الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تسبيح الملائكة فقصره الله تعالى حتى بلغ ستين ذراعا وهو مخالف لما رواه أبو هريرة عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه قال خلق الله آدم على صورته وطوله ستون ذراعا كذا فى حياة الحيوان* وزاد فى المشكاة فى سبعة أذرع عرضا وفى الصحيحين فكل من يدخل الجنة على صورة آدم فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن كذا فى المشارق واختلف فى أن المراد ذراع آدم أو الذراع المتعارف بين الناس الآن* وفى حياة الحيوان فى قوله صلى الله عليه وسلم خلق الله آدم على صورته قال القاضى أبو بكر بن العربى المالكى العلامة يعنى على صفاته وليس لله خلق أحسن من الانسان فان الله عز وجل خلقه حيا عالما قادرا مريدا متكلما سميعا بصيرا مدبرا حكيما وهذه صفات الرب تعالى وعن أبى أمامة أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أنبيا كان آدم قال نعم قال كم بينه وبين نوح قال عشرة قرون صححه ابن حبان* وفى العمدة القرن مائة سنة لما روى أن النبىّ صلى الله عليه وسلم وضع يده على رأس غلام وقال سيعيش هذا الغلام قرنا فقيل كم القرن قال مائة سنة فعاش مائة سنة وقيل القرن ثمانون سنة وقيل أربعون سنة* وفى المواهب اللدنية اختلفوا فى تحديد القرن كم مدّة من الزمان من عشرة أعوام الى مائة وعشرين لكن لم أر من صرّح بالتسعين ولا بمائة وعشرة وما عدا ذلك فقد قال به قائل* وقال صاحب المحكم القرن هو المتوسط من أعمار أهل كل زمن وهذا أعدل الاقوال روى ان آدم لم يكن له لحية وانما كانت لبنيه وأوّل من شاب منهم ابراهيم عليه السلام وسيجىء كما ورد فى صفة أهل الجنة جرد مرد على صورة آدم عليه السلام وروى فى بعض الاخبار أن آدم لما كثر بكاؤه على فراق الجنة نبتت لحيته والاصح هو الاوّل كذا فى المتقى*
نفيسة
وفى الخبر سيد الصور صورة آدم عليه السلام وسيد الملائكة اسرافيل وسيد الانبياء محمد صلى الله عليه وسلم وسيد الشهداء هابيل وسيد المؤذنين بلال وسيد الشهور رمضان وسيد الايام يوم الجمعة وسيد الليالى ليلة القدر وسيد المساجد المسجد الحرام وسيد البيوت الكعبة وسيد الجبال جبل موسى وسيد الانعام الثور وسيد الطيور النسر وسيد الوحوش الابل وسيد السباع الاسد كذا فى بحر العلوم* وفيه قال ابن عباس لما قالت الملائكة أتجعل فيها من يفسد فيها الآية أراد الله أن يظهر فضل آدم عليه السلام فعلمه وأظهر فضله عليهم بعلمه ما لا يعلمونه ثم اختلف فى وجه تعليمه فقيل انه أرسل اليه ملكا من غير هؤلاء وأوحى اليه بذكر أسماء المخلوقات فسمعها وحفظها وقيل ألهمه فوقع فى قلبه فجرى لسانه بما فى قلبه بتسمية الاشياء من عنده* واختلف أيضا فى أنه جرى لسانه بتسميتها بلسان واحد أم بالالسنة كلها فقيل بلسان واحد ثم كل فريق تواضعوا على غير ذلك من الالسنة وقيل بالالسنة كلها التى يتكلم بها جميع الناس الى يوم القيامة* وعلم ذلك كله أولاده فلما تفرّقوا تكلم كل قوم منهم بلسان استسهلوه منها وألفوه ثم أنسوا غيره بعد تطاول الزمان وقيل أصبحوا وكل قوم منهم يتكلمون بلغة قد نسوا غيرها فى ليلة واحدة واختلفوا فى أنه كان تعليم الاسماء وحدها أو تعليمها بمعانيها ان هذا اسمه كذا ويستعمل فى كذا ونفعه كذا وضرّه كذا قال الربيع بن أنس وأبو العالية علمه أسماء الملائكة جبرائيل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل وكذا كل ملك* وقال عبد الرحمن بن زيد علمه أسماء ذرّيته من وقت آدم الى انقراض العالم وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك علمه اسم كل شىء حتى القصعة والقصيعة والمغرفة وقال ابن عباس فى رواية علمه اسم كل عين وكل فعل* وقال مقاتل خلق كل شئ من الحيوان والجماد وغيرهما ثم علم آدم أسماءها فقال له يا آدم هذا فرس وهذا بغل وهذا حمار حتى أتى الى آخرها وقال سعيد بن جبير اسم كل جنس البعير والبقرة والشاة ونحوها وقال أبو موسى الاشعرى علمه صنعة كل شىء وقال الضحاك عن ابن عباس علمه أسماء المدن وأسماء القرى وأسماء
الطيور والشجر وأسماء ما كان وما يكون الى يوم القيامة وقيل أسماء المخلوقات كلها فى الارض وفى السماء من الحيوانات والجمادات والمطعومات والمشروبات وكل نعيم فى الجنة وقال عكرمة اسم الغراب والحمامة وقال حميد الشامى أسماء النجوم وقال الحسن البصرى علمه كل صنعة فعلمه صنعة الحديد الذى يعمل به فى الزرع عموما فحرث به وسقى حتى بلغ ثم حصده ثم داسه ثم ذرّاه ثم طحنه ثم عجنه ثم خبزه* وقال الامام القشيرى عموم قوله الاسماء يقتضى الاستغراق واقتران قوله كلها يوجب الشمول والتحقيق فلما علمه أسماء المخلوقات كلها على ما قاله المفسرون علمه أسماء الحق لكى يظهر للملائكة محل تخصيصه بأسماء المخلوقات وبذلك القدر بان رجحانه عليهم وأما انفراده بأسمائه سبحانه وتعالى فذلك سرّ لا يطلع عليه ملك* ومن ليس له رتبة مساواة آدم فى معرفة أسماء المخلوقات فأى طمع له فى مساواته فى معرفة أسماء الحق ووقوفه على أسرار الغيب فاذا كان التخصيص بمعرفة أسماء المخلوقات يقتضى أن يصلح لسجود الملائكة فما الظنّ بالتخصيص بمعرفة أسماء الحق تعالى فى استحقاق مزيد الاعزاز والاكرام* ثم عرضهم على الملائكة أى عرض أصحاب الاسماء أى المسميات وهم الملائكة والناس والجنّ والشياطين وغيرهم فاجتمع فى ذلك من يعقل ومن لا يعقل فلذلك جمع بالهاء والميم تغليبا للعقلاء على غيرهم وهى قراءة العامّة وفى قراءة أبىّ ثم عرضها وهو يرجع الى الاسماء* قال قتادة لما خلق الله تعالى آدم عليه السلام همست الملائكة فيما بينهم وقالت لله أن يخلق من الخلق ما يشاء ولكن لن يخلق خلقا أفضل وأعلم منا فأظهر الله تعالى عجزهم وعلم آدم الاسماء وأمر الملائكة فقال أنبئونى بأسماء هؤلاء أى أخبرونى بأسماء هؤلاء المسميات ان كنتم صادقين أنكم أعلم منه فلما عجزوا عن ذلك قالوا فى جوابه سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا قال وهب بن منيه ألهم الله آدم الاسماء فقال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فسمى كل أمّة باسمها من البهائم والبقاع والنبات وأمم البرّ على حدة وأمم البحر على حدة ثم فتح له السموات فسمى أهل كل سماء بأسمائهم فلما أنبأهم بذلك وعلموا فضله وعرفوا عجزهم قال الله لهم ألم أقل لكم انى أعلم غيب السموات والارض الآية ولما ظهر فضله عليهم بالعلم أمرهم بخدمته وهو قوله واذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم* اختلف فى هذا فقيل هم ملائكة الارض الذين هم كانوا مع ابليس طهر الله بهم الارض ممن أفسد فيها من الجان وقيل هم ملائكة السموات السبع وقيل هم جميع الملائكة ولذا قال كلهم أجمعون وقيل انه خطاب للملائكة ولغير الملائكة من عالم زمانهم ليسجدوا له جميعا والملائكة لما كانوا أشرف العالم حينئذ كان من عداهم تبعا لهم ثم اختلفوا فى تفسير هذا السجود قيل هو استسخارهم لآدم وولده لان الله تعالى سخر الملائكة له ولهم فى انزال المطر عليهم وحفظ آثارهم وكتب أعمالهم والعروج بها الى السماء لان السجود فى اللغة الفتور والانكسار وقيل هو التواضع وقيل ان السجود المأمور به كان الايماء دون السجود المستوفى فى الصلاة كالذى يفعله الناس فى لقاء عظمائهم من الخضوع والتواضع لهم تشريفا وتعظيما وليس بسجود تامّ ونقل هذا عن أبىّ بن كعب وابن عباس حيث قالا كان ذلك انحناء ولم يكن خرورا وقيل وهو قول الاكثرين وهو الظاهر من السجود هو السجود المستوفى المأمور بمثله فى الصلاة وهو وضع الجبهة على الارض بدليل ما فى آية أخرى فقعوا له ساحدين فدل على أنه أراد به الانحناء التامّ بالخرور والسقوط على الارض واختلفوا أيضا فى أنه كان على الدوام أو مرّة فمن جعله للاستسخار فهو فيه وفى ولده الى قيام الساعة ومن جعله تواضعا له فهو له الى آخر عمره ومن جعله فعلا واحدا تحية له فهو مرّة واختلف أيضا فى قوله لآدم ان الفعل كيف كان فى حقه قيل معناه فعل أقيم له تعظيما له وتشريفا وبيانا لقدره وقيل هو عبادة أقيمت لله تعالى لانه كان بأمره وكان آدم قبلة لها وفيه بيان قدره وتخصيصه لانه أمر به تشريفا لشأنه وقيل كان