الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّنْعَةِ.
قَالَ رحمه الله (وَشَحْمُ الْبَطْنِ بِالْأَلْيَةِ أَوْ بِاللَّحْمِ) يَعْنِي يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا مِنْ الضَّأْنِ؛ لِأَنَّهَا أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ لِاخْتِلَافِ الْأَسْمَاءِ وَالصُّوَرِ وَالْمَقَاصِدِ.
قَالَ رحمه الله (وَالْخُبْزُ بِالْبُرِّ أَوْ الدَّقِيقِ مُتَفَاضِلًا) وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِهِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا شُبْهَةَ الْمُجَانَسَةِ فِي الْحَالِ وَلَا يُعْرَفُ التَّسَاوِي بَيْنَهُمَا فَصَارَ كَبَيْعِ الْمَقْلِيَّةِ بِغَيْرِ الْمَقْلِيَّةِ أَوْ الدَّقِيقِ بِالْحِنْطَةِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْخُبْزَ بِالصَّنْعَةِ صَارَ جِنْسًا آخَرَ حَتَّى خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَكِيلًا وَالْبُرُّ وَالدَّقِيقُ مَكِيلٌ فَلَمْ يَجْمَعْهُمَا الْقَدْرُ وَلَا الْجِنْسُ حَتَّى جَازَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ نَسِيئَةً إذَا كَانَتْ الْحِنْطَةُ هِيَ الْمُتَأَخِّرَةُ لِإِمْكَانِ ضَبْطِهَا وَإِنْ كَانَ الْخُبْزُ هُوَ الْمُتَأَخِّرُ أَوْ السَّلَمُ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ يَتَفَاوَتُ بِالطَّحْنِ وَالْعَجْنِ وَالنُّضْجِ وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَقَدْ ذُكِرَ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ لَا يَحْفَظُ عَنْهُمَا خِلَافُ ذَلِكَ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ يَجُوزُ عَلَى قِيَاسِ السَّلَمِ بِاللَّحْمِ وَبِهِ يُفْتَى لِلتَّعَامُلِ وَفِي الْكَافِي أَنَّ ابْنَ رُسْتُمَ ذَكَرَ فِي نَوَادِرِهِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْخُبْزِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَصِحُّ وَزْنًا وَلَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهُ وَزْنًا وَلَا عَدَدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِمَا ذَكَرْنَا فِي السَّلَمِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ بَابَ السَّلَمِ أَوْسَعُ حَتَّى جَازَ السَّلَمُ فِي الثِّيَابِ دُونَ الْقَرْضِ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَجُوزُ بِالْوَزْنِ وَالْعَدَدِ جَمِيعًا لِلتَّعَامُلِ وَبِهِ يُتْرَكُ الْقِيَاسُ كَالِاسْتِصْنَاعِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَجُوزُ بِالْوَزْنِ دُونَ الْعَدَدِ؛ لِأَنَّ أُحَادَهُ تَتَفَاوَتُ بِالْعَدِّ دُونَ الْوَزْنِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
قَالَ رحمه الله (لَا بَيْعُ الْبُرِّ بِالدَّقِيقِ أَوْ بِالسَّوِيقِ) يَعْنِي لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحِنْطَةِ بِأَحَدِهِمَا لَا مُتَفَاضِلًا وَلَا مُتَسَاوِيًا؛ لِأَنَّهُ جِنْسُهُ مِنْ وَجْهٍ وَإِنْ اخْتَصَّ بِاسْمٍ آخَرَ فَيَحْرُمُ لِشُبْهَةِ الرِّبَا؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا بُرٌّ وَالْآخَرَ أَجْزَاؤُهُ أَوْ أَحَدُهُمَا دَقِيقٌ وَالْآخَرُ أَجْزَاؤُهُ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ بِالطَّحْنِ لَمْ يُوجَدْ إلَّا تَفْرِيقُ الْأَجْزَاءِ وَالْمُجْتَمِعُ بِالتَّفْرِيقِ لَا يَصِيرُ جِنْسًا آخَرَ فَبَقِيَتْ شُبْهَةُ الْمُجَانَسَةِ وَثُبُوتُ الشُّبْهَةِ تَكْفِي لِثُبُوتِ حُرْمَةِ الرِّبَا كَمَا فِي دُهْنِ السِّمْسِمِ مَعَ السِّمْسِمِ غَيْرَ أَنَّ الْمِعْيَارَ فِيهِمَا الْكَيْلُ وَهُوَ غَيْرُ مُسَوِّ لَهُمَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْبُرَّ إذَا طُحِنَ يَزِيدُ عَلَيْهِ وَتِلْكَ الزِّيَادَةُ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي الْحَالِ وَظَهَرَتْ بِالطَّحْنِ بِخِلَافِ بَيْعِ دُهْنِ السِّمْسِمِ بِالسِّمْسِمِ حَيْثُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمِعْيَارَ فِيهِمَا الْوَزْنُ وَهُوَ مُسَوَّ لَهُمَا فَأَمْكَنَ التَّسَاوِي بَيْنَهُمَا وَيَجُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالدَّقِيقِ مُتَسَاوِيًا وَلَا يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا لِاتِّحَادِ الِاسْمِ وَالصُّورَةِ وَالْمَعْنَى وَبِهِ تَثْبُتُ الْمُجَانَسَةُ مِنْ كُلِّ.
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَشَحْمُ الْبَطْنِ بِالْأَلْيَةِ أَوْ بِاللَّحْمِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ بَاعَ لُحُومَ الشَّاةِ بِشُحُومِهَا أَوْ بِأَلْيَتِهَا أَوْ لَحْمِهَا بِصُوفِهَا يَجُوزُ ذَلِكَ كَيْفَمَا كَانَ وَلَا يَجُوزُ نَسِيئَةً؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ يَجْمَعُهُمَا اهـ قَالَ الْكَمَالُ: وَأَمَّا الرُّءُوس وَالْأَكَارِعُ وَالْجُلُودُ فَيَجُوزُ يَدًا بِيَدٍ كَيْفَمَا كَانَ لَا نَسِيئَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُضْبَطْ بِالْوَصْفِ حَتَّى أَنَّ السَّلَمَ فِيهِ لَا يَجُوزُ. اهـ. .
[بَيْع الْخَبَز بالبر أَوْ الدَّقِيق متفاضلا]
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالْخُبْزُ بِالْبُرِّ أَوْ الدَّقِيقِ مُتَفَاضِلًا) أَيْ نَقْدًا لَا نَسِيئَةً إلَّا إذَا كَانَتْ الْحِنْطَةُ أَوْ الدَّقِيقُ نَسِيئَةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ حِينَئِذٍ. اهـ. (قَوْلُهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَكِيلًا) أَيْ وَصَارَ وَزْنِيًّا أَوْ عَدَدِيًّا. اهـ. غَايَةٌ قَوْلُهُ وَزْنِيًّا أَيْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَوْلُهُ أَوْ عَدَدِيًّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْخُبْزُ هُوَ الْمُتَأَخِّرُ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ كَانَ الْخُبْزُ نَسِيئَةً يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهُ وَزْنًا وَلَا عَدَدًا) قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ: يَجُوزُ بِهِمَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِتَعَامُلِ النَّاسِ بِهِ وَحَاجَتِهِمْ إلَيْهِ اهـ وَقَالَ ابْنُ فِرِشْتَا: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ: وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَجُوزُ وَزْنًا وَعَدَدًا وَقَالَ: ثَلَاثٌ مِنْ الدَّنَاءَةِ اسْتِقْرَاضُ الْخُبْزِ وَزْنًا وَالْجُلُوسُ فِي دُكَّانِ الْحَجَّامِ وَالنَّظَرُ فِي مِرْآتِهِ. اهـ. ثُمَّ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ بَعْدَ أَوْرَاقٍ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ عَدَدًا وَوَزْنًا كَذَا ذَكَرَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالْمُخْتَلَفِ وَالْحَصْرِ وَخُلَاصَةِ الْفَتَاوَى وَذَكَرَ الْوَلْوَالِجِيُّ وَصَاحِبُ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ عَدَدًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَزْنَ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ عِنْدَهُ لَا وَزْنًا وَلَا عَدَدًا قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ وَكَأَنَّ مُحَمَّدًا تَرَكَ الْقِيَاسَ فِي جَوَازِ اسْتِقْرَاضِهِ عَدَدًا لِتَعَارُفِ النَّاسِ كَمَا تَرَكَ الْقِيَاسَ بِالْعُرْفِ فِي جَوَازِ الِاسْتِصْنَاعِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَجُوزُ بِالْوَزْنِ دُونَ الْعَدَدِ؛ لِأَنَّ أُحَادَهُ تَتَفَاوَتُ) قَالَ الْكَمَالُ وَمُحَمَّدٌ: يَقُولُ قَدْ أَهْدَرَ الْجِيرَانُ تَفَاوُتَهُ وَعَنْهُمْ يَكُونُ اقْتِرَاضُهُ غَالِبًا وَالْقِيَاسُ يُتْرَكُ بِالتَّعَامُلِ وَجَعَلَ الْمُتَأَخِّرُونَ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَأَنَا أَرَى أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ أَحْسَنُ. اهـ. .
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لَا بَيْعُ الْبُرِّ بِالدَّقِيقِ) أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحِنْطَةِ بِدَقِيقِ الْحِنْطَةِ وَلَا بِسَوِيقِهَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَقَوْلُهُ وَلَا بِسَوِيقِهَا أَمَّا بِسَوِيقِ الشَّعِيرِ فَيَجُوزُ اهـ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَالْآخَرُ أَجْزَاؤُهُ) عِبَارَةُ الْكَافِي وَفِي الْآخَرِ أَجْزَاؤُهُ اهـ (قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّ الْمِعْيَارَ فِيهِمَا الْكَيْلُ وَهُوَ غَيْرُ مُسَوٍّ لَهُمَا) قَالَ الْكَمَالُ فَلَا تَتَحَقَّقُ الْمُسَاوَاةُ: بَيْنَهُمَا كَيْلًا بَلْ هُوَ مُحْتَمَلٌ فَصَارَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ كَيْلًا كَبَيْعِ الْجُزَافِ لِذَلِكَ الِاحْتِمَالِ وَحُرْمَةُ الرِّبَا إنَّمَا كَانَتْ مُنْتَهِيَةً بِالْعِلْمِ بِالْمُسَاوَاةِ إلَّا فِيمَا لَا اعْتِبَارَ بِهِ مِثْلُ أَنْ يَتَّفِقَ كَبْسٌ فِي كَيْلِ هَذِهِ الْحِنْطَةِ لَمْ يَتَّفِقْ قَدْرُهُ سَوَاءٌ فِي الْحِنْطَةِ الْأُخْرَى فَإِذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْعِلْمُ بِهَا صَارَتْ مُؤَبَّدَةً بِالضَّرُورَةِ فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ كَيْلًا بِكَيْلٍ مُسَاوٍ، ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ: وَقَوْلُنَا الْمِعْيَارُ فِي الْحِنْطَةِ وَالدَّقِيقِ الْكَيْلُ لَا يُرَادُ بِهِ إلَّا فِيمَا إذَا بِيعَ بِجِنْسِهِ أَمَّا بِالدَّرَاهِمِ فَيَجُوزُ بَيْعُ الْحِنْطَةِ وَزْنًا بِالدَّرَاهِمِ وَكَذَا الدَّقِيقُ وَغَيْرُ ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَيَحُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالدَّقِيقِ مُتَسَاوِيًا وَلَا يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا) قَالَ فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى سَوَاءٌ كَانَ أَحَدُهُمَا أَخْشَنَ أَوْ أَدَقَّ وَكَذَا بَيْعُ النُّخَالَةِ بِالنُّخَالَةِ وَقَالَ فِي شَرْحِ أَبِي نَصْرٍ: يَجُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالدَّقِيقِ إذَا كَانَا عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ النُّعُومَةِ. اهـ. غَايَةٌ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَجُمْلَةُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَلَى مَا قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فِي وَجْهٍ يَجُوزُ الْبَيْعُ إذَا تَسَاوَيَا فِي الْكَيْلِ وَفِي وَجْهٍ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ تَسَاوَيَا فِي الْكَيْلِ أَوْ تَفَاضَلَا وَفِي وَجْهٍ اخْتَلَفُوا فِيهِ أَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ الْبَيْعُ إذَا تَسَاوَيَا فِي الْكَيْلِ وَهُوَ أَنَّهُمَا إذَا تَبَايَعَا حِنْطَةً بِحِنْطَةٍ وَهُمَا عَتِيقَتَانِ أَوْ حَدِيثَتَانِ أَوْ إحْدَاهُمَا عَتِيقَةٌ وَالْأُخْرَى حَدِيثَةٌ وَكَذَلِكَ إذَا.
وَجْهٍ وَلَا يُعْتَبَرُ احْتِمَالُ التَّفَاضُلِ كَمَا فِي الْبُرِّ بِالْبُرِّ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: إنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالدَّقِيقِ إذَا كَانَا مَكْبُوسَيْنِ وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مَكْبُوسَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ وَإِنْ بَاعَ الدَّقِيقَ بِالدَّقِيقِ مُوَازَنَةً فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالسَّوِيقِ مُتَفَاضِلًا وَلَا مُتَسَاوِيًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ: لَا يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ لِاخْتِلَافِ الِاسْمِ وَالْمَقْصُودُ أَلَا تَرَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يَصْلُحُ لِمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ الْآخَرُ وَهُوَ آيَةُ الِاخْتِلَافِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ نَسِيئَةً؛ لِأَنَّ الْقَدْرَ يَجْمَعُهُمَا وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَجْزَاءِ الْحِنْطَةِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَا بِالْحِنْطَةِ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ وَعَدَمِ الْمُسَوِّي وَكَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَصْلِ أَحَدِهِمَا بِأَصْلِ الْآخَرِ وَهُوَ الْمَقْلِيَّةُ بِغَيْرِ الْمَقْلِيَّةِ لِمَا ذَكَرْنَا وَكَذَا الْجُزْءَانِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ إذْ الْجُزْءُ لَا يُخَالِفُ الْكُلَّ وَبِفَوَاتِ بَعْضِ الْمَقَاصِدِ لَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ جِنْسًا لَهُ كَأَصْلِ أَحَدِهِمَا مَعَ أَصْلِ الْآخَرِ أَوْ مَعَهُمَا عَلَى مَا بَيَّنَّا وَكَالْبُرِّ الْعَلِكِ مَعَ الْمُسَوَّسِ حَتَّى لَا يَجُوزَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ إلَّا مُتَسَاوِيًا وَمُجَرَّدُ اخْتِلَافِ الِاسْمِ لَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَافِ الْجِنْسِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ بَعْضَ الْإِنْسَانِ يَخْتَصُّ بِاسْمٍ كَالشَّابِّ وَالشَّيْخِ وَالطِّفْلِ وَنَحْوِهِ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَبَيْعُ الْمَقْلِيَّةِ بِالْمَقْلِيَّةِ وَالسَّوِيقِ بِالسَّوِيقِ مُتَسَاوِيًا جَائِزٌ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ، قَالَ رحمه الله (وَالزَّيْتُونُ بِالزَّيْتِ وَالسِّمْسِمِ بِالشَّيْرَجِ حَتَّى يَكُونَ الزَّيْتُ وَالشَّيْرَجُ أَكْثَرَ مِمَّا فِي الزَّيْتُونِ وَالسِّمْسِمِ) أَيْ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ حَتَّى يَكُونَ الدُّهْنُ الْخَالِصُ أَكْثَرَ مِمَّا فِي الْآخَرِ لِيَكُونَ قَدْرُهُ بِمِثْلِهِ وَالزَّائِدُ بِالثَّجِيرِ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ بَيْنَهُمَا مَعْنًى بِاعْتِبَارِ مَا فِي ضِمْنِهِمَا وَإِنْ اخْتَلَفَا صُورَةً فَيَثْبُتُ بِذَلِكَ شُبْهَةُ الْمُجَانَسَةِ وَالرِّبَا يَثْبُتُ بِالشُّبْهَةِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الدُّهْنُ الْخَالِصُ أَكْثَرَ مِنْ الَّذِي فِي الْآخَرِ كَانَ الثَّجِيرُ بِلَا عِوَضٍ يُقَابِلُهُ فَيَحْرُمُ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْخَالِصَ أَكْثَرُ لَا يَجُوزُ خِلَافًا لِزُفَرَ هُوَ يَقُولُ: إنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْجَوَازُ وَالْفَسَادُ طَارِئٌ عِنْدَ وُجُودِ الْفَضْلِ الْخَالِي عَنْ الْعِوَضِ فَلَا يَفْسُدُ مَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ قُلْنَا: الْمُتَوَهَّمُ فِي الرِّبَا كَالْمُتَحَقِّقِ أَلَا تَرَى إلَى مَا يُرْوَى عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ بَيْعِ الصُّبْرَةِ مِنْ التَّمْرِ لَا يُعْلَمُ كَيْلُهَا بِالْكَيْلِ الْمُسَمَّى مِنْ التَّمْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَرُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ «نَهَى عَنْ الرِّبَا وَالرُّبْيَةِ وَهِيَ شُبْهَةُ الرِّبَا» وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: كُنَّا نَدَعُ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْحَلَالِ مَخَافَةَ الْحَرَامِ وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ السَّلَفُ وَلَا يُقَالُ: إنَّ السِّمْسِمَ مَكِيلٌ وَالدُّهْنَ مَوْزُونٌ فَكَيْفَ يَحْرُمُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمَقْصُودُ مِنْهُ دُهْنُهُ وَهُوَ مَوْزُونٌ وَالْحُرْمَةُ بِاعْتِبَارِهِ فَإِنْ قِيلَ عَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ بَيْعُ السِّمْسِمِ بِالسِّمْسِمِ مُتَفَاضِلًا كَيْلًا عَلَى وَجْهِ الِاعْتِبَارِ بِأَنْ يُصْرَفَ كُلُّ جِنْسٍ إلَى خِلَافِ جِنْسِهِ قُلْنَا ذَلِكَ يَتَأَتَّى فِي الْمُنْفَصِلِ خِلْقَةً دُونَ الْمُتَّصِلِ وَكَذَا.
بَيْعُ الْجَوْزِ بِدُهْنِهِ وَاللَّبَنِ بِسَمْنِهِ وَالتَّمْرِ بِنَوَاهُ وَكُلُّ شَيْءٍ لِثِقَلِهِ قِيمَةٌ إذَا بِيعَ بِالْخَالِصِ مِنْهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَكُونَ الْخَالِصُ أَكْثَرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِثِقَلِهِ قِيمَةٌ كَتُرَابِ الذَّهَبِ إذَا بِيعَ بِالذَّهَبِ أَوْ تُرَابِ الْفِضَّةِ إذَا بِيعَ بِالْفِضَّةِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الذَّهَبُ أَوْ الْفِضَّةُ أَكْثَرَ مِمَّا فِي التُّرَابِ؛ لِأَنَّ التُّرَابَ لَا قِيمَةَ لَهُ فَلَا يُجْعَلُ بِإِزَائِهِ شَيْءٌ حَتَّى لَوْ جُعِلَ فَسَدَ لِرِبَا الْفَضْلِ قَالَ رحمه الله (وَيُسْتَقْرَضُ الْخُبْزُ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
تَبَايَعَا حِنْطَةً مَقْلِيَّةً بِمَقْلِيَّةٍ أَوْ دَقِيقَ حِنْطَةٍ بِدَقِيقِ حِنْطَةٍ أَوْ سَوِيقَ حِنْطَةٍ بِسَوِيقِ حِنْطَةٍ وَتَسَاوَيَا فِي الْكَيْلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَكَذَلِكَ حُكْمُ الشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ عَلَى هَذَا وَكَذَلِكَ إذَا تَبَايَعَا تَمْرًا بِتَمْرٍ كِلَاهُمَا عَتِيقٌ أَوْ كِلَاهُمَا حَدِيثٌ أَوْ أَحَدُهُمَا حَدِيثٌ وَالْآخَرُ عَتِيقٌ وَتَسَاوَيَا فِي الْكَيْلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَلِكَ إذَا تَبَايَعَا عِنَبًا بِعِنَبٍ أَوْ زَبِيبًا بِزَبِيبٍ وَكَذَلِكَ حُكْمُ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْمَكِيلَاتِ إذَا بِيعَ بِجِنْسِهِ وَأَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي لَا يَجُوزُ تَسَاوَيَا فِي الْكَيْلِ أَوْ تَفَاضَلَا فَهُوَ أَنَّهُمَا إذَا تَبَايَعَا حِنْطَةً مَقْلِيَّةً بِغَيْرِ مَقْلِيَّةٍ أَوْ بَاعَ الْحِنْطَةَ بِالدَّقِيقِ أَوْ الْحِنْطَةَ بِسَوِيقِ الْحِنْطَةِ أَوْ تَمْرًا مَطْبُوخًا بِتَمْرٍ غَيْرِ مَطْبُوخٍ أَوْ حِنْطَةً مَطْبُوخَةً بِحِنْطَةٍ غَيْرِ مَطْبُوخَةٍ فَلَا يَجُوزُ تَسَاوَيَا أَوْ تَفَاضَلَا وَأَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ فَهُوَ أَنَّهُمَا إذَا تَبَايَعَا تَمْرًا بِرُطَبٍ أَوْ رُطَبًا بِبُسْرٍ أَوْ عِنَبًا بِزَبِيبٍ فَتَسَاوَيَا فِي الْكَيْلِ يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ تَسَاوَيَا أَوْ تَفَاضَلَا وَبَيْعُ الْكُفْرِيِّ بِالْبُسْرِ أَوْ الرُّطَبِ أَوْ التَّمْرِ يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْكُفْرِيَّ عَدَدِيٌّ اهـ مَعَ حَذْفٍ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالدَّقِيقِ إذَا كَانَا مَكْبُوسَيْنِ) قَالَ الْكَمَالُ: وَهُوَ حَسَنٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالسَّوِيقِ) وَالْمُرَادُ مِنْهُ دَقِيقُ الْحِنْطَةِ بِسَوِيقِهَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَأَمَّا دَقِيقُ الْحِنْطَةِ بِسَوِيقِ الشَّعِيرِ وَعَكْسُهُ فَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ. اهـ. كَمَالٌ (قَوْلُهُ وَقَالَا: يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ) أَيْ دَقِيقُ الْحِنْطَةِ وَسَوِيقُهَا. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ مُخْتَلِفَانِ) أَيْ وَإِنْ رَجَعَا إلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ لِاخْتِلَافِ الِاسْمِ) أَيْ الْهَيْئَةِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَصْلِ أَحَدِهِمَا بِأَصْلِ الْآخَرِ وَهُوَ الْمَقْلِيَّةُ) أَيْ فَإِنَّ الْمَقْلِيَّةَ لَا تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ وَلَا لِلْهَرِيسَةِ وَلَا تُطْحَنُ فَيُتَّخَذُ مِنْهَا خُبْزٌ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَكَالْبُرِّ الْعَلِكِ مَعَ الْمُسَوَّسِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالْحِنْطَةُ الْعَلِكَةُ الْجَيِّدَةُ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ طَعَامٌ عَلِكٌ مَتِينُ الْمَضْغَةِ وَالْحِنْطَةُ الْمُسَوِّسَةُ أَيْ الْمُدَوِّدَةُ يُقَالُ سَوَّسَ الطَّعَامُ إذَا دَوَّدَ مِنْ السُّوسِ وَهُوَ الدُّودُ وَقَالَ الْكَمَالُ الْعَلِكَةُ أَيْ الْجَيِّدَةُ السَّالِمَةُ مِنْ السُّوسِ وَمُسَوِّسَةٌ بِكَسْرِ الْوَاوِ كَأَنَّهَا هِيَ سَوَّسَتْ أَيْ أَدْخَلَتْ السُّوسَ فِيهَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَبَيْعُ الْمَقْلِيَّةِ بِالْمَقْلِيَّةِ) قَالَ الْكَمَالُ فَأَمَّا بَيْعُ الْحِنْطَةِ الْمَقْلِيَّةِ بِالْمَقْلِيَّةِ فَاخْتَلَفُوا قِيلَ: يَجُوزُ إذَا تَسَاوَيَا كَيْلًا ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَقِيلَ: لَا وَعَلَيْهِ عَوَّلَ فِي الْمَبْسُوطِ وَوَجْهُهُ أَنَّ النَّارَ قَدْ تَأْخُذُ فِي أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى اهـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ: يُقَالُ حِنْطَةٌ مَقْلِيَّةٌ مِنْ قَلَى يَقْلِي وَمَقْلُوَّةٌ مِنْ قَلَا يَقْلُو فَهُمَا إذَنْ لُغَتَانِ ذَكَرَهُمَا أَهْلُ اللُّغَةِ كَصَاحِبِ الْمُجْمَلِ وَغَيْرِهِ فَعَلَى هَذَا عُدَّ مَنْ طَعَنَ عَلَى أَصْحَابِنَا فِي اسْتِعْمَالِهِمْ بِالْيَاءِ مُخْطِئًا اهـ.