الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنُ أَبِي لَيْلَى الْمَتَاعُ كُلُّهُ لِلزَّوْجِ كَيْفَمَا كَانَ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي يَدِ الزَّوْجِ فَمَا فِي الْبَيْتِ أَيْضًا يَكُونُ فِي يَدِهِ وَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ لَهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ صَاحِبُ الْبَيْتِ وَأَنَّ الْبَيْتَ يُضَافُ إلَيْهِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُؤَجِّرِ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ إذَا اخْتَلَفَا فِي مَتَاعِ الْمَنْزِلِ فَإِنَّ الْقَوْلَ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِكَوْنِهِ مُضَافًا إلَيْهِ بِالسُّكْنَى وَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ سِوَى مَا عَلَيْهِ مِنْ ثِيَابِ بَدَنِهِ فَكَذَا هَذَا وَهَذِهِ هِيَ الْمُسْبِعَةُ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَقَاوِيلَ السَّبْعَةَ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى
قَالَ (وَلَوْ أَحَدُهُمَا مَمْلُوكًا فَلِلْحُرِّ فِي الْحَيَاةِ وَلِلْحَيِّ فِي الْمَوْتِ) أَيْ لَوْ كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مَمْلُوكًا وَاخْتَلَفَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ كَانَ الْمَتَاعُ لِلْحُرِّ فِي حَالِ حَيَاتِهِمَا وَلِلْحَيِّ مِنْهُمَا بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا أَيُّهُمَا كَانَ لِأَنَّ يَدَ الْحُرِّ أَقْوَى لِأَنَّهَا يَدُ مِلْكٍ وَلَا كَذَلِكَ يَدُ الْمَمْلُوكِ وَأَمَّا إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا فَلَا يَدٌ لِلْمَيِّتِ فَخَلَتْ يَدُ الْحَيِّ عَنْ الْمُعَارِضِ فَكَانَ لِلْحَيِّ مِنْهُمَا هَكَذَا ذُكِرَ الْحُكْمُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ وَصَدْرِ الْإِسْلَامِ وَشَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ وَفَخْرِ الْإِسْلَامِ وَقَاضِي خَانْ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ رحمه الله فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا كَانَ الْمَتَاعُ لِلْحُرِّ مِنْهُمَا ثُمَّ قَالَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لِلْحَيِّ مِنْهُمَا وَهُوَ سَهْوٌ وَهَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَقَالَا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَالْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ لِأَنَّ لَهُمَا يَدًا مُعْتَبَرَةً فِي الْخُصُومَاتِ وَلِهَذَا لَوْ اخْتَصَمَ الْحُرُّ وَالْمُكَاتَبُ فِي شَيْءٍ وَهُوَ فِي أَيْدِيهمَا يُقْضَى بِهِ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْيَدِ وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ ثَالِثٍ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ اسْتَوَيَا فِيهِ حَتَّى يُقْضَى بِهِ بَيْنَهُمَا فَكَذَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ وَأَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله يَقُولُ إنَّ يَدَ الْمَمْلُوكِ لَا تَكُونُ مُسَاوِيَةً لِيَدِ الْحُرِّ فَإِنَّ يَدَهُ يَدُ نَفْسِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَيَدَ الْمَمْلُوكِ يَدُ الْغَيْرِ وَهُوَ الْمَوْلَى مِنْ وَجْهٍ وَلِأَنَّ يَدَ الْحُرِّ يَدُ مِلْكٍ حَقِيقَةً وَيَدَ الْمَمْلُوكِ لَيْسَتْ بِيَدِ مِلْكٍ فَكَانَتْ يَدُ الْحُرِّ أَقْوَى فَتَرَجَّحَتْ بِهِ فِي حَقِّ مَتَاعِ الْبَيْتِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَتَرَجَّحُ بِالصَّلَاحِيَّةِ فَهَذَا أَوْلَى أَنْ يَتَرَجَّحَ بِهِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْخُصُومَاتِ فَإِنَّهَا لَا تَتَرَجَّحُ بِالصَّلَاحِيَّةِ فَكَذَا لَا تَتَرَجَّحُ بِالْحُرِّيَّةِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ هُنَا يَشْهَدُ بِالِاسْتِعْمَالِ فَكَانَتْ الصَّلَاحِيَّةُ وَالْمُلْكُ فِيهِ أَقْوَى دَلَالَةً عَلَيْهِ فَتَرَجَّحَتْ وَبِهَذَا يُجَابُ عَنْ قَوْلِ زُفَرَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي اسْتِدْلَالِهِمْ عَلَى التَّنْصِيفِ بِاخْتِلَافِ الْعَطَّارِ وَالْإِسْكَافِ فِي آلَةِ أَحَدِهِمَا فِيمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَصْلٌ) قَالَ رحمه الله (قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الشَّيْءُ أَوْدَعَنِيهِ أَوْ آجَرَنِيهِ أَوْ أَعَارَنِيهِ فُلَانٌ الْغَائِبُ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ دُفِعَتْ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي) لِأَنَّهُ أَثْبَتَ بِبَيِّنَتِهِ أَنَّ الْعَيْنَ وَصَلَتْ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْغَائِبِ وَأَنَّ يَدَهُ لَيْسَتْ بِيَدِ خُصُومَةٍ فَصَارَ كَمَا إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ أَوْ أَثْبَتَ ذُو الْيَدِ إقْرَارَهُ بِهِ وَالشَّرْطُ إثْبَاتُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ دُونَ الْمِلْكِ حَتَّى لَوْ شَهِدُوا بِالْمِلْكِ لِلْغَائِبِ دُونَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَمْ تَنْدَفِعْ الْخُصُومَةُ وَبِالْعَكْسِ تَنْدَفِعُ وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ لِأَنَّهُ بِظَاهِرِ يَدِهِ صَارَ خَصْمًا وَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَثْبُتُ بِهَا لِلْغَائِبِ لِعَدَمِ الْخَصْمِ عَنْهُ وَلَا وِلَايَةَ لِأَحَدٍ فِي إدْخَالِ الشَّيْءِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَخُرُوجِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ خَصْمًا فِي ضِمْنِ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لِغَيْرِهِ فَلَا يَثْبُتُ الْمُتَضَمَّنُ بِغَيْرِ أَصْلِهِ كَالْوَصِيَّةِ الثَّابِتَةِ فِي ضِمْنِ الْبَيْعِ بِالْمُحَابَاةِ تَبْطُلُ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فَصَارَ نَظِيرُ مَا لَوْ ادَّعَاهَا بَعْدَ هَلَاكِهَا أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْفِعْلَ كَالْغَصْبِ وَنَحْوِهِ
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ بِإِقْرَارِهِ لِلْغَائِبِ مِنْ غَيْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ كَلَامَهُ إقْرَارٌ مِنْهُ بِالْمِلْكِ لِلْغَائِبِ وَالْإِقْرَارُ مُوجِبٌ لِلْحَقِّ بِنَفْسِهِ لِخُلُوِّهِ عَنْ التُّهْمَةِ فَالْتُحِقَ بِالْبَيِّنَةِ فَيَثْبُتُ مَا أَقَرَّ بِهِ بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ لِغَائِبٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا لِحَاضِرٍ فَرَجَعَ الْغَائِبُ وَصَدَّقَهُ يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ وَكَذَا الصَّحِيحُ لَوْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ فَمَرِضَ فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي مَرَضِهِ كَانَ إقْرَارُهُ إقْرَارَ الصَّحِيحِ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِشَخْصٍ ثُمَّ غَابَ يُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إقْرَارُهُ مُوجِبًا بِنَفْسِهِ لَمَا كَانَ كَذَلِكَ وَلِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ صَادِقًا أَوْ كَاذِبًا فَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَإِقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ صَحِيحٌ فَيَثْبُتُ بِهِ أَنَّ يَدَهُ يَدُ حِفْظٍ لَا يَدُ خُصُومَةٍ قُلْنَا إنَّ بَيِّنَتَهُ أَثْبَتَتْ أَمْرَيْنِ الْمِلْكَ لِلْغَائِبِ وَهُوَ لَيْسَ بِخَصْمٍ فِيهِ فَلَا يَثْبُتُ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ) لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الَّذِي ذَكَرَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ لِلْحُرِّ هَكَذَا نَقَلَهُ لَمْ يَكْتُبْ الْمُحَشِّي
[فَصْلٌ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الشَّيْءُ أَوْدَعَنِيهِ أَوْ آجَرَنِيهِ أَوْ أَعَارَنِيهِ]
(فَصْلٌ أَيْ فِيمَنْ لَا يَكُونُ خَصْمًا) لَمَّا ذَكَرَ أَحْكَامَ مَنْ يَكُونُ خَصْمًا شَرَعَ فِيمَنْ لَا يَكُونُ خَصْمًا وَقَدَّمَ الْأَوَّلَ لِأَنَّ الْكِتَابَ كِتَابُ الدَّعْوَى وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْخُصُومَةِ فَجَرَّ الْكَلَامَ إلَى ذِكْرِ مَنْ لَا يَكُونُ خَصْمًا فَذَكَرَ بَعْدَهُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهُ الْخُصُومَةُ إلَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي ذَلِكَ لِدَفْعِ الْخُصُومَةِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا يَسْمَعُ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ دُفِعَتْ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ هَذِهِ مَسْأَلَةُ الْقُدُورِيِّ ثُمَّ قَالَ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ إذَا كَانَ الْعَيْنُ قَائِمًا أَمَّا إذَا هَلَكَ فَلَا تَنْدَفِعْ الْخُصُومَةُ بِدَعْوَى هَذِهِ الْأَشْيَاءَ أَلَا تَرَى إلَى مَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ فِي بَابِ الرَّجُلِ يَكُونُ خَصْمًا فِيمَا لَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ عَبْدٌ فَادَّعَى إنْسَانٌ عَلَيْهِ ضَمَانَ الْعَبْدِ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ وَدِيعَةَ فُلَانٍ وَنَحْوَهُ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ عَنْهُ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الدَّيْنَ فِي ذِمَّتِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ مُودِعُ الْغَاصِبَ فَيَكُونُ ضَامِنًا اهـ
وَقَدْ نَصَّ الشَّارِحُ عَلَى حُكْمِ هَلَاكِ الْعَيْنِ قَرِيبًا مِنْ هَذِهِ الْقَوْلَةِ فِي الشَّرْحِ بِقَوْلِهِ فَصَارَ نَظِيرَ مَا لَوْ ادَّعَاهَا بَعْدَ هَلَاكِهَا يَعْنِي فَإِنَّهُ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ فِيهِ بِالِاتِّفَاقِ فَقَدْ قَاسَ ابْنُ شُبْرُمَةَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ عَلَى الْمُتَّفَقِ. اهـ. (قَوْلُهُ دُونَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ) أَيْ الْإِيدَاعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِشَخْصٍ) أَيْ عِنْدَ الْقَاضِي كَمَا سَيَأْتِي فِي صَفْحَةِ هَذِهِ الْقَوْلَةِ فِي الشَّرْحِ. اهـ. (قَوْلُهُ قُلْنَا) هَذَا جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ ابْنِ شُبْرُمَةَ اهـ
وَدَفْعَ الْخُصُومَةِ عَنْ نَفْسِهِ وَهُوَ خَصْمٌ فِيهِ فَيَثْبُتُ فِي حَقِّهِ كَالْوَكِيلِ بِنَقْلِ الْمَرْأَةِ أَوْ الْأَمَةِ إذَا أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى الطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ تُقْبَلُ فِي حَقِّ قَصْرِ يَدِ الْوَكِيلِ دُونَ ثُبُوتِ الطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ فَصَارَ كَأَنَّ الْمُدَّعِي أَقَرَّ بِذَلِكَ أَوْ أَثْبَتَ إقْرَارَهُ بِهِ
وَهَذَا لِأَنَّ مَقْصُودَ ذِي الْيَدِ إثْبَاتُ يَدٍ حَافِظَةٍ لِنَفْسِهِ لَا إثْبَاتُ الْمِلْكِ لِلْغَائِبِ وَهُوَ خَصْمٌ فِي إثْبَاتِ يَدِهِ فَيَثْبُتُ دُونَ الْمِلْكِ لِلْغَائِبِ وَلَا يُمْكِنُ دَفْعُهَا بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ بِظَاهِرِ يَدِهِ وَلِهَذَا يُجْبَرُ بِالْحُضُورِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْكَفِيلُ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهَا إلَّا بِحُجَّةٍ كَمَا إذَا ادَّعَى إحَالَةَ غَرِيمِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَلِأَنَّ دَفْعَهَا بِلَا بَيِّنَةٍ يُؤَدِّي إلَى إتْوَاءِ الْحُقُوقِ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَعْجِزُ عَنْهُ وَقَوْلُهُ وَخُرُوجُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ خَصْمًا فِي ضِمْنِ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لِغَيْرِهِ إلَخْ قُلْنَا ثُبُوتُ الْمِلْكِ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهِ فَيَتَوَقَّفُ بِمُوَاجِبِهِ وَانْدِفَاعِ الْخُصُومَةِ مِنْهَا فَيَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ حَتَّى إذَا صَدَقَهُ تَبَيَّنَ أَنَّ مِلْكَهُ كَانَ ثَابِتًا مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ وَأَنَّ يَدَهُ كَانَتْ حَافِظَةً لَا يَدَ خُصُومَةٍ وَلِهَذَا يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ إذَا حَضَرَ
وَيُعْتَبَرُ حَالُهُ مِنْ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَيُسَلِّمُ الْقَاضِي الْمَقَرَّ بِهِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ إذَا غَابَ الْمُقِرُّ بَعْدَ إقْرَارِهِ عِنْدَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى الْعَيْنَ بَعْدَ هَلَاكِهَا عِنْدَهُ حَيْثُ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ عَنْهُ وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ وَدِيعَةً عِنْدَهُ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ الْمُدَّعِي بَعْدَ هَلَاكِ الْعَيْنِ يَدَّعِي عَلَيْهِ الْقِيمَةَ وَهِيَ فِي ذِمَّتِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِهَا عَلَى مُودِعِ الْغَاصِب فَلَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ ذِمَّتَهُ كَانَتْ لِغَيْرِهِ وَفِي الْعَيْنِ يَتَبَيَّنُ وَبِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى الْفِعْلَ عَلَيْهِ كَالْغَصْبِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ ذَا الْيَدِ صَارَ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي بِاعْتِبَارِ دَعْوَى الْفِعْلِ عَلَيْهِ فَلَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَنَّ الْعَيْنَ لِغَيْرِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ دَعْوَى الْفِعْلِ تَجُوزُ عَلَى غَيْرِ ذِي الْيَدِ فَلَا تَنْدَفِعُ بِالتَّحْوِيلِ وَدَعْوَى الْمِلْكِ لَا تَجُوزُ فَتَنْدَفِعُ بِالتَّحْوِيلِ لِأَنَّهُ صَارَ خَصْمًا لَهُ بِاعْتِبَارِ يَدِهِ
فَإِذَا أَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ يَدَهُ حَافِظَةٌ وَلَيْسَتْ بِيَدِ خُصُومَةٍ انْدَفَعَتْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله آخِرًا إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ صَالِحًا فَالْجَوَابُ كَمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْحِيَلِ وَالِافْتِعَالِ لَا تَنْدَفِعُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْعَيْنَ لِلْغَائِبِ لِأَنَّ الْمُحْتَالَ مِنْ النَّاسِ يَأْخُذُ مَالَ غَيْرِهِ غَصْبًا وَيَدْفَعُهُ سِرًّا إلَى غَرِيبٍ يُرِيدُ أَنْ يَغِيبَ مِنْ الْبَلْدَةِ وَيُوَاعِدُهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَيْهِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ لِيُمْكِنَهُ الْإِشْهَادُ عَلَى أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ أَوْدَعَهُ غَيْرَهُ عِنْدَ مَا يَدَّعِيهِ صَاحِبُهُ فَيُضَيِّعُ بِذَلِكَ مَالَهُ فَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَنْظُرَ فِي أَحْوَالِ النَّاسِ وَيَعْمَلَ بِمُقْتَضَى حَالِهِمْ رَجَعَ إلَى هَذَا الْقَوْلِ بَعْدَ مَا وَلِيَ الْقَضَاءَ وَابْتُلِيَ بِأُمُورِ النَّاسِ وَلَيْسَ الْخَبَرُ كَالْعِيَانِ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا قَالَ الشُّهُودُ نَعْرِفُ صَاحِبَ الْمَالِ وَهُوَ الْمُوَدِّعُ أَوْ الْمُعِيرُ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَوَجْهِهِ لِأَنَّ الْمُدَّعِي يُمْكِنُهُ أَنْ يَتْبَعَهُ وَإِنْ قَالُوا لَا نَعْرِفُهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَا يَقْبَلُ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمْ وَلَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ عَنْ ذِي الْيَدِ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُمْ مَا أَحَالُوا الْمُدَّعِي عَلَى رَجُلٍ مَعْرُوفٍ يُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ وَلَعَلَّ الْمُدَّعِيَ هُوَ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَلَوْ انْدَفَعَتْ لَبَطَلَ حَقُّهُ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الْمُودِعُ لَا يَبْطُلُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ يَبْطُلُ فَلَا يَبْطُلُ بِالشَّكِّ وَالِاحْتِمَالِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ
وَلَوْ قَالُوا نَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ وَلَا نَعْرِفُهُ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهَا تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ بِالْيَدِ فَلَا تَنْدَفِعُ عَنْهُ إلَّا إذَا أَحَالَهُ عَلَى مَعْرُوفٍ يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهِ كَيْ لَا يَتَضَرَّرَ الْمُدَّعِي وَالْمَعْرِفَةُ بِوَجْهِهِ فَقَطْ لَا تَكُونُ مَعْرِفَةً أَلَا تَرَى «قَوْلَهُ عليه الصلاة والسلام لِرَجُلٍ أَتَعْرِفُ فُلَانًا فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ هَلْ تَعْرِفُ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ فَقَالَ لَا فَقَالَ إذًا لَا تَعْرِفُهُ» وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَعْرِفُ فُلَانًا وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا بِوَجْهِهِ لَا يَحْنَثُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا إلَّا بِوَجْهِهِ عِنْدَ الشُّهُودِ لَا يَتَمَكَّنُ الْمُدَّعِي مِنْ اتِّبَاعِهِ فَيَتَضَرَّرُ بِانْدِفَاعِهَا عَنْهُ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ عَنْهُ لِأَنَّ ذَا الْيَدِ أَثْبَتَ بِبَيِّنَتِهِ أَنَّ الْعَيْنَ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ آخِرًا إلَخْ) وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ فُلَانًا أُودَعَهُ يَعْرِفُهُ بِاسْمِهِ وَوَجْهِهِ حَيْثُ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ أَوْ تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْحِيَلِ) أَيْ بِالتَّزْوِيرِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ رَجَعَ إلَى هَذَا الْقَوْلِ) أَيْ أَبُو يُوسُفَ. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ تَوَجَّهَتْ) الَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ لِأَنَّهَا تَوَجَّهَتْ اهـ
(قَوْلُهُ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ فَإِنْ قَالَ الشُّهُودُ نَعْرِفُ فُلَانًا الْغَائِبَ بِوَجْهِهِ وَلَكِنْ لَا نَعْرِفُ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ فَكَذَلِكَ تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ ثَبَتَ وُصُولُ الْعَيْنِ إلَى ذِي الْيَدِ مِنْ جِهَةِ غَيْرِ الْمُدَّعِي فَثَبَتَ أَنَّ يَدَهُ يَدُ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِخَصْمٍ وَهَذَا يَكْفِي لِدَفْعِ الْخُصُومَةِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ فَكَذَلِكَ هَذَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا تُسْمَعُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ مَا لَمْ يَذْكُرُوا اسْمَ الْغَائِبِ وَنَسَبَهُ لِأَنَّ ذَا الْيَدِ خَصْمٌ بِاعْتِبَارِ الْيَدِ وَهُوَ يَمْلِكُ نَقْلَ الْخُصُومَةِ إلَى غَيْرِهِ أَمَّا لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ الْخُصُومَةِ لِأَنَّهُ حَقُّ الْمُدَّعِي وَمَتَى صَارَ الْغَائِبُ مَعْرُوفًا بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ كَانَ نَقْلًا وَإِذَا لَمْ يَصِرْ مَعْرُوفًا لَا يَتَمَكَّنُ الْمُدَّعِي مِنْ الْخُصُومَةِ مَعَهُ فَيَكُونُ إبْطَالًا لِحَقِّ الْمُدَّعِي وَإِنْ قَالَ الشُّهُودُ أَوْدَعَهَا رَجُلٌ لَا نَعْرِفُ اسْمَهُ وَلَا نَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ وَقَالَ ذُو الْيَدِ أَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ لِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ لِلْمَجْهُولِ وَلَعَلَّ الْمُودِعَ هُوَ الْمُدَّعِي فَعَلَى اعْتِبَارِ كَوْنِ الْمُدَّعِي هُوَ الْمُودِعُ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ وَالْيَدُ دَلِيلُ الْخُصُومَةِ فَلَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ بِالشَّكِّ وَإِنْ قَالَ الشُّهُودُ نَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ
وَقَالَ ذُو الْيَدِ لَا أَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ ذُو الْيَدِ فَصَارَ مُكَذِّبًا لَهُمْ فِي بَعْضِ شَهَادَتِهِمْ فَإِنْ قَالَ ذُو الْيَدِ أَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ وَشُهُودُهُ شَهِدُوا أَنَّهُ أَوْدَعَهَا رَجُلٌ فَالْقَاضِي يَسْأَلُ الشُّهُودَ هَلْ تَعْرِفُونَهُ بِوَجْهِهِ
فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى الْمُدَّعِي أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ رَجُلًا دَفَعَ إلَيْهِ تُقْبَلُ وَتَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ مُعَايَنَةً وَلَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ رَجُلًا دَفَعَهُ إلَيْهِ لَا أَعْرِفُهُ