الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَقْدِ الثَّمَنِ وَوَزْنِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي) لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْوَزْنَ مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ وَتَسْلِيمُ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَكَذَا مَا يَكُونُ مِنْ تَمَامِهِ، وَكَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْجَيِّدِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْبَائِعِ تَعَلَّقَ بِهِ فَيَكُونُ أُجْرَةُ مَنْ يُمَيِّزُ ذَلِكَ عَلَيْهِ إذْ هُوَ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ وَهَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رحمه الله وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ رُسْتُمَ عَنْ أُجْرَةِ نَقْدِ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ النَّقْدَ يَكُونُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَالْوَزْنِ لِيُعْرَفَ الْمَعِيبُ مِنْ غَيْرِهِ فَكَانَ هُوَ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ فَتَكُونُ أُجْرَتُهُ عَلَيْهِ وَبِالْأَوَّلِ كَانَ يُفْتِي الصَّدْرُ الشَّهِيدُ رحمه الله وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ أُجْرَةَ النَّقْدِ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَقَبْلَهُ عَلَى الْمَدِينِ؛ لِأَنَّ عَلَى الْمَدِينِ إيفَاءَ حَقِّهِ فَتَكُونُ أُجْرَةُ التَّمْيِيزِ عَلَيْهِ وَبَعْدَ الْقَبْضِ دَخَلَ فِي ضَمَانِ رَبِّ الدَّيْنِ وَيَدَّعِي أَنَّهُ خِلَافُ حَقِّهِ فَيَكُونُ تَمْيِيزُ حَقِّهِ عَلَيْهِ.
قَالَ (وَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ سَلَّمَهُ أَوَّلًا) أَيْ سَلَّمَ الثَّمَنَ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ وَحَقُّ الْمُشْتَرِي قَدْ تَعَيَّنَ فِي الْمَبِيعِ فَيُسَلِّمُ هُوَ الثَّمَنَ أَوَّلًا لِيَتَعَيَّنَ حَقُّ الْبَائِعِ فِيهِ كَمَا تَعَيَّنَ حَقُّهُ فِي الْمَبِيعِ إذْ الثَّمَنُ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَصُورَةُ هَذَا أَنْ يُقَالَ لِلْبَائِعِ أَحْضِرْ الْمَبِيعَ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ قَائِمٌ فَإِذَا أُحْضِرَ قِيلَ لِلْمُشْتَرِي سَلِّمْ الثَّمَنَ أَوَّلًا لِمَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ غَائِبًا فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ حَتَّى يَحْضُرَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ عَلَى مِثَالِ الرَّاهِنِ مَعَ الْمُرْتَهِنِ قَالَ (وَإِلَّا مَعًا) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ سِلْعَةٌ بِثَمَنٍ سُلِّمَا مَعًا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي التَّعْيِينِ أَوْ فِي عَدَمِ التَّعْيِينِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إمَّا بِثَمَنٍ أَوْ سِلْعَةٍ بِسِلْعَةٍ فَالْأَوَّلُ كِلَاهُمَا غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ وَالثَّانِي مُتَعَيِّنٌ
بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ
قَالَ رحمه الله (صَحَّ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَوْ أَقَلُّ) أَيْ جَازَ خِيَارُ الشَّرْطِ لَهُمَا جُمْلَةً أَوْ لِأَحَدِهِمَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهُ لِقَوْلِهِ عليه السلام لِحِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ الْأَنْصَارِيِّ وَكَانَ يُغْبَنُ فِي الْبِيَاعَاتِ «إذَا بَايَعْت فَقُلْ لَا خِلَابَةَ وَلِيَ الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» قَالَ (وَلَوْ أَكْثَرَ لَا) أَيْ لَوْ شَرَطَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا يَجُوزُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِهِ قَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ، وَقَالَا: يَجُوزُ إذَا سَمَّى مُدَّةً مَعْلُومَةً؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ أَجَازَ الْخِيَارَ إلَى شَهْرَيْنِ وَلِأَنَّ الْخِيَارَ شُرِعَ لِلتَّرَوِّي لِدَفْعِ الْغَبْنِ وَقَدْ تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَى الْأَكْثَرِ فَشَابَهُ التَّأْجِيلَ فِي الثَّمَنِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَهُوَ اللُّزُومُ، وَإِنَّمَا جَوَّزْنَاهُ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ بِمَا رَوَيْنَاهُ مِنْ النَّصِّ فَيُقْتَصَرُ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ فَتَنْتِفِي الزِّيَادَةُ بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ لِلْقُدْرَةِ عَلَى التَّحْصِيلِ وَذَلِكَ بِتَطَاوُلِ الْمُدَّةِ وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ لَيْسَ بِنَصٍّ فِيهِ فَرُوِيَ أَنَّهُ أَجَازَ الْخِيَارَ إلَى شَهْرٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رحمه الله، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا إذْ لَيْسَ لِلْبَائِعِ حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّأْجِيلِ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي الْحَبْسِ، وَكَذَا إذَا كَانَ بَعْضُ الثَّمَنِ حَالًّا وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلًا فَلَهُ حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ إلَى اسْتِيفَاءِ الْحَالِّ، وَلَوْ سَلَّمَ الْمُشْتَرِي جَمِيعَ الثَّمَنِ إلَّا دِرْهَمًا فَلَهُ حَقُّ حَبْسِ جَمِيعِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْحَبْسِ لَا يَتَجَزَّأُ قَالَ فِي التُّحْفَةِ وَلَوْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ رَهْنًا أَوْ تَكَفَّلَ بِهِ كَفِيلٌ لَا يَسْقُطُ حَقُّ الْحَبْسِ؛ لِأَنَّ هَذَا وَثِيقَةٌ بِالثَّمَنِ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ عَنْ حَبْسِ الْمَبِيعِ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَلَوْ أَحَالَ الْبَائِعُ رَجُلًا عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَقِيلَ سَقَطَ حَقُّ الْحَبْسِ، وَكَذَا إذَا أَحَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى رَجُلٍ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ إذَا أَحَالَ رَجُلًا عَلَى الْمُشْتَرِي سَقَطَ حَقُّ الْحَبْسِ وَإِذَا أَحَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى رَجُلٍ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْحَبْسِ اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْبَائِعِ حَقَّ حَبْسِ الْمَبِيعِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ الْعَقْدِ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ اهـ وَكَتَبَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ فَإِنْ جَاءَ الْمُشْتَرِي بِبَعْضِ الثَّمَنِ هَلْ يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى قَبُولِهِ أَمْ لَا يُجْبَرُ قَدْ ذَكَرَ الْحُكْمَ فِيهِ فِي حَاشِيَةٍ كَتَبْتهَا مِنْ الْأَتْقَانِيُّ نَقْلًا عَنْ الزِّيَادَاتِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ وَعَتَقَ بِالتَّخْلِيَةِ فَرَاجِعْهَا. اهـ. .
[بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ]
(بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ)(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: صَحَّ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ) أَيْ وَعَلَى قَوْلِ سُفْيَانَ وَابْنِ شُبْرُمَةَ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي جَازَ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي التُّحْفَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ أَيْضًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ ظَرْفٌ أَيْ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَيَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ. اهـ. وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَدَّرَ مُدَّتُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لِحِبَّانَ) وَحَبَّانُ هُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْبَاءِ الْمَنْقُوطَةِ بِنُقْطَةٍ تَحْتَانِيَّةٍ شَهِدَ أُحُدًا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَكَانَ يُغْبَنُ) أَيْ يُخْدَعُ يُقَالُ غَبَنَهُ فِي الْبَيْعِ غَبْنًا وَهُوَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَغَبِنَ رَأْيُهُ غَبْنًا ضَعُفَ وَهُوَ مِنْ بَابِ عَلِمَ وَيُقَالُ إنَّهُ مَغْبُونٌ فِي الْبَيْعِ وَغَبِينٌ فِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: لَا خِلَابَةَ) الْخِلَابَةُ الْخَدِيعَةُ كَذَا فِي الْجَمْهَرَةِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَلِيَ الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا بِالْإِجْمَاعِ بِهَذَا الْحَدِيثِ. اهـ. غَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَا يَجُوزُ إذَا سَمَّى مُدَّةً مَعْلُومَةً) أَيْ وَلَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ أَبَدًا لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ. اهـ. غَايَةٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ أَيْ أَبَا يُوسُفَ يُوَافِقُ الْإِمَامَ اهـ كَيْ.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْخِيَارَ شُرِعَ لِلتَّرَوِّي) يَعْنِي إلَى النَّظَرِ وَالتَّفَكُّرِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: فَشَابَهَ التَّأْجِيلَ فِي الثَّمَنِ) وَالْجَامِعُ أَنَّهَا مُدَّةٌ مُلْحَقَةٌ بِالْعَقْدِ لِمِسَاسِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا اهـ غَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لِلْقُدْرَةِ عَلَى التَّحْصِيلِ) أَيْ بِالْكَسْبِ أَوْ تَدْخُلُ غَلَّاتُهُ وَهِيَ لَا تَتَحَقَّقُ غَالِبًا وَظَاهِرًا فِي أَدْنَى مُدَّةٍ، وَلِهَذَا جَازَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثِ بِخِلَافِ شَرْطِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ لِإِبْلَاءِ الْعُذْرِ وَالنَّظَرِ فِي أَنَّ الْبَيْعَ رَابِحٌ أَوْ خَاسِرٌ وَمُدَّةُ الثَّلَاثِ تَامَّةٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَلَا حَاجَةَ إلَى الزِّيَادَةِ. اهـ. غَايَةٌ
أَوْ الْعَيْبِ فَإِذَا انْتَفَتْ الزِّيَادَةُ فَسَدَ الْعَقْدُ بِهَا قَالَ (فَإِذَا أَجَازَ فِي الثَّلَاثِ صَحَّ خِلَافًا لِزُفَرَ) هُوَ يَقُولُ: إنَّ الْعَقْدَ انْعَقَدَ فَاسِدًا فَلَا يَعُودُ صَحِيحًا كَالنِّكَاحِ بِغَيْرِ شُهُودٍ وَلَهُ أَنَّ الْمُفْسِدَ قَدْ زَالَ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ فَيَنْقَلِبُ صَحِيحًا كَمَا فِي الْبَيْعِ بِالرَّقْمِ وَأَعْلَمَهُ فِي الْمَجْلِسِ وَهَذَا عِنْدَ مَشَايِخِ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ أَصْحَابِنَا فَإِنَّ عِنْدَهُمْ يَنْعَقِدُ فَاسِدًا وَيَرْتَفِعُ الْفَسَادُ بِحَذْفِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ اتِّصَالُ الْيَوْمِ الرَّابِعِ بِهَذِهِ الْمُدَّةِ، فَإِذَا حَذَفَهُ قَبْلَ الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَقَدْ مَنَعَ اتِّصَالَ الْمُفْسِدِ بِالْعَقْدِ فَصَارَ كَأَنَّ الْخِيَارَ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ، وَأَمَّا عِنْدَ مَشَايِخِ خُرَاسَانَ فَعِنْدَهُمْ الْعَقْدُ مَوْقُوفٌ عَلَى إسْقَاطِ الشَّرْطِ فَبِمُضِيِّ جُزْءٍ مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَسَدَ الْعَقْدُ فَلَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بِخِلَافِ فَسَادِ النِّكَاحِ لِعَدَمِ الْإِشْهَادِ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ فِيهِ لِعَدَمِ شَرْطِ الْجَوَازِ فَلَا يُمْكِنُ إزَالَتُهُ وَهَذَا الْوَجْهُ أَوْجَهُ.
قَالَ (وَلَوْ بَاعَ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ صَحَّ وَإِلَى أَرْبَعَةٍ لَا) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ إلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَأَكْثَرَ، وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَجُوزُ هَذَا الشَّرْطُ أَصْلًا وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِيهِ إقَالَةٌ فَاسِدَةٌ لِتَعَلُّقِهَا بِشَرْطِ عَدَمِ النَّقْدِ وَلَوْ شَرَطَ فِيهِ الصَّحِيحَةَ مِنْهَا فَسَدَ فَهَذَا أَوْلَى، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ فِي مَعْنَى شَرْطِ الْخِيَارِ بَلْ هُوَ عَيْنُهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ غَيْرَ أَنَّ تَرْكَ النَّقْدِ جَعَلَ أَمَارَةَ الْفَسْخِ وَالنَّقْدِ أَمَارَةَ الْإِمْضَاءِ وَهَذَا الشَّرْطُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِدَفْعِ الْمُمَاطَلَةِ كَمَا أَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِدَفْعِ الْغَبْنِ غَيْرَ أَنَّهُ هُنَا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ مَعَ عَدَمِ النَّقْدِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ وَفِي تِلْكَ يَتِمُّ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْحُكْمِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: فَإِذَا أَجَازَ فِي الثَّلَاثِ) أَيْ بَعْدَمَا كَانَ شَرَطَ أَكْثَرَ مِنْهَا. اهـ. عَيْنِيٌّ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ فَإِذَا أَجَازَ فِي الثَّلَاثِ مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ إذَا بَطَلَ خِيَارُهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ بَعْدَهَا فَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا فَلَا يَنْقَلِبُ الْعَقْدُ جَائِزًا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَإِنَّ عِنْدَهُمَا إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ مُؤَبَّدًا ثُمَّ أَسْقَطَ الْخِيَارَ بَعْدَ الثَّلَاثِ جَازَ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ إلَى هَذِهِ الْمُدَّةِ جَائِزٌ عِنْدَهُمَا وَلَا يَنْقَلِبُ جَائِزًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ إلَى هَذِهِ الْمُدَّةِ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ إبْطَالُ الْخِيَارِ قَبْلَ الثَّلَاثَةِ أَوْ سَقَطَ الْخِيَارُ بِمَوْتِهِ أَوْ بِمَوْتِ الْعَبْدِ أَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ حَدَثَ فِي الْمَبِيعِ مَا يُوجِبُ لُزُومَ الْعَقْدِ كَانَ الْعَقْدُ جَائِزًا عِنْدَنَا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِزُفَرَ) أَيْ وَالشَّافِعِيِّ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنَّ الْمُفْسِدَ إلَخْ) أَيْ لِأَبِي حَنِيفَةَ اهـ.
(قَوْلُهُ: قَدْ زَالَ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ) أَيْ لُزُومُهُ وَثُبُوتُهُ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَهُ بِمُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ اهـ كَيْ.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْبَيْعِ بِالرَّقْمِ) أَيْ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ اهـ وَالرَّقْمُ الْكِتَابَةُ وَرَقَمَ التَّاجِرُ الثَّوْبَ مِنْ هَذَا وَهُوَ إعْلَامُ ثَمَنِهِ بِنَوْعِ عَلَامَةٍ عَلَيْهِ بِأَنَّ ثَمَنَهُ كَذَا دِرْهَمًا. اهـ. غَايَةٌ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ بِالرَّقْمِ مَا نَصُّهُ وَكَمَا لَوْ بَاعَ جَذَعًا فِي سَقْفٍ ثُمَّ نَزَعَهُ فَسَلَّمَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا عِنْدَ مَشَايِخِ أَهْلِ الْعِرَاقِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَقَدْ نَصَّ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله فَإِنْ أَجَازَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ جَازَ وَعَلَى ذَلِكَ أَهْلِ الْعِرَاقِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا) أَيْ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ عُلَمَاءِ مَا وَرَاءِ النَّهْرِ. اهـ. غَايَةٌ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ فَلَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا مَا نَصُّهُ وَبِالْإِسْقَاطِ يَنْعَقِدُ صَحِيحًا اهـ كَيْ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا الْوَجْهُ أَوْجَهُ) أَيْ الْوَجْهُ الثَّانِي الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ مَشَايِخُ خُرَاسَانَ وَهُوَ قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ إلَخْ. اهـ. .
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ بَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ إلَخْ) هَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا تَرَى وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ أَيْضًا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ خِلَافَ أَبِي يُوسُفَ فِي أَصْلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ، وَقَالَ يَجُوزُ الْبَيْعُ كَمَا هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ كَذَا ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ صَاحِبُ الْمَنْظُومَةِ
وَاضْطَرَبَ الْأَوْسَطُ فِيهِ فَاعْقِلْ
. اهـ. غَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ) صَرَّحَ فِي الْمَجْمَعِ بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ (قَوْلُهُ: وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَجُوزُ هَذَا الشَّرْطُ أَصْلًا) مِنْ قَوْلِهِ هَذَا الشَّرْطُ أَصْلًا إلَى قَوْلِهِ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ اشْتَرَيَا عَلَى أَنَّهُمَا بِالْخِيَارِ مَفْقُودٌ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ اهـ.
(قَوْلُهُ: يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ انْفِسَاخُ الْعَقْدِ عِنْدَ عَدَمِ النَّقْدِ فِي الثَّلَاثَةِ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْإِيضَاحِ أَيْضًا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ صَاحِبُ الْمُخْتَلَفِ، وَقَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَلَوْ مَضَى الثَّلَاثَةُ وَلَمْ يَنْعَقِدْ الثَّمَنُ فَسَدَ الْبَيْعُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ نَفَذَ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَا، وَقَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ كَانَ هَذَا الْبَيْعُ بِهَذَا الشَّرْطِ لِلْبَائِعِ كَمَا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ إنْ رَدَّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ بِهَذَا الشَّرْطِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ قَالَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَفَائِدَتُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى بِقَوْلِهِ إنْ أَعْتَقَ الْبَائِعُ صَحَّ وَإِنْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي لَا وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ يَنْقُدْهُ الثَّمَنَ إلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنَنَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا أَنْ يَنْقُدَهُ الثَّمَنَ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ الْبَيْعُ جَائِزٌ كَذَا ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَوْلُهُ: آخِرًا كَقَوْلِ مُحَمَّدٍ وَقَدْ مَرَّ، ثُمَّ أَبُو حَنِيفَةَ مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَكَذَا مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ إلَّا إذَا نَقَدَ الثَّمَنَ فِي الثَّلَاثِ فَكَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا لِانْقِطَاعِ الْمُفْسِدِ وَمُحَمَّدٌ مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ مَعْلُومَةً فَكَذَا مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ، وَكَذَا أَبُو يُوسُفَ مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ وَلَكِنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ شَرْطِ الْخِيَارِ عَلَى قَوْلِهِ الْأَوَّلِ حَيْثُ جَوَّزَ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثَةِ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ وَلَمْ يُجَوِّزْ هُنَا؛ لِأَنَّهُ اتَّبَعَ أَثَرَ ابْنِ عُمَرَ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ إذْ هُوَ أَجَازَ فِيهِ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَرُوِيَ عَنْ
إذْ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخٌ عَلَى تَقْدِيرٍ وَإِجَازَةٌ عَلَى تَقْدِيرٍ وَالِاخْتِلَافُ فِيمَا يَقَعُ بِهِ الْفَسْخُ وَالْإِجَازَةُ لَا فِي نَفْسِ الْفَسْخِ عِنْدَ إرَادَةِ الْفَسْخِ وَلَا فِي نَفْسِ الْإِجَازَةِ عِنْدَ إرَادَةِ الْإِجَازَةِ فَلَا يُعَدُّ اخْتِلَافًا ثُمَّ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ مَرَّا عَلَى أَصْلِهِمَا فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ فِي الْمُلْحَقِ بِهِ وَهُوَ شَرْطُ الْخِيَارِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَأَبُو يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذَا وَمَعَ مُحَمَّدٍ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ أَخَذَ بِالنَّصِّ فِي هَذَا وَبِالْأَثَرِ فِي ذَلِكَ قَالَ (فَإِنْ نَقَدَ فِي الثَّلَاثِ صَحَّ) يَعْنِي فِيمَا إذَا شَرَطَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَإِنَّمَا صَحَّ لِزَوَالِ الْمُفْسِدِ وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ ثُمَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ إمَّا أَنْ لَا يُبَيِّنَا الْوَقْتَ أَوْ بَيَّنَّا وَقْتًا مَجْهُولًا بِأَنْ يَقُولَ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْهُ أَيَّامًا أَوْ بَيَّنَّا وَقْتًا مَعْلُومًا وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَهُوَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا فَاسِدٌ إلَّا أَنْ يَنْقُدَ فِي الثَّلَاثِ لِمَا قُلْنَا أَوْ بَيَّنَّا وَقْتًا مَعْلُومًا وَهُوَ الثَّلَاثَةُ أَيَّامٍ أَوْ دُونَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِمَا بَيَّنَّا قَالَ.
(وَخِيَارُ الْبَائِعِ يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِهِ) لِأَنَّ تَمَامَ الْبَيْعِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالتَّرَاضِي وَلَا يَتِمُّ الرِّضَا مَعَ الْخِيَارِ، وَلِهَذَا يَنْفُذُ عِتْقُ الْبَائِعِ وَيَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ دُونَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ قَبَضَهُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ قَالَ (وَبِقَبْضِ الْمُشْتَرِي يَهْلَكُ بِالْقِيمَةِ) يَعْنِي إذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ يَنْفَسِخُ بِالْهَلَاكِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَوْقُوفًا وَلَا نَفَاذَ بِدُونِ الْمَحَلِّ وَكَانَ مَقْبُوضًا فِي يَدِهِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَفِيهِ الْقِيمَةُ وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَلَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ الْمُطْلَقِ وَلَوْ تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَلْزَمَ الْبَيْعَ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ لَا يَمْنَعُ الْفَسْخَ وَإِذَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ كَانَ مَضْمُونًا عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ كَالْمَغْصُوبِ وَلَوْ تَعَيَّبَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ؛ لِأَنَّ مَا انْتَقَصَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَلَكِنَّ الْمُشْتَرِي يَتَخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ وَإِذَا كَانَ الْعَيْبُ بِفِعْلِ الْبَائِعِ يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ فِيهِ بِقَدْرِهِ؛ لِأَنَّ مَا يَحْدُثُ بِفِعْلِهِ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَتَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ.
قَالَ (وَخِيَارُ الْمُشْتَرِي لَا يُمْنَعُ وَلَا يَمْلِكُهُ) أَيْ لَا يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ وَلَا يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ لَازِمٌ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ شُرِعَ نَظَرًا لِمَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَيَعْمَلُ فِي حَقِّهِ دُونَ الْآخَرِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْمُشْتَرِي كَيْ لَا يَجْتَمِعَ الْبَدَلُ وَالْمُبْدَلُ فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَهُوَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي لَكَانَ زَائِلًا لَا إلَى مَالِكٍ وَلَا عَهْدَ لَنَا بِهِ فِي الشَّرْعِ وَلَهُ أَنَّ الثَّمَنَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ يَعْمَلُ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ، وَلَوْ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ لَدَخَلَ بِلَا عِوَضٍ وَاجْتَمَعَ فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَاحِدٍ الْعِوَضُ وَالْمُعَوَّضُ وَلَا عَهْدَ لَنَا بِهِ فِي الشَّرْعِ وَلِأَنَّ الْخِيَارَ شُرِعَ نَظَرًا لَهُ لِيَنْظُرَ فِيهِ هَلْ هُوَ مُوَافِقٌ أَمْ لَا؟ فَلَوْ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ يَفُوتُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا اشْتَرَى قَرِيبَهُ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَيَعُودُ عَلَى مَوْضُوعِهِ بِالنَّقْضِ وَجَازَ أَنْ يُوجَدَ خُرُوجُ مِلْكِهِ بِلَا دُخُولٍ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ كَعَبِيدِ الْكَعْبَةِ يَخْرُجُونَ عَنْ مِلْكِ مُلَّاكِهِمْ وَلَا يَدْخُلُونَ فِي مِلْكِ أَحَدٍ عِنْدَ الشِّرَاءِ لِلْكَعْبَةِ، وَكَذَا التَّرِكَةُ الْمُسْتَغْرَقَةُ بِالدَّيْنِ تَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ الْمَيِّتِ وَلَا تَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْوَرَثَةِ وَلَا يُقَالُ عَلَى هَذَا تَكُونُ سَائِبَةً وَهِيَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْحَالُ مَوْقُوفٌ إنْ أُجِيزَ الْبَيْعُ يَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ فَيَتَبَيَّنُ أَنَّهُ مَلَكَهُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَلِهَذَا كَانَ لَهُ الزَّوَائِدُ وَإِنْ فَسَخَ بَانَ أَنَّهُ غَيْرُ زَائِلٍ عَنْ مِلْكِهِ فَكَيْفَ يَكُونُ مِنْ السَّائِبَةِ مَعَ وُجُودِ سَبَبِ الِانْتِقَالِ وَمَعَ تَوَقُّعِ حُكْمِهِ.
قَالَ (وَبِقَبْضِهِ يَهْلَكُ بِالثَّمَنِ كَتَعَيُّبِهِ) أَيْ بِسَبَبِ قَبْضِهِ يَضْمَنُ ثَمَنَهُ إذَا هَلَكَ كَمَا يَضْمَنُ إذَا تَعَيَّبَ وَالْمُرَادُ بِالْعَيْبِ عَيْبٌ لَا يَرْتَفِعُ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
ابْنِ عُمَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ أَجَازَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ قَبْلَ هَذَا فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَتَجَاوَزْ أَبُو يُوسُفَ حَدَّ السُّنَّةِ وَالْأَثَرِ وَأَخَذَ بِهِمَا وَفِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ أُخِذَ بِالْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لَا يَصِحَّ هَذَا الْبَيْعُ أَصْلًا كَمَا قَالَ زُفَرُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ شَرْطٍ فِيهِ إقَالَةٌ فَاسِدَةٌ وَهِيَ إقَالَةٌ مُعَلَّقَةٌ بِالشَّرْطِ وَالْبَيْعُ بِشَرْطِ الْإِقَالَةِ الصَّحِيحَةِ بَاطِلٌ فَشَرْطُ الْإِقَالَةِ الْفَاسِدَةِ أَوْلَى. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ عَلَى يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ مَا نَصُّهُ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ هَهُنَا مَسْأَلَةٌ لَا بُدَّ مِنْ حِفْظِهَا وَهُوَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَفْسُدُ الْعَقْدُ وَلَا يَنْفَسِخُ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ فِي يَدِهِ نَفَذَ عِتْقُهُ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَا يَنْفُذُ اهـ خَبَّازِيَّةٌ.
(قَوْلُهُ: وَمَعَ مُحَمَّدٍ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ أُخِذَ بِالنَّصِّ) أَيْ بِدَلَالَةِ النَّصِّ وَهُوَ «قَوْلُهُ: عليه الصلاة والسلام لَلْأَنْصَارِيِّ إذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ وَلِيَ الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» اهـ اق وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ بِالنَّصِّ نُسْخَةً بِالْقِيَاسِ. اهـ. .
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَخِيَارُ الْبَائِعِ يَمْنَعُ إلَخْ) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ وَفِي الْمُجْتَبَى فِي الْمُحِيطِ يَخْرُجُ الثَّمَنُ عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إجْمَاعًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا اهـ.
(قَوْلُهُ: إذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَكَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَفِيهِ الْقِيمَةُ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ مِثْلِيًّا وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ اهـ كَيْ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ) إنَّمَا ذَكَرَ الصَّحِيحَ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْفَاسِدِ كَذَلِكَ حَمْلًا لِحَالِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصَّلَاحِ اهـ.
(قَوْلُهُ: يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ الْمَيِّتِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هِيَ مُبْقَاةٌ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ لِحَاجَتِهِ كَذَا ذُكِرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا كَانَ لَهُ الزَّوَائِدُ) أَيْ إذْ الْحُكْمُ عِنْدَ تَمَامِ السَّبَبِ يَثْبُتُ مِنْ أَوَّلِ السَّبَبِ اهـ وَكُتِبَ عَلَى قَوْلِهِ الزَّوَائِدُ مَا نَصُّهُ الْحَاصِلَةُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَأَمَّا الْكَسْبُ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَيُنْظَرُ فِي آخِرِ غَصْبٍ فَتَاوَى الْوَلْوَالِجِيِّ. اهـ. (فَرْعٌ) الْوَلَدُ وَالْعَقْرُ وَالثَّمَرَةُ وَاللَّبَنُ يَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْإِجْمَاعِ وَغَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ كَالْكَسْبِ وَالْغَلَّةِ لَا يُمْنَعُ بِالْإِجْمَاعِ فَإِنْ أَجَازَ الْبَيْعَ فَالْغَلَّةُ وَالْكَسْبُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ فُسِخَ فَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله لِلْبَائِعِ اهـ عِمَادِيٌّ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَبِقَبْضِهِ) أَيْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ. اهـ. .
كَقَطْعِ الْيَدِ فَإِنْ كَانَ يَرْتَفِعُ كَالْمَرَضِ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ فَإِنْ ارْتَفَعَ فِي الْمُدَّةِ لَا يَلْزَمُهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ؛ لِأَنَّهُ بِدُخُولِ الْعَيْبِ فِيهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي يَمْتَنِعُ الرَّدُّ عَلَى الْبَائِعِ لِعَجْزِهِ عَنْ الرَّدِّ كَمَا قَبَضَهُ وَالْهَلَاكُ لَا يُعَرَّى عَنْ مُقَدِّمَةِ عَيْبٍ فَيَهْلَكُ بَعْد مَا انْبَرَمَ الْعَقْدُ فَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ بِدُخُولِ الْعَيْبِ فِيهِ لَا يَمْتَنِعُ الرَّدُّ إذْ لَا يَعْجِزُ عَنْ التَّصَرُّفِ بِحُكْمِ الْخِيَارِ فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ وَإِنْ أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ فَلَوْ لَزِمَ الْبَيْعُ فِيهِ إنَّمَا يَلْزَمُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ فَكَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ ضَرُورَةً.
قَالَ (فَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بِالْخِيَارِ بَقِيَ النِّكَاحُ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْمُشْتَرِي يَمْنَعُ مِنْ دُخُولِ الْمَبِيعِ فِي مِلْكِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا قَالَ (فَإِنْ وَطِئَهَا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا)؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ بِحُكْمِ النِّكَاحِ لَا بِحُكْمِ مِلْكِ الْيَمِينِ إذْ لَا يَمْلِكُهَا بِهَذَا الشِّرَاءِ إلَّا إذَا نَقَصَهَا الْوَطْءُ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَيَّبُ بِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ بَعْدَمَا تَعَيَّبَتْ عِنْدَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ انْفَسَخَ بِمِلْكِهِ إيَّاهَا فَيَكُونُ الْوَطْءُ بِحُكْمِ مِلْكِ الْيَمِينِ فَيَمْتَنِعُ الرَّدُّ كَمَا إذَا اشْتَرَى غَيْرَ زَوْجَتِهِ فَوَطِئَهَا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَظْهَرُ فِيهَا ثَمَرَةُ الْخِلَافِ بَيْنَهُمْ وَلَهَا نَظَائِرُ مِنْهَا عِتْقُ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ قَرِيبًا لَهُ وَمِنْهَا عِتْقُهُ إذَا كَانَ قَدْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ بِأَنْ قَالَ إنْ مَلَكْت عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ اشْتَرَيْته؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَالْمُنْشِئِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فِي حَقِّ تَصْحِيحِ الْجَزَاءِ لَا غَيْرَ حَتَّى لَا يُجْزِئُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ إذَا نَوَاهُ بِخِلَافِ شِرَاءِ الْقَرِيبِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ.
وَمِنْهَا أَنَّ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَاةَ لَوْ حَاضَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يُجْتَزَأُ بِهِ عَنْ الِاسْتِبْرَاءِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَعِنْدَهُمَا يُجْتَزَأُ بِهِ لِوُجُودِهِ وَلَوْ رَجَعَتْ إلَى الْبَائِعِ بِالْفَسْخِ بِحُكْمِ الْخِيَارِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ لِعَدَمِ دُخُولِهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ إذَا رَجَعَتْ إلَيْهِ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَإِنْ رَجَعَتْ إلَى مِلْكِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ اسْتِحْسَانًا كَمَا لَوْ كَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا ثُمَّ تَفَاسَخَا بِإِقَالَةٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ بَعْدَ الْقَبْضِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَقَبْلَ الْقَبْضِ يَجِبُ قِيَاسًا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَجِبُ إجْمَاعًا وَمِنْهَا مَا إذَا اشْتَرَى مَنْكُوحَتَهُ وَقَدْ وَلَدَتْ مِنْهُ أَوْ حُبْلَى مِنْهُ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ أَيْضًا فِيمَا إذَا وَلَدَتْ مِنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَإِنْ قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي فَوَلَدَتْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَزِمَ الْبَيْعُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَيَّبُ بِالْوِلَادَةِ وَلَا يَمْلِكُ رَدَّهَا بَعْدَ التَّعَيُّبِ فِي يَدِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَلَدَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ نَظِيرُ مَا إذَا اشْتَرَى حُبْلَى مِنْ غَيْرِهِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَقَبَضَهَا فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ يَبْطُلُ خِيَارُهُ وَيَلْزَمُ الْبَيْعُ لِمَا ذَكَرْنَا وَمِنْهَا مَا إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِنْدَهُ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ يَرْتَفِعُ بِالرَّدِّ لِعَدَمِ الْمِلْكِ فَهَلَاكُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ إنْ كَانَ فِي الْمُدَّةِ فَهُوَ هَلَاكٌ قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَبْلَ الْمِلْكِ.
وَإِنْ كَانَ بَعْدَ مُضِيِّهَا فَهُوَ هَلَاكٌ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَكُونُ مِنْ مَالِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ الْبَاتِّ وَعِنْدَهُمَا مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي لِصِحَّةِ الْإِيدَاعِ بِاعْتِبَارِ قِيَامِ الْمِلْكِ لَهُ فَصَارَ كَمَا إذَا كَانَ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ أَوْ الْعَيْبِ وَالْفَرْقُ لَهُ أَنَّهُمَا لَا يَمْنَعَانِ وُقُوعَ مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ الْإِيدَاعُ صَحِيحًا بِخِلَافِ خِيَارِ الشَّرْطِ وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرَى بِالْخِيَارِ عَبْدًا مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَأَبْرَأَهُ الْبَائِعُ عَنْ الثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بَقِيَ خِيَارُهُ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَمْلِكْهُ كَانَ الرَّدُّ امْتِنَاعًا عَنْ التَّمَلُّكِ وَالْمَأْذُونُ لَهُ يَمْلِكُ الرَّدَّ، وَإِنْ كَانَ التَّمْلِيكُ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَمَا إذَا وُهِبَ لَهُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْقَبُولِ وَعِنْدَهُمَا بَطَلَ خِيَارُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَلَكَهُ كَانَ الرَّدُّ مِنْهُ تَمْلِيكًا بِلَا عِوَضٍ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْحُرِّ فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ خِيَارُ رُؤْيَةٍ أَوْ عَيْبٍ فِي الْبَيْعِ الْبَاتِّ فَأَبْرَأَهُ الْبَائِعُ عَنْ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ رَدَّهُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِالْإِجْمَاعِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُمَا لَا يَمْنَعَانِ الْوُقُوعَ فِي الْمِلْكِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْإِبْرَاءَ عَنْ الثَّمَنِ إلَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْمُشْتَرِي يَمْنَعُ خُرُوجَ الثَّمَنِ عَنْ مِلْكِهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ إبْرَاءٌ بَعْدَ وُجُودِ سَبَبِهِ فَيَصِحُّ وَمِنْهَا مَا لَوْ اشْتَرَى ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بَطَلَ الْخِيَارُ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا فَلَا يَمْلِكُ تَمْلِيكَهَا بِالرَّدِّ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَعِنْدَهُ يَبْطُلُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا بِإِسْقَاطِ الْخِيَارِ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَلَوْ أَسْلَمَ الْبَائِعُ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي بَقِيَ عَلَى خِيَارِهِ بِالْإِجْمَاعِ.
وَلَوْ رَدَّهَا الْمُشْتَرِي عَادَتْ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مِنْ جَانِبِ الْبَائِعِ بَاتٌّ فَإِنْ أَجَازَهُ صَارَ لَهُ، وَإِنْ فَسَخَ صَارَ الْخَمْرُ لِلْبَائِعِ وَالْمُسْلِمُ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْخَمْرَ حُكْمًا كَمَا
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ: إذَا كَانَ قَرِيبًا) أَيْ قَرَابَةً مَحْرَمَةً عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ لَا يُعْتَقُ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ وَلَمْ يُفْسَخْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا عِتْقُهُ) أَيْ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ بِسَبَبِ الْخِيَارِ فَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ وَعِنْدَهُمَا وُجِدَ فَعَتَقَ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ اشْتَرَيْته) أَيْ حَيْثُ يُعْتَقُ اتِّفَاقًا اهـ.
(قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا وَلَدَتْ مِنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي يَدِ الْبَائِعِ) أَيْ فَعِنْدَهُمَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ خِلَافًا لِلْإِمَامِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَدَّهَا الْمُشْتَرِي عَادَتْ) لَا يَظْهَرُ لِقَوْلِهِ وَإِنْ رَدَّهَا الْمُشْتَرِي فَائِدَةٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بَعْدُ وَإِنْ فُسِخَ إلَخْ يُغْنِي عَنْهُ اهـ.
فِي الْإِرْثِ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَأَسْلَمَ هُوَ بَطَلَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ وَالْمُسْلِمُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَمْلِكَ الْخَمْرَ وَلَوْ أَسْلَمَ الْمُشْتَرِي لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَالْبَائِعُ عَلَى خِيَارِهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي بَاتٌّ فَإِنْ أَجَازَ الْعَقْدَ صَارَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَمْلِكَ الْخَمْرَ حُكْمًا، وَإِنْ فَسَخَهُ كَانَ لِلْبَائِعِ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَالْخِيَارِ لِأَحَدِهِمَا، وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا؛ لِأَنَّ لِلْقَبْضِ شَبَهًا بِالْعَقْدِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُفِيدُ مِلْكَ التَّصَرُّفِ فَلَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَكَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا لَا يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ بِالْقَبْضِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ عَلَى مَا مَرَّ وَمِنْهَا مُسْلِمٌ اشْتَرَى مِنْ مُسْلِمٍ عَصِيرًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَتَخَمَّرَ الْعَصِيرُ فِي الْمُدَّةِ فَسَدَ الْبَيْعُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا تَمَّ وَمِنْهَا حَلَالٌ اشْتَرَى صَيْدًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَقَبَضَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ وَالصَّيْدُ فِي يَدِهِ يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ وَيَرُدُّهُ إلَى الْبَائِعِ عِنْدَهُ، وَقَالَا: يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ يُنْتَقَضُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَأَحْرَمَ الْبَائِعُ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ، وَمِنْهَا مَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا هُوَ سَاكِنُهَا بِإِجَارَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ فَاسْتَدَامَ السُّكْنَى بَعْدَ الشِّرَاءِ لَا يَكُونُ اخْتِيَارًا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا اخْتِيَارٌ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْعَيْنِ فَكَانَ سُكْنَاهُ بِحُكْمِ مِلْكِ الْعَيْنِ، وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ رحمه الله ابْتِدَاءُ السُّكْنَى اخْتِيَارٌ؛ لِأَنَّ الدَّارَ لَا تُمْتَحَنُ بِالسُّكْنَى بِخِلَافِ الِاسْتِمْرَارِ قَالَ.
(فَإِنْ أَجَازَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فِي غَيْبَةِ صَاحِبِهِ صَحَّ، وَإِنْ فَسَخَ لَا) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ أَيْضًا مَعَ غَيْبَةِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ كَانَ بِمُسَاعَدَتِهِ فَصَارَ مُسَلِّطًا لَهُ عَلَى الْفَسْخِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِهِ كَالْفَسْخِ بِالْفِعْلِ مِثْلُ إعْتَاقِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ أَوْ بَيْعُهُ أَوْ وَطْؤُهُ أَوْ تَقْبِيلُهُ بِشَهْوَةٍ وَكَالْإِجَارَةِ فَإِنَّ عِلْمَ الْآخَرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا فَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُ فَصَارَ كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ، وَلَهُمَا أَنَّهُ بِالْفَسْخِ يَلْزَمُ صَاحِبَهُ الضَّرَرُ إذْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْعَمَلِ بِمُوجِبِ الْفَسْخِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ كَالِامْتِنَاعِ مِنْ التَّصَرُّفِ وَالْوَطْءِ وَالِاسْتِخْدَامِ بَلْ يُقَدَّمُ عَلَى هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ اعْتِمَادًا عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ الْبَيْعِ فَتَلْزَمُهُ الْغَرَامَةُ، وَكَذَا لَا يُطْلَبُ لِسِلْعَتِهِ مُشْتَرِيًا لِمَا قُلْنَا فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ كَعَزْلِ الْوَكِيلِ وَحَجْرِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ عَنْ التَّصَرُّفِ وَفِرَاقِ الشَّرِيكِ وَنَهْيِ الْمُضَارِبِ عَنْ التَّصَرُّفِ بِخِلَافِ الْإِجَازَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهَا عَلَى صَاحِبِهِ إذْ هُوَ مُوَافِقٌ لَهُ فِيهَا وَبِخِلَافِ الْفَسْخِ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمِيٌّ وَلَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ فِي الْحُكْمِيِّ كَعَزْلِ الْوَكِيلِ وَالْمُضَارِبِ وَالشَّرِيكِ وَحَجْرِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ حُكْمًا كَارْتِدَادِهِ وَلِحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا وَكَجُنُونِهِ مُطْبِقًا.
وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مُسَلَّطٌ عَلَى الْفَسْخِ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِهِ وَكَيْفَ يُسَلِّطُهُ عَلَيْهِ وَهُوَ بِنَفْسِهِ لَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ، وَإِنَّمَا يُفْسَخُ لِكَوْنِ الْعَقْدِ غَيْرَ لَازِمٍ فِي حَقِّهِ لَا بِتَسْلِيطٍ مِنْهُ فَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ مُسَلَّطٌ مِنْ جِهَتِهِ، وَكَذَا الْمُضَارِبُ وَلَوْ فُسِخَ حَالَ غَيْبَةِ صَاحِبِهِ وَبَلَغَهُ فِي الْمُدَّةِ صَحَّ وَلَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ تَمَّ الْعَقْدُ وَلَزِمَ وَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ وَكِيلًا حَتَّى إذَا بَدَا لَهُ الْفَسْخُ رَدَّهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ لَوْ رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ وَأَعْلَمَهُ بِذَلِكَ وَنَصَبَ مَنْ يُخَاصِمُ عَنْهُ صَحَّ الرَّدُّ عَلَيْهِ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَفِي خِيَارِ الْعَيْبِ لَا يَصِحُّ فَسْخُهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْقَضَاءِ.
قَالَ (وَتَمَّ الْعَقْدُ بِمَوْتِهِ وَبِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَالْإِعْتَاقِ وَتَوَابِعِهِ وَالْأَخْذِ بِشُفْعَةٍ) يَعْنِي يَتِمُّ الْعَقْدُ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ، أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ مَوْتُ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَلِأَنَّ الْخِيَارَ بِمَوْتِهِ يَبْطُلُ وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى الْوَرَثَةِ عِنْدَنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله يُورَثُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَازِمٌ ثَابِتٌ لَهُ فِي الْبَيْعِ فَيَجْرِي فِيهِ الْإِرْثُ كَخِيَارِ الْعَيْبِ وَالتَّعْيِينِ وَلَنَا أَنَّ الْخِيَارَ صِفَةٌ لِلْمَيِّتِ فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ كَسَائِرِ أَوْصَافِهِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّهُ صِفَةٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ إلَّا مَشِيئَةٌ وَإِرَادَةٌ فَصَارَ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ: فَصَارَ مُسَلِّطًا لَهُ عَلَى الْفَسْخِ) أَيْ وَالدَّلِيلُ عَلَى التَّسْلِيطِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رِضَا صَاحِبِهِ فِي الْفَسْخِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ: مِثْلُ إعْتَاقِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ) يَعْنِي إذَا صَدَرَ الْإِعْتَاقُ وَالْبَيْعُ وَالْوَطْءُ أَوْ التَّقْبِيلُ بِشَهْوَةٍ مِمَّنْ لَهُ الْخِيَارُ يَعْنِي الْبَائِعَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ فَسْخًا أَمَّا لَوْ صَدَرَتْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لَهُ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تَكُونُ إجَازَةً اهـ ك.
(قَوْلُهُ: فَصَارَ كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ) فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَهُمَا أَنَّهُ بِالْفَسْخِ يَلْزَمُ صَاحِبَهُ) يَعْنِي إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَفُسِخَ بِلَا عِلْمِ الْمُشْتَرِي فَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ اعْتِمَادًا عَلَى الْبَيْعِ السَّابِقِ وَعَلَى أَنَّ الْعَقْدَ تَمَّ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ فَتَلْزَمُهُ الْغَرَامَةُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَإِذَا فَسَخَ الْبَائِعُ بِلَا عِلْمِ الْمُشْتَرِي يَتَصَرَّفُ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ اعْتِمَادًا عَلَى الْبَيْعِ السَّابِقِ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ إذَا هَلَكَ وَرُبَّمَا تَكُونُ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ وَفِيهِ الضَّرَرُ وَالْغَرَرُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا يُطْلَبُ إلَخْ) أَيْ، وَكَذَا يَلْزَمُ الضَّرَرُ عَلَى الْبَائِعِ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَفُسِخَ بِلَا عِلْمِ الْبَائِعِ اهـ.
(قَوْلُهُ: تَمَّ الْعَقْدُ وَلَزِمَ) أَيْ لِأَنَّ تَمَامَ الْمُدَّةِ دَلَالَةُ لُزُومِ الْبَيْعِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ فَسْخُهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ بِالْإِجْمَاعِ) وَفِي جَامِعِ الْمَحْبُوبِ لَوْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ يَصِحُّ الْفَسْخُ بِغَيْبَةِ الْآخَرِ اهـ ابْنُ فِرِشْتَا (قَوْلُهُ: أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ مَوْتُ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُورَثُ عَنْهُ) وَالْمُرَادُ بِنَفْيِ التَّوْرِيثِ عِنْدَنَا أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ بِفَسْخِ الْوَارِثِ كَمَا كَانَ يَنْفَسِخُ بِفَسْخِ الْمُوَرِّثِ حَالَ حَيَاتِهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ: كَخِيَارِ الْعَيْبِ وَالتَّعْيِينِ) أَيْ كَمَا إذَا اشْتَرَى أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا يَأْخُذُ أَيَّهُمَا شَاءَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَيُرَدُّ الْآخَرُ. اهـ. غَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ إلَّا مَشِيئَةً وَإِرَادَةً) بِنَصْبِهِمَا بَدَلٌ مِنْ خَبَرِ لَيْسَ أَيْ لَيْسَ الْخِيَارُ شَيْئًا إلَّا مَشِيئَةً وَإِرَادَةً. اهـ. غَايَةٌ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَإِرَادَةُ مَا نَصُّهُ أَيْ إرَادَتُهُ الْفَسْخَ
كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ عِنْدَهُ بِخِلَافِ خِيَارِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّ الْمُوَرِّثَ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ سَلِيمًا فَكَذَا الْوَارِثُ؛ لِأَنَّهُ وَرَّثَ خِيَارَهُ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ بِالْعَيْبِ فَاتَ الْجُزْءُ السَّلِيمُ فَلِلْمُوَرِّثِ أَنْ يُطَالِبَ بِذَلِكَ الْجُزْءِ فَيَقُومُ الْوَارِثُ مَقَامَهُ فِيهِ، وَلِهَذَا يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ فِيمَا تَعَيَّبَ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لِلْمُوَرِّثِ وَخِيَارُ التَّعْيِينِ يَثْبُتُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً لِاخْتِلَاطِ مِلْكِهِ بِمِلْكِ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ يُورَثُ فَإِذَا بَطَلَ الْخِيَارُ لَزِمَ الْبَيْعُ وَتَمَّ.
وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ فَلِأَنَّهُ بِمُضِيِّهَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ الْخِيَارُ إلَّا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ كَالْمُخَيَّرَةِ فِي وَقْتٍ مُقَدَّرٍ لَمْ يَبْقَ لَهَا الْخِيَارُ بَعْدَ مُضِيِّهِ وَمِنْ ضَرُورَةِ بُطْلَانِ الْخِيَارِ تَمَامُ الْعَقْدِ وَلُزُومُهُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ، وَأَمَّا الثَّالِثُ وَهُوَ الْإِعْتَاقُ وَتَوَابِعُهُ فَلِأَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ دَلِيلُ الِاسْتِبْقَاءِ؛ لِأَنَّهَا تَعْتَمِدُ الْمِلْكَ وَالْمُرَادُ بِتَوَابِعِ الْعِتْقِ التَّدْبِيرُ وَالْكِتَابَةُ وَكَذَلِكَ كُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يَحِلُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ كَالْوَطْءِ وَالتَّقْبِيلِ وَاللَّمْسِ بِشَهْوَةٍ يَتِمُّ بِهِ الْبَيْعُ، وَكَذَا كُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يَنْفُذُ إلَّا فِي الْمِلْكِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَوُجِدَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَفَعَلَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي الْمُدَّةِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ دَلِيلُ الِاسْتِبْقَاءِ وَلَوْ كَانَ الْفِعْلُ يَحِلُّ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ لَا يَتِمُّ بِهِ الْبَيْعُ كَالِاسْتِخْدَامِ وَالرُّكُوبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُفْعَلُ لِلِامْتِحَانِ وَالتَّجْرِبَةِ فَلَا يَكُونُ دَلِيلَ الِاسْتِبْقَاءِ، وَأَمَّا الرَّابِعُ: وَهُوَ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ دَارًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثُمَّ تُبَاعُ دَارٌ أُخْرَى بِجَنْبِهَا فَيَأْخُذُهَا الْمُشْتَرِي بِشَرْطِ الْخِيَارِ بِالشُّفْعَةِ فَلِأَنَّ الْأَخْذَ بِهَا لَا يَكُونُ إلَّا بِالْمِلْكِ فَكَانَ دَلِيلَ الْإِجَازَةِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ شُرِعَتْ نَظَرًا لِلْمُلَّاكِ لِدَفْعِ ضَرَرٍ يَلْزَمُهُمْ عَلَى الدَّوَامِ فَكَانَ الْأَخْذُ بِهَا دَلِيلَ الِاسْتِبْقَاءِ فَيَتَضَمَّنُ سُقُوطُ الْخِيَارِ سَابِقًا عَلَيْهِ فَيَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ فِيهَا مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ فَيَظْهَرُ أَنَّ الْجَوَازَ كَانَ سَابِقًا وَلِأَنَّهُ أَحَقُّ النَّاسِ بِالتَّصَرُّفِ فِيهَا فَكَانَ أَوْلَى بِالشُّفْعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهَا كَالْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَهَذَا التَّقْدِيرُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ يَمْلِكُ الدَّارَ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِسُقُوطِ الْخِيَارِ لَا غَيْرَ وَهَذَا؛ لِأَنَّ خِيَارَهُ يَسْقُطُ بِهِ إجْمَاعًا بِخِلَافِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ حَيْثُ لَا يَسْقُطُ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ فِيمَا إذَا بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فَأَخَذَهَا بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالصَّرِيحِ فَكَذَا بِالدَّلَالَةِ.
قَالَ (وَلَوْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ صَحَّ وَأَيُّهُمَا أَجَازَ أَوْ نَقَضَ صَحَّ) أَيْ أَجَازَ الْمُشْتَرِي أَوْ مَنْ شُرِطَ لَهُ الْخِيَارُ أَوْ نَقَضَهُ جَازَ، وَقَالَ زُفَرُ رحمه الله لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لِغَيْرِ الْعَاقِدِ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ مِنْ مُوَاجَبِ الْعَقْدِ وَمِنْ أَحْكَامِهِ فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ لِغَيْرِ الْعَاقِدِ كَاشْتِرَاطِ الثَّمَنِ عَلَى غَيْرِهِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ مُفْسِدٌ وَفِيهِ ذَلِكَ فَيَفْسُدُ وَلَنَا أَنَّ اشْتِرَاطَ الْخِيَارِ لِغَيْرِ الْعَاقِدِ اشْتِرَاطٌ لِلْعَاقِدِ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِإِثْبَاتِ الْخِيَارِ لِغَيْرِ الْعَاقِدِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَيُمْكِنُ إثْبَاتُهُ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْ الْعَاقِدِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ شَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ وَجَعَلَ الْأَجْنَبِيَّ نَائِبًا عَنْ نَفْسِهِ اقْتِضَاءً تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِهِ وَزُفَرُ لَا يَقُولُ بِالِاقْتِضَاءِ وَلَا بِالِاسْتِحْسَانِ فَإِذَا كَانَ نَائِبًا عَنْهُ يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخِيَارُ فَأَيُّهُمَا أَجَازَ أَوْ نَقَضَ صَحَّ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَلَكَ التَّصَرُّفَ أَصَالَةً أَوْ نِيَابَةً قَالَ (فَإِنْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا وَنَقَضَ الْآخَرُ فَالْأَسْبَقُ أَحَقُّ) لِوُجُودِهِ فِي زَمَانٍ لَا يُزَاحِمُهُ فِيهِ أَحَدٌ وَتَصَرُّفُ الْآخَرِ بَعْدَهُ يَلْغُو؛ لِأَنَّ السَّابِقَ إنْ كَانَ فَسْخًا فَالْمَفْسُوخُ لَا تَلْحَقُهُ الْإِجَازَةُ، وَإِنْ كَانَ إجَازَةً فَقَدْ انْبَرَمَ الْعَقْدُ وَبَعْدَ انْبِرَامِهِ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِفَسْخِهِ قَالَ (وَإِنْ كَانَا مَعًا فَالْفَسْخُ) أَيْ لَوْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا وَأَجَازَ الْآخَرُ وَخَرَجَ الْكَلَامَانِ مِنْهُمَا مَعًا كَانَ الْفَسْخُ أَوْلَى مِنْ الْإِجَازَةِ مِنْ أَيِّهِمَا كَانَ وَهُوَ رِوَايَةُ كِتَابِ الْمَأْذُونِ مِنْ الْمَبْسُوطِ.
وَفِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْبُيُوعِ مِنْهُ تَصَرُّفُ الْمَالِكِ أَوْلَى فَسْخًا كَانَ أَوْ إجَازَةً؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَقْوَى إذْ النَّائِبُ يَسْتَفِيدُ الْوِلَايَةَ مِنْهُ فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُعَارِضًا لِلْأَصْلِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا أَقْدَمَ عَلَى التَّصَرُّفِ كَانَ عَزْلًا لَهُ مِنْهُ بِالْفِعْلِ حُكْمًا وَهُوَ يَمْلِكُ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
أَوْ الْإِجَازَةَ وَإِرَادَتُهُ قَدْ انْقَطَعَتْ بِمَوْتِهِ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِرْثَ إنَّمَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ يُتَصَوَّرُ انْتِقَالُهُ لَا فِيمَا لَا يُتَصَوَّرُ انْتِقَالُهُ وَالْخِيَارُ لَا يُتَصَوَّرُ انْتِقَالُهُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّ الْإِرْثَ فِيمَا يُتَصَوَّرُ انْتِقَالُهُ؛ لِأَنَّ سَائِرَ تَصَرُّفَاتِ الْمُوَرِّثِ مِنْ الْقُدْرَةِ وَالْعِلْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا تُورَثُ، وَكَذَا مَنْكُوحَتُهُ لَا تُورَثُ. اهـ. (قَوْلُهُ: يَبْطُلُ خِيَارُهُ) أَيْ خِيَارُ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرَاهُ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ دَلِيلُ الِاسْتِبْقَاءِ) وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى بِالنِّسْبَةِ إلَى جَانِبِ الْمُشْتَرِي أَمَّا فِي جَانِبِ الْبَائِعِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الِامْتِحَانِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اسْتِخْدَامُهُ دَلِيلَ الِاسْتِبْقَاءِ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَالْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ) أَيْ فَإِنَّهُمَا يَسْتَحِقَّانِ الشُّفْعَةَ وَأَنْ يَمْلِكَا رَقَبَةَ الدَّارِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَالْمُشْتَرِي هُنَا لَمْ يَصِرْ أَحَقَّ بِالتَّصَرُّفِ فِيهَا. اهـ. فَتْحٌ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ مَا نَصُّهُ أَيْ الْمُسْتَغْرِقُ بِالدَّيْنِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَهَذَا التَّقْدِيرُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِأَبِي حَنِيفَةَ) أَيْ لِأَنَّهُ الْقَائِلُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَشْفَعُ بِهَا وَقَدْ قَالَ يَشْفَعُ بِهَا فَاحْتَاجَ إلَى جَعْلِهِ فِعْلًا يُفِيدُ الرِّضَا بِالْبَيْعِ فَيَنْبَرِمُ الْبَيْعُ فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ مِنْ وَقْتِ عَقْدِ الْخِيَارِ فَيَكُونُ سَابِقًا عَلَى شِرَاءِ مَا فِيهِ الشُّفْعَةُ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا) قَالَ الْكَمَالُ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَلَا حَاجَةَ؛ لِأَنَّهُمَا قَائِلَانِ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ مَلَكَهَا فَيُتَّجَهُ لَهُ الشُّفْعَةُ بِهَا وَالْوَجْهُ أَنَّهُمَا أَيْضًا يَحْتَاجَانِ إلَى زِيَادَةِ ضَمِيمَةٍ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا عِنْدَهُمَا فَلَهُ رَفْعُهُ فَهُوَ مُزَلْزَلٌ وَالشُّفْعَةُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْمُسْتَمِرِّ فَحِينَ شَفَعَ دَلَّ عَلَى قَصْدِهِ اسْتِبْقَاءُ الْمِلْكِ فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ فَلَا يُفْسَخُ بَعْدَ ذَلِكَ. اهـ. كَمَالٌ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا يَسْقُطُ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ) أَيْ حَتَّى إذَا رَآهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بَعْدَمَا شَفَعَ بِهَا وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ أَسْقَطَ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ صَرِيحًا لَا يَسْقُطُ؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِالرُّؤْيَةِ فَقَبِلَهَا هُوَ عَدَمٌ فَحَقِيقَةُ قَوْلِنَا ثَبَتَ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ أَنَّهُ إذَا رَآهَا ثَبَتَ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ، وَكَذَا لَا يَبْطُلُ خِيَارُ الْعَيْبِ بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ. اهـ. كَمَالٌ.
ذَلِكَ صَرِيحًا بِالْقَوْلِ فَكَذَا دَلَالَةً بِالْفِعْلِ وَهَذَا لِأَنَّ تَصَرُّفَ النَّائِبِ إنَّمَا جَازَ لِلْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ عِنْدَ مُبَاشَرَةِ الْمُتَصَرِّفِ بِنَفْسِهِ فَيَلْغُو، بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَهُ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ حَيْثُ يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقُ أَحَدِهِمَا غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَلَا يُقَدَّمُ تَصَرُّفُ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي بَابِ الطَّلَاقِ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ فَكَانَ الْمَوْجُودُ مِنْ الْوَكِيلِ مَنْسُوبًا إلَيْهِ، وَلِهَذَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ أَنْ لَا يُطَلِّقَ فَكَانَ الصَّادِرُ عَنْ الْوَكِيلِ صَادِرًا عَنْ الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَجْهُ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّ الْمُعَارَضَةَ مِنْ جِهَةِ الْمُتَصَرِّفِ مُتَحَقِّقَةٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالِكٌ لِلتَّصَرُّفِ وَتَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِهِمَا لِلِاسْتِحَالَةِ فَوَجَبَ التَّرْجِيحُ بِحَالِ التَّصَرُّفِ وَالْفَسْخُ أَقْوَى؛ لِأَنَّهُ يَرِدُ عَلَى الْمَجَازِ دُونَ الْعَكْسِ فَكَانَ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ كَنِكَاحِ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ إذَا وُجِدَا مَعًا يَنْفُذُ نِكَاحُ الْحُرَّةِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى لِوُرُودِهِ عَلَى نِكَاحِ الْأَمَةِ دُونَ الْعَكْسِ وَلَا يُقَالُ الْمَجَازُ يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا وَفُسِخَ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ ثُمَّ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْبَائِعِ عَادَ الْحَالُ عَلَى مَا كَانَ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَالْقِيمَةُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ.
كَمَا إذَا هَلَكَ فِي يَدِهِ قَبْلَ الْفَسْخِ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا لَا يَلْزَمُنَا؛ لِأَنَّ كَلَامَنَا فِي إجَازَةٍ تَرِدُ عَلَى الْمَفْسُوخِ وَلَا إجَازَةَ هُنَا فَلَا يَرِدُ عَلَيْنَا وَقِيلَ مَا ذُكِرَ فِي الْمَأْذُونِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَدِّمُ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ بَلْ يَسْتَوِيَانِ عِنْدَهُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبُيُوعِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ يُقَدِّمُ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ عَلَى تَصَرُّفِ النَّائِبِ عِنْدَهُ وَاسْتَخْرَجَ ذَلِكَ مِمَّا إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ مِنْ شَخْصٍ وَبَاعَ الْمُوَكِّلُ مِنْ غَيْرِهِ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمَالِكِ تَقْدِيمًا لِتَصَرُّفِ الْمَالِكِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَسْتَوِيَانِ فَيَكُونُ بَيْنَ الْمُشْتَرِيَيْنِ نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَاءِ التَّصَرُّفِ فِي عَدَمِ تَقْدِيمِ الْمُتَصَرِّفِ بِالْمِلْكِ عِنْدَهُ وَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخِيَارُ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِمَا.
قَالَ (وَلَوْ بَاعَ عَبْدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا إنْ فَصَّلَ وَعَيَّنَ صَحَّ وَإِلَّا لَا) أَيْ صَحَّ إنْ فَصَّلَ ثَمَنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَعَيَّنَ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ كَالْخَارِجِ عَنْ الْعَقْدِ إذْ الْعَقْدُ مَعَ الْخِيَارِ لَا يَنْعَقِدُ فِي حَقِّ الْحُكْمِ فَكَانَ الدَّاخِلُ فِي الْعَقْدِ غَيْرَهُ فَمَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الدَّاخِلُ مَعْلُومًا وَثَمَنُهُ مَعْلُومًا لَا يَجُوزُ إذْ جَهَالَةُ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ مُفْسِدَةٌ لِلْعَقْدِ وَلَنْ يَكُونَا مَعْلُومَيْنِ إلَّا بِالتَّفْصِيلِ وَالتَّعْيِينِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا - أَنْ يُفَصِّلَ الثَّمَنَ وَيُبَيِّنَ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ. وَالثَّانِي - أَنْ لَا يُبَيِّنَ وَاحِدًا مِنْهُمَا. وَالثَّالِثُ - أَنْ يُبَيِّنَ الثَّمَنَ دُونَ الْآخَرِ. وَالرَّابِعُ - بِالْعَكْسِ وَالْعَقْدُ فَاسِدٌ فِي الْكُلِّ إمَّا لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ أَوْ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ أَوْ لِجَهَالَتِهِمَا إلَّا فِي الْأُولَى لِانْتِفَاءِ الْجَهَالَةِ عَنْهُمَا فَإِنْ قِيلَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَجْعَلَ الْمُسْتَثْنَى دَاخِلًا فِي الْعَقْدِ أَوْ لَا فَإِنْ جَعَلْته دَاخِلًا فِيهِ وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَلَمْ يُفَصِّلْ إذْ لَيْسَ بَيَانُ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ وَلَا بَيَانُ ثَمَنِهِ شَرْطًا لِجَوَازِ الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ جَعَلْته غَيْرَ دَاخِلٍ فِيهِ وَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ، وَإِنْ بَيَّنَ وَفَصَّلَ؛ لِأَنَّك جَعَلْت قَبُولَ الْعَقْدِ فِي غَيْرِ الْمَبِيعِ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْعَقْدِ فِي الْمَبِيعِ وَهُوَ فَاسِدٌ كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ أَوْ شَاةٍ ذَكِيَّةٍ وَمَيِّتَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ بَيَّنَهُمَا قُلْنَا
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَهُ) أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ أَرَادَ بِهِ الثَّلَاثَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُقَالُ الْمَفْسُوخُ) الَّذِي فِي النُّسَخِ وَلَا يُقَالُ الْمَجَازُ يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخِيَارُ) أَيْ إنْ شَاءَ أَخَذَ النِّصْفَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَنَقَضَ الْبَيْعَ. اهـ. .
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَعَيَّنَ صَحَّ إلَخْ) بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ بِخَمْسِمِائَةٍ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ فِي هَذَا لِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ لِجَهَالَةِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: كَالْخَارِجِ عَنْ الْعَقْدِ) أَيْ إلَى وَقْتِ سُقُوطِ الْخِيَارِ فَيَنْعَقِدُ حِينَئِذٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: إذْ الْعَقْدُ مَعَ الْخِيَارِ لَا يَنْعَقِدُ) إلَخْ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رحمه الله أَمَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ فَإِنَّمَا فَسَدَ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ جَمِيعًا وَهَذَا لِأَنَّ الْبَيْعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَا يَنْعَقِدُ فِي حَقِّ الْحُكْمِ بَلْ هُوَ مَوْقُوفٌ فِي حَقِّ الْحُكْمِ إلَى وَقْتِ سُقُوطِ الْخِيَارِ فَيَنْعَقِدُ حِينَئِذٍ لِمَا أَنَّ الْخِيَارَ دَاخِلٌ فِي الْحُكْمِ دُونَ السَّبَبِ فَيُمْنَعُ الْحُكْمُ بَعْدَ السَّبَبِ. اهـ. وَقَالَ الْكَمَالُ رحمه الله: لِأَنَّ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ فِيهِ فِي حَقِّ الْحُكْمِ فَكَانَ كَأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْبَيْعِ وَالْبَيْعُ إنَّمَا هُوَ فِي الْآخَرِ وَهُوَ مَجْهُولٌ لِجَهَالَةِ مَنْ فِيهِ الْخِيَارُ ثُمَّ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مَجْهُولٌ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ لَا يَنْقَسِمُ فِي مِثْلِهِ عَلَى الْمَبِيعِ بِالْأَجْزَاءِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالثَّالِثُ أَنْ يُبَيِّنَ الثَّمَنَ دُونَ الْآخَرِ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ بِعْتُك كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ بِخَمْسِمِائَةٍ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا اهـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ دُونَ الْآخَرِ مَا نَصُّهُ أَيْ لَمْ يُبَيِّنْ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالرَّابِعُ بِالْعَكْسِ) أَيْ وَهُوَ أَنْ يُعَيِّنَ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ وَلَا يُفَصِّلُ الثَّمَنَ اهـ.
(قَوْلُهُ: إمَّا لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ) أَيْ لِمَا أَنَّ مَنْ فِيهِ الْخِيَارُ لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي الْحُكْمِ فَيَبْقَى الْآخَرُ مُفْرَدًا وَثَمَنُهُ مَجْهُولٌ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ، وَقَالَ الْكَمَالُ: لِأَنَّ الْمَبِيعَ وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا يَتَعَيَّنُ مَنْ فِيهِ الْخِيَارُ إلَّا أَنَّ ثَمَنَهُ مَجْهُولٌ لِمَا قُلْنَا إنَّ الثَّمَنَ لَا يَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ) وَهَذَا لِمَا قُلْنَا إنَّ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي حُكْمِ الْعَقْدِ فَيَبْقَى الْآخَرُ مُفْرَدًا وَهُوَ مَجْهُولٌ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ مَا نَصُّهُ بِسَبَبِ جَهَالَةِ مَنْ فِيهِ الْخِيَارُ اهـ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْجَهَالَةِ عَنْهُمَا) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك هَذَيْنِ بِأَلْفٍ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ فِي هَذَا. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّك جَعَلْتَ قَبُولَ الْعَقْدِ فِي غَيْرِ الْمَبِيعِ) أَيْ وَغَيْرُ الْمَبِيعِ هُوَ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ اهـ.
(قَوْلُهُ: قُلْنَا إلَخْ) قَدْ أَجَابَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ رحمه الله عَنْ السُّؤَالِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ أَنْ أَشَارَ إلَى السُّؤَالِ بِقَوْلِهِ وَقَبُولُ الْعَبْدِ فِي الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ إنْ كَانَ شَرْطًا لِانْعِقَادِ الْعَقْدِ فِي الْآخَرِ لَكِنْ هَذَا غَيْرُ مُفْسِدٍ لِلْعَقْدِ لِكَوْنِهِ أَيْ مَنْ فِيهِ الْخِيَارُ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ قِنٍّ وَمُدَبَّرٍ وَبَاعَهُمَا بِأَلْفٍ حَيْثُ يَنْفُذُ الْبَيْعُ فِي الْقِنِّ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ كَانَ قَبُولُ الْعَقْدِ فِي الْمُدَبَّرِ شَرْطًا فِيهِ وَذَلِكَ لِدُخُولِ الْمُدَبَّرِ فِي الْبَيْعِ لِمَحَلِّيَّتِهِ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَلِهَذَا لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِجَوَازِ بَيْعِهِ جَازَ وَكَانَ الْقَبُولُ شَرْطًا صَحِيحًا فَكَذَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ بِخِلَافِ مَاشِيهِ
هُوَ دَاخِلٌ صِيغَةً غَيْرُ دَاخِلٍ حُكْمًا فَإِذَا كَانَ دَاخِلًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا اعْتَبَرْنَاهُ دَاخِلًا فَيَجُوزُ وَإِلَّا فَغَيْرُ دَاخِلٍ فَلَا يَجُوزُ بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ مَعَ الْقِنِّ حَيْثُ يَجُوزُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّهُمَا دَاخِلَانِ صِيغَةً وَحُكْمًا إذْ لَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّهِمَا مَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَلِهَذَا لَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِجَوَازِ بَيْعِهِمَا صَحَّ وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ الْخِيَارُ يَمْنَعُ انْعِقَادَهُ فِي حَقِّ الْحُكْمِ أَصْلًا وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ لَا يَجُوزُ حَتَّى يُبَيِّنَ الثَّمَنَ فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا. وَلَوْ اشْتَرَى كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا أَوْ عَبْدًا وَاحِدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي نِصْفِهِ جَازَ فَصَّلَ الثَّمَنَ أَوْ لَمْ يُفَصِّلْ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ مِنْ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ لَا يَتَفَاوَتُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي.
قَالَ (وَصَحَّ خِيَارُ التَّعْيِينِ فِيمَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ) وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ أَوْ الثَّوْبَيْنِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ أَوْ يَبِيعَ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهَا شَاءَ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْأَرْبَعَةِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا يَجُوزُ هَذَا أَصْلًا وَهُوَ الْقِيَاسُ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ شَرْعَ الْخِيَارِ لِلْحَاجَةِ إلَى دَفْعِ الْغَبْنِ لِيَخْتَارَ مَا هُوَ الْأَرْفَقُ وَالْأَوْفَقُ وَالْحَاجَةُ إلَى هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْبَيْعِ مُتَحَقِّقَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى اخْتِيَارِ مَنْ يَثِقُ بِرَأْيِهِ أَوْ اخْتِيَارِ مَنْ يَشْتَرِيهِ لِأَجْلِهِ وَلَا يُمَكِّنُهُ الْبَائِعُ مِنْ الْحَمْلِ إلَيْهِ إلَّا بِالشِّرَاءِ كَيْ لَا يَبْقَى أَمَانَةً فِي يَدِهِ فَكَانَ فِي مَعْنَى خِيَارِ الشَّرْطِ وَهَذِهِ الْجَهَالَةُ لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ لِتَعَيُّنِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَلَا يُمْنَعُ الْجَوَازُ غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الْحَاجَةَ تَنْدَفِعُ بِالثَّلَاثَةِ لِوُجُودِ الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ وَالْوَسَطِ فِيهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى الْأَرْبَعَةِ وَثُبُوتُ الرُّخْصَةِ لِلْحَاجَةِ وَكَوْنُ الْجَهَالَةِ غَيْرَ مُفْضِيَةٍ إلَى الْمُنَازَعَةِ فَلَا يَثْبُتُ بِأَحَدِهِمَا ثُمَّ قِيلَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْعَقْدِ خِيَارُ الشَّرْطِ مَعَ خِيَارِ التَّعْيِينِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فَيَكُونُ ذِكْرُهُ عَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ اتِّفَاقًا لَا شَرْطًا.
قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ هُوَ الصَّحِيحُ فَعَلَى قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ خِيَارُ الشَّرْطِ يَلْزَمُ الْعَقْدُ فِي أَحَدِهِمَا حَتَّى لَا يُرَدَّ إلَّا أَحَدُهُمَا وَعَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُمَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْخِيَارَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ خِيَارِ الشَّرْطِ، وَقَالَ قَاضِي خَانْ وَضَعَ مُحَمَّدٌ رحمه الله هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هَهُنَا يَعْنِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِيمَا إذَا بَيَّنَ مُدَّةَ الْخِيَارِ فَقَالَ يَأْخُذُ أَيَّهُمَا شَاءَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَوَضَعَهُ كَذَا فِي الْمَأْذُونِ وَوَضَعَهَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ وَلَمْ يَذْكُرْ الزِّيَادَةَ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ خِيَارَ الشَّرْطِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَوْقِيتِ خِيَارِ التَّعْيِينِ بِالثَّلَاثِ فَمَا دُونَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ أَيَّتَهَا كَانَتْ عِنْدَهُمَا عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ يَأْبَى جَوَازَ هَذَا الْعَقْدِ، وَإِنَّمَا جَازَ اسْتِحْسَانًا بِطَرِيقِ الْإِلْحَاقِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَلَا يَجُوزُ بِدُونِهِ فَإِنْ شُرِطَ ذَلِكَ ثَبَتَ لَهُ خِيَارُ الشَّرْطِ مَعَ خِيَارِ التَّعْيِينِ فَإِذَا رَدَّهُمَا بِخِيَارِ الشَّرْطِ فِي الْمُدَّةِ أَوْ رَدَّ أَحَدَهُمَا بِخِيَارِ التَّعْيِينِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ بَطَلَ خِيَارُ الشَّرْطِ فَلَا يَمْلِكُ رَدَّهُمَا جَمِيعًا وَيَبْقَى لَهُ خِيَارُ التَّعْيِينِ فَيَرُدُّ أَحَدَهُمَا، وَإِنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ يَبْطُلُ خِيَارُ الشَّرْطِ وَيَبْقَى خِيَارُ التَّعْيِينِ لِلْوَارِثِ فَلَا يَكُونُ لَهُ إلَّا رَدُّ أَحَدِهِمَا قَالَ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ خِيَارَ الشَّرْطِ فَلَا مَعْنَى لِتَوْقِيتِ خِيَارِ التَّعْيِينِ بِخِلَافِ خِيَارِ الشَّرْطِ فَإِنَّ التَّوْقِيتَ فِيهِ يُفِيدُ لُزُومَ الْعَقْدِ عِنْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ فِي خِيَارِ التَّعْيِينِ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ فِي أَحَدِهِمَا قَبْلَ مُضِيِّ الْوَقْتِ وَلَا يُمْكِنُ تَعْيِينُهُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ بِدُونِ تَعْيِينِهِ فَلَا فَائِدَةَ لِشَرْطِ ذَلِكَ.
وَاَلَّذِي
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
بِهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ لَيْسَ بِمَالٍ أَصْلًا فَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِحَالٍ فَكَانَ اشْتِرَاطُ قَبُولِهِ اشْتِرَاطَ شَرْطٍ فَاسِدٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: هُوَ دَاخِلٌ) أَيْ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ اهـ.
(قَوْلُهُ: صِيغَةً) أَيْ فِي الْعَقْدِ. اهـ. .
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَصَحَّ خِيَارُ التَّعْيِينِ إلَخْ) وَخِيَارُ الْعَيْبِ وَالتَّعْيِينِ يُورَثُ بِالِاتِّفَاقِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ قَوْلُهُ: يُورَثُ يُنْظَرُ كَلَامُ الشَّارِحِ الزَّيْلَعِيِّ رحمه الله فِي خِيَارِ الشَّرْطِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَتَمَّ الْعَقْدُ بِمَوْتِهِ فَإِنَّ فِيهِ مَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ يُورَثُ فَتَنَبَّهْ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ) نُسْخَةٌ وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَبِيعَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ) نُسْخَةٌ أَوْ يَشْتَرِيَ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهَا شَاءَ) أَيْ وَبَيَّنَ ثَمَنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى حِدَةٍ وَثَمَنُ الْكُلِّ مُتَّفِقٌ أَوْ مُخْتَلِفٌ اهـ كَيْ (قَوْلُهُ: وَالْحَاجَةُ إلَى هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْبَيْعِ مُتَحَقِّقَةٌ) أَيْ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى زَوْجِ خُفٍّ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَا يَتَيَسَّرُ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى السُّوقِ بِنَفْسِهِ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ الرُّؤَسَاءِ أَوْ مِنْ الدَّهَّاقِينِ أَوْ مِنْ النِّسَاءِ فِي الْبُيُوتِ فَيُحْمَلُ إلَيْهِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الشِّرَاءِ مِنْ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ الْجَيِّدِ وَالْوَسَطِ وَالرَّدِيءِ حَتَّى يَخْتَارَ مَا يُوَافِقُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْجَهَالَةُ لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ) أَيْ لِأَنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَهُوَ الْمُشْتَرِي فُوِّضَ إلَيْهِ الْأَمْرُ يَأْخُذُ أَيَّ ذَلِكَ شَاءَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَلَا حَاجَةَ إلَى الْأَرْبَعَةِ) أَيْ وَإِنْ انْعَدَمَتْ الْمُنَازَعَةُ فِيهِ بِتَعَيُّنِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَبَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَكَوْنِ الْجَهَالَةِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ لِلْحَاجَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ) أَيْ فِي جَامِعِهِ اهـ كَيْ.
(قَوْلُهُ: هُوَ الصَّحِيحُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ اهـ كَيْ.
(قَالَ قَوْلُهُ: ل فَخْرُ الْإِسْلَامِ) أَيْ فِي جَامِعِهِ اهـ كَيْ.
(قَوْلُهُ: هُوَ الصَّحِيحُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ اهـ كَيْ.
(قَوْلُهُ: وَبِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ أَيَّتُهَا كَانَتْ عِنْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مَعْلُومَةً فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ فِي الزَّائِدِ عَلَى الثَّلَاثِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِالْقِيَاسِ فِي خِيَارِ النَّقْدِ حَتَّى لَمْ يُجَوِّزْ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ هَهُنَا قُلْنَا قَوْلُهُ فِي خِيَارِ النَّقْدِ إنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ إلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ تَعْلِيقٌ فَلَا يُلْحَقُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ فَلَا يَكُونُ الْأَثَرُ وَارِدًا فِي حَقِّهِ، وَأَمَّا خِيَارُ التَّعْيِينِ مِنْ جِنْسِ خِيَارِ الشَّرْطِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا حَرْفُ التَّعْلِيقِ فَكَانَ الْأَثَرُ وَارِدًا فِي حَقِّهِمَا مَعْنًى، كَذَا قِيلَ. اهـ. دِرَايَةٌ
يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ التَّوْقِيتَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ، وَلَوْ شُرِطَ خِيَارُ التَّعْيِينِ لِلْبَائِعِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ فَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا قَالُوا وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الزِّيَادَاتِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ خِيَارٌ يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ لِلْمُشْتَرِي فَكَذَا لَهُ قِيَاسًا عَلَيْهِ وَذَكَرَ فِي الْمُجَرَّدِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ جَوَّزَ لِلْمُشْتَرِي لِلْحَاجَةِ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِلْبَائِعِ ثُمَّ إذَا كَانَ خِيَارُ التَّعْيِينِ لِلْمُشْتَرِي وَقَبَضَهُمَا فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا أَوْ تَعَيَّبَ لَزِمَهُ الْبَيْعُ فِيهِ بِثَمَنِهِ لِامْتِنَاعِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَتَعَيَّنَ الْآخَرُ لِلْأَمَانَةِ؛ لِأَنَّ الدَّاخِلَ تَحْتَ الْعَقْدِ أَحَدُهُمَا وَاَلَّذِي لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْعَقْدِ قَبَضَهُ بِإِذْنِ مَالِكِهِ لَا عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَلَا بِطَرِيقِ الْوَثِيقَةِ فَكَانَ أَمَانَةً فِي يَدِهِ وَتَعَيَّنَ الْبَاقِي لِلْأَمَانَةِ لِمَا ذَكَرْنَا، بِخِلَافِ مَا إذَا طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ أَوْ أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا حَيْثُ يَتَعَيَّنُ الْبَاقِي لِلْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَلَا يَعْجِزُ عَنْ الْإِيقَاعِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْهَلَاكِ وَبَعْدَ الْهَلَاكِ لَمْ يَبْقَ الْهَالِكُ مَحَلًّا لِلْإِيقَاعِ فَتَعَيَّنَ الْبَاقِي لَهُ لِبَقَاءِ الْمَحَلِّيَّةِ وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ حِينَ أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ عَجَزَ عَنْ رَدِّهِ وَهُوَ قَابِلٌ لِلْبَيْعِ وَلَمْ تَبْطُلْ مَحَلِّيَّتُهُ فَتَعَيَّنَ لَهُ وَهَذَا الْفَرْقُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي بَقَاءِ الْمَحَلِّيَّةِ قَبْلَ الْمَوْتِ غَيْرَ أَنَّهُ فِي الْبَيْعِ حِينَ أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ عَجَزَ عَنْ رَدِّهِ فَتَعَيَّنَ هُوَ لِلْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ قَابِلٌ لَهُ.
وَفِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ كَذَلِكَ لَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلْإِيقَاعِ قَبْلَ الْمَوْتِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَعْجِزُ عَنْهُ فَبَقِيَ مُخَيَّرًا إلَى الْهَلَاكِ فَإِذَا هَلَكَ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لَهُ فَلَوْ وَقَعَ عَلَيْهِ لَوَقَعَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُمَا لَا يَقَعَانِ بَعْدَهُ فَتَعَيَّنَ الْبَاقِي ضَرُورَةً هَذَا إذَا هَلَكَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ، وَإِنْ هَلَكَا مَعًا يَلْزَمُهُ نِصْفُ ثَمَنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِشُيُوعِ الْبَيْعِ وَالْأَمَانَةِ فِيهِمَا لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ بِجَعْلِ أَحَدِهِمَا مَبِيعًا أَوْ أَمَانَةً وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مُتَّفِقًا أَوْ مُخْتَلِفًا، وَكَذَا لَوْ هَلَكَا عَلَى التَّعَاقُبِ وَلَا يَدْرِي الْأَوَّلَ مِنْهُمَا يَجِبُ ثَمَنُ نِصْفِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَا قُلْنَا، بِخِلَافِ مَا إذَا تَعَيَّبَا وَلَمْ يَهْلَكَا حَيْثُ يَبْقَى خِيَارُهُ عَلَى حَالِهِ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ أَحَدَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا مَحَلٌّ لِابْتِدَاءِ الْبَيْعِ فَكَذَا لِلتَّعْيِينِ بِخِلَافِ الْهَالِكِ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُمَا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ يَمْنَعُ الرَّدَّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ.
قَالَ (وَلَوْ اشْتَرَيَا عَلَى أَنَّهُمَا بِالْخِيَارِ فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا لَا يَرُدُّهُ الْآخَرُ) يَعْنِي لَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَرُدَّ نَصِيبَهُ إذَا أَجَازَ الْآخَرُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارُ الْعَيْبِ لَهُمَا أَنَّ إثْبَاتَ الْخِيَارِ لَهُمَا إثْبَاتُهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ شُرِعَ لِدَفْعِ الْغَبْنِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُحْتَاجٌ إلَى
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
( قَوْلُهُ: وَلَوْ شُرِطَ خِيَارُ التَّعْيِينِ لِلْبَائِعِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ بِعْتُك هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ أَعْنِي الْبَيْعَ فِي أَحَدِهِمَا لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي بُيُوعِ الْأَصْلِ وَلَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ اهـ كَيْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ جُوِّزَ لِلْمُشْتَرِي لِلْحَاجَةِ) أَيْ إلَى اخْتِيَارِ الْأَرْفَقِ وَالْأَوْفَقِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِلْبَائِعِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ كَانَ مَعَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَيَرُدُّ جَانِبَهُ إلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ اهـ كَيْ.
(قَوْلُهُ: فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا أَوْ تَعَيَّبَ) قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ هَلَكَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْبَاقِيَ بِثَمَنِهِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَلَوْ هَلَكَ الْكُلُّ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْبَيْعُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَ الْآخَرُ لِلْأَمَانَةِ) فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يَكُونُ الْآخَرُ أَمَانَةً حَتَّى إذَا هَلَكَ لَا يَغْرَمُ لِأَجْلِهِ شَيْئًا وَلَا يَكُونُ هُوَ أَدْنَى مِنْ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ قُلْت إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ أَمَانَةً؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى أَحَدَهُمَا لَا غَيْرُ، وَإِنَّمَا قَبَضَ الْآخَرَ لِيَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعَ إذَا تَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا لَا لِيَتَمَلَّكَهُ وَلَا عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ، وَقَدْ تَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا هُنَا فَبَقِيَ الْآخَرُ أَمَانَةً؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ لَا عَلَى جِهَةِ الْبَيْعِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ بِسَبَبِهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَتَعَيَّنَ الْآخَرُ لِلْأَمَانَةِ مَا نَصُّهُ حَتَّى إذَا هَلَكَ بَعْدَ هَلَاكِ الْأَوَّلِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ هَلَكَا مَعًا إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ خِيَارُ التَّعْيِينِ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لَهُ فَهَلَكَتْ مَعًا يَلْزَمُهُ ثُلُثُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا لِمَا ذُكِرَ ك.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ هَلَكَا عَلَى التَّعَاقُبِ إلَخْ) وَإِنْ هَلَكَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ وَلَكِنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِيهِ فَلَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُتَّفِقًا، وَإِنَّمَا تَظْهَرُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُخْتَلِفًا بِأَنْ يَكُونَ ثَمَنُ أَحَدِهِمَا عَشَرَةً وَثَمَنُ الْآخَرِ عِشْرِينَ فَقَالَ الْبَائِعُ هَلَكَ الَّذِي ثَمَنُهُ عِشْرُونَ أَوَّلًا، وَقَالَ الْمُشْتَرِي هَلَكَ الَّذِي ثَمَنُهُ عَشَرَةً أَوَّلًا كَانَ أَبُو يُوسُفَ يَقُولُ يَتَحَالَفَانِ فَأَيُّهُمَا نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِمَا ادَّعَاهُ صَاحِبُهُ وَإِنْ حَلَفَا جَمِيعًا يُجْعَلُ كَأَنَّهُمَا هَلَكَا مَعًا وَلَزِمَهُ نِصْفُ ثَمَنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ صَارَ دَيْنًا عَلَى الْمُشْتَرِي هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ فَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ فَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا فَبَيِّنَةُ الْبَائِعِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الْفَضْلَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْهَالِكِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِابْتِدَاءِ الْبَيْعِ فَلَا يَكُونُ مَحَلًّا لِتَعَيُّنِهِ. اهـ. .
(قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارُ الْعَيْبِ) أَيْ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ يَعْنِي إذَا اشْتَرَيَا شَيْئًا لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَرُدَّهُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَوْ بِخِيَارِ الْعَيْبِ بِدُونِ صَاحِبِهِ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ رَجُلَانِ اشْتَرَيَا شَيْئًا عَلَى أَنَّهُمَا بِالْخِيَارِ فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَرُدَّهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَفِي قَوْلِهِمَا لَهُ ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَةٌ أُخْرَى قَالَ يُؤْمَرُ الْآخَرُ بِرَدِّهِ إلَى هُنَا لَفْظُ الْفَقِيهِ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ كَقَوْلِهِمَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ قَوْلُهُ: وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَةٌ أُخْرَى قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَنَّ الَّذِي امْتَنَعَ مِنْ الرَّدِّ أَرَادَ إبْطَالَ حَقِّ الْآخَرِ فِي الْفَسْخِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْكُلِّيَّ مِنْ إثْبَاتِ الْخِيَارِ أَنْ يَكُونَ لِمَنْ لَهُ الْخِيَارُ وِلَايَةُ الرَّدِّ لَا الْإِجَازَةِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ لَوْ كَانَ لِلْإِجَازَةِ مَا كَانَ يَحْتَاجُ إلَى الْخِيَارِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ كَانَ يَتِمُّ بِالسَّبَبِ السَّابِقِ بِلَا خِيَارٍ فَإِذَا كَانَ الرَّدُّ هُوَ الْمَقْصُودُ وَقَدْ شُرِطَ لَهُمَا جَمِيعًا يُؤْمَرُ صَاحِبُ الرَّدِّ لِئَلَّا يَلْزَمَ إبْطَالُ حَقِّ الرَّدِّ. اهـ. .
دَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَوْ بَطَلَ هَذَا بِإِبْطَالِ الْآخَرِ خِيَارَهُ لَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُهُ وَيَلْحَقُهُ بِهِ ضَرَرٌ وَلَهُ أَنَّ الْمَشْرُوطَ خِيَارُهُمَا لَا خِيَارُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى انْفِرَادِهِ فَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالرَّدِّ وَلِأَنَّ حَقَّ الرَّدِّ ثَبَتَ لَهُمَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْبَائِعُ وَفِي رَدِّ أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ إضْرَارٌ بِالْبَائِعِ إذْ الْمَبِيعُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ غَيْرَ مُتَعَيَّبٍ بِعَيْبِ الشَّرِكَةِ فَلَوْ رَدَّهُ أَحَدُهُمَا لَرَدَّهُ مَعِيبًا بِهَا إذْ هِيَ عَيْبٌ فِي الْأَعْيَانِ لِكَوْنِهِ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ إلَّا بِطَرِيقِ الْمُهَايَأَةِ وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ إثْبَاتِ الْخِيَارِ لَهُمَا الرِّضَا بِرَدِّ أَحَدِهِمَا لِتَصَوُّرِ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى الرَّدِّ وَقَوْلُهُ يَلْحَقُهُ بِهِ ضَرَرٌ قُلْنَا هَذَا الضَّرَرُ يَلْحَقُهُ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ إيجَادِ شَرْطِ الرَّدِّ وَهُوَ مُسَاعَدَةُ صَاحِبِهِ إيَّاهُ عَلَى الرَّدِّ وَالْبَائِعُ يَتَضَرَّرُ بِتَصَرُّفِ الرَّادِّ فَكَانَتْ رِعَايَةُ جَانِبِ الْبَائِعِ أَوْلَى وَلَا يُقَالُ الْبَائِعُ رَضِيَ بِالتَّبْعِيضِ بِالْبَيْعِ لَهُمَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ رَضِيَ بِالتَّبْعِيضِ فِي مِلْكِهِمَا لَا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِهِ فِي مِلْكِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ زَوَّجَ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَاةَ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ لِحُدُوثِ الْعَيْبِ عِنْدَهُ وَهُوَ التَّزْوِيجُ، وَإِنْ حَصَلَ بِتَسْلِيطِهِ وَرِضَاهُ لِمَا قُلْنَا فَإِنْ قِيلَ هَذَا الْعَيْبُ حَدَثَ عِنْدَ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْعَيْبُ الْحَادِثُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ قُلْنَا: هَذَا عَيْبٌ حَدَثَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ يَمْنَعُ الرَّدَّ، وَإِنْ حَدَثَ فِي يَدِ الْبَائِعِ.
قَالَ (وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ أَوْ كَاتِبٌ وَكَانَ بِخِلَافِهِ أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ تَرَكَهُ)؛ لِأَنَّ هَذَا وَصْفٌ مَرْغُوبٌ فِيهِ فَيُسْتَحَقُّ بِالشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ ثُمَّ فَوَاتُهُ يُوجِبُ التَّخْيِيرَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهِ دُونَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ شَاةً عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ أَوْ تَحْلُبُ كَذَا، وَكَذَا أَرْطَالًا حَيْثُ يَفْسُدُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْوَصْفِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ إذْ لَا يُعْرَفُ ذَلِكَ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَبَنٌ أَوْ حَمْلٌ أَوْ انْتِفَاخٌ حَتَّى لَوْ شَرَطَ أَنَّهَا حَلُوبٌ أَوْ لَبُونٌ لَا يَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ وَلَوْ قَالَ يَخْبِزُ كَذَا صَاعًا أَوْ يَكْتُبُ كَذَا قَدْرًا يَفْسُدُ لِمَا ذَكَرْنَا وَشَرْطُهُ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْكِتَابَةِ وَالْخَبَرِ قَدْرُ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْكَاتِبِ وَالْخَبَّازِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ لِمَا قُلْنَا، وَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ عِنْدَ الرَّدِّ كَانَ يُحْسِنُ ذَلِكَ لَكِنَّهُ نَسِيَ عِنْدَك فَالْقَوْلُ قَوْلُ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: أَوْ كَاتِبٌ) أَيْ حِرْفَتُهُ ذَلِكَ. اهـ. فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ أَخَذَهُ بِالثَّمَنِ أَوْ تَرَكَهُ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ: وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ مَنْ شَرَطَ صِفَةً فَوَجَدَ الْمَبِيعَ بِخِلَافِهَا وَتِلْكَ الصِّفَةُ مِمَّا يَتَفَاوَتُ فِيهَا الْأَغْرَاضُ تَفَاوُتًا كَثِيرًا فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ حِمَارًا عَلَى أَنَّهُ أَتَانٌ فَإِذَا هُوَ ذَكَرٌ أَوْ شَاةٌ عَلَى أَنَّهَا نَعْجَةٌ فَإِذَا هِيَ فَحْلٌ وَمَسَائِلُ الْكِتَابِ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ وَجَدَ الْمَبِيعَ عَلَى خِلَافِ الصِّفَةِ الَّتِي شَرَطَهَا وَلَهُ فِي الصِّفَةِ غَرَضٌ فَإِذَا فَاتَهُ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ كَمَا لَوْ وَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الصِّفَةُ تَتَفَاوَتُ فِيهَا الْأَغْرَاضُ تَفَاوُتًا كَثِيرًا فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَبِيعَهُ دَارًا عَلَى أَنَّ بِنَاءَهَا آجُرٌّ فَإِذَا هُوَ لَبِنٌ أَوْ بَاعَهُ شَخْصًا عَلَى أَنَّهُ جَارِيَةٌ فَإِذَا هُوَ عَبْدٌ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الِاخْتِلَافِ فِي الْجِنْسِ، وَأَمَّا إذَا شَرَطَ صِفَةً فَوَجَدَهَا زَائِدَةً فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ فَوَجَدَهُ أَحَدَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا ثَيِّبٌ فَإِذَا هِيَ بِكْرٌ فَتَكُونُ الصِّفَةُ الزَّائِدَةُ لِلْمُشْتَرِي وَلَا خِيَارَ كَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ مَعِيبٌ فَوَجَدَهُ صَحِيحًا اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْكَمَالُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ كَمَا شَرَطَ وَامْتَنَعَ الرَّدُّ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ بِأَنْ يُقَوَّمَ الْعَبْدُ كَاتِبًا وَغَيْرَ كَاتِبٍ فَيَرْجِعُ بِالتَّفَاوُتِ اهـ وَكَتَبَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَفْسُدْ الْعَقْدُ بِهَذَا الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَصْفَ الَّذِي شَرَطَهُ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا فِي الْمَبِيعِ لَدَخَلَ فِي الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَمَا هَذَا سَبِيلُهُ كَانَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ كَمَا إذَا اشْتَرَى عَلَى أَنْ يَتَمَلَّكَ الْمَبِيعَ أَوْ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ الْبَائِعُ إلَى الْمُشْتَرِي. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ شَاةً) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى نَاقَةً عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ حَيْثُ يَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا عَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الْبُيُوعِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يُعْرَفُ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ انْتِفَاخَ الْبَطْنِ وَتَحَرُّكَ مَا فِيهِ قَدْ يَكُونُ لِدَاءٍ فَكَانَ غَرَرًا فَأَوْجَبَ فَسَادَ الْبَيْعِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ لِلْحَالِ فَلَمْ يَكُنْ غَرَرًا وَلِأَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ صِفَةٌ مَحْضَةٌ لَا يُتَصَوَّرُ انْقِلَابُهَا أَصْلًا وَهُنَالِكَ الْمَقْصُودُ الْوَلَدُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَاشْتِرَاطُ مَالٍ مَجْهُولٍ مَعَ الْمَبِيعِ مُفْسِدٌ لِلْبَيْعِ وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ ذَلِكَ الْبَيْعَ أَيْضًا جَائِزٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْفَرْقِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْجَوَابِ كَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْمُعِينِ النَّسَفِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ ثُمَّ قَالَ وَلَا رِوَايَةَ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ اشْتِرَاطَ الْحَبَلِ فِي الْجَوَارِي هَلْ يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ أَمْ لَا اخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ يُوجِبُ قِيَاسًا عَلَى النَّاقَةِ لِلْمَعْنَيَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ ثَمَّةَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يُوجِبُ؛ لِأَنَّ الْحَبَلَ فِي الْجَوَارِي عَيْبٌ فَكَانَ ذِكْرُهُ لِلْبَرَاءَةِ عَنْ هَذَا الْعَيْبِ بِخِلَافِ الْحَبَلِ فِي الْبَهَائِمِ فَإِنَّهُ زِيَادَةٌ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ وَفِي وُجُودِهَا غَرَرٌ فَلَا يَجُوزُ وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَّلَ، وَقَالَ إنْ اشْتَرَاهَا لِيَتَّخِذَهَا ظِئْرًا فَشَرَطَ أَنَّهَا حَامِلٌ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ يَطْلُبُ زِيَادَةً وَهِيَ مَجْهُولَةٌ وَفِي وُجُودِهَا خَطَرٌ فَصَارَتْ كَالنَّاقَةِ وَإِنْ كَانَ لَا يُرِيدُ اتِّخَاذَهَا ظِئْرًا كَانَ جَائِزًا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ اشْتَرَطَ الْبَرَاءَةَ عَنْ هَذَا الْعَيْبِ اهـ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ شَرَطَ أَنَّهَا حَلُوبٌ أَوْ لَبُونٌ لَا يَفْسُدُ) أَيْ كَمَا إذَا شَرَطَ فِي الْفَرَسِ أَنَّهَا هِمْلَاجٌ وَفِي الْكَلْبِ أَنَّهُ صَائِدٌ حَيْثُ يَصِحُّ وَمِنْهُ شَرْطُ كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَشَرْطُ كَوْنِ الثَّمَنِ مَكْفُولًا بِهِ. اهـ. فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ: فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ) أَيْ وَلَوْ مَاتَ هَذَا الْمُشْتَرِي انْتَقَلَ الْخِيَارُ إلَى وَرَثَتِهِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ فِي ضِمْنِ تَمَلُّكِ الْعَيْنِ. اهـ. فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ نَسِيَ عِنْدَك) أَيْ وَالْمُدَّةُ تَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَنْسَى فِي مِثْلِهَا. اهـ. فَتْحٌ