الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن عفان فى السنة السادسة بعد الفيل وقيل غير ذلك*
كفالة عبد المطلب له عليه السلام
وفى السنة السابعة من مولده صلى الله عليه وسلم كفالة عبد المطلب لرسول الله صلى الله عليه وسلم* روى نافع بن جبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مع امّه آمنة بنت وهب فلما توفيت ضمه اليه جدّه عبد المطلب ورق عليه رقة لم يرقها على ولده وكان يقربه منه ويدخل عليه اذا خلا واذا نام وكان يجلس على فراشه واولاده كانوا لا يجلسون عليه* قال ابن اسحاق حدّثنى العباس بن عبد الله بن معبد عن بعض اهله قال كان يوضع لعبد المطلب فراش فى ظل الكعبة وكان لا يجلس عليه احد من بنيه اجلالا له وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتى حتى يجلس عليه فتذهب أعمامه يؤخرونه فيقول عبد المطلب دعوا ابنى ويمسح على ظهره ويقول انّ لابنى هذا الشأنا كذا قال ابن الاثير فى أسد الغابة وقال قوم من بنى مدلج وهم مشهورون بالقيافة يا عبد المطلب احتفظ به فانا لم نر قد ما أشبه بالقدم التى فى مقام ابراهيم منه فقال عبد المطلب لابى طالب اسمع ما يقول هؤلاء فى ابن أخيك وقال لأمّ أيمن وكانت تحضنه لا تغفلى عن ابنى فان أهل الكتاب يزعمون انه نبى هذه الامّة وكان عبد المطلب لا يأكل طعاما الا قال عليّ با بنى فيؤتى به اليه فلما حضرت عبد المطلب الوفاة أوصى أبا طالب بحفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم*
رمده عليه السلام
ومن وقائع هذه السنة ما روى انه أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رمد شديد فعولج بمكة فلم يغن عنه فقيل لعبد المطلب ان فى ناحية عكاظ راهبا يعالج الاعين فركب اليه فناداه وديره مغلق فكان لا يجيبه فتزلزل به ديره حتى خاف أن يسقط عليه فخرج مبادرا وقال يا عبد المطلب ان هذا الغلام نبى هذه الامّة ولو لم أخرج اليك لخرّديرى وارجع به واحفظوه لا يغتاله بعض أهل الكتاب ثم عالج*
استسقاء عبد المطلب
وفى هذه السنة استسقى عبد المطلب مع قريش روى عن رقيقة بنت صيفى بن هاشم أنها قالت تتابعت على قريش سنون حتى يبست الضروع ودقت العظام فبينا أنا راقدة فاذا بهاتف صيت يصرخ بصوت ضخم يقول يا معشر قريش ان هذا النبىّ المبعوث منكم هذا ابان نجومه فحىّ هلا بالحيا والخصب ألا فانظروا منكم رجلا طوالا عظاما أبيض وضاء أشم العرنين سهل الخدّين له فخر يكظم عليه ويروى رجلا وسيطا عظاما جساما أوطف الاهداب ألا فليخلص هو وولده وليد لف اليه من كل بطن رجل ألا فليشنوا من الماء وليسموا من الطيب وليطوفوا بالبيت سبعا وفيهم الطيب الطاهر لذاته ألا فليستسق الرجل وليؤمّن القوم ألا فغثتم اذا ما شئتم قالت فأصبحت مذعورة قدقف جلدى ووله عقلى وقصصت رؤياى على أهل الحرم ان بقى أبطحى الا قال هذا شيبة الحمد وشيبة الحمد اسم عبد المطلب وتتاءمت عنده قريش وانقض اليه من كل بطن رجل فشنوا الماء ومسوا من الطيب وطافوا بالبيت سبعا ورفع ابنه محمدا صلى الله عليه وسلم على عاتقه وهو يومئذ ابن سبع سنين وارتقوا أبا قبيس فدعا واستسقى وأمّن القوم قالت فما وصلوا البيت حتى انفجرت السماء بمائها وامتلأ الوادى قالت سمعت شيوخ العرب يقولون لعبد المطلب هنيئا لك يا أبا البطحاء وفى ذلك تقول رقيقة
بشيبة الحمد أسقى الله بلدتنا
…
لما فقدنا الحيا واجلوّذ المطر
فجاء بالماء جوبى له سبل
…
سحا فعاشت به الانعام والشجر
كذا فى الحدائق لابن الجوزى قولها اجلوّذ المطر أى امتدّ وقت تأخره وانقطاعه والجوبة هى الحفيرة المستديرة الواسعة وكل منفتق بلا بناء جوبة كذا فى نهاية ابن الاثير*
تبشير سيف الحميرى عبد المطلب
وفى هذه السنة خروج عبد المطلب لتهنئة سيف بن ذى يزن الحميرى بالملك وتبشير سيف عبد المطلب بأنه سيظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسله* روى عن زرعة بن سيف بن ذى يزن الحميرى أنه قال لما ظهر جدّى سيف على الحبشة وذلك بعد مولد النبىّ صلى الله عليه وسلم بسنتين أتته وفود العرب وأشرافها وشعراؤها لتنهئته وأتاه
وفود قريش فيهم عبد المطلب بن هاشم وأمية بن عبد شمس وعبد الله بن جذعان وأسد بن عبد العزى ووهب بن عبد مناف وقصى بن عبد الدار وهو فى رأس قصر يقال له غمدان* وفى القاموس غمدان كعثمان قصر باليمن بناه ليشرخ بن الحارث بن صيفى بن سبأ جدّ بلقيس بأربعة وجوه أحمر وأصفر وأبيض وأخضر وبنى داخله قصرا بسبعة سقوف بين كل سقف أربعون ذراعا وسيجىء ذكر سليمان وبلقيس وذكر الحصون الثلاثة فى آخر الباب وغمدان هو الذى يقول فيه أمية بن أبى الصلت الثقفى يمدح ابن ذى يزن الحميرى
اشرب هنيئا عليك التاج مرتفعا
…
فى رأس غمدان دارا منك مجلالا
اشرب هنيئا فقد شالت نعامتهم
…
وأسبل اليوم فى برديك اسبالا
تلك المكارم لاقعبان من لبن
…
شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
وكان الملك يومئذ فى أعظم هيئاته متضمخا بالعنبر ينطف وبيص المسك فى مفرق رأسه وعليه بردان من برود اليمن أخضر ان مرتد بأحدهما متزر بالآخر عن يمينه الملوك وعن شماله الملوك وأبناء الملوك والمقاول فأخبر بمكانهم فأذن لهم فدخلوا عليه فدنا عبد المطلب فاستأذنه فى الكلام فقال ان كنت ممن يتكلم بين يدى الملوك فقد أذناك فقال ان الله عز وجل أحلك أيها الملك محلا رفيعا باذخا شامخا منيعا وأنبتك نباتا طابت أرومته وعظمت جرثومته وثبت أصله وبسق فرعه فى أطيب موطن وأكرم معدن وأنت أبيت اللعن ملك العرب ونابها وربيعها الذى به تخصب وأنت أيها الملك ملك العرب وفى رواية رأس العرب الذى ينقاد وعمودها الذى عليه العماد ومعقلها الذى يلجأ اليه العباد سلفك خير سلف وأنت لنا منه خير خلف فلن يهلك من أنت خلفه ولن يخمد ذكر من أنت سلفه نحن أهل حرم الله وسدنة بيته أشخصنا اليك الذى أبهجنا لكشفك الكرب الذى قدحنا فنحن وفد التهنية لا وفد التعزية* فقال له الملك من أنت أيها المتكلم فقال انا عبد المطلب ابن هاشم قال ابن أختنا قال نعم قال ادن ثم أقبل عليه وعلى القوم فقال مرحبا وأهلا وناقة ورحلا فأرسلها مثلا وكان أوّل من تكلم بها ومستناخا سهلا وملكا ربحلا يعطى عطاء جزلا قد سمع الملك مقالتكم وعرف قرابتكم وقبل وسيلتكم وأنتم أهل الليل والنهار لكم الكرامة ما أقمتم والحباء اذا ظعنتم انهضوا الى دار الضيافة والوفود وأجرى عليهم الانزال وأقاموا بعد ذلك شهرا لا يصلون اليه ولا يؤذن لهم بالانصراف ثم ان الملك انتبه لهم انتباهة فأرسل الى عبد المطلب فأدناه ثم قال له يا عبد المطلب انى مفوّض اليك من سر علمى أمرا لو غيرك يكون لم أبح له به ولكن رأيتك معدنه فأطلعتك طلعته فليكن عندك مطويا حتى يأذن الله عز وجل فيه انى أجد فى الكتاب المكنون والعلم المخزون فليكن الدى أخرناه لا نفسنا واحتجبناه دون غيرنا خيرا عظيما وخطرا جسيما فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاة للناس عامة ولرهطك كافة ولك خاصة فقال عبد المطلب لقد أبت بخير ما آب أيها الملك بمثله وافد قوم ولولا هيبة الملك واجلاله واعظامه لسألته من سرّه اياه ما أزداد به سرورا فقال الملك هذا حينه الذى يولد فيه ولد اسمه محمد يموت أبوه وامّه ويكفله جدّه وعمه وقد ولدناه مرارا والله عز وجل باعثه جهارا وجاعل له منا انصارا يعزبهم أولياءه ويذل بهم أعداءه ويضرب لهم الناس عن عرض ويستبيح بهم كرائم أهل الارض تخمد به النيران ويعبد به الرحمن ويزجر الشيطان وتكسر الاوثان قوله فصل وحكمه عدل يأمر بالمعروف ويفعله وينهى عن المنكر ويبطله* فقال عبد المطلب عز جارك ودام ملكك وعلا كعبك فهل الملك سارّى بافصاح فقد أوضح لى بعض الايضاح فقال له ابن ذى يزن والبيت ذى الحجب والعلامات على