الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فترضعيه بلبن قثم فولدت الحسن فأرضعته بلبن قثم خرجه الدولابى والبغوى فى معجمه قالت فجئت به الى النبىّ صلى الله عليه وسلم فوضعته فى حجره فبال فضربت كتفه فقال عليه السلام أوجعت ابنى رحمك الله* وفى الصفوة عن علىّ قال الحسن أشبه الناس بالنبىّ صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر الى الرأس والحسين أشبه الناس بالنبىّ صلى الله عليه وسلم ما كان أسفل من ذلك* وفى ذخائر العقبى مثل ذلك عن أبى هريرة قال لا ازال أحب هذا الرجل يعنى الحسن بن علىّ بعد ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع به ما يصنع قال رأيت الحسن فى حجر النبىّ صلى الله عليه وسلم وهو يدخل أصابعه فى لحية النبىّ صلى الله عليه وسلم والنبىّ صلى الله عليه وسلم يدخل لسانه فى فيه ثم يقول اللهم انى أحبه كذا فى ذخائر العقبى
*
(ذكر صفته)
* فى ذخائر العقبى كان أبيض مشربا حمرة ادعج العينين سهل الخدّين كث اللحية ذا وفرة كانّ عنقه ابريق فضة عظيم الكراديس بعيد ما بين المنكبين ربعة ليس بالطويل ولا بالقصير من أحس الناس وجها وكان يخضب بالسواد وكان جعد الشعر حسن البدن ذكره الدولابى وغيره* وعن زادان بن منصور قال رأيت الحسن بن على يخضب بالحناء والكتم وعن عبد الرحمن بن روح عن أنس قال كان الحسن والحسين يخضبان بالسواد الا أن الحسن ترك عنفقته بيضاء خرجه ابن الضحاك وخرجه أيضا عن أبى بكر بن أبى شيبة ان الحسن كان يخضب بالحناء والكتم وخرج عن أنس ان الحسين كان يخضب بالوشمة* فى الصفوة عن محمد بن علىّ قال الحسن انى لاستحيى من ربى عز وجل أن ألقاه ولم امش الى بيته فمشى عشرين مرة من المدينة على رجليه* وعن علىّ بن زيد قال حج الحسن خمس عشرة حجة ماشيا وان النجائب لتقاد معه وخرج من ماله مرّتين وعاش بعد أبيه ثمان سنين واربعة أشهر وخمسة عشر يوما وستجىء خلافته ووفاته وبعض احواله وذكر اولاده فى الخاتمة*
غزوة أحد
وفى هذه السنة وقعت غزوة أحد وهو جبل مشهور بالمدينة على اقل من فرسخ منها وسمى بذلك لتوحده واتقطاعه عن جبال أخر هناك ويقال له ذوعينين قال فى القاموس بكسر العين وفتحها مثنى جبل بأحد انتهى وهو الذى قال فيه صلى الله عليه وسلم أحد جبل يحبنا ونحبه قيل وفيه قبر هارون أخى موسى عليهما السلام وكانت عنده الوقعة المشهورة يوم السبت فى شوّال سنة ثلاث بالاتفاق كذا فى المواهب اللدنية وشذ من قال سنة اربع وقال ابن اسحاق لاحدى عشرة ليلة خلت منه وقيل لسبع ليال وقيل لثمان وقيل لتسع وقيل فى نصفه وعن مالك بعد بدر بسنة وعنه ايضا كانت على رأس احدى وثلاثين شهرا من الهجرة كذا فى الوفاء وكان سببها كما ذكره ابن اسحاق عن شيوخه وموسى بن عقبة عن ابن شهاب وابو الاسود عن عروة وابن سعد لما قتل الله من قتل من كفار قريش يوم بدر ورجع الى مكة من بقى ممن حضر بدرا من فلهم وجدوا العير التى قدم بها أبو سفيان من الشأم سالمة موقوفة فى دار الندوة فمشت اشراف قريش مثل عبد الله بن ربيعة وصفوان بن امية وعكرمة بن ابى جهل فى جماعة ممن اصيب آباؤهم واخوانهم وأبناؤهم يوم بدر الى أبى سفيان فقالوا نحن طيبو الانفس بأن نجهز بربح هذه العير جيشا الى محمد وهو قد وترنا وقتل خيارنا فنتعاون بهذا المال على حرب محمد لعلنا ان ندرك منه ثارا فقال أبو سفيان أنا اوّل من اجاب الى ذلك وبنو عبد المطلب معى* وفى الوفاء فكلموا ابا سفيان ومن كان له فى العير مال فى الاستعانة بها على حرب النبىّ صلى الله عليه وسلم ففعلوا وكانت الف بعير والمال خمسين الف دينار فلم الى اهل العير رؤس اموالهم وعزلت الارباح وكانوا يربحون فى تجارتهم الدينار دينارا وجهزوا الجيش بذلك وفيهم نزلت ان الذين كفروا ينفقون اموالهم ليصدّوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون فبعثوا الرسل الى القبائل يستنصرونهم وحركوا من أطاعهم من قبائل بنى كنانة وأهل تهامة فخرجت قريش بحدها وجدها وأحابيشها ومن تابعها من بنى كنانة وأهل تهامة وخرجوا معهم
بالظعن لئلا يفرّوا وليذكرنهم قتلى بدر ويغنين ويضر بن بالدفوف ليكون أجد لهم فى القتال فخرج أبو سفيان وكان قائدهم بهند بنت عتبة وخرج عكرمة بن أبى جهل بأمّ حكيم بنت الحارث وخرج الحارث ابن هشام بفاطمة بنت الوليد بن المغيرة وخرج صفوان بن امية ببرزة بنت مسعود الثقفية ويقال رقية وخرج عمرو بن العاص بريطة ببنت منبه بن الحجاج وهى امّ عبد الله بن عمرو وخرج طلحة بن ابى طلحة واسم ابى طلحة عبد الله بن عبد العزى بسلافة بنت سعد بن شهيد الانصارية وهى أم بنى طلحة مسافع والحارث والجلاس وكلاب قتلوا يومئذهم وابوهم طلحة وخرجت خناس بنت مالك بن المضرب احدى نساء بنى الحارث وكذلك سائر اشرافهم خرجوا بنسائهم وكان جبير بن مطعم أمر غلامه وحشيا الحبشى بالخروج مع الناس وقال له ان قتلت حمزة عم محمد بعمى طعيمة بن عدى فأنت عتيق وكانت هند بنت عتبة كلما مرّت بوحشى فى المسير أو مرّ بها قالت ويهايا أباد سمة اشف واشتف وكان وحشى يكنى بأبى دسمة فكتب العباس بن عبد المطلب وهو يومئذ بمكة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره بمسير قريش الى حربه وبكيفية أحوالهم وكمية اعدادهم وختم الكتاب واستأجر رجلا من بنى غفار وبعثه الى المدينة وشرط ان يأتيها فى ثلاثة ايام ولياليها فقدم الغفارى المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان بقباء فذهب اليه فلقيه بباب المسجد حين يريد أن يركب فأعطاه الكتاب ففتح عليه السلام ختمه وأعطاه ابىّ بن كعب فقرأه عليه فاذا فيه مسير قريش الى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأوصاه بكتمانه وذهب الى منزل سعد بن الربيع فأخبره الخبر فقال سعد خيرا فانصرف النبىّ صلى الله عليه وسلم الى المدينة واستكتمه الخبر فدخلت امرأة سعد وقالت انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا وكذا فاسترجع سعد وأخذ المرأة ثم خرج بها يسرع حتى أدركا النبىّ صلى الله عليه وسلم فى الطريق وقد علاها النفس فقال يا رسول الله هذه تقول سمعت ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخاف أن يفشو فتحسب انى أفشيت قال أرسلها فوقعت الاراجيف فى المدينة فقالت اليهود والمنافقون ان هذا الرجل الذى جاء من مكة ما جاء بخبر يسرّ محمدا ففشا الخبر بأن المشركين قد خرجوا من مكة بقصد المدينة ولحق بهم ابو عامر الراهب مع خمسين رجلا من قومه وفى جيشهم ثلاثة آلاف رجل منها سبعمائة دارع ومائتا فرس وألف بعير وخمسة عشر هودجا وخرج فيها جميع اشراف قريش مثل أبى سفيان والاسود بن المطلب وجبير بن مطعم وصفوان بن أمية وعكرمة بن أبى جهل والحارث بن هشام وعبد الله بن ربيعة وحويطب بن عبد العزى وخالد ابن الوليد وأبو عزة الشاعر واسمه عمرو بن عبد الله الجمحى وامثالهم واستقرّ قيادة الجيش ورياستها على أبى سفيان بن حرب وكان ابو عزة الشاعر قد أسر يوم بدر فمنّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأطلقه لفقره وعياله وأخذ عليه العهد أنه لا يكثر على المسلمين ولا يعود انى حربهم وقد مرّ فى غزوة بدر فلما خرج المشركون الى أحد تخلف عنهم بمكة وأقام بها فمشى اليه صفوان ابن أمية وقال له يا ابا عزة انك شاعر فأعنا بلسانك فاخرج معنا فقال ان محمدا قد منّ علىّ فلا أريد أن أمية وقال له يا ابا عزة انك شاعر فأعنا بنفسك فلك علىّ ان رجعت أن أغنيك وان أصبت أن أجعل بناتك مع بناتى يصيبهنّ ما أصابهنّ من عسر ويسر فخرج ابو عزة يسير فى تهامة يدعو الناس الى الحرب* وفى الوفاء أقبل المشركون حتى نزلوا بعينين جبل ببطن السبخة من قناة على شفير الوادى مقابل المدينة قاله ابن اسحاق* ووادى قناة خلف عينين بينه وبين أحد فنزلوا أمام عينين مما يلى المدينة وفى غربيه لجهة بئر رومة* وقال المطرى ان أبا سفيان سار بجمعه حتى طلعوا من بين الجماوين ثم نزلوا ببطن الوادى الذى قبل أحد فنزلوا برومة من وادى العقيق وكان
نزولهم يوم الجمعة وقال ابن اسحاق يوم الاربعاء* وفى روضة الاحباب فبعث اليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عينين انسا ومؤنسا ابنى فضالة فرجعا اليه وأخبراه بافساد المشركين وسرحهم الظهر فى زروع عريض* وفى معجم ما استعجم وسرّحوا الظهر فى زروع كانت للمسلمين* وفى خلاصة الوفاء عريض تصغير عرض واد عريض شرقى الحرة الشرقية قرب قناة* وفى معجم ما استعجم عريض موضع من أرجاء المدينة فيه أصول نخل* وفى القاموس عريض كزبير واد بالمدينة به أموال لاهلها ثم بعث اليهم حباب بن المنذر عينا فدخل فى جيشهم وحزرهم ثم رجع وأخبر بكميتهم وكيفيتهم موافقا لما كتبه العباس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حسبنا الله ونعم الوكيل بك أصول وبك أحول* وفى الكشاف ومعالم التنزيل عن ابن اسحاق والسدى ان المشركين نزلوا بأحد يوم الاربعاء الثانى عشر من شوّال سنة ثلاث من الهجرة وأقاموا بها الاربعاء والخميس والجمعة وبات ليلة الجمعة التى فى سبتها وقعت الحرب سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وأسيد بن حضير مع جماعة من شجعان الصحابة مسلحين فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبابه يحرسون وحرست المدينة تلك الليلة ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى تلك الليلة ليلة الجمعة رؤيا فلما أصبح قال انى والله قد رأيت خيرا رأيت بقرا تذبح ورأيت فى ذباب سيفى ثلما ورأيت انى أدخلت يدى فى درع حصينة فأوّلتها المدينة فأما البقر فناس من أصحابى يقتلون واما الثلم الذى رأيت فى ذباب سيفى فهو رجل من أهل بيتى يقتل* وقال ابن عقبة وتقول رجال كان الذى فى سيفه ما قد أصاب وجهه فان العدوّ أصابوا وجهه الشريف يومئذ وكسروا رباعيته وجرحوا شفته كذا فى المواهب اللدنية* وفى الاكتفاء قال رأيت البارحة فى منامى بقرا تذبح ورأيت سيفى ذا الفقار انقصم من عند ضبته أو قال به فلول فكرهته وهما والله مصيبتان ورأيت انى فى درع حصينة وانى مردف كبشا قالوا وما أوّلتها قال اوّلت البقر بقرا يكون فينا واوّلت الكبش كبش الكتيبة واوّلت الدرع الحصينة المدينة فامكثوا فان دخل القوم الازقة قاتلناهم ورموا من فوق البيوت فان رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم وكان رأيه ان لا يخرج من المدينة فاستشار فى ذلك أصحابه وكان ذلك رأى اكابر الصحابة من المهاجرين والانصار ودعا عبد الله بن ابىّ ابن سلول ولم يدعه قط قبلها فاستشاره فقال عبيد الله بن أبىّ واكثر الصحابة يا رسول الله أقم بالمدينة لا تخرج اليهم فو الله ما خرجنا منها الى عدوّ قط الا أصاب منا ولا دخل علينا الا واصبنا منه كيف وأنت فينا فدعهم يا رسول الله فان اقاموا أقاموا بشرّ محبس وان دخلوا قاتلهم الرجال فى وجوههم ورماهم النّساء والصبيان بالحجارة من فوقهم وان رجعوا رجعوا خائبين فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيه لكن طلب فتيان أحداث السنّ فاتهم يوم بدر واكرمهم الله بالشهادة يوم أحد أن يخرجوا حرصا على الشهادة فقالوا يا نبىّ الله كنا نتمنى هذا اليوم اخرج بنا الى اعدائنا لا يرون انا جبنا عنهم وأبى كثير من الناس الا الخروج فغلبوا على الامر حتى مال رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الخروج وهوله كاره* روى انه صلى الله عليه وسلم صلّى الجمعة وخطب الناس ووعظهم وأمرهم بالجدّ والجهاد واعداد الجيش والتأهب للقتال وقد مات فى ذلك اليوم رجل من الانصار يقال له مالك بن عمرو أحد بنى النجار فصلى عليه ثم صلّى العصر ودخل البيت ومعه أبو بكر وعمر فعمماه ولبساه وصف له الناس ينتظرون خروجه فخرج مسلحا قد لبس لأمته وهى بالهمز وقد يترك تخفيفا الدرع وشدّ وسطه بمنطقة من الاديم واعتم وتقلد سيفه وألقى الترس وراء ظهره وأخذ قناته بيده ثم أذن بالخروج فلما رأوه ندم ذو الرأى منهم على ما صنعوا وقالوا بئس ما صنعنا نشير على رسول الله صلى الله عليه وسلم والوحى يأتيه فقاموا واعتذروا
اليه فقالوا يا رسول الله ما كان لنا ان نخالفك فاصنع ما بدا لك* وفى الوفاء امكث كما امرتنا فقال ما ينبغى لنبى اذا اخذ لأمة الحرب ان يرجع حتى يقاتل* وفى رواية أن يلبس لأمته فيضعها حتى يقاتل أو قال يحكم الله بينه وبين اعدائه فامضوا على اسم الله فلكم النصران صبرتم فدعا بثلاثة ارماح فعقد ثلاثة ألوية فدفع لواء الاوس الى أسيد بن حضير ولواء الخزرج الى حباب بن المنذر بن الجموح وقيل الى سعد بن عبادة ولواء المهاجرين الى علىّ بن ابى طالب وفى رواية الى مصعب بن عمير واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم للصلاة كذا فى سيرة ابن هشام وقيل ابن أبى مكرز ثم ركب فرسه السكب وتوجه الى أحد* وفى الوفاء فخرج بهم وهم الف رجل ويقال تسعمائة ليس معهم فرس* وفى الوفاء أيضا عن الاقشهرى مع النبى صلى الله عليه وسلم فرسه وفرس لابى بردة بن نيار وكان المشركون ثلاثة آلاف فيهم سبعمائة دارع ومائتا فرس وثلاثة آلاف بعير وخمس عشرة امرأة كما مر* وقال المطرى خرج النبى صلى الله عليه وسلم مع الناس على الحرة الشرقية حرة واقم وبات بالشيخين موضع بين المدينة وأحد على الطريق الشرقى مع الحرة الى جبل أحد وغد اصبح يوم السبت الى أحد* وفى خلاصة الوفاء شيخان بلفظ تثنية شيخ أطمان بجهة الوالج سميا بشيخ وشيخة كانا هناك بفضائها مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى به فى مسيره لاحد وعسكر هناك تلك الليلة* ويؤخذ مما نقل ابن سيد الناس عن ابن اسحاق ومما رواه الطبرى أنهم خرجوا من ثنية الوداع شامى المدينة* وفى الوفاء روى الطبرانى فى الكبير والاوسط برجال ثقات عن ابى حميد الساعدى ان النبى صلى الله عليه وسلم خرج يوم احد حتى اذا جاوز ثنية الوداع فاذا هو بكتيبة خشناء فقال من هؤلاء قالوا عبد الله بن أبىّ ابن سلول فى ستمائة من مواليه اليهود فقال وقد أسلموا قالوا لا يا رسول الله قال مروهم فليرجعوا فانا لا نستعين بالمشركين على المشركين* وفى الكشاف ومعالم التنزيل خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الف وقيل فى تسعمائة وخمسين وفيهم مائة دارع وخرج السعدان سعد بن معاذ وسعد بن عبادة مسلحين أمامه يعدوان والناس عن يمينه وعن يساره فمضى حتى اذا كان بالشيخين وهما أطمان التفت فنظر الى كتيبة خشنة لها زجل فقال ما هذه قالوا حلفاء ابن ابىّ من يهود فقال عليه السلام لا تستنصروا بأهل الشرك وفى ذلك الموضع أى بالشيخين عرض عسكره وردّ من استصغره مثل عبد الله بن عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت واسامة بن زيد وزيد بن الارقم والبراء بن عازب وعمرو بن حزم واسيد بن ظهير وعرابة بن أوس وابى سعيد الخدرى اسمه سعد بن مالك بن سنان الخدرى وسمرة بن جندب ورافع بن خديج ردّهم يوم أحدوهم أبناء اربع عشرة سنة ثم أجازهم يوم الخندق وهم أبناء خمس عشرة سنة ولما امر بردّ هؤلاء الى المدينة لصغر سنهم قال خديج يا رسول الله ان ابنى رافعا رام وكان رافع يومئذ يتطاول من الشغف على الخروج فأذن له فيه فقال سمرة بن جندب لزوج أمه مرّة بن سنان أذن لرافع وردّنى وانا أصرعه فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمصارعة فصرع سمرة رافعا فأذن له أيضا فى الخروج ولما غربت الشمس أذن بلال المغرب فصلوها بالجماعة وباتوا ليلتئذ بالشيخين وعين لحراسة الجيش تلك الليلة محمد بن مسلمة فى خمسين رجلا يطوفون بالجيش وعين المشركون لحراسة جيشهم عكرمة بن ابى جهل فى جماعة يحرسونهم* روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما صلّى العشاء قال من يحرسنا الليلة فقام رجل وقال أنا يا رسول الله قال من أنت قال ذكوان قال اجلس فجلس ثم قال من يحرسنا الليلة فقام رجل وقال أنا يا رسول الله قال من أنت قال أبو سبع قال اجلس فجلس ثم قال من يحرسنا الليلة فقام الرجل وقال أنا يا رسول الله فقال له من أنت قال ابن عبد القيس قال اجلس فجلس فمكث غير بعيد حتى أمر بقيام هؤلاء الثلاثة فقام ذكوان وحده
فسأله عن صاحبيه فقال يا رسول الله أنا كنت المجيب فى كل مرة قال اذهب حفظك الله فلبس ذكوان لأمته واخذ قوسه وحمل سلاحه وترسه فكان يطوف بالعسكر ويحرس خيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما كان السحر استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال من رجل يخرج بنا على القوم من كثب أى من قرب ومن طريق لا يمر بنا عليهم فقال أبو خيثمة أخو بنى حارثة أنا يا رسول الله فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسه فأدلج فى السحر وسلك فى حرة بنى حارثة فذب فرس بذنبه فأصاب كلب سيف فاستله ويقال كلاب سيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يحب الفال ولا يعتاف يا صاحب السيف شم سيفك فانى أرى السيوف ستسل اليوم ثم نفذ به دليله أبو خيثمة فى حرة بنى حارثة وبين اموالهم حتى سلك فى مال لمربع بن قبطى وكان منافقا ضرير البصر فلما سمع حس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه قام يحثى فى وجوهم التراب ويقول ان كنت رسول الله فانى لا أحل لك حائطى* وذكر انه أخذ حفنة من تراب ثم قال والله لو أعلم انى لا اصيب بها غيرك يا محمد لضربت بها وجهك فابتدر اليه القوم ليقتلوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقتلوه فهذا الاعمى أعمى القلب واعمى البصر ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم* وفى الكشاف ولما بلغ الشوط اختزل ابن أبىّ فى ثلثمائة من أهل النفاق* وفى رواية أمرهم بالانصراف لكفرهم بمكان يقال له الشوط* وفى رواية اعتزل ابن أبى من الشيخين ورجع فقال محمد عصانى وأطاع الولدان ما ندرى علام نقتل أنفسناها هنا أيها الناس ارجعوا فرجع بمن تبعه من قومه من أهل النفاق والريب* وفى معالم التنزيل اعتزل بثلث الناس وقال علام نقتل أنفسنا واولادنا* وفى سيرة ابن هشام وتبعهم عمرو بن حزم الانصارى أحد بنى سلمة وقال أنشدكم الله فى نبيكم وأنفسكم فقال ابن أبىّ لو نعلم قتالا لا تبعناكم ولو أطعتنا لرجعت معنا* وفى سيرة ابن هشام يا قوم أذكركم الله أن تخذلوا قومكم ونبيكم عند ما حضر من عدوّهم قالوا لو نعلم انكم تقاتلون لما أسلمناكم ولكنا لا نرى أن يكون قتال فلما استعصوا عليه وأبوا الا الانصراف قال أبعدكم الله أعداء الله فسيغنى الله عنكم نبيه فبقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سبعمائة من أصحابه* وفى الوفاء فلما رجع عبد الله بن أبىّ سقط فى أيدى طائفتين من المؤمنين وهما بنو حارثة وبنو سلمة قال الله تعالى اذهمت طائفتان منكم أن تفشلا الآية* وفى الكشاف وأصبح بشعب أحد يوم السبت ونزل فى عدوة الوادى وفى معالم التنزيل للنصف من شوّال سنة ثلاث من الهجرة* وفى الوفاء لما انتهى صلى الله عليه وسلم الى موضع القنطرة حانت الصلاة فصلى بهم الصبح صفوفا عليهم سلاحهم* قال مجاهد والكلبى والواقدى غدا رسول الله من منزل عائشة على رجليه الى أحد فجعل يصف أصحابه للقتال كما يقوّم القدح* وفى الاكتفاء مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل الشعب من أحد فجعل ظهره وعسكره الى أحد وقال لا يقاتلن أحد حتى نأمر بالقتال وقد سرحت قريش الظهر والكراع فى زروع كانت للمسلمين فقال رجل من الانصار أترعى زروع بنى قيلة ولما نضارب* وتعبى رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتال وهو فى سبعمائة رجل فجعل عكاشة بن محصن الاسدى على الميمنة وأبا سلمة بن عبد الاسد على الميسرة وأبا عبيدة عامر بن الجرّاح وسعد بن أبى وقاص على المقدّمة ومقداد بن عمرو على الساقة فجعل أحدا خلف ظهره واستقبل المدينة وجعل عينين وهو جبل على شفير قناة قبلى مشهد حمزة عن يساره وكانت فيه ثغرة فأقام عليها خمسين رجلا من الرماة وأمر عليهم عبد الله بن جبير أخا بنى عمرو بن عوف وهو معلم بثياب بيض فقال انضح الخيل عنا لا يأتونا من خلفنا ان كانت لنا أو علينا فاثبت فى مكانك لا نؤتين من قبلك* وفى رواية قال لهم ان رأيتمونا تختطفنا الطير فلا تبرحوا من مكانكم هذا حتى أرسل اليكم
وان رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل اليكم كذا فى البخارى
من حديث البراء* وفى حديث ابن عباس عند الطبرانى والحاكم انه صلى الله عليه وسلم أقامهم فى موضع ثم قال احموا ظهورنا فان رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا وان رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا وظاهر رسول الله بين درعين ودفع اللواء الى مصعب بن عمير من بنى عبد الدار وكان شعار رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد أمت أمت فيما قاله ابن هشام وتعبأت قريش وهم ثلاثة آلاف ومعهم مائتا فرس قد جنبوها فجعلوا على ميمنة الخيل خالد بن الوليد وعلى الميسرة عكرمة بن أبى جهل وأمروا على الخيل صفوان بن أمية وعمرو بن العاص وعلى الرماة عبد الله بن ربيعة وكانوا مائة رام ودفعوا اللواء الى طلحة ابن أبى طلحة وكان معه يوم بدر وجعلوا شعارهم يالعزى يالهبل ونقل الاقشهرى أن ابا سفيان بن حرب قال يومئذ لبنى عبد الدار انكم ضيعتم اللواء يوم بدر فأصابنا ما رأيتم فادفعوا اللواء الينا نكفكم وانما أراد تحريضهم على القتال والثبات فغضبوا وأغلظوا له* وفى الاكتفاء قال لهم يا بنى عبد الدار انكم قد وليتم لواءنا يوم بدر فأصابنا ما قد رأيتم وانما يؤتى الناس من قبل راياتهم اذا زالت زالوا فاما أن تكفونا لواءنا واما أن تخلوا بيننا وبينه فنكفيكموه فهموا به وتواعدوا وقالوا أنحن نسلم اليك لواءنا ستعلم غدا اذا التقينا كيف نصنع وذلك ما أراد أبو سفيان* وفى المواهب اللدنية ثم صف المسلمون بأصل احد وصف المشركون بالسبخة قاله ابن عقبة فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن يحمل لواء المشركين قيل عبد الدار قال نحن احق بالوفاء منهم أين مصعب بن عمير فقال ها أنا قال خذ اللواء فأخذه وكان يمشى أمام رسول الله* وفى معالم التنزيل فجاءت قريش وعلى ميمنتهم خالد بن الوليد وعلى ميسرتهم عكرمة بن أبى جهل ومعهم النساء يضر بن بالدفوف والاكبار ويحرّضن ويرتجزن ويقلن
نحن بنات طارق
…
نمشى على النمارق
مشى القطا النوانق
…
الدرّ فى المخانق
والمسك فى المفارق
…
ان تقبلوا نعانق
ونفرش النمارق
…
أو تدبروا نفارق
فراق غير وامق
وفى سيرة ابن هشام قال ابن اسحاق فلما التقى الناس ودنا بعضهم من بعض قامت هند بنت عتبة فى النسوة اللاتى معها وأخذن الدفؤف يضر بن بها خلف الرجال ويحرّضنهم فقالت هند فيما تقول
ويها بنى عبد الدار
…
ويها حماة الادبار
ضربا بكل بتار
وتقول
ان تقبلوا نعانق
…
ونفرش النمارق
أو تدبروا نفارق
…
فراق غير وامق
وفى المنتقى وكان اوّل من أنشب الحرب ورمى بالسهم فى وجوه المسلمين ابو عامر الراهب طلع فى خمسين رجلا من قومه فنادى أنا أبو عامر فقال المسلمون لامر حبابك ولا أهلا يا فاسق فتراموا حتى ولى مدبرا* وفى الوفاء كان أبو عامر الراهب من الاوس خرج عن قومه الى مكة مباعدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يعد قريشا أن لو لقى قومه لم يختلف عليه منهم رجلان فلما التقى الناس كان اوّل من لقيهم هو فى الاحابيش وعبدان أهل مكة فنادى يا معشر الاوس أنا ابو عامر قالوا فلا انعم الله بك عينا يا فاسق وبذلك سماه رسول الله وكان يسمى فى الجاهلية الراهب فلما سمع ردّهم عليه قال لقد أصاب قومى بعدى شرّ ثم قاتلهم قتالا شديدا ثم راضخهم بالحجارة* وفى الاكتفاء فاقتتل الناس حتى حميت الحرب وقاتل أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بنى ساعدة حتى أمعن فى الناس وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ سيفا بيده وكان مكتوبا فى احدى صفحتيه
فى الجبن عار وفى الاقبال مكرمة
…
والمرء بالجبن لا ينجو من القدر
وقال من يأخذ هذا السيف بحقه فطلبه ناس فلم يعطهم اياه* وفى الينابيع طلبه أبو بكر وعمر وعلى فلم يعطهم اياه فقال أبو دجانة ما حقه يا رسول الله قال أن تضرب به فى العدوّ حتى ينحنى فقال أنا آخذه
بحقه فأخذه ثم أهوى الى ساق حفه فأخرج منها عصابة حمراء وعصب بها رأسه وكان مكتوبا فى أحد طرفيها نصر من الله وفتح قريب وفى طرفها الآخر الجبانة فى الحرب عار ومن فرّ لم ينج من النار وفى الاكتفاء قام اليه رجال فأمسكه عنهم حتى قام اليه أبو دجانة سماك بن خرشة الانصارى وقال ما حقه يا رسول الله قال ان تضرب به فى العدوّ حتى تثخن* وفى رواية ينحنى قال يا رسول الله أنا آخذه بحقه فأعطاه اياه وكان أبو دجانة رجلا شجاعا يختال عند الحرب وكان اذا علم بعصابة له حمراء فاعتصب بها علم الناس انه سيقاتل فلما أخذ السيف من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج عصابته تلك فعصب بها رأسه وجعل يتبختر بين الصفين فقال رسول الله حين رآه يتبختر انها المشية يبغضها الله الا فى مثل هذا الموطن وكان الزبير بن العوام قد سأل رسول الله ذلك السيف مع من سأله ومنعه اياه قال وجدت فى نفسى حين سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف فمنعنيه وأعطاه ابا دجانة وقلت أنا ابن صفية عمته ومن قريش وقد قمت اليه وسألته اياه قبله فأعطاه اياه وتركنى والله لا نظرن ما يصنع أبو دجانة فاتبعته فأخرج عصابة له حمراء فعصب بها رأسه فقالت الانصار أخرج أبو دجانة عصابة الموت وهكذا كانت تقول له اذا تعصب بها فخرج وهو يقول
أنا الذى عاهدنى خليلى
…
ونحن بالسفح لدى النخيل
أن لا اقوم الدهر فى الكبول
…
اضرب بسيف الله والرسول
الكيول بفتح الكاف وتشديد المثناة التحتية مؤخر الصفوف وهو فيعول من كال الزند كيلا اذا كبا ولم يخرج نارا فشبه مؤخر الصفوف به لان من فيه لا يقاتل قال أبو عبيدة لم يسمع الا فى هذا الحديث فجعل لا يلقى أحدا من المشركين الا قتله* وفى سح السحابة وقاتل به حتى انقطع فى يده انتهى وكان فى المشركين رجل لا يدع جريجا الا ذفف عليه فجعل كل واحد منهما يدنو من صاحبه فدعوت الله أن يجمع بينهما فالتقيا فاختلفا ضربتين فضرب المشرك أبا دجانة فاتفاه بدرقته فعضت بسيفه وضربه أبو دجانة فقتله ثم رأيته قد حمل على مفرق رأس هند بنت عتبة ثم عدل السيف عنها قال الزبير قلت الله أعلم ورسوله قال أبو دجانة رأيت انسانا يحمش الناس حمشا شديدا فصمدت اليه فلما حملت عليه السيف ولول فاذا امرأة فأكرمت سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ان اضرب به امرأة* وفى الوفاء عن الزبير بن العوّام أنه قال خرج أبو دجانة بعد ما أخذ السيف فاتبعته فجعل لا يمرّ بشىء الا أفراه وهتكه حتى أتى لنسوة فى سفح الجبل ومعهنّ هند وهى تقول نحن بنات طارق الى آخر ما ذكرنا تغنى وتحرّض المشركين بذلك فحمل عليها فنادت بالصحرات فلم يجبها أحد فانصرف عنها قال الزبير فقلت له كلّ سيفك رأيته فأعجبنى غير انك لم تقتل المرأة قال فانها نادت فلم يجبها أحد فكرهت أن أضرب بسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة لا ناصر لها قال وغلب رماة المسلمين على المشركين ورشقوا خيلهم بالنبل حتى ولوا هاربين من خيلهم فصاح طلحة بن أبى طلحة وهو صاحب لواء قريش فقال من يبارزنى فبرز له على بن أبى طالب فلما التقيا بين الصفين ضربه علىّ بالسيف على هامته ففلقها الى المخ* وفى رواية قتله مصعب بن عمير وهو كبش الكتيبة فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبر المسلمون ثم شدّوا على المشركين فحمل لواءهم أخو طلحة عثمان بن أبى طلحة فضربه حمزة بالسيف على عاتقه فقطع يده وكتفه حتى انتهى الى مؤتزره فرجع حمزة وهو يقول أنا ابن ساقى الحجيج* وفى سيرة ابن هشام وقاتل حمزة بن عبد المطلب حتى قتل أرطاه بن شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار وكان أحد النفر الذين يحملون اللواء ثم مرّ به سباع ابن عبد العزى الغبشانى وكان يكنى بأبى نيار فقال له حمزة هلم الىّ يا ابن مقطعة البظور وكانت أمّه
أمّ انمار مولاة شريق بن عمرو بن وهب الثقفى ختانة بمكة فلما التقيا ضربه حمزة فقتله قال وحشى غلام جبير بن مطعم والله انى لا نظر الى حمزة يهد الناس بسيف ما يبقى شيئا مثل الجمل الاورق اذ تقدّمنى اليه سباع فقال حمزة هلم الىّ يا ابن مقطعة البظور فضربه ضربة فكأنما أخطأ رأسه وهززت حربتى حتى اذا رضيت منها دفعتها عليه فوقعت فى ثنته حتى خرجت من بين رجليه فأقبل نحوى فغلب فوقع فأمهلته حتى اذا مات جئت فأخذت حربتى ثم تنحيت الى العسكر ولم يكن لى بشىء حاجة غيره* وفى الاكتفاء وكان جبير بن مطعم قد وعد غلامه وحشيا بالعتق ان قتل حمزة بعمه طعيمة بن عدى المقتول يوم بدر وكان وحشى يحسن قذف الحربة قذف الحبشة وقلما يخطئ بها شيئا واستتر يومئذ وحشى بشجرة أو حجر حتى مرّ عليه حمزة بعد قتله سباع بن عبد العزى الخزاعى الغبشانى فرماه وحشى بالحربة فقتله وتركه حتى مات ثم أتاه وأخذ حربته وشق بطنه وأخرج كبده وذهب بها الى هند بنت عتبة وقال لها هذه كبد حمزة قاتل أبيك فأخذتها ومضغتها فلم تقدر أن تسيغها فلفظتها وأعطته ثوبها وحليها ووعدته عشرة دنانير بمكة ثم قالت له أرنى مصرعه فأراها اياه فمثلت به وقطعت مذاكيره وذهبت بها الى مكة فلما قدم وحشى مكة عتق ثم أقام بمكة حتى اذا افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة هرب الى الطائف فكان بها فلما خرج وفد الطائف الى رسول الله ليسلموا تغيبت عليه المذاهب فقال له رجل ويحك انه والله لا يقتل أحدا من الناس دخل دينه فخرج مع وفدهم حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فشهد شهادة الحق فلما رآه قال أوحشى قال نعم يا رسول الله قال اقعد فحدّثتى كيف قتلت حمزة فحدّثه فلما فرغ قال ويحك غيب عنى وجهك فكان عليه السلام يتنكبه حيث كان لئلا يراه حتى قبضه الله فلما خرج المسلمون الى مسيلمة الكذاب خرج معهم قال وأخذت حربتى التى قتلت بها حمزة فلما التقى الناس رأيت مسيلمة قائما فى يده السيف وما أعرفه فتهيأت له وتهيأ له رجل من الانصار من الناحية الاخرى كلانا نريده فهززت حربتى حتى اذا رضيت منها دفعتها عليه فوقعت فيه فشدّ عليه الانصارى فضربه بالسيف فالله أعلم أينا قتله فان كنت قتلته وقد قتلت خير الناس بعد رسول الله فقد قتلت شرّ الناس* ذكر ابن اسحاق باسناده الى عبد الله بن عمر وكان شهد اليمامة قال سمعت يومئذ صارخا يقول قتله العبد الاسود* قال ابن اسحاق فبلغنى ان وحشيا لم يزل يحد فى الخمر حتى خلع عن الديوان فكان عمر بن الخطاب يقول قد علمت انّ الله لم يكن ليدع قاتل حمزة* وعن الزهرى عن شيبة بن عثمان بن أبى طلحة انّ طلحة بن عثمان أخا شيبة أيضا قتل فى أحد كذا فى معالم التنزيل* وفى الوفاء قال ابن عقبة وكان صاحب لواء المسلمين مصعب بن عمير أخو بنى عبد الدار فبارز طلحة بن عثمان من بنى عبد الدار فقتله* قال ابن اسحاق وقاتل مصعب بن عمير دون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل وكان الذى قتله ابن قمئة الليثى وهو يظنّ انه رسول الله* وفى الكشاف أقبل ابن قمئة يريد قتل رسول الله فذب عنه مصعب بن عمير فقتله ابن قمئة* وفى المنتقى كان لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم الاعظم لواء المهاجرين معه يوم بدر ويوم أحد أيضا ولما جال المسلمون أقبل ابن قمئة وهو فارس فضرب يده اليمنى فقطعها ومصعب يقول وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل فأخذ اللواء بيده اليسرى فقطعها ابن قمئة فحنى على اللواء وضمه بعضديه الى صدره وهو يقول وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل وما كانت هذه الآية نازلة بعد فنزلت ثم حمل عليه الثالثة بالرمح فأنفذه فاندق الرمح ووقع مصعب صريعا فابتدر اليه رجلان من بنى عبد الدار سويبط ابن سعد وأبو الروم بن عمير أخو مصعب فأخذه أبو الروم فلم يزل فى يده حتى دخل المدينة* وفى رواية لما قتل مصعب أخذ اللواء ملك فى صورة مصعب فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له فى آخر
النهار تقدم يا مصعب فالتفت اليه الملك وقال لست بمصعب فعرف رسول الله انه ملك أيد به فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على مصعب فقرأ من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وقتل مصعب وهو ابن أربعين سنة* وفى سيرة ابن هشام قال محمد ابن اسحاق لما قتل مصعب بن عمير أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء على بن أبى طالب وقاتل علىّ فى رجال من المسلمين* وقال ابن هشام حدّثنى سلمة بن علقمة المازنى قال لما اشتدّ القتال يوم أحد جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت راية الانصار وأرسل الى علىّ بن أبى طالب ان قدّم الراية فتقدّم علىّ فقال أنا أبو القصم ويقال الفصم بالقاف والفاء فيما قاله ابن هشام فناداه ابو سعيد بن أبى طلحة وهو صاحب لواء المشركين ان هل لك يا أبا القصم فى البراز من حاجة فقال نعم فبرزا بين الصفين فاختلفا ضربتين فضربه علىّ فصرعه ثم انصرف ولم يجهز عليه فقال له أصحابه أفلا أجهزت عليه قال انه استقبلنى بعورته فعطفتنى عليه الرحم فعرفت انّ الله قتله ويقال ان ابا سعيد خرج من بين الصفين وطلب من يبارزه مرارا فلم يخرج اليه أحد فقال يا أصحاب محمد زعمتم ان قتلاكم فى الجنة وقتلانا فى النار كذبتم واللات لو تعلمون ذلك حقا لخرج الىّ بعضكم فخرج اليه علىّ فاختلفا ضربتين فقتله علىّ* قال ابن اسحاق ان سعد بن أبى وقاص هو الذى قتل أبا سعيد هذا كذا فى سيرة ابن هشام والاكتفاء والمنتقى وفى بعض الكتب كيفية قتله ان سعد بن ابى وقاص رماه بسهم فلم يخطئ حنجرته حتى خرج لسانه فمات ثم حمل لواءهم مسافع بن أبى طلحة فرماه عاصم بن ثابت بن أبى الافلح فقتله وأخاه الجلاس بن طلحة كلاهما يشعره سهما وأرثت مسافع الى أمّه سلافة بنت سعد وكانت فى العسكر فوضع رأسه فى حجرها فقالت يا بنىّ من اصابك قال لا أدرى الا أنى سمعت رجلا يقول حين رمانى خذها وأنا ابن أبى الافلح فنذرت ان أمكنها الله من رأس عاصم أن تشرب الخمر فى قحفه وجعلت لمن يأتيها برأسه مائة ناقة وكان عاصم قد عاهد الله أن لا يمس مشركا ولا يمسه مشرك أبدا فتمم الله له ذلك حيا وميتا كما سيجىء ثم حمل لواءهم الحارث بن ابى طلحة فرماه عاصم أيضا فقتله كذا فى المنتقى* وفى سيرة ابن هشام انّ عاصم بن ثابت قتل مسافعا وأخاه الجلاس كما سبق* وفى المنتقى قتل الجلاس طلحة بن عبيد الله ثم حمل لواءهم كلاب بن طلحة فقتله الزبير بن العوّام ثم حمل اللواء أرطاه بن شرحبيل بن هاشم ابن عبد مناف فقتله حمزة وقيل علىّ ثم حمل اللواء شريح بن فارض فقتله بعض المسلمين ثم حمل اللواء صواب غلام حبشى لبنى طلحة فقتله سعد بن أبى وقاص وقيل علىّ بن أبى طالب وقيل قزمان وهو أثبت الاقوال* وفى رواية حملت اللواء عمرة بنت علقمة كما سيجىء* قال ابن اسحاق قتل اصحاب لواء المشركين وهم سبعة يأخذه واحد بعد واحد وقال غيره وهم أحد عشر آخرهم غلام حبشى لبنى طلحة اسمه صواب قال ابن اسحاق والتقى يومئذ حنظلة بن ابى عامر غسيل الملائكة وابو سفيان بن حرب فلما استعلاه حنظلة رآه شدّاد بن الاسود بن شعوب قد علا أبا سفيان فضربه شدّاد فقتله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان صاحبكم يعنى حنظلة لتغسله الملائكة فسلوا اهله ما شأنه فسئلت صاحبته فقالت خرج وهو جنب حسين سمع الهائعة فقال رسول الله لذلك غسلته الملائكة* وفى الصفوة ان حنظلة ابن ابى عامر الراهب كان من خيار المسلمين استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل أباه فنهاه عن قتله وتزوّج جميلة بنت عبد الله بن ابى بن سلول فأدخلت عليه فى الليلة التى فى صبيحتها كان قتال أحد وكان قد استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت عندها فأذن له فلما صلّى الصبح غدا يريد النبىّ بأحد ثم مال الى جميلة فأجنب منها وكانت قد ارسلت الى اربعة من قومها فأشهدتهم انه قد دخل بها فقيل لها فى ذلك فقالت رأيت كأن السماء فرجت له فدخل فيها ثم اطبقت فقلت هذه
الشهادة وقد علقت بعبد الله بن حنظلة فأخذ حنظلة سلاحه فلحق بالنبىّ صلى الله عليه وسلم وهو يسوّى الصفوف فلما انكشف المسلمون اعترض حنظلة ابا سفيان بن حرب فضرب عرقوب فرسه فوقع ابو سفيان ثم تحمل رجل منهم على حنظلة قأنفذه بالرمح فقال رسول الله رأيت الملائكة تغسل حنظلة ابن ابى عامر بين السماء والارض بماء المزن فى صحاف الفضة* قال ابو سعيد الساعدى فذهبنا اليه فنظرنا فاذا رأسه يقطر ماء فرجعت الى رسول الله فأخبرته انه خرج وهو جنب فأعجله الحال عن الغسل فولده يقال لهم بنو غسيل الملائكة* وفى رواية قالت كان جنبا فلما غسل أحد شقيه سمع الهيعة وأعجله الحال عن الغسل فخرج ولم يغسل الشق الآخر قال رسول الله هو ذاك فانى رأيته قد غسلته الملائكة فسمى غسيل الملائكة وبذلك تمسك من قال من العلماء ان الشهيد يغسل اذا كان جنبا كذا فى المواهب اللدنية فلما قتل اصحاب اللواء وانتكست رايتهم انكشف المشركون وانهزموا* قال ابن اسحاق ثم انزل الله نصره على المؤمنين واصدقهم وعده فحسوا الكفار بالسيوف حتى كشفوهم عن العسكر وكانت الهزيمة لا شك فيها* وفى المواهب اللدنية فولى الكفار لا يلوون على شىء ونساؤهم يدعون بالويل والثبور وتبعهم المسلمون حتى أجهضوهم ووقعوا يتهبون العسكر ويأخذون ما فيه من الغنائم* وفى الكشاف فلما أقبل المشركون جعل الرماة يرشقون خيلهم والباقون يضربون بالسيف حتى انهزموا وتبعهم المسلمون يضعون فيهم السلاح وصرخت نساؤهم يدعون بالويل والثبور وألقين الدفوف ويشتددن الى الجبل رافعات ثيابهنّ وقد بدت خلاخلهنّ وسوقهنّ ولما نظر الرماة الى المشركين قد انكشفوا ورأوا أصحابهم ينتهبون ويأخذون الغنائم قالوا الغنيمة يا قوم الغنيمة قد ظهر أصحابكم فما تنتظرون فقال عبد الله بن جبير أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا انا والله لنأتينهم فلنصيبن من الغنيمة فلما أتوهم صرفت وجوههم وأقبلوا منهزمين كذا رواه البخارى عن البراء بن عازب* وفى الكشاف اختلف الرماة حين انهزم المشركون قال بعضهم قد انهزم القوم فما موقفنا وأقبلوا على الغنيمة* وقال بعضهم لا نخالف أمر رسول الله* وفى معالم التنزيل تركوا المركز للغنيمة وقالوا نخشى أن يقول النبىّ صلى الله عليه وسلم من أخذ شيئا فهو له وأن لا يقسم الغنائم كما لم يقسمها يوم بدر فتركوا المركز ووقعوا فى الغنائم ثم قال لهم النبىّ ألم أعهد اليكم أن لا تتركوا المركز حتى يأتيكم أمرى قالوا تركنا بقية اخواننا وقوفا فقال النبىّ بل ظننتم انا نغل فلا نقسم لكم فأنزل الله تعالى وما كان لنبىّ أن يغلّ ومن يغلل يأت بما غلّ الآية ولما ترك الرماة مركزهم ثبت أميرهم عبد الله بن جبير فى مكانه فى نفر يسير دون العشرة فلما رأى خالد بن الوليد قلة الرماة وخلاء الجبل واشتغال المسلمين بالغنيمة ورأى ظهورهم خالية صاح فى خيله من المشركين فكربهم وتبعه عكرمة بن أبى جهل فى جماعة من المشركين فحملوا على من بقى من الرماة فقتلوهم وقتل أميرهم عبد الله بن جبير ثم حملوا على المسلمين من خلفهم وحالت الريح دبورا بعد ما كانت صبا* وفى الاكتفاء كشف المسلمون المشركين عن العسكر ونهكوهم قتلا وقد حملت خيل المشركين على المسلمين ثلاث مرّات كل ذلك تنضح بالنبل فترجع مفلولة فلما أبصر الرماة الخمسون انّ الله قد فتح لاخوانهم قالوا والله ما نجلس هناك لشىء قد أهلك الله العدوّ واخواننا فى عسكر المشركين فتركوا منازلهم التى عهد اليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يتركوها وتنازعوا وفشلوا وعصوا الرسول فأوجفت الخيل فيهم قتلا ولم يكن نبل ينضحها ووجدت مدخلا عليهم فكان ذلك سبب الهزيمة على المسلمين* وفى سيرة ابن هشام قال الزبير بن العوّام والله لقد رأيتنى أنظر الى خدم هند بنت عتبة وصواحبها مشمرات منكشفات هوارب ما دون أخذهنّ قليل ولا كثير اذ مالت الرماة الى
العسكر حين كشفنا القوم عنه وخلوا ظهورنا للخيل وأوتينا من خلفنا وصرخ صارخ ألا انّ محمدا قد قتل فانكفأنا وانكفأ علينا القوم بعد ان أصبنا اصحاب اللواء حتى ما يدنو منه احد من القوم* قال ابن هشام والصارخ أزب العقبة* قال ابن اسحاق حدّثنى بعض أهل العلم انّ اللواء لم يزل صريعا حتى أخذته عمرة بنت علقمة الحارثية فرفعته لقريش فلا ثوابه وكان اللواء مع صواب غلام حبشى لبنى طلحة وكان آخر من أخذه منهم فقاتل به حتى قطعت يداه ثم برك عليه فأخذ اللواء بصدره وعنقه حتى قتل عليه وهو يقول اللهم هل أعذرت يعنى أعذرت* وفى الينابيع وكانت فى المشركين امرأة كافرة اسمها عفراء فأخذت لواء قريش ورفعتها فلما رأى المشركون لواءهم مرفوعا كروا راجعين فجعلوا يضربون المسلمين من قدامهم ومن خلفهم حتى قتلوا منهم سبعين وجرحوا سبعين وكسروا يد علىّ وجرحوا أبا بكر وعمر وانهزم عثمان مع جماعة* قال ابن اسحاق وانكشف المسلمون فأصاب فيهم العدوّ وصرخ صارخ ألا انّ محمدا قد قتل وفى رواية تصوّر الشيطان بصورة جعال بن سراقة الضمرى وصرخ ان محمدا قد قتل وقال قائل أى عباد الله أخراكم أى احترزوا من جهة أخراكم فعطف المسلمون يقتل بعضهم بعضا وهم لا يشعرون كذا فى المواهب اللدنية* ووثب الناس على جعال بن سراقة ليقتلوه لانّ الشيطان تمثل بصورته وصاح بخبر القتل فشهد خوات بن جبير وأبو بردة بن نيار بأنّ الصارخ غير جعال وجعال كان عندهما وبجنبهما حين صرخ ذلك الصارخ وجرح أسيد بن حضير يومئذ جراحتين من أيدى المسلمين احداهما من ضربة أبى بردة بن نيار وجرح أبو بردة أيضا من يد أنصارى ولم يعرفه* وفى الصحيح عن عائشة قالت كان يوم أحد هزم المشركون هزيمة بينة فصاح ابليس أى عباد الله أخراكم فرجعت أولاهم فاجتلدت مع اخراهم فنظر حذيفة فاذا هو بأبيه اليمان فنادى أى عباد الله أبى أبى قالت فو الله ما احتجزوا حتى قتلوه فقال حذيفة يغفر الله لكم وعند أحمد والحاكم عن ابن عباس انهم لما رجعوا اختلطوا بالمشركين والتبس العسكران فلم يتميزوا فوقع القتل فى المسلمين بعضهم من بعض* وفى سيرة ابن هشام قال ابن اسحاق لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى أحد رفع حسبل بن جابر وهو اليمان ابو حذيفة بن اليمان وثابت بن وقش فى الآطام مع النساء والصبيان وهما شيخان كبيران فقال أحدهما لصاحبه لا أبا لك ما تنتظر فو الله ان بقى لواحد منا من عمر الاظمئ حمار انما نحن هامة اليوم أو غدا أفلا نأخذ أسيافنا ثم نلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم لعل الله يرزقنا شهادة مع رسول الله فأخذا أسيافهما ثم خرجا حتى دخلا فى الناس ولم يعلم بهما فأما ثابت بن وقش فقتله المشركون وأما حسبل بن جابر فاختلفت عليه أسياف المسلمين فقتلوه ولا يعرفونه فقال حذيفة أبى قالوا والله ان عرفناه وصدقوا قال حذيفة يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين فأراد رسول الله أن يديه فتصدّق بديته على المسلمين فزاده عند رسول الله خيرا* قال ابن اسحاق وكان يوم احد يوم بلاء وتمحيص أكرم الله فيه من أكرم من المسلمين بالشهادة حتى خلص العدوّ الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدث بالحجارة حتى وقع لشقه فأصيبت رباعيته وكلمت شفته وشج فى وجهه فجعل الدم يسيل على وجهه وجعل صلى الله عليه وسلم يمسحه وهو يقول كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم وهو يدعوهم الى ربهم فأنزل الله تعالى ليس لك من الامر شىء أو يتوب عليهم او يعذبهم فانهم ظالمون ورواه احمد والترمذى والنسائى من طريق حميد الطويل عن انس وقيل همّ أن يدعو عليهم فنهاه الله تعالى لعلمه بأنّ فيهم من يؤمن* وفى المواهب اللدنية قيل كان سبب الهزيمة ان ابن قميئة الحارثى قتل مصعب بن عمير وكان مصعب اذا لبس لأمنه يشبه النبىّ صلى الله عليه وسلم فلما قتله ظنه رسول الله فرجع الى قريش وقال قد قتلت محمدا فازداد واجراءة وصاح ابليس من العقبة قتل محمد فلما سمع المسلمون ذلك وهم
متفرّقون كانت الهزيمة فلم يلو أحد على احد والصواب ان السبب مخالفة الرماة لامر النبىّ صلى الله عليه وسلم والاصل فى ذلك مع ما أراده الله ما اتفق ببدر من اخذ الفداء فقد خرج الترمذى والنسائى عن علىّ ان جبريل هبط فقال خيرهم فى اسارى بدر القتل والفداء على أن يقتل منهم فى القابل مثلهم قالوا الفداء ويقتل منا مثلهم قال الترمذى حديث حسن وذكر غيره له شواهد تقوّيه ولهذا جاء فى الصحيح انّ النبىّ صلى الله عليه وسلم واصحابه اصابوا من المشركين يوم بدر أربعين ومائة قتلوا سبعين وأسروا سبعين وفيه ايضا ان المشركين اصابوا يوم احد من المسلمين سبعين ووقع عند مسلم من طريق ابن عباس عن عمر فى قصة بدر قال فلما كان يوم أحد قتل منهم سبعون وفروا وكسرت رباعية النبىّ صلى الله عليه وسلم وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم على وجهه فأنزل الله تعالى أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا والمراد بكسر الرباعية وهى السن التى بين الثنية والناب انها كسرت فذهب منها فلقة ولم تقلع من أصلها وقوله فروا أى بعضهم أو أطلق ذلك باعتبار تفرقهم والواقع بهم انهم صاروا ثلاث فرق فرقة استمروا فى الهزيمة الى قرب المدينة فما رجعوا حتى انقضى القتال وهم قليل وهم الذين نزل فيهم انّ الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان الآية وفرقة صاروا حيارى لما سمعوا انّ النبىّ قتل فصار غاية الواحد منهم أن يذب عن نفسه ويستمرّ فى القتال الى أن يقتل وهم أكثرهم وفرقة بقيت مع النبىّ صلى الله عليه وسلم ثم تراجع اليهم الفرقة الثانية شيئا فشيئا لما عرفوا انه حى وما ورد فى الاختلاف فى العدد فمحمول على تعدّد المواطن فى القصة* ووقع عند أبى يعلى فى حديث عمر المتقدّم فلما كان عام أحد عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء فقتل منهم سبعون* قال ابن هشام فى سيرته عن أبى سعيد الخدرى ان عتبة بن أبى وقاص رمى النبىّ صلى الله عليه وسلم يومئذ فكسر رباعيته السفلى وجرح شفته السفلى وانّ عبد الله بن شهاب الزهرى شجه فى جبهته وانّ ابن قميئة جرح وجنته فدخلت حلقتان من حلق المغفر فى وجنته ووقع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حفرة من الحفر التى عملها أبو عامر ليقع فيها المسلمون وهم لا يعلمون فأخذ علىّ بن أبى طالب بيد رسول الله ورفعه طلحة حتى استوى قائما* وفى الاكتفاء فقال صلى الله عليه وسلم من أحب أن ينظر الى شهيد يمشى على وجه الارض فلينظر الى طلحة* قال ابن هشام ومص مالك بن سنان والد أبى سعيد الخدرى الدم عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ازدرده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مس دمه دمى لم تصبه النار* وفى الرياض النضرة لم تمسه النار أخرجه ابن اسحاق وفى رواية غيره من أحب أن ينظر الى من خالط دمه دمى فلينظر الى مالك بن سنان* وعن عائشة عن أبى بكر الصدّيق ان أبا عبيدة بن الجراح نزع احدى الحلقتين من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقطت ثنيته ثم نزع الاخرى فسقطت ثنيته الاخرى فكان ساقط الثنيتين* وفى الصفوة نزع بفيه الحلقتين اللتين دخلتا فى وجنته من حلق المغفر فوقعت ثنيتاه وكان أحسن الناس هتما وفى رواية ولذلك يقال له الاهتم* وفى المواهب اللدنية وهشموا البيضة على رأسه أى كسروا الخودة ورموه بالحجارة حتى سقط لشقه فى حفرة من الحفر التى حفرها أبو عامر فأخذ علىّ بيده واحتضنه طلحة ابن عبيد الله ورفعه حتى استوى قائما ونشبت حلقتان من المغفر فى وجهه فانتزعهما أبو عبيدة بن الجراح وعض عليهما حتى سقطت ثنيتاه من شدّة غوصهما فى وجهه* وفى الاكتفاء وكان الذى كسر رباعيته وجرح شفته عتبة بن أبى وقاص أخو سعد بن أبى وقاص وكذا قاله السهيلى وغيره ومن ثمة لم يولد من نسله ولد فبلغ الحنث الا وهو ابحر واهتم أى عطشان لا يروى وساقط مقدم أسنانه يعرف ذلك فى عقبه* وفى القاموس البحر العطش فلا يروى من الماء ويقال أهتم فاه ألقى مقدّم أسنانه
وروى ابن الجوزى عن محمد بن يوسف الغريانى قال بلغنى ان الذين كسروا رباعية النبىّ صلى الله عليه وسلم لم يولد لهم صبى فنبتت له رباعية* وفى الاكتفاء وكان سعد بن أبى وقاص يقول والله ما حرصت على قتل رجل قط حرصى على قتل عتبة بن أبى وقاص وهو أخوه وان كان ما علمت لسيئ الخلق مبغضا فى قومه ولقد كفانى منه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتدّ غضب الله على من أدمى وجه رسول الله* وفى مستدرك الحاكم لما فعل عتبة ما فعل جاء حاطب بن أبى بلتعة فقال يا رسول الله من فعل هذا بك فأشار الى عتبة فتبعه حاطب حتى قتله وجاء بفرسه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل قد اختلف فى اسلامه والصحيح انه لم يسلم* وفى المنتقى فى الذى كسر رباعيته وكلمه فى وجهه قولان* أحدهما نه عتبة بن أبى وقاص كما سبق والثانى انه ابن قميئة فانه علا رسول الله بالسيف فضربه على الايمن فاتقاه طلحة بيده وردّ بسيفه عنه فشلت يده ويبست وأصيبت ختصره حين رمى مالك بن زهير الجشمى رسول الله بسهم وكان لا يخطئ سهمه فجعل طلحة يده وقاية له فأصاب خنصره وضرب رجل من المشركين على رأس طلحة بالسيف ضربتين فنزف الدم على وجهه فخرّ مغشيا عليه* وروى عن أبى بكر الصدّيق أنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد بالماء فقال اذهب به الى طلحة فذهبت به اليه فرأيته قد وقع صريعا وينزف الدم من جراحاته فرششت عليه من الماء حتى حصل له بعض الافاقة فقال ما فعل برسول الله قلت هو بالعافية وهو أرسلنى اليك قال الحمد لله فكل مصيبة بعده هين* وفى الصفوة عن أبى بكر الصدّيق قال كنت أوّل من جاء يوم أحد فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولابى عبيدة بن الجراح عليكما به يريد طلحة وقد نزف دمه يعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصلحنا من شأنه ثم أتينا طلحة فوجدناه فى بعض تلك الحفار فاذا به بضع وسبعون أو أقل أو أكثر من بين طعنة وضربة ورمية فاذا قطعت أصبعه فأصلحنا من شأنه* وأخرج أبو حاتم معناه ولفظه قال قال أبو بكر لما صرف الناس يوم أحد عن رسول الله كنت أوّل من جاء النبىّ صلى الله عليه وسلم فجعلت انظر الى رجل خلفى بين يديه يقاتل عنه ويحميه فجعلت أقول كن طلحة فداك أبى وأمى مرّتين قال ونظرت الى رجل خلفى كأنه طائر فلم أنشب ان أدركنى فاذا هو أبو عبيدة بن الجراح فاندفعنا الى النبىّ فاذا طلحة بين يديه صريعا فقال النبىّ صلى الله عليه وسلم دونكم أخاكم فقد أوجب قال وقد رمى فى جبهة رسول الله ووجنته فأهويت الى السهم لا نزعه فقال أبو عبيدة نشدتك بالله يا أبا بكر الا تركتنى قال فتركته فأخذ أبو عبيدة السهم بفيه فجعل ينضنضه ويكره أن يؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استله بفيه ثم أهويت الى السهم الذى فى وجنته لانزعه فقال أبو عبيدة نشدتك بالله يا أبا بكر الا تركتنى فأخذ السهم بفيه وجعل ينصنصه ويكره أن يؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استله وكان طلحة أشدّ نهكة من رسول الله وكان رسول الله أشدّ نهكة منه وكان قد أصاب طلحة بضعة وثلاثون ما بين طعنة وضربة ورمية* قوله ينضنضه بالصاد والضاد يحركه* قوله أشدّ نهكة أى جراحة وجهدا وألما وكان أبو عبيدة أثرم الثنيتين من انتزاع السهمين* ويروى ان المنتزع حلقتى الدرع أبو بكر ويجوز أن يكون السهمان أثبتا حلقتى الدرع فانتزع الجميع فسقطتا لذلك* وعن أبى هريرة ان طلحة لما جرح يوم أحد مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على جسده وقال اللهمّ اشفه وقوّه فقام صحيحا ورجع الى مبارزة العدوّ أخرجه الملاذكر ذلك كله فى الرياض النضرة* وعن قيس قال رأيت طلحة يده شلاء وقى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد انفرد به البخارى* وفى الصفوة شهد طلحة أحدا وثبت يومئذ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقاه بيده فشلت أصبعاه وجرح يومئذ اربعا
وعشرين جراحة قال وكانت فيه خمس وسبعون ما بين طعنة وضربة ورمية سماه
رسول الله يوم أحد طلحة الخير ويوم غزوة ذات العشيرة طلحة الفياض ويوم حنين طلحة الجود وسيجىء موته فى الخانمة فى خلافة علىّ بن ابى طالب* قال السدى رضى الله عنهما ابن قميئة هو الذى رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجر فكسر أنفه ورباعيته وشج فى وجهه* وقال ابو بشير المازنى حضرت يوم أحد وأنا غلام فرأيت ابن قميئة علا رسول الله بالسيف فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقع على كتفه فى حفرة أمامه حتى توارى فجعلت أصيح وأنا غلام حتى رأيت الناس ثابوا اليه فانظر الى طلحة بن عبيد الله آخذ يحضنه حتى قام* وفى الينابيع غلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعف من الجراحات حتى وقع عن فرسه وجرحت ركبتاه وكسرت جبهته* وفى الطبرانى من حديث ابى أمامة قال لما رمى عبد الله بن قميئة يوم أحد فشج وجهه وكسر رباعيته قال خذها وأنا ابن قميئة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يمسح الدم عن وجهه مالك أقأك الله وفى رواية وأذلك فسلط الله عليه تيس جبل فلم يزل ينطحه حتى قطعه قطعة قطعة* وعند ابن عائذ من طريق الاوزاعى بلغنا انه لما جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد اخذ شيئا فجعل ينشف به دمه وقال لو وقع منه شىء على الارض لنزل عليهم العذاب من السماء ثم قال اللهمّ اغفر لقومى فانهم لا يعلمون وفى الينابيع وكان صلى الله عليه وسلم يأخذ قطرات الدم ويرمى بها الى السماء ولم يقع شىء منها على الارض ويقول لو وقع شىء منها على الارض لم ينبت عليها نبات وفى الينابيع أيضا لما كسرت جبهته وانخضب وجهه ولحيته جعل سالم مولى ابى حذيفة يسلت الدم عن وجهه وهو يقول كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم وفى شمائل الترمذى عن جندب بن سفيان البجلى قال اصاب حجرا صبع رسول الله صلى الله عليه وسلم فدميت فقال
هل أنت الا اصبع دميت
…
وفى سبيل الله ما لقيت
وكان ذلك فى غزوة أحد وروى انّ عبد الله ابن حميد الاسدى لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جرح جعل يركض فرسه ويقول أرونى محمدا والله انى لا قتله فاعترضه ابو دجانة فضربه بالسيف فقتله فقال رسول الله اللهمّ ارض عن ابن خرشة كما أنا عنه راض وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهرى قال ضرب وجه النبىّ صلى الله عليه وسلم يومئذ بالسيف سبعين ضربة وقاه الله من شرّها كلها قال فى فتح البارى وهذا مرسل قوى ويحتمل أن يكون أراد بالسبعين حقيقتها أو المبالغة* قال ابن اسحاق وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين غشيه القوم من رجل يشرى لنا نفسه فقام زياد بن السكن فى خمسة نفر من الانصار وبعض الناس يقولون انما هو عمارة بن زياد بن السكن فقاتلوا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا ثم رجلا يقتلون دونه حتى كان آخرهم زيادا أو عمارة فقاتل حتى أثبتته الجراحة ثم جاءت فئة من المسلمين فأجهضوهم عنه فقال رسول الله ادنوه منى فأدنوه منه فوسده قدمه فمات وخدّه على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقاتلت امّ عمارة نسيبة بنت كعب المازنية يومئذ فيما قاله ابن هشام قالت خرجت أوّل النهار وأنا أنظر ما يصنع الناس ومعى سقاء فيه ماء فانتهيت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فى اصحابه والدولة والريح للمسلمين فلما انهزم المسلمون انحزت الى رسول الله فقمت أباشر القتال وأذب عنه بالسيف وارمى عن القوس حتى خلصت الجراحة الىّ قالت امّ سعد بنت سعد بن الربيع فرأيت على عاتقها جرحا اجوف له غور فقلت من أصابك بهذا قالت ابن قميئة اقماه الله لما ولى الناس عن رسول الله اقبل يقول دلونى على محمد فلا نجوت ان نجا فاعترضته انا ومصعب بن عمير وأناس ممن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربنى هذه الضربة ولقد ضربته على ذلك ضربات ولكن عدوّ الله عليه درعان* وتترس دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ابو دجانة بنفسه