الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطَّارِئِ فَلِأَنَّ الْمَوْلَى يَسْتَبِدُّ بِهِ وَيُخْفِي عَلَى الْعَبْدِ فَيُعْذَرُ فِي التَّنَاقُضِ كَالْمُخْتَلِعَةِ تُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ: الْخُلْعِ وَكَالْمُكَاتَبِ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ.
قَالَ رحمه الله (وَمَنْ ادَّعَى حَقًّا فِي دَارٍ) أَيْ مَجْهُولًا (فَصُولِحَ عَلَى مَالِهِ فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ) لِأَنَّ دَعْوَاهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِيمَا بَقِيَ وَإِنْ قَلَّ فَمَا دَامَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اُسْتُحِقَّ كُلَّهَا؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا أَنَّهُ أَخَذَ عِوَضَ مَا لَا يَمْلِكُ فَيَرُدُّ وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى مَعْلُومٍ عَنْ مَجْهُولٍ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ وَالْمَنْعُ بِاعْتِبَارِهِ فَإِذَا خَلَا عَنْهُ جَازَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ وَذَكَرْنَا الْخِلَافَ فِيهِ وَدَلَّتْ أَيْضًا عَلَى أَنَّ صِحَّةَ الدَّعْوَى لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْحَقِّ فِي الدَّارِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِجَهَالَةِ الْمُدَّعَى حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ إلَّا إذَا ادَّعَى إقْرَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْمَجْهُولِ صَحِيحٌ بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ إلَّا فِي دَعْوَى الْإِقْرَارِ أَوْ دَعْوَى الْمُقَدَّرِ مِنْ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ أَوْ لِافْتِدَاءِ الْيَمِينِ وَالْمُعَاوَضَةُ لَا تَجُوزُ فِي الْمَجْهُولِ وَكَذَا الْيَمِينُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَوَجَّهُ إلَّا بَعْدَ صِحَّةِ الدَّعْوَى قُلْنَا: قَدْ تَكُونُ لِدَفْعِ الشَّغَبِ وَالْخُصُومَةِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُقَدِّرْ الْحَقَّ بِشَيْءٍ وَإِنْ قَدَّرَهُ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ بِرُبْعٍ مَثَلًا أَوْ نِصْفٍ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي يَدِهِ ذَلِكَ الْقَدْرُ وَإِنْ بَقِيَ أَقَلُّ مِنْهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِحِسَابِ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْهُ قَالَ رحمه الله (: وَلَوْ ادَّعَى كُلَّهَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِقِسْطِهِ)؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى مِائَةٍ وَقَعَ عَنْ كُلِّ الدَّارِ فَإِذَا اُسْتُحِقَّ مِنْهَا شَيْءٌ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُدَّعِي لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ الْقَدْرَ فَيَرُدُّ بِحِسَابِهِ مِنْ الْعِوَضِ.
قَالَ رحمه الله (وَمَنْ
بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ كَالْمُخْتَلِعَةِ تُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ الْخُلْعِ) يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَنْفَرِدُ بِالطَّلَاقِ فَرُبَّمَا لَا تَعْلَمُ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ، ثُمَّ تَعْلَمْ. اهـ. غَايَةٌ وَقَوْلُهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا إنَّمَا قَيَّدَ بِالثَّلَاثِ لِأَنَّ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ يُمْكِنُ أَنْ يُقِيمَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَدْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ الَّذِي أَثْبَتَتْهُ الْمَرْأَةُ بِبَيِّنَتِهَا قَبْلَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَأَمَّا فِي الثَّلَاثِ فَلَا يُمْكِنُ اهـ (قَوْلُهُ وَكَالْمُكَاتَبِ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ) أَيْ تُقْبَلُ مَعَ أَنَّ اتِّفَاقَهُمَا عَلَى سُؤَالِ الْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ إقْرَارٌ بِقِيَامِ الْعِصْمَةِ وَالرِّقِّ وَلَمْ يَضُرَّهُمَا التَّنَاقُضُ لِلْخَفَاءِ فَتَرْجِعُ الْمَرْأَةُ وَالْمُكَاتَبُ بِبَدَلِ الْخُلْعِ وَمَالِ الْكِتَابَةِ وَذَكَرَ هُنَا مَسْأَلَةَ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَهِيَ أَصْلٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَهِيَ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ ثَوْبًا فَقَطَعَهُ قَمِيصًا وَخَاطَهُ وَجَاءَ مُسْتَحِقٌّ قَالَ: هَذَا الْقَمِيصُ لِي وَأَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ فَالْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ مَا وَرَدَ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِلْكَهُ فِي الْأَصْلِ انْقَطَعَ بِالْقَطْعِ وَالْخِيَاطَةِ كَمَنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَقَطَعَهُ وَخَاطَهُ يَنْتَقِلُ مِلْكُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الثَّوْبُ إلَى الضَّمَانِ فَالْأَصْلُ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ إذَا وَرَدَ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ الْكَائِنِ مِنْ الْأَصْلِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِنْ وَرَدَ عَلَى الْمُشْتَرَى بَعْدَمَا صَارَ إلَى حَالٍ لَوْ كَانَ غَصْبًا مَلَكَهُ بِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ مُتَيَقَّنُ الْكَذِبِ وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَاهَا مُنْذُ شَهْرَيْنِ فَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ شَهْرَيْنِ يَقْضِي لَهُ بِهَا وَلَا يَرْجِعُ هُوَ عَلَى بَائِعِهِ وَعُرِفَ أَنَّ الْمَعْنَى أَنْ يَسْتَحِقَّهُ بِاسْمِ الْقَمِيصِ.
وَلَوْ كَانَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُ قَبْلَ هَذِهِ الصِّفَةَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَعَلَى هَذَا الْجَوَابِ إذَا اشْتَرَى حِنْطَةً فَطَحَنَهَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الدَّقِيقُ وَلَوْ قَالَ: كَانَتْ قَبْلَ الطَّحْنِ لِي يَرْجِعُ وَكَذَا إذَا اشْتَرَى لَحْمًا فَشَوَاهُ وَلَوْ اشْتَرَى شَاةً فَذَبَحَهَا وَسَلَخَهَا فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ آخَرُ أَنَّ الرَّأْسَ وَالْأَطْرَافَ وَاللَّحْمَ وَالْجِلْدَ لَهُ فَقَضَى بِهَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا اسْتِحْقَاقُ عَيْنِ الشَّاةِ. اهـ. كَمَالٌ قَالَ النَّاطِفِيُّ فِي كِتَابِ الْأَجْنَاسِ رَجُلٌ بَاعَ غُلَامًا وَهُوَ سَاكِتٌ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ الْبَيْعِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ أَنَا حُرٌّ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَهُوَ عَبْدٌ ذَكَرَهُ فِي إقْرَارِ الْأَصْلِ وَقَدْ زَادَ فِي مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ وَقِيلَ لَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ: قُمْ مَعَ مَوْلَاك فَقَامَ فَذَاكَ إقْرَارٌ مِنْهُ بِالرِّقِّ إلَى هُنَا لَفْظُ الْأَجْنَاسِ فِي الْبُيُوعِ اهـ أَتْقَانِيٌّ رحمه الله رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً وَبَاعَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَتَدَاوَلَتْهَا الْأَيْدِي فَادَّعَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الرَّابِعِ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَرَدَّهَا الرَّابِعُ عَلَى الثَّالِثِ بِقَوْلِهَا وَالثَّالِثُ عَلَى الثَّانِي وَأَبَى الْبَائِعُ الْأَوَّلُ أَنْ يَقْبَلَهَا.
قَالُوا: إنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ ادَّعَتْ الْعِتْقَ فَلَهُ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْ الْجَارِيَةِ قَوْلَهَا وَإِنْ ادَّعَتْ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ وَقَدْ انْقَادَتْ لِلْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ بِأَنْ بِيعَتْ وَسُلِّمَتْ لِلْمُشْتَرِي وَهِيَ سَاكِتَةٌ فَلِلْبَائِعِ أَيْضًا أَنْ لَا يَقْبَلَهَا؛ لِأَنَّ انْقِيَادَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ وَلَوْ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ، ثُمَّ ادَّعَتْ الْعِتْقَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ أَنْكَرَتْ الْبَيْعَ وَالتَّسْلِيمَ لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ لَا يَقْبَلَ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تُقِرَّ بِالرِّقِّ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا فِي الْحُرِّيَّةِ وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ كَمَا ثَبَتَتْ الْحُرِّيَّةُ بِالْبَيِّنَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا ادَّعَتْ الْحُرِّيَّةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ بِقَوْلِهَا لَكِنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا احْتِيَاطًا حَتَّى يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا إمَّا بِمِلْكِ الْيَمِينِ إنْ كَانَتْ أَمَةً أَوْ بِمِلْكِ النِّكَاحِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَكَذَا كُلُّ مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا احْتِيَاطًا. اهـ. قَاضِي خَانْ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
[ادَّعَى حقا مَجْهُولًا فِي دَار فصولح عَلَى مَاله]
(قَوْلُهُ وَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا) أَيْ بَعْضُ الدَّارِ اهـ ع (قَوْلُهُ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ) أَيْ لَا يَرْجِعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي. اهـ. (قَوْلُهُ فَمَا دَامَ فِي يَدِهِ) أَيْ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. اهـ. (قَوْلُهُ عَلَى مَعْلُومٍ عَنْ مَجْهُولٍ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَاَلَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ عَنْ مَعْلُومٍ عَلَى مَجْهُولٍ اِ هـ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ) أَيْ فِيمَا إذَا ادَّعَى حَقًّا مَجْهُولًا فِي دَارٍ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ ادَّعَى كُلَّهَا رَجَعَ عَلَيْهِ) عَلَيْهِ ثَابِتٌ فِي خَطِّ الشَّارِحِ وَلَيْسَ بِثَابِتٍ فِي الْمُتُونِ. اهـ. .
[بَاعَ مُلْك غَيْره]
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَمَنْ بَاعَ مِلْكَ إلَخْ) فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَتْنِ هُنَا فَصْلٌ وَوَقَعَ ذَلِكَ لِلْعَيْنِيِّ رحمه الله وَتَرْجَمَ لَهُ بِبَيْعِ الْفُضُولِيِّ اهـ قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله: مُنَاسَبَةُ هَذَا الْفَصْلِ مَعَ الِاسْتِحْقَاقِ ظَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الِاسْتِحْقَاقِ تَتَضَمَّنُ دَعْوَى الْفُضُولِيِّ عَلَى أَحْسَنِ الْوُجُوهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إمَّا دَعْوَاهُ أَنَّ بَائِعَك بَاعَ مِلْكِي بِغَيْرِ إذْنِي لِغَصْبِهِ أَوْ فُضُولِهِ وَأَحْسَنُ الْمَخَارِجِ الْمُلْتَمَسَةِ فِيهِ فُضُولُهُ وَالْفُضُولُ جَمْعُ فَضْلٍ غَلَبَ فِي الِاشْتِغَالِ بِمَا لَا يَعْنِيهِ وَمَا لَا وِلَايَةَ لَهُ فِيهِ فَقَوْلُ بَعْضِ الْجَهَلَةِ لِمَنْ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ
فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَفْسَخَهُ وَيُجِيزَهُ إنْ بَقِيَ الْعَاقِدَانِ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَلَهُ وَبِهِ لَوْ عَرَضًا)
أَيْ لِلْمَالِكِ أَنْ يُجِيزَ الْعَقْدَ بِشَرْطِ أَنْ يَبْقَى الْمُتَعَاقِدَانِ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَالْمَعْقُودُ لَهُ وَهُوَ الْمَالِكُ بِحَالِهِمْ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ صَدَرَ مِنْ الْفُضُولِيِّ وَلَهُ مُجِيزٌ حَالَ وُقُوعِهِ انْعَقَدَ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَنَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُجِيزٌ حَالَةَ الْعَقْدِ لَا يَتَوَقَّفُ وَيَقَعُ بَاطِلًا وَالشِّرَاءُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا عَلَى الْعَاقِدِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا يَتَوَقَّفُ كَشِرَاءِ الْعَبْدِ وَالصَّغِيرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تَنْعَقِدُ تَصَرُّفَاتُ الْفُضُولِيِّ أَصْلًا وَلَا تَجُوزُ بِإِجَازَةِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ بَاطِلَةً لِخُلُوِّهَا عَنْ وِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ إذْ هِيَ بِالْمِلْكِ أَوْ بِتَوْكِيلِ الْمَالِكِ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَتَلْغُو؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْوِلَايَةِ كَمَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْأَهْلِيَّةِ وَالْمَحَلِّيَّةِ وَلَنَا حَدِيثُ عُرْوَةَ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْبَارِقِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهُ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ شَاةً فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ فَبَاعَ إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ فَجَاءَ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ فَكَانَ لَوْ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَحَدِيثُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ أُضْحِيَّةً بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى أُضْحِيَّةً فَأَرْبَحَ فِيهَا دِينَارًا فَاشْتَرَى أُخْرَى مَكَانَهَا فَجَاءَ بِالْأُضْحِيَّةِ وَالدِّينَارِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ضَحِّ بِالشَّاةِ وَتَصَدَّقْ بِالدِّينَارِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجَازَ بَيْعَهُ وَلَوْ كَانَ بَاطِلًا لَرَدَّهُ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ رُكْنَ التَّصَرُّفِ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ مُضَافًا إلَى مَحِلِّهِ وَلَا ضَرَرَ فِي انْعِقَادِهِ مَوْقُوفًا فَيَنْعَقِدُ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْأَهْلِيَّةَ بِالْعَقْلِ وَالتَّمْيِيزِ وَالْمَحَلِّيَّةَ بِكَوْنِ الْمَالِ مُتَقَوِّمًا وَقَدْ وُجِدَا وَلَيْسَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ فَإِذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ نَفَذَهُ وَإِلَّا فَسَخَهُ بَلْ لَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ حَيْثُ يَسْقُطُ عَنْهُ مُؤْنَةُ طَلَبِ الْمُشْتَرِي وَقَرَارُ الثَّمَنِ وَسُقُوطُ رُجُوعِ حُقُوقِ الْعَقْدِ إلَيْهِ وَفِيهِ نَفْعٌ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ لِصَوْنِ كَلَامِهِمَا عَنْ الْإِلْغَاءِ فَتَثْبُتُ الْقُدْرَةُ.
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
أَنْتَ فُضُولِيٌّ يُخْشَى عَلَيْهِ الْكُفْرُ اهـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ: مُنَاسَبَةُ هَذَا الْفَصْلِ بِبَابِ الِاسْتِحْقَاقِ ظَاهِرَةٌ جِدًّا فَإِنَّ الْمَالَ فِي الصُّورَتَيْنِ جَمِيعًا فِي يَدِ صَاحِبِ الْيَدِ بِلَا إذْنِ الْمَالِكِ، ثُمَّ تَرْجَمَةُ الْفَصْلِ بِبَيْعِ الْفُضُولِيِّ لِكَوْنِهِ أَبْيَنَ أَحْسَنُ مِنْ تَرْجَمَتِهِ بِبَابِ بَيْعِ عَبْدِ الْغَيْرِ كَمَا وَقَعَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْمُرَتَّبُ، ثُمَّ الْفُضُولِيِّ بِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِ الْفَاءِ خَطَأٌ وَهِيَ نِسْبَةٌ لِفُضُولٍ جَمْعُ الْفَضْلِ بِمَعْنَى الزِّيَادَةِ وَقَدْ غَلَبَ جَمْعُهُ عَلَى مَا لَا خَيْرَ فِيهِ حَتَّى قِيلَ:
فُضُولٌ بِلَا فَضْلٍ وَسِنٌّ بِلَا سَنَا
…
وَطُولٌ بِلَا طَوْلٍ وَعُرْضٌ بِلَا عِرْضٍ
اهـ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَيُسَمَّى مَنْ يَشْتَغِلُ بِمَا لَا يَعْنِيهِ فُضُولِيًّا وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ هُوَ مَنْ يَتَصَرَّفُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ شَرْعِيٍّ كَالْأَجْنَبِيِّ يُزَوِّجُ أَوْ يَبِيعُ وَلَمْ يَرِدْ فِي النِّسْبَةِ إلَى الْوَاحِدِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِالْغَلَبَةِ كَالْعَلَمِ لِهَذَا الْمَعْنَى فَصَارَ كَالْأَنْصَارِيِّ وَالْأَعْرَابِيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَفْسَخَهُ وَيُجِيزَهُ) وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ. اهـ. كَمَالٌ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَبْقَى الْمُتَعَاقِدَانِ) وَهُمَا الْبَائِعُ الْفُضُولِيُّ وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ اهـ ع (قَوْلُهُ وَالْمَعْقُودُ لَهُ) أَيْ وَالْمَعْقُودُ بِهِ لَوْ عَرَضًا اهـ مَتْنٌ وَالْمَعْقُودُ بِهِ هُوَ الثَّمَنُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ صَدَرَ مِنْ الْفُضُولِيِّ وَلَهُ مُجِيزٌ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ لَهُ مُجِيزٌ حَالَ وُقُوعِهِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَنَحْوِهِمَا يَنْعَقِدُ مِنْ الْفُضُولِيِّ وَيَتَوَقَّفُ نَفَاذُهُ عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ فَإِنْ أَجَازَهُ ثَبَتَ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ وَإِلَّا يَبْطُلُ التَّصَرُّفُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُجِيزٌ حَالَةَ الْعَقْدِ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ تَأَمَّلْ تَدْرِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تَنْعَقِدُ تَصَرُّفَاتُ الْفُضُولِيِّ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ عَنْ وِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ؛ لِأَنَّهَا بِالْمِلْكِ أَوْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَقَدْ فُقِدَا وَلَا انْعِقَادَ إلَّا بِالْقُدْرَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَنَا أَنَّهُ تَصَرُّفُ تَمْلِيكٍ وَقَدْ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحِلِّهِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِانْعِقَادِهِ إذْ لَا ضَرَرَ فِيهِ لِلْمَالِكِ مَعَ تَخَيُّرٍ قَالَ الْكَمَالُ: وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ تَصَرُّفُ تَمْلِيكٍ مِنْ إضَافَةِ الْعَامِ إلَى الْخَاصِّ كَحَرَكَةِ الْإِعْرَابِ وَالْإِضَافَةُ فِي مِثْلِهِ بَيَانِيَّةٌ أَيْ تَصَرُّفٌ هُوَ تَمْلِيكٌ وَحَرَكَةٌ هِيَ إعْرَابٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الْقَيْدِ هُنَا؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْفُضُولِيِّ تَتَوَقَّفُ عِنْدَنَا إذَا صَدَرَتْ وَالْمُتَصَرِّفُ مُجِيزٌ أَيْ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْإِجَازَةِ سَوَاءٌ كَانَ تَمْلِيكًا كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَالتَّزْوِيجِ وَالتَّزَوُّجِ أَوْ إسْقَاطًا حَتَّى لَوْ طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَةَ غَيْرِهِ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فَأَجَازَ طَلُقَتْ وَانْعَتَقَ وَكَذَا سَائِرُ الْإِسْقَاطَاتِ لِلدُّيُونِ وَغَيْرِهَا فَكَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ: تَصَرُّفٌ شَرْعِيٌّ اهـ وَقَوْلُهُ وَلَا انْعِقَادَ إلَّا بِالْقُدْرَةِ الشَّرْعِيَّةِ قَالَ الْكَمَالُ: وَقَوْلُك وَلَا انْعِقَادَ إلَّا بِالْقُدْرَةِ الشَّرْعِيَّةِ إنْ أَرَدْت لَا انْعِقَادَ عَلَى وَجْهِ الْبَيَانِ سَلَّمْنَاهُ وَلَا يَضُرُّ وَإِنْ أَرَدْت لَا انْعِقَادَ عَلَى وَجْهِ التَّوَقُّفِ إلَى أَنْ يَرَى الْمَالِكُ مَصْلَحَتَهُ فِي الْإِجَازَةِ فَيُجِيزُ فِعْلَهُ أَوْ عَدَمَهَا فَيُبْطِلَهُ مَمْنُوعٌ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ بَلْ الدَّلِيلُ دَلَّ عَلَى ثُبُوتِهِ وَهُوَ تَحَقُّقُ الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ لِكُلٍّ مِنْ الْعَاقِدِ وَالْمَالِكِ وَالْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَلَا مَانِعٍ شَرْعِيٍّ فَيَدْخُلُ ثُبُوتُهُ فِي الْعُمُومَاتِ اهـ.
(قَوْلُهُ فَقَالَ) أَيْ صلى الله عليه وسلم «بَارَكَ اللَّهُ فِي صَفْقَتِك» . اهـ. كَمَالٌ (قَوْلُهُ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْأَهْلِيَّةَ بِالْعَقْلِ وَالتَّمْيِيزِ وَالْمَحَلِّيَّةَ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ: لِأَنَّ مَحَلَّ الْبَيْعِ بِكَوْنِهِ مَالًا مُتَقَوِّمًا لَا بِكَوْنِهِ مَمْلُوكًا لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُ الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لَهُ فَعُلِمَ أَنَّ مَحَلَّ الْبَيْعِ هُوَ الْمَالُ الْمُتَقَوِّمُ لَا الْمَالُ الْمَمْلُوكُ وَقَدْ وُجِدَ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ لَهُ مُجِيزٌ حَالَ وُقُوعِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِجَمِيعِ مَالِهِ أَوْ أَوْصَى لِوَارِثِهِ، ثُمَّ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقَرَارُ الثَّمَنِ) أَيْ وَنَفَاقُ سِلْعَتِهِ وَرَاحَتُهُ فِيهَا وَوُصُولُهُ إلَى الْبَدَلِ الْمَطْلُوبِ لَهُ الْمَحْبُوبِ وَالْمُشْتَرِي وُصُولُهُ إلَى حَاجَةِ نَفْسِهِ وَدَفْعُهَا بِالْمَبِيعِ وَارْتِفَاعُ أَلَمِ فَقْدِهَا إذَا كَانَ مُهِمًّا لَهُ. اهـ. كَمَالٌ (قَوْلُهُ وَسُقُوطٌ) ثَابِتٌ فِي خَطِّ الشَّارِحِ وَيَنْبَغِي إسْقَاطُهُ. اهـ. كَمَالٌ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَفْعٌ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ) الْعَاقِدُ بِصَوْنِ كَلَامِهِ عَنْ الْإِلْغَاءِ وَالْإِهْدَارِ بَلْ وَحُصُولُ الثَّوَابِ لَهُ إذَا نَوَى الْخَيْرَ لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَى حُصُولِ الرِّفْقِ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ اهـ كَمَالٌ.
الشَّرْعِيَّةُ إحْرَازًا لِهَذِهِ الْمَنَافِعِ عَلَى أَنَّ الْإِذْنَ ثَابِتٌ دَلَالَةً؛ لِأَنَّ كُلَّ عَاقِلٍ يَرْضَى بِتَصَرُّفٍ يَحْصُلُ لَهُ بِهِ النَّفْعُ إذْ لَا يُوجَدُ مِثْلُ هَذَا التَّصَرُّفِ النَّافِعِ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ عَادَةً إلَّا مِنْ صَدِيقٍ مُتَفَضِّلٍ نَصُوحٍ يَرَى لِأَخِيهِ مِثْلَ مَا يَرَى لِنَفْسِهِ فَإِنْ قِيلَ: الْمَقْصُودُ بِوَضْعِ الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ أَحْكَامُهَا لَا مُجَرَّدُ السَّبَبِ فَإِذَا لَمْ تُفِدْ الْحُكْمَ لَا تُعْتَبَرُ وَحُكْمُهَا وَهُوَ التَّمْلِيكُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ فَيَلْغُو قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ بَلْ يُفِيدُ مِلْكًا مَوْقُوفًا؛ لِأَنَّهُ اللَّائِقُ بِالسَّبَبِ الْمَوْقُوفِ كَمَا يُفِيدُ السَّبَبُ الْبَاتُّ الْمِلْكَ الْبَاتَّ؛ لِأَنَّهُ هُوَ اللَّائِقُ بِهِ وَلِهَذَا لَوْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ نَفَذَ عِتْقُهُ وَلِأَنَّ السَّبَبَ إنَّمَا يَلْغُو إذَا خَلَا حُكْمُهُ عَنْهُ شَرْعًا وَأَمَّا إذَا تَأَخَّرَ فَلَا؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ قَدْ يَتَأَخَّرُ حُكْمُهَا لِعَارِضٍ كَالْبَيْعِ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَكَالرَّاهِنَيْنِ إذَا تَبَايَعَا رَهْنًا بِرَهْنٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنَيْنِ انْعَقَدَ وَتَوَقَّفَ الْحُكْمُ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنَيْنِ وَكَذَا الطَّلَاقُ الْمُضَافُ إلَى شَهْرٍ يَثْبُتُ لِلْحَالِ وَيَتَأَخَّرُ حُكْمُهُ وَكَذَا شَهْرُ رَمَضَانَ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الصَّوْمِ وَيَتَأَخَّرُ الْوُجُوبُ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا إعْتَاقُ الصَّبِيِّ وَطَلَاقُهُ وَهِبَتُهُ وَبَيْعُهُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ حَيْثُ لَا تَجُوزُ لَوْ أَجَازَهَا الْوَلِيُّ أَوْ هُوَ بِنَفْسِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ لَا مُجِيزَ لَهَا حَالَ وُقُوعِهَا لِتَمَحُّضِهَا ضَرَرًا عَلَيْهِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهَا فَبَطَلَتْ فَبَعْدَ ذَلِكَ لَا تَعُودُ صَحِيحَةً لَوْ بَاشَرَ الصَّبِيُّ عَقْدًا يَمْلِكُهُ عَلَيْهِ الْوَلِيُّ كَالنِّكَاحِ وَالْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ غَبْنٍ تَوَقَّفَ حَتَّى لَوْ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ أَوْ هُوَ بَعْدَ بُلُوغِهِ جَازَ فَإِنْ قِيلَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ أَيْ مَا لَا يَمْلِكُهُ كَمَا نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَعَنْ بَيْعِ الْآبِقِ، ثُمَّ إذَا بَاعَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ الْآبِقَ لَا يَجُوزُ لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ فِيهِ فَكَذَا هَذَا بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْآبِقَ وَالْمَبِيعَ مِلْكُهُ وَهُوَ مَعَ هَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فَعِنْدَ عَدَمِ الْمِلْكِ أَوْلَى قُلْنَا: كَلَامُنَا فِي انْعِقَادِ الْعَقْدِ وَبَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَنْعَقِدُ عِنْدَنَا وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا وَكَذَا الْآبِقُ فِي رِوَايَةٍ حَتَّى لَوْ سَلَّمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ صَحَّ فَلَا يَلْزَمُنَا وَالْمُرَادُ بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا لَا يَمْلِكُهُ، ثُمَّ يَشْتَرِيهِ وَيُسَلِّمُهُ بِدَلِيلِ قِصَّةِ الْحَدِيثِ فَإِنَّ «حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيَنِي فَيَطْلُبُ مِنِّي سِلْعَةً لَيْسَتْ عِنْدِي فَأَبِيعُهَا مِنْهُ، ثُمَّ أَدْخُلُ السُّوقَ فَأَشْتَرِيهَا فَأُسَلِّمَهَا إلَيْهِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَك» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَأَحْمَدُ وَإِنَّمَا شُرِطَ لِصِحَّةِ الْإِجَازَةِ بَقَاءُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَالْمَعْقُودِ لَهُ وَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ تَصَرُّفٌ فِي الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ قِيَامِهِ وَذَلِكَ بِقِيَامِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الثَّمَنِ إلَّا إذَا كَانَ عَرَضًا؛ لِأَنَّ الْعَرَضَ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَصَارَ كَالْبَيْعِ فَيُشْتَرَطُ بَقَاؤُهُ وَإِذَا أَجَازَهُ الْمَالِكُ كَانَ الثَّمَنُ مَمْلُوكًا لَهُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْفُضُولِيِّ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ حَتَّى لَا يَضْمَنُ بِالْهَلَاكِ فِي يَدِهِ سَوَاءٌ هَلَكَ بَعْدَ الْإِجَازَةِ أَوْ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ اللَّاحِقَةَ كَالْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ.
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ: قُلْنَا: لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ تَرَتُّبِهِ فِي الْحَالِ عَدَمُهُ مُطْلَقًا بَلْ هُوَ مَرْجُوٌّ فَلَا يَلْزَمُ عَدَمُهُ وَكَوْنُ مُتَعَلِّقِ الْعَقْدِ مَرْجُوًّا كَافٍ فِي صِحَّةِ التَّصَرُّفِ وَعَنْ هَذَا صَحَّ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ بِالشَّرْطِ وَإِلَّا فَلَا وُقُوعَ فِي الْحَالِ وَلَا يُقْطَعُ بِوُقُوعِهِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُلْغَى لَكِنْ لَمَّا كَانَ بِحَيْثُ يُرْجَى صَحَّ وَانْعَقَدَ سَبَبًا فِي الْحَالِ مُضَافًا أَوْ عِنْدَ الشَّرْطِ كَقَوْلِنَا هَذَا. اهـ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ إنَّمَا يَلْغُو إلَخْ) إذَا أُجِيزَ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ يَسْتَحِقُّ الْمُشْتَرِي الزَّوَائِدَ الْمُنْفَصِلَةَ وَالْمُتَّصِلَةَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَدَّى الْغَاصِبُ الضَّمَانَ حَيْثُ يَمْلِكُ الْمُتَّصِلَةَ لَا الْمُنْفَصِلَةَ. اهـ. كَمَالٌ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا إعْتَاقُ الصَّبِيِّ وَطَلَاقُهُ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ: وَعَدَمُ تَوَقُّفِ طَلَاقِ الصَّبِيِّ وَلَوْ بِمَالٍ لِحَقِّ الشَّرْعِ فَإِنَّهُ أَنْزَلَهُ كَالْمَجْنُونِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ أَهْلًا إذْ صَحَّ تَوْكِيلُهُ بِذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ وَطَلَاقُ الْمَرْأَةِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ فَإِنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ شُرِعَ لِلتَّرَاحُمِ وَالتَّعَاوُنِ وَانْتِظَامِ الْمَصَالِحِ فَلِذَا لَمْ يَتَوَقَّفْ ذَلِكَ مِنْهُ لَا عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ وَلَا عَلَى إجَازَتِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى أَوْ تَزَوَّجَ أَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ فَإِنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ تَتَوَقَّفُ مِنْهُ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ وَإِجَازَتِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ اهـ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: إذَا بِيعَ مَتَاعُ إنْسَانٍ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يَنْظُرُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ يَحْتَمِلُ الرِّضَا وَيَحْتَمِلُ السُّخْطَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: سُكُوتُهُ يَكُونُ إجَازَةً قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي مَسَائِلَ آخِرَ الْكِتَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ بَاعَ عَقَارًا إلَخْ اهـ (فَرْعٌ) رَجُلٌ بَاعَ جَارِيَةً بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى وَزَوَّجَهَا رَجُلًا آخَرَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى وَأَعْتَقَهَا فُضُولِيٌّ فَأَخْبَرَ الْمَوْلَى قَالَ: أَجَزْت جَمِيعَ ذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ الْمَوْلَى أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ رحمه الله: نَفَذَ الْعِتْقُ وَيَبْطُلُ مَا سِوَاهُ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا شُرِطَ لِصِحَّةِ الْإِجَازَةِ بَقَاءُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَالْمَعْقُودِ لَهُ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ وَفِي الْإِيضَاحِ عَقْدُ الْفُضُولِيِّ فِي حَقِّ وَصْفِ الْجَوَازِ مَوْقُوفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ فَأَخَذَتْ الْإِجَازَةُ حُكْمَ الْإِنْشَاءِ وَلَا بُدَّ فِي الْإِنْشَاءِ مِنْ قِيَامِ الْأَرْبَعَةِ وَبِالتَّفْصِيلِ شُرِطَ بَقَاءُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَنْتَقِلْ فِيهِ وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ بَعْدَ الْإِجَازَةِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْتَقِلَ بَعْدَ الْهَلَاكِ وَالْمُشْتَرِي لِيَلْزَمَهُ الثَّمَنُ وَبَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَلْزَمُهُ مَا لَمْ يَكُنْ لَزِمَهُ حَالَ أَهْلِيَّتِهِ وَالْبَائِعُ؛ لِأَنَّهُ تَلْزَمُهُ حُقُوقُ الْعَقْدِ بِالْإِجَازَةِ وَلَا تَلْزَمُ إلَّا حَيًّا وَالْمَالِكُ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ تَكُونُ مِنْهُ لَا مِنْ وَارِثِهِ اهـ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الثَّمَنِ إلَّا إذَا كَانَ عَرَضًا) فَحِينَئِذٍ يُشْتَرَطُ بَقَاءُ خَمْسَةٍ الْأَرْبَعَةُ السَّابِقَةُ وَالْخَامِسُ قِيَامُ الْعَرَضِ. اهـ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ اللَّاحِقَةَ كَالْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ صَارَ بِهَا تَصَرُّفُهُ نَافِذًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الْفُضُولِيِّ إذَا أَجَازَ الْمَالِكُ لَا يَنْفُذُ بَلْ يَبْطُلُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَهَذَا بِسَبَبِ أَنَّ الْمِلْكَ الْبَاتَّ إذَا طَرَأَ عَلَى الْمَوْقُوفِ وَهُوَ مِلْكُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْفُضُولِيِّ يَبْطُلُ الْمَوْقُوفُ وَلِهَذَا لَوْ تَزَوَّجَتْ أَمَةٌ وَطِئَهَا مَوْلَاهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَمَاتَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ تَوَقَّفَ النِّكَاحُ عَلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَطْرَأْ مِلْكٌ بَاتٌّ لِلْوَارِثِ فِي الْبُضْعِ فَيَبْطُلُ وَهَذَا يُوجِبُ تَقْيِيدَ الْوَارِثِ بِكَوْنِهِ مِنْ الْوِلَادِ بِخِلَافِ نَحْوِ ابْنِ الْعَمِّ. اهـ. كَمَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَلِلْفُضُولِيِّ أَنْ يَفْسَخَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ دَفْعًا لِلُحُوقِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْفُضُولِيِّ فِي النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ مُعَبِّرٌ مَحْضٌ فَلَا تَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَيْهِ وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِي النِّكَاحِ بَقَاءُ الْعَاقِدِ الْفُضُولِيِّ عِنْدَ الْإِجَازَةِ حَتَّى لَوْ أَجَازَهُ بَعْدَمَا هَلَكَ الْعَاقِدُ جَازَ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الثَّمَنَ يَكُونُ لِلْمَالِكِ فِيمَا إذَا كَانَ دَيْنًا وَإِنْ كَانَ عَرَضًا مُعَيَّنًا كَانَ الثَّمَنُ الْعَرَضُ لِلْفُضُولِيِّ مِلْكًا لَهُ وَإِجَازَةُ الْمَالِكِ إجَازَةُ نَقْدٍ لَا إجَازَةُ عَقْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْعَرَضُ مُتَعَيِّنًا كَانَ شِرَاءً مِنْ وَجْهٍ وَالشِّرَاءُ لَا يَتَوَقَّفُ بَلْ يَنْفُذُ عَلَى الْمُبَاشِرِ إنْ وَجَدَ نَفَاذًا فَيَكُونُ مَالِكًا لَهُ وَبِإِجَازَةِ الْمَالِكِ لَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِ بَلْ تَأْثِيرُ إجَازَتِهِ فِي النَّقْدِ لَا فِي الْعَقْدِ، ثُمَّ يَجِبُ عَلَى الْفُضُولِيِّ مِثْلُ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَارَ الْبَدَلُ لَهُ صَارَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ بِمَالِ الْغَيْرِ مُسْتَقْرِضًا لَهُ فِي ضِمْنِ الشِّرَاءِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ كَمَا لَوْ قَضَى دَيْنَهُ بِمَالِ الْغَيْرِ وَاسْتِقْرَاضُ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ جَائِزٌ ضِمْنًا وَإِنْ لَمْ يَجُزْ قَصْدًا أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى عَبْدِ الْغَيْرِ صَحَّ وَتَجِبُ قِيمَتُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ عَلَى الْعَبْدِ مَشْرُوعٌ فَيَنْفُذُ وَمِنْ ضَرُورَتِهِ يَصِيرُ قَرْضًا فَكَذَا هُنَا وَاعْتِبَارُ جَانِبِ الشِّرَاءِ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ جَانِبِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ يُوَافِقُ الْأَصْلَ لِنَفَاذِ تَصَرُّفِ الْعَاقِلِ عَلَيْهِ وَاعْتِبَارُ جَانِبِ الْبَيْعِ يَقْتَضِي التَّوَقُّفَ عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ وَلَا يُقَالُ لَوْ كَانَ شِرَاءً لَمَا مَلَكَهُ.
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ وَلِلْفُضُولِيِّ أَنْ يَفْسَخَ) قَالَ الْكَمَالُ وَلِلْفُضُولِيِّ أَيْ فِي الْبَيْعِ أَنْ يَفْسَخَ إجَازَةَ الْمَالِكِ حَتَّى لَوْ أَجَازَهُ لَا يَنْفُذُ لِزَوَالِ الْعَقْدِ الْمَوْقُوفِ وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ لِيَدْفَعَ الْحُقُوقَ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ بَعْدَ الْإِجَازَةِ يَصِيرُ كَالْوَكِيلِ فَتَرْجِعُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَيْهِ فَيُطَالَبُ بِالتَّسْلِيمِ وَيُخَاصَمُ فِي الْعَيْبِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِهِ فَلَهُ دَفْعُهُ عَنْ نَفْسِهِ قَبْلَ ثُبُوتِهِ عَلَيْهِ اهـ وَقَوْلُهُ وَلِلْفُضُولِيِّ أَنْ يَفْسَخَ إلَخْ وَكَذَا لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ أَنْ يَفْسَخَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ. اهـ. مَبْسُوطٌ بِمَعْنَاهُ. اهـ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْفُضُولِيِّ فِي النِّكَاحِ) قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله بِخِلَافِ الْفُضُولِيِّ فِي النِّكَاحِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ بِالْقَوْلِ وَلَا بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ مُعَبِّرٌ مَحْضٌ أَيْ كَنَاقِلِ عِبَارَةٍ فَبِالْإِجَازَةِ تَنْتَقِلُ الْعِبَارَةُ إلَى الْمَالِكِ فَتَصِيرُ الْحُقُوقُ مَنُوطَةً بِهِ لَا بِالْفُضُولِيِّ فَلَا يَلْزَمُهُ بِالْإِجَازَةِ ضَرَرُ تَعَلُّقِ الْحُقُوقِ وَقَدْ ثَبَتَ لِلْمَالِكِ وَالْوَلِيِّ حَقُّ أَنْ يُجِيزَ وَكَذَا بِالْفِعْلِ كَأَنْ زَوَّجَ امْرَأَةً بِرِضَاهَا مِنْ غَائِبٍ فَقَبْلَ أَنْ يُجِيزَ زَوَّجَهُ أُخْتَهَا تَوَقَّفَ الْعَقْدُ الثَّانِي أَيْضًا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَكَّلَهُ بَعْدَ عَقْدِهِ فُضُولًا أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَزَوَّجَهُ أُخْتَهَا فَإِنَّ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ يَبْطُلُ لِطُرُوءِ الْبَاتِّ عَلَى الْمَوْقُوفِ اهـ.
وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَفِي بَابِ النِّكَاحِ: لَوْ أَنَّ فُضُولِيًّا خَطَبَ امْرَأَةً لِرَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ فَإِنَّ النِّكَاحَ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَتِهِ فَإِنْ فَسَخَ هَذَا الْفُضُولِيُّ النِّكَاحَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَفَسْخُهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ لَا تَنْصَرِفُ إلَيْهِ وَهُوَ فِيهِ مُعَبِّرٌ فَإِذَا عَبَّرَ فَقَدْ انْتَهَى فَصَارَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ فَسَخَتْ الْمَرْأَةُ النِّكَاحَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ انْفَسَخَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِجَازَةُ الْمَالِكِ إلَخْ) أَيْ الْإِجَازَةُ مِنْ الْمَالِكِ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَرَضًا إجَازَةُ نَقْدٍ أَيْ إجَازَةُ أَنْ يَنْقُدَ الْفُضُولِيُّ ثَمَنَ الْعَرَضِ مِنْ مَالِ الْمَالِكِ لَا إجَازَةُ عَقْدٍ مَوْقُوفٍ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ عَلَى الْفُضُولِيِّ نَافِذٌ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ شِرَاءً فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إجَازَةِ الْعَقْدِ قَالَهُ الْأَتْقَانِيُّ وَقَالَ الْكَمَالُ: فَإِنْ كَانَ أَيْ الثَّمَنُ عَيْنًا بِأَنْ بَاعَ الْفُضُولِيُّ مِلْكَ غَيْرِهِ بِعَرَضٍ مُعَيَّنٍ بَيْعَ مُقَابَضَةٍ اُشْتُرِطَ قِيَامُ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَخَامِسٌ وَهُوَ ذَلِكَ الثَّمَنُ الْعَرَضُ وَإِذَا أَجَازَ مَالِكُ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنُ عَرَضٌ فَالْفُضُولِيُّ يَكُونُ بِبَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ مُشْتَرِيًا لِلْعَرَضِ مِنْ وَجْهٍ وَالشِّرَاءُ لَا يَتَوَقَّفُ إلَّا إذَا وَجَدَ نَفَاذًا فَيَنْفُذُ عَلَى الْفُضُولِيِّ فَيَصِيرُ مَالِكًا لِلْعَرَضِ وَاَلَّذِي تُفِيدُهُ الْإِجَازَةُ أَنَّهُ أَجَازَ لِلْفُضُولِيِّ أَنْ يَنْقُدَ ثَمَنَ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ الْعَرَضِ مِنْ مَالِهِ كَأَنَّهُ قَالَ: اشْتَرِ هَذَا الْعَرَضَ لِنَفْسِك وَانْقُدْ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِي هَذَا قَرْضًا عَلَيْك فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ.
وَإِنْ كَانَ قِيَمِيًّا كَثَوْبٍ أَوْ جَارِيَةٍ يَصِيرُ مُسْتَقْرِضًا لِلْجَارِيَةِ أَوْ الثَّوْبِ وَالْقَرْضُ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ فِي الْقِيَمِيَّاتِ، لَكِنَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ قَصْدًا وَهُنَا إنَّمَا يَثْبُتُ ضِمْنًا مُقْتَضًى لِصِحَّةِ الشِّرَاءِ فَتُرَاعَى فِيهِ شَرَائِطُ صِحَّةِ الْمُقْتَضِي وَهُوَ الشِّرَاءُ لَا غَيْرَ كَالْكَفِيلِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ إذَا أَدَّاهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَصِيرُ مُقْرِضًا حَتَّى رَجَعَ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ ثَوْبًا؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ مِثْلِيٌّ فِي بَابِ السَّلَمِ فَكَذَا فِيمَا جُعِلَ تَبَعًا لَهُ فَكَذَا هَهُنَا إذْ لَا صِحَّةَ لِشِرَاءِ الْعَبْدِ إلَّا بِقَرْضِ الْجَارِيَةِ وَالشِّرَاءُ مَشْرُوعٌ فَمَا فِي ضِمْنِهِ يَكُونُ مَشْرُوعًا هَذَا وَإِنَّمَا يَنْفُذُ الشِّرَاءُ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا لَمْ يُضِفْهُ إلَى آخَرَ وَوَجَدَ الشِّرَاءُ النَّفَاذَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُسْبَقْ بِتَوْكِيلٍ لِلْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ فَأَمَّا إنْ كَانَ كَذَلِكَ فَالشِّرَاءُ يَتَوَقَّفُ وَفِي الْوَكَالَةِ يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَإِنَّهُ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ لِرَجُلٍ شَيْئًا بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَانَ مَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ أَجَازَهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ لَهُ أَوْ لَمْ يُجِزْهُ أَمَّا إذَا أَضَافَهُ إلَى آخَرَ بِأَنْ قَالَ لِلْبَائِعِ: بِعْ عَبْدَك مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا فَقَالَ: بِعْتُ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي هَذَا الْبَيْعَ لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَاعْتِبَارُ جَانِبِ الشِّرَاءِ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ جَانِبِ الْبَيْعِ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى الشِّرَاءِ فَنَقُولُ فِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا فَإِنْ قَالَ الْفُضُولِيُّ: بِعْ هَذَا الْعَيْنَ لِفُلَانٍ فَقَالَ الْمَالِكُ: بِعْت وَقَالَ الْفُضُولِيُّ: اشْتَرَيْت لِأَجْلِهِ أَوْ قَالَ الْمَالِكُ ابْتِدَاءً: بِعْت هَذَا الْعَيْنَ لِفُلَانٍ وَقَالَ الْفُضُولِيُّ: قَبِلْت لِأَجْلِهِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ أَمَّا إذَا قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الْعَيْنَ لِأَجْلِ فُلَانٍ فَقَالَ الْمَالِكُ: بِعْت أَوْ قَالَ الْمَالِكُ: بِعْت مِنْك هَذَا الْعَيْنَ لِأَجْلِ فُلَانٍ فَقَالَ: اشْتَرَيْت فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ فُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ نَفَاذًا عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ أُضِيفَ إلَيْهِ ظَاهِرًا وَلَا حَاجَةَ بِنَا إلَى إيقَافِهِ عَلَى رِضَا الْغَيْرِ وَقَوْلُهُ لِأَجْلِ فُلَانٍ مُحْتَمِلٌ لِأَجْلِ رِضَاهُ وَشَفَاعَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا عَلَى غَيْرِ الْمَالِكِ وَلَمْ يَنْفُذْ فِي حَقِّ الْبَائِعِ فَاحْتِيجَ إلَى إيقَافِهِ عَلَى رِضَا الْغَيْرِ اهـ قَالَ الْكَمَالُ: وَأَمَّا الْقِيَاسُ عَلَى الْفُضُولِيِّ فَفِي شِرَاءِ الْفُضُولِيِّ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَطَرِيقَةُ الْخِلَافِ وَهُوَ أَنَّ الْفُضُولِيَّ لَوْ قَالَ: بِعْ هَذَا الْعَيْنَ لِفُلَانٍ إلَى آخَرَ مَا ذَكَرَهُ الْأَتْقَانِيُّ اهـ وَقَوْلُهُ وَاعْتِبَارُ جَانِبِ الشِّرَاءِ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ جَانِبِ الْبَيْعِ إلَخْ جَوَابٌ.