المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[السلم والاستصناع في الخف والطست والقمقم] - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٤

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْبُيُوعِ)

- ‌[فَصْلٌ يَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالْمَفَاتِيحُ فِي بَيْعِ الدَّارِ وَالشَّجَرُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ]

- ‌بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ

- ‌(بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ)

- ‌(بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ)

- ‌(بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ)

- ‌(فَصْلٌ) (قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِأَمْرِ الْبَائِعِ وَكُلٌّ مِنْ عِوَضَيْهِ مَالٌ

- ‌(بَابُ الْإِقَالَةِ)

- ‌[بَابُ التَّوْلِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ بَيْعُ الْعَقَارِ قَبْلَ قَبْضِهِ]

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌ بَيْعُ الْحَفْنَةِ بِالْحَفْنَتَيْنِ وَالتُّفَّاحَةِ بِالتُّفَّاحَتَيْنِ

- ‌[وَيُعْتَبَرُ التَّعْيِينُ دُونَ التَّقَابُضِ فِي غَيْرِ الصَّرْفِ فِي الرِّبَا]

- ‌ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ

- ‌[بَيْع الْخَبَز بالبر أَوْ الدَّقِيق متفاضلا]

- ‌لَا رِبَا بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ)

- ‌بَابُ الْحُقُوقِ

- ‌[لَا ربا بَيْن الْحَرْبِيّ والمسلم فِي دَار الْحَرْب]

- ‌[الظُّلَّةُ هَلْ تدخل فِي بَيْعِ الدَّارِ]

- ‌بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌(مَبِيعَةٌ وَلَدَتْ فَاسْتُحِقَّتْ بِبَيِّنَةٍ

- ‌[قَالَ عَبْد لمشتر اشتريني فَأَنَا حُرّ فاشتراه فَإِذَا هُوَ عَبْد]

- ‌ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ

- ‌[ادَّعَى حقا مَجْهُولًا فِي دَار فصولح عَلَى مَاله]

- ‌ عِتْقُ مُشْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ بِإِجَازَةِ بَيْعِهِ

- ‌[أرش الْعَبْد إذَا قَطَعَتْ يَده عِنْد الْمُشْتَرِي]

- ‌ بَاعَ دَارَ غَيْرِهِ فَأَدْخَلَهَا الْمُشْتَرِي فِي بِنَائِهِ

- ‌(بَابُ السَّلَمِ)

- ‌[مَا يَجُوز السَّلَم فِيهِ وَمَا لَا يَجُوز]

- ‌[ بَيَان شَرْط السَّلَم]

- ‌[السَّلَم والاستصناع فِي الْخَفّ والطست والقمقم]

- ‌(بَابُ الْمُتَفَرِّقَاتِ)

- ‌[حُكْم بَيْع الْكَلْب]

- ‌ اشْتَرَى عَبْدًا فَغَابَ فَبَرْهَنَ الْبَائِعُ عَلَى بَيْعِهِ وَغَيْبَتُهُ

- ‌[أفرخ طير أَوْ باض فِي أَرْض رَجُل]

- ‌(مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ

- ‌مَا لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ

- ‌(كِتَابُ الصَّرْفِ)

- ‌ التَّصَرُّفُ فِي ثَمَنِ الصَّرْفِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌ اشْتَرَى شَيْئًا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ فُلُوسٍ

- ‌(كِتَابُ الْكَفَالَةِ)

- ‌[ الْكِفَالَة بِالنَّفْسِ وَإِنَّ تَعَدَّدَتْ]

- ‌[ تَبْطُلُ الْكِفَالَة بموت الْمَطْلُوب والكفيل]

- ‌ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِهُبُوبِ الرِّيحِ

- ‌ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ)

- ‌ الْكَفَالَةُ بِاسْتِيفَاءِ الْحَدِّ، أَوْ الْقِصَاصِ

- ‌[الْكِفَالَة عَنْ مَيِّت مُفْلِس]

- ‌[فَصْلٌ أَعْطَى الْمَطْلُوبُ الْكَفِيلَ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ]

- ‌{بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ}

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌[مَا تَصِحّ فِيهِ الْحَوَالَةِ]

- ‌ طَلَبَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الْمُحِيلَ بِمَا أَحَالَ

- ‌(كِتَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌ تَقَلُّدُ الْقَضَاءِ مِنْ السُّلْطَانِ

- ‌(فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ)

- ‌[بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَغَيْرِهِ]

- ‌ الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ

- ‌[الْقَضَاء عَلَى غَائِب]

- ‌[بَابُ التَّحْكِيمِ]

- ‌[ إقراض الْقَاضِي مَال الْيَتِيم]

- ‌(بَابُ مَسَائِلَ شَتَّى)

- ‌ أَرَادَ صَاحِبُ الْعُلْوِ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى الْعُلْوِ بَيْتًا

- ‌ قَالَ لِآخَرَ اشْتَرَيْتُ مِنِّي هَذِهِ الْأَمَةَ فَأَنْكَرَ

- ‌يَبْطُلُ الصَّكُّ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ)

- ‌ مَاتَ ذِمِّيٌّ فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ أَسْلَمْتُ

- ‌[قَالَ مالي وَمَا أملك فِي الْمَسَاكِين صَدَقَة]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَةِ]

- ‌[شُرُوط الشُّهُود فِي الزِّنَا]

- ‌[مَا يَشْتَرِط للشهادة فِي ثُبُوت الْوِلَادَة والبكارة وَعُيُوب النِّسَاء]

- ‌(بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ)

- ‌(بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ)

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ)

- ‌(كِتَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ)

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ]

- ‌(بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ)

- ‌(كِتَابُ الدَّعْوَى)

- ‌(بَابُ التَّحَالُفِ)

- ‌[فَصْلٌ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الشَّيْءُ أَوْدَعَنِيهِ أَوْ آجَرَنِيهِ أَوْ أَعَارَنِيهِ]

- ‌(بَابُ مَا يَدَّعِيهِ الرَّجُلَانِ)

- ‌(بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ)

الفصل: ‌[السلم والاستصناع في الخف والطست والقمقم]

الْوَصْفِ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ فِيهِ قَطْعِيٌّ فَيُعْتَبَرُ إنْكَارُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَعَنِّتٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَفْعَهُ بِسُقُوطِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَنْهُ وَرَدِّ رَأْسُ الْمَالِ بِخِلَافِ إنْكَارِ رَبِّ الْمُسْلَمِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَنِّتٌ حَيْثُ يُنْكِرُ وُجُوبَ حَقِّهِ وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ عَادَةً وَإِذَا جُعِلَ الْقَوْلُ لِرَبِّ السَّلَمِ يَرْجِعُ فِي مِقْدَارِ الْأَجَلِ إلَيْهِ أَيْضًا وَفِي عَكْسِهِ بِأَنْ ادَّعَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الْأَجَلَ وَأَنْكَرَهُ رَبُّ السَّلَمِ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا الْقَوْلُ لِرَبِّ السَّلَمِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ حَقًّا عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَجَلُ فَكَانَ الْقَوْلُ لَهُ.

وَإِنْ أَنْكَرَ الصِّحَّةَ كَرَبِّ الْمَالِ يَقُولُ لِلْمُضَارِبِ: شَرَطْت لَك نِصْفَ الرِّبْحِ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَقَالَ الْمُضَارِبُ: شَرَطْت لِي نِصْفَ الرِّبْحِ وَلَمْ تَزِدْ كَانَ الْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَسَادُ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِاسْتِحْقَاقِ الرِّبْحِ عَلَيْهِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى عَقْدِ السَّلَمِ وَاتِّفَاقُهُمَا عَلَى الْعَقْدِ اتِّفَاقٌ عَلَى شَرَائِطِهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الشَّيْءِ تَبَعٌ لَهُ وَثُبُوتُهُ بِثُبُوتِ الْأَصْلِ فَإِنْكَارُهُ الْأَجَلَ بَعْدَ ذَلِكَ رُجُوعٌ مِنْهُ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ فَلَا يُقْبَلُ كَالْمُتَنَاكِحِينَ إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا النِّكَاحَ بِغَيْرِ شُهُودٍ وَالْآخَرُ بِشُهُودٍ كَانَ الْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِي النِّكَاحَ بِالشُّهُودِ بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى عَقْدٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ إذَا صَحَّتْ تَكُونُ شَرِكَةً فِي الرِّبْحِ وَإِذَا فَسَدَتْ تَكُونُ إجَارَةً وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى عَقْدٍ وَاحِدٍ فَالْمُضَارَبَةُ غَيْرُ لَازِمَةٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ فَسْخِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَيَرْتَفِعُ بِاخْتِلَافِهِمَا فَإِذَا ارْتَفَعَ بِالْإِنْكَارِ بَقِيَ مُجَرَّدُ دَعْوَى الْمُضَارِبِ فِي مَالِ رَبِّ الْمَالِ فَكَانَ الْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ وَهُوَ رَبُّ الْمَالِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ الزَّوْجُ لِامْرَأَتِهِ: تَزَوَّجْتُك وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ وَقَالَتْ هِيَ: تَزَوَّجْتَنِي وَأَنَا بَالِغَةٌ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَسَادُ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِالْعَقْدِ بَلْ أَنْكَرَهُ حَيْثُ أَسْنَدَهُ إلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لِلصِّحَّةِ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ.

قَالَ رحمه الله (وَصَحَّ السَّلَمُ وَالِاسْتِصْنَاعُ فِي نَحْوِ خُفٍّ وَطَسْتٍ وَقُمْقُمٍ) أَمَّا السَّلَمُ فَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ ضَبْطُ صِفَتِهِ وَمَعْرِفَةُ قَدْرِهِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِجَوَازِهِ إذَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ شَرَائِطُهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ وَأَمَّا الِاسْتِصْنَاعُ فَلِلْإِجْمَاعِ الثَّابِتِ بِالتَّعَامُلِ مِنْ لَدُنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَى يَوْمِنَا هَذَا وَهُوَ مِنْ أَقْوَى الْحُجَجِ وَقَدْ اسْتَصْنَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَاتَمًا وَمِنْبَرًا وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «مَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ» وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ الْمَعْدُومِ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَلَكِنْ تُرِكَ الْعَمَلُ بِهِ بِمَا ذَكَرْنَا وَالْقِيَاسُ يُتْرَكُ بِمِثْلِهِ كَدُخُولِ الْحَمَّامِ وَالِاحْتِجَامِ بِأُجْرَةٍ وَطَلَبِ شَرْبَةِ مَاءٍ مِنْ السَّقَّاءِ بِفَلْسٍ كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِلتَّعَامُلِ وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ يَأْبَاهُ لِلْجَهَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ كَمْ قَدْرَ مَا يَقْعُدُ فِي الْحَمَّامِ وَكَمْ قَدْرُ مَا يَسْتَعْمِلُ أَوْ يَشْرَبُ مِنْ الْمَاءِ وَكَمْ قَدْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْ الدَّمِ إذْ لَا يُعْتَبَرُ الْقِيَاسُ بِمُقَابَلَةِ الْإِجْمَاعِ أَوْ النَّصِّ وَقَدْ قَالَ عليه السلام: «لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى الضَّلَالَةِ» وَلَا يُشْكِلُ هَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمُزَارَعَةِ فَإِنَّ التَّعَامُلَ فِيهِ مَوْجُودٌ وَمَعَ هَذَا لَمْ يَأْخُذْ بِهِ وَأَخَذَ بِالْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهَا كَانَ مَوْجُودًا فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَجْزِ التَّعَامُلُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ، ثُمَّ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا جَرَى فِيهِ تَعَامُلٌ وَمَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ لَا يَجُوزُ الِاسْتِصْنَاعُ فِيهِ وَيَكُونُ سَلَمًا إذَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ شَرَائِطُهُ، ثُمَّ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ الِاسْتِصْنَاعَ يَجُوزُ بَيْعًا وَقَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ: إنَّهُ وَعْدٌ وَلَيْسَ بِبَيْعٍ وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا إذَا أَتَى بِهِ مَفْرُوغًا بِالتَّعَاطِي وَلِهَذَا يَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَجْهُ قَوْلِ الْجُمْهُورِ إنَّ مُحَمَّدًا رحمه الله سَمَّاهُ شِرَاءً وَذَكَرَ فِيهِ الْقِيَاسَ وَالِاسْتِحْسَانَ وَفَصَلَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

الْمَطْلُوبُ: كَانَ شَهْرًا وَلَمْ يَمْضِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَطْلُوبِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ تَوَجَّهَ الْمُطَالَبَةِ فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ يُقْضَى بِبَيِّنَةِ الْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ زِيَادَةَ الْأَجَلِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَيُنْظَرُ فِي الدَّعْوَى عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ فِي هَذَا الْمُجَرَّدِ قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله: وَالِاخْتِلَافُ فِي مِقْدَارِ الْأَجَلِ لَا يُوجِبُ التَّحَالُفَ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلَا فِي بَدَلِهِ بِخِلَافِ الِاخْتِلَافِ فِي الصِّفَةِ يَعْنِي أَنَّهُ مَا هُوَ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ جَارٍ مَجْرَى الْأَصْلِ وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا شُرِطَ فِي السَّلَمِ الثَّوْبُ الْجَيِّدُ فَجَاءَ بِثَوْبٍ وَادَّعَى أَنَّهُ جَيِّدٌ وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ فَالْقَاضِي يُرِي اثْنَيْنِ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الصَّنْعَةِ وَهَذَا أَحْوَطُ وَالْوَاحِدُ يَكْفِي فَإِنْ قَالَا: جَيِّدٌ أُجْبِرَ عَلَى الْقَبُولِ اهـ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ حَقًّا عَلَيْهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ رَبَّ السَّلَمِ يُنْكِرُ حَقًّا عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ الْأَجَلُ فَلَمْ يَكُنْ مُتَعَنِّتًا اهـ (قَوْلُهُ شَرَطْت لَك نِصْفَ الرِّبْحِ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ) وَفِي الْهِدَايَةِ نِصْفَ الرِّبْحِ وَزِيَادَةَ عَشَرَةٍ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْرِيرِهِ كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَثُبُوتُهُ) أَيْ ثُبُوتُ الشَّيْءِ الْمَشْرُوطِ هُنَا. اهـ. .

[السَّلَم والاستصناع فِي الْخَفّ والطست والقمقم]

(قَوْلُهُ وَأَمَّا الِاسْتِصْنَاعُ فَلِلْإِجْمَاعِ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَإِنْ اسْتَصْنَعَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ أَجَلٍ جَازَ اسْتِحْسَانًا قَالَ الْكَمَالُ: الِاسْتِصْنَاعُ طَلَبُ الصَّنْعَةِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ لِصَانِعِ خُفٍّ أَوْ مُكَعِّبٍ أَوْ صَفَّارٍ اصْنَعْ لِي خُفًّا طُولُهُ كَذَا وَسِعَتُهُ كَذَا أَوْ دَسْتًا أَيْ بُرْمَةً يَسَعُ كَذَا وَوَزْنُهُ كَذَا عَلَى هَيْئَةِ كَذَا بِكَذَا وَيُعْطِي الثَّمَنَ الْمُسَمَّى أَوْ لَا يُعْطِي شَيْئًا فَيَعْقِدُ الْآخَرَ مَعَهُ جَازَ اسْتِحْسَانًا تَبَعًا لِلْعَيْنِ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ) أَيْ وَالصَّفَّارُ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ وَصَاحِبُ الْمَنْثُورِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا) أَيْ كَانَ لِلصَّانِعِ أَنْ لَا يَعْمَلَ وَلَا يُجْبَرَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ السَّلَمِ وَلِلْمُسْتَصْنِعِ أَنْ لَا يَقْبَلَ مَا يَأْتِي بِهِ وَيَرْجِعَ عَنْهُ. اهـ. فَتْحٌ قَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى: إذَا اسْتَصْنَعَ لَا يُجْبَرُ الصَّانِعُ عَلَى الْعَمَلِ وَلَا الْمُسْتَصْنِعُ عَلَى إعْطَاءِ الْأَجْرِ وَإِنْ شَرَطَ التَّعْجِيلَ وَإِنْ قَبَضَ الصَّانِعُ الدَّرَاهِمَ مَلَكَهَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْعَمَلُ وَشَبَّهَهَا بِالْبَيْعِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَقْصُودَ عَيْنُ الْمُسْتَصْنَعِ فِيهِ) هَذَا الْمُلْحَقُ لَيْسَ بِثَابِتٍ فِي خَطِّ الشَّارِحِ وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْهُ اهـ.

ص: 123

بَيْنَ مَا فِيهِ تَعَامُلٌ وَمَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ وَأَثْبَتَ فِيهِ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ وَلَوْ قَبَضَ الثَّمَنَ مَلَكَهُ وَالْمُوَاعَدَةُ تَجُوزُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا فِيمَا فِيهِ تَعَامُلٌ وَمَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ وَلَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَلَا يَمْلِكُ بِهِ الْبَدَلَ فِي الْحَالِ فَبَطَلَ مَا قَالَهُ وَالْمَعْدُومُ قَدْ يُعْتَبَرُ مَوْجُودًا حُكْمًا لِلْحَاجَةِ كَطَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَعَكْسُهُ الْمَاءُ الْمُسْتَحَقُّ بِالْعَطَشِ وَقَدْ تَحَقَّقَتْ الْحَاجَةُ هُنَا إذْ كُلُّ وَاحِدٍ لَا يَجِدُ خُفًّا مَصْنُوعًا يُوَافِقُ رِجْلَهُ وَلَا خَاتَمًا يُوَافِقُ أُصْبُعَهُ وَقَدْ يَجُوزُ بَيْعُ الْمَعْدُومِ لِلْحَاجَةِ أَصْلُهُ بَيْعُ الْمَنَافِعِ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ هُوَ الْعَيْنُ دُونَ الْعَمَلِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْبَرْذَعِيِّ: الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ هُوَ الْعَمَلُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِصْنَاعَ اسْتِفْعَالٌ مِنْ الصُّنْعِ وَهُوَ الْعَمَلُ فَتَسْمِيَةُ الْعَقْدِ بِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَالْأَدِيمُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْآلَةِ لِلْعَمَلِ وَلِهَذَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْلَمَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ حَتَّى لَوْ جَاءَ بِهِ مَفْرُوغًا لَا مِنْ صَنْعَتِهِ أَوْ مِنْ صَنْعَتِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَأَخَذَهُ جَازَ وَكَذَا لَوْ عَمِلَ بَعْدَهُ وَبَاعَهُ الصَّانِعُ قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ الْمُسْتَصْنِعُ جَازَ وَلَوْ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْعَمَلَ لَمَا جَازَ هَذَا كُلُّهُ.

وَكَذَا مُحَمَّدٌ رحمه الله قَالَ: إذَا جَاءَ بِهِ مَفْرُوغًا فَلِلْمُسْتَصْنِعِ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ سَمَّاهُ شِرَاءً وَأَثْبَتَ فِيهِ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا فِي الْعَيْنِ وَإِنَّمَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ لِلِاسْتِصْنَاعِ شَبَهًا بِالْإِجَارَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ فِيهِ طَلَبَ الصُّنْعِ فَلِشَبَهِهِ بِالْإِجَارَةِ قُلْنَا: يَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلِشَبَهِهِ بِالْبَيْعِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ أَجْرَيْنَا فِيهِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ وَقِيلَ: يَنْعَقِدُ إجَارَةً ابْتِدَاءً وَبَيْعًا انْتِهَاءً قُبَيْلَ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا بَلْ يُسْتَوْفَى مِنْ تَرِكَتِهِ وَالْإِجَارَةُ لَا يَثْبُتُ فِيهَا مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ فَجَمَعْنَا بَيْنَهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ لِتَعَذُّرِ جَمْعِهِمَا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا قُلْنَا فِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ هِبَةٌ ابْتِدَاءً بَيْعٌ انْتِهَاءً وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْمُسْتَصْنِعَ طَلَبَ مِنْهُ الْعَيْنَ وَالدَّيْنَ فَاعْتُبِرْنَاهُمَا جَمِيعًا تَوْفِيرًا عَلَى الْأَمْرَيْنِ حَظَّهُمَا فَإِنْ قِيلَ: إذَا اعْتَبَرْتُمْ فِيهِ مَعْنَى الْإِجَارَةِ وَمَعْنَى الْبَيْعِ وَجَبَ أَنْ يُجْبَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْمُضِيِّ وَلَا يُخَيَّرُ قُلْنَا: الْإِجَارَةُ تُفْسَخُ بِالْأَعْذَارِ وَهَذَا عُذْرٌ؛ لِأَنَّ الصَّانِعَ يَلْزَمُهُ الضَّرَرُ بِقَطْعِ الصَّرْمِ فَبِاعْتِبَارِهِ كَانَ لِلصَّانِعِ فَسْخُهُ وَكَذَا الْبَيْعُ يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فَبِاعْتِبَارِهِ يَكُونُ لِلْمُسْتَصْنِعِ الْفَسْخُ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ بِالتَّخْيِيرِ وَلِأَنَّ الْجَوَازَ لِلضَّرُورَةِ فَيَظْهَرُ فِي حَقِّهِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي حَقِّ اللُّزُومِ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّهِ.

قَالَ رحمه الله (وَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهُ) أَيْ لِلْمُسْتَصْنِعِ الْخِيَارُ إذَا رَأَى الْمَصْنُوعَ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ بِخِلَافِ السَّلَمِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي إثْبَاتِ الْخِيَارِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ كُلَّمَا رَدَّهُ عَلَيْهِ أَعْطَاهُ غَيْرَهُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُتَعَيِّنٍ إذْ الْمُسْلَمُ فِيهِ دَيْنٌ فِي الذِّمَّةِ فَيَبْقَى فِيهَا حَتَّى يَقْبِضَهُ وَهَذَا يُفِيدُ الْفَسْخَ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِالْإِحْضَارِ وَلَا خِيَارَ لِلصَّانِعِ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ مَا لَمْ يَرَهُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ الضَّرَرُ بِقَطْعِ الصَّرْمِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمَّا الصَّانِعُ فَلِمَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا الْمُسْتَصْنِعُ فَلِأَنَّ فِي إثْبَاتِ الْخِيَارِ لَهُ إضْرَارًا بِالصَّانِعِ فَرُبَّمَا لَا يَرْغَبُ فِيهِ غَيْرُهُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ لِلْمُسْتَصْنِعِ الْخِيَارَ دُونَ الصَّانِعِ؛ لِأَنَّهُ الْمُشْتَرِي لِمَا لَمْ يَرَهُ وَالصَّانِعُ بَائِعٌ قَالَ رحمه الله (وَلِلصَّانِعِ بَيْعُهُ قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ)؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِاخْتِيَارِ الْمُسْتَصْنِعِ وَقَبْلَ أَنْ يَرَاهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ وَإِذَا رَآهُ وَرَضِيَ بِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِحْضَارِ أَسْقَطَ خِيَارَهُ وَلَزِمَ مِنْ جَانِبِهِ فَإِذَا رَضِيَ بِهِ الْمُسْتَصْنِعُ ثَبَتَ اللُّزُومُ فِي حَقِّهِ أَيْضًا.

قَالَ رحمه الله (وَمُؤَجَّلُهُ سَلَمٌ) أَيْ إذَا أُجِّلَ الْمُسْتَصْنَعُ صَارَ سَلَمًا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: إنْ ضَرَبَ الْأَجَلَ فِيمَا فِيهِ تَعَامُلٌ فَهُوَ اسْتِصْنَاعٌ وَإِنْ ضَرَبَ فِيمَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ فَهُوَ سَلَمٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِصْنَاعَ فِيمَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ كَالثِّيَابِ وَنَحْوِهِ لَا يَجُوزُ إجْمَاعًا فَتَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى السَّلَمِ تَحَرِّيًا لِلْجَوَازِ وَأَمَّا فِيمَا فِيهِ تَعَامُلٌ كَالْخَلَفِ وَنَحْوِهِ فَيَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ لَكِنَّ لَفْظَ الِاسْتِصْنَاعِ حَقِيقَةٌ فِيهِ فَكَانَ مُحَافَظَةً قَضِيَّتُهَا أَوْلَى وَيُحْمَلُ الْأَجَلُ عَلَى الِاسْتِعْجَالِ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَكَرَهُ لِلتَّعْجِيلِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلِاسْتِمْهَالِ وَلَفْظُ الِاسْتِصْنَاعِ مُحْكَمٌ فِيهِ فَيُحْمَلُ الْمُحْتَمَلُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الِاسْتِصْنَاعَ عَقْدٌ جَائِزٌ غَيْرُ لَازِمٍ فَبِذِكْرِ الْأَجَلِ لَا يَكُونُ لَازِمًا كَعَقْدِ الشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَلِأَنَّ الْأَجَلَ لِلتَّرْفِيهِ وَتَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ فَلَا يَخْرُجُ بِهِ الْعَقْدُ مِنْ جِنْسٍ إلَى جِنْسٍ آخَرَ وَلَوْ كَانَ الِاسْتِصْنَاعُ بِذِكْرِ الْأَجَلِ يَصِيرُ سَلَمًا لَكَانَ السَّلَمُ بِدُونِ ذِكْرِ الْأَجَلِ اسْتِصْنَاعًا وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِذِكْرِ الْأَجَلِ سَلَمًا لَكَانَ فَاسِدًا؛ لِأَنَّهُ.

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ الصَّرْمُ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالصَّرْمُ بِالْفَتْحِ الْجِلْدُ وَهُوَ مُعَرَّبٌ. اهـ. .

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ) أَيْ فَبِرَدِّهِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ وَيَعُودُ إلَيْهِ رَأْسُ مَالِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ إذَا أُجِّلَ الْمُسْتَصْنَعُ صَارَ سَلَمًا) حَتَّى لَا يَثْبُتَ فِيهِ الْخِيَارُ وَيُشْتَرَطُ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ وَاسْتِقْصَاءُ الْوَصْفِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَهُوَ سَلَمٌ) أَيْ بِلَا خِلَافٍ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

ص: 124