المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب دعوى النسب) - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٤

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْبُيُوعِ)

- ‌[فَصْلٌ يَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالْمَفَاتِيحُ فِي بَيْعِ الدَّارِ وَالشَّجَرُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ]

- ‌بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ

- ‌(بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ)

- ‌(بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ)

- ‌(بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ)

- ‌(فَصْلٌ) (قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِأَمْرِ الْبَائِعِ وَكُلٌّ مِنْ عِوَضَيْهِ مَالٌ

- ‌(بَابُ الْإِقَالَةِ)

- ‌[بَابُ التَّوْلِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ بَيْعُ الْعَقَارِ قَبْلَ قَبْضِهِ]

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌ بَيْعُ الْحَفْنَةِ بِالْحَفْنَتَيْنِ وَالتُّفَّاحَةِ بِالتُّفَّاحَتَيْنِ

- ‌[وَيُعْتَبَرُ التَّعْيِينُ دُونَ التَّقَابُضِ فِي غَيْرِ الصَّرْفِ فِي الرِّبَا]

- ‌ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ

- ‌[بَيْع الْخَبَز بالبر أَوْ الدَّقِيق متفاضلا]

- ‌لَا رِبَا بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ)

- ‌بَابُ الْحُقُوقِ

- ‌[لَا ربا بَيْن الْحَرْبِيّ والمسلم فِي دَار الْحَرْب]

- ‌[الظُّلَّةُ هَلْ تدخل فِي بَيْعِ الدَّارِ]

- ‌بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌(مَبِيعَةٌ وَلَدَتْ فَاسْتُحِقَّتْ بِبَيِّنَةٍ

- ‌[قَالَ عَبْد لمشتر اشتريني فَأَنَا حُرّ فاشتراه فَإِذَا هُوَ عَبْد]

- ‌ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ

- ‌[ادَّعَى حقا مَجْهُولًا فِي دَار فصولح عَلَى مَاله]

- ‌ عِتْقُ مُشْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ بِإِجَازَةِ بَيْعِهِ

- ‌[أرش الْعَبْد إذَا قَطَعَتْ يَده عِنْد الْمُشْتَرِي]

- ‌ بَاعَ دَارَ غَيْرِهِ فَأَدْخَلَهَا الْمُشْتَرِي فِي بِنَائِهِ

- ‌(بَابُ السَّلَمِ)

- ‌[مَا يَجُوز السَّلَم فِيهِ وَمَا لَا يَجُوز]

- ‌[ بَيَان شَرْط السَّلَم]

- ‌[السَّلَم والاستصناع فِي الْخَفّ والطست والقمقم]

- ‌(بَابُ الْمُتَفَرِّقَاتِ)

- ‌[حُكْم بَيْع الْكَلْب]

- ‌ اشْتَرَى عَبْدًا فَغَابَ فَبَرْهَنَ الْبَائِعُ عَلَى بَيْعِهِ وَغَيْبَتُهُ

- ‌[أفرخ طير أَوْ باض فِي أَرْض رَجُل]

- ‌(مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ

- ‌مَا لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ

- ‌(كِتَابُ الصَّرْفِ)

- ‌ التَّصَرُّفُ فِي ثَمَنِ الصَّرْفِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌ اشْتَرَى شَيْئًا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ فُلُوسٍ

- ‌(كِتَابُ الْكَفَالَةِ)

- ‌[ الْكِفَالَة بِالنَّفْسِ وَإِنَّ تَعَدَّدَتْ]

- ‌[ تَبْطُلُ الْكِفَالَة بموت الْمَطْلُوب والكفيل]

- ‌ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِهُبُوبِ الرِّيحِ

- ‌ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ)

- ‌ الْكَفَالَةُ بِاسْتِيفَاءِ الْحَدِّ، أَوْ الْقِصَاصِ

- ‌[الْكِفَالَة عَنْ مَيِّت مُفْلِس]

- ‌[فَصْلٌ أَعْطَى الْمَطْلُوبُ الْكَفِيلَ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ]

- ‌{بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ}

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌[مَا تَصِحّ فِيهِ الْحَوَالَةِ]

- ‌ طَلَبَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الْمُحِيلَ بِمَا أَحَالَ

- ‌(كِتَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌ تَقَلُّدُ الْقَضَاءِ مِنْ السُّلْطَانِ

- ‌(فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ)

- ‌[بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَغَيْرِهِ]

- ‌ الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ

- ‌[الْقَضَاء عَلَى غَائِب]

- ‌[بَابُ التَّحْكِيمِ]

- ‌[ إقراض الْقَاضِي مَال الْيَتِيم]

- ‌(بَابُ مَسَائِلَ شَتَّى)

- ‌ أَرَادَ صَاحِبُ الْعُلْوِ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى الْعُلْوِ بَيْتًا

- ‌ قَالَ لِآخَرَ اشْتَرَيْتُ مِنِّي هَذِهِ الْأَمَةَ فَأَنْكَرَ

- ‌يَبْطُلُ الصَّكُّ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ)

- ‌ مَاتَ ذِمِّيٌّ فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ أَسْلَمْتُ

- ‌[قَالَ مالي وَمَا أملك فِي الْمَسَاكِين صَدَقَة]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَةِ]

- ‌[شُرُوط الشُّهُود فِي الزِّنَا]

- ‌[مَا يَشْتَرِط للشهادة فِي ثُبُوت الْوِلَادَة والبكارة وَعُيُوب النِّسَاء]

- ‌(بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ)

- ‌(بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ)

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ)

- ‌(كِتَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ)

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ]

- ‌(بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ)

- ‌(كِتَابُ الدَّعْوَى)

- ‌(بَابُ التَّحَالُفِ)

- ‌[فَصْلٌ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الشَّيْءُ أَوْدَعَنِيهِ أَوْ آجَرَنِيهِ أَوْ أَعَارَنِيهِ]

- ‌(بَابُ مَا يَدَّعِيهِ الرَّجُلَانِ)

- ‌(بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ)

الفصل: ‌(باب دعوى النسب)

يَقْضِ بِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا وَإِنْ ادَّعَيَا أَنَّهَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّهُمَا تَوَاضَعَا عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ لَيْسَ لِلْمُقِرِّ أَنْ يُنَازِعَهُ فِي الْيَدِ لِإِقْرَارِهِ أَنَّهَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَإِقْرَارُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مَقْبُولٌ وَكَذَا لَوْ حَلَفَا أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَنَكَلَ أَحَدُهُمَا وَلَوْ نَكَلَا جَعَلَ فِي يَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفَهَا الَّذِي فِي يَدِ صَاحِبِهِ لِصِحَّةِ إقْرَارِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَإِنْ حَلَفَا جَمِيعًا لَمْ يَقْضِ بِالْيَدِ لَهُمَا فِيهَا وَبَرِئَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ دَعْوَى صَاحِبِهِ وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا فِي يَدِهِ قَضَى لَهُ بِالْيَدِ فِيهَا وَيَكُونُ الْآخَرُ خَارِجًا وَكَذَا إنْ لَبَّنَ أَحَدُهُمَا أَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ أَوْ فَعَلَ شَيْئًا آخَرَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا فِي يَدِهِ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْيَدِ قَضَى بِهَا لَهُمَا فَإِنْ طَلَبَا الْقِسْمَةَ لَا يَقْسِمُ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ قِيلَ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا نُقْسَمُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَرَثَةَ إذَا كَانَتْ دَارٌ فِي أَيْدِيهِمْ قَسَّمَهَا بِقَوْلِهِمْ إنَّهَا مِيرَاثٌ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّهُ لَا يُقَسِّمُهَا حَتَّى يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا بَيْنَهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ)

قَالَ رحمه الله (وَلَدَتْ مَبِيعَةٌ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ بِيعَتْ فَادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَهُوَ ابْنُهُ وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ وَيُرَدُّ الثَّمَنُ وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ) وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْبَيْعِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ مِنْهُ إذْ هُوَ اعْتِرَافٌ مِنْهُ بِجَوَازِهِ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُبَاشِرُ الْبَاطِلَ ظَاهِرًا فَصَارَ فِي دَعْوَاهُ مُنَاقِضًا وَسَاعِيًا فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ الْبَيْعُ فَلَا يُقْبَلُ إذْ التَّنَاقُضُ يُبْطِلُ الدَّعْوَى فَصَارَ كَمَا لَوْ ادَّعَاهُ أَبُو الْبَائِعِ أَوْ ادَّعَى هُوَ اعْتَاقَهَا أَوْ تَدْبِيرَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ مَبْنَى النَّسَبِ عَلَى الْخَفَاءِ فَيُعْفَى فِيهِ التَّنَاقُضُ فَتُقْبَلُ دَعْوَتُهُ إذَا تَيَقَّنَ بِالْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ بِالْوِلَادَةِ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بَلْ فَوْقَهَا وَهَذَا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ لَا يَعْلَمُ الْعُلُوقَ بِالْكُلِّيَّةِ ثُمَّ يَظْهَرُ لَهُ أَوْ قَدْ يَظُنُّ أَنَّ الْعُلُوقَ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْهُ فَيُعْذَرُ فِي التَّنَاقُضِ كَالزَّوْجِ إذَا كَذَّبَ نَفْسَهُ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِنَفْيِ النَّسَبِ كَاللِّعَانِ وَكَالْمُخْتَلِعَةِ تُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ الْخُلْعِ وَكَالْمُكَاتَبِ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَإِنَّ بَيِّنَتَهُمَا تُقْبَلُ مَعَ التَّنَاقُضِ فِي الدَّعْوَى لِلْخَفَاءِ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الزَّوْجَ وَالْمَوْلَى يَنْفَرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالطَّلَاقِ وَالْإِعْتَاقِ فَيُعْذَرَانِ فِيهِ بِخِلَافِ دَعْوَى الْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ بَعْدَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ فِعْلُ نَفْسِهِ فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ فَلَا يُعْذَرُ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُتَيَقَّنْ بِكَذِبِهِ فِي الْكَلَامِ الْأَوَّلِ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ فِي الثَّانِي فَلَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ بِالِاحْتِمَالِ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِالْإِعْتَاقِ أَوْ التَّدْبِيرِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ لِتَيَقُّنِنَا كَذِبَهُ بِثُبُوتِ الْحُرِّيَّةِ أَوْ التَّدْبِيرِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَبِخِلَافِ دَعْوَى الْبَائِعِ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ دَعْوَاهُ ثُبُوتُ وِلَايَةِ الدَّعْوَةِ مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ إلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يُوجَدْ

وَإِذَا صَحَّتْ الدَّعْوَى مِنْ الْبَائِعِ اسْتَنَدَتْ إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ لِكَوْنِهَا دَعْوَةَ اسْتِيلَادٍ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ فَيَكُونُ بَاطِلًا وَيُرَدُّ الثَّمَنُ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ وَلِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فَنَكَلَ أَحَدُهُمَا) يُقْضَى عَلَيْهِ بِكُلِّهَا لِلْحَالِفِ بَعْضُهَا الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ وَبَعْضُهَا الَّذِي كَانَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ لِنُكُولِهِ وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ ثَالِثٍ لَمْ تُنْزَعْ مِنْ يَدِهِ لِأَنَّ نُكُولَهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي حَقِّ الثَّالِثِ اهـ كَيٌّ (قَوْلُهُ وَبَرِئَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ دَعْوَى صَاحِبِهِ) أَيْ وَتَوَقَّفَ الدَّارُ إلَى أَنْ تَظْهَرَ حَقِيقَةُ الْحَالِ اهـ قَارِئُ الْهِدَايَةِ

(قَوْلُهُ مَا لَمْ يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ) فَكُلُّ شَيْءٍ فِي أَيْدِيهِمَا سِوَى الْعَقَارِ إذَا طَلَبَا الْقِسْمَةَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْسِمُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ مَا ذَكَرَ هَاهُنَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فِي الْعَقَارِ أَيْضًا يُقْسَمُ وَإِنْ لَمْ يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ وَجَعَلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَرْعًا لِمَسْأَلَةٍ ذَكَرَهَا فِي الْقِسْمَةِ إذَا طَلَبَ الْوَرَثَةُ مِنْ الْقَاضِي قِسْمَةَ الْعَقَارِ بَيْنَهُمْ فَإِنَّهُ لَا يَقْسِمُهَا بَيْنَهُمْ حَتَّى يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِيرَاثِ وَعِنْدَهُمَا يَقْسِمُ مِنْ غَيْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ كَانَتْ مُشْتَرَاةً بِأَنْ قَالَا اشْتَرَيْنَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَطَلَبَا الْقِسْمَةَ فَإِنَّهُ يَقْسِمُهَا بَيْنَهُمْ عِنْدَ الْكُلِّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِنْ لَمْ يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا كَانَ لَا يُقْسَمُ فِي الْمِيرَاثِ بِدُونِ الْبَيِّنَةِ وَهَذَا الْعَقَارُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَوْرُوثًا بَيْنَهُمَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَوْرُوثٍ لَا يُقْسَمُ احْتِيَاطًا وَعِنْدَهُمَا يُقْسَمُ بِدُونِ الْبَيِّنَةِ فَهَاهُنَا أَوْلَى وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَا ذُكِرَ هَاهُنَا قَوْلُ الْكُلِّ فَلَا يُقْسَمُ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ نَوْعَانِ قِسْمَةٌ بِحَقِّ الْمِلْكِ لِتَكْمِيلِ الْمَنْفَعَةِ وَقِسْمَةٌ بِحَقِّ الْيَدِ لِأَجَلِ الْحِفْظِ وَالصِّيَانَةِ وَالْعَقَارُ غَيْرُ مُحْتَاجَةٍ إلَى الْحِفْظِ فَمَا لَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ لَا يُقَسَّمُ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا شَيْءٌ سِوَى الْعَقَارِ يُقَسَّمُ مِنْ غَيْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ مَا سِوَى الْعَقَارِ يَحْتَاجُ إلَى الْحِفْظِ وَالصِّيَانَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ رحمه الله (قَوْلُهُ قِيلَ هَذَا) أَيْ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ

[بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ]

(بَابٌ دَعْوَى النَّسَبِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ لَمَّا فَرَغَ عَنْ بَيَانِ دَعْوَى الْمَالِ شَرَعَ فِي بَيَانِ دَعْوَى النَّسَبِ وَقَدَّمَ الْأَوَّلَ لِكَوْنِهِ أَهَمُّ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ اهـ ثُمَّ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالدَّعْوَةُ إلَى الطَّعَامِ بِفَتْحِ الدَّالِ وَالدَّعْوَةُ فِي النَّسَبِ بِالْكَسْرِ هَذَا أَكْثَرُ كَلَامِ الْعَرَبِ فَأَمَّا عَدِيُّ الرِّبَابِ فَيَفْتَحُونَ فِي النَّسَبِ وَيَكْسِرُونَ فِي الطَّعَامِ كَذَا رَأَيْت فِي أَمَالِي ثَعْلَبٍ وَكَذَا ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ أَيْضًا. اهـ. (قَوْلُهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ الْخُلْعِ) لَهَا أَنْ تَسْتَرِدَّ بَدَلَ الْخُلْعِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَنَاقِضَةً لِاسْتِقْلَالِ الزَّوْجِ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ عِلْمِهَا. اهـ. عِمَادِيٌّ

ص: 329

لَمْ يَدْفَعْ الثَّمَنَ إلَيْهِ إلَّا لِيُسَلِّمَ لَهُ الْمَبِيعَ فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ رَجَعَ بِهِ وَلَا تُعْتَبَرُ دَعْوَةُ الْمُشْتَرِي مَعَ دَعْوَةِ الْبَائِعِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّ دَعْوَةَ الْبَائِعِ أَسْبَقُ لِأَنَّهَا تَسْتَنِدُ إلَى حَالَةِ الْعُلُوقِ لِكَوْنِهَا دَعْوَةَ اسْتِيلَادٍ لِوُجُودِ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ وَدَعْوَةُ الْمُشْتَرِي دَعْوَةُ تَحْرِيرٍ إذْ الْعُلُوقُ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ فَيُقْتَصَرُ فَكَانَتْ الْأُولَى أَقْوَى فَلَا تُعْتَبَرُ الثَّانِيَةُ مَعَهَا وَلِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْ الْبَائِعِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ بَاطِلًا فَلَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَصَارَ الْمُشْتَرِي كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَجَانِبِ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَلِأَنَّ الْوَلَدَ اسْتَغْنَى عَنْ النَّسَبِ بِثُبُوتِهِ مِنْ الْبَائِعِ فَلَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ عَمَّا إذَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَهُ لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي أَوَّلًا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ لِوُجُودِ الْمُجَوِّزِ لِلدَّعْوَةِ وَهُوَ الْمِلْكُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ إعْتَاقُهُ وَإِعْتَاقُ أُمِّهِ فَكَذَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ أَيْضًا لِحَاجَتِهِ إلَى النَّسَبِ وَإِلَى الْحُرِّيَّةِ وَيَثْبُتُ لَهَا أُمُومِيَّةُ الْوَلَدِ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ لَا تَصِحُّ دَعْوَةُ الْبَائِعِ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَغْنَى عَنْ النَّسَبِ بِثُبُوتِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَحْتَمِلُ الْإِبْطَالَ فَيَبْطُلُ بِهِ حَقُّ اسْتِلْحَاقِ النَّسَبِ لِلْبَائِعِ ضَرُورَةً

قَالَ رحمه الله (وَكَذَا إنْ مَاتَتْ الْأُمُّ بِخِلَافِ مَوْتِ الْوَلَدِ) يَعْنِي إذَا مَاتَتْ الْأُمُّ فَادَّعَى الْبَائِعُ الْوَلَدَ وَقَدْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ مِثْلَ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ الْوَلَدُ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ حَيْثُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَلَدَ هُوَ الْأَصْلُ فِي الْبَابِ وَالْأُمَّ تَبَعٌ لَهُ فِيهِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا تُضَافُ إلَيْهِ فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ أَوَّلًا فَيَعْتِقُ فَتَتْبَعُهُ أُمُّهُ فَيَثْبُتُ لَهَا حَقُّ الْحُرِّيَّةِ بِسَبَبِهِ «لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «مَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ فَوَلَدَتْ لَهُ فَهِيَ مُعْتَقَةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ» رَوَاهُمَا ابْنُ مَاجَهْ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الدَّعْوَةِ الْوَلَدُ دُونَ الْأُمِّ وَهِيَ تَدْخُلُ تَبَعًا فَكَانَ الثَّابِتُ أَقْوَى وَالْأَدْنَى يَتْبَعُ الْأَقْوَى فَإِذَا كَانَ الْوَلَدُ هُوَ الْأَصْلُ كَانَ الْمُعْتَبَرُ بَقَاءَهُ لِحَاجَتِهِ إلَى ثُبُوتِ النَّسَبِ وَلَا يَضُرُّهُ فَوَاتُ التَّبَعِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَهُوَ مَا إذَا مَاتَ الْوَلَدُ دُونَ الْأُمِّ حَيْثُ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ فِي الْأُمِّ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ فِي التَّبَعِ ابْتِدَاءً بِدُونِ مَتْبُوعِهِ وَالْوَلَدُ قَدْ اسْتَغْنَى عَنْ النَّسَبِ بِالْمَوْتِ فَتَعَذَّرَ إثْبَاتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَتَعَذَّرْ بَعْدَ مَوْتِهَا فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ كُلَّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ وَبَيْعُهَا بَاطِلٌ وَلَا يَضْمَنُهَا الْمُشْتَرِي لِأَنَّ مَالِيَّتَهَا غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ عِنْدَهُ كَالْحُرِّ وَلِهَذَا لَا تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَرُدُّ حِصَّةَ الْوَلَدِ وَلَا يَرُدُّ حِصَّةَ الْأُمِّ لِأَنَّ مَالِيَّتَهَا مُتَقَوِّمَةٌ عِنْدَهُمَا فَتُضْمَنُ بِالْعَقْدِ وَالْغَصْبِ فَتَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِذَا رَدَّ الْوَلَدَ دُونَهَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ رَدُّ حِصَّةِ مَا سَلَّمَ لَهُ وَهُوَ الْوَلَدُ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ الْبَدَلُ وَالْمُبْدَلُ فِي مِلْكِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ حِصَّةِ مَا لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ وَهِيَ الْأُمُّ هَكَذَا ذَكَرُوا الْحُكْمَ عَلَى قَوْلِهِمَا وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَرُدَّ الْبَائِعُ جَمِيعَ الثَّمَنِ عِنْدَهُمَا أَيْضًا ثُمَّ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْأُمِّ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ وَبَيْعُ أُمِّ الْوَلَدِ غَيْرُ صَحِيحٍ بِالْإِجْمَاعِ فَلَا يَجِبُ فِيهِ الثَّمَنُ فَلَا يَكُونُ لِأَجْزَاءِ الْمَبِيعِ مِنْهُ حِصَّةٌ بَلْ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ رَدُّ مَا قَبَضَهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَإِلَّا فَبَدَلِهِ

قَالَ رحمه الله (وَعِتْقُهُمَا كَمَوْتِهِمَا) أَيْ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي الْأُمَّ وَالْوَلَدَ كَمَوْتِهِمَا حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْأُمَّ دُونَ الْوَلَدِ فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ ابْنُهُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَلَوْ أَعْتَقَ الْوَلَدَ دُونَ الْأُمِّ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْوَلَدَ هُوَ الْأَصْلُ فَيُعْتَبَرُ قِيَامُ الْمَانِعِ بِهِ حَتَّى تَمْتَنِعَ الدَّعْوَى دُونَ الْأُمِّ كَمَا قُلْنَا فِي الْمَوْتِ وَإِنَّمَا كَانَ الْإِعْتَاقُ مَانِعًا لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ كَالنَّسَبِ فَصَارَ إعْتَاقُهُ كَدَعْوَتِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ وَلِأَنَّ الْإِعْتَاقَ يُثْبِتُ الْوَلَاءَ وَهُوَ كَالنَّسَبِ فَلَا يُمْكِنُ إبْطَالُهُ كَمَا لَا يُمْكِنُ إبْطَالُ نَسَبِهِ بَعْدَ مَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي وَلِأَنَّ لِلْبَائِعِ حَقًّا وَهُوَ حَقُّ دَعْوَةِ النَّسَبِ وَالِاسْتِيلَادِ وَمَا ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي حَقِيقَةً وَالْحَقُّ لَا يُعَارِضُ الْحَقِيقَةَ

وَالتَّدْبِيرُ كَالْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ لَمَّا ظَهَرَ فِيهِ بَعْضُ آثَارِ الْحُرِّيَّةِ وَهُوَ امْتِنَاعُ التَّمْلِيكِ فَصَارَ كَالِاسْتِيلَادِ ثُمَّ إنْ قَامَ هَذَا الْمَانِعُ بِالْوَلَدِ امْتَنَعَتْ دَعْوَةُ الْبَائِعِ لِمَا بَيَّنَّا وَإِنْ قَامَ بِالْأُمِّ لَا يَمْتَنِعُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُ) وَإِنَّمَا ذَكَرَ الضَّمِيرَ بِتَأْوِيلِ الِادِّعَاءِ أَوْ بِحَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ اهـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ

(قَوْلُهُ حَيْثُ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ فِي الْأُمِّ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ إذَا مَاتَ الْوَلَدُ تَعَذَّرَ إثْبَاتُ النَّسَبِ فِيهِ لِأَنَّ الْحُقُوقَ لَا تَثْبُتُ ابْتِدَاءً لِلْمَيِّتِ وَلَا عَلَيْهِ وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ لَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِيلَادُ لِأَنَّهُ فَرْعُ النَّسَبِ وَكَانَتْ الْأُمُّ بِحَالِهَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي أَعْتَقَ الْوَلَدَ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ قَتَلَ عَبْدَهُ فَأَخَذَ قِيمَتَهُ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ بَطَلَتْ مَحَلِّيَّةُ الدَّعْوَى بِالْهَلَاكِ إذْ النَّسَبُ لَيْسَ بِأَمْرٍ مَقْصُودٍ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ وَالتَّدْبِيرُ تَصَرُّفٌ لَازِمٌ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ فَتَعَذَّرَ تَصْحِيحُ الدَّعْوَةِ فِي الْوَلَدِ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ فِي حَقِّ الْوَلَدِ لَمْ يَصِحَّ فِي حَقِّ الْأُمِّ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ فَيُقْبَلُ وَيَصِيرُ كَالْأَمْرِ الظَّاهِرِ وَلَوْ لَمْ يُقْتَلْ الْوَلَدُ وَلَكِنَّهُ قُطِعَتْ يَدُهُ فَأَخَذَ الْمُشْتَرِي نِصْفَ قِيمَتِهِ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَإِنَّهُ يُصَدِّقُ عَلَى الدَّعْوَةِ وَيَرُدُّ الْبَائِعُ مَا قَبَضَ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا حِصَّةَ الْيَدِ لِأَنَّهَا صَارَتْ مَقْصُودَةً بِالْقَطْعِ فَانْتَفَى حُكْمُ التَّبَعِيَّةِ عَنْهَا فَلَا يَظْهَرُ الِاسْتِحْقَاقُ فِي حَقِّهَا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْقَطْعُ فِي الْأُمِّ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ رَجُلٌ فَقَأَ عَيْنَيْ الْوَلَدِ فَدَفَعَهُ الْمُشْتَرِي وَأَخَذَ قِيمَتَهُ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَدَعْوَتُهُ جَائِزَةٌ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ الْجَانِي عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْقِيمَةِ الَّتِي أَعْطَاهَا وَلَا يَكُونُ لِلْعَيْنَيْنِ أَرْشٌ عَلَى الْجَانِي وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ عَلَى الْجَانِي مَا نَقَصَهُ بِنَاءً عَلَى أَصْلٍ وَهُوَ أَنَّ الضَّمَانَ يَجِبُ فِي مُقَابَلَةِ الْجُثَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيُشْتَرَطُ سَلَامَتُهَا لِلْجَانِي وَقَدْ تَعَذَّرَ وَعِنْدَهُمَا فِي مُقَابَلَةِ النُّقْصَانِ وَالنُّقْصَانُ مُتَحَقِّقٌ عِنْدَهُمَا فَيُجْبَرُ بِالضَّمَانِ وَكَذَلِكَ لَوْ فَقَأَ عَيْنَ الْأُمِّ اهـ

(قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ قَامَ هَذَا الْمَانِعُ) أَيْ وَهُوَ الْإِعْتَاقُ أَوْ التَّدْبِيرُ اهـ

ص: 330

فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَلَا تَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِيهَا لَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ وَلَا يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَبْطُلَ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ نَسَبَ الْوَلَدِ ثَبَتَ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ فَلَمْ يَمْلِكْهَا الْمُشْتَرِي فَيَبْطُلُ الْإِعْتَاقُ كَمَا لَوْ وَلَدَتْ الْمَبِيعَةُ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَأَعْتَقَ الْمُشْتَرِي أَحَدَهُمَا ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ الْآخَرَ أَنَّهُ ابْنُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا مِنْهُ وَبَطَلَ عِتْقُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ ضَرُورَةَ أَنَّهُمَا خُلِقَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ وَلِهَذَا تَبْطُلُ سَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ مِثْلِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ فَكَذَا الْعِتْقُ وَتَوَابِعُهُ لِأَنَّا نَقُولُ ثُبُوتُ أُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ لَيْسَ مِنْ أَحْكَامِ ثُبُوتِ النَّسَبِ وَلَا مِنْ ضَرُورَاتِهِ

أَلَا تَرَى أَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ فِي وَلَدِ الْمَغْرُورِ وَفِي وَلَدِ الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِخِلَافِ التَّوْأَمَيْنِ لِأَنَّهُمَا خُلِقَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ فَمَا ثَبَتَ لِأَحَدِهِمَا مِنْ الْأَحْكَامِ ثَبَتَ لِلْآخَرِ ضَرُورَةً ثُمَّ إذَا لَمْ يَبْطُلْ عِتْقُ الْمُشْتَرِي فِي الْأُمِّ قَبْلَ الْبَيْعِ يَرُدُّ مِنْ الثَّمَنِ مَا يَخُصُّ الْوَلَدَ خَاصَّةً وَلَا يَرُدُّ مَا يَخُصُّ الْجَارِيَةَ بِالْإِجْمَاعِ هُنَا وَذَكَرَ الْفَرْقَ لِأَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله فِي الْمَبْسُوطِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا مَاتَتْ الْأُمُّ فَإِنَّ الْبَائِعَ فِيهَا يَرُدُّ جَمِيعَ الثَّمَنِ عِنْدَهُ وَهُنَا يَرُدُّ مَا يَخُصُّ الْوَلَدَ فَقَطْ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْإِعْتَاقِ الْقَاضِي كَذَّبَ الْبَائِعَ فِيمَا يَزْعُمُ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ حَيْثُ جَعَلَهَا مُعْتَقَةَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُفْسَخْ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا فَبَقِيَ الْبَيْعُ صَحِيحًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ ثَمَنُهَا بِخِلَافِ فَصْلِ الْمَوْتِ فَإِنَّ زَعْمَ الْبَائِعِ فِيهِ لَمْ يَبْطُلْ بِشَيْءٍ فَبَقِيَ مُعْتَبَرًا فِي حَقِّهِ إذْ لَمْ يَكُنْ مُكَذَّبًا شَرْعًا فَيَرُدَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَفِي الْإِعْتَاقِ يَرُدُّ حِصَّةَ الْوَلَدِ ثُمَّ جَعَلَ هُنَا لِلْمَوْلُودِ بَعْدَ الْقَبْضِ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ كَالْمَوْلُودِ قَبْلَهُ لِكَوْنِ الْبَائِعِ بِسَبِيلٍ مِنْ فَسْخِ هَذَا الْبَيْعِ بِالدَّعْوَةِ فَصَارَ كَالْحَادِثِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْمَعْنَى وَفِي الْحَادِثِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ إذَا اسْتَهْلَكَهُ الْبَائِعُ وَقَدْ اسْتَهْلَكَهُ هُنَا بِالدَّعْوَةِ أَوْ لِكَوْنِهِ مُسْتَخْرَجًا مِنْ الْعَقْدِ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ يَرُدُّ الْبَائِعُ جَمِيعَ الثَّمَنِ هُنَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله كَمَا فِي فَصْلِ الْمَوْتِ لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا قِيمَةَ لَهَا عِنْدَهُ وَلَا يُضْمَنُ بِالْعَقْدِ فَيُؤَاخَذُ بِزَعْمِهِ وَإِلَيْهِ مَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَصَحَّحَهُ وَهُوَ يُخَالِفُ الرِّوَايَةَ وَكَيْفَ يُقَالُ يَسْتَرِدُّ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَالْبَيْعُ لَمْ يَبْطُلْ فِي الْجَارِيَةِ حَيْثُ لَمْ يَبْطُلْ إعْتَاقُهُ بَلْ يَرُدُّ حِصَّةَ الْوَلَدِ فَقَطْ بِأَنْ يَقْسِمَ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَتِهِمَا بِأَنْ يَعْتَبِرَ قِيمَةَ الْأُمِّ يَوْمَ الْقَبْضِ لِأَنَّهَا دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ وَقِيمَةَ الْوَلَدِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ لِأَنَّهُ صَارَ لَهُ الْقِيمَةُ بِالْوِلَادَةِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ عِنْدَ ذَلِكَ

قَالَ رحمه الله (وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ رُدَّتْ دَعْوَةُ الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُشْتَرِي) وَهَذَا الْكَلَامُ يَشْمَلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ تَلِدَ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ فَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ لِعَدَمِ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ بِيَقِينٍ وَهُوَ الْمُصَحِّحُ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي فَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَيُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِيلَادِ بِالنِّكَاحِ لِتَيَقُّنِنَا أَنَّ الْعُلُوقَ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَلَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ وَلَا تَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِأَنَّ الْعُلُوقَ حَادِثٌ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَا يُسْتَنَدُ إلَى مَا قَبْلَ الْبَيْعِ حَتَّى يَبْطُلَ فَكَانَتْ هَذِهِ الدَّعْوَةُ دَعْوَةَ تَحْرِيرٍ فَلَا يَنْفُذُ إلَّا فِي الْمِلْكِ إذْ لَا يَقْدِرُ غَيْرُ الْمَالِكِ عَلَى التَّحْرِيرِ، وَالثَّانِي أَنْ تَلِدَ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ وَلِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْهُ فَحُكْمُهُ أَنَّ دَعْوَةَ الْبَائِعِ لَا تُقْبَلُ فِيهِ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ الْعُلُوقِ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَمْ يُوجَدْ الْمُصَحِّحُ فِيهِ بِيَقِينٍ فَلَمْ يَصِحَّ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُشْتَرِي فَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ نَسَبُهُ لِتَصَادُقِهِمَا فِيهِ وَتَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ تَبَعًا لِلْوَلَدِ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ لِاسْتِنَادِ الْعُلُوقِ إلَى مَا قَبْلَ الْبَيْعِ لِإِمْكَانِهِ فَيَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ وَهَذَا لِأَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَةَ دَعْوَةُ اسْتِيلَادٍ فَتُسْتَنَدُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الدَّعْوَةَ هُنَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ دَعْوَةِ اسْتِيلَادٍ وَدَعْوَةِ تَحْرِيرٍ وَدَعْوَةِ شُبْهَةٍ كَالْأَبِ يَدَّعِي

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فَكَذَا الْعِتْقُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْكَافِي وَلَوْ كَاتَبَ الْأُمَّ أَوْ بَاعَهَا أَوْ وَهَبَهَا أَوْ رَهَنَهَا أَوْ آجَرَهَا أَوْ زَوَّجَهَا أَبْطَلْت جَمِيعَ ذَلِكَ وَرَدَدْتهَا إلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ مِمَّا يَحْمِلُ النَّقْضَ بَعْدَ صِحَّتِهَا فَلَأَنْ يُنْقَضَ عِنْدَ ظُهُورِ عَدَمِ الصِّحَّةِ أَصْلًا أَوْلَى. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّسَبَ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ أَيْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِيلَادِ عَدَمُ ثَبَاتِ النَّسَبِ لِجَوَازِ الِانْفِصَالِ كَمَا فِي وَلَدِ الْمُغَرَّرِ فَإِنَّهُ حُرٌّ بِالْقِيمَةِ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ الْمُسْتَوْلَدِ وَأُمُّهُ أَمَةٌ تُبَاعُ فِي الْأَسْوَاقِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَقَدْ ذَهَبَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي هَذَا إلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَسَمَّاهُ الصَّحِيحَ وَلَكِنْ هَذَا عَلَى خِلَافِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُ وَقَدْ مَرَّ آنِفًا. اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَا تَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ) أَيْ لِأَنَّ بِتَصَادُقِهِمَا أَنَّ الْوَلَدَ مِنْ الْبَائِعِ لَا يُثْبِتُ كَوْنَ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَدَّعِي ذَلِكَ وَكَيْفَ يَدَّعِي وَالْوَلَدُ لَا يَبْقَى فِي الْبَطْنِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ فَكَانَ حَادِثًا بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِ الْبَائِعِ وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ تَكُونُ دَعْوَاهُ هُنَا دَعْوَةَ تَحْرِيرٍ وَغَيْرُ الْمَالِكِ لَيْسَ بِأَهْلِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ فَلَا يُنَفِّذُ إلَّا فِي الْمِلْكِ) أَيْ فَلَمْ يُعْتِقْ الْوَلَدَ. اهـ. (قَوْلُهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الدَّعْوَةَ هُنَا إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رحمه الله ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الدَّعْوَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ دَعْوَةِ اسْتِيلَادٍ وَدَعْوَةِ مِلْكٍ وَدَعْوَةِ شُبْهَةٍ أَمَّا دَعْوَةُ الِاسْتِيلَادِ فَإِنَّهَا دَعْوَةٌ قَوِيَّةٌ تُنَفَّذُ فِي الْمِلْكِ وَغَيْرِ الْمِلْكِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ أَصْلُ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ تَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ وَتُوجِبُ هَذِهِ الدَّعْوَةُ فَسْخَ مَا جَرَى مِنْ الْعُقُودِ إذَا كَانَ مَحِلًّا لِلْفَسْخِ وَيَنْتَظِمُ الِاعْتِرَافُ بِالْوَطْءِ وَدَعْوَةِ الْمِلْكِ أَنْ لَا يَكُونَ أَصْلُ الْعُلُوقِ فِي الْمِلْكِ وَتُنَفَّذُ فِي الْمِلْكِ وَلَا تُنَفَّذُ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ تَقْتَصِرُ عَلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ وَلَا تُوجِبُ هَذِهِ الدَّعْوَةُ فَسْخَ مَا جَرَى فِي الْعُقُودِ وَلَا يَنْتَظِمُ الِاعْتِرَافُ بِالْوَطْءِ وَدَعْوَةُ شُبْهَةِ الْمِلْكِ كَدَعْوَةِ الْأَبِ وَلَدَ جَارِيَةِ ابْنِهِ وَإِنَّمَا تَصِحُّ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مِلْكُ الِابْنِ قَائِمًا فِي الْجَارِيَةِ وَالْوَلَدُ مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ لِأَنَّ حَقَّ التَّمَلُّكِ ثَبَتَ لَهُ بِحُكْمِ وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لِلْأَبِ حَقِيقَةً وَلَا حَقُّ مِلْكٍ بَلْ لَهُ حَقُّ التَّمَلُّكِ عِنْدَ الْحَاجَةِ فَصَحَّتْ دَعْوَتُهُ لِحَقٍّ ثَبَتَ لَهُ فِي مَالِ الِابْنِ مُقْتَضَى الدَّعْوَةِ سَابِقًا عَلَيْهِ ثُمَّ يَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ كَمَا فِي حَقِيقَةِ الِاسْتِيلَادِ يَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ فِي مَالِ ابْنِهِ سَابِقًا عَلَى الِاسْتِيلَادِ تَصْحِيحًا لَهُ

ص: 331

جَارِيَةَ ابْنِهِ وَحُكْمُ كُلِّ قِسْمٍ وَشَرْطُهُ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ وَصُورَةُ كُلِّ قِسْمٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ يَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةٍ إمَّا أَنْ تَلِدَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ أَوْ لِمَا بَيْنَهُمَا وَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَ كُلٍّ بِحَمْدِ اللَّهِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

فَلَا بُدَّ مِنْ قِيَامِ مِلْكِ الِابْنِ مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ لِيَثْبُتَ لَهُ الْحَقُّ فِي مَالِهِ تَصْحِيحًا لِدَعْوَتِهِ

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْبَائِعَ أَوْ الْمُشْتَرِيَ إذَا ادَّعَى وَلَدَ الْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ أَوْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ وَكُلُّ وَجْهٍ مِنْ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَمَّا إنْ ادَّعَى الْبَائِعُ وَحْدَهُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ هُمَا جَمِيعًا مَعًا أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ فَإِنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ فَادَّعَاهُ الْبَائِعُ وَكَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي صَحَّتْ دَعْوَتُهُ اسْتِحْسَانًا وَهُوَ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ حَتَّى يَثْبُتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ وَيُرَدُّ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ نَقَدَ

وَقَالَ زُفَرُ لَا تَصِحُّ دَعْوَةُ الْبَائِعِ إذَا كَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْقِيَاسُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ كَذَا ذَكَرَ خُوَاهَرْزَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ دَعْوَةَ الْبَائِعِ الْوَلَدَ دَعْوَى مِنْهُ إبْطَالُ مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَلَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَصْدِيقِهِ وَلِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْبَيْعِ اعْتِرَافٌ بِأَنَّ الْوَلَدَ عَبْدٌ فَصَارَ مُنَاقِضًا فِي دَعْوَتِهِ وَدَعْوَى الْمُنَاقِضِ مَرْدُودَةٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهَا لَا يَصِحُّ وَكَذَا لَوْ ادَّعَاهُ بَعْدَ مَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي أَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ عُلُوقَ الْوَلَدِ فِي مِلْكِ الْمُدَّعِي بِيَقِينٍ بِمَنْزِلَةِ الْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ حُكْمًا فِي حَقِّ ثَبَاتِ النَّسَبِ وَحُرْمَةِ الْوَلَدِ مِنْ الْأَصْلِ وَصَيْرُورَةِ الْجَارِيَةِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ اسْتِدْلَالًا بِالْأَبِ ادَّعَى جَارِيَةَ وَلَدِ ابْنِهِ صَحَّ دَعْوَتُهُ وَإِنْ كَذَّبَهُ الِابْنُ إذَا عُلِمَ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِ الِابْنِ فَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّ الْأَبَ لَهُ شُبْهَةُ مِلْكٍ فِي مَالِ الِابْنِ وَلِلْبَائِعِ حَقِيقَةُ مِلْكٍ وَالتَّنَاقُضُ مَعْفُوٌّ لِمَكَانِ الْخَفَاءِ فِي النَّسَبِ وَإِذَا صَحَّ دَعْوَةُ الِاسْتِيلَادِ يُرَدُّ الْبَيْعُ لِأَنَّهَا تَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ بَاعَ أُمَّ الْوَلَدِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَمِلْكُ الْمُشْتَرِي يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ فَيُفْسَخُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي أَوْ ادَّعَاهُ حَيْثُ لَا تَصِحُّ دَعْوَةُ الْبَائِعِ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ وَالنَّسَبَ حَقٌّ لَازِمٌ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ وَلَا يَلْزَمُ مَا إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهَا أَوْ دَبَّرَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى بَيِّنَةٌ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِهِ بِيَقِينٍ صَارَ كَالْبَيِّنَةِ حُكْمًا وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْبَيِّنَةُ حَقِيقَةً وَلَا يَلْزَمُ مَا إذَا جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لِعَدَمِ الْبَيِّنَةِ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا فَاعْتُبِرَ ذَلِكَ إقْرَارًا مَحْضًا عَلَى الْغَيْرِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ هَذَا إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ لَا غَيْرُ

فَإِنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ لِأَنَّ دَعْوَةَ الْمُشْتَرِي دَعْوَةُ تَحْرِيرٍ حَتَّى كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَلَاءٌ عَلَى الْوَلَدِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ وَالْمُشْتَرِي يَصِحُّ مِنْهُ التَّحْرِيرُ فَيَصِحُّ مِنْهُ دَعْوَةُ التَّحْرِيرِ فَإِنْ ادَّعَيَا جَمِيعًا إنْ خَرَجَ الْكَلَامَانِ مَعًا فَدَعْوَةُ الْبَائِعِ أَوْلَى لِأَنَّهُ سَابِقٌ مَعْنًى فَيُعْتَبَرُ كَمَا لَوْ كَانَ سَابِقًا حَقِيقَةً وَلَوْ كَانَ سَابِقًا حَقِيقَةً بِأَنْ ادَّعَى أَوَّلًا ثُمَّ ادَّعَى الْمُشْتَرِي صَحَّ دَعْوَةُ الْبَائِعِ وَلَمْ يَصِحَّ دَعْوَةُ الْمُشْتَرِي فَكَذَا هَذَا وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّهُ سَابِقٌ لِأَنَّهُ مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ وَدَعْوَةُ التَّحْرِيرِ يَقْتَصِرُ عَلَى الْحَالِ وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَالسَّابِقُ أَوْلَى فَإِنْ كَانَ السَّابِقُ هُوَ الْبَائِعُ فَلِمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُشْتَرِي فَلِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ هَذَا كُلُّهُ إذَا جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ أَرْبَعَةٍ فَإِنْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ لَا غَيْرُ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ عُلُوقَ الْوَلَدِ لَمَّا لَمْ يُتَيَقَّنْ فِي مِلْكِهِ صَارَتْ دَعْوَتُهُ وَدَعْوَةُ أَجْنَبِيٍّ آخَرَ سَوَاءً إلَّا أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْأَجْنَبِيِّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا صَدَّقَ الْأَجْنَبِيَّ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ وَلَكِنْ يَبْقَى الْوَلَدُ عَبْدًا وَلَا تَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عُلُوقُ الْوَلَدِ فِي مِلْكِهِ بِتَصَادُقِهِمَا وَفِيمَا إذَا صَدَقَ الْبَائِعُ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ وَيُنْتَقَضُ الْبَيْعُ لِحُصُولِ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ

وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي صَحَّ دَعْوَتُهُ لِأَنَّ دَعْوَتَهُ صَحِيحَةٌ حَالَ الِانْفِرَادِ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْعُلُوقَ فِي مِلْكِهِ فَفِيمَا يَحْتَمِلُ الْعُلُوقَ أَوْلَى وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ دَعْوَةَ اسْتِيلَادٍ حَتَّى يَكُونَ الْوَلَدُ حُرَّ الْأَصْلِ وَلَا يَكُونُ لَهُ وَلَاءٌ عَلَى الْوَلَدِ لِأَنَّ الْعُلُوقَ فِي مِلْكِهِ مُمْكِنٌ وَإِنْ ادَّعَيَا مَعًا أَوْ سَبَقَ دَعْوَةُ أَحَدِهِمَا صَحَّ دَعْوَةُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْبَائِعَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَالْأَجْنَبِيِّ فَأَمَّا إذَا جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَيْضًا فَإِنْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى فِيمَا إذَا جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ لَا يَصِحُّ بِدُونِ تَصْدِيقِهِ مَعَ احْتِمَالِ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ وَهُنَا أَوْلَى أَنْ لَا يَصِحَّ بِدُونِ تَصْدِيقِهِ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الْعُلُوقَ فِي مِلْكِهِ أَصْلًا وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي صَحَّتْ الدَّعْوَةُ وَثَبَتَ النَّسَبُ كَمَا فِي الْأَجْنَبِيِّ إلَّا أَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ وَلَا تَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيَبْقَى الْوَلَدُ عَبْدًا لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ الْبَائِعِ وَإِنْ ادَّعَيَا مَعًا أَوْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ صَحَّ دَعْوَةُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْبَائِعَ كَالْأَجْنَبِيِّ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا عُلِمَ مُدَّةُ الْوِلَادَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهَا جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَنَتَيْنِ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَيْضًا فَإِنْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُشْتَرِي لِعَدَمِ تَيَقُّنِ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ

وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي صَحَّ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ عُلُوقَ الْوَلَدِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ بِأَنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَكِنْ هَذَا لَا يَمْنَعُ دَعْوَةَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي الدَّعْوَى إنْ سَبَقَ الْمُشْتَرِي صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَإِنْ سَبَقَ الْبَائِعُ ثُمَّ ادَّعَى الْمُشْتَرِي لَا تَصِحُّ دَعْوَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي إثْبَاتِ النَّسَبِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ ادَّعَيَاهُ مَعًا فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ دَعْوَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَكُونُ الْوَلَدُ عَبْدًا لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ وَقَعَ الشَّكُّ فِي ثَبَاتِ النَّسَبِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَثْبُتُ مِنْ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ ثَبَتَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَثْبُتْ مِنْ الْبَائِعِ فَلَا يَثْبُتُ مَعَ الشَّكِّ وَهَذَا عِنْدَنَا وَعِنْدَ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ يَثْبُتُ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ

ص: 332

تَعَالَى فَاحْفَظْهُ

قَالَ رحمه الله (وَمَنْ ادَّعَى نَسَبَ أَحَدِ التَّوْأَمَيْنِ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا مِنْهُ) لِمَا بَيَّنَّا وَإِنَّمَا يُعْرَفُ أَنَّهُمَا تَوْأَمَانِ إذَا كَانَ بَيْنَ وِلَادَتِهِمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَلَيْسَا بِتَوْأَمَيْنِ لِأَنَّ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَإِذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ آخَرَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ يُعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُمَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ إذْ لَا يُمْكِنُ عُلُوقُ الثَّانِي بَعْدَ الْوِلَادَةِ لِمَا ذَكَرْنَا وَلَا يُمْكِنُ عُلُوقُهُ وَهِيَ حُبْلَى بِالْأَوَّلِ لِأَنَّ فَمَ الرَّحِمِ مَسْدُودٌ لَا يَنْفَتِحُ وَهِيَ حُبْلَى إلَّا لِخُرُوجِ الْوَلَدِ

قَالَ رحمه الله (وَإِنْ بَاعَ أَحَدَهُمَا فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي بَطَلَ عِتْقُ الْمُشْتَرِي) مَعْنَاهُ إذَا بَاعَ أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ الَّذِي لَمْ يَبِعْهُ أَنَّهُ ابْنُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا مِنْهُ وَبَطَلَ عِتْقُ الْمُشْتَرِي فِيهِ لِأَنَّ دَعْوَةَ الْبَائِعِ صَحَّتْ فِي الَّذِي لَمْ يَبِعْهُ لِمُصَادَفَتِهِ الْعُلُوقَ وَالدَّعْوَى مِلْكَهُ فِيهِ فَثَبَتَ نَسَبُهُ وَمِنْ ضَرُورَتِهِ ثُبُوتُ نَسَبِ الْآخَرِ مِنْهُ لِأَنَّهُمَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ فَيَلْزَمُ مِنْهُ بُطْلَانُ عِتْقِ الْمُشْتَرِي لِكَوْنِهِمَا حُرَّيْ الْأَصْلِ إذْ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا حُرَّ الْأَصْلِ وَالْآخَرُ رَقِيقًا وَهُمَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ فَيَكُونُ نَقْضُ الْعِتْقِ بِمَا هُوَ فَوْقَهُ وَهِيَ الْحُرِّيَّةُ الثَّابِتَةُ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ وَاحِدًا حَيْثُ لَا يَبْطُلُ فِيهِ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي بِدَعْوَى الْبَائِعِ نَسَبَهُ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِيهِ لَوْ بَطَلَ لَبَطَلَ مَقْصُودًا لِأَجْلِ حَقِّ الدَّعْوَةِ لِلْبَائِعِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَجْهَهُ وَهُنَا تَثْبُتُ الْحُرِّيَّةُ فِي الَّذِي لَمْ يَبِعْهُ ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى الْآخَرِ ضِمْنًا وَتَبَعًا وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ يَثْبُتُ ضِمْنًا وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ مَقْصُودًا هَذَا إذَا كَانَ أَصْلُ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِهِ بِأَنْ اشْتَرَاهُمَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ أَوْ اشْتَرَى أُمَّهُمَا وَهِيَ حُبْلَى بِهِمَا أَوْ بَاعَهَا فَجَاءَتْ بِهِمَا لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ فَيَثْبُتُ نَسَبُهُمَا أَيْضًا لِأَنَّهُمَا لَا يَفْتَرِقَانِ فِيهِ لِمَا ذَكَرْنَا لَكِنْ لَا يَعْتِقُ الَّذِي لَيْسَ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ أَعْتَقَهُ لَا يَبْطُلُ عِتْقُهُ لِأَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَةَ دَعْوَةُ تَحْرِيرٍ لِعَدَمِ الْعُلُوقِ فِي الْمِلْكِ فَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا مَنْ يَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ فَلِهَذَا شَرَطَ لِنُزُولِ الْعِتْقِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ فِي مِلْكِهِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِهِ حَيْثُ يَعْتِقَانِ جَمِيعًا لِأَنَّهَا دَعْوَةُ اسْتِيلَادٍ فَتُسْتَنَدُ وَمِنْ ضَرُورَتِهِ عِتْقُهُمَا بِطَرِيقِ أَنَّهُمَا حُرَّا الْأَصْلِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَ حُرًّا

قَالَ رحمه الله (صَبِيٌّ عِنْدَ رَجُلٍ فَقَالَ هُوَ ابْنُ فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ هُوَ ابْنِي لَمْ يَكُنْ ابْنَهُ وَإِنْ جَحَدَ أَنْ يَكُونَ ابْنَهُ) مَعْنَاهُ إذَا كَانَ صَبِيٌّ عِنْدَ رَجُلٍ فَقَالَ الرَّجُلُ الَّذِي عِنْدَهُ الصَّبِيُّ هَذَا الصَّبِيُّ ابْنُ فُلَانِ الْغَائِبِ ثُمَّ قَالَ هُوَ ابْنِي لَمْ يَكُنْ ابْنَهُ أَبَدًا وَإِنْ جَحَدَ فُلَانٌ الْغَائِبُ أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ ابْنَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ لِهَذَا الْحُكْمِ أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ فِي يَدِهِ وَاشْتِرَاطُهُ فِي الْكِتَابِ وَقَعَ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْ الْغَيْرِ وَذَلِكَ يَمْنَعُ ثُبُوتَ نَسَبِهِ مِنْهُ بِدَعْوَتِهِ لِأَنَّ إقْرَارَهُ حُجَّةٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَقَالَا تَصِحُّ دَعْوَةُ الْمُقِرِّ بَعْدَ جُحُودِ الْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَكُونَ ابْنَهُ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بَطَلَ بِجُحُودِ الْمُقَرِّ لَهُ فَصَارَ كَأَنْ لَمْ يُقِرَّ وَلِهَذَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِدَعْوَتِهِ لَوْ كَانَ عَبْدًا لَهُ وَهَذَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالنَّسَبِ مِمَّا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ إذْ الْإِقْرَارُ بِمَا لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ مُلْحَقٌ بِالْإِقْرَارِ بِمَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ وَلِهَذَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْهَزْلُ وَالْإِكْرَاهُ حَتَّى لَا يَصِحَّ مَعَهُمَا وَإِنْ كَانَا لَا يُؤَثِّرَانِ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ فَصَارَ كَمَا إذَا أَقَرَّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِإِعْتَاقِ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ ثُمَّ قَالَ الْمُشْتَرِي أَنَا أَعْتَقْتُهُ فَإِنَّ الْوَلَاءَ يَتَحَوَّلُ إلَيْهِ فَكَذَا هَذَا وَلِأَنَّ إقْرَارَهُ لَهُ بِالنَّسَبِ نَفْيٌ لِلنَّسَبِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ إنْكَارٌ لِوُجُوبِ الْحُقُوقِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْإِقْرَارَ بِهِ بَعْدَهُ بِأَنْ قَالَ لَيْسَ هُوَ بِابْنِي ثُمَّ قَالَ هُوَ ابْنِي فَكَذَا هَذَا وَلِهَذَا يَصِحُّ إكْذَابُ الْمُلَاعِنِ نَفْسَهُ بَعْدَ نَفْيِ النَّسَبِ عَنْهُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

لَمَّا وَقَعَ الشَّكُّ كَانَ الْإِثْبَاتُ أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِيَاطِ هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ خُوَاهَرْزَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَمَنْ ادَّعَى نَسَبَ أَحَدِ التَّوْأَمَيْنِ) قَالَ فِي الْمُغْرِبِ التَّوْأَمُ اسْمٌ لِلْوَلَدِ إذَا كَانَ مَعَهُ آخَرُ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ وَيُقَالُ هُمَا تَوْأَمَانِ كَمَا يُقَالُ هُمَا زَوْجَانِ وَقَوْلُهُمْ هُوَ تَوْأَمُ وَهُمَا زَوْجٌ خَطَأٌ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ إلَخْ) مِنْ هُنَا إلَى قَوْلِهِ وَالْمَالُ مَحِلُّهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَتْنِ عَلَيَّ وَقَبْلِي إقْرَارٌ بِدَيْنٍ مَخْرُومٌ مِنْ نُسْخَةِ الشَّارِحِ اهـ

(قَوْلُهُ هَذَا إذَا كَانَ أَصْلُ الْعُلُوقِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ وَإِذَا وَلَدَتْ أَمَةُ الرَّجُلِ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَكُنْ أَصْلُ الْحَبَلِ عِنْدَهُ فَبَاعَ أَحَدَهُمَا وَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَهُمَا ابْنَاهُ وَلَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ وَلَا عِتْقُ الْمُشْتَرِي أَمَّا ثَبَاتُ النَّسَبِ فَلِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ نَسَبُ أَحَدِهِمَا ثَبَتَ نَسَبُ الثَّانِي ضَرُورَةَ أَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَقْبَلُ الْفَصْلَ عَنْ الْآخَرِ وَأَمَّا عَدَمُ انْتِقَاضِ الْبَيْعِ فَلِأَنَّهُ حَدَثَ فِي الْمَحِلِّ مَا يَمْنَعُ الِانْتِقَاضَ وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ إثْبَاتُ الْحُرِّيَّةِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ فَلَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ فِيهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا لَا يَفْتَرِقَانِ) فَكَانَ قَوْلُهُ هَذَا ابْنِي مَجَازًا عَنْ قَوْلِهِ هَذَا حُرٌّ وَإِعْتَاقُ أَحَدِ التَّوْأَمَيْنِ يَنْفَصِلُ عَنْ عِتْقِ الْآخَرِ فَيَقْتَصِرُ هَذَا الْعِتْقُ عَلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَصَارَ كَأَنَّ الْبَائِعَ أَعْتَقَهُمَا فَيُعْتِقُ مَنْ فِي مِلْكِهِ فَحَسْبُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ وَاشْتَرَى أَبُو الْمُشْتَرِي الْآخَرَ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا نَسَبَهُ حَيْثُ يَعْتِقُ كِلَاهُمَا وَهَذِهِ دَعْوَةُ تَحْرِيرٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لِمَا أَنَّ أَحَدَهُمَا إمَّا إنْ كَانَ أَبَا الْمُشْتَرِي أَوْ ابْنَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ أَبَا الْمُشْتَرِي فَالِابْنُ مَلَكَ أَخَاهُ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الِابْنُ فَالْأَبُ مَلَكَ حَافِدَهُ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ كَذَا ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ نَقَلَهُ الشَّيْخُ الشِّلْبِيُّ مِنْ خَطِّ قَارِئِ الْهِدَايَةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَإِنْ جَحَدَ) أَيْ الْغَائِبُ اهـ (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ ابْنَهُ) وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الصَّبِيِّ يَكُونُ فِي يَدَيْ الرَّجُلِ قَالَ هُوَ ابْنُ عَبْدِي الْغَائِبِ ثُمَّ يَقُولُ هُوَ ابْنِي قَالَ لَا يَكُونُ ابْنَهُ أَبَدًا وَقَالَ يَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ إذَا جَحَدَ الْعَبْدُ أَنْ يَكُونَ ابْنَهُ كَانَ ابْنَ الْمَوْلَى إلَى هُنَا لَفْظُ أَصْلِ الْجَامِعِ (قَوْلُهُ وَاشْتِرَاطُهُ فِي الْكِتَابِ) أَيْ بِقَوْلِهِ عِنْدَ رَجُلٍ. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ إقْرَارَهُ) أَيْ بِأَنَّ هَذَا ابْنُ فُلَانٍ اهـ

ص: 333

بِخِلَافِ مَا إذَا صَدَّقَهُ لِأَنَّهُ يَدَّعِي نَسَبًا ثَابِتًا مِنْ غَيْرِهِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَى اعْتِبَارِ تَصْدِيقِهِ كَوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُلَاعِنِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهِ بِتَكْذِيبِ نَفْسِهِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّ النَّسَبَ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَالْإِقْرَارَ بِمِثْلِهِ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فَيَبْقَى فِي حَقِّ نَفْسِهِ لِأَنَّ إقْرَارَهُ حُجَّةٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ كَمَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِ الْغَيْرِ فَكَذَّبَهُ الْمَوْلَى فَإِنَّهُ يَبْقَى فِي حَقِّ الْمُقِرِّ حُرًّا وَلَا يَرْتَدُّ بِإِقْرَارِهِ حَتَّى لَوْ مَلَكَهُ يَوْمًا عَتَقَ عَلَيْهِ لِإِقْرَارِهِ بِذَلِكَ وَكَمَنْ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ بِنَسَبٍ صَغِيرٍ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِتُهْمَةٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ الشَّاهِدُ لِنَفْسِهِ فَإِنَّ دَعْوَاهُ لَا تُقْبَلُ لِإِقْرَارِهِ بِهِ لِلْغَيْرِ وَهَذَا لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْمُقَرِّ لَهُ حَتَّى لَوْ صَدَّقَهُ بَعْدَ التَّكْذِيبِ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَكَذَا لَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْوَلَدِ فَلَا يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ فَصَارَ كَدَعْوَاهُ قَبْلَ الرَّدِّ وَلِأَنَّ مُوجَبَ إقْرَارِهِ شَيْئَانِ ثُبُوتُ النَّسَبِ مِنْ الْغَيْرِ وَإِبْطَالُ حَقِّ نَفْسِهِ فِي الدَّعْوَةِ وَإِذَا ارْتَدَّ الْأَوَّلُ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَرْتَدُّ الثَّانِي لِأَنَّ إقْرَارَهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُ مَسْأَلَةُ الْوَلَاءِ لِأَنَّهَا عَلَى الْخِلَافِ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ وَلَئِنْ سُلِّمَ فَالنَّسَبُ أَلْزَمُ مِنْ الْوَلَاءِ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ التَّحَوُّلَ مِنْ جَانِبِ الْأُمِّ إلَى جَانِبِ الْأَبِ عِنْدَ إعْتَاقِ الْأَبِ وَكَذَا إذَا ارْتَدَّتْ مُعْتَقَةٌ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ وَسُبِيَتْ وَأَعْتَقَهَا الْمَوْلَى الثَّانِي كَانَ الْوَلَاءُ لَهُ وَالنَّسَبُ لَا يَقْبَلُهُ كَمَا مَرَّ فِي وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ إذَا ادَّعَاهُ لِإِقْرَارِهِ بِهِ كَمَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ الثَّابِتِ نَسَبُهُ مِنْ غَيْرِهِ هُوَ ابْنِي وَهَذَا يَصْلُحُ حِيلَةً فِيمَنْ يَبِيعُ عَبْدًا أَصْلُ عُلُوقِهِ عِنْدَهُ وَيَخَافُ عَلَيْهِ الدَّعْوَةَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْبَائِعِ فَيَبْطُلُ دَعْوَاهُ بِنَسَبِهِ لِغَيْرِهِ مُطْلَقًا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَرُدَّ الْمُقَرُّ لَهُ النَّسَبَ بِأَنْ يَسْكُتَ أَوْ يُقِرَّ بِهِ لِمَيِّتٍ أَوْ لِغَائِبٍ لَا يُعْرَفُ

قَالَ رحمه الله (وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ ابْنِي وَقَالَ الْمُسْلِمُ عَبْدِي فَهُوَ حُرٌّ ابْنُ النَّصْرَانِيِّ) أَيْ لَوْ كَانَ الصَّبِيُّ فِي أَيْدِيهِمَا فَادَّعَى النَّصْرَانِيُّ أَنَّهُ ابْنُهُ وَالْمُسْلِمُ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَادَّعَيَاهُ مَعًا كَانَ حُرًّا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ لِأَنَّهُ يَنَالُ بِذَلِكَ شَرَفَ الْحُرِّيَّةِ فِي الْحَالِ وَالْإِسْلَامِ فِي الْمَآلِ إذْ دَلَائِلُ الْوَحْدَانِيَّةِ ظَاهِرَةٌ فَكَانَ فِيهِ الْجَمْعُ بَيْنَ

الْمَصْلَحَتَيْنِ

وَفِي عَكْسِهِ فَوَاتُ شَرَفِ الْحُرِّيَّةِ إذْ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى اكْتِسَابِهَا فَكَانَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَوْلَى وَلَا يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلْمُسْلِمِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ مُرَجَّحٌ لِأَنَّا نَقُولُ التَّرْجِيحُ يَكُونُ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَهُوَ الِاسْتِوَاءُ وَلَا تَعَارُضَ هُنَا لِأَنَّ النَّظَرَ لَهُ فِيمَا قُلْنَا أَوْفَرُ فَانْتَفَى الِاسْتِوَاءُ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ ابْنُهُ حَيْثُ يَكُونُ الْمُسْلِمُ فِيهِ أَوْلَى لِاسْتِوَائِهِمَا فِي دَعْوَى الْبُنُوَّةِ فَيُرَجَّحُ الْمُسْلِمُ بِالْإِسْلَامِ وَهُوَ أَوْفَرُ لِلصَّبِيِّ لِحُصُولِ الْإِسْلَامِ لَهُ فِي الْحَالِ تَبَعًا لِأَبِيهِ

قَالَ رحمه الله (وَإِنْ كَانَ صَبِيٌّ فِي يَدِ زَوْجَيْنِ فَزَعَمَ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ غَيْرِهَا وَزَعَمَتْ أَنَّهُ ابْنُهَا مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ ابْنُهُمَا) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَقَرَّ لِلْوَلَدِ بِالنَّسَبِ وَادَّعَى مَا يُبْطِلُ حَقَّ صَاحِبِهِ فَصَحَّ إقْرَارُهُمَا لَهُ وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ صَاحِبِهِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ وَلَا يَتَرَجَّحُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ لِاسْتِوَاءِ أَيْدِيهِمَا فِيهِ وَقِيَامِ أَيْدِيهِمَا عَلَيْهِ وَقِيَامُ الْفِرَاشِ بَيْنَهُمَا دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُمَا كَثَوْبٍ فِي يَدِ رَجُلَيْنِ يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ هَذَا الثَّوْبُ لِي وَلِفُلَانٍ آخَرَ غَيْرِك وَلَيْسَ لَك أَنْتَ فِيهِ شَيْءٌ كَانَ الثَّوْبُ بَيْنَهُمَا وَلَا يُصَدَّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي إبْطَالِ حَقِّ صَاحِبِهِ فِيهِ إلَّا أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يُشَارِكُ الْمُقِرَّ فِي نَصِيبِهِ لِأَنَّ الْمَحِلَّ يَحْتَمِلُ الشَّرِكَةَ وَفِي النَّسَبِ لَا يُشَارِكُ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُهَا هَذَا إذَا كَانَ الصَّبِيُّ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ يُعَبِّرُ فَالْقَوْلُ لَهُ أَيُّهُمَا صَدَقَ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ

قَالَ رحمه الله (وَلَدَتْ مُشْتَرَاتُهُ فَاسْتُحِقَّتْ غَرِمَ الْأَبُ قِيمَةَ الْوَلَدِ وَهُوَ حُرٌّ) يَعْنِي لَوْ اشْتَرَى أَمَةً فَوَلَدَتْ مِنْهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا مُسْتَحِقٌّ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الْوَلَدِ وَالْوَلَدُ حُرٌّ وَكَذَا إذَا مَلَكَهَا بِسَبَبٍ آخَرَ غَيْرِ الشِّرَاءِ أَيِّ سَبَبٍ كَانَ وَكَذَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ لَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه فِي النِّكَاحِ وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ النَّسَبَ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالنَّسَبِ مِنْ الْغَيْرِ إقْرَارٌ بِمَا لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ فَلَا يَصِحُّ دَعْوَةُ الْمُقِرِّ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا قُلْنَا أَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ لِأَنَّ فِي زَعْمِ الْمُقِرِّ أَنَّهُ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ الْغَيْرِ وَالنَّسَبُ إذَا ثَبَتَ لَا يُنْتَقَضُ بِالْجُحُودِ وَالتَّكْذِيبِ وَلِهَذَا لَوْ عَادَ الْمُقَرُّ لَهُ إلَى تَصْدِيقِهِ جَازَ وَثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُ وَصَارَ كَاَلَّذِي لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ اهـ

(قَوْلُهُ وَادَّعَيَاهُ مَعًا) وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِ لَوْ سَبَقَتْ يَكُونُ عَبْدًا لِلْمُسْلِمِ اهـ مِنْ خَطِّ قَارِئِ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ مُرَجِّحٌ) بِكَسْرِ الْجِيمِ. اهـ. (قَوْلُهُ حَيْثُ يَكُونُ الْمُسْلِمُ فِيهِ أَوْلَى) وَهَذَا عِنْدَنَا وَقَالَ زُفَرُ يَسْتَوِيَانِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُحَكَّمُ الْقَائِفُ كَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْزَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَإِنْ كَانَ صَبِيٌّ فِي يَدِ زَوْجَيْنِ إلَخْ) قَالَ التُّمُرْتَاشِيُّ التَّنَاقُضُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ دَعْوَى النَّسَبِ حَتَّى لَوْ قَالَ رَجُلٌ هُوَ ابْنِي مِنْك مِنْ زِنًا وَقَالَتْ مِنْ نِكَاحٍ ثُمَّ قَالَ الرَّجُلُ مِنْ نِكَاحٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ فَلَوْ قَالَتْ ابْنِي مِنْك مِنْ نِكَاحٍ وَقَالَ مِنْ زِنًا لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْهُمَا لِعَدَمِ اتِّفَاقِهِمَا فِي النِّكَاحِ فَلَوْ قَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ ابْنِي مِنْك مِنْ نِكَاحٍ ثَبَتَ لِمَا قُلْنَا اهـ مِنْ خَطِّ قَارِئِ الْهِدَايَةِ رحمه الله (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ يُعَبِّرُ) أَيْ وَلَيْسَ هُنَاكَ رِقٌّ ظَاهِرٌ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَدَتْ مُشْتَرَاتُهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَلَدَتْ وَلَدًا عِنْدَهُ فَاسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ غَرِمَ الْأَبُ قِيمَةَ الْوَلَدِ يَوْمَ يُخَاصَمُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ أَيْ قَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ وَصُورَتُهَا فِيهِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا فَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ قَالَ يَغْرَمُ الْأَبُ لِلْمَوْلَى قِيمَةَ الْوَلَدِ يَوْمَ تَخَاصَمَ إنْ جَاءَ وَالْوَلَدُ حَيٌّ وَإِنْ جَاءَ وَالْوَلَدُ قَدْ مَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِنْ جَاءَ وَقَدْ مَاتَ الْوَلَدُ وَتَرَك عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ وَإِنْ قُتِلَ الْوَلَدُ فَأَخَذَ الْوَالِدُ دِيَتَهُ فَعَلَى الْأَبِ قِيمَتُهُ إلَى هُنَا لَفْظُ مُحَمَّدٍ فِي أَصْلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ

ص: 334

عَنْهُ فِي الشِّرَاءِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ إجْمَاعًا وَلِأَنَّ النَّظَرَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَاجِبٌ إذْ الْمَغْرُورُ مَعْذُورٌ لِأَنَّهُ بَنَى الْأَمْرَ عَلَى سَبَبٍ صَحِيحٍ شَرْعًا وَالْأَمَةُ مِلْكُ الْمُسْتَحِقِّ وَالْوَلَدُ جُزْؤُهَا فَاسْتَوْجَبَ الْآخَرُ النَّظَرَ فَوَجَبَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مَهْمَا أَمْكَنَ مُرَاعَاةً لِحَقِّهِمَا وَذَلِكَ بِأَنْ يُجْعَلَ الْوَلَدُ حُرَّ الْأَصْلِ فِي حَقِّ الْأَبِ وَرَقِيقًا فِي حَقِّ الْمُسْتَحِقِّ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأَصْلِ سَبَبٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْجُزْءِ فَيَضْمَنُ الْأَبُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ لِأَنَّهُ يَوْمُ الْمَنْعِ وَالتَّحَوُّلِ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِقَ رَقِيقًا فِي حَقِّ الْمَوْلَى كَانَ حَقُّهُ فِي عَيْنِ الْوَلَدِ وَإِنَّمَا يَتَحَوَّلُ إلَى الْقِيمَةِ بِالْقَضَاءِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ وَقْتَ التَّحَوُّلِ وَتَجِبُ هَذِهِ الْقِيمَةُ عَلَى الْأَبِ دُونَ الْوَلَدِ حَتَّى إذَا كَانَ الْأَبُ مَيِّتًا يُؤْخَذُ مِنْ تِرْكَتِهِ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الدَّفْعِ ثُبُوتُ النَّسَبِ وَهُوَ مِنْ الْأَبِ دُونَهُ وَلَا وَلَاءَ لِلْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ حُرَّ الْأَصْلِ وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا الرِّقَّ ضَرُورَةَ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ فَلَا تَعْدُ مَوْضِعَهَا ثُمَّ هَذَا الْغُرُورُ إنْ كَانَ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ فِي النِّكَاحِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِهَا وَبِوَلَدِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ عِنْدَ إقَامَةِ الْمُسْتَحِقِّ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ لِأَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهَا لِلْمُسْتَحِقِّ وَفَرْعُهَا يَتْبَعُهَا إلَّا إذَا أَثْبَتَ الزَّوْجُ أَنَّهُ مَغْرُورٌ بِأَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَيَثْبُتُ بِهِ حُرِّيَّةُ الْأَصْلِ لِلْأَوْلَادِ

قَالَ رحمه الله (فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ لَمْ يَضْمَنْ الْأَبُ قِيمَتَهُ) يَعْنِي لَوْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ الْخُصُومَةِ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَبِ شَيْءٌ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَوْ كَانَ مَمْلُوكًا لِلْمُسْتَحِقِّ حَقِيقَةً لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَإِنَّ الْوَلَدَ الْمَغْصُوبَ أَمَانَةٌ عِنْدَنَا عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ الْمِلْكِ حَقِيقَةً وَكَذَا لَوْ تَرَكَ مَالًا لِأَنَّ الْإِرْثَ لَيْسَ بِبَدَلٍ عَنْهُ فَلَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَلَمْ يَجْعَلْ سَلَامَةَ الْإِرْثِ كَسَلَامَةِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَتَلَهُ قَاتِلٌ وَقَبَضَ الْأَبُ مِنْ دِيَتِهِ قَدْرَ قِيمَتِهِ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ قِيمَتِهِ لِأَنَّ سَلَامَةَ بَدَلِهِ كَسَلَامَتِهِ وَمَنْعَ بَدَلِهِ كَمَنْعِهِ

وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَنْعَ لَا يَتَحَقَّقُ فِيمَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ وَإِنْ قَبَضَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ بِقَدْرِهِ اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ وَبِخِلَافِ مَا إذَا قَتَلَهُ الْأَبُ لِأَنَّ الْمَنْعَ تَحَقَّقَ بِقَتْلِهِ كَمَا فِي وَلَدِ الْمَغْصُوبِ إذَا أَتْلَفَهُ الْغَاصِبُ قَالَ رحمه الله (وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ وَقِيمَتِهِ عَلَى بَائِعِهِ لَا بِالْعُقْرِ) أَيْ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِ الْجَارِيَةِ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى بَائِعِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ الْعُقْرِ بِوَطْئِهَا لِأَنَّ الْبَائِعَ صَارَ كَفِيلًا بِمَا شُرِطَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَدَلِ لِأَنَّ الْبَيْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى مُسَاوَاةِ الْبَدَلَيْنِ فِي حُكْمِ الضَّمَانِ فَلَمَّا كَانَ الثَّمَنُ مِنْ جَانِبِ الْمُشْتَرِي سَالِمًا لِلْبَائِعِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ سَالِمًا لِلْمُشْتَرِي وَذَلِكَ بِأَنْ يَجْعَلَ الْبَائِعَ كَفِيلًا بِسَبَبِ تَمَلُّكِ الْبَدَلِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ لِلْمُشْتَرِي إنَّ الْحُكْمَ قَدْ ثَبَتَ لَك فَإِنْ ضَمِنَك أَحَدٌ بِدَعْوَى بَاطِلٍ فَأَنَا ضَامِنٌ لَك بِمَا ضَمِنَك وَلِأَنَّ الْبَائِعَ الْتَزَمَ سَلَامَتَهَا عَنْ الْعَيْبِ إذْ الْمُعَاوَضَةُ تَقْتَضِي ذَلِكَ وَلَا عَيْبَ فَوْقَ الِاسْتِحْقَاقِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ

وَكَذَا إنْ هَلَكَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَضَمَّنَهُ الْمُسْتَحِقُّ قِيمَتَهَا وَقِيمَةَ الْأَوْلَادِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَبِمَا ضَمِنَ مِنْ قِيمَةِ الْأَوْلَادِ لِمَا بَيَّنَّا وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ لِأَنَّ أَخْذَ قِيمَتِهَا مِنْهُ كَأَخْذِ عَيْنِهَا وَفِيهِ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِالثَّمَنِ فَكَذَا هَذَا وَكَذَا إذَا زَوَّجَهُ رَجُلٌ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ يَرْجِعُ الْأَبُ عَلَى الْمُزَوِّجِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ إذْ الِاسْتِيلَادُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّزْوِيجِ وَشَرْطُ الْحُرِّيَّةِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصْفِ اللَّازِمِ لِهَذَا التَّزْوِيجِ فَيَكُونُ الِاسْتِيلَادُ بِنَاءً عَلَى التَّزْوِيجِ وَشَرْطِ الْحُرِّيَّةِ فَكَانَ الشَّارِطُ صَاحِبَ عِلَّةٍ فَنَزَلَ كَالْقَائِلِ أَنَا كَفِيلٌ بِمَا لَحِقَك بِسَبَبِ هَذَا الْعَقْدِ أَوْ يُقَالُ مَا لَزِمَهُ مِنْ الضَّمَانِ إنَّمَا لَزِمَهُ بِالِاسْتِيلَادِ وَالِاسْتِيلَادُ حُكْمُ التَّزْوِيجِ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لَهُ فَكَانَ الْمُزَوِّجُ صَاحِبَ عِلَّةٍ فَيُضَافُ الْحُكْمُ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخْبَرَهُ رَجُلٌ أَنَّهَا حُرَّةٌ أَوْ أَخْبَرَتْهُ هِيَ وَتَزَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْحُرِّيَّةِ حَيْثُ يَكُونُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

وَالْمُغَرَّرُ مَنْ يَسْتَوْلِدُ امْرَأَةً مُعْتَمِدًا عَلَى مِلْكِ يَمِينٍ أَوْ نِكَاحٍ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ ثُمَّ يَسْتَحِقُّهَا رَجُلٌ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهَا أَمَةٌ وَوَلَدُهَا حُرٌّ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ ثُمَّ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ وَلَدَ الْمُغَرَّرِ إنَّمَا يَكُونُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ إذَا كَانَ الْمُغَرَّرُ حُرًّا أَمَّا إذَا كَانَ مُكَاتَبًا أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التَّزْوِيجِ يَكُونُ وَلَدُهُ عَبْدًا لِلْمُسْتَحِقِّ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَسَيَجِيءُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْمَكَاتِبِ اهـ (قَوْلُهُ وَلَا وَلَاءَ لِلْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَلَدِ. اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ لَمْ يَضْمَنْ الْأَبُ) أَيْ وَهُوَ الْمُشْتَرِي. اهـ. (قَوْلُهُ لَوْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ الْخُصُومَةِ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ إنْ جَاءَ الْمُسْتَحِقُّ بَعْدَ مَا مَاتَ الْوَلَدُ وَتَرَك عَشَرَةَ آلَافٍ وَرِثَهُ أَبُوهُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ عُلِّقَ حُرًّا فِي حَقِّ الْمُسْتَوْلِدِ وَلَا يَغْرَمُ الْأَبُ قِيمَةَ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْ الْوَلَدَ وَالْمِيرَاثُ لَيْسَ بِبَدَلٍ عَنْ الْوَلَدِ حَتَّى يَكُونَ مَنْعُهُ كَمَنْعِ الْوَلَدِ وَلَوْ قَتَلَ الْأَبُ الْوَلَدَ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ لِأَنَّهُ مَنَعَهُ مِنْهُ وَكَذَا لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ وَأَخَذَ دِيَتَهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِأَنَّ سَلَامَةَ الْبَدَلِ كَسَلَامَةِ الْوَلَدِ وَمَنْعُهُ كَمَنْعِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ الدِّيَةَ مِنْ الْقَاتِلِ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْ الْوَلَدَ أَصْلًا لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا كَذَا ذَكَرَ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِيخَانْ وَغَيْرُهُ فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ فِي شَرْحِهِ لِمُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ وَيَغْرَمُ الْوَاطِئُ الْعُقْرَ لِلْمُسْتَحِقِّ لِأَنَّهُ وَطِئَ مِلْكَ الْغَيْرِ بِشُبْهَةٍ وَلَا يَرْجِعُ بِالْعُقْرِ عَلَى الْغَارِّ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ جُزْءٍ أَتْلَفَهُ مِنْهَا وَتَنَاوَلَهُ لِنَفْسِهِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَهَا لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي قَالَ وَإِذَا أَبَقَتْ الْأَمَةُ فَأَتَتْ رَجُلًا فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا حُرَّةٌ وَتَزَوَّجَهَا عَلَى ذَلِكَ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ فِي الظَّاهِرِ أَوْ فَاسِدٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ أَقَامَ مَوْلَاهَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ فَقَضَى بِهَا لَهُ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِالْوَلَدِ أَيْضًا لِمَوْلَى الْجَارِيَةِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ جَعَلَتْ الْوَلَدَ حُرًّا وَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَضْعُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَزَوَّجْهَا عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَيَكُونُ هَذَا اغْتِرَارًا مِنْهُ حَيْثُ بَنَى أَمْرَهُ عَلَى مُطْلَقِ خَبَرِهَا فَأَمَّا إذَا شَرَطَ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ يَصِيرُ الزَّوْجُ مَغْرُورًا فَيَكُونُ وَلَدُهُ حُرًّا وَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِ وَجُعِلَتْ عَلَى أَبِيهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ قُضِيَ بِهِ لَهُ دَيْنًا فِي مَالِهِ دُونَ مَالِ الْوَلَدِ. اهـ.

ص: 335

الْوَلَدُ رَقِيقًا وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُخْبِرِ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْإِخْبَارَ سَبَبٌ مَحْضٌ لِأَنَّ الْعَقْدَ حَصَلَ بِاخْتِيَارِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ

وَإِنَّمَا يَأْخُذُ حُكْمَ الْعِلَّةِ بِالْغَرَرِ وَذَلِكَ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ بِالشَّرْطِ أَوْ بِالْمُعَاوَضَةِ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ الْعُقْرِ عَلَى الْبَائِعِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رحمه الله يَرْجِعُ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ لَزِمَهُ بِفَوْتِ السَّلَامَةِ قُلْنَا الْعُقْرُ عِوَضٌ عَمَّا اسْتَوْفَى مِنْ مَنَافِعِ الْبُضْعِ فَلَوْ رَجَعَ بِهِ سُلِّمَ لَهُ الْمُسْتَوْفَى مَجَّانًا وَالْوَطْءُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَلَّمَ لَهُ مَجَّانًا وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَاهِبِ وَالْمُتَصَدِّقِ وَالْمُوصِي بِشَيْءٍ مِنْ قِيمَةِ الْأَوْلَادِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رحمه الله يَرْجِعُ لِأَنَّ الْغَرَرَ قَدْ تَحَقَّقَ لَهُ مِنْهُ بِإِيجَابِهِ الْمِلْكَ لَهُ فِيهَا وَإِخْبَارِهِ أَنَّهَا مَمْلُوكَتُهُ قُلْنَا مُجَرَّدُ الْغَرَرِ لَا يَكْفِي لِلرُّجُوعِ فَإِنَّ مَنْ أَخْبَرَ إنْسَانًا أَنَّ هَذَا الطَّرِيقَ آمِنٌ فَسَلَكَهَا فَأَخَذَ اللُّصُوصُ مَالَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُخْبِرِ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةِ يُوجِبُ السَّلَامَةَ أَوْ الضَّمَانَ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَهَذَا تَبَرَّعَ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَلَيْسَ عَلَى الْمُحْسِنِ مِنْ سَبِيلٍ وَبِخِلَافِ التَّزَوُّجِ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلِاسْتِيلَادِ وَطَلَبِ النَّسْلِ قَالَ عليه الصلاة والسلام «تَنَاكَحُوا تَوَالَدُوا تَكْثُرُوا» الْحَدِيثَ فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِهِ رَجَعَ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ غَرَّهُ وَالْمَقْصُودُ بِوَضْعِ الْهِبَةِ إظْهَارُ الْجُودِ وَالسَّمَاحَةِ وَثُبُوتُ الْمِلْكِ

وَهَذَا الْمَقْصُودُ يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الِاسْتِيلَادِ وَلَوْ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ فَاسْتَوْلَدَهَا الثَّانِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ رَجَعَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه وَقَالَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ أَيْضًا لِأَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ ضَمِنَ لِلثَّانِي سَلَامَةَ الْوَلَدِ فِي ضِمْنِ الْبَيْعِ وَلَمْ يُسَلِّمْ لَهُ حَيْثُ أَخَذَ مِنْهُ قِيمَةَ الْوَلَدِ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ كَمَا فِي الثَّمَنِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ ضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي سَلَامَةَ أَوْلَادِهِ دُونَ سَلَامَةِ أَوْلَادِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ لِأَنَّ ضَمَانَ السَّلَامَةِ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْبَيْعِ وَالْبَيْعُ الثَّانِي لَا يُضَافُ إلَيْهِ وَإِنَّمَا يُضَافُ إلَى الْبَائِعِ الثَّانِي لِمُبَاشَرَتِهِ بِاخْتِيَارِهِ فَيَنْقَطِعُ بِهِ تَسَبُّبُ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ ضَمِنَ لِلْبَائِعِ الثَّانِي سَلَامَةَ الْمَبِيعِ فَلَمْ يُسَلِّمْ لَهُ فَلَا يُسَلَّمُ لِبَائِعِهِ الثَّمَنُ وَبِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلَ اسْتَحَقَّهُ سَلِيمًا وَلَمْ يُوجَدْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ م

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ لَزِمَهُ بِفَوْتِ السَّلَامَةِ) أَيْ الْمُسْتَحَقَّةِ فِي الْعَقْدِ كَمَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ اهـ

1 -

(فَرْعٌ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَقَدْ خَتَمَ كِتَابَ الدَّعْوَى فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بِقَوْلِهِ وَإِذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ أَنَا أُمُّ وَلَدِ هَذَا الرَّجُلِ وَأَرَادَتْ اسْتِحْلَافَ الرَّجُلِ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ خَاصَّةً لِأَنَّ أُمُومِيَّةَ الْوَلَدِ تَابِعَةٌ لِلنَّسَبِ وَلَا يُرَى الْيَمِينُ فِي النَّسَبِ. اهـ.

ص: 336