فى المحرم ولا فى رجب ولا فى رمضان ولا فى غيرها من الاشهر ذوات الشرف لانه صلى الله عليه وسلم لا يتشرّف بالزمان وانما الزمان يتشرّف به كالا ما كن