المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[القضاء على غائب] - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٤

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْبُيُوعِ)

- ‌[فَصْلٌ يَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالْمَفَاتِيحُ فِي بَيْعِ الدَّارِ وَالشَّجَرُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ]

- ‌بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ

- ‌(بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ)

- ‌(بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ)

- ‌(بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ)

- ‌(فَصْلٌ) (قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِأَمْرِ الْبَائِعِ وَكُلٌّ مِنْ عِوَضَيْهِ مَالٌ

- ‌(بَابُ الْإِقَالَةِ)

- ‌[بَابُ التَّوْلِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ بَيْعُ الْعَقَارِ قَبْلَ قَبْضِهِ]

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌ بَيْعُ الْحَفْنَةِ بِالْحَفْنَتَيْنِ وَالتُّفَّاحَةِ بِالتُّفَّاحَتَيْنِ

- ‌[وَيُعْتَبَرُ التَّعْيِينُ دُونَ التَّقَابُضِ فِي غَيْرِ الصَّرْفِ فِي الرِّبَا]

- ‌ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ

- ‌[بَيْع الْخَبَز بالبر أَوْ الدَّقِيق متفاضلا]

- ‌لَا رِبَا بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ)

- ‌بَابُ الْحُقُوقِ

- ‌[لَا ربا بَيْن الْحَرْبِيّ والمسلم فِي دَار الْحَرْب]

- ‌[الظُّلَّةُ هَلْ تدخل فِي بَيْعِ الدَّارِ]

- ‌بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌(مَبِيعَةٌ وَلَدَتْ فَاسْتُحِقَّتْ بِبَيِّنَةٍ

- ‌[قَالَ عَبْد لمشتر اشتريني فَأَنَا حُرّ فاشتراه فَإِذَا هُوَ عَبْد]

- ‌ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ

- ‌[ادَّعَى حقا مَجْهُولًا فِي دَار فصولح عَلَى مَاله]

- ‌ عِتْقُ مُشْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ بِإِجَازَةِ بَيْعِهِ

- ‌[أرش الْعَبْد إذَا قَطَعَتْ يَده عِنْد الْمُشْتَرِي]

- ‌ بَاعَ دَارَ غَيْرِهِ فَأَدْخَلَهَا الْمُشْتَرِي فِي بِنَائِهِ

- ‌(بَابُ السَّلَمِ)

- ‌[مَا يَجُوز السَّلَم فِيهِ وَمَا لَا يَجُوز]

- ‌[ بَيَان شَرْط السَّلَم]

- ‌[السَّلَم والاستصناع فِي الْخَفّ والطست والقمقم]

- ‌(بَابُ الْمُتَفَرِّقَاتِ)

- ‌[حُكْم بَيْع الْكَلْب]

- ‌ اشْتَرَى عَبْدًا فَغَابَ فَبَرْهَنَ الْبَائِعُ عَلَى بَيْعِهِ وَغَيْبَتُهُ

- ‌[أفرخ طير أَوْ باض فِي أَرْض رَجُل]

- ‌(مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ

- ‌مَا لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ

- ‌(كِتَابُ الصَّرْفِ)

- ‌ التَّصَرُّفُ فِي ثَمَنِ الصَّرْفِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌ اشْتَرَى شَيْئًا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ فُلُوسٍ

- ‌(كِتَابُ الْكَفَالَةِ)

- ‌[ الْكِفَالَة بِالنَّفْسِ وَإِنَّ تَعَدَّدَتْ]

- ‌[ تَبْطُلُ الْكِفَالَة بموت الْمَطْلُوب والكفيل]

- ‌ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِهُبُوبِ الرِّيحِ

- ‌ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ)

- ‌ الْكَفَالَةُ بِاسْتِيفَاءِ الْحَدِّ، أَوْ الْقِصَاصِ

- ‌[الْكِفَالَة عَنْ مَيِّت مُفْلِس]

- ‌[فَصْلٌ أَعْطَى الْمَطْلُوبُ الْكَفِيلَ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ]

- ‌{بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ}

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌[مَا تَصِحّ فِيهِ الْحَوَالَةِ]

- ‌ طَلَبَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الْمُحِيلَ بِمَا أَحَالَ

- ‌(كِتَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌ تَقَلُّدُ الْقَضَاءِ مِنْ السُّلْطَانِ

- ‌(فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ)

- ‌[بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَغَيْرِهِ]

- ‌ الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ

- ‌[الْقَضَاء عَلَى غَائِب]

- ‌[بَابُ التَّحْكِيمِ]

- ‌[ إقراض الْقَاضِي مَال الْيَتِيم]

- ‌(بَابُ مَسَائِلَ شَتَّى)

- ‌ أَرَادَ صَاحِبُ الْعُلْوِ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى الْعُلْوِ بَيْتًا

- ‌ قَالَ لِآخَرَ اشْتَرَيْتُ مِنِّي هَذِهِ الْأَمَةَ فَأَنْكَرَ

- ‌يَبْطُلُ الصَّكُّ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ)

- ‌ مَاتَ ذِمِّيٌّ فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ أَسْلَمْتُ

- ‌[قَالَ مالي وَمَا أملك فِي الْمَسَاكِين صَدَقَة]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَةِ]

- ‌[شُرُوط الشُّهُود فِي الزِّنَا]

- ‌[مَا يَشْتَرِط للشهادة فِي ثُبُوت الْوِلَادَة والبكارة وَعُيُوب النِّسَاء]

- ‌(بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ)

- ‌(بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ)

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ)

- ‌(كِتَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ)

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ]

- ‌(بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ)

- ‌(كِتَابُ الدَّعْوَى)

- ‌(بَابُ التَّحَالُفِ)

- ‌[فَصْلٌ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الشَّيْءُ أَوْدَعَنِيهِ أَوْ آجَرَنِيهِ أَوْ أَعَارَنِيهِ]

- ‌(بَابُ مَا يَدَّعِيهِ الرَّجُلَانِ)

- ‌(بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ)

الفصل: ‌[القضاء على غائب]

كَانَ تَمْهِيدًا لِلْمُنَازَعَةِ بَيْنَهُمَا وَقَدْ عَهِدْنَا نُفُوذَ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الشَّرْعِ أَلَا تَرَى أَنَّ التَّفْرِيقَ بِاللِّعَانِ يَنْفُذُ بَاطِنًا وَأَحَدُهُمَا كَاذِبٌ بِيَقِينٍ، وَكَذَا إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَتَحَالَفَا يَفْسَخُ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا الْبَيْعَ فَيَنْفُذُ الْقَضَاءُ بَاطِنًا حَتَّى يَحِلَّ لِلْبَائِعِ وَطْءُ الْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ فَكَذَا فِي كُلِّ الْفُسُوخِ وَالْعُقُودِ، وَلَا يَرُدُّ عَلَيْنَا مَا ذَكَرُوا لِأَنَّا نَجْعَلُ حُكْمَ الْحَاكِمِ إنْشَاءً وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ الْمَحَلُّ قَابِلًا.

فَإِذَا كَانَتْ تَحْتَ زَوْجٍ أَوْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً لَا يُقْبَلُ الْإِنْشَاءُ وَإِنَّمَا لَا يُشْتَرَطُ الشُّهُودُ فِي النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ مُقْتَضًى فِي ضِمْنِ صِحَّةِ الْقَضَاءِ وَمَا ثَبَتَ اقْتِضَاءً لَا يُرَاعَى فِيهِ شَرَائِطُهُ وَشَهَادَةُ الْعَبِيدِ وَنَحْوِهِمْ لَيْسَ بِحُجَّةٍ أَصْلًا بِخِلَافِ الْفُسَّاقِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِمْ فَلَمْ تَكُنْ شَهَادَتُهُمْ حُجَّةً وَإِنَّمَا لَا يَنْفُذُ بَاطِنًا فِي الْأَمْلَاكِ الْمُرْسَلَةِ؛ لِأَنَّ فِي أَسْبَابِ الْمِلْكِ تَزَاحُمًا وَلَيْسَ تَعْيِينُ الْبَعْضِ أَوْلَى مِنْ الْبَعْضِ وَإِثْبَاتُ الْمِلْكِ مُطْلَقًا بِغَيْرِ سَبَبٍ لَيْسَ فِي وُسْعِ الْبَشَرِ فَتَعَيَّنَ الْإِلْغَاءُ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى سَبَبًا مُعَيَّنًا كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ وَالْإِقَالَةِ وَالْفُرْقَةِ بِالطَّلَاقِ أَوْ غَيْرِهِ، وَفِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ رِوَايَتَانِ، وَكَذَا فِي الْبَيْعِ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ فِي رِوَايَةٍ لَا يَنْفُذُ بَاطِنًا؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَ التَّبَرُّعَاتِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَالْبَيْعُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ تَبَرُّعٌ مِنْ وَجْهٍ، وَفِي رِوَايَةٍ يَنْفُذُ لِأَنَّ النُّفُوذَ فِي ضِمْنِ صِحَّةِ الْقَضَاءِ، فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ شَرَائِطُهُ، وَلَا يَخْتَصُّ بِمَحَلٍّ وَلِأَنَّ الْبَيْعَ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ لَيْسَ بِتَبَرُّعٍ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ وَالْعَبْدَ الْمَأْذُونَ يَمْلِكَانِهِ وَإِذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا أَبَانَهَا بِثَلَاثٍ أَوْ بِوَاحِدَةٍ فَجَحَدَ الزَّوْجُ فَحَلَّفَهُ الْقَاضِي فَحَلَفَ إنْ عَلِمَتْ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَالَتْ لَا يَسَعُهَا الْإِقَامَةُ مَعَهُ، وَلَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مِيرَاثِهِ شَيْئًا وَهَذَا لَا يُشْكِلُ فِيمَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا لِبُطْلَانِ الْمَحَلِّيَّةِ لِلْإِنْشَاءِ قَبْلَ زَوْجٍ آخَرَ، وَفِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ إنْشَاءَ النِّكَاحِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ الْإِنْشَاءُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَجَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْإِنْشَاءَ إنَّمَا يَثْبُتُ إذَا قَضَى الْقَاضِي بِالنِّكَاحِ وَهُنَا لَمْ يَقْضِ بِهِ لِاعْتِرَافِ الزَّوْجَيْنِ بِالنِّكَاحِ إلَّا أَنَّ الْمَرْأَةَ ادَّعَتْ الْفُرْقَةَ بَيْنَهُمَا وَعَجَزَتْ عَنْ إثْبَاتِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَيَبْقَى مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ فَلَمْ يَحْتَجْ الْقَاضِي إلَى الْقَضَاءِ بِالنِّكَاحِ.

قَالَ رحمه الله (وَلَا يَقْضِي عَلَى غَائِبٍ إلَّا أَنْ يَحْضُرَ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ كَالْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ أَوْ يَكُونَ مَا يَدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ سَبَبًا لِمَا يَدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ كَمَنْ ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدِ غَيْرِهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبَ) وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يَجُوزُ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «قَضَى لِهِنْدٍ امْرَأَةِ أَبِي سُفْيَانَ بِالنَّفَقَةِ وَأَبُو سُفْيَانَ غَائِبٌ فَقَالَ لَهَا خُذِي مِنْ مَالِ أَبِي سُفْيَانَ مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك» وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي» مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ حُضُورِ خَصْمٍ وَلِأَنَّ الْحُجَّةَ وُجِدَتْ عَلَى التَّمَامِ وَهِيَ الْبَيِّنَةُ وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ كَاسْمِهَا فَجَازَ الْقَضَاءُ بِهَا كَمَا إذَا كَانَ الْخَصْمُ حَاضِرًا وَلَنَا «قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام لِعَلِيٍّ رضي الله عنه لَا تَقْضِ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ حَتَّى تَسْمَعَ كَلَامَ الْآخَرِ فَإِنَّك إذَا سَمِعْت كَلَامَ الْآخَرِ عَلِمْت كَيْفَ تَقْضِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ بِمَعْنَاهُ.

وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ لِقَطْعِ الْمُنَازَعَةِ، وَلَا مُنَازَعَةَ هُنَا لِعَدَمِ الْإِنْكَارِ، فَلَا يَصِحُّ وَلِأَنَّ وَجْهَ الْقَضَاءِ يَشْتَبِهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقِرَّ الْخَصْمُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُنْكِرَ وَأَحْكَامُهَا مُخْتَلِفَةٌ فَإِنَّهُ بِالْإِقْرَارِ يَقْتَصِرُ وَبِالْبَيِّنَةِ يَتَعَدَّى، فَلَا يَجُوزُ مَعَ الِاشْتِبَاهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «قَالَ فَإِنَّك إذَا سَمِعْت كَلَامَ الْآخَرِ عَلِمْت كَيْفَ تَقْضِي» فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ بِوَجْهِ الْقَضَاءِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْقَضَاءِ وَأَنَّ الْجَهْلَ بِهِ يَمْنَعُ الْقَضَاءَ وَأَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِكَلَامِهِمَا وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تَكُونُ حُجَّةً إلَّا إذَا عَجَزَ الْمُنْكِرُ عَنْ الطَّعْنِ فِي الشُّهُودِ وَمَعَ غَيْبَتِهِ لَا يَتَحَقَّقُ عَجْزُهُ، فَلَا يَكُونُ حُجَّةً، وَلَا حُجَّةَ لَهُمَا فِي حَدِيثِ هِنْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَضَاءً وَإِنَّمَا كَانَتْ فَتْوَى أَوْ إعَانَةً لَهَا عَلَى أَخْذِ مَالِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَمْ تَدَّعِ الزَّوْجِيَّةَ وَلَمْ تُقِمْ الْبَيِّنَةَ وَكَانَ عليه الصلاة والسلام عَالِمًا بِأَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ أَصْلًا، وَكَذَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي» لَيْسَ لَهُمَا فِيهِ حُجَّةٌ بَلْ هُوَ حُجَّةٌ لَنَا؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ اسْمٌ لِمَا يَحْصُلُ بِهِ الْبَيَانُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْبَيَانُ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي، وَلَا فِي حَقِّ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ عَالِمٌ بِحَقِّهِ وَالْقَاضِي

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَالنِّكَاحُ) وَإِنَّمَا يَنْفُذُ الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ إذَا كَانَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ لَيْسَ فِي وِلَايَةِ الْقَاضِي، فَلَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ رِوَايَتَانِ) قَالَ فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةَ زُورٍ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ وَهَبَ مِنْهُ هَذِهِ الْجَارِيَةَ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ وَقَبَضَهَا مِنْهُ، وَهُوَ فِي يَده بِغَيْرِ حَقٍّ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ بَاطِنًا عِنْدَهُمَا وَهَلْ يَنْفُذُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْهُ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يَنْفُذُ كَمَا فِي الشِّرَاءِ وَالنِّكَاحِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ مُعَيَّنٌ يَدَّعِيه الْمُدَّعِي وَأَمْكَنَ الْقَضَاءُ بِالْمِلْكِ بِالسَّبَبِ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَنْفُذُ وَهِيَ رِوَايَةُ الْخَصَّافِ كَمَا فِي الْأَمْلَاكِ الْمُرْسَلَةِ. اهـ. .

[الْقَضَاء عَلَى غَائِب]

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقِرَّ الْخَصْمُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُنْكِرَ) بَلْ الظَّاهِرُ مِنْهُ الْإِقْرَارُ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ صَادِقٌ ظَاهِرًا لِوُجُودِ دِينِهِ وَعَقْلِهِ الصَّارِفَيْنِ عَنْ الْكَذِبِ الدَّاعِيَيْنِ إلَى الصِّدْقِ، فَإِذَا كَانَ الْمُدَّعِي صَادِقًا لَا يُنْكِرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتْرُكُ الصِّدْقَ لِدِينِهِ وَعَقْلِهِ، فَإِذَا كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ الْإِقْرَارَ لَا يَقْضِي بِالْبَيِّنَةِ اهـ غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ وَأَحْكَامُهُمَا مُخْتَلِفَةٌ) فَحُكْمُ الْقَضَاءِ بِالْبَيِّنَةِ أَنْ يَجِبَ الضَّمَانُ عَلَى الشُّهُودِ عِنْدَ الرُّجُوعِ وَيَظْهَرُ فِي الزَّوَائِدِ الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ وَحُكْمُ الْقَضَاءِ بِالْإِقْرَارِ خِلَافُ ذَلِكَ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَأَنَّ الْجَهْلَ بِهِ يَمْنَعُ الْقَضَاءَ) وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِذَا رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمُ قَاضٍ أَمْضَاهُ أَنَّهُ شَرْطٌ فَلْيُنْظَرْ اهـ.

قَوْلُهُ عِنْد قَوْلِهِ يَعْنِي فِي الْمَتْن الَّذِي تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَكَانَ عليه الصلاة والسلام عَالِمًا بِأَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ أَصْلًا) وَمِمَّا يُرَجِّحُهُ وُقُوعُ الِاسْتِفْهَامِ فِي الْقِصَّةِ فِي قَوْلِهَا هَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ وَأَنَّهُ عليه السلام فَوَّضَ إلَيْهَا تَقْدِيرَ الِاسْتِحْقَاقِ، وَلَوْ كَانَ قَضَاءً لَمْ يُفَوِّضْهُ إلَى الْمُدَّعِي وَلِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْلِفْهَا عَلَى مَا ادَّعَتْ وَلَا كَلَّفَهَا الْبَيِّنَةَ اهـ.

ص: 191

بَانَ لَهُ بِكَلَامِ الْمُدَّعِي إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مُنَازِعٌ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ فِي حَقِّ الْخَصْمِ، وَكَذَا لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى خَصْمٍ حَاضِرٍ وَزُكِّيَتْ بَيِّنَتُهُ، ثُمَّ غَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ حَتَّى يَحْضُرَ هُوَ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ مِنْ غَيْرِ إعَادَتِهَا.

وَكَذَا إذَا غَابَ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ، وَلَوْ أَقَرَّ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَغَابَ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى عَلَيْهِ فَوَصَّى عَلَيْهِ وَهُوَ غَائِبٌ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَطْعَنَ الْبَيِّنَةَ فَيَبْطُلُ بِهِ دُونَ الْإِقْرَارِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله أَنَّهُ يَقْضِي بِالْبَيِّنَةِ أَيْضًا، ثُمَّ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ قَدْ يَكُونُ بِإِنَابَتِهِ أَوْ بِإِنَابَةِ الشَّرْعِ كَالْوَصِيِّ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي وَكِلَاهُمَا ظَاهِرٌ، وَقَدْ يَكُونُ حَكَمًا وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ مَا يَدَّعِيه عَلَى الْغَائِبِ سَبَبًا لِمَا يَدَّعِيه عَلَى الْحَاضِرِ وَهُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مَا يَدَّعِيه عَلَى الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ شَيْئًا وَاحِدًا مِثْلَ أَنْ يَدَّعِيَ دَارًا فِي يَدِ إنْسَانٍ وَأَنْكَرَ ذُو الْيَدِ وَادَّعَى الْمُنْكِرُ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَأَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ أَوْ ادَّعَى فِي دَارٍ فِي يَدِ إنْسَانٍ شُفْعَةً؛ لِأَنَّ ذَا الْيَدِ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ، وَقَالَ ذُو الْيَدِ الدَّارُ دَارِي لَمْ أَشْتَرِهَا مِنْ أَحَدٍ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ الْغَ ائْبَ أَوْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ دَيْنًا عَلَى أَنَّهُ كَفِيلٌ عَنْ الْغَائِبِ بِأَمْرِهِ فَأَقَرَّ الْحَاضِرُ بِالْكَفَالَةِ وَأَنْكَرَ الدَّيْنَ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا وَيَثْبُتُ الْحَقُّ عَلَى الْغَائِبِ وَالْحَاضِرِ حَتَّى إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ لَزِمَهُ، وَلَا يَحْتَاجُ لِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ.

وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ مَا يَدَّعِيه عَلَيْهِمَا شَيْئَيْنِ مِثْلَ أَنْ يَدَّعِيَ الْقَاذِفُ أَنَّهُ عَبْدُ فُلَانٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ فَأَقَامَ الْمَقْذُوفُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ مَوْلَاهُ الْغَائِبَ قَدْ أَعْتَقَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ ثَمَانُونَ سَوْطًا أَوْ قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الشَّاهِدَانِ عَبْدَانِ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّ مَوْلَاهُمَا أَعْتَقَهُمَا وَهُوَ يَمْلِكُهُمَا فَإِنَّ بَيِّنَتَهُ تُقْبَلُ وَيَثْبُتُ الْعِتْقُ عَلَى الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّيْنِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ إذْ لَا يَنْفَكُّ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الشَّهَادَةِ لَا تَنْفَكُّ عَنْ الْحُرِّ وَحَدُّ الْحُرِّ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الْأَحْرَارِ، وَكَذَا لَوْ أَقَامَ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ شَرِيكَهُ الْغَائِبَ عَفَا عَنْ الْقَوَدِ، وَقَالَ انْقَلَبَ نَصِيبِي مَالًا تُقْبَلُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْحَقَّيْنِ يَنْفَكُّ عَنْ الْآخَرِ لَا تُقْبَلُ فِي حَقِّ الْغَائِبِ وَتُقْبَلُ فِي حَقِّ الْحَاضِرِ مِثْلَ أَنْ يَدَّعِيَ رَجُلٌ أَنَّهُ وَكِيلُ الْغَائِبِ بِنَقْلِ امْرَأَتِهِ أَوْ عَبْدِهِ إلَيْهِ فَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ الْعَبْدُ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَعْتَقَهُ أَوْ طَلَّقَهَا فَإِنَّهَا تُقْبَلُ فِي حَقِّ قَصْرِ الْيَدِ عَنْهُمَا فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَنْقُلَهُمَا، وَلَا يُقْبَلُ فِي حَقِّ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ، فَلَا يَقَعَانِ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ جَارِيَةً، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ مَوْلَاهَا زَوَّجَهَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَأَرَادَ رَدَّهَا بِعَيْبِ الزَّوَاجِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَزَالَ الْعَيْبُ، وَلَوْ كَانَ مَا يَدَّعِيه عَلَى الْغَائِبِ شَرْطًا لِمَا يَدَّعِيه عَلَى الْحَاضِرِ يُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَ الْغَائِبُ يَتَضَرَّرُ بِالشَّرْطِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ عَلَى الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ مِثْلُ أَنْ تَقُولَ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا إنَّك عَلَّقَتْ طَلَاقِي بِطَلَاقِ فُلَانٍ الْغَائِبِ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهَا؛ لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَضَرَّرُ تُقْبَلُ بِأَنْ قَالَتْ عَلَّقْتَ طَلَاقِي بِدُخُولِ فُلَانٍ الْغَائِبَ الدَّارَ فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّهُ دَخَلَ الدَّارَ تُقْبَلُ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ قَالَ فِي الشَّرْطِ أَيْضًا تُقْبَلُ مُطْلَقًا كَمَا فِي السَّبَبِ مِنْهُمْ عَلَى الْبَزْدَوِيِّ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي كَمَا تَتَوَقَّفُ عَلَى السَّبَبِ تَتَوَقَّفُ عَلَى الشَّرْطِ أَيْضًا.

قَالَ رحمه الله (وَيُقْرِضُ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ وَيَكْتُبُ الصَّكَّ لَا الْوَصِيُّ وَالْأَبُ)؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِ الْمَالِ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ وَالْوَصِيُّ وَالْأَبُ لَا يَقْدِرَانِ عَلَى ذَلِكَ فَيَضْمَنَانِ بِإِقْرَاضِ مَالِ الصَّغِيرِ وَهَذَا لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ تَبَرُّعٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّأْجِيلُ فِيهِ كَسَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ، فَلَا يَمْلِكَانِهِ وَلِأَنَّهُ بِإِقْرَاضِهِمَا يَكُونُ عَلَى شَرَفِ التَّوَى بِأَنْ يَجْحَدَ الْمُسْتَقْرِضُ عَلَى مَمَرِّ الزَّمَانِ وَتُرَدُّ شُهُودُهُ لِأَنَّ كُلَّ مُسْتَقْرِضٍ غَيْرُ مُؤْتَمَنٍ، وَلَا كُلَّ شَاهِدٍ مَقْبُولٌ، وَلَا كُلَّ قَاضٍ عَادِلٌ بِخِلَافِ إقْرَاضِ الْقَاضِي

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَرَّ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَغَابَ إلَخْ) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ فِي بَابِ الِاسْتِحْلَافِ، وَلَوْ أَقَرَّ وَغَابَ قَضَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَضَاءُ إعَانَةٍ، وَلَوْ أُقِيمَ الْبَيِّنَةُ فَلَمْ تُزَكَّ فَغَابَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فَزُكِّيَتْ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ حَالَ غَيْبَتِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ لَهُ حَقَّ الْجَرْحِ فِي الشُّهُودِ اهـ.

(قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مَا يَدَّعِيه عَلَى الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ شَيْئًا وَاحِدًا مِثْلَ أَنْ يَدَّعِيَ إلَخْ) وَفِي هَذَا الْقِسْمِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ، وَقَدْ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَأَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبَ) أَيْ وَهُوَ يَمْلِكُهَا فَإِنَّهُ قَضَى بِهَا فِي حَقِّ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ الدَّارُ اهـ وَأَيْضًا فَمَا ادَّعَاهُ عَلَى الْغَائِبِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهُوَ الشِّرَاءُ سَبَبٌ لِثُبُوتِ مَا يَدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مِنْ الْمَالِكِ سَبَبٌ لَا مَحَالَةَ لِمِلْكِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبَ) أَيْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَهُوَ يَمْلِكُهَا وَأَنَّهُ شَفِيعُهَا يَقْضِي بِالشِّرَاءِ فِي حَقِّ ذِي الْيَدِ وَالْغَائِبِ جَمِيعًا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ حَتَّى إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ لَزِمَهُ) أَيْ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالثَّانِي) أَيْ النَّوْعُ الثَّانِي اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ وَمَسَائِلُهُ ثَلَاثٌ أَيْضًا. اهـ. (قَوْلُهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ ثَمَانُونَ سَوْطًا) أَيْ فَتُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ وَيُقْضَى بِالْعِتْقِ فِي حَقِّ الْحَاضِرِ وَالْغَائِب جَمِيعًا حَتَّى لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَمْكَنَ الْعِتْقُ لَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهِ وَإِنْ ادَّعَى شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَى الْحَاضِرِ حَدًّا كَامِلًا وَعَلَى الْغَائِبِ عِتْقًا لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْعِتْقُ سَبَبًا لِثُبُوتِ مَا يُدَّعَى عَلَى الْحَاضِرِ؛ لِأَنَّ تَكْمِيلَ الْحَدِّ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الْعِتْقِ بِحَالٍ فَيُقْضَى بِالْبَيِّنَةِ فِي حَقِّ الْغَائِبِ وَالْحَاضِرِ جَمِيعًا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ أَقَامَ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ الْبَيِّنَةَ إلَخْ) قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَالثَّالِثَةُ رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا وَلَهُ وَلِيَّانِ غَابَ أَحَدُهُمَا وَادَّعَى الْحَاضِرُ عَلَى الْقَاتِلِ أَنَّ الْغَائِبَ عَفَا عَنْ نَصِيبِهِ فَانْقَلَبَ نَصِيبِي مَالًا وَأَنْكَرَ الْقَاتِلُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ تُقْبَلُ وَيُقْضَى بِهَا عَلَى الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ جَمِيعًا.

ص: 192