الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لمك سبعمائة سنة وكان مدّة عمر متوشلخ تسعمائة وسبعا وعشرين سنة وقيل غير ذلك فولد لمتوشلخ لمك ابن متوشلخ ويقال لامك بفتح الميم وكسرها وقيل كان لمتوشلخ ابن آخر غير لمك يقال له صابى وبه سميت الصابئون وكان لامك رجل أشقر أعطى قوّة وبطشا ونكح بأصح الروايتين شمخاء بنت أنوش وقيل قينوش ابنة مراكيل بن مخويل ويقال مراكيل بن مخاويل أو مخاويل بن اخنوخ وهو ابن مائة وسبع وثمانين سنة فولدت له (نوحا) ابن لمك عليه السلام وكان له يوم ولد نوح خمسمائة وخمس وتسعون سنة
ذكر نوح عليه السلام
وكان مولد نوح بعد موت آدم بمائة وست وعشرين سنة فبعث الله نوحا وهو ابن أربعمائة وثمانين سنة فدعا قومه مائة وعشرين سنة ثم أمره الله تعالى بصنعة الفلك فصنعها وركبها وهو ابن ستمائة سنة وغرق من غرق ثم مكث بعد السفينة ثلثمائة وخمسين سنة وروى عن جماعة من السلف انه كان بين آدم ونوح عليهما السلام عشرة قرون كلهم على ملة الحق والكفر بالله حدث فى القرن الذى بعث اليهم فيه نوح فأرسله الله تعالى وهو أوّل نبىّ بعث بالانذار فى الدعاء الى التوحيد وهو قول ابن عباس وقتادة كذا فى الكامل* وفى معالم التنزيل وأنوار التنزيل كان لمك وشمخاء أبوا نوح مؤمنين قيل سمى نوحا لكثرة ما ناح على نفسه* وفى تفسير القشيرى فى الخبر أن نوحا عليه السلام كان اسمه يشكر ولكثرة ما كان يبكى أوحى الله اليه يا نوح كم تنوح فسموه نوحا وان ذنبه انه كان يوما مرّ بكلب فقال ما أوحشه فأوحى الله تعالى اليه أن اخلق أنت أحسن من هذا فكان يبكى معتذرا من مقالته تلك* وفى حياة الحيوان كان اسمه عبد الجبار وانما سمى نوحا لنوحه على ذنوب أمّته* وفى ربيع الابرار بكى نوح ثلثمائة سنة لقوله ان ابنى من أهلى* وفى الانس الجليل اسمه عبد الغفار وولد بعد مضىّ ألف وستمائة واثنتين وأربعين سنة من هبوط آدم وكان بعد رفع ادريس الى السماء بمائة وخمس وسبعين سنة* وفى العرائس أرسله الله الى ولد قابيل ومن تابعهم من ولد شيث وهو ابن خمسين سنة* وفى معالم التنزيل عن ابن عباس أنه بعث بعد أربعين سنة ولبث فى قومه يدعوهم تسعمائة وخمسين سنة فآمن به ثمانون نفسا من الرجال والنساء* قال عون بن شدّاد ان الله تعالى أرسل نوحا وهو ابن ثلثمائة وخمسين سنة فلبث فيهم ألف سنة الا خمسين عاما ثم عاش بعد ذلك ثلثمائة وخمسين سنة كذا فى الكامل قال ابن عباس وعاش بعد الطوفان ستين سنة وكان عمره ألفا وخمسين سنة وقال مقاتل بعث وهو ابن مائتين وخمسين سنة وكان عمره ألفا وأربعمائة وخمسين سنة والى هذا القول أشار الزمخشرى فى ربيع الابرار روى الضحاك عن ابن عباس أنه قال ان نوحا كان يضرب ثم يلف فى لبد ثم يلقى فى بيته فيرون أنه قدمات ثم يخرج فيدعوهم حتى أيس من ايمان قومه فدعا عليهم فأجاب الله دعاءه وأمر أن يصنع الفلك
صفة سفينة نوح
قال نوح يا رب وما الفلك قال بيت من خشب يجرى على وجه الماء حتى أغرق أهل معصيتى وأريح أرضى منهم قال يا رب وأين الماء قال يا نوح انى على ما أشاء قدير قال يا رب وأين الخشب قال اغرس من الشجر فغرس وأتى على ذلك أربعون سنة وكف فى تلك المدّة عن الدعاء فلم يدعهم فأعقم الله تعالى أرحام نسائهم فلم يولد لهم ولد فلما أدرك الشجر أمره الله أن يقطعه فقطعه وجففه وقال يا رب كيف أتخذ هذا البيت قال اجعله أزور على ثلاث صور رأسه كرأس الديك وجؤجؤه كجؤجؤ الطير وذنبه كذنب الديك مائلا واجعلها مطبقة واجعل لها أبوابا فى جنبها واجعلها ثلاث طبقات واجعل طولها ثمانين ذراعا وعرضها خمسين ذراعا قال قتادة وطولها فى السماء ثلاثون ذراعا والذراع الى المنكب كذا فى حياة الحيوان ومعالم التنزيل* وفى رواية أوحى الله تعالى الى نوح أن عجل بصنعة السفينة فقد اشتدّ غضبى على من عصانى فاستأجر نوح نجارين يعملون معه وأولاده حام وسام ويافث معه ينحتون السفينة فجعل طولها فى هذه الرواية ستمائة وستين ذراعا وعرضها ثلثمائة وثلاثين ذراعا
وعلوّها فى السماء ثلاثة وثلاثين ذراعا وهذا قول ابن عباس* وفى رواية الضحاك وطلاها بالقار من داخلها وخارجها وشدّها بالدسر وهى المسامير الحديد وفجر له عين القار يغلى غليانا حتى طلاها به هذا كله فى عرائس الثعلبى وعن زيد بن أسلم أنه قال مكث نوح مائة سنة يغرس الاشجار ويقطعها ومائة سنة يعمل الفلك وقيل غرس الشجر أربعين سنة وقطعة أربعين سنة كما مرّ وعن كعب الاحبار أن نوحا عمل السفينة فى ثلاثين سنة وفى رواية لمادنا هلاك قومه أتاه جبريل وقال ان ربك يأمرك أن تصنع الفلك قال وكيف أصنع ولست بنجار قال فان ربك يقول اصنع فانك بعينى* وفى الكشاف كان لله معه أعينا يكلؤه أن يزيغ فى صنعته عن الصواب وأن يحول بينه وبين عمله أحد من أعدائه فأخذ القدوم فجعل يصنع ولا يخطئ وقيل أوحى الله اليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر كما مرّ فلما أمره الله أن يصنع الفلك أقبل نوح على عمل الفلك ولها عن قومه وجعل بقطع الخشب ويضرب الحديد ويهيئ ما يحتاج اليه الفلك من القار وغيره وجعل قومه يمرّون به وهو فى عمله فيسخرون منه ويقولون يا نوح صرت نجارا بعد النبوّة وروى أنهم كانوا يقولون يا نوح ماذا تصنع فيقول أصنع بيتا يمشى على وجه الماء فيضحكون منه استهزاء بعمل السفينة فانه كان يعملها فى برّية بمهمه فى أبعد موضع من الماء وفى وقت عز الماء عزة شديدة* وفى روضة الاحباب روى أن نوحا لما أمر باتخاذ السفينة جاء جبريل بشجر الساج وأمره بغرسه فغرسه فأدرك واستوى بعد عشرين سنة أو أربعين سنة ولما أدرك قطعه وتركه حتى يبس فجاء جبريل فعلمه صنعة السفينة فاشتغل هو وبنوه الثلاثة وأجير آخر بعمل السفينة* وفى حياة الحيوان أوّل من اتخذ الكلب للحرس نوح عليه السلام قال يا رب أمرتنى أن أصنع الفلك وأنا فى صناعته أصنع يوما فيجيئون بالليل فيفسدون كل ما عملت فمتى يلتئم لى ما أمرتنى به قد طال علىّ أمرى فأوحى الله اليه يا نوح اتخذ كلبا يحرسك فاتخذ نوح كلبا وكان يعمل بالنهار وينام بالليل فاذا جاء قومه ليفسدوا بالليل هجمهم الكلب فينتبه نوح ويأخذ الهراوة ويثب لهم فينهزمون منه فالتأم له ما أراد* وفى بعض الكتب المنزلة لما أمر الله نوحا بقطع الاشجار وقلع الالواح قطعها وقلع منها مائة ألف وأربعة وعشرين ألف لوح بعدد الانبياء عليهم السلام وكان على كل لوح اسم نبىّ من الانبياء أوّلهم آدم وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم فكان على اللوح الاوّل اسم آدم وعلى الثانى اسم شيث وعلى الثالث اسم ادريس وعلى الرابع اسم نوح وعلى الخامس اسم هود وعلى السادس اسم صالح وعلى السابع اسم ابراهيم الى مائة ألف وأربعة وعشرين ألفا وكان كلما قلع لوحا يظهر عليه اسم نبىّ وأوحى الله الى نوح انه ناقص من سفينتك أربعة ألواح لا بدّ لها منها لتكمل وان نهر النيل شجرة فارسل اليها من يأتى بها فقال نوح لاولاده ذلك فلم يجبه أحد منهم فقيل لنوح أن قل ذلك لعوج بن عنق فانه عليه قوىّ ويقدر على السير اليه فقال نوح ذلك لعوج وشرط عليه أن يشبعه فذهب عوج اليها وجاء بها فقدّم اليه نوح ثلاثة أقراص من شعير فضحك عوج متعجبا وقال يا نوح كيف أشبع بهذا وأنا آكل كل يوم اثنى عشر ألف قرص وما أشبع قيل ان عوج لم يشبع من طعام قط ولم يسع فى لباس قط فقال نوح يا عوج قل بسم الله الرحمن الرحيم وكل فقال عوج بسم الله وأكل نصف قرص وشبع وبقى قرصان ونصف ثم ان نوحا قلع من تلك الشجرة أربعة ألواح وكمل بها السفينة وكان مكتوبا على اللوح الاوّل اسم أبى بكر وعلى الثانى اسم عمر وعلى الثالث اسم عثمان وعلى الرابع اسم علىّ رضى الله عنهم أجمعين فقال نوح يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء أصحاب محمد خاتم النبيين فكما ان سفينتك لم تكمل بدون هذه الالواح كذلك لم يكمل أمر أمة محمد بدون هؤلاء الاربعة قال ابن عباس اتخذ نوح السفينة فى سنتين
وكان طولها ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسين ذراعا وسمكها ثلاثين ذراعا وكانت من خشب الساج وجعل لها ثلاثة بطون فحمل فى البطن الاسفل الوحوش والهوام وفى البطن الاوسط الدواب والانعام وركب هو ومن معه من ولد آدم فى البطن الاعلى وجعل الذرّ معه فى الطبقة العليا شفقة عليها لضعفها لئلا يصل اليها شئ وحمل معه ما يحتاج اليه من الزاد* وفى معالم التنزيل انها كانت ثلاث طبقات الطبقة السفلى للدواب والوحوش والطبقة الوسطى فيها الانس والطبقة العليا فيها الطير وروى عن الحسن أنه قال كان طولها ألفا ومائتى ذراع وعرضها ستمائة ذراع* وفى بعض الكتب كان عرضها أربعمائة ذراع ولها سبعة أطباق والمعروف أن طولها ثلثمائة ذراع واختلفوا فى التنور فى الآية قال عكرمة والزهرى قيل لنوح اذا رأيت الماء فار على وجه الارض فاركب السفينة فالمراد بالتنور فى الآية وجه الارض وروى عن علىّ رضى الله عنه أنه قال فار التنور أى طلع الفجّر الصبح وقيل فار التنور مثل كناية عن اشتداد الامر كقولهم حمى الوطيس أى اشتدّ الامر وقال الحسن ومجاهد والشعبى انه التنور الذى يخبر فيه ابتدأ منه النبوع على خرق العادة عن ابن عباس كان تنورا من حجارة وقيل من حديد كانت حوّاء تخبز فيه فصار الى نوح فقيل لنوح اذا رأيت الماء يفور من التنور فاركب السفينة أنت وأصحابك* وفى رواية قال نوح يا رب ما علامة الطوفان قال علامته أن يفور تنور امرأتك أو ابنتك وينبع الماء من بين النار ويرتفع كالقدر ويفور فلما نبع الماء من التنور أخبرته امرأته فركب* وفى المدارك أخرج سبب الغرق من موضع الحرق ليكون أبلغ فى الانذار والاعتبار واختلفوا فى موضع التنور فقال مجاهد والشعبى كان فى ناحية الكوفة وقالا اتخذ نوح السفينة فى جوف مسجد الكوفة وكان التنور على يمين الداخل مما يلى باب كندة وكان فوران الماء منه علما لنوح وانه من ذلك الموضع ركب السفينة وقال مقاتل كان ذلك تنور آدم وكان بالشام فى موضع يقال له عين وردة بقرب بعلبك* وفى انوار التنزيل كان بعين وردة من أرض الجزيرة وعن ابن عباس أنه كان بالهند وأدخل معه كل من آمن به واختلفوا فى عدد أصحاب السفينة قال قتادة وابن جريج ومحمد بن كعب القرظى لم يكن فى السفينة الاثمانية نوح وامرأته وثلاث بنين له سام وحام ويافث ونساؤهم فجميعهم ثمانية وقال الاعمش كانوا سبعة نوح وثلاث بنيه وثلاث كنائن له وقال ابن اسحاق كانوا عشرة نوح وبنوه سام وحام ويافث وستة أناس ممن كان آمن به وأزواجهم جميعا وقال مقاتل كانوا اثنين وسبعين نفرا رجلا وامرأة وبنيه الثلاثة ونساءهم فجميعهم ثمانية وسبعون نصفهم رجال ونصفهم نساء وعن ابن عباس كان فى سفينة نوح ثمانون رجلا أحدهم جرهم وحمل نوح معه جسد آدم وجعله معترضا بين الرجال والنساء كما مرّ وأمر نوح أن لا يعلو ذكر على أنثى ما داموا فى السفينة فأصاب حام امرأته فى السفينة فدعا نوح عليه فغير الله نطفته فجاءت منه السودان ووثب الكلب على الكلبة فدعا نوح عليهم فقال اللهم اجعلهم عسرا كذا فى العرائس* وعن ابن عباس لما أمر نوح بالحمل فيها قال يا رب كيف أحمل فيها قال من كل زوجين اثنين فحشر الله اليه الوحوش والسباع والطير من البرّ والبحر والسهل والجبل ليحملها قال ابن عباس أرسل الله المطر أربعين يوما وليلة فأقبلت الوحوش والطيور الى نوح حين أصابها المطر وسخرت له فجعل يضرب بيديه فى كل جنس فيقع الذكر فى يده اليمنى والانثى فى يده اليسرى فيحملهما فى السفينة وعنه أوّل ما حمل نوح الذرّة* وفى العرائس أوّل ما حمل معه من الطيور الدرّة وآخره الحمار ودخل بصدره وتعلق ابليس بذنبه فلم تستقل رجلاه فجعل نوح يقول ادخل فينكص حتى قال نوح ويحك ادخل وان كان الشيطان معك كلمة زلت على لسانه فلما قالها نوح خلى الشيطان سبيله فدخل ودخل الشيطان معه قال نوح ما أدخلك علىّ يا عدوّ الله قال ألم تقل
ادخل وان كان الشيطان معك قال اخرج عنى يا عدوّ الله قال مالك بد أن تحملنى معك وكان فيما يزعمون فى ظهر الفلك* وفى تفسير القشيرى جاء فى القصة ان ابليس تعرّض له وقال احملنى معك فى السفينة فأبى نوح عليه السلام فقال يا شقى تطمع فى حملى اياك وأنت رأس الكفرة فقال ابليس يا نوح أما علمت أن الله أنظرنى الى يوم القيامة وليس ينجو اليوم أحد الا من فى هذه السفينة فأوحى الله الى نوح أن احمله وكان ابليس مع نوح فى السفينة* وفى تفسير القشيرى ان الحية والعقرب أتيا نوحا فقالتا احملنا فقال نوح لا أحملكما فانكما سبب البلاء والضرر فقالتا احملنا ونحن نضمن لك أن لا نضرّ أحد اذكرك فمن قرأ حين خاف مضرّتهما سلام على نوح فى العالمين انا كذلك نجزى المحسنين انه من عبادنا المؤمنين ما ضرّتاه كذا فى حياة الحيوان* وعن زيد بن أسلم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما حمل نوح فى السفينة من كل زوجين اثنين قال أصحابه وكيف نطمئن أو تطمئن المواشى ومعنا الاسد فألقى الله عليه الحمى فكانت أوّل حمى نزلت الى الارض فهو لا يزال محموما وفى هذا المعنى قيل شعر
وما الكلب محموما وان طال عمره
…
ألا انما الحمى على الاسد الورد
وعن وهب بن منبه لما أمر نوح أن يحمل من كل زوجين اثنين قال يا رب وكيف أصنع بالاسد والبقر وكيف أصنع بالعناق والذئب وكيف أصنع بالحمام والهرّة قال من ألقى بينهم العداوة قال أنت يا رب قال فانى أؤلف بينهم فلا يتضرّرون أوردهما فى حياة الحيوان* وفى أنوار التنزيل حمل فيها من كل نوع من الحيوانات المنتفع بها وقال الحسن لم يحمل نوح الا ما يلد أو يبيض فأمّا ما يتولد من الطين من حشرات الارض كالبق والبعوض والذبات فلم يحمل منها شيئا فلما دخل وحمل معه من حمل تحرّكت ينابيع الغوط الاكبر وأمطرت السماء كأفواه القرب فجعل الماء ينزل من السماء وينبع من الارض حتى كثر واشتدّ وكان بين ارسال الماء واحتمال الماء الفلك أربعون يوما وليلة فعلا الماء رؤس الجبال بقدر أربعين ذراعا وقيل خمسة عشر ذراعا ولما كثر الماء فى السكك خشيت أمّ الصبىّ عليه وكانت تحبه حبا شديدا فخرجت به الى الجبل حتى بلغت ثلثه فلما بلغها ارتفعت حتى بلغت ثلثيه فلما بلغها ذهبت حتى استوت على الجبل فلما بلغ الماء رقبتها رفعت الصبىّ بيديها حتى ذهب الماء بها فلو رحم الله منهم أحدا لرحم أمّ الصبىّ* قال الضحاك كان نوح اذا أراد أن يجرى السفينة قال بسم الله جرت واذا أراد أن ترسو قال بسم الله رست قال الله تعالى بسم الله مجراها ومرساها ان ربى لغفور رحيم* وفى العمدة من ركب البحر فأمانه من الغرق أن يقول بسم الله مجراها ومرساها ان ربى لغفور رحيم وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون وكذا فى المعجم الكبير للطبرانى وعمل اليوم والليلة لابن السنى ومسند أبى يعلى الموصلى* وفى معالم التنزيل والعرائس فلما كثرت أرواث الدواب أوحى الله تعالى الى نوح أن اغمز ذنب الفيل فغمزه فوقع منه خنزير وخنزيرة فأقبلا على الروث فأكلاه فلما وقع الفأر جعل يفسد فى السفينة ويقرض الحبال لانه توالد فى السفينة فأوحى الله اليه أن اضرب بين عينى الاسد فضرب فخرج من منخره سنور وسنورة فأقبلا على الفأر* وفى حياة الحيوان شكوا الفأر فقال الفو يسقة تفسد علينا طعامنا ومتاعنا فأوحى الله تعالى الى الاسد فعطس وفى موضع آخر منها فمسح نوح عليه السلام على جبهة الاسد فعطس فخرجت الهرّة منه فتخبأت الفأرة منها* وفى روضة الاحباب روى أن السفينة كانت مطبقة وكانت ظلمة الهواء بحيث لا يتميز النهار من الليل قال ابن عباس خلق الله على حرف السفينة كهيئة خرزتين نيرتين تتحرّك احداهما كالشمس والاخرى مثل القمر ومن حركتهما يعلم الليل والنهار وأوقات
الصلوات* وفى معالم التنزيل ان نوحا كان نجارا صنع السفينة وركبها لعشر مضت من رجب وجرت بهم السفينة ستة أشهر ومرّت بالبيت وطافت به سبعا وقد رفعه الله من العرق وبقى موضعه وفى رواية انها طافت به سبعين مرّة وقد أعتقه الله من الغرق* وفى العرائس طافت السفينة بأهلها الارض كلها فى ستة أشهر لا تستقرّ على شىء حتى أتت الحرم فلم تدخله ودارت بالحرم أسبوعا وقد رفع الله البيت الذى كان حجه آدم صيانة له من الغرق وهو البيت المعمور وخيأ جبريل الحجر الاسود فى جبل أبى قبيس فلما طافت السفينة بالحرم ذهبت فى الارض تسير بهم حتى انتهت الى الجودى وهو جبل بالجزيرة من أرض الموصل فاستقرّت عليه قال مجاهد تشامخت الجبال وتطاولت لئلا ينالها الماء قعلا فوقها خمسة عشر ذراعا وتواضع الجودى لامر ربه فلم يغرق ورست السفينة عليه* وفى الكشاف عن قتادة استقلت بهم السفينة فى رجب لعشر خلون منه وكانت فى الماء خمسين ومائة يوم واستقرّت على الجودى شهرا وهبط يوم عاشوراء* وفى معالم التنزيل قيل طافت بهم على تمام وجه الارض مرّتين حتى استوت على الجودى وهو جبل بالجزيرة بقرب الموصل وقيل بالشام وقيل بآمد روى أن نوحا بعث الغراب ليأتيه بخبر الارض ولينظر هل غرقت البلاد فوقع على جيفة طافية على وجه الماء فاشتغل بها فلم يرجع فدعا عليه نوح بالخوف فعلقت رجلاه وخوّف من الناس فلذلك لم يألف البيوت فبعث الحمامة فجاءت بورق زيتون فى منقارها ولطخت رجليها بالطين فعلم نوح أن الماء قد غيض والبلاد قد جفت فطوّقها بالخضرة التى فى عنقها ودعا لها بالانس وأن تكون فى أمان ومن ثمة تألف البيوت والآدميين* وفى حياة الحيوان ان ورشانا أخبر نوحا عليه السلام بنقص الماء لما كان فى السفينة* وفى معالم التنزيل قيل ما نجا من الكفار من الغرق غير عوج بن عنق كان الماء الى حجزته كما مرّ وكان سبب نجاته أن نوحا احتاج الى خشب الساج للسفينة ولم يمكنه نقلها فحملها عوج اليه من الشام وهو بالكوفة فنجاه الله من الغرق لذلك كما مرّ* وفى العرائس لما خرج نوح ومن معه من السفينة اتخذ بناحية باقور من أرض الجزيرة موضعا ابتنى هنا لك قرية سموها بسوق ثمانين لانه كان يبنى فيها بيتا لكل انسان ممن معه وهم ثمانون فهى الى اليوم تسمى سوق ثمانين* وفى العرائس قال أهل التاريخ أرسل الله الطوفان لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر آب من الشهور الرومية لمضىّ ستمائة سنة من عمر نوح ولتتمة ألفى سنة وفى رواية ثلاثة آلاف سنة ومائتين وستة وخمسين سنة* وفى المختصر واثنان وأربعون سنة بدل خمسين سنة من لدن أهبط الله آدم عليه السلام وركب نوح ومن معه فى السفينة لعشر خلون من رجب وخرجوا منها فى العاشر من المحرّم فلذلك سمى يوم عاشوراء وأقاموا فى الفلك ستة أشهر فلما هبط نوح ومن معه سالمين صام نوح وأمر جميع من معه من الانس والوحوش والدواب والطير فصاموا شكرا لله تعالى ويقال ان نوحا ومن معه كانت أظلمت أعينهم فى السفينة من دوام النظر فى الماء فأمر بالاكتحال يوم عاشوراء الذى خرجوا فيه من السفينة عن ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اكتحل بالاثمد يوم عاشوراء لم ترمد عينه أبدا* وفى الانس الجليل كان الطوفان بعد هبوط آدم بالفى سنة ومائتين واثنين وأربعين سنة وعمر نوح ألف وأربعمائة وخمسون سنة وهو الموافق للآية وفى المختصر ولد نوح فى السنة المائتين وسبع وثمانين من عمر لك وعاش نوح فى الدنيا تسعمائة وخمسين سنة وولد بعد وفاة آدم بتسعمائة سنة وثنتى عشرة سنة وكان الغرق فى سنة ستمائة من عمر نوح وكان بين الطوفان وهبوط آدم ألفان ومائتان واثنان وأربعون سنة* وفى العرائس عاش نوح بعد الطوفان ثلثمائة وخمسين سنة وكان جميع عمره ألف سنة الا خمسين عاما ثم قبضه الله اليه هذا قول أكثر العلماء وكذا هو
فى التوراة وقال عون بن أبى شدّاد عاش نوح عليه السلام بعد الطوفان ألف سنة الا خمسين عاما وقبل الطوفان ثلثمائة وخمسين سنة فعلى هذا القول كان مبلغ عمر نوح ألفا وثلثمائة سنة* وفى ربيع الابرار كان نوح فى بيت من شعر ألفا وأربعمائة سنة فكلما قيل له يا رسول الله لو اتخذت بيتا من طين تأوى اليه قال أنا ميت غدا فتاركه فلم يزل فيه حتى فارق الدنيا ويروى أنه قيل لنوح حين حضرته الوفاة كيف رأيت الدنيا قال كبيت له بابان دخلت من أحدهما وخرجت من الآخر* روى أنه لما كثر أولاد نوح وذراريهم وكانوا ساكنين بعد نوح بالموصل الى بابل سنين وكان كلام جميعهم بالسريانية فاقتضت الارادة الالهية تعمير البلاد بأصناف العباد فتغايرت ذات ليلة ألسنتهم وتناكرت أفئدتهم فأصبحوا يوما وقد تبلبلت ألسنتهم وتكلم كل واحد منهم باللسان الذى عليه أعقابهم اليوم فلم تعرف فرقة منهم كلام الاخرى فحرجوا من بابل كل فرقة بأهليهم يهيمون فى الارض فتفرّقوا فى البلاد والاقطار واتخذوا منها القرى والامصار فتوالدوا فيها وتكاثروا واشتهر كل مكان باسم ساكنيه* وفى الانس الجليل لما خرج نوح من السفينة قسم الارض بين أولاده الثلاثة سام ويافث وحام أعطى ساما الحجاز واليمن والشام والجزيرة وأعطى يافثا المشرق وأعطى حاما المغرب* وفى الوفاء عن ابن عباس لما خرج الناس من السفينة نزلوا طرف بابل وكانوا ثمانين نفسا فسمى الموضع سوق الثمانين كما مرّ وطول بابل مسيرة عشرة أيام واثنى عشر فرسخا فمكثوا بها حتى كثروا وصار ملكهم نمرود بن كنعان بن حام فلما كفروا تبلبلوا وتفرّقت ألسنتهم على اثنين وسبعين لسانا ففهم الله العربية منهم عمليق وطسم ابنى لاود بن سام بن نوح وعادا وعبيل ابنى عوص بن ارم بن سام وثمود وجديس ابنى جائر بن ارم بن سام وقنطور بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام فنزلت عبيل يثرب ويثرب اسم عبيل ثم أخرجوا منها ونزلوا الجحفة فجاءهم سيل أجحفهم منه فسميت الجحفة وقال أبو القاسم الزجاج أوّل من سكن المدينة عند التفرّق يثرب بن فانية بن مهلائيل بن عوم بن عبيل بن عوص بن ارم بن سام بن نوح عليه السلام وبه سميت يثرب* وروى عن ابن عباس ما يدل عليه وقال ياقوت كان أوّل من زرع بالمدينة واتخذ بها النخل وعمر بها الدور والآطام واتخذ بها الضياع العماليق وهم بنو عملاق بن أرفخشد بن سام بن نوح وكانت العماليق ممن انبسط فى البلاد فأخذوا ما بين البحرين وعمان والحجاز الى الشام ومصر وجبابرة الشام وفراعنة مصر منهم* وفى الوفاء الحجاز بالكسر مكة والمدينة واليمامة ومخاليفها* وفى المختصر وكان أوّل من خرج منهم من بابل ولد يافث بن نوح وكانوا سبعة اخوة منهم الترك والخوز والصقالبة والتاريس ومنسك وكار والصين فسلكوا مطلع الشمس مما يلى المشرق وتسوقهم ريح الجنوب والصبا فتفرّقوا فى تلك الارض الى الشمال وتكلم كل واحد منهم بلسان عليه ولده الآن ثم من بعدهم ولد حام بن نوح وكانوا أيضا سبعة اخوة منهم السند والهند والحبش والقبط والبجه فسلكوا وايمنة عن مطلع الشمس مما يلى الغرب تسوقهم ريح الدبور حتى انتهوا الى بلدان يسمونها بهم اليوم وتكلموا باللسان الذى عليه أولادهم الآن وأقام سام بن نوح ببابل حتى تغيرت أحوالهم واختلفت أقوالهم وتفرّقت كلمتهم وله أولاد وبنون ذوو جمال وعقل منهم أكبرهم سنا وأكثرهم جمالا وعقلا وأفضلهم كلاما وكمالا عالم بن سام والنضر بن سام وكان أحرصهم عملا والاسود ابن سام وكان أعزهم نفسا ولهم أولاد كثيرة منهم عراق بن عالم وكرمان بن ايرج بن سام وخراسان ابن عالم وفارس بن أسود وروم بن الاسود وأرمن بن يوزخ بن سام وهيطل بن عالم فطلبوا منه هؤلاء البلاد التى عليها أعقابهم الى الآن فلم يبق فى مملكة بابل الا ولد أرفخشد بن سام بن نوح* وأما ولد ارم بن سام بن نوح احتقروا الناس بما أنعم الله عليهم من اللسان العربى والقوّة والبطش عند تبلبل