الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْكُمَ بِالْكَلَامِ الْمُتَنَاقِضِ إذْ أَحَدُهُمَا لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَسَقَطَا غَيْرَ أَنَّ الْحُرِّيَّةَ وَالطَّلَاقَ وَالنَّسَبَ مَبْنَاهُ عَلَى الْخَفَاءِ فَيُعْذَرُ فِي التَّنَاقُضِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يَنْبَنِي عَلَى الْعُلُوقِ وَالطَّلَاقُ وَالْحُرِّيَّةُ يَنْفَرِدُ بِهِمَا الزَّوْجُ وَالْمَوْلَى فَيَخْفَى عَلَيْهِمْ.
قَالَ رحمه الله
(مَبِيعَةٌ وَلَدَتْ فَاسْتُحِقَّتْ بِبَيِّنَةٍ
تَبِعَهَا وَلَدُهَا وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِرَجُلٍ لَا) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُطْلَقَةٌ مُبَيِّنَةٌ كَاسْمِهَا فَيَثْبُتُ بِهَا الْمِلْكُ مِنْ الْأَصْلِ وَلِهَذَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ بِالْبَيِّنَةِ، وَالْإِقْرَارُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ يَثْبُتُ بِهِ الْمِلْكُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ ضَرُورَةَ صِحَّةِ الْخَبَرِ وَقَدْ انْدَفَعَتْ الضَّرُورَةُ بِإِثْبَاتِهِ بَعْدَ الِانْفِصَالِ فَلَا يَظْهَرُ الِاسْتِحْقَاقُ فِي حَقِّهِ وَلِهَذَا لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ بِالْإِقْرَارِ؛ وَلِأَنَّ الْمَالِكَ يَقْدِرُ عَلَى إنْشَاءِ الْمِلْكِ لِلْحَالِ فَيُحْمَلُ إقْرَارُهُ بِهِ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الشُّهُودِ فَإِنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى إثْبَاتِ الْمِلْكِ بِشَهَادَتِهِمْ بِهِ لِلْمُسْتَحِقِّ إنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَكُونُ إظْهَارًا لِمِلْكِهِ مِنْ الْأَصْلِ فَيَسْتَحِقُّهُ بِزَوَائِدِهِ، ثُمَّ قِيلَ: يَدْخُلُ الْوَلَدُ فِي الْقَضَاءِ بِالْأُمِّ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهَا فَيُكْتَفَى بِهِ وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ الْقَضَاءُ لَهُ بِالْوَلَدِ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا رحمه الله قَالَ: إذَا قَضَى الْقَاضِي بِالْأَصْلِ وَلَمْ يَعْرِفْ بِالزَّوَائِدِ لَمْ تَدْخُلْ الزَّوَائِدُ تَحْتَ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ وَقْتَ الْقَضَاءِ وَذُكِرَ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ الْوَلَدَ إنَّمَا لَا يَتْبَعُهَا فِي الْإِقْرَارِ إذَا لَمْ يَدَّعِهِ الْمُقَرُّ لَهُ أَمَّا إذَا ادَّعَاهُ كَانَ لَهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَهُ.
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ قَالَ عَبْدٌ لِمُشْتَرٍ: اشْتَرِنِي فَأَنَا عَبْدٌ فَاشْتَرَاهُ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا غَيْبَةً مَعْرُوفَةً فَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ وَإِلَّا رَجَعَ الْمُشْتَرِي.
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
التَّنَاقُضُ دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ قَالَ الْعَيْنِيُّ: كَالْمُكَاتَبِ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ فَالتَّنَاقُضُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى فِي الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ يَجْرِي فِيهِ الْخَفَاءُ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ يَنْفَرِدُ بِهِ الْمَوْلَى فَرُبَّمَا لَا يَعْلَمُ الْعَبْدُ إعْتَاقَهُ، ثُمَّ يَعْلَمُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يَمْنَعُ أَيْضًا دَعْوَى الطَّلَاقِ كَالْمَرْأَةِ إذَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا، ثُمَّ أَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ الْخُلْعِ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا وَلَهَا أَنْ تَسْتَرِدَّ بَدَلَ الْخُلْعِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَنَاقِضَةً لِاسْتِقْلَالِ الزَّوْجِ بِإِيقَاعِ الثَّلَاثِ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهَا عِلْمٌ بِذَلِكَ وَقَاسَ عَلَى هَذَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ مَسْأَلَةً وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى دَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ شُهُودًا فَكَبِرَ الِابْنُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَا صَنَعَ الْأَبُ، ثُمَّ أَنَّ الْأَبَ بَاعَ الدَّارَ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ، ثُمَّ أَنَّ الِابْنَ اسْتَأْجَرَ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ عَلِمَ بِمَا صَنَعَ الْأَبُ فَادَّعَى الدَّارَ عَلَى الْمُشْتَرِي.
قَالَ: إنَّ أَبِي اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ لِي مِنْ نَفْسِهِ فِي صِغَرِي وَهِيَ مِلْكِي وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي إنَّكَ مُتَنَاقِضٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَك الدَّارَ مِنِّي اعْتِرَافٌ مِنْك أَنَّ الدَّارَ لَيْسَتْ لَك فَدَعْوَاك الدَّارَ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ مِنْك تَنَاقُضًا قَالَ: الصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ دَفْعًا لِدَعْوَى الْمُدَّعِي وَإِنْ كَانَ هَذَا تَنَاقُضًا؛ لِأَنَّ هَذَا التَّنَاقُضَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَفَاءِ فَإِنَّ الْأَبَ يَسْتَقِلُّ بِالشِّرَاءِ لِلصَّغِيرِ وَمِنْ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ وَالِابْنُ لَا عِلْمَ لَهُ بِذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَلَا يَمْنَعُ دَعْوَى النَّسَبِ كَالرَّجُلِ بَاعَ عَبْدًا وُلِدَ عِنْدَهُ وَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ، ثُمَّ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ أَنَّهُ ابْنُهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يَنْبَنِي عَلَى الْعُلُوقِ فَيَخْفَى عَلَيْهِ فَيُعْذَرُ فِي التَّنَاقُضِ اهـ مَا قَالَهُ الْعَيْنِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
[مَبِيعَةٌ وَلَدَتْ فَاسْتُحِقَّتْ بِبَيِّنَةٍ]
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ مَبِيعَةٌ وَلَدَتْ فَاسْتُحِقَّتْ) هَذَا هُوَ الثَّابِتُ فِي نُسَخِ الْمَتْنِ وَفِي خَطِّ الشَّارِحِ مَبِيعَةٌ اُسْتُحِقَّتْ اهـ وَقَوْلُهُ وَلَدَتْ أَيْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَا مِنْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِرَجُلٍ لَا) فَلَوْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ بِأَنَّ الْعَبْدَ لِلْمُسْتَحِقِّ يُرِيدُ بِذَلِكَ الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ هَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ يُنْظَرُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ بَاعَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ نَقْلًا عَنْ الزِّيَادَاتِ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُطْلَقَةٌ) أَيْ ثَابِتَةٌ فِي حَقِّ جَمِيعِ النَّاسِ غَيْرُ مُقْتَصِرَةٍ عَلَى الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ اهـ فَتْحٌ (قَوْلُهُ مُبِينَةٌ) أَيْ لِمَا كَانَ ثَابِتًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ قَبْلَ الشَّهَادَةِ بِهِ. اهـ. فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ فَيَثْبُتُ بِهَا الْمِلْكُ مِنْ الْأَصْلِ) قَالَ الْكَمَالُ: فَالْوَلَدُ كَانَ مُتَّصِلًا فِي الزَّمَانِ الَّذِي يَنْسَحِبُ عَلَيْهِ إظْهَارًا لِبَيِّنَةِ الْمِلْكَ فَيَكُونُ لَهُ أَمَّا الْإِقْرَارُ فَحُجَّةٌ قَاصِرَةٌ عَلَى الْمُقِرِّ حَتَّى لَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَلِهَذَا لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِالْإِقْرَارِ وَإِنَّمَا جُعِلَ حُجَّةً لِضَرُورَةِ تَصْحِيحِ خَبَرِهِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِإِثْبَاتِهِ فِي الْحَالِ وَالْوَلَدُ فِي الْحَالِ مُنْفَصِلٌ عَنْهَا وَالْإِقْرَارُ إنَّمَا هُوَ بِهَا فَقَطْ فَلَا يَتَعَدَّى إلَيْهِ وَهَذَا التَّوْجِيهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ ادَّعَاهُ الْمُقَرُّ لَهُ لَا يَكُونُ لَهُ وَذَكَرَ التُّمُرْتَاشِيُّ أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُقَرِّ لَهُ إذَا لَمْ يَدَّعِهِ فَلَوْ ادَّعَاهُ كَانَ لَهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَهُ اهـ مَا قَالَهُ الْكَمَالُ رحمه الله (قَوْلُهُ وَلِهَذَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ) وَتَرْجِعُ الْبَاعَةُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِيمَا إذَا اشْتَرَى وَاحِدٌ مِنْ آخَرَ وَاشْتَرَى مِنْ الْآخَرِ آخَرُ وَهَكَذَا، ثُمَّ ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ يُقْضَى بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ قَضَاءً عَلَى الْكُلِّ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدِهِمْ أَنَّهُ مَلَكَهُ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ صَارُوا مَقْضِيًّا عَلَيْهِمْ بِالْقَضَاءِ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَخِيرِ كَمَا لَوْ ادَّعَتْ عَلَى الْأَخِيرِ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ حَيْثُ يَرْجِعُونَ اهـ فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَلَا يَظْهَرُ الِاسْتِحْقَاقُ فِي حَقِّهِ) أَيْ فِي حَقِّ الْوَلَدِ اهـ.
(قَوْلُهُ، ثُمَّ قِيلَ) أَيْ فِي صُورَةِ الِاسْتِحْقَاقِ اهـ قَالَ الْكَمَالُ: وَإِذَا قُلْنَا إنَّ الْوَلَدَ لِلْمُسْتَحِقِّ بِالْبَيِّنَةِ فَقَضَى الْقَاضِي بِالْأُمِّ هَلْ يَدْخُلُ فِي الْقَضَاءِ فَيَصِيرُ هُوَ مَقْضِيًّا بِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ لَمْ تَدْخُلْ الزَّوَائِدُ تَحْتَ الْحُكْمِ) وَكَذَا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ فِي يَدِ رَجُلٍ آخَرَ غَائِبٍ فَالْقَضَاءُ بِالْأُمِّ لَا يَكُونُ قَضَاءً بِالْوَلَدِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ قَالَ الْكَمَالُ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الزَّوَائِدُ فِي يَدِ غَائِبٍ لَمْ تَدْخُلْ فَحَيْثُ لَمْ يَدْخُلْ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ فِي ضِمْنِ الْقَضَاءِ عَلَى الْحَاضِرِ وَهُوَ أَمْرٌ جَائِزٌ عُرِفَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْقَضَاءُ بِالْوَلَدِ بِخُصُوصِهِ اهـ.
[قَالَ عَبْد لمشتر اشتريني فَأَنَا حُرّ فاشتراه فَإِذَا هُوَ عَبْد]
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَإِنْ قَالَ عَبْدٌ لِمُشْتَرٍ) أَيْ لِرَجُلٍ يَطْلُبُ شِرَاءَ عَبْدٍ. اهـ. (قَوْلُهُ فَأَنَا عَبْدٌ) أَيْ لِفُلَانٍ. اهـ. (قَوْلُهُ فَاشْتَرَاهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى كَلَامِهِ اهـ (قَوْلُهُ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ) أَيْ بِبَيِّنَةٍ أَقَامَهَا اهـ كَمَالٌ وَقَوْلُهُ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ: غَيْرُ مُنَوَّنٍ؛ لِأَنَّهَا إذَا الْمُفَاجَأَةُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَبْدَ وُجِدَ حُرَّ الْأَصْلِ بِبَيِّنَةٍ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ غَائِبًا غَيْبَةً مَعْرُوفَةً) يَعْنِي يُدْرَى أَيْنَ هُوَ. اهـ. (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ) أَيْ لِوُجُودِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَهُوَ الْبَائِعُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا رَجَعَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدْرِ الْبَائِعُ أَيْنَ
عَلَى الْعَبْدِ وَالْعَبْدُ عَلَى الْبَائِعِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ)
يَعْنِي إذَا قَالَ: ارْتَهِنِّي فَإِنِّي عَبْدٌ فَارْتَهَنَهُ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ حَيْثُ لَا يَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْعَبْدِ بِحَالٍ سَوَاءٌ كَانَ الرَّاهِنُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الثَّمَنِ بِالْمُعَاوَضَةِ أَوْ الْكَفَالَةِ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَصَارَ كَمَسْأَلَةِ الرَّهْنِ وَكَمَا إذَا قَالَ: اشْتَرِنِي أَوْ قَالَ: أَنَا عَبْدٌ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا؛ لِأَنَّ مَا يُوجِبُ الضَّمَانَ لَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا كَالرَّهْنِ يُحَقِّقُهُ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إلَّا الْإِخْبَارُ كَاذِبًا وَالْأَمْرُ بِالشِّرَاءِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ كَمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَلِهَذَا قُلْنَا فِيمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ آمِنٌ أَوْ قَالَ لَهُ: كُلْ هَذَا الطَّعَامَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَسْمُومٍ فَكَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا عَطِبَ بِسَبَبِ ذَلِكَ لِمَا قُلْنَا وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ الْمُقِرَّ بِالْعُبُودِيَّةِ ضَمِنَ سَلَامَةَ نَفْسِهِ أَوْ سَلَامَةَ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ تَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقْدَمَ عَلَى الشِّرَاءِ مُعْتَمِدًا عَلَى كَلَامِهِ فَصَارَ بِذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْغُرُورِ مِنْ جِهَتِهِ وَالْغُرُورُ فِي الْمُعَاوَضَةِ يُجْعَلُ سَبَبًا لِلضَّمَانِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ؛ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَاتِ تَقْتَضِي سَلَامَةَ الْعِوَضِ.
فَإِذَا ظَهَرَتْ حُرِّيَّةُ الْأَصْلِ وَأَهْلِيَّةُ الضَّمَانِ وَتَعَذَّرَ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ يُؤْخَذُ هُوَ بِذَلِكَ كَالْمَوْلَى إذَا قَالَ لِأَهْلِ السُّوقِ: هَذَا عَبْدِي وَقَدْ أَذِنْت لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَبَايِعُوهُ فَلَحِقَهُ دُيُونٌ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ حُرٌّ أَوْ اسْتَحَقَّ رَجَعُوا عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ بِحُكْمِ الْغُرُورِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْغُرَمَاءِ فَجُعِلَ الْمَوْلَى كَأَنَّهُ ضَمِنَ لَهُمْ سَلَامَةَ الْمَالِيَّةِ مِنْهُ وَالْبَيْعُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَأَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ الْأَمْرُ بِهِ ضَمَانًا لِلسَّلَامَةِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُعَاوَضَةٍ بَلْ هُوَ حَبْسٌ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ يُقَابِلُهُ وَيَصِيرُ بِعَاقِبَتِهِ اسْتِيفَاءً لِعَيْنِ حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجْعَلَ مُبَادَلَةً أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّهْنَ يَجُوزُ فِي مَوْضِعٍ لَا تَجُوزُ فِيهِ الْمُبَادَلَةُ كَثَمَنِ الصَّرْفِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْأَمْرُ بِهِ ضَمَانًا لِلسَّلَامَةِ إذْ هُوَ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ وَبِخِلَافِ الْمُسْتَشْهَدِ بِهِ مِنْ الْأَمْرِ بِالْأَكْلِ وَالسُّلُوكِ أَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِذَلِكَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ وَأَمْرُ الْأَجْنَبِيِّ لَا يُعْبَأُ بِهِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: اشْتَرِنِي أَوْ قَالَ: أَنَا عَبْدٌ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ يُشْتَرَى تَخْلِيصًا كَالْأَسِيرِ وَقَدْ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ الْعَبْدِ كَالْمُكَاتَبِ فَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الضَّمَانِ، ثُمَّ إذَا ضَمِنَ الْمُقِرُّ بِالْعُبُودِيَّةِ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنًا عَلَيْهِ وَهُوَ مُضْطَرٌّ فِيهِ فَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا كَمُعِيرِ الرَّهْنِ إذَا قَضَى الدَّيْنَ لِتَخْلِيصِ الرَّهْنِ فَإِنْ قِيلَ لَا تُتَصَوَّرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّ الدَّعْوَى شَرْطٌ عِنْدَهُ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالْحُرِّيَّةِ لِكَوْنِ الْعِتْقِ حَقَّ الْعَبْدِ وَالتَّنَاقُضُ فِيهِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى فَكَيْفَ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِالرِّقِّ.
قُلْنَا قَدْ أَجَابَ عَنْهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا بِأَنَّ الْوَضْعَ فِي حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ وَالدَّعْوَى فِيهَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ عِنْدَهُ لِتَضَمُّنِهَا تَحْرِيمَ الْفَرْجِ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ تَعْيِينُ أُمِّهِ فِي حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ فَتَحْرُمُ عَلَى الْمَوْلَى وَحُرْمَةُ الْفَرْجِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الدَّعْوَى لَيْسَتْ بِشَرْطٍ كَمَا فِي عِتْقِ الْأَمَةِ فَلَا يَكُونُ التَّنَاقُضُ مَانِعًا حَتَّى لَوْ خَلَتْ حُرِّيَّةُ الْأَصْلِ عَنْ تَحْرِيمِ الْفَرْجِ كَوَلَدِ الْمَغْرُورِ تَكُونُ الدَّعْوَى فِيهِ شَرْطًا وَالتَّنَاقُضُ مَانِعٌ مِنْ صِحَّتِهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَعْدَمُ الدَّعْوَى وَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّ دَعْوَى الْعَبْدِ شَرْطٌ عِنْدَهُ فِي الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ وَالطَّارِئَةِ؛ لِأَنَّهَا حَقُّ الْعَبْدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، لَكِنَّ التَّنَاقُضَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى وَقَبُولَ الشَّهَادَةِ فِيهِمَا لِخَفَاءِ الْحَالِ عَلَيْهِ فَيُعْفَى التَّنَاقُضُ فِيهِ أَمَّا الْحُرِّيَّةُ الْأَصْلِيَّةُ فَلِأَنَّ الصَّغِيرَ قَدْ يُجْلَبُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَلَا يَعْلَمُ بِحُرِّيَّةِ أَبَوَيْهِ أَوْ بِحُرِّيَّةِ أَحَدِهِمَا بِإِسْلَامِهِمَا أَوْ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا فِيهَا وَيَعْتَقِدُ أَنَّهُ رَقِيقٌ فَيُقِرُّ بِالرِّقِّ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ الْحَالُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ فَيُعْذَرُ فِي التَّنَاقُضِ وَأَمَّا فِي الْعِتْقِ.
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
هُوَ. اهـ. عَيْنِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْعَبْدُ عَلَى الْبَائِعِ) وَإِنَّمَا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ إذَا كَانَ الْمَوْلَى حَاضِرًا لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَى الْقَابِضِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ) أَيْ فِي غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ اهـ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الثَّمَنِ بِالْمُعَاوَضَةِ) أَيْ بِالْمُبَايَعَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ: أَنَا عَبْدٌ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ) فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْعَبْدِ كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَالرُّجُوعُ مُفَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ قَوْلُهُ اشْتَرِنِي وَقَوْلُهُ إنِّي عَبْدٌ. اهـ. (قَوْلُهُ لَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا) أَيْ الْمَضْمُونُ بِمَا عَلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعَبْدِ اهـ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ) بِأَنْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ: اشْتَرِهِ فَإِنَّهُ عَبْدٌ فَظَهَرَ حُرًّا لَا يَلْزَمُ الْأَجْنَبِيَّ شَيْءٌ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلِهَذَا قُلْنَا) أَيْ لِأَجْلِ أَنَّ الْإِخْبَارَ كَاذِبًا لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ اهـ (قَوْلُهُ رَجَعُوا عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ) أَيْ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ اهـ فَتْحٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُعَاوَضَةٍ) أَيْ فَلَمْ يَقْتَضِ سَلَامَةَ الْعِوَضِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ قَالَ الْكَمَالُ: بِخِلَافِ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ بَلْ عَقْدَ وَثِيقَةٍ لِاسْتِيفَاءِ عَيْنِ حَقِّهِ حَتَّى جَازَ الرَّهْنُ بِبَدَلِ الصَّرْفِ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ فَلَوْ هَلَكَ يَقَعُ اسْتِيفَاءً لِلدَّيْنِ وَلَوْ كَانَ مُعَاوَضَةً كَانَ اسْتِبْدَالًا بِالْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهُوَ حَرَامٌ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ لَا بِجَعْلِ الْأَمْرِ بِهِ ضَمَانًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَقْدِيرًا فِي عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ وَلِهَذَا قَالُوا: لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ أَمْنِ هَذَا الطَّرِيقِ فَقَالَ: اُسْلُكْهُ فَإِنَّهُ آمِنٌ فَسَلَكَهُ فَنُهِبَ مَالُهُ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ: كُلْ هَذَا الطَّعَامَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَسْمُومٍ فَأَكَلَهُ فَمَاتَ غَيْرَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ عِنْدَ اللَّهِ عَذَابًا لَا يُطَاقُ اهـ (قَوْلُهُ عَلَى الْبَائِعِ) هُوَ الصَّوَابُ وَفِي خَطِّ الشَّارِحِ عَلَى الْآمِرِ اهـ (قَوْلُهُ فَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ بِخِلَافِ مِنْ أَدَّى عَنْ آخَرَ دَيْنًا أَوْ حَقًّا عَلَيْهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَلَيْسَ مُضْطَرًّا فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالتَّنَاقُضُ فِيهِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى) وَقَوْلُهُ أَنَا حُرٌّ بَعْدَ قَوْلِهِ أَنَا عَبْدٌ تَنَاقُضٌ لَا مَحَالَةَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْوَضْعَ) أَيْ وَضْعَ الْمَسْأَلَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالدَّعْوَى فِيهَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ عِنْدَهُ) أَيْ كَقَوْلِهِمَا فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ مُطْلَقًا. اهـ. كَمَالٌ (قَوْلُهُ لِتَضَمُّنِهَا) أَيْ الدَّعْوَى اهـ.