الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقومها مجوسيين يعبدون الشمس ولها عرش أى سرير عظيم ضخم* قال ابن عباس كان ثلاثين ذراعا فى ثلاثين ذراعا عرضا وسمكا* وقال مقاتل ثمانين ذراعا فى ثمانين طولا وعرضا وطوله فى الهواء ثمانين ذراعا وقيل كان طوله ثمانين ذراعا وعرضه أربعين ذراعا وارتفاعه ثلاثين ذراعا وكان من ذهب وفضة مرصعا بأنواع الجواهر بالدر والياقوت الاحمر والزبرجد الاخضر وقوائمه من ياقوت أحمر وأخضر ودرّ وزمرّد عليه سبعة أبيات على كل بيت باب مغلق*
بقية قصة الهدهد
فلما فرغ الهدهد من كلامه قال له سليمان سننظر أصدقت فيما أخبرت أم كنت من الكاذبين ثم كتب سليمان كتابا صورته من عبد الله سليمان ابن داود الى بلقيس ملكة سبأ بسم الله الرحمن الرحيم السلام على من اتبع الهدى أما بعد فلا تعلوا علىّ وأتونى مسلمين وطبعه بالمسك وختمه بخاتمه وقال للهدهد اذهب بكتابى هذا فألقه الى بلقيس وقومها ثم تول وتنح عنهم الى مكان قريب بحيث تراهم ولا يرونك ليكون ما يقولون بمسمع منك ومرأى فأخذ الهدهد الكتاب بمنقاره وطار به وكانت بلقيس بأرض يقال لها مأرب من صنعاء على ثلاثة ايام فوافاها فى قصرها وقد غلقت الابواب وكانت اذا رقدت غلقت الابواب وأخذت المفاتيح فوضعتها تحت رأسها فأتاها الهدهد وهى مستلقية على قفاها راقدة فدخل الهدهد عليها من كوّة وألقى الكتاب على نحرها بحيث لم تشعر به وتوارى فى الكوّة فانتبهت بلقيس فزعة هذا قول قتادة* وقال مقاتل حمل الهدهد الكتاب بمنقاره حتى وقف على رأس المرأة وحولها القادة والجنود فرفرف ساعة والناس ينظرون حتى رفعت المرأة رأسها فألقى الكتاب فى حجرها* وقال ابن منبه وابن زيد كانت لها كوّة مستقبلة الشمس تقع الشمس فيها حين تطلع فاذا نظرت اليها سجدت لها فجاء الهدهد الكوّة فسدّها بجناحيه فارتفعت الشمس ولم تعلم فلما استبطأت الشمس قامت تنظر فرمى بالصحيفة اليها فأخذت بلقيس الكتاب وكانت قارئة فلما رأت الختم ارتعدت لان ملك سليمان كانت فى خاتمه وعرفت أن الذى أرسل الكتاب أعظم ملكا منها وجمعت الملأ من قومها وهم اثنا عشر ألف قائد مع كل قائد مائة ألف مقاتل* وعن ابن عباس قال كان مع بلقيس مائة ألف قيل مع كل قيل مائة ألف مقاتل والقيل الملك دون الملك الاعظم وقال قتادة ومقاتل كان أهل مشورتها ثلثمائة وثلاثة عشر رجلا كل رجل منهم على عشرة آلاف فجاؤا وأخذوا مجالسهم فقالت لهم بلقيس خاضعة خائفة يأيها الملأ انى القى الىّ كتاب كريم حسن مضمونه وما فيه أو مرسله أو لغرابة شأنه أو مختوم عن ابن عباس عن النبىّ صلى الله عليه وسلم كرامة الكتاب ختمه وكذا قال عكرمة ولذا قيل من كتب الى أخيه كتابا ولم يختمه فقد استخف به أو مصدّر بالبسملة قالت يأيها الملأ أفتونى واشيروا علىّ فى أمرى قالوا نحن أولو قوّة وأولو بأس شديد والامر اليك فانظرى ماذا تأمرين قالت انى مرسلة اليهم بهدية فناظرة أى منتظرة بم يرجع المرسلون بقبولها أو ردّها لانها عرفت عادة الملوك وحسن مواقعة الهدايا عندهم فان كان ملكا قبلها وانصرف عنا وان كان نبيا ردّها ولم يرض منا الا أن نتبعه على دينه فبعثت خمسمائة غلام عليهم ثياب الجوارى وزيهنّ وحليهنّ وجعلت فى سواعدهم أساور من ذهب وفى أعناقهم أطواقا من ذهب وفى آذانهم أقراطا وشنوفا مرصعات بأنواع الجواهر راكبى خيل برذون مغشاة بالديباج محلاة اللجم والسرج بالذهب المرصع بالجواهر وخمسمائة جارية على رماك فى زى الغلمان من الاقبية والمناطق وخمسمائة لبنة من ذهب وخمسمائة لبنة من فضة وتاجا مكللا بالدر والياقوت وأرسلت اليه المسك والعنبر والعود وحقة فيها درة ثمينة عذراء غير مثقوبة وجزعة مثقوبة معوجة الثقب وبعثت رسلا من قومها أصحاب رأى وعقل وامرت عليهم رجلا من اشراف قومها يقال له المنذر بن عمرو وكتبت كتابا فيه نسخة الهدايا وقالت فيه ان كنت نبيا فميز بين الوصفاء والوصائف وأخبر بما فى الحقة قبل أن تفتحها واثقب الدرة ثقبا مستويا
واسلك فى الخرزة خيطا من غير علاج انس ولا جنّ* وامرت بلقيس الغلمان فقالت اذا كلمكم سليمان فكلموه بكلام تأنيث وتخنيث يشبه كلام النساء وامرت الجوارى ان يكلمنه بكلام فيه غلظة يشبه كلام الرجال ثم قالت للمنذر ان نظر اليك نظر غضبان فهو ملك فلا يهولنك منظره وان رأيته بشاشا لطيفا فهو نبىّ فأقبل الهدهد مسرعا فأخبر سليمان الخبر كله وفى انوار التنزيل وقد سبق جبريل بالحال فأمر سليمان الجنّ فضربوا لبنات الذهب والفضة وفرشوا فى ميدان بين يديه طوله سبعة فراسخ* وفى معالم التنزيل أمرهم أن يبسطوا من موضعه الذى هو فيه الى تسعة فراسخ ميدانا واحدا بلبنات الذهب والفضة وجعلوا حول الميدان حائطا شرفه من الذهب والفضة وأمر الشياطين فأتوا بأحسن الدواب فى البرّ والبحر فربطوها عن يمين الميدان وعن يساره على لبنات الذهب والفضة وألقوا علوفتها فيها وأمر بأولاد الجنّ وهم خلق كثير فأقاموا عن اليمين وعن اليسار* ثم قعد سليمان فى مجلسه على سريره ووضع له أربعة آلاف كرسى عن يمينه ومثله عن يساره واصطفت الشياطين صفوفا فراسخ والانس صفوفا فراسخ والوحوش والسباع والطير والهوام كذلك فلما دنا الرسل ووصلوا معسكره والميدان ورأوا عظمة شأن سليمان وملكه ورأوا الدواب التى لم ترعينهم مثلها تروث على لبن الذهب والفضة تقاصرت اليهم أنفسهم فرموا بما معهم من الهدايا وفى بعض الروايات ان سليمان لما أمر بفرش الميدان بلبنات الذهب والفضة أمرهم أن يتركوا على طريقهم موضعا على قدر اللبنات التى معهم فلما رأت الرسل موضع اللبنات خاليا وكل الارض مفروشة خافوا أن يتهموا بذلك فطرحوا كل ما معهم فى ذلك المكان فلما نظروا الى الشياطين رأوا منظرا عجيبا ففزعوا فقال لهم الشياطين جوزوا فلا بأس عليكم وكانوا يمرّون على كردوس من الجنّ والانس والطير والسباع والوحوش حتى وقفوا بين يدى سليمان فنظر اليهم نظرا حسنا بوجه طلق فقال ما وراءكم فأخبره رئيس القوم وأعطاه كتاب الملكة فنظر فيه ثم قال أين الحقة فأتى بها فحركها فجاء جبريل وأخبره بما فى الحقة فقال ان فيها درّة ثمينة غير مثقوبة وجزعة مثقوبة معوجة الثقب فقال الرسول صدقت فاثقب الدرة وأدخل الخيط فى الخرزة فقال سليمان من لى بثقبها فسأل سليمان الانس والجنّ فلم يكن عندهم علم ذلك ثم سأل الشياطين فقالوا أرسل الى الارضة فجاءت الارضة فأخذت شعرة فى فيها ودخلت فيها ثم خرجت من الجانب الآخر فقال لها سليمان ما حاجتك فقالت تصير رزقى فى الشجر فقال لك ذلك وروى أنه جاءت دودة تكون فى الصفصاف فقالت أنا أدخل الخيط فى الثقب على أن يكون رزقى فى الصفصاف فجعل لها ذلك فأخذت الخيط بفيها فدخلت الثقب وخرجت من الجانب الآخر ثم قال من لهذا الخرزة يسلكها فى الخيط فقالت دودة بيضاء أنا لها يا رسول الله فأخذت الدودة الخيط بفيها وثقبتها ودخلت الثقب حتى خرجت من الجانب الآخر فقال لها سليمان ما حاجتك قالت تجعل رزقى فى الفواكه قال لك ذلك ودعا بالماء فكانت الجارية تأخذ الماء فى يدها وتجعله فى الاخرى ثم تضرب به وجهها والغلام كما يأخذ الماء يضرب به وجهه ثم ردّ الهدية وقال للمنذر ارجع اليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولا طاقة ولنخرجنهم منها من سبأ أذلة بذهاب عزهم وهم صاغرون أسراء مهانون فلما رجع اليها رسولها بالهدايا وقص عليها القصة قالت هو نبى وما لنا به طاقة وبعثت الى سليمان انى قادمة اليك بملوك قومى لا نظر ما الذى تدعو اليه ثم جعلت عرشها فى آخر سبعة أبيات بعضها فى بعض فى آخر قصر من سبعة قصور لها ثم أغلقت دونه الابواب ووكلت به حرسا يحفظونه فشخصت اليه فى اثنى عشر ألف قيل تحت كل قيل الوف كثيرة حتى بلغت على رأس فراسخ قال ابن عباس كان سليمان عليه السلام رجلا مهيبا لا يبتدأ بشىء حتى يكون هو الذى سأل عنه فخرج يوما فجلس على سرير ملكه فرأى رهجا أى غبارا
قريبا منه فقال ما هذا قالوا بلقيس نزلت منا بهذا المكان وكانت على مسيرة فرسخ من سليمان* قال ابن عباس وكان بين الحيرة والكوفة فأقبل سليمان حينئذ على جنده فقال يأيها الملأ أيكم يأتبنى بعرشها قبل أن يأتونى مسلمين أراد بذلك أن يريها بعض العجائب الدالة على عظيم القدرة وصدقه فى دعوى النبوّة ويختبر عقلها بأن تنكر أو أراد أن يأخذه قبل أن تسلم فانها اذا أتت مسلمة لم يحل أخذه الا برضاها قال عفريت من الجنّ خبيث مارد قوى* قال وهب اسمه كوذى وقيل ذكوان وقيل هو صخر الجنى وكان بمنزلة جبل يضع قدمه عند منتهى طرفه أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك مجلسك للحكومة وكان يجلس الى نصف النهار وانى على حمله لقوىّ أمين لا اختزل منه شيئا ولا أبد له فقال سليمان أريد أسرع من هذا قال الذى عنده علم من الكتاب أى ملك بيده كتاب المقادير أرسله الله عند قول العفريت* وفى معالم التنزيل هو ملك من الملائكة أيد الله به نبيه سليمان أو جبريل أو الخضر أو سليمان نفسه أو آصف بن برخيا وزيره أو كاتبه هو الاصح وعليه الجمهور وكان صدّيقا يعلم الاسم الاعظم الذى اذا دعى به أجاب وهو يا حىّ يا قيوم قاله الكلبى أو ياذ الجلال والاكرام قاله مجاهد ومقاتل أويا الهنا واله كل شىء الها واحدا لا اله الا أنت ائتنى بعرشها وقوله أنا آتيك به قبل أن يرتدّ اليك طرفك أى انك ترسل طرفك الى شىء فقبل ان تردّه أحضر عرشها فتبصره بين يديك قال مجاهد يعنى ادامة النظر حتى يرتدّ الطرف خاسئا* يروى ان آصف قال لسليمان حين صلّى مدّ عينيك حتى ينتهى طرفك فمدّ سليمان عينيه فنظر نحو اليمن ودعا آصف فبعث الله الملائكة فحملوا السرير من تحت الارض يخدون خدّا حتى انخرقت الارض بالسرير بين يدى سليمان* قال الكلبى خرّ آصف ساجدا ودعا باسم الله الاعظم فغار عرشها فى مكانه تحت الارض ثم نبع عند كرسى سليمان بقدرة الله تعالى قبل أن يرتدّ طرفه قيل كانت المسافة مقدار شهرين كذا فى معالم التنزيل وقال محمد بن المنكدر لما قال عالم بنى اسرائيل الذى آتاه الله علما وفهما أنا آتيك به قبل أن يرتدّ اليك طرفك قال سليمان هات قال أنت النبىّ ابن النبىّ وليس أحد أوجه عند الله منك فان دعوت الله وطلبت اليه كان عندك قال صدقت ففعل ذلك فجىء بالعرش فى الوقت فلما رأى العرش مستقرّا عنده حاصلا بين يديه ثابتا لديه غير مضطرب قال هذا من فضل ربى أى التمكن من احضار العرش فى مدّة ارتداد الطرف من مأرب الى الشام كذا فى معالم التنزيل وقال فى أنوار التنزيل من مسيرة شهرين بنفسه أو بغيره ثم قال سليمان نكروا لها عرشها غيروا هيئته وشكله أى اجعلوا مقدّمه مؤخره وأعلاه أسفله واجعلوا مكان الجوهر الاحمر أخضر ومكان الاخضر أحمر ننظر أتهتدى الى معرفة عرشها وقد خلفته فى مأرب وراءها مغلقة عليه الابواب موكلة عليه الحراس أوالى الجواب الصواب اذا سئلت عنه أم لا* فلما جاءت بلقيس قيل لها أهكذا عرشك قالت كأنه هو فأجابت أحسن جواب ولم تقل هو لاحتمال أن يكون مثله وذلك من كمال عقلها* وفى المدارك ولم تقل هو ولا ليس به وذلك من رجاحة عقلها حيث لم تقطع فى المحتمل للامرين أو لما شبهوا عليها بقولهم أهكذا عرشك شبهت عليهم بقولها كأنه هو مع أنها علمت أنه عرشها قيل لها ادخلى الصرح أى القصر أو صحن الدار فلما رأته ظنته ماء راكدا فكشفت عن ساقيها* روى أن سليمان أمر قبل قدومها فبنى على طريقها قصر صحنه من زجاج أبيض وأجرى من تحته الماء وألقى فيه حيوانات البحر من السمك وغيره وقيل اتخذ صحنا من قوارير وجعل تحتها تماثيل من الحيتان والضفادع فكان الواحد اذا رآه ظنه ماء كذا فى معالم التنزيل ووضع سريره فى صدره فجلس عليه وعكف الطير عليه والجنّ والانس وانما فعل ذلك ليزيدها اعظاما لامره وتحقيقا لنبوّته وقيل ان الجنّ كرهوا أن يتزوّجها سليمان فتفشى اليه بأسرارهم لان أمّها كانت جنية وقيل خافوا أن يولد منها ولد فيجتمع له فطنة الجنّ والانس فيخرجوا من ملك سليمان الى ملك أشدّ