المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌احياء أبويه صلى الله عليه وسلم - تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس - جـ ١

[الديار بكري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الاوّل من تاريخ الخميس فى أحوال أنفس نفيس

- ‌ذكر ترتيب الكتاب على مقدّمة وثلاثة أركان وخاتمة

- ‌الطليعة الاولى فى تعريف النبىّ والرسول

- ‌مطلب نفيس فى نغمات داود

- ‌دقبقة فى الاب والام والابن

- ‌(ذكر ترتيب ما نزل بمكة)

- ‌(ذكر ترتيب ما نزل بالمدينة)

- ‌(ذكر ما اختلفوا فيه)

- ‌(ذكر ما نزل مرّتين)

- ‌وأما الناسخ والمنسوخ

- ‌وأوّل من تتبع القرآن وجمعه

- ‌ذكر اللغات التى نزل بها كلام الله

- ‌مطلب أولو العزم

- ‌الفرق بين البشر والملك

- ‌مطلب نفيس في قولهم أن الولاية أفضل من النبوّة

- ‌الفرق بين النبىّ والولىّ والساحر

- ‌أوّل المخلوقات

- ‌مطلب اللوح والقلم

- ‌(حديث صور الانبياء)

- ‌(ذكر دلائل نبوّته)

- ‌ذكر خبر أبي عامر الراهب

- ‌ الطليعة الثانية من المقدّمة

- ‌(ذكر خلق السماء والارض)

- ‌(ذكر خلق الملائكة والجان)

- ‌(ذكر مدّة الدنيا وذكر مدّة هذه الامّة)

- ‌دقيقة في اختصاص السبعة بأن تكون مدّة الدنيا

- ‌(ذكر ابتداء خلق آدم)

- ‌غريبة من الفتوحات

- ‌(ذكر الروح)

- ‌(ذكر عيسى ومريم ويحيى)

- ‌نفيسة

- ‌قصة اباء ابليس

- ‌(ذكر أخذ الميثاق)

- ‌خلق حوّاء

- ‌خطبة نكاح آدم وحوّاء التي خطبها الله عز وجل

- ‌صفة شجرة الحنطة

- ‌صفة الحية

- ‌أكل آدم من الشجرة

- ‌معاقبة إبليس

- ‌الخصال التى ابتليت بها حوّاء

- ‌خروج آدم من الجنة

- ‌اتخاذ آدم الديك لمعرفة الاوقات

- ‌(ذكر كيفية انتقاله صلى الله عليه وسلم من الاصلاب الطيبة الى الارحام الطاهرة وبالعكس)

- ‌(ذكر نسبة أبوى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌(ذكر نسبة أمّ نبينا صلى الله عليه وسلم

- ‌صفة الشعرى

- ‌أولاد آدم الصلبية

- ‌قتل قابيل هابيل

- ‌قصة عنق وابنها عوج

- ‌(ذكر ملوك الفرس متفرّقة ومشاهير الانبياء والحكماء الذين كانوا فى أيامهم)

- ‌(ذكر كيومرث)

- ‌(ذكر هوشنج)

- ‌(ذكر طهمورث)

- ‌ذكر ادريس عليه السلام

- ‌(ذكر ملك جمشيد)

- ‌ذكر متوشلخ

- ‌ذكر نوح عليه السلام

- ‌صفة سفينة نوح

- ‌(ذكر الضحاك)

- ‌(ذكر افريدون)

- ‌ذكر ارم

- ‌ذكر لقمان

- ‌(ذكر مولد ابراهيم عليه السلام

- ‌(ذكر القاء ابراهيم فى النار)

- ‌فائدة فى قتل الوزغ

- ‌ذكر صرح نمرود

- ‌ذكر سارة

- ‌ذكر هاجر

- ‌(ذكر الشام والارض المقدّسة والقدس والخليل)

- ‌(ذكر أولية البيت الحرام وركنه المستلم والمقام ومن تولى بناءه من الملائكة والانبياء الكرام ومن دونهم من سائر الامم والانام وبدء ظهور زمزم فى عهد اسماعيل عليه السلام

- ‌ذكر الاختلاف فى الذبيح

- ‌قصة الذبح

- ‌تزوّج اسماعيل وزيارة أبيه ابراهيم له

- ‌بناء الكعبة

- ‌(ذكر ذى القرنين الاكبر)

- ‌ذكر ذى القرنين الاصغر

- ‌سدّ الاسكندر

- ‌ذكر يأجوج ومأجوج

- ‌(ذكر خروج الدجال)

- ‌آثار الاسكندر

- ‌(ذكر الخضر عليه السلام

- ‌بقية اخبار ابراهيم عليه السلام

- ‌(ذكر دابة الارض)

- ‌أشراط الساعة

- ‌بقية أخبار بناء الكعبة

- ‌عدّة بناء الكعبة

- ‌نقل الحجر الاسود

- ‌أوّل من كسا الكعبة

- ‌ذرع الكعبة

- ‌مقامات الائمة ومصلاهم

- ‌(ذكر عدد أبواب المسجد الحرام)

- ‌(ذكر عدد الاساطين التى فى المسجد الحرام)

- ‌عدد منائر المسجد الحرام

- ‌فضيلة مكة

- ‌رجع الى ذكر أحوال ابراهيم

- ‌أوّل من شاب ابراهيم

- ‌(ذكر وفاة ابراهيم عليه السلام

- ‌صورة ما كتبه النبى صلى الله عليه وسلم لتميم الدارى

- ‌(ذكر ختن ابراهيم عليه السلام

- ‌(ذكر أولاد ابراهيم عليه السلام

- ‌(ذكر نبذة من قصة يعقوب ويوسف عليهما السلام

- ‌عجائب فرعون

- ‌ديك يوسف

- ‌نقل صندوق يوسف

- ‌ذكر منوجهر سبط ايرج

- ‌(ذكر بخت نصر)

- ‌(ذكر الاسكندر الملقب بذى القرنين)

- ‌بقية قصة اسماعيل عليه السلام

- ‌قصة الافعى الجرهمى

- ‌نفيسة فى تسمية العرب أولادها بشر الاسماء

- ‌أعمامه صلى الله عليه وسلم

- ‌(ذكر أبى طالب وأولاده)

- ‌(ذكر الزبير وأولاده)

- ‌(ذكر حمزة بن عبد المطلب)

- ‌(ذكر العباس بن عبد المطلب وإسلامه)

- ‌ذكر الفضل بن عباس

- ‌ذكر عبد الله بن عباس

- ‌ذكر عبيد الله بن عباس

- ‌ذكر قثم بن العباس

- ‌ذكر عبد الرحمن وكثير وتمام أولاد العباس

- ‌(ذكر الاناث من ولد العباس)

- ‌(ذكر أبى لهب) * بن عبد المطلب

- ‌(ذكر الاناث من أولاد عبد المطلب)

- ‌ذكر الزبير بن العوّام

- ‌(ذكر مقتله)

- ‌(ذكر قتل شعياء وتخريب بخت نصر بيت المقدس وقصة قتل زكريا ويحيى)

- ‌سبب قتل يحيى عليه السلام

- ‌نقش خاتم دانيال

- ‌(ذكر ظهور زمزم فى زمن عبد المطلب ثانيا)

- ‌سرقة الغزالين من الكعبة

- ‌(ذكر بئار قبائل قريش بمكة)

- ‌(الطليعة الثالثة فى ولادة عبد الله ونذر عبد المطلب ذبحه

- ‌(ذكر ولادة عبد الله)

- ‌(ذكر نذر عبد المطلب ذبح عبد الله وعرضه عليه)

- ‌(ذكر تزوّج عبد الله آمنة)

- ‌(ذكر قصة الخثعمية الكاهنة)

- ‌(ذكر حمل آمنة برسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌قصة أصحاب الفيل

- ‌مسير سيف بن ذى يزن الى قيصر وكسرى

- ‌سبب تملك الحبشة اليمن

- ‌نادرة

- ‌(الركن الاوّل فى الحوادث من عام ولادته الى زمان نبوّته

- ‌الباب الاوّل فى الحوادث من عام ولادته الى السنة الحادية عشر من تاريخ ولادته

- ‌(ذكر تاريخ ولادته)

- ‌ذكر يوم ولادته

- ‌ذكر طالع ولادته

- ‌مكان ولادته

- ‌بيان التواريخ

- ‌(ذكر خالد بن سنان العبسى وحنظلة بن صفوان)

- ‌ذكر حنظلة بن صفوان

- ‌(ذكر ما وقع ليلة ميلاده عليه السلام

- ‌(ذكر بعض ما وقع حين الولادة)

- ‌(ذكر ختانه صلى الله عليه وسلم

- ‌أسماؤه صلى الله عليه وسلم

- ‌ألقابه صلى الله عليه وسلم

- ‌(ذكر شمائله وصفاته)

- ‌مزاحه صلى الله عليه وسلم

- ‌مصارعته عليه السلام

- ‌لطيفة

- ‌(ذكر خصائصه عليه السلام

- ‌(القسم الاوّل) فى الخصائص التى اختص بها عن جميع الانبياء ولم يؤتها نبىّ قبله وهى أربعة أنواع

- ‌(النوع الاوّل ما اختص به فى ذاته فى الدنيا)

- ‌(النوع الثانى ما اختص به فى شرعه وأمته فى الدنيا)

- ‌(النوع الثالث فيما اختص به فى ذاته فى الآخرة)

- ‌(النوع الرابع ما اختص به فى أمّته فى الآخرة)

- ‌(القسم الثانى فى الخصائص التى اختص بها عن أمّته)

- ‌(النوع الاوّل ما اختص به من الواجبات والحكمة فيه زيادة الزلفى والدرجات)

- ‌(النوع الثانى ما اختص به من المحرّمات)

- ‌(النوع الثالث ما اختص به من المباحات)

- ‌(النوع الرابع ما اختص به من الكرامات والفضائل)

- ‌(ذكر معجزاته صلى الله عليه وسلم المذكورة فى هذا الباب مجموعة)

- ‌(ذكر ارضاع الاظآر وعددها وما وقع عند حليمة)

- ‌شق صدره عليه السلام

- ‌رعيه عليه السلام للغنم

- ‌وفاة آمنة

- ‌احياء أبويه صلى الله عليه وسلم

- ‌كفالة عبد المطلب له عليه السلام

- ‌رمده عليه السلام

- ‌استسقاء عبد المطلب

- ‌تبشير سيف الحميرى عبد المطلب

- ‌(ذكر سليمان وبلقيس ملكة اليمن وسنبأ ونبذ من أخبارهما)

- ‌قصة الهدهد

- ‌قصة ملك اليمن أبى بلقيس وسبب وصوله الى الجنّ

- ‌بقية قصة الهدهد

- ‌(حديث وفاة بلقيس)

- ‌(ذكر صفة كرسى سليمان عليه السلام

- ‌سبب سلب ملك سليمان

- ‌وفاة سليمان

- ‌وفاة عبد المطلب

- ‌كفالة أبى طالب له صلى الله عليه وسلم

- ‌موت حاتم الطائى وموت كسرى أنوشروان

- ‌ذكر حرب الفجار

- ‌سبب ثروة عبد الله بن جدعان

- ‌نفيسة

- ‌أول ما رأى عليه السلام من أمر النبوّة

- ‌(الباب الثانى فى الحوادث من السنة الثانية عشر الى السنة الرابعة والعشرين من مولده صلى الله عليه وسلم

- ‌ خروجه عليه السلام مع أبى طالب الى الشام

- ‌(ذكر رعيه صلى الله عليه وسلم الغنم)

- ‌ولادة عمر رضى الله عنه

- ‌حرب الفجار الآخر

- ‌ولاية كسرى برويز

- ‌صحبة أبى بكر للنبى فى تجارة الى الشام

- ‌ذكر حلف الفضول

- ‌شكواه عليه السلام الى عمه أبى طالب مما يأتيه

- ‌(الباب الثالث فى الحوادث من السنة الخامسة والعشرين الى السنة الاربعين من مولده صلى الله عليه وسلم

- ‌ خروجه عليه السلام مع ميسرة الى الشام

- ‌(ذكر من خطب خديجة ومن تزوّجها قبل النبىّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(ذكر هند بن هند)

- ‌تزوّجه عليه السلام خديجة

- ‌(ذكر وليمته صلى الله عليه وسلم

- ‌(ذكر تزوّجه عليه السلام أمّهات المؤمنين

- ‌(ذكر من خطب صلى الله عليه وسلم من النساء ولم يعقد عليهنّ)

- ‌(ذكر سراريه)

- ‌(ذكر أولاده صلى الله عليه وسلم وكميتهم ومواليدهم وما اتفق عليه منهم وما اختلف فيه)

- ‌(ذكر زينب رضى الله عنها)

- ‌(ذكر من تزوّجها)

- ‌(ذكر هجرتها)

- ‌(ذكر وفاتها)

- ‌(ذكر ولدها)

- ‌(ذكر رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(ذكر من تزوّجها)

- ‌(ذكر تزويج عثمان رقية)

- ‌(ذكر هجرتها)

- ‌(ذكر وفاتها)

- ‌(ذكر ولدها)

- ‌(ذكر أمّ كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(ذكر من تزوّجها)

- ‌(ذكر كيفية تزويج أمّ كلثوم عثمان)

- ‌(ذكر أن تزويجه اياها كان بوحى من الله تعالى وأمر منه)

- ‌(ذكر وفاة أمّ كلثوم)

- ‌(ذكر فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(ذكر وصيتها الى أسماء بنت عميس بما تصنعه بعد موتها)

- ‌(ذكر تاريخ وفاتها وسنها يوم ماتت)

- ‌(ذكر من غسلها ومن صلّى عليها ومن دخل قبرها)

- ‌(ذكر موضع قبرها)

- ‌(ذكر ولد فاطمة)

- ‌(الركن الثانى فى الحوادث من ابتداء نبوّته الى زمان هجرته

- ‌نزول الوحى وكيفيته

- ‌(صفة نزول الوحى)

- ‌رمى الشياطين بالشهب

- ‌انفصام طاق كسرى

- ‌(ذكر أوّل من أسلم)

- ‌(ذكر ما وقع فى السنة الثانية والثالثة من النبوّة من اخفاء الدعوة)

- ‌هجرة الحبشة الاولى

- ‌فائدة فى أسماء ملوك الجهات

- ‌مكالمة جعفر مع النجاشى

- ‌قصة تولية النجاشى

- ‌(ذكر بعض ما لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ايذاء المشركين)

- ‌(ذكر اسلام حمزة)

- ‌(ذكر اسلام عمر)

- ‌وقعة بعاث

- ‌تقاسم قريش على معاداة بنى هاشم وبنى المطلب

- ‌نزول سورة الروم

- ‌انشقاق القمر

- ‌وفاة أبى طالب

- ‌وصية أبى طالب

- ‌وفاة خديجة الكبرى

- ‌خروجه عليه السلام الى الطائف والى ثقيف

- ‌ذكر وفود الجنّ

- ‌ تزوّجه صلى الله عليه وسلم سودة وعائشة

- ‌ابتداء اسلام الانصار وبيعة العقبة الاولى

- ‌ذكر قصة المعراج

- ‌ذكر بيعة العقبة الثانية

- ‌(ذكر صفة مصعب بن عمير)

- ‌ذكر بيعة العقبة الكبرى

- ‌هجرة أبى بكر الى الحبشة

- ‌(ذكر هجرة أصحابه الى المدينة)

- ‌(ذكر مشاورة قريش فى اخراجه أو حبسه أو قتله واخبار جبريل بذلك اياه صلى الله عليه وسلم واذنه له بالهجرة)

- ‌(الركن الثالث فى الوقائع من أول هجرته صلى الله عليه وسلم الى وفاته

- ‌(الموطن الاوّل) * فى وقائع السنة الاولى من الهجرة

- ‌(الفصل الاوّل فى خروجه صلى الله عليه وسلم مع أبى بكر من مكة الى الغار

- ‌(ذكر خروجهما من الغار وتوجههما الى المدينة وما وقع لهما فى الطريق)

- ‌معجزة

- ‌قصة أم معبد

- ‌قصة العوسجة

- ‌خبر بريدة بن الحصيب

- ‌(ذكر استقبال أهل المدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكثه بقباء فى بنى عمرو بن عوف وتأسيس مسجد قباء)

- ‌ذكر تاريخ الهجرة

- ‌(الفصل الثانى فى انتقاله من قباء الى باطن المدينة

- ‌أول خطبة فى الاسلام

- ‌(ذكر بناء المسجد)

- ‌موت كلثوم بن الهدم

- ‌اسلام عبد الله بن سلام

- ‌موت أسعد بن زرارة

- ‌ابتداء خدمة أنس

- ‌الزيادة فى صلاة الحضر

- ‌وعك أبى بكر والصحابة

- ‌اسلام سلمان الفارسى

- ‌ذكر المواخاة بين المهاجرين والانصار

- ‌ذكر موادعة اليهود

- ‌موت العاص بن وائل من مشركى مكة

- ‌بعت زيد بن حارثة الى مكة

- ‌ولادة النعمان بن بشير وعبد الله بن الزبير

- ‌شجاعة عبد الله بن الزبير

- ‌قصة فاطمة بنت النعمان

- ‌تكلم الذئب

- ‌ابتداء الغزوات

- ‌بعث حمزة بن عبد المطلب الى سيف البحر

- ‌سرية عبيدة بن الحارث الى بطن رابغ

- ‌بناؤه عليه السلام بعائشة

- ‌بعث سعد بن أبى وقاص الى الخرار

- ‌ابتداء الاذان

- ‌(الموطن الثانى فى حوادث السنة الثانية من الهجرة

- ‌صوم عاشوراء

- ‌تزوّج على بفاطمة رضى الله عنها

- ‌ذكر خطبة النبى فى نكاح فاطمة

- ‌غزوة الابواء

- ‌غزوة بواط

- ‌غزوة العشيرة

- ‌تكنية علىّ بأبى تراب

- ‌غزوة بدر الاولى

- ‌بعث عبد الله بن جحش الى بطن نخلة

- ‌تحويل القبلة

- ‌تجديد بناء مسجد قباء

- ‌نزول فرض رمضان

- ‌غزوة بدر الكبرى

- ‌لطيفة انقلاب العصا سيفا

- ‌لطيفة فى استماع الطبل ببدر كطبل الملوك

- ‌فائدة

- ‌ذكر اعتناء الصحابة بتعلم الخط والكتابة

- ‌(تسمية من شهد بدرا من المسلمين)

- ‌عدّة أهل بدر

- ‌عدّة شهداء بدر

- ‌عدّة قتلى المشركين يوم بدر

- ‌(ذكر الاسارى من المشركين)

- ‌وفاة رقية بنته عليه السلام

- ‌سرية عمير بن عدى لقتل العصماء اليهودية

- ‌نبذة من جوامع كلمه عليه السلام

- ‌فرض زكاة الفطر

- ‌فرض زكاة الاموال

- ‌غزوة قرقرة الكدر

- ‌غزوة بنى قينقاع

- ‌ سرية سالم بن عمير الى قتل أبى عفك

- ‌غزوة السويق

- ‌موت عثمان بن مظعون

- ‌بناء على بفاطمة رضى الله عنهما

- ‌غضب النبى حين خطب على بنت أبى جهل

- ‌وفاة أمية بن الصلت

- ‌(الموطن الثالث فى وقائع السنة الثالثة من الهجرة

- ‌سرية محمد بن مسلمة لقتل كعب بن الاشرف

- ‌تزوّج عثمان بن عفان بأمّ كلثوم

- ‌غزوة غطفان

- ‌هجوم دعثور على الرسول وسقوط سيفه من بده

- ‌غزوة بحران

- ‌‌‌ سرية زيد بن حارثة الى قردة

- ‌ سرية زيد بن حارثة الى قردة

- ‌تزوّجه صلى الله عليه وسلم بزينب بنت خزيمة

- ‌(ذكر ميلاد الحسن)

- ‌ذكر ميلاد الحسين

- ‌(ذكر عقه صلى الله عليه وسلم عنهما وأمره بحلق رؤسهما)

- ‌(ذكر ختانهما لسابعهما)

- ‌(ذكر تسميتهما يوم سابعهما)

- ‌(ذكر تسميتهما الحسن والحسين كان بأمر الله وتأذينه صلى الله عليه وسلم فى اذنهما)

- ‌(ذكر ارضاع أم الفضل امرأة عباس بن عبد المطلب الحسن بلبن ابنها قثم)

- ‌(ذكر صفته)

- ‌غزوة أحد

- ‌معجزة فى انقلاب العود سهما والعصا سيفا

- ‌تمثيل النسوة بقتلى أحد

- ‌دعاء عبد الله بن جحش وسعد بن أبى وقاص

- ‌كرامة فى عدم تغير أجساد الشهداء

- ‌غريبة فى أمر معاوية بنبش قبور الشهداء بأحد

- ‌بيان الحكم الربانية فى ابتلاء المسلمين

- ‌(ذكر شهداء أحد)

- ‌عدّة الشهداء بأحد

- ‌غزوة حمراء الاسد

- ‌سرقة طعمة

- ‌(الموطن الرابع فى حوادث السنة الرابعة من الهجرة

- ‌ سرية أبى سلمة الى قطن

- ‌سرية عبد الله بن أنيس الى قتل سفيان بن خالد

- ‌سرية المنذر بن عمرو الى بئر معونة

- ‌سرية عاصم بن ثابت الى الرجيع

- ‌(ذكر عضل والقارة)

- ‌كرامة عاصم فى حفظ جثته بعد استشهاده

- ‌دقيقة فى أنّ الكرامة ثابتة للاولياء

- ‌دعاء زيد بن حارثة واستجابته

- ‌بعث عمرو بن أمية الى أبى سفيان بن حرب

- ‌غزوة بنى النضير

- ‌وفاة زينب بنت خزيمة

- ‌غزوة ذات الرقاع

- ‌وفاة عبد الله بن عثمان

- ‌ولادة الحسين بن على رضى الله عنهما

- ‌تعلم زيد بن ثابت كتاب اليهود

- ‌غزوة بدر الصغرى الموعد

- ‌تزوّجه صلى الله عليه وسلم بأم سلمة

- ‌(ذكر أولاد أم سلمة)

- ‌رجم اليهوديين

- ‌وفاة فاطمة أم على بن أبى طالب

- ‌(الموطن الخامس فى وقائع السنة الخامسة من الهجرة

- ‌فك سلمان عن الرق

- ‌غزوة دومة الجندل

- ‌نفيسة

- ‌وفاة أم سعد

- ‌خسوف القمر

- ‌وفد بلال بن الحارث

- ‌وفد ضمام بن ثعلبة

- ‌غزوة المريسيع

- ‌نزول آية التيمم

- ‌تزوّجه صلى الله عليه وسلم بجويرية

- ‌قصة الافك

- ‌كلام عمر وعثمان وعلى فى حق الافك

- ‌اعطاء الرسول بئر بيرحا لحسان بن ثابت

- ‌غزوة الخندق

- ‌مبارزة علىّ لعمرو بن عبد ودّ

- ‌لطيفة

- ‌غزوة بنى قريظة

- ‌ارتباط أبى لبابة الى عمود من عمد المسجد

- ‌وفاة سعد بن معاذ رضى الله عنه

- ‌قصة احياء أولاد جابر

- ‌تزوّج النبىّ صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش

- ‌وقوع الزلزلة بالمدينة

- ‌سقوطه صلى الله عليه وسلم عن فرسه

- ‌مسابقة الخيل

- ‌نزول فرض الحج

- ‌النهى عن ادخار لحوم الاضاحى

- ‌(فهرست الجزء الاوّل من تاريخ الخميس)

الفصل: ‌احياء أبويه صلى الله عليه وسلم

ثم قالت كل حىّ ميت وكل جديد بال وكل كبير يفنى وأنا ميتة وذكرى باق وقد تركت خيرا وولدت طهرا ثم ماتت قالت فكنا نصمع نوح الجنّ عليها فحفظنا من ذلك هذه الابيات

نبكى الفتاة البرّة الامينة

ذات الجمال العفة الرزينة

زوجة عبد الله والقرينة

امّ نبى الله ذى السكينة

وصاحب المنبر بالمدينة

صارت لدى حفرتها رهينة

‌احياء أبويه صلى الله عليه وسلم

وفى الحدائق لابن الجوزى لما مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالابواء في عمرة الحديبية وفى المنتقى وغيره فى غزوة بنى لحيان قال ان الله قد أذن لمحمد فى قبر أمّه فأتاه فأصلحه وبكى عنده وبكى المسلمون لبكائه فقيل له فى ذلك فقال أدركتنى رحمة رحمتها فبكيت وأخرج مسلم فى افراده من حديث أبى هريرة عن النبىّ صلى الله عليه وسلم قال استأذنت ربى أن أستغفر لامى فلم يأذن لى واستأذنته ان أزور قبرها فأذن لى وسيجىء فى الموطن السادس* وفى الاستيعاب استرضع له صلى الله عليه وسلم فى بنى سعد بن بكر حليمة بنت أبى ذؤيب السعدية وردّته ظئره حليمة الى أمّه آمنة بنت وهب بعد خمس سنين ويومين من مولده وذلك سنة ست من عام الفيل فأخرجته أمّه الى أخوال أبيه بنى النجار تزورهم به بعد سبع سنين من عام الفيل وتوفيت أمّه بعد ذلك بشهر بالابواء ومعها النبىّ صلى الله عليه وسلم فقدمت به أمّ أيمن مكة بعد موت أمّه بخمسة أيام روى أنها آمنت بالنبىّ صلى الله عليه وسلم بعد موتها* قال الشيخ جلال الدين السيوطى فى رسالته المسماة بالدرجة المنيفة فى الآباء الشريفة وذهب جمع كثير من الائمة الاعلام الى ان أبوى النبىّ صلى الله عليه وسلم ناجيان محكوم لهما بالنجاة فى الآخرة وهم أعلم الناس بأقوال من خالفهم وقال بغير ذلك ولا يقصرون عنهم فى الدرجة ومن أحفظ الناس للاحاديث والآثار وانقد الناس بالادلة التى استدل بها أولئك فانهم جامعون لانواع العلوم ومتضلعون من الفنون خصوصا الاربعة التى استمدّ منها هذه المسألة فانها مبنية على ثلاث قواعد كلامية وأصولية وفقهية وقاعدة رابعة مشتركة بين الحديث واصول الفقه مع ما يحتاج اليه من سعة الحفظ فى الحديث وصحة النقل له وطول الباع فى الاطلاع على ما تقول الائمة وجمع متفرّقات كلامهم فلا يظنّ بهم انهم لم يقفوا على الاحاديث التى استدل بها أولئك معاذ الله بل وقفوا عليها وخاضوا غمرتها وأجابوا عنها بالاجوبة المرضية التى لا يردّها منصف وأقاموا لما ذهبوا اليه ادلة قاطعة كالجبال الرواسى والفريقان أئمة أكابر أجلاء* واختلف القائلون بالنجاة فى مدرك ذلك على ثلاث درجات الدرجة الاولى ان الله تعالى أحياهما له فآمنا به وذلك فى حجة الوداع لحديث فى ذلك ورد عن عائشة روى المحب الطبرى فى ذخائر العقبى بسنده عن عائشة رضى الله عنها انها قالت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل الحجون كئيبا حزينا فأقام به ما شاء الله ثم رجع مسرورا قال سألت ربى فأحيالى أمى فآمنت بى ثم ردّها ورواه أبو حفص بن شاهين فى كتاب الناسخ والمنسوخ له بلفظ قالت عائشة حج بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فمرّ بى على عقبة الحجون وهو باك حزين مغتمّ فبكيت لبكائه ثم انه نزل فقال يا حميراء استمسكى فاستندت الى جنب البعير فمكث مليا ثم عاد الىّ وهو متبسم فقال ذهبت لقبر أمى فسألت ربى أن يحيها فأحياها فآمنت بى وكذا روى من حديث عائشة أيضا أحيا الله أبويه حتى آمنا به أورده السهيلى فى شرح السيرة والخطيب فى السابق واللاحق وابن شاهين فى الناسخ والمنسوخ والدارقطنى وابن عساكر كلاهما فى غرائب مالك والبغوى فى تفسيره والمحب الطبرى فى خلاصة السير وأورده البيهقى فى الروض الانف من وجه آخر بلفظ واسناده ضعيف وقد مال اليه ابن شاهين والطبرى والسهيلى وكذا القرطبى وابن المنذر ونقله ابن سيد الناس عن بعض أهل العلم وقال به الصلاح الصفدى فى نظم له والحافظ

ص: 230

شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقى فى أبيات له وجعلوه ناسخا لما خالفه من الاحاديث لتأخره ولم يبالوا بضعفه لانّ الحديث الضعيف يعمل به فى الفضائل والمناقب وهذه منقبة وقد أيد بعضهم هذا الحديث بالقاعدة التى اتفق عليها الائمة انه ما أوتى نبى معجزة الا وأوتى نبينا صلى الله عليه وسلم مثلها وقد أحيا الله لعيسى الموتى من قبورهم فلا بدّ أن يكون لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم مثل ذلك ولم يرد من هذا النوع الا هذه القصة ولم يستبعد ثبوتها وان كان له من هذا النمط نطق الذراع وحنين الجذع الا أن هذه غير ما وقع لعيسى فهو أشبه بالمماثلة ولا شك أن من الطرق التى يعتضد بها الحديث الضعيف موافقته القواعد المقررة* قال الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقى

حبا الله النبىّ مزيد فضل

على فضل وكان به رؤفا

فأحيا امّه وكذا أباه

لايمان به فضلا لطيفا

فسلم فالقديم بذاقدير

وان كان الحديث به ضعيفا

قال الشيخ أحمد القسطلانى فى المواهب اللدنيه قال السهيلى ان فى اسناده مجاهيل قال ابن كثير انه حديث منكر جدا وسنده مجهول* وقال ابن دحية هذا الحديث موضوع يردّه القرآن والاجماع انتهى وتعقبه عالم آخر بأنه لم ير احدا صرّح بأن الايمان بعد انقطاع العمل بالموت ينفع صاحبه فان ادّعى أحد الخصوصية فعليه الدليل وقد سبقه بذلك أبو الخطاب بن دحية وعبارته من مات كافرا لم ينفعه الايمان بعد الرجعة بل لو آمن عند المعاينة لم ينفعه ذلك فكيف بعد الاعادة انتهى وتعقبه القرطبى فى التذكرة بأن فضائله صلى الله عليه وسلم وخصائصه لم تزل تتوالى وتتابع الى حين مماته فيكون هذا مما خصه الله به وأكرمه وليس احياؤهما وايمانهما ممتنعا عقلا ولا شرعا فقد ورد فى الكتاب العزيز احياء قتيل بنى اسرائيل واخباره بقاتله* وكان عيسى عليه السلام يحيى الموتى وكذلك نبينا صلى الله عليه وسلم أحيا الله على يده جماعة من الموتى* وذكر المفسرون ان الله أحيا أمّ يوسف تحقيقا لرؤياه ورسول الله صلى الله عليه وسلم أحق بذلك والله على كل شىء قدير والظنّ بالله جميل وليس تعجز قدرته عن ذلك* قال السهيلى والنبىّ صلى الله عليه وسلم أهل لان يخصه الله تعالى بما شاء ومثل هذا ذكر ابن سيد الناس فى سيرته وأجاد واذا ثبت هذا فما يمتنع ايمانهما بعد احيائهما ويكون ذلك زيادة فى كرامته وفضيلته ثم قال وقوله من مات كافرا لم ينفعه الايمان بعد الرجعة الى آخره مردود بما روى فى الخبران الله ردّ الشمس على نبيه صلى الله عليه وسلم بعد مغيبها ذكره الطحاوى وقال انه حديث ثابت فلو لم يكن رجوع الشمس نافعا وانه لا يتجدّد به الوقت لما ردّها عليه فكذلك يكون احياء أبوى النبىّ صلى الله عليه وسلم نافعا لايمانهما وتصديقهما بالنبىّ صلى الله عليه وسلم انتهى وقد طعن بعضهم فى حديث ردّ الشمس* الدرجة الثانية قال السيوطى انهما لم يبلغا الدعوة لانهما كانا فى زمن فترة عم الجهل فيها المشرق والمغرب فلم يكن اذ ذاك أحد يبلغ الدعوة على وجهها ولا من يدرى شيئا من الشرائع مع ضميمة انهما قبضا فى حداثة السنّ ولم يبلغا سنا يحتمل الوقوف على الاخبار والتفحص عنها بالاسفار فان والده كما صحح الحافظ صلاح الدين العلائى انه عاش نحو ثمان عشرة سنة ووالدته عاشت نحو العشرين تقريبا مع زيادة انها مخدّرة مصونة محجوبة فى البيت لا تجتمع بالرجال ولا تجد من يخبرها واذا كان النساء اليوم مع فشو الاسلام والفقه شرقا وغربا لا يدرين غالب أحكام الشريعة لعدم مخالطتهنّ الفقهاء فما ظنك بزمان الجاهلية والفترة* وقد اختلف عبارة الاصحاب فيمن لم تبلغه الدعوة فأحسنها من قال فيها ناج وقال بعض الاصحاب مسلم وقال الغزالى التحقيق أن يقال فى معنى المسلم واستدلوا على ذلك بثمان آيات من القرآن قوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا وبستة أحاديث منها ما أخرجه الامام أحمد

ص: 231

واسحاق بن راهويه فى مسنديهما والبيهقى فى الاعتقاد وصححه عن الاسود بن شرح* وعن أبى هريرة أن النبىّ صلى الله عليه وسلم قال أربعة يحتجون يوم القيامة رجل أصم لا يسمع شيئا ورجل أحمق ورجل هرم ورجل مات فى فترة الى ان قال وأما الذى مات فى الفترة فيقول رب ما أتانى لك رسول فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه فيرسل اليهم أن ادخلوا النار فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما ومن لم يدحلها يسحب اليها وما أخرجه البزار فى مسنده عن أبى سعيد الخدرى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالهالك فى الفترة والمعتوه والمولود فيقول الهالك فى الفترة لم يأتنى كتاب ولا رسول ويقول المعتوه أى رب لم تجعل لى عقلا أعقل به خيرا ولا شرّا ويقول المولود لم أدرك العمل فيرفع لهم نار فيقال لهم ردوها فيدخلها من كان فى علم الله سعيدا لو أدرك العمل ويمسك عنها من كان فى علم الله شقيا لو أدرك العمل فيقول تبارك وتعالى اياى عصيتم فكيف برسلى بالغيب وما أخرجه عبد الرزاق وابن جرير وابن أبى حاتم وابن المنذر فى تفاسيرهم بسند صحيح عن أبى هريرة قال اذا كان يوم القيامة جمع الله أهل الفترة والمعتوه والاصم والابكم والشيوخ الذين لم يدركوا الاسلام ثم أرسل اليهم رسولا أن ادخلوا النار فيقولون كيف ولم يأتنا رسل ولا كتاب وأيم الله لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما ثم يرسل اليهم فيطيعه من كان يريد أن يطيعه قال أبو هريرة اقرأوا ان شئتم وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا وحديث رابع أخرجه الحاكم فى مستدركه من حديث ثوبان وقال صحيح على شرط الشيخين وأقرّه الذهبى وخامس أخرجه البزار وأبو يعلى من حديث أنس وسادس أخرجه أبو نعيم من حديث معاذ بن جبل* قال العلماء هذه الآيات والاحاديث ناسخة لكل ما خالفها من الاحاديث الثابتة فى البخارى ومسلم وغيرهما كما أن الاحاديث الواردة فى أطفال المشركين انهم فى النار منسوخة بقوله تعالى ولا تزر وازرة وزر أخرى والاحاديث الواردة بخلاف ذلك وقد مشى على هذا المدرك جماعة آخرهم امام الحفاظ فى زمانه قاضى القضاة شهاب الدين بن حجر فقال الظنّ بآبائه صلى الله عليه وسلم كلهم يعنى الذين ماتوا قبل البعثة انهم يطيعونه عند الامتحان لتقرّبهم عينه صلى الله عليه وسلم انتهى ويدل له من الحديث ما أخرجه ابن جريز فى تفسيره عن ابن عباس فى قوله تعالى ولسوف يعطيك ربك فترضى قال من رضا محمد صلى الله عليه وسلم أن لا يدخل أحد من أهل بيته النار وما أخرجه الحاكم وصححه عن ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن أبويه فقال ما سألتهما ربى فيعطينى فيهما وانى لقائم يومئذ المقام المحمود فهذا يلوح بأنه يترجى الشفاعة عند الامتحان ولولا عدم بلوغ الدعوة لم تكن هذه الشفاعة لان الشفاعة لا تكون لمن بلغته الدعوة وعاند وقد صرّح بهذا التلويح فى حديث أخرجه البزار فى فوائده بسند ضعيف عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا كان يوم القيامة شفعت لابى وأمى وعمى أبى طالب وأخ لى فى الجاهلية* أورد المحب الطبرى وهو من الحفاظ والفقهاء فى كتاب ذخائر العقبى فى مناقب ذوى القربى وقال ان ثبت فهو مؤوّل فى أبى طالب على ما ورد فى الصحيح من تخفيف العذاب عنه بشفاعته انتهى فاحتاج الى تأويله فى أبى طالب لانه أدرك البعثة ولم يسلم وقد مرّ اختلاف عبارة الاصحاب فيمن لم تبلغه الدعوة حيث قال وأحسنها من قال فيها ناج وقال بعض الاصحاب مسلم وقال الغزالى التحقيق أن يقال فى معنى المسلم قال القسطلانى فى المواهب اللدنية وفى صحيح مسلم أن رجلا قال يا رسول الله أين أبى قال فى النار فلما قفاه دعاه وقال ان أبى وأباك فى النار* قال النووى فيه أن من مات على الكفر فهو فى النار ولا تنفعه قرابة المقربين وفيه أن من مات فى الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الاوثان فهو فى النار وليس فى هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة فان هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة ابراهيم وغيره من الانبياء وقال

الامام فخر الدين الرازى من مات مشركا فهو فى النار وان مات قبل البعثة لان المشركين كانوا

ص: 232

قد عيروا الحنيفية دين ابراهيم واستبدلوا بها الشرك وارتكبوه وليس معهم حجة من الله به ولم يزل معلوما من دين الرسل كلهم من أوّلهم الى آخرهم قبح الشرك والوعيد عليه فى النار وأخبار عقوبات الله لاهله متداولة بين الامم قرنا بعد قرن فلله الحجة البالغة على المشركين فى كل وقت وحين ولو لم يكن الا ما فطر الله عباده عليه من توحيد ربوبيته لكفى فانه يستحيل فى كل فطرة وعقل أن يكون معه اله آخر وان كان الله سبحانه لا يعذب بمقتضى هذه الفطرة وحدها فلم تزل دعوة الرسل الى التوحيد فى الارض معلومة لاهلها فالمشرك مستحق للعذاب فى النار لمخالفته دعوى الرسل وهو مخلد فيها دائما كخلود أهل الجنة فى الجنة وقد تعقب العلامة أبو عبد الله الابوى من المالكية فيما وضعه على صحيح مسلم قول النووى وفيه أن من مات فى الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الاوثان فى النار الى آخره بما معناه تأمّل ما فى كلامه من التنافى فان من بلغتهم الدعوة ليسوا من أهل الفترة لان أهل الفترة هم الامم الكائنة بين أزمنة الرسل الذين لم يرسل اليهم الرسول الاوّل ولا أدركوا الثانى كالاعراب الذين لم يرسل اليهم عيسى عليه السلام ولا لحقوا النبىّ صلى الله عليه وسلم فالفترة بهذا التفسير تشمل ما بين كل رسولين كالفترة بين نوح وهود ولكن الفقهاء اذا تكلموا فى الفترة فانما يعنون التى بين عيسى ونبينا عليهما السلام وذكر البخارى عن سلمان أنها كانت ستمائة سنة ولما دلت القواطع على أنه لا تعذيب حتى تقوم الحجة علمنا أنهم غير معذبين* فان قيل قد صحت أحاديث بتعذيب أهل الفترة كحديث رأيت عمرو بن لحى يجرّ قصبه فى النار ورأيت صاحب المحجن فى النار وهو الذى كان يسرق الحاج بمحجنه فاذا أبصر به قال ليس كما تقولون وانما يتعلق بمحجنى* أجيب بأجوبة أحدها أنها اخبار آحاد فلا تعارض القطع* الثانى قصر التعذيب على هؤلاء والله أعلم بالسبب* الثالث قصر التعذيب المذكور فى هذه الاحاديث على من بدّل وغير من أهل الفترة بما لا يعذر به من الضلال كعبادة الاوثان وتغيير الشرائع فان أهل الفترة ثلاثة أقسام* الاوّل من أدرك التوحيد ببصيرته ثم من هؤلاء من لم يدخل فى شريعة كقس بن ساعدة وزيد بن عمرو بن نفيل ومنهم من دخل فى شريعة حق قائمة الرسم كتبع وقومه من حمير وأهل نجران وورقة بن نوفل وعمه عثمان بن الحويرث* القسم الثانى من أهل الفترة وهم من بدل وغير فأشرك ولم يوحد وشرع لنفسه فحلل وحرّم وهم الاكثر كعمرو بن لحى أوّل من سنّ للعرب عبادة الاصنام وشرع الاحكام فبحر البحيرة وسيب السائبة ووصل الوصيلة وحمى الحام وتبعته العرب فى ذلك وغيره مما يطول ذكره* وفى أنوار التنزيل اذ انتحت الناقة خمسة أبطن آخرها ذكر بحروا اذنها أى شقوها وخلوا سبيلها فلا تركب ولا تحلب* وفى المدارك ولا تطرد من ماء ولا مرعى واسمها البحيرة انتهى وكان الرجل منهم يقول ان شفيت وفى المدارك من مرضى أو قدمت من سفرى فناقتى سائبة ويجعلها كالبحيرة فى تحريم الانتفاع بها* وفى المدارك قيل كان الرجل اذا أعتق عبدا قال هو سائبة فلا عقل بينهما ولا ميراث وفى الصحاح سيبت الدابة تركتها تسيب حيث شاءت أى تجرى والسائبة الناقة التى كانت تسيب فى الجاهلية لنذر ونحوه وقد قيل هى أم البحيرة كانت الناقة فى الجاهلية اذا ولدت عشرة أبطن كلهم اناث سيبت ولم تركب ولم يشرب لبنها الا ولدها والضيف حتى تموت فاذا ماتت أكلها الرجال والنساء جميعا وبحرت اذن بنتها الصغيرة فتسمى البحيرة وهى بمنزلة أمّها فى أنها سائبة وفى القاموس الناقة كانت تسيب فى الجاهلية لنذر ونحوه أو كانت اذا ولدت عشرة أبطن كلهم اناث سيبت أو كان الرجل اذا قدم من سفر بعيد أو نجت دابة من مشقة أو حرب قال هى سائبة أو كان ينزع من ظهرها فقارة أو عظما وكانت لا تمنع من ماء وكلأ ولا تركب* وفى أنوار التنزيل واذا ولدت الشاة انثى فهى لهم وان ولدت ذكرا فهو لآلهتهم وان ولدتهما وصلت الانثى أخاها فلا يذبح لها

ص: 233

الذكر واذ انتحت من صلب الفحل عشرة أبطن حرموا ظهره ولم يمنعوه من ماء ولا مرعى وقالوا قد حمى ظهره* وفى المدارك وكانت الشاة اذا ولدت سبعة أبطن فان كان السابع ذكرا أكله الرجال وان كان انثى أرسلت فى الغنم وكذا ان كان ذكرا وانثى وقالوا وصلت أخاها فهى بمعنى الواصلة انتهى* (القسم الثالث من أهل الفترة) * وهم من لم يشرك ولم يوحد ولا دخل فى شريعة نبى ولا ابتكر لنفسه شريعة ولا اخترع دينا بل بقى عمره على حال غفلة من هذا كله وفى الجاهلية من كان على ذلك واذا انقسم أهل الفترة الى الثلاثة الاقسام فيحمل من صح تعذيبه على أهل القسم الثانى لكفرهم بما تعدّوا به من الخبائث والله تعالى سمى جميع هذا من القسم كفارا ومشركين فانا نجد القرآن كلما حكى حال أحد سجل عليهم بالكفر والشرك كقوله تعالى ما جعل الله من بحيرة ثم قال ولكنّ الذين كفروا يفترون على الله الكذب* والقسم الثالث هم أهل الفترة حقيقة وهم غير معذبين وأما أهل القسم الاوّل كقس بن ساعدة وزيد بن عمرو فقد قال عليه السلام فى كل منهما انه يبعث أمّة وحده وأما عثمان بن الحويرث وتبع وقومه وأهل نجران فحكمهم حكم أهل الدين الذى دخلوا فيه ما لم يلحق أحد منهم الاسلام الناسخ لكل دين انتهى ملخصا* الدرجة الثالثة قال الشيخ جلال الدين السيوطى ان أبوى النبىّ صلى الله عليه وسلم كانا على التوحيد ودين ابراهيم كما كان كذلك طائفة من العرب كزيد بن عمرو بن نفيل وقس بن ساعدة وورقة بن نوفل وعمير بن حبيب الجهنى وعمرو بن عنبسة فى جماعة آخرين وهذه طائفة ذكرها الامام فخر الدين الرازى وزاد أن آباء النبىّ كلهم الى آدم على التوحيد لم يكن فيهم شرك قال مما يدل على أن آباء محمد صلى الله عليه وسلم ما كانوا مشركين قوله عليه السلام لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين الى أرحام الطاهرات وقال تعالى انما المشركون نجس فوجب أن لا يكون أحد من أجداده مشركا* قال ومن ذلك قوله تعالى الذى يراك حين تقوم وتقلبك فى الساجدين معناه انه كان ينقل نوره من ساجد الى ساجد قال وبهذا التقرير فالآية دالة على أن جميع آباء محمد صلى الله عليه وسلم كانوا مسلمين قال وحينئذ يجب القطع بأن والد ابراهيم ما كان من الكافرين وان آزر لم يكن والده وانما ذلك عمه أقصى ما فى الباب أن يحمل قوله وتقلبك فى الساجدين على وجوه اخرى فاذا وردت الروايات بالكل ولا منافاة بينها وجب حمل الآية على الكل وبذلك ثبت أن والد ابراهيم ما كان من عبدة الاوثان وان آزر لم يكن والده بل كان عمه انتهى ملخصا ووافقه على الاستدلال بالآية الثانية بهذا المعنى الامام الماوردى صاحب الحاوى الكبير من أئمة أصحاب الشافعى وقد وجدت ما يعضد هذه المقالة من الادلة ما بين مجمل ومفصل فالمجمل دليله مركب من مقدّمتين* احداهما أن الاحاديث الصحيحة دلت على أن كل أصل من اصوله صلى الله عليه وسلم من آدم الى أبيه خير أهل زمانه* والثانية ان الاحاديث والآثار دلت على أنه لم تخل الارض من عهد نوح الى بعثة النبىّ صلى الله عليه وسلم من ناس على الفطرة يعبدون الله ويوحدونه ويصلون له وبهم تحفظ الارض ولو لاهم هلكت الارض ومن عليها* ومن أدلة المقدّمة الاولى حديث بعثت من خير قرون بنى آدم قرنا فقرنا حتى بعثت من القرن الذى كنت فيه وفى سنن البيهقى ما افترق الناس فرقتين الا جعلنى الله فى خيرهما وأخرجت من بين أبوىّ فلم يصبنى شىء من عهد الجاهلية وخرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم حتى انتهيت الى أبى وأمى فأنا خيركم نفسا وخيركم أبا ولا فخر* وحديث أبى نعيم وغيره لم يزل الله ينقلنى من الاصلاب الطيبة الى الارحام الطاهرة مصفى مهذبا ما تتشعب شعبتان الا كنت فى خيرهما فى أحاديث كثيرة* ومن أدلة المقدمة الثانية ما أخرجه عبد الرزاق فى المصنف وابن المنذر فى تفسيره بسند صحيح على شرط الشيخين عن على ابن أبى طالب قال لم يزل على وجه الارض من يعبد الله عليها

وأخرج الامام أحمد ابن حنبل فى الزهد

ص: 234

والجلال فى كرامات الاولياء بسند صحيح على شرط الشيخين عن ابن عباس قال ما خلت الارض من بعد نوح من سبعة يدفع الله بهم عن أهل الارض فى آثار أخر واذا قرنت بين المقدمتين أنتج منهما قطعا ان آباء النبىّ صلى الله عليه وسلم لم يكن فيهم مشرك لانه قد ثبت فى كل منهم أنه خير قرنه فان كان الناس الذين هم على الفطرة هم آباؤهم فهو المدّعى وان كانوا غيرهم وعلى الشرك لزم أحد أمرين اما أن يكون المشرك خيرا من المسلم وهو باطل بنص القرآن والاجماع واما أن يكون غيرهم خيرا منهم وهو باطل لمخالفته الاحاديث الصحيحة فوجب قطعا أن لا يكون فيهم مشرك ليكونوا خير أهل الارض كل فى قرنه هذا ما قاله السيوطى وقال القسطلانى فى المواهب اللدنية ويتعقب بأنه لا دلالة فى قوله تعالى وتقلبك فى الساجدين على ما ادّعاه لما ذكر البيضاوى فى تفسيره ان معنى الآية وتردّدك فى تصفح أحوال المجتهدين لما روى أنه لما نسخ فرض قيام الليل طاف عليه السلام تلك الليلة بيوت أصحابه لينظر ما يصنعون حرصا على كثرة طاعاتهم فوجدها كبيوت الزنابير لما يسمع لها من دندنتهم بذكر الله تعالى وقد ورد النص بأن أبا ابراهيم عليه السلام مات على الكفر كما صرّح به البيضاوى وغيره قال الله تعالى فلما تبين له أنه عدوّ لله تبرّ أمنه وأما قوله انه كان عمه فعدول عن الظاهر من غير دليل انتهى* ونقل الامام أبو حيان فى البحر عند تفسير وتقلبك فى الساجدين أن الرافضة هم القائلون بأن آباء النبىّ صلى الله عليه وسلم كانوا مؤمنين مستدلين بقوله تعالى وتقلبك فى الساجدين وبقوله صلى الله عليه وسلم لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين الحديث انتهى* وعن ابن جرير عن علقمة بن مرثد عن سليمان عن أبيه أن النبىّ صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أتى رسم قبر فجلس اليه فجعل يخاطب ثم قام مستعبرا فقلنا يا رسول الله انا رأينا ما صنعت قال انى استأذنت ربى فى زيارة قبر أمى فأذن لى واستأذنته فى الاستغفار فلم يأذن لى فما رؤى باكيا أكثر من يومئذ* وروى ابن أبى حاتم فى تفسيره عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى الى المقابر فاتبعناه فحاء حتى جلس الى قبر منها فناجاه طويلا ثم بكى فبكينا لبكائه ثم قام فقام اليه عمر بن الخطاب فدعاه ثم دعانا فقال ما أبكاكم قلنا بكينا لبكائك فقال ان القبر الذى جلست عنده قبر آمنة وانى استأذنت ربى فى زيارتها فأذن لى واستأذنته فى الدعاء لها فلم يأذن لى وأنزل علىّ ما كان للنبىّ والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى فأخذنى ما يأخذ الولد عند الولد ورواه الطبرانى فى حديث ابن عباس* وفى مسلم استأذنت ربى أن أستغفر لامى فلم يأذن لى واستأذنته فى ان أزور قبرها فأذن لى فزوروا القبور فانها تذكر الآخرة* قال القاضى عياض بكاؤه عليه السلام على ما فاتهما من ادراك أيامه والايمان به انتهى كلام القسطلانى* وقال السيوطى فى الدرجة المنيفة أخرج البزار فى مسنده وابن جرير وابن أبى حاتم وابن المنذر فى تفاسيرهم والحاكم فى المستدرك وصححه عن ابن عباس فى قوله تعالى كان الناس أمّة واحدة قال بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق فاختلفوا فبعث الله النبيين وأخرج ابن أبى حاتم عن قتادة فى الآية قال ذكر لنا انه كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم علماء بهدى وعلى شريعة من الحق ثم اختلفوا بعد ذلك فبعث الله نوحا وكان أوّل رسول أرسله الله الى أهل الارض* وفى التنزيل حكاية عن نوح عليه السلام انه قال رب اغفر لى ولوالدىّ ولمن دخل بيتى مؤمنا فثبت بهذا ايمان اجداده صلى الله عليه وسلم من آدم الى نوح وولد نوح سام مؤمن بنص القرآن والاجماع لانه نجامع أبيه فى السفينة ولم ينج فيها الا مؤمن فى التنزيل وجعلنا ذرّيته هم الباقين بل ورد فى أثر أنه كان نبيا وولده أرفخشد نص على ايمانه فى أثر عن ابن عباس أخرجه ابن سعد فى الطبقات من طريق الكلبى وأما آزر فالارجح كما قال الرازى انه عمّ ابراهيم عليه السلام لا أبوه وقد سبقه الى ذلك جماعة

من السلف* فروينا

ص: 235

بالاسانيد عن ابن عباس ومجاهد وابن جرير والسدّى قالوا ليس آزر أبا ابراهيم انما هو ابراهيم بن تارخ ووقفت على أثر فى تفسير ابن المنذر صرّح فيه بأنه عمه فثبت بما قرّرناه ان الاجداد الشريفة من آدم الى ابراهيم منصوص على ايمانهم ومتفق عليهم الا الخلاف الذى فى آزر من حيثية كونه أبا أو عما فان كان أبا استثنى من الاجداد وان كان عما خرج منها وسلمت السلسلة فأما من بعد ابراهيم واسماعيل فقد اتفقت الاحاديث الصحيحة ونصوص العلماء على أن العرب من بعد ابراهيم كلهم على دينه لم يكفر منهم أحد قط ولم يعبد صنما الى عهد عمرو بن لحىّ الخزاعى فانه أوّل من غير دين ابراهيم عليه السلام وعبد الاصنام وسيب السوائب* وأخرج البخارى ومسلم عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت عمرو بن عامر الخزاعى يجرّ قصبه فى النار كان أوّل من سيب السوائب وأخرج ابن جرير فى تفسيره عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت عمرو بن لحىّ بن قمعة بن خندف يجرّ قصبه فى النار انه أوّل من غير دين ابراهيم عليه السلام* وأخرج أحمد فى مسنده عن ابن مسعود عن النبىّ صلى الله عليه وسلم قال ان أوّل من سيب السوائب وعبد الاصنام أبو خزاعة عمرو بن عامر وانى رأيته يجرّ قصبه فى النار* قال الشهرستانى فى الملل والنحل كان دين ابراهيم قائما والتوحيد فى صدر العرب شائعا وأوّل من غيره واتخذ عبادة الاصنام عمرو بن لحى* وقال الحافظ عماد الدين بن كثير كانت العرب على دين ابراهيم الى أن ولى عمرو بن عامر الخزاعى مكة وانتزع ولاية البيت من أجداد النبىّ صلى الله عليه وسلم فأحدث عمرو المذكور عبادة الاوثان وشرع للعرب الضلالات وزاد فى التلبية بعد قوله لا شريك لك قوله الا شريكا هو لك تملكه وما ملك فهو أوّل من قال ذلك وتبعته العرب على الشرك فشابهوا بذلك قوم نوح يعنى فى احداث الكفر بعد ان كان سلفهم على الايمان وفيهم على ذلك بقايا على دين ابراهيم عليه السلام* وقد أخرج ابن حبيب فى تاريخه عن ابن عباس كان عدنان ومعد وربيعة ومضر وخزيمة وأسد على ملة ابراهيم فلا تذكروهم الا بخير وأخرج ابن سعد فى الطبقات من مرسل عبد الله بن خالد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا مضر فانه كان قد أسلم* وفى الروض الانف للسهيلى يذكره عن النبىّ صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الياس فانه كان مؤمنا وذكر أنه كان يسمع فى صلبه تلبية النبىّ صلى الله عليه وسلم بالحج وفيه أيضا ان كعب بن لؤى أوّل من جمع يوم العروبة فكانت قريش تجتمع اليه فى هذا اليوم فيخطبهم ويذكرهم بمبعث النبىّ صلى الله عليه وسلم ويعلمهم أنه من ولده ويأمرهم باتباعه والايمان به وينشد فى هذا أبياتا منها

يا ليتنى شاهد نجواء دعوته

اذا قريش تبغى الحق خذلانا

قال السهيلى وقد ذكر الماوردى هذا الخبر عن كعب فى كتاب الاعلام له* قلت وأخرجه أبو نعيم فى دلائل النبوّة فثبت بهذا التقرير أن أجداد النبىّ صلى الله عليه وسلم من ابراهيم الى كعب بن لؤى وولده مرّة منصوص على ايمانهم ولم يختلف فيهم اثنان وبقى بين مرّة وبين عبد المطلب أربعة آباء وهم كلاب وقصى وعبد مناف وهاشم ولم أظفر فيهم بنقل لا بهذا ولا بهذا وبقى ثلاثة أدلة متعلقة بعقب ابراهيم المنظومين فى سلسلة النسب الشريف* أحدها قوله تعالى واذ قال ابراهيم لابيه وقومه اننى براء مما تعبدون الا الذى فطرنى فانه سيهدين وجعلها كلمة باقية فى عقبه وخرج عبد بن حميد عن ابن عباس فى قوله تعالى وجعلها كلمة باقية فى عقبه قال شهادة ان لا اله الا الله والتوحيد لا يزال فى ذرّيته من يقولها من بعده* وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج فى قوله تعالى وجعلها كلمة باقية فى عقبه قال فى عقب ابراهيم فلم يزل بعد من ذرّية ابراهيم من يقول لا اله الا الله* وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة فى قوله وجعلها كلمة باقية فى عقبه قال الاخلاص والتوحيد لا يزال فى ذرّيته من يوحد الله

ص: 236

ويعبده* وثانيها قوله تعالى رب اجعلنى مقيم الصلاة ومن ذرّيتى أخرج المنذرى عن ابن جرير فى قوله تعالى رب اجعلنى مقيم الصلاة ومن ذرّيتى قال فلن يزال من ذرّية ابراهيم ناس على الفطرة يعبدون الله وثالثها قوله تعالى واذ قال ابراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبنى وبنىّ أن نعبد الاصنام أخرج ابن جرير عن مجاهد فى هذه الآية قال فاستجاب الله لابراهيم دعوته فى ولده فلم يعبد أحد من ولده صنما فقبل دعوته واستجاب الله له وجعل هذا البلد آمنا ورزق أهله من الثمرات وجعله اماما وجعل من ذرّيته من يقيم الصلاة* وأخرج ابن أبى حاتم عن سفيان بن عيينة انه سئل هل عبد أحد من ولد اسماعيل الاصنام قال لا ألم تسمع قوله تعالى واجنبنى وبنىّ أن نعبد الاصنام قيل كيف لم يدخل ولد اسحاق وسائر ولد ابراهيم قال لانه دعاء لاهل البلد خاصة أن لا يعبدوا اذا أسكنهم فقال اجعل هذا البلد أن يخص بذلك وقال واجنبنى وبنىّ أن نعبد الاصنام فيه فقد خص أهله دون غيره وما قررناه من الادلة والنقول مصداق ما قاله فخر الدين وما أحسن قول الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقى كما ذكرنا من قوله

تنقل أحمد نورا عظيما

تلألأ فى جباه الساجدينا

تقلب فيهم قرنا فقرنا

الى أن جاء خير المرسلينا

ولم يبق بعد المذكورين الا عبد المطلب وفيه خلاف بين الناس والاحسن فى شأنه انه لم تبلغه الدعوة قال الشهرستانى ظهر نور النبىّ صلى الله عليه وسلم فى أسارير عبد المطلب بعض الظهور وببركة ذلك النور ألهم النذر فى ذبح ولده وببركته قال لابرهة ان لهذا البيت ربا يحفظه ومنه قال وقد صعد أبا قبيس

لا همّ ان المرء يمنع رحله فامنع رحالك

لا يغلبنّ صليبهم

ومحالهم عدوا محالك

فانصر على آل الصليب وعابديه اليوم آلك

قال وببركة ذلك النور كان يأمر ولده بترك الظلم والبغى ويحثهم على مكارم الاخلاق وينهاهم عن ذيئات الامور وببركة ذلك النور كان يقول فى وصاياه انه لن يخرج من الدنيا ظلوم حتى ينتقم منه وتصيبه عقوبة الى أن هلك رجل ظلوم لم تصبه عقوبة فقيل لعبد المطلب فى ذلك ففكر وقال والله ان وراء هذه الدار دارا يجزى فيها المحسن باحسانه ويعاقب فيها المسىء باساءته فهذا يدل على أنه لم تبلغه الدعوة على وجهها ولم يجد من يعرفه حقيقة ما جاءت به الرسل فانه لو وجد من يخبره بأن الانبياء جاءت بالبعث لم يكن فى غفلة منه حتى وقعت هذه الواقعة فتفكر فيها فاستدل بها على أن ثمة دارا أخرى وفيه قول ساقط ان الله أحياه حتى آمن بالنبىّ صلى الله عليه وسلم حكاه ابن سيد الناس فى السيرة وغيره وهو مردود ولا أعرفه عن أحد من أئمة السنة انما يحكى عن بعض الشيعة وهو قول لا دليل عليه ولم يرد فيه قط حديث لا ضعيف ولا غيره وبهذا فارق قول الامام فخر الدين فان القائل بذلك يدّعى ان عبد المطلب أحيى وآمن بالنبىّ صلى الله عليه وسلم وصار على ملته والامام فخر الدين لا يقول بهذا بل يقول انه كان فى الاصل على ملة ابراهيم من غير أن يحصل له دخول فى هذه الملة ويعضد ذلك فى أمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخرجه أبو نعيم فى دلائل النبوّة بسند ضعيف من طريق الزهرى عن امّ سماعة بنت أبى رهم عن أمّها قالت شهدت امّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فى علتها التى ماتت فيها ومحمد غلام يفع له خمس سنين عند رأسها فنظرت الى وجهه ثم قالت بارك فيك الله من غلام الى آخر ما سبق عند موتها من الابيات ومرثية الجنّ فأنت ترى هذا الكلام منها صريحا فى النهى عن موالاة الاصنام مع الاقوام والاعتراف بدين ابراهيم وببعث ولدها الى الانام من عند ذى الجلال والاكرام بالاسلام وهذه

ص: 237

الالفاظ منافية للشرك انى استقريت أمّهات الانبياء فوجدت أكثرهنّ منصوصا على ايمانها ومن لم ينص عليها سكت عنها فلم ينقل فيها شىء البتة والظاهر ان شاء الله تعالى وكانّ السرّ فى ذلك ما يرينه من النور كما ورد فى الحديث أخرج أحمد والبزار والطبرانى والحاكم والبيهقى عن العرباض بن سارية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انى عبد الله خاتم النبيين وان آدم لمنجدل فى طينته وسأخبركم عن ذلك أنا دعوة ابراهيم وبشارة عيسى ورؤيا أمى التى رأت وكذلك أمّهات النبيين يرين وان أمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأت حين وضعته نورا أضاءت قصور الشام منه* قلت ولا شك أن الذى رأته أمّ النبى صلى الله عليه وسلم فى حال حملها به وولادتها من الآيات أكثر وأعظم مما رآه أمّهات الانبياء* قال السيوطى نقلت من مجموع بخط الشيخ كمال الدين السبكى والد الشيخ الامام تقىّ الدين ما نصه سئل القاضى أبو بكر بن العربى عن رجل قال ان آباء النبىّ صلى الله عليه وسلم فى النار فأجاب بأنه ملعون لان الله تعالى قال ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله فى الدنيا والآخرة وأعدّ لهم عذابا مهينا ولا اذى أعظم من أن يقال عن أبيه فى النار انتهى بلفظه وأورد المحب الطبرى فى ذخائر العقبى عن أبى هريرة قال جاءت سفينة بنت أبى لهب الى النبىّ صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ان الناس يقولون لى أنت بنت حطب النار فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما بال أقوام يؤذوننى فى قرابتى من آذى قرابتى فقد آذانى ومن آذانى فقد آذى الله* وفى ربيع الابرار للزمخشرى لقى رجل من المهاجرين العباس بن عبد المطلب فقال يا أبا الفضل رأيت عبد المطلب بن هاشم والقيطلة كاهنة بنى سهم جمعهما الله فى النار فصفح عنه ثم قال له فصفح عنه فلما كانت الثالثة رفع يده فوجأ انفه فانطلق الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه قال ما هذا قال العباس فأرسل اليه وقال ما أردت برجل من المهاجرين فقص عليه القصة وقال ما ملكت نفسى وما اياه أردت ولكن أرادنى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بال أحدكم يؤذى أخاه فى شىء وان كان حقا* وأخرج أبو نعيم فى الحلية من طريق عبد الله ابن يونس قال سمعت بعض شيوخنا يذكر أن عمر بن عبد العزيز أتى بكاتب يخط بين يديه وكان مسلما وكان أبوه كافرا فقال عمر للذى جاء به لو كنت جئت به من أبناء المهاجرين فقال الكاتب قد كان أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر كلمة اسقطتها انا فغضب عمرو قال لا تخط بين يدىّ بقلم أبدا وأخرج شيخ الاسلام الهروى فى كتاب ذم الكلام من طريق ابن أبى جميلة قال قال عمر بن عبد العزيز لسليمان ابن سعد بلغنى أن أباك عاملنا كان كذا وكذا وهو كافر قال كان أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر ما بعد الكلام وأسقطته أنا فغضب عمر غضبا شديدا وعزله عن الدواوين وذكر القاضى تاج الدين السبكى فى كتابه الترشيح قال قال الشافعى رضى الله عنه فى بعض نصوصه وقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة لها شرف فكلم فيها فقال لو سرقت فلانة لامرأة شريفة لقطعت يدها* قال ابن السبكى فانظر الى قوله فلانة ولم يبح باسم فاطمة تأدّبا معها ان يذكرها فى هذا المعرض وان كان أبوها صلى الله عليه وسلم قد ذكرها لانه يحسن منه ما لا يحسن منا انتهى كلام السبكى وقد جرى على الادب الامام ابو داود صاحب السنن فانه يخرج فى سننه حديثا فى آخر شىء يتعلق بعبد المطلب فلما انتهى الى ذكره قال فذكر تشديد اولم يصرح بشىء والحديث مبهم فى مسند أحمد وسنن النسائى وهذا وأمثاله ارشاد من هؤلاء الائمة وتعليم لنا ان نسكت عن التلفظ بمثل ذلك تأدّبا انتهى كلام السيوطى قيل التوفيق بين دفن امّه بالابواء وكون قبرها بها وبين كون قبرها بمكة على تقدير صحة الحديثين ان يقال يحتمل أن تكون دفنت بالابواء أوّلا وكان قبرها هناك ثم نبشت ونقلت الى مكة والله أعلم* وفى السنة

السادسة من مولده صلى الله عليه وسلم ولد عثمان بن عفان وفى الاستيعاب ولد عثمان

ص: 238