الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أراد أن يصعد بسط الاسدان له ذراعيهما كذا فى أنوار التنزيل والمدارك واذا وضع رجله على الدرجة السفلى يستدير الكرسى بما فيه دوران الرحى وينشر النسران والطاوسان أجنحتهما ويبسط الاسدان ذراعيهما ويضربان الارض بأذنابهما وكذا يفعلان فى كل درجة يصعدها فاذا استوى بأعلاه أخذ النسران تاجه فوضعاه على رأسه واذا قعد أظله النسران بأجنحتهما ثم يستدير الكرسى بما فيه والنسران والطاوسان والاسدان ينضحان على رأسه المسك والعنبر ثم يتناول حمامة من ذهب فيه التوراة فيفتحها سليمان فيقرأها على الناس وكان التصوير مباحا حينئذ كذا فى المدارك ويجلس علماء بنى اسرائيل على كراسى الذهب وعظماء الجنّ على كراسى الفضة ويتقدّم الناس اليه للقضاء واذا دعا بالبينات وتقدّمت الشهود لاقامة الشهادات دار الكرسى بما فيه دوران الرحى والذى يدير الكرسى تنين عظيم من ذهب فاذا دار الكرسى بسط الاسدان أيديهما يضربان الارض بأذنابهما وينشر النسران والطاوسان أجنحتهما فتفزع الشهود فلا يشهدون الا بالحق* وهذا شأن كرسى سليمان وعجائبه وهو مما عمله صخر الجنى* وفى المدارك روى أن افريدون جاء ليصعد كرسيه فلما دنا ضرب الاسدان ساقه فكسراها فلم يجترئ أحد بعده أن يدنو منه* وفى رواية لما مات سليمان أخذ ذلك الكرسى بخت نصر فأراد أن يصعد عليه ولم يكن له علم بالصعود عليه فلما وضع قدمه على الدرجة رفع الا سديده اليمنى وضرب ساقه ودق قدمه فلم يزل يتوجع منها حتى مات وبقى الكرسى بانطاكية حتى غزا أكداس ابن كداس فهزم خليفة بخت نصر وردّ الكرسى الى بيت المقدس فلم يستطع أحد من الملوك الجلوس عليه والاستمتاع به فوضع تحت الصخرة وغاب فلا يعرف له خبر ولا أثر ولا يدرى أين هو*
سبب سلب ملك سليمان
وفى معالم التنزيل كان سبب سلب ملك سليمان ما ذكره محمد بن اسحاق وغيره عن وهب بن منبه أنه قال لما سمع سليمان بمدينة فى جزيرة من جزائر البحر يقال لها صيدون بها ملك عظيم الشان لم يكن للناس اليه سبيل لمكانه فى البحر وكان الله قد آتى سليمان فى ملكه سلطانا لا يمتنع عليه شىء فى برّ ولا بحر الا يركب اليه الريح فخرج الى تلك المدينة تحمله الريح على ظهر الماء حتى نزل بها بجنوده من الجنّ والانس فقتل ملكها واستأصل ما فيها وأصاب بنتا لذلك الملك يقال لها جرادة لم ير مثلها حسنا ولا جمالا فاصطفاها لنفسه ودعاها الى الاسلام فأسلمت على جفاء منها وقلة وفق وأحبها حبا لم يحبه شيئا من نسائه وكانت على منزلتها عنده لا يذهب حزنها ولا يرقأ دمعها فشق ذلك على سليمان فقال لها ويحك ما هذا الحزن الذى لا يذهب والدمع الذى لا يرقأ قالت انى أذكر أبى واذكر ملكه وأذكر ما كان فيه وما أصابنى فيحزننى ذلك فقال سليمان قد أبدلك الله به ملكا هو أعظم من ملكه وسلطانا هو أعظم من سلطانه وهداك للاسلام وهو خير من ذلك كله قالت انه كذلك ولكنى اذا ذكرته أصابنى ما ترى من الحزن فلو أنك أمرت الشياطين فصوّر واصورته فى دارى التى أنا فيها أراها بكرة وعشيا لرجوت أن يذهب ذلك حزنى وأن أتسلى برؤيته عن بعض ما أجد فى نفسى فأمر سليمان عليه السلام الشياطين فقال مثلوا لها صورة أبيها فى دارها حتى لا تنكر منه شيئا فمثلوها لها حتى نظرت الى أبيها بعينه الا انه لا روح فيه فعمدت اليه حين صنعوه فأزرته وقمصته وعممته بمثل ثيابه التى كان يلبس ثم كانت اذا خرج سليمان من دارها تغدو اليه فى ولائدها حتى تسجد له ويسجدون له كما كانت تصنع به فى ملكه وتروح كل عشية وصباح بمثل ذلك وسليمان لا يعلم بشىء من ذلك أربعين صباحا وبلغ ذلك آصف بن برخيا وكان صدّيقا وكان لا يردّ عن أبواب سليمان أىّ وقت أراد دخول بيت من بيوته دخل كان حاضرا سليمان أو كان غائبا فأتاه فقال يا نبىّ الله كبر سنى ودق عظمى ونفد عمرى وقد حان منى ذهاب أيامى وقد أحببت أن أقوم مقاما قبل الموت أذكر فيه ما مضى من أنبياء الله واثنى عليهم بعلمى فيهم وأعلم الناس بما كانوا يجهلون من كثير
أمورهم فقال افعل فجمع له سليمان الناس فقام فيهم خطيبا فذكر من مضى من أنبياء الله واثنى على كل نبىّ بما فيه وذكر ما فضله الله به حتى انتهى الى سليمان فقال ما كان أحلك وأورعك فى صغرك وأفضلك فى صغرك وأحكم أمرك فى صغرك وأبعدك عن كل ما يكره فى صغرك ثم انصرف فوجد سليمان فى نفسه من ذلك شيئا ملأه غضبا وغيظا فلما دخل سليمان داره أرسل اليه فقال يا آصف ذكرت من مضى من انبياء الله بما اثنيت عليهم خيرا فى كل زمان وعلى كل حال من أمرهم فلما ذكرتنى جعلت تثنى علىّ خيرا فى صغرى وسكت عما سوى ذلك من أمرى فى كبرى فما الذى حدث فى آخر أمرى فقال ان غير الله ليعبد فى دارك منذ أربعين صباحا فى هوى امرأة فقال فى دارى قال فى دارك فقال انا لله وانا اليه راجعون لقد عرفت انك ما قلت الذى قلت الا عن شىء بلغك فرجع سليمان الى داره وكسر ذلك الصنم وعاقب تلك المرأة وولائدها ثم أمر بثياب الطهارة فأتى بثياب لا يغزلها الا الابكار ولا ينسجها الا الابكار ولا يغسلها الا الابكار ولم تمسها امرأة قد رأت الدم فلبسها ثم خرج الى فلاة من الارض وحده فأمر برماد ففرش له ثم أقبل تائبا الى الله عز وجل حتى جلس على ذلك الرماد وتمعك فيه بثيابه تذللا لله عز وجل وتضرعا اليه يبكى ويدعو الله ويستغفر مما كان فى داره فلم يزل كذلك يومه حتى أمسى ثم رجع الى داره وكانت له أمّ ولد يقال لها الامينة كان اذا دخل مذهبه أو أراد اصابة امرأة من نسائه وضع خاتمه عندها حتى يتطهر وكان لا يمس خاتمه الا وهو طاهر وكان ملكه فى خاتمه فوضعه يوما عندها ثم دخل مذهبه فأتاها الشيطان صاحب البحر واسمه صخر على صورة سليمان لا تنكر منه شيئا فقال خاتمى يا أمينة فناولته اياه فجعله فى يده ثم خرج حتى جلس على سرير سليمان وعكفت عليه الطير والجنّ والانس وخرج سليمان فأتى الامينة وقد غيرت حالته وهيئته عند كل من رآه فقال يا أمينة خاتمى قالت له من أنت قال أنا سليمان بن داود قالت كذبت قد جاء سليمان وأخذ خاتمه وهو جالس على سرير ملكه فعرف سليمان ان خطيئته قد أدركته فخرج وهو خائف وجعل يقف على الدار من دور بنى اسرائيل ويقول أنا سليمان بن داود فيحثون عليه التراب ويسبونه ويقولون انظروا الى هذا المجنون أى شىء يقول يزعم انه سليمان فلما رأى سليمان ذلك عمد الى البحر فكان ينقل الحيتان لاصحاب البحر الى السوق فيعطونه كل يوم سمكتين فاذا أمسى باع احدى سمكتيه بأرغفة وشوى الاخرى فأكلها فمكث كذلك أربعين صباحا عدّة ما كان الوثن يعبد فى داره وانكر آصف وعظماء بنى اسرائيل حكم عدوّ الله الشيطان فى تلك الاربعين يوما فقال آصف يا معشر بنى اسرائيل هل رأيتم من اختلاف حكم نبىّ الله سليمان بن داود ما رأيت قالوا نعم قال أمهلونى حتى أدخل على نسائه فأسألهنّ هل انكرن شيئا منه من خاصة أمره ما أنكرنا فى عامة أمر الناس وعلانيته فدخل على نسائه فقال ويحكنّ هل أنكرتن من أمر ابن داود اليه راجعون ان هذا لهو البلاء المبين ثم خرج على بنى اسرائيل فقال ما فى الخاصة أكثر مما فى العامة فلما مضى أربعون صباحا طار ذلك الشيطان من مجلسه ثم مرّ بالبحر فقذف الخاتم فيه فبلعته سمكة فأخذها بعض الصيادين وقد عمل له سليمان صدر يومه ذلك حتى اذا كان العشى أعطاه سمكتيه فأعطى السمكة التى بلعت الخاتم وخرج سليمان بسمكتيه فباع التى ليس فى بطنها الخاتم بالارغفة ثمّ عمد الى السمكة الاخرى فبقرها ليشويها فاستقبله خاتمه فى جوفها فأخذه وجعله فى يده ووقع ساجد الله تعالى فعكفت عليه الطير والجنّ وأقبل عليه الناس وعرف الذى قد كان دخل عليه مما كان أحدث فى داره ورجع اليه ملكه وأظهر التوبة من ذنبه وأمر الشياطين فقال ائتونى بصخر فأتوه به فأخذه بعد أن جاؤا به اليه فجاب له صخرة فأدخله فيها ثم سدّ عليه بأخرى ثم أوثقه فيها بالحديد وسبك عليه بالرصاص