الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَهُ أَوْ لِمُوَكِّلِهِ إذْ الْكُلُّ بَيْعٌ وَالْوَكِيلُ أَصِيلٌ فِيهِ فِي الْحَالَيْنِ حَتَّى تَتَعَلَّقَ بِهِ الْحُقُوقُ فِي الْحَالَيْنِ فَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْبَيَانِ وَهُنَا أَحَدُهُمَا إعْتَاقٌ مُعْقِبُ لِلْوَلَاءِ وَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُقُوقُ بِالْوَكِيلِ وَالْآخَرُ بَيْعٌ وَأَحْكَامُهُ خِلَافُ الْعِتْقِ فَلَا يَدُلُّ رِضَاهُ بِأَحَدِهِمَا عَلَى الرِّضَا بِالْآخِرِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ، فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ ثَبَتَ الْمِلْكُ لِلْوَكِيلِ وَالْأَلْفُ لِلْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ كَسْبُ عَبْدِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ عَلَى الْعَبْدِ إذَا عَتَقَ أَلْفٌ مِثْلُهَا ثَمَنًا أَوْ بَدَلَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ قَدْ بَطَلَ لِاسْتِحْقَاقِ الْمَوْلَى مَا أَدَّاهُ بِجِهَةٍ أُخْرَى وَهُوَ أَنَّهُ كَسَبَ عَبْدَهُ فَكَانَ مِلْكًا لَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ الْعِتْقِ فَلَا يَصْلُحُ مِلْكُهُ بَدَلًا عَنْ مِلْكِهِ ثُمَّ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ يَرْجِعُ الْمَوْلَى بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ وَالْمَالِكُ لِلْعَبْدِ فَتَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَيْهِ، وَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ يَشْتَرِي لِلْعَبْدِ فَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ بِالْعِتْقِ مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَةِ أَنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ وَالْمَالُ عَلَى الْعَبْدِ دُونَ الْوَكِيلِ وَذَكَرَ فِي وَكَالَةِ الْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَفِي وَكَالَةِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَنَّ الْعَبْدَ يُعْتَقَ وَالْمَالُ عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ تَوْكِيلَهُ بِشِرَاءِ الْعَبْدِ لِلْعَبْدِ كَتَوْكِيلِهِ بِشِرَائِهِ لِغَيْرِهِ فَيُطَالَبُ بِبَدَلِهِ الْوَكِيلُ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ وَكِيلَ الْعَبْدِ فِي الْعِتْقِ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ وَلَفْظُ الْبَيْعِ يَكُونُ مَجَازًا عَنْ الْعِتْقِ لِتَعَذُّرِ اعْتِبَارِ مَعْنَى الْبَيْعِ حَقِيقَةً وَلِهَذَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْ إضَافَتِهِ إلَى الْعَبْدِ الْآمِرِ لَهُ فَلَا تَتَعَلَّقُ بِالْوَكِيلِ حُقُوقُهُ فَيُطَالَبُ الْآمِرُ كَمَا إذَا كَانَ الْآمِرُ بِبَيْعِ نَفْسِ الْعَبْدِ مِنْ الْعَبْدِ هُوَ الْمَوْلَى حَيْثُ يَكُونُ الطَّلَبُ بِالْبَدَلِ إلَى الْمَوْلَى دُونَ الْوَكِيلِ لِمَا قُلْنَا
قَالَ رحمه الله: (وَإِنْ قَالَ لِعَبْدٍ اشْتَرِ لِي نَفْسَك مِنْ مَوْلَاك فَقَالَ لِلْمَوْلَى بِعْنِي نَفْسِي لِفُلَانٍ فَفَعَلَ فَهُوَ لِلْآمِرِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِفُلَانٍ عَتَقَ) أَيْ إذَا قَالَ رَجُلٌ لِعَبْدٍ: اشْتَرِ لِي نَفْسَك مِنْ مَوْلَاك فَقَالَ الْعَبْدُ لِمَوْلَاهُ بِعْنِي نَفْسِي لِفُلَانٍ فَبَاعَهُ الْمَوْلَى عَلَى هَذَا الشَّرْطِ كَانَ الْعَبْدُ مِلْكًا لِلْآمِرِ، وَإِنْ أَطْلَقَ الْعَبْدَ بِأَنْ قَالَ بِعْنِي وَلَمْ يَقُلْ لِفُلَانٍ عَتَقَ، وَأَصْلُهُ أَنَّ الْعَبْدَ يَصْلُحُ أَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّ جَوَازَ الشِّرَاءِ بِاعْتِبَارِ الْمَالِيَّةِ، وَالْعَبْدُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ نَفْسِهِ فِي حُكْمِ الْمَالِيَّةِ إلَّا أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَمْلِكُ حَبْسَ الْعَبْدِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْبَدَلَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي يَدِ نَفْسِهِ فَيَكُونُ قَابِضًا لِنَفْسِهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ كَالْمُودَعِ إذَا اشْتَرَى الْوَدِيعَةَ لَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ لِوُجُودِ الْقَبْضِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ إذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: إذَا أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى الْمُوَكِّلِ كَانَ مِلْكًا لِلْمُوَكِّلِ.
وَإِذَا أَضَافَ الشِّرَاءَ إلَى نَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ بِعْنِي نَفْسِي لِنَفْسِي عَتَقَ لِمَا ذَكَرْنَا وَلَا يُقَالُ إنَّ الْعَبْدَ وَكِيلٌ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ شِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ أَتَى بِجِنْسٍ آخَرَ مِنْ التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ إعْتَاقٌ عَلَى مَالٍ وَشِرَاؤُهُ قَبُولُ الْعِتْقِ فَيَكُونُ مُخَالِفًا فَيَنْفُذُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ يَنْفُذُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ، وَإِنْ أَطْلَقَ بِأَنْ قَالَ بِعْنِي نَفْسِي وَلَمْ يَقُلْ لِي وَلَا لِفُلَانٍ عَتَقَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ فَلَا يَقَعُ امْتِثَالًا بِالشَّكِّ فَيَبْقَى التَّصَرُّفُ وَاقِعًا لِنَفْسِهِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْبَيْعَ حَقِيقَةٌ فِيهِ وَالْعِتْقَ مَجَازٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْحَقِيقَةِ عِنْدَ التَّرَدُّدِ إذْ الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ هُوَ الْأَصْلُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْأَصْلُ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ فَتَعَارَضَ الْأَصْلَانِ فَتَسَاقَطَا فَيَرْجِعُ إلَى غَرَضِ الْمَوْلَى، فَإِنَّهُ لَمَّا اخْتَلَفَ التَّصَرُّفَانِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَوْلَى يُرِيدُ الْإِعْتَاقَ إذْ بَيْعُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ مُطْلَقًا إعْتَاقٌ وَاقْتِصَارُهُ عَلَى إضَافَتِهِ إلَى الْعَبْدِ دَلِيلٌ عَلَيْهِ وَلَا يَرْضَى بِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ لَا إلَى الْحُرِّيَّةِ لِيَثْبُتَ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ ثُمَّ الثَّمَنُ هُنَا يَكُونُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ فِي الْوَجْهَيْنِ دُونَ ذِمَّةِ الْآمِرِ أَمَّا إذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ لَهُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا إذَا وَقَعَ لِلْآمِرِ فَلِأَنَّهُ هُوَ الْمُبَاشِرُ لِلْعَقْدِ فَتَرْجِعُ إلَيْهِ الْحُقُوقُ فَيُطَالَبُ بِالثَّمَنِ وَيَرْجِعُ هُوَ بِهِ عَلَى الْآمِرِ وَلَا يُقَالُ الْعَبْدُ هُنَا مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَالْوَكِيلُ إذَا كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لَا تَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ زَالَ الْحَجْرُ هُنَا بِالْعَقْدِ الَّذِي بَاشَرَهُ مُقْتَرِنًا بِإِذْنِ الْمَوْلَى ثُمَّ إذَا كَانَ الشِّرَاءُ لِلْآمِرِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَلَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَإِنْ وَقَعَ لِلْعَبْدِ يُكْتَفَى بِقَوْلِ الْمَوْلَى بِعْتُ وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى قَبُولِ الْعَبْدِ بَعْدَ قَوْلِهِ بِعْنِي نَفْسِي؛ لِأَنَّهُ إعْتَاقٌ فَيَسْتَبِدُّ بِهِ الْمَوْلَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاحِدَ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ فِي الْعِتْقِ كَالنِّكَاحِ وَلَا يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ فِي الْبَيْعِ
(فَصْلٌ) قَالَ رحمه الله: (الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ) وَذَلِكَ مِثْلُ قَرَابَةِ الْوِلَادِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ: لِوُجُودِ الْقَبْضِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ) يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ وَدِيعَةً فَبَاعَهُ يَحْتَاجُ إلَى قَبْضٍ جَدِيدٍ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَضْمُونِ لَا يَنُوبُ عَنْ الْمَضْمُونِ. اهـ.
[فَصْلٌ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ]
(فَصْلٌ) هَذَا الْفَصْلُ عَقَدَهُ لِلْبَيْعِ وَذَكَرَهُ بَعْدَ فَصْلِ الشِّرَاءِ لِأَنَّ الْإِزَالَةَ تَسْتَدْعِي سَابِقَةَ الْإِثْبَاتِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ مِثْلُ قَرَابَةِ الْوِلَادِ) كَأَبِيهِ وَجَدِّهِ وَأُمِّهِ وَوَلَدِهِ، وَإِنْ سَفَلَ اهـ
وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ وَعَبِيدِهِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَقَالَا: يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْهُمْ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ إلَّا مِنْ عَبْدِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ مُطْلَقٌ وَلَا تُهْمَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَمْلَاكَ مُتَبَايِنَةٌ وَالْمَنَافِعَ مُنْقَطِعَةٌ فَصَارَ كَالْمُضَارِبِ بِخِلَافِ عَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ مِلْكِهِ لَهُ وَلَهُ فِي مَالِ مُكَاتَبِهِ حَقٌّ وَيَنْقَلِبُ حَقِيقَةً بِالْعَجْزِ فَيَكُونُ بَيْعًا مِنْ نَفْسِهِ أَوْ تَمَكَّنَتْ شُبْهَتُهُ وَبِخِلَافِ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّ مَوَاضِعَ التُّهَمِ مُسْتَثْنَاةٌ عَنْ الْوَكَالَاتِ وَهَذِهِ مَوَاضِعُهَا؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ بَيْنَهُمْ مُتَّصِلَةٌ فَصَارَ بَيْعًا مِنْ نَفْسِهِ مِنْ وَجْهٍ فَلَا يَجُوزُ وَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُمْ وَتَبَايُنُ الْأَمْلَاكِ لَا يَمْنَعُ الِاتِّصَالَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِخِلَافِ الْمُضَارِبِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ كَالْمُتَصَرِّفِ لِنَفْسِهِ مِنْ وَجْهٍ أَلَا تَرَى أَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَا يَمْلِكُ نَهْيَهُ عَنْ التَّصَرُّفِ بَعْدَمَا صَارَ الْمَالُ عُرُوضًا وَأَنَّهُ شَرِيكُهُ فِي الرِّبْحِ فَلَا يَلْحَقُهُ التُّهْمَةُ فِي الْبَيْعِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَبِيعُ مَالَ نَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ هُوَ كَالْوَكِيلِ فَجَوَّزُوا فِيهِمَا الْبَيْعَ لَهُمْ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فَعَلَى هَذَا لَنَا أَنْ نَمْنَعَ قَالُوا هَذَا إذَا لَمْ يُطْلِقْ لَهُ الْمُوَكِّلُ، وَأَمَّا إذَا أَطْلَقَ لَهُ بِأَنْ قَالَ لَهُ الْمُوَكِّلُ بِعْ مِمَّنْ شِئْتَ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ لَهُمْ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ إنْ كَانَ بِأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةِ الْوَكَالَةِ وَالْبُيُوعِ لَا يَجُوزُ وَفِي رِوَايَةِ الْمُضَارَبَةِ يَجُوزُ وَبَيْعُ الْمُضَارِبِ وَشِرَاؤُهُ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ يَجُوزُ هُنَا عِنْدَهُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَفِي الْوَكِيلِ رِوَايَتَانِ، وَقَدْ بَيَّنَّا الْفَرْقَ عَلَى إحْدَاهُمَا وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْإِجَارَةُ وَالصَّرْفُ وَالسَّلَمُ وَنَحْوُهَا
قَالَ رحمه الله (وَيَصِحُّ بَيْعُهُ بِمَا قَلَّ وَكَثُرَ بِالْعَرَضِ وَالنَّسِيئَةِ) يَعْنِي الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إلَخْ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ رحمهم الله لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِنُقْصَانٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ حَالَّةً أَوْ إلَى أَجَلٍ مُتَعَارَفٍ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْوَكَالَةِ يَتَقَيَّدُ بِالتَّعَارُفِ وَالتَّصَرُّفَاتِ لِدَفْعِ الْحَاجَاتِ فَيَتَقَيَّدُ التَّوْكِيلُ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ: وَعَبِيدُهُ) أَيْ وَمُكَاتَبُهُ وَمُدَبَّرُهُ وَأُمُّ وَلَدِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَقَالَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْهُمْ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ) وَتَخْصِيصُ قَوْلِهِمَا بِمِثْلِ الْقِيمَةِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِالْغَبْنِ الْيَسِيرِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلتَّخْصِيصِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فَائِدَةٌ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ بِالْغَبْنِ الْيَسِيرِ لِأَنَّ الْيَسِيرَ مُلْحَقٌ بِالْقِيمَةِ وَسَيَأْتِي هُنَا عَنْ النِّهَايَةِ مِثْلُ ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَمْلَاكَ مُتَبَايِنَةٌ) أَلَا تَرَى أَنَّ لِلِابْنِ أَنْ يَطَأَ جَارِيَةَ نَفْسِهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمِلْكُ مُتَبَايِنًا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ وَطْءَ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطَأَ جَارِيَةَ أَبِيهِ فَلَمَّا تَبَايَنَ الْمِلْكُ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَبَيْنَ هَؤُلَاءِ كَانَ عَقْدُهُ مَعَهُمْ بَيْعًا وَشِرَاءً كَالْعَقْدِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ.
وَلِهَذَا لَمْ يَحْصُلْ لِلْوَكِيلِ شَيْءٌ مِنْ الْمَبِيعِ أَصْلًا فَكَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ مِنْ عَبْدِهِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ وَمَا فِي يَدِهِ مِلْكُ مَوْلَاهُ وَالْبَيْعُ مِنْهُ كَالْبَيْعِ مِنْ نَفْسِهِ فَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ مِنْ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ فَكَذَا إذَا بَاعَ مِنْ عَبْدِهِ وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ مِنْ مُكَاتَبِهِ لِأَنَّ الرِّقَّ بَاقٍ فِي الْمُكَاتَبِ فَصَارَ كَالْعَبْدِ الْقِنِّ وَبِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ مِنْ عَبْدِهِ الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مِنْ نَفْسِهِ وَالْوَكِيلُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْحَاشِيَةِ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ مِنْ عَبْدِهِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَقَيَّدَهُ فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ عَبْدِهِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ كَمَا هُنَا لِأَنَّ كَسْبَهُ مِلْكُ مَوْلَاهُ فَبَيْعُهُ مِنْهُ كَبَيْعِهِ مِنْ نَفْسِهِ فَكَانَ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَجُوزُ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ عَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ لِأَنَّ مِلْكَ مِلْكِهِ لَهُ وَلَهُ فِي مَالِ مُكَاتَبِهِ حَقٌّ) قَالَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ الْوَكِيلِ لِنَفْسِهِ وَلَا بَيْعُهُ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ إذَا أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ يَشْتَرِيَ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَهُ الْوَكِيلُ مِنْ ابْنٍ لَهُ صَغِيرٍ لَمْ يَجُزْ كَأَنَّهُ بَاعَ مِنْ نَفْسِهِ وَلَوْ بَاعَ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ مِنْ عَبْدِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ لَمْ يَجُزْ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ بَاعَهُ مِنْ أَبَوَيْهِ، وَإِنْ عَلَوَا أَوْ بَاعَهُ مِنْ أَوْلَادِهِ، وَإِنْ سَفَلُوا أَوْ بَاعَهُ مِنْ زَوْجَتِهِ أَوْ الزَّوْجَةِ إذَا بَاعَتْهُ مِنْ زَوْجِهَا أَوْ بَاعَهُ مِمَّنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ وَلَوْ أَمَرَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مِنْ هَؤُلَاءِ وَأَجَازَ لَهُ مَا صَنَعَ فَبَيْعُهُ مِنْ هَؤُلَاءِ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ مِنْ عَبْدِهِ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ إذَا اشْتَرَى مِنْ هَؤُلَاءِ. إلَى هُنَا لَفْظُ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.
(فَرْعٌ) ثُمَّ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ نَفْسِهِ عِنْدَنَا وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ وَعَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ يَجُوزُ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ إذَا لَمْ يُجَبْ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَقُلْنَا لَوْ جَازَ يُؤَدِّي إلَى التَّضَادِّ فِي الْأَحْكَامِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُسْتَزِيدًا وَمُسْتَنْقِصًا أَيْضًا وَمُخَاصِمًا فِي الْعَيْبِ وَمُخَاصِمًا وَفِيهِ مِنْ التَّضَادِّ مَا لَا يَخْفَى وَلَوْ قَالَ لَهُ بِعْ مِنْ نَفْسِك أَوْ اشْتَرِ مِنْ نَفْسِك لَمْ يَجُزْ أَيْضًا كَذَا فِي شَرْحِ الْكَافِي اهـ مِنْ خَطِّ قَارِئِ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ: وَتَبَايُنُ الْأَمْلَاكِ إلَخْ) أَيْ قَدْرُ ذَلِكَ التَّبَايُنِ لَمَّا لَمْ يُؤَثِّرْ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ عَلِمَنَا أَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ اهـ كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ فَجَوَّزُوا) أَيْ فَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ لِلْوَكِيلِ وَالْمُضَارِبِ الْبَيْعَ مِنْ هَؤُلَاءِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى الْفَرْقِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ) أَيْ أَوْ الدَّنَانِيرِ اهـ وَقَالَ فِي الْأَسْرَارِ رَوَى الْحَسَنُ رِوَايَةً عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا بِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَنُقْصَانٍ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ كَقَوْلِهِمَا كَذَا فِي الْمُخْتَلِفِ وَشَرْحِ الْأَقْطَعِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (فَرْعٌ) لَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِعِتْقِ عَبْدِهِ غَدًا أَوْ بَيْعِهِ غَدًا فَعَتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ بَعْدَ غَدٍ جَازَ خِلَافًا لِزُفَرَ ذَكَرَهُ الْكَرْمَانِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ وَقَدْ نَقَلْتُ عِبَارَتَهُ قُبَيْلَ بَابِ الْهَدْيِ فَارْجِعْ إلَيْهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مُطْلَقَ الْوَكَالَةِ يَتَقَيَّدُ بِالْمُتَعَارَفِ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ
بِهَا بِمَوَاقِعِهَا، وَالْمُتَعَارَفُ الْبَيْعُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَبِالنُّقُودِ حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً بِأَجَلٍ مُتَعَارَفٍ بَيْنَ النَّاسِ، وَبَيْعُ مَا يُسَاوِي أَلْفًا بِعَشْرَةٍ إلَى مِائَةِ سَنَةٍ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ فَيَتَقَيَّدُ بِالْمُعْتَادِ وَلِهَذَا يَتَقَيَّدُ التَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْفَحَمِ وَالْجَمَدِ بِأَيَّامِ الْحَاجَةِ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ وَلِأَنَّ الْبَيْعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بَيْعٌ مِنْ وَجْهٍ هِبَةٌ مِنْ وَجْهٍ وَلِهَذَا لَوْ صَدَرَ مِنْ الْمَرِيضِ اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ وَلَا يَمْلِكُهُ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ فَصَارَ كَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ وَالْبَيْعُ بِالْعَرَضِ شِرَاءٌ مِنْ وَجْهٍ وَلَمْ يُوَكِّلْهُ بِهِ وَلَا بِالْهِبَةِ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْأَمْرِ بِالْبَيْعِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْبَيْعِ مُطْلَقٌ فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التُّهْمَةِ وَهَذَا لِأَنَّ الْبَيْعَ هُوَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِنَقْدٍ أَوْ بِقِيمَةٍ وَالْبَيْعُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ أَوْ بِالْعَرَضِ أَوْ بِالنَّسِيئَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي لَفْظِهِ مَا يَنْفِي ذَلِكَ كَقَوْلِهِ: بِعْهُ وَاقْضِ بِهِ دَيْنِي أَوْ لِلنَّفَقَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مُتَعَارَفٌ عِنْدَ شِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى الثَّمَنِ وَالتَّضَجُّرِ مِنْ الْعَرَضِ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَيْعًا فِي الْعُرْفِ وَلَا فِي الْحَقِيقَةِ وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ أَنْ يَبِيعَ يَحْنَثُ بِهِ وَيَسْتَحِقُّ الْكُلَّ بِالشُّفْعَةِ وَالْيَمِينُ تَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ كَالْوَكَالَةِ وَلَا شُفْعَةَ فِي الْهِبَةِ، وَإِنَّمَا لَا يَمْلِكُهُ الْأَبُ وَلَا الْوَصِيُّ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُمَا مُقَيَّدَةٌ بِشَرْطِ النَّظَرِ وَلَا نَظَرَ فِي الْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَحَقُّ الْوَرَثَةِ تَعَلَّقَ بِالْمَالِيَّةِ فِي مَرَضِهِ فَلَا يَكُونُ لَهُ إبْطَالُهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ مُتَّهَمٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ وَلَمَّا رَأَى الصَّفْقَةَ خَاسِرَةً نَسَبَهَا إلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ فَلَا يُتَّهَمُ وَالْمَسَائِلُ الْمُسْتَشْهَدُ بِهَا مَمْنُوعَةٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَالْمُقَايَضَةُ بَيْعٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ شِرَاءٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَبِيعُ مَالَهُ وَيَشْتَرِي مَالَ الْآخَرِ وَلَا تُهْمَةَ فِيهِ لِعَدَمِ احْتِمَالِ الشِّرَاء لِنَفْسِهِ فَيَجُوزُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ لِلْمُوَكِّلِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُ شِرَاءَهُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْمُخَالَفَةِ فِيهِ يَكُونُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ فَكَانَتْ التُّهْمَةُ فِيهِ بَاقِيَةً وَالْوَكِيلُ بِالنِّكَاحِ إذَا زَوَّجَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا جَازَ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ
قَالَ رحمه الله (وَتَقَيَّدَ شِرَاؤُهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَزِيَادَةٍ يَتَغَابَنُ النَّاسِ فِيهَا وَهُوَ مَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ) أَيْ تَقَيَّدَ شِرَاءُ الْوَكِيلِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ حَتَّى لَا يَجُوزَ شِرَاؤُهُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله قَدْ ذَكَرْنَاهُ وَفَرْقٌ آخَرُ أَنَّ أَمْرَهُ بِالْبَيْعِ يُلَاقِي مِلْكَ نَفْسِهِ وَفِي الشِّرَاءِ مِلْكُ غَيْرِهِ وَلَهُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ وِلَايَةٌ مُطْلَقَةٌ فَاعْتُبِرَ إطْلَاقُهُ وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ فَحَمَلْنَاهُ عَلَى أَخَصِّ الْخُصُوصِ وَهُوَ الشِّرَاءُ بِالنَّقْدِ وَبِمِثْلِ الْقِيمَةِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
الْمُطْلَقِ إذَا بَاعَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ قِيلَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَجُوزُ، وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ بِأَجَلٍ مُتَعَارَفٍ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ وَبِالزِّيَادَةِ عَلَى ذَلِكَ فَلَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ عَلَى وَجْهِ التِّجَارَةِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ بِالنَّسِيئَةِ، وَإِنْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ لِحَاجَتِهِ إلَى النَّفَقَةِ أَوْ قَضَاءِ الدَّيْنِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ بِالنَّسِيئَةِ وَنَقَلَهُ عَنْ بَابِ الْوَكَالَةِ بِالسَّلَمِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ ثُمَّ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ وَذَكَرَ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ شَرْحِ بُيُوعِ الْكَافِي أَنَّ الْوَكِيلَ بِمُطْلَقِ الْبَيْعِ يَمْلِكُ الْبَيْعَ بِالنَّسِيئَةِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ ثُمَّ قِيلَ يَجُوزُ الْبَيْعُ بِالنَّسِيئَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ طَالَتْ الْمُدَّةُ أَوْ قَصُرَتْ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ إلَّا بِأَجَلٍ مُتَعَارَفٍ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ رحمه الله (قَوْلُهُ: مُتَعَارَفٌ عِنْدَ شِدَّةِ الْحَاجَةِ) وَإِطْلَاقُ لَفْظِ الْمُوَكِّلِ وَإِقْدَامُ الْوَكِيلِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تُهْمَةٍ دَلِيلٌ عَلَى وُقُوعِ الْحَاجَةِ. اهـ. غَايَةٌ وَكَتَبَ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ مُتَعَارَفٌ مَا نَصُّهُ فَالْعُرْفُ مُشْتَرَكٌ. اهـ. كَافِيٌّ وَكَتَبَ أَيْضًا: فَإِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ هَذَا بَيْعٌ رَابِحٌ وَذَاكَ بَيْعٌ خَاسِرٌ وَذَاكَ بَيْعٌ عَدْلٌ فَلَوْلَا أَنَّ الْبَيْعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ يَكُونُ بَيْعًا لَمْ يَصِحَّ إطْلَاقُ الْبَيْعِ عَلَيْهِ. اهـ. غَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: وَيَسْتَحِقُّ الْكُلَّ بِالشُّفْعَةِ) قَالَ فِي الْكَافِي وَالْبَيْعُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بَيْعٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَمَا مِنْ جُزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ إلَّا وَيُقَابِلُهُ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَلِهَذَا يَسْتَحِقُّ الْكُلَّ بِالشُّفْعَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَأَمَّا الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إنَّمَا لَمْ يَجُزْ لَهُ الشِّرَاءُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لِلتُّهْمَةِ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ لَمَّا رَأَى فِيهِ الْخُسْرَانَ أَلْحَقَهُ بِالْآمِرِ حَتَّى لَوْ انْتَفَتْ التُّهْمَةُ بِأَنْ كَانَ وَكِيلًا بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ جَازَ شِرَاؤُهُ عَلَى الْآمِرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا لِعَدَمِ التُّهْمَةِ اهـ فَقَوْلُهُ حَتَّى لَوْ انْتَفَتْ التُّهْمَةُ إلَخْ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَمَّا رَأَى الصَّفْقَةَ خَاسِرَةً نَسَبَهَا إلَيْهِ) نَقَلَ فِي التَّتِمَّةِ وَالْفَتَاوَى الصُّغْرَى عَنْ بَابِ الْوَكَالَةِ بِالسَّلَمِ أَنَّ تَقْيِيدَ التَّوْكِيلِ بِشِرَاءِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْجَمَدِ وَالْفَحْمِ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُعْتَبَرُ الْإِطْلَاقُ يَعْنِي لَا يَتَقَيَّدُ بِزَمَانِ الْأُضْحِيَّةِ وَالصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَالْمَسَائِلُ مَمْنُوعَةٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ التَّوْكِيلَ يَتَقَيَّدُ فَنَقُولُ إنَّمَا يُقَيَّدُ بِدَلَالَةِ الْغَرَضِ لَا بِدَلَالَةِ الْعَادَةِ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ شِرَاءِ الْفَحْمِ دَفْعُ ضَرَرِ الْبَرْدِ وَذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالشِّتَاءِ، وَالْغَرَضُ مِنْ شِرَاءِ الْجَمَدِ دَفْعُ ضَرَرِ الْحَرِّ وَذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالصَّيْفِ حَتَّى لَوْ انْعَدَمَتْ هَذِهِ الدَّلَالَةُ بِأَنْ وُجِدَ التَّوْكِيلُ مِمَّنْ يَعْتَادُ تَرَبُّصَ الْفَحْمِ كَالْحَدَّادِينَ وَغَيْرِهِمْ أَوْ تَرَبُّصَ الْجَمَدِ كَالْفَقَّاعِينَ وَغَيْرِهِمْ لَا يَتَقَيَّدُ كَذَا قَالَ الْإِمَامُ عَلَاءُ الدِّينِ الْعَالِمُ فِي طَرِيقَةِ الْخِلَافِ وَكَذَلِكَ الْأُضْحِيَّةُ تُقَيَّدُ بِأَيَّامِ النَّحْرِ بِالْغَرَضِ لَا بِالْعَادَةِ لِأَنَّ غَرَضَ الْمُوَكِّلِ خُرُوجُهُ مِنْ عُهْدَةِ الْوُجُوبِ الَّذِي يَلْحَقُهُ فِي أَيَّامِ تِلْكَ السَّنَةِ. اهـ. غَايَةٌ.
(قَوْلُهُ وَالْمَسَائِلُ) أَرَادَ بِهَا مَسَائِلَ شِرَاءِ الْفَحْمِ وَالْجَمَدِ وَالْأُضْحِيَّةِ اهـ (قَوْلُهُ: وَالْمُقَايَضَةُ بَيْعٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ شِرَاءٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ إلَخْ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْعِوَضَيْنِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَبِيعًا وَثَمَنًا وَيَفْتَرِقُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْآخَرِ بِدُخُولِ حَرْفِ الْبَاءِ الَّتِي تَصْحَبُ الْأَثْمَانَ فَعَلَى أَيِّهِمَا دَخَلَ الْبَاءُ يُجْعَلُ ذَلِكَ ثَمَنًا وَالْآخَرُ مَبِيعًا، فَإِذَا كَانَ بَيْعُ الْمُقَايَضَةِ بَيْعًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ تَنَاوَلَهُ مُطْلَقُ التَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ. اهـ. غَايَةٌ
(قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ يَجُوزُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ
فَيَتَقَيَّدُ بِهَا وَلِأَنَّ اعْتِبَارَ الْإِطْلَاقِ فِي الشِّرَاءِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ لَاشْتَرَاهُ بِجَمِيعِ مَا يَمْلِكُهُ الْمُوَكِّلُ وَبِزِيَادَةٍ فَيَلْحَقُهُ بِذَلِكَ ضَرَرٌ عَظِيمٌ، وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ فَأَمْكَنَ اعْتِبَارُ إطْلَاقِ الْآمِرِ فِيهِ فَافْتَرَقَا وَكَذَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالشِّرَاءِ يَتَقَيَّدُ بِالْمُتَعَارَفِ وَهُوَ الشِّرَاءُ بِالنَّقْدَيْنِ وَقَالَ زُفَرُ رحمه الله لَهُ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ اشْتَرَاهُ بِهِ يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ إذْ الْمَوْصُوفُ مِنْهُ ثَمَنٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا ثُمَّ قَدَّرَ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ هُنَا بِمَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ وَمَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ فَاحِشٌ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تُعْرَفُ بِالْحَزْرِ وَالظَّنِّ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ فَيُعْذَرُ فِيمَا يَشْتَبِهُ؛ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَلَا يُعْذَرُ فِيمَا لَا يَشْتَبِهُ لِفُحْشِهِ وَلِإِمْكَانِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ فِي مِثْلِهِ عَادَةً إلَّا عَمْدًا وَقِيلَ حَدُّ الْفَاحِشِ فِي الْعُرُوضِ نِصْفُ عُشْرِ الْقِيمَةِ وَفِي الْحَيَوَانِ عُشْرُ الْقِيمَةِ وَفِي الْعَقَارِ خُمُسُ الْقِيمَةِ وَفِي الدَّرَاهِمِ رُبُعُ عُشْرِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْغَبْنَ يَحْصُلُ لِقِلَّةِ الْمُمَارَسَةِ فِي التَّصَرُّفِ فَكُلَّمَا كَانَتْ الْمُمَارَسَةُ فِيهِ أَقَلَّ كَانَ الْغَبْنُ فِيهِ أَكْثَرَ فَيُعْفَى عَنْ التَّفَاوُتِ بِحَسَبِ الْمُمَارَسَةِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَفِي النِّهَايَةِ جَعَلَ هَذَا الْقَدْرَ مَعْفُوًّا وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَقِيلَ لَا يَتَحَمَّلُ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ أَيْضًا وَلَيْسَ بِشَيْءٍ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ سِعْرُهُ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بَيْنَ النَّاسِ وَيَحْتَاجُ فِيهِ إلَى تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَعْرُوفًا كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَالْمَوْزِ وَالْجُبْنِ لَا يُعْفَى فِيهِ الْغَبْنُ، وَإِنْ قَلَّ، وَلَوْ كَانَ فَلْسًا وَاحِدًا
قَالَ رحمه الله (وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ فَبَاعَ نِصْفَهُ صَحَّ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ مُطْلَقٌ عَنْ قَيْدِ الِاجْتِمَاعِ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا مُجْتَمِعًا وَمُتَفَرِّقًا فَصَارَ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَلِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ كُلَّهُ بِهَذَا الْقَدْرِ مِنْ الثَّمَنِ جَازَ عِنْدَهُ فَبِنِصْفِهِ أَوْلَى أَنْ يَجُوزَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرَ الشَّرِكَةِ وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَادٍ أَوْ هُوَ عَيْبٌ وَيُنْتَقَصُ بِهِ الْقِيمَةُ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْأَمْرِ الْمُطْلَقِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَبِيعَ النِّصْفَ الْآخَرَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَصِمَا؛ لِأَنَّ بَيْعَ النِّصْفِ قَدْ يَقَعُ وَسِيلَةً إلَى الِامْتِثَالِ بِأَنْ لَا يَجِدَ مَنْ يَشْتَرِيهِ جُمْلَةً فَيَحْتَاجُ إلَى التَّفْرِيقِ فَيَتَبَيَّنُ ذَلِكَ بِبَيْعِ الْبَاقِي بَعْدَهُ بِخِلَافِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي تَبْعِيضِهِ وَلَا تَنْقُصُ قِيمَتُهُ بِذَلِكَ. قُلْنَا: ضَرَرُ الشَّرِكَةِ أَهْوَنُ مِنْ ضَرَرِ بَيْعِ الْكُلِّ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُمَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله
قَالَ رحمه الله (وَفِي الشِّرَاءِ يَتَوَقَّفُ مَا لَمْ يَشْتَرِ الْبَاقِيَ) أَيْ فِي الْوَكِيلِ بِشِرَاءِ الْعَبْدِ إذَا اشْتَرَى نِصْفَهُ يَتَوَقَّفُ شِرَاؤُهُ، فَإِنْ اشْتَرَى بَاقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَصِمَا لَزِمَ الْمُوَكِّلَ وَإِلَّا لَزِمَ الْوَكِيلَ وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْبَعْضِ قَدْ يَقَعُ وَسِيلَةً إلَى الْإِمْسَاكِ بِأَنْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ جَمَاعَةٍ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى شِرَاءِ كُلِّهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً فَيَحْتَاجُ إلَى شِرَائِهِ شِقْصًا فَشِقْصًا حَتَّى يَشْتَرِيَ الْكُلَّ، فَإِذَا اشْتَرَى الْكُلَّ قَبْلَ رَدِّ الْآمِرِ الشِّرَاءَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَسِيلَةٌ فَيَنْفُذُ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
لِعُمُومِ الْأَمْرِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَفِي النِّهَايَةِ جَعَلَ هَذَا الْقَدْرَ مَعْفُوًّا) وَعَلَيْهِ مَشَى فِي الْمَجْمَعِ فَقَالَ: وَيَجُوزُ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ الْعَقْدُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَزِيَادَةٍ يُتَغَابَنُ فِي مِثْلِهَا كَنِصْفِ دِرْهَمٍ فِي عَشَرَةٍ فِي الْعُرُوضِ وَدِرْهَمٍ فِي الْحَيَوَانِ وَدِرْهَمَيْنِ فِي الْعَقَارِ قَالَ شَارِحُهُ هَذَا بَيَانٌ لِلْغَبْنِ الْيَسِيرِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَاَلَّذِي لَا يُتَغَابَنُ فِيهِ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ وَقِيلَ فِي الْعُرُوضِ دَهٍ نُيَمّ وَفِي الْحَيَوَانِ دَهٍ يازده وَفِي الْعَقَارِ دَهٍ دوايزده لِأَنَّ التَّصَرُّفَ يَكْثُرُ وُجُودُهُ فِي الْأَوَّلِ وَيَقِلُّ فِي الْأَخِيرِ وَيَتَوَسَّطُ فِي الْأَوْسَطِ وَكَثْرَةُ الْغَبْنِ لِقِلَّةِ التَّصَرُّفِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِشَيْءٍ هَذَا كُلُّهُ إلَخْ) أَيْ جَوَازُ عَقْدِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ بِزِيَادَةٍ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهَا اهـ وَقَوْلُهُ هَذَا كُلُّهُ نَقَلَهُ الْأَتْقَانِيُّ عَنْ الْإِمَامِ خُوَاهَرْزَادَهْ ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ قَالَ فِي بُيُوعِ التَّتِمَّةِ وَبِهِ يُفْتِي. اهـ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ فَبَاعَ نِصْفَهُ) أَيْ أَوْ جُزْءًا مَعْلُومًا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ مُجْتَمِعًا وَمُتَفَرِّقًا) سَوَاءٌ بَاعَ الْبَاقِيَ مِنْهُ أَوْ لَمْ يَبِعْ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ كُلَّهُ بِهَذَا الْقَدْرِ مِنْ الثَّمَنِ جَازَ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَيَصِحُّ بَيْعُهُ بِمَا قَلَّ وَكَثُرَ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَبِيعَ النِّصْفَ الْآخَرَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَصِمَا) أَيْ فَهُمَا جَعَلَاهُ كَالشِّرَاءِ وَهُوَ فَرْقُ بَيْنَهُمَا. اهـ. غَايَةٌ وَكَتَبَ أَيْضًا عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ أَيْضًا عِنْدَهُمَا اسْتِحْسَانًا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُمَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَعْتَبِرُ الْعُمُومَ وَالْإِطْلَاقَ فِي التَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ، وَأَمَّا فِي التَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ فَيَعْتَبِرُ الْمُتَعَارَفَ الَّذِي لَا ضَرَرَ فِيهِ وَلَا تُهْمَةَ وَعِنْدَهُمَا كِلَاهُمَا سَوَاءٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَفِي الشِّرَاءِ يَتَوَقَّفُ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ يَعْنِي بِالِاتِّفَاقِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ) قَالَ الْعَيْنِيُّ قُلْت فِيهِ خِلَافَ زُفَرَ وَالثَّلَاثَةُ، فَإِنَّ عِنْدَهُمْ لَا يَنْفُذُ الْبَيْعُ إلَّا فِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَيَنْفُذُ عَلَى الْآمِرِ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ: فَإِنْ ابْتَاعَ الْبَاقِيَ مِنْهُ قَبْلَ الْخُصُومَةِ لَزِمَ الْآمِرَ عِنْدَنَا وَعِنْدَ زُفَرَ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ دُونَ الْآمِرِ وَلَوْ اخْتَصَمَ الْوَكِيلُ مَعَ الْمُوَكِّلِ إلَى الْقَاضِي قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَكِيلُ الْبَاقِيَ وَأَلْزَمَ الْقَاضِي الْوَكِيلَ ثُمَّ إنَّ الْوَكِيلَ اشْتَرَى الْبَاقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَلِكَ هَذَا الْحُكْمُ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي فِي تَبْعِيضِهَا مَضَرَّةٌ وَيَكُونُ التَّشْقِيصُ فِيهِ عَيْبًا كَالْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَالدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءٍ لَيْسَ فِي تَبْعِيضِهِ مَضَرَّةٌ وَلَا يَكُونُ التَّبْعِيضُ فِيهِ عَيْبًا فَاشْتَرَى بَعْضَهُ لَزِمَ الْآمِرَ نَحْوُ أَنْ يُوَكِّلَهُ بِشِرَاءِ كُرٍّ مِنْ حِنْطَةٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى نِصْفَ الْكُرِّ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا لَزِمَ الْآمِرَ وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدَيْنِ فَاشْتَرَى لَهُ أَحَدَهُمَا لَزِمَ الْآمِرَ بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعَدَدِيِّ فَاشْتَرَى وَاحِدًا مِنْهَا لَزِمَ الْآمِرَ اهـ
لَمْ يَشْتَرِ حَتَّى رَدَّ الشِّرَاءَ نَفَذَ عَلَى الْمَأْمُورِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِبَيْعِ الْعَبْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله عَلَى مَا بَيَّنَّا وَالْفَرْقُ لَهُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الشِّرَاءَ يَتَحَقَّقُ فِيهِ التُّهْمَةُ دُونَ الْبَيْعِ عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ وَلِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْبَيْعِ يُصَادِفُ مِلْكَهُ فَيَصِحُّ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ إطْلَاقُهُ وَالْأَمْرُ بِالشِّرَاءِ صَادَفَ مِلْكَ الْغَيْرِ فَلَمْ يَصِحَّ فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ الْإِطْلَاقُ وَالتَّقْيِيدُ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى شِرَاءِ الْبَاقِي وَلَا يُقَالُ: إنَّ الشِّرَاءَ لَا يَتَوَقَّفُ بَلْ يَنْفُذُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَبِكَيْفَ يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِالتَّوَقُّفِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا لَا يَتَوَقَّفُ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا عَلَى الْعَاقِدِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَجِدْ فَيَتَوَقَّفُ كَشِرَاءِ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمَا لِغَيْرِهِمَا بِغَيْرِ أَمْرِهِ، فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ مَنْ اُشْتُرِيَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا عَلَى الْمُشْتَرِي فَكَذَا هُنَا شِرَاءُ النِّصْفِ لَا يَنْفُذُ عَلَى الْوَكِيلِ لِعَدَمِ النَّفَاذِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْفُذُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مُخَالِفًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلَا عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَافِقْ أَمْرَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَقُلْنَا بِالتَّوَقُّفِ.
فَإِنْ اشْتَرَى بَاقِيَهُ لَزِمَ الْآمِرَ وَإِلَّا لَزِمَ الْمَأْمُورَ وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ التَّوْكِيلِ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَلَوْ أَعْتَقَهُ الْآمِرُ فِي زَمَنِ التَّوَقُّفِ نَفَذَ عِتْقُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله وَلَا يَنْفُذُ عِتْقُ الْمَأْمُورِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رحمه الله بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ خَالَفَ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ، وَإِنَّمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْخِلَافَ يُتَوَهَّمُ رَفْعُهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ الْبَاقِيَ فَيَرْتَفِعُ الْخِلَافُ فَقَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ بَقِيَ مُخَالِفًا، فَإِذَا أَعْتَقَهُ الْآمِرُ لَمْ يَنْفُذْ وَأَبُو يُوسُفَ يَقُولُ: إنَّ الْعَقْدَ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْمُوَكِّلِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَجَازَ صَرِيحًا نَفَذَ عَلَيْهِ، وَالْإِعْتَاقُ إجَازَةٌ مِنْهُ فَيَنْفُذُ عَلَيْهِ وَلَا يَنْفُذُ إعْتَاقُ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَنَاوَلَتْ مَحِلًّا بِعَيْنِهِ فَلَمْ يَمْلِكْ الْوَكِيلُ شِرَاءَهُ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى إجَازَتِهِ فَلَا يَنْفُذُ إعْتَاقُهُ هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْإِيضَاحِ
قَالَ رحمه الله (وَلَوْ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْعَيْبِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ نُكُولٍ رَدَّهُ عَلَى الْآمِرِ وَكَذَا بِإِقْرَارٍ فِيمَا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ)؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُطْلَقَةٌ وَالْوَكِيلُ مُضْطَرٌّ فِي النُّكُولِ لِعَدَمِ مُمَارَسَتِهِ الْمَبِيعَ فَلَزِمَ الْآمِرَ وَإِقْرَارُهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَإِنَّمَا يَرُدُّهُ عَلَيْهِ إذَا رَدَّ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِعَيْبٍ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَعْلَمُ أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَلَمْ يَكُنْ قَضَاؤُهُ مُسْتَنِدًا إلَى الْإِقْرَارِ وَلَا إلَى الْبَيِّنَةِ وَالنُّكُولِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْعَيْبَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ لَا يَكُونَ حَادِثًا كَالسِّنِّ الزَّائِدَةِ وَالْإِصْبَعِ الزَّائِدَةِ أَوْ يَكُونَ حَادِثًا لَكِنَّهُ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ أَوْ يَحْدُثُ فِي مِثْلِهَا، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ حَادِثٍ رَدَّهُ الْقَاضِي بِغَيْرِ حُجَّةٍ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ نُكُولٍ أَوْ إقْرَارٍ وَكَذَا إذَا كَانَ حَادِثًا لَكِنَّهُ لَا يَحْدُثُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ رَدَّهُ الْقَاضِي بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا نُكُولٍ وَلَا إقْرَارٍ لِعِلْمِهِ بِكَوْنِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ وَتَأْوِيلُ اشْتِرَاطِ الْبَيِّنَةِ أَوْ النُّكُولِ أَوْ الْإِقْرَارِ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْحَالَ قَدْ يَشْتَبِهُ عَلَى الْقَاضِي بِأَنْ لَا يَعْرِفَ تَارِيخَ الْبَيْعِ فَاحْتَاجَ إلَى هَذِهِ الْحُجَّةِ لِيَظْهَرَ التَّارِيخُ أَوْ كَانَ عَيْبًا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْأَطِبَّاءُ أَوْ النِّسَاءُ وَقَوْلُهُمْ حُجَّةٌ فِي تَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ لَا فِي الرَّدِّ فَيَفْتَقِرُ إلَيْهَا لِلرَّدِّ حَتَّى لَوْ كَانَ الْقَاضِي عَايَنَ الْبَيْعَ وَكَانَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا لَا يَحْتَاجُ إلَى شَيْءٍ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ عَيْبًا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إنْ كَانَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ نُكُولٍ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُطْلَقَةٌ، وَكَذَا النُّكُولُ حُجَّةٌ فِي حَقِّهِ فَيَرُدُّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ كُلِّهَا رَدُّ الْقَاضِي عَلَى الْوَكِيلِ يَكُونُ رَدًّا عَلَى الْمُوَكِّلِ.
وَإِنْ رَدَّهُ عَلَيْهِ فِي هَذَا النَّوْعِ بِإِقْرَارٍ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَا يَكُونُ رَدًّا عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ فَلَا يَتَعَدَّى بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِمَّا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْمُوَكِّلَ فَيَرُدَّهُ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةِ أَوْ بِنُكُولِهِ، وَإِنْ رَدَّهُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِرِضَاهُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ إقَالَةٌ وَهِيَ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ ثَالِثٍ وَالْمُوَكِّلُ ثَالِثُهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا رَدَّهُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِقَضَاءِ قَاضٍ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ حَصَلَ بِالْقَضَاءِ فَكَانَ مُكْرَهًا فَانْعَدَمَ التَّرَاضِي وَهُوَ شَرْطٌ فِي الْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّةِ فَجُعِلَ فَسْخًا فِي حَقِّ الْكُلِّ وَلَكِنَّ الْفَسْخَ اسْتَنَدَ إلَى دَلِيلٍ قَاصِرٍ وَهُوَ الْإِقْرَارُ فَعَمِلْنَا بِهِمَا فَمِنْ حَيْثُ إنَّ الرَّدَّ فَسْخٌ كَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُخَاصِمَ الْمُوَكِّلَ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ اسْتَنَدَ إلَى دَلِيلٍ قَاصِرٍ لَزِمَ الْوَكِيلَ إلَّا أَنْ يُقِيمَ حُجَّةً عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ غَيْرَ حَادِثٍ أَوْ كَانَ حَادِثًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَرَدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ بِإِقْرَارِهِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ لَزِمَ الْوَكِيلَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْمُوَكِّلَ فِي عَامَّةِ رِوَايَاتِ الْمَبْسُوطِ.
وَذَكَرَ فِي الْبُيُوعِ أَنَّهُ يَكُونُ رَدًّا عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُمَا فَعَلَا عَيْنَ مَا يَفْعَلُهُ الْقَاضِي لَوْ رُفِعَ إلَيْهِ إذْ لَا يُكَلِّفُهُ الْقَاضِي إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَلَا إلَى الْحَلِفِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَلْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ بِلَا حُجَّةٍ فَكَانَ الْحَقُّ مُتَعَيِّنًا فِي الرَّدِّ قُلْنَا: الرَّدُّ بِالتَّرَاضِي بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ ثَالِثٍ وَالْمُوَكِّلُ ثَالِثُهُمَا وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْحَقَّ مُتَعَيِّنٌ فِي الرَّدِّ بَلْ يَثْبُتُ حَقُّهُ أَوَّلًا
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلَهُ فَلَوْ أَعْتَقَهُ الْآمِرُ فِي زَمَنِ التَّوَقُّفِ نَفَذَ عِتْقُهُ) قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالتَّقْرِيبِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: إذَا وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدًا فَاشْتَرَى نِصْفَهُ جَازَ عِتْقُ الْآمِرِ فِيهِ وَلَمْ يَجُزْ عِتْقُ الْوَكِيلِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ عِتْقُ الْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَتَأْوِيلُ اشْتِرَاطِ الْبَيِّنَةِ أَوْ النُّكُولِ أَوْ الْإِقْرَارِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ، وَإِنَّمَا شَرَطَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْبَيِّنَةَ أَوْ الْإِبَاءَ أَوْ الْإِقْرَارَ لِاشْتِبَاهِ الْأَمْرِ عَلَى الْقَاضِي بِأَنَّ الْعَيْبَ قَدِيمٌ أَمْ لَا أَوْ يَعْلَمُ الْقَاضِي يَقِينًا أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْعَيْبِ لَا يَحْدُثُ فِي مُدَّةِ شَهْرٍ مَثَلًا وَلَكِنَّهُ لَا يَعْلَمُ تَارِيخَ الْبَيْعِ مَتَى كَانَ فَيَحْتَاجُ الْمُشْتَرِي إلَى وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْحُجَجِ عَلَى أَنَّ تَارِيخَ الْبَيْعِ مُنْذُ شَهْرٍ حَتَّى يَظْهَرَ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَيَرُدُّ الْمَبِيعَ عَلَيْهِ اهـ
فِي وَصْفِ السَّلَامَةِ ثُمَّ إذَا عَجَزَ يَنْتَقِلُ إلَى الرَّدِّ ثُمَّ إذَا امْتَنَعَ الرَّدُّ بِحُدُوثِ الْعَيْبِ أَوْ بِزِيَادَةِ حُدُوثٍ فِيهِ يَنْتَقِلُ إلَى الرُّجُوعِ بِالنُّقْصَانِ فَلَمْ يَكُنْ الرَّدُّ مُتَعَيِّنًا وَهَكَذَا ذَكَرَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ وَبَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ تَفَاوُتٌ كَثِيرٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ نُزُولًا مِنْ اللُّزُومِ إلَى أَنْ لَا يُخَاصِمَ بِالْكُلِّيَّةِ وَكَانَ الْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ لَا يَلْزَمُهُ وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ بَاعَ نَسِيئَةً فَقَالَ أَمَرْتُك بِنَقْدٍ وَقَالَ الْمَأْمُورُ أَطْلَقْت فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ) أَيْ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ بَاعَ نَسِيئَةً فَقَالَ لَهُ الْمُوَكِّلُ أَمَرْتُك أَنْ تَبِيعَهُ بِنَقْدٍ وَقَالَ الْوَكِيلُ أَمَرْتَنِي بِبَيْعِهِ مُطْلَقًا وَلَمْ تَقُلْ شَيْئًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الْوَكَالَةِ عَلَى التَّقْيِيدِ حَتَّى لَا تَصِحَّ بِدُونِ بَيَانِ النَّوْعِ بَعْدَ الْجِنْسِ أَوْ الثَّمَنِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَكَّلْتُك أَنْ تَشْتَرِيَ لِي دَابَّةً لَا يَصِحُّ، وَلَوْ قَالَ: وَكَّلْتُك فِي مَالِي لَيْسَ لَهُ إلَّا الْحِفْظُ، فَإِذَا كَانَتْ مَبْنَاهَا عَلَى التَّقْيِيدِ وَهُوَ يُسْتَفَادُ مِنْ جِهَةِ الْآمِرِ كَانَ الْقَوْلُ لَهُ كَمَا إذَا أَنْكَرَ الْآمِرُ أَصْلًا
قَالَ رحمه الله (وَفِي الْمُضَارَبَةِ لِلْمُضَارِبِ) أَيْ بَاعَ الْمُضَارِبُ نَسِيئَةً فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ أَمَرْتُك أَنْ تَبِيعَهُ بِنَقْدٍ وَقَالَ الْمُضَارِبُ أَطْلَقْتَ كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمُضَارَبَةِ الْإِطْلَاقُ وَالْعُمُومُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ الْمُعْتَادَ مِنْ شِرَاءٍ وَبَيْعٍ وَإِبْضَاعٍ وَتَوْكِيلٍ وَاسْتِئْجَارٍ وَإِيدَاعٍ بِذِكْرِ لَفْظَةِ الْمُضَارَبَةِ بِهِ فَقَامَتْ الدَّلَالَةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَمَنْ ادَّعَاهُ فِيهَا كَانَ مُدَّعِيًا لَمَا هُوَ الْأَصْلُ فِيهَا فَكَانَ الْقَوْلُ لَهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يَشْهَدُ لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارَبَةَ فِي نَوْعٍ وَالْمُضَارِبُ فِي نَوْعٍ آخَرَ حَيْثُ يَكُونُ الْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ لِسُقُوطِ الْإِطْلَاقِ بِاتِّفَاقِهِمَا فَأَشْبَهَتْ الْوَكَالَةَ الَّتِي لَيْسَتْ فِيهَا شَائِبَةُ الشَّرِكَةِ ثُمَّ مُطْلَقُ الْأَمْرِ بِالْبَيْعِ يَقْتَضِيهِ نَقْدًا وَنَسِيئَةً إلَى أَجَلٍ مُتَعَارَفٍ عِنْدَهُمَا وَإِلَى أَيِّ أَجَلٍ كَانَ عِنْدَهُ بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ حَيْثُ يَتَقَيَّدُ بِأَجَلٍ مُتَعَارَفٍ بَيْنَ التُّجَّارِ عَلَى مَا يَجِيءُ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
قَالَ رحمه الله (وَلَوْ أَخَذَ الْوَكِيلُ بِالثَّمَنِ رَهْنًا فَضَاعَ أَوْ كَفِيلًا فَتَوَى عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ) أَيْ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ فَعَلَ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ أَصِيلٌ فِي الْحُقُوقِ وَقَبْضُ الثَّمَنِ مِنْهَا وَالِارْتِهَانُ وَالْكَفَالَةُ وَثِيقَةٌ لِجَانِبِ الِاسْتِيفَاءِ فَيَمْلِكُهُمَا وَلِأَنَّ قَبْضَ الرَّهْنِ كَقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ ثُمَّ الثَّمَنُ كَانَ أَمَانَةً فِي يَدِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَكَذَا الرَّهْنُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ حَيْثُ لَا يَمْلِكُ أَخْذَ الرَّهْنِ وَلَا الْكَفِيلُ؛ لِأَنَّهُ يَقْبِضُ نِيَابَةً عَنْ الْآمِرِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الْإِبْرَاءَ وَيَمْلِكُ الْآمِرُ مَنْعَهُ وَلَا كَذَلِكَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَلَوْلَا أَنَّهُ أَصِيلٌ فِيهِ لَكَانَ مِثْلَهُ وَفِي النِّهَايَةِ الْمُرَادُ بِالْكَفَالَةِ هُنَا الْحَوَالَةُ؛ لِأَنَّ التَّوَى لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْكَفَالَةِ وَقِيلَ الْكَفَالَةُ عَلَى حَقِيقَتِهَا، فَإِنَّ التَّوَى يَتَحَقَّقُ فِيهَا بِأَنْ مَاتَ الْكَفِيلُ وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ مُفْلِسَيْنِ وَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا تَوَى مُضَافٌ إلَى أَخْذِهِ الْكَفِيلَ بِحَيْثُ إنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْ كَفِيلًا لَمْ يَتْوَ دَيْنُهُ كَمَا فِي الرَّهْنِ وَالتَّوَى الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا غَيْرُ مُضَافٍ إلَى أَخْذِهِ الْكَفِيلَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْ كَفِيلًا أَيْضًا لَتَوَى بِمَوْتِ مَنْ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُوَكِّلِ) لِأَنَّ الْإِذْنَ يُسْتَفَادُ مِنْ جِهَتِهِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي كَيْفِيَّةِ تَحْقِيقِهِ أَنَّ الْأَمْرَ قَدْ يَقَعُ مُطْلَقًا وَقَدْ يَقَعُ مُقَيَّدًا وَلَمْ يُوجَدْ دَلِيلٌ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْخُصُوصَ وَالْأَصْلُ فِي الْوَكَالَةِ الْخُصُوصُ اهـ غَايَةٌ
(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمُضَارِبُ أَطْلَقْتَ كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ) وَفِي قَوْلِ زُفَرَ الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْأَمْرَ يُسْتَفَادُ مِنْ جِهَةِ رَبِّ الْمَالِ فَصَارَ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَعُلَمَاؤُنَا اسْتَحْسَنُوا فِي الْمُضَارَبَةِ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ بِنَاؤُهَا عَلَى الْعُمُومِ وَقَدْ تَصَادَقَا عَلَى الْمُضَارَبَةِ ثُمَّ رَبُّ الْمَالِ ادَّعَى زِيَادَةَ شَرْطٍ وَالْمُضَارِبُ مُنْكِرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَتْ الْوَكَالَةَ الَّتِي لَيْسَتْ فِيهَا شَائِبَةُ الشَّرِكَةِ) يُحْتَرَزُ بِذَلِكَ مِنْ الْمُضَارَبَةِ لِأَنَّهَا وَكَالَةٌ وَلَكِنْ تَصِيرُ شَرِكَةً فِي الْآخِرِ إذَا رَبِحَ. اهـ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَلَوْ أَخَذَ الْوَكِيلُ بِالثَّمَنِ رَهْنًا إلَخْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ قَالَ وَمَنْ أَمَرَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ وَأَخَذَ بِالثَّمَنِ رَهْنًا وَضَاعَ فِي يَدِهِ أَوْ أَخَذَ بِهِ كَفِيلًا فَتْوَى الْمَالَ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ أَيْ قَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ قَالَ يَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ أَمَرَ رَجُلٌ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَ لَهُ عَبْدًا فَبَاعَهُ ثُمَّ أَخَذَ بِالثَّمَنِ رَهْنًا فَضَاعَ فِي يَدِهِ وَأَخَذَ بِهِ كَفِيلًا فَهُوَ جَائِزٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَى هُنَا لَفْظُ مُحَمَّدٍ فِي أَصْلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافٌ إلَّا أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه وَذَلِكَ لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الثَّمَنِ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ وَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى الْوَكِيلِ اهـ وَكَتَبَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِهِ لِمُخْتَصَرِ الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ فِي أَوَّلِ بَابِ الْكَفَالَةِ فِي الرَّهْنِ، وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ مَتَاعًا فَقَالَ: بِعْهُ وَارْتَهِنْ لِي بِهِ رَهْنًا فَفَعَلَ فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا أَمَرَهُ بِهِ وَلَوْ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ جَازَ فَكَذَا إذَا فَعَلَهُ نَائِبُهُ.
فَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فَهُوَ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُمَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجُوزَ عَلَى قَوْلِهِمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَخْذَ الرَّهْنِ يُشْبِهُ الْبَيْعَ لِأَنَّ قَبْضَ الرَّهْنِ قَبْضُ ضَمَانٍ وَيَصِيرُ مُسْتَبْدِلًا مُسْتَوْفِيًا فِي الْعَاقِبَةِ وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ عِنْدَهُمَا لَا يَمْلِكُ الْبَيْعَ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَمْلِكُ وَلَوْ بَاعَهُ وَلَمْ يَرْتَهِنْ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ مُؤَكَّدٍ بِالرَّهْنِ، فَإِذَا بَاعَهُ بِثَمَنٍ غَيْرِ مُؤَكَّدٍ يَصِيرُ مُخَالِفًا وَلَوْ قَالَ: بِعْهُ بِثَمَنٍ ثِقَةٍ فَارْتَهِنْ رَهْنًا أَقَلَّ مِنْهُ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ التَّوَثُّقُ بِهِ لِأَنَّهُ مُمَاثِلٌ لِلدَّيْنِ أَوْ مُقَارِبٌ لَهُ فَصَلَحَ وَثِيقَةً لَهُ لِأَنَّ الْوَثِيقَةَ مَا يُفْضِي إلَى الْحَقِيقَةِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ تَوْثِيقَ الْكَثِيرِ بِحَبْسِ الْقَلِيلِ مِمَّا لَا يُعْقَلُ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْآمِرِ لِأَنَّ فَائِدَةَ التَّوَثُّقِ مَرْجِعُهُ إلَيْهِ فَيَكُونُ الْوَكِيلُ بِالرَّدِّ مُبْطِلًا لَهُ فَيَضْمَنُ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: فَتْوَى عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْكَفِيلِ. اهـ. غَايَةٌ قَالَ فِي الْوَافِي أَوْ أَخَذَ بِثَمَنِهِ كَفِيلًا فَتْوَى الْمَالَ عَلَى الْكَفِيلِ اهـ
عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَحَمْلُهُ عَلَى الْحَوَالَةِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَتْوَى فِيهَا بِمَوْتِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا بَلْ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُحِيلِ، وَإِنَّمَا يَتْوَى بِمَوْتِهِمَا مُفْلِسَيْنِ فَصَارَ كَالْكَفَالَةِ وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالتَّوَى تَوًى مُضَافٌ إلَى أَخْذِهِ الْكَفِيلَ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْمُرَافَعَةِ إلَى حَاكِمٍ يَرَى بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ عَنْ الدَّيْنِ بِالْكَفَالَةِ وَلَا يَرَى الرُّجُوعَ عَلَى الْأَصِيلِ بِمَوْتِهِ مُفْلِسًا مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مَالِكِيًّا وَيَحْكُمَ بِهِ ثُمَّ يَمُوتَ الْكَفِيلُ مُفْلِسًا
قَالَ رحمه الله (وَلَا يَتَصَرَّفُ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ وَحْدَهُ)؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ رَضِيَ بِرَأْيِهِمَا لَا بِرَأْيِ أَحَدِهِمَا، وَلَوْ كَانَ الْبَدَلُ مُقَدَّرًا؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ لَا يَمْنَعُ اسْتِعْمَالَ الرَّأْيِ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَفِي اخْتِيَارِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهَذَا فِي تَصَرُّفٍ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ وَأَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُمَا فِيهِ وَكَانَ تَوْكِيلُهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وَأَمَّا مَا لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَوْ لَا يُمْكِنُ الِاجْتِمَاعُ فِيهِ كَالْخُصُومَةِ جَازَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ دُونَ صَاحِبِهِ وَكَذَا إذَا كَانَ تَوْكِيلُهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ جَازَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِالتَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرَأْيِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ وَقْتَ تَوْكِيلِهِ فَلَا يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْوَصِيَّيْنِ إذَا أَوْصَى إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِكَلَامٍ عَلَى حِدَةٍ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِالتَّصَرُّفِ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْوَصِيَّةِ بِالْمَوْتِ وَعِنْدَ الْمَوْتِ صَارَا وَصِيَّيْنِ جُمْلَةً وَاحِدَةً وَالْوَكَالَةُ حُكْمُهَا يَثْبُتُ بِنَفْسِ التَّوْكِيلِ
فَإِذَا أُفْرِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْعَقْدِ اسْتَبَدَّ كُلٌّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالتَّصَرُّفِ وَإِذَا وَكَّلَهُمَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ لَا يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُهُمَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا بَالِغًا عَاقِلًا وَالْآخَرُ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ، فَإِنْ أَجَازَهُ صَاحِبُهُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ كَانَ غَائِبًا فَأَجَازَهُ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ لَمْ يَجُزْ لِلْآخَرِ أَنْ يَتَصَرَّفَ وَحْدَهُ لِعَدَمِ رِضَاهُ بِرَأْيِهِ وَحْدَهُ قَالَ رحمه الله:(إلَّا فِي خُصُومَةٍ وَطَلَاقٍ وَعَتَاقٍ بِلَا بَدَلٍ وَرَدِّ وَدِيعَةٍ وَقَضَاءِ دَيْنٍ)؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى الرَّأْيِ وَالْخُصُومَةِ، وَإِنْ كَانَ يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى الرَّأْيِ لَكِنَّ اجْتِمَاعَهُمَا فِي التَّكَلُّمِ فِي مَجْلِسٍ الْقَاضِي مُتَعَذِّرٌ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى التَّلْبِيسِ عَلَى الْقَاضِي وَإِلَى الشَّغَبِ، وَالرَّأْيُ يُحْتَاجُ إلَيْهِ سَابِقًا عَلَى الْخُصُومَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ صَاحِبِهِ وَقْتَ الْخُصُومَةِ عِنْدَ عَامَّتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِالتَّوَى إلَخْ) أَخَذَ الشَّارِحُ رحمه الله هَذَا مِنْ الْكَافِي فَقَدْ قَالَ فِيهِ بَعْدَ قَوْلِهِ فَتْوَى الْمَالَ عَلَى الْكَفِيلِ بِأَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى قَاضٍ يَرَى بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ بِنَفْسِ الْكَفَالَةِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ فَيَحْكُمُ بِبَرَاءَةِ الْأَصِيلِ فَتْوَى الْمَالَ عَلَى الْكَفِيلِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَكَانَ تَوْكِيلُهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيمَا وُكِّلَا فِيهِ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالُوا هَذَا إذَا وَكَّلَهُمَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ دُفْعَةً وَاحِدَةً بِأَنْ قَالَ وَكَّلْتُكُمَا بِبَيْعِ عَبْدِي وَخُلْعِ امْرَأَتِي أَمَّا إذَا وَكَّلَهُمَا بِكَلَامَيْنِ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسَلَّطٌ عَلَى الْبَيْعِ وَالْخُلْعِ بِانْفِرَادِهِ اهـ وَكَتَبَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رحمه الله قَالَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ الْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ الْوَكِيلَيْنِ بِالْمُبَادَلَةِ إذَا فَعَلَ أَحَدُهُمَا بِالْمُبَادَلَةِ دُونَ صَاحِبِهِ لَمْ يَجُزْ وَلَا يَنْفُذُ حَتَّى يُجِيزَهُ الْوَكِيلُ الْآخَرُ أَوْ الْمُوَكِّلُ وَلَا يَجُوزُ فِعْلُ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ الْمُبَادَلَةَ تَتَعَلَّقُ بِالرَّأْيِ وَالْمَشُورَةِ وَقَدْ رَضِيَ بِرَأْيِهِمَا وَمَشُورَتِهِمَا وَلَمْ يَرْضَ بِرَأْيِ أَحَدِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ مُسَمًّى أَوْ لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى وَالْوَكِيلُ الْآخَرُ حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ إلَّا أَنَّ فِي الشِّرَاءِ يَنْفُذُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ لِأَنَّ الشِّرَاءَ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا عَلَى الْعَاقِدِ لَا يَتَوَقَّفُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْمُوَكِّلِ أَوْ الْوَكِيلِ وَكَذَا الْوَكِيلَانِ بِالتَّزْوِيجِ وَالْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ عَلَى مَالٍ إذَا فَعَلَهُ أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ حَتَّى يُجِيزَهُ الْمُوَكِّلُ أَوْ الْوَكِيلُ الْآخَرُ وَأَمَّا الْوَكِيلَانِ بِالْعِتْقِ عَلَى غَيْرِ مَالٍ وَالْوَكِيلَانِ بِالطَّلَاقِ عَلَى غَيْرِ مَالٍ فَلِأَحَدِهِمَا أَنْ يَعْتِقَ وَيُطَلِّقَ وَكَذَا الْوَكِيلَانِ بِالْخُصُومَةِ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُخَاصِمَ إلَّا أَنَّهُ إذَا انْتَهَى إلَى قَبْضِ الْمَالِ لَا يَجُوزُ قَبْضُ أَحَدِهِمَا حَتَّى يَجْتَمِعَا لِأَنَّ الْخُصُومَةَ مِمَّا لَا يَتَأَتَّى فِيهَا اثْنَانِ بِالِاجْتِمَاعِ وَالْقَبْضِ مِمَّا يَتَأَتَّى فِيهِ الِاجْتِمَاعُ وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ اثْنَيْنِ بِتَسْلِيمِ مَا وَهَبَ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ فَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا صَحَّتْ الْهِبَةُ وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ اثْنَيْنِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَسَلَّمَ الْمَالَ إلَيْهِمَا فَقَضَاهُ أَحَدُهُمَا جَازَ
وَأَمَّا الْوَصِيَّانِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا التَّصَرُّفُ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ كَالْوَكِلَيْنِ بِالْبَيْعِ إلَّا فِي أَشْيَاءَ مَعْرُوفَةٍ فَذَكَرَهَا فِي الْوَصَايَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ عَلَى حِدَةٍ وَلَوْ دَفَعَ مَالَهُ إلَى اثْنَيْنِ مُضَارَبَةً فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا التَّصَرُّفُ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ إلَّا فِي خُصُومَةٍ وَطَلَاقٍ إلَخْ) قَالَ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ إلَّا فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: الْأَوَّلُ إذَا وَكَّلَهُمَا بِالطَّلَاقِ وَالثَّانِي إذَا وَكَّلَهُمَا بِالْعَتَاقِ وَالثَّالِثُ إذَا وَكَّلَهُمَا بِرَدِّ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ دَيْنٍ عَلَيْهِ لِرَجُلٍ، وَالرَّابِعُ إذَا وَكَّلَهُمَا بِالْخُصُومَةِ لِأَنَّ فِي الثَّلَاثَةِ لَا يُحْتَاجُ إلَى الرَّأْيِ وَأَمَّا فِي الْخُصُومَةِ فَقَدْ ذَكَرْنَا فِيهَا الْمَعْنَى اهـ أَتْقَانِيٌّ رحمه الله
(قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ صَاحِبِهِ وَقْتَ الْخُصُومَةِ) وَلَكِنَّهُمَا لَا يَقْبِضَانِ إلَّا مَعًا وَقَالَ زُفَرُ لَا يَصِحُّ الِانْفِرَادُ فِي الْخُصُومَةِ أَيْضًا لِأَنَّهُ يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى الرَّأْيِ وَرَأْيُ الِاثْنَيْنِ لَا يَكُونُ كَرَأْيِ الْوَاحِدِ فَرِضَاهُ بِرَأْيِهِمَا لَا يَكُونُ رِضًا بِرَأْيِ أَحَدِهِمَا كَمَا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَلَنَا أَنَّ الْمَعْهُودَ بَيْنَ النَّاسِ هُوَ الِانْفِرَادُ بِالتَّكَلُّمِ صِيَانَةً لِمَجْلِسِ الْقَضَاءِ عَنْ الشَّغَبِ وَتَحَرِّيًا لِلصَّوَابِ إذْ الْإِنْسَانُ يُبْتَلَى بِالْغَلَطِ عِنْدَ كَثْرَةِ اللَّغَطِ وَفِي الِاجْتِمَاعِ إخْلَالٌ بِالِاسْتِمَاعِ وَلَمَّا وَكَّلَهُمَا بِالْخُصُومَةِ مَعَ عِلْمِهِ بِتَعَذُّرِ اجْتِمَاعِهِمَا صَارَ رَاضِيًا بِخُصُومَةِ أَحَدِهِمَا وَلَكِنْ عَلَى وَجْهٍ لَا يُفَوِّتُ فَائِدَةَ تَوْكِيلِهِمَا وَذَا بِأَنْ يَتَنَاوَبَا الْأَمْرَ بِرَأْيِهِمَا، وَإِنَّمَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّكَلُّمِ. اهـ. كَافِي
بِسَمَاعِهِ الْخُصُومَةَ وَهُوَ سَاكِتٌ فَائِدَةٌ، وَطَلَاقُ الزَّوْجَةِ وَالْعِتْقُ بِلَا بَدَلٍ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ إلَّا إذَا قَالَ: طَلِّقَاهَا إنْ شِئْتُمَا أَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِأَيْدِيهِمَا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ تَفْوِيضًا فَيُقْتَصَرُ عَلَى الْمَجْلِسِ لِكَوْنِهِ تَمْلِيكًا أَوْ يَكُونُ تَعْلِيقًا فَيُشْتَرَطُ فِعْلُهُمَا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِشَيْئَيْنِ لَا يَنْزِلُ عِنْدَ وُجُودِ أَحَدِهِمَا وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ طَلِّقَاهَا جَمِيعًا لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُطَلِّقَهَا وَحْدَهُ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقُ أَحَدِهِمَا، وَلَوْ قَالَ طَلِّقَاهَا جَمِيعًا ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا أَحَدُهُمَا طَلْقَةً وَالْآخَرُ طَلْقَتَيْنِ لَا يَقَعُ وَرَدُّ الْوَدِيعَةِ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ فَرَدُّ أَحَدِهِمَا كَرَدِّهِمَا بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَهُمَا بِاسْتِرْدَادِهَا حَيْثُ لَا يَكُونُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَقْبِضَ بِدُونِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا فِيهِ مُمْكِنٌ وَلِلْمُوَكِّلِ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ حِفْظَ اثْنَيْنِ خَيْرٌ مِنْ حِفْظِ وَاحِدٍ، فَإِذَا قَبَضَهُ أَحَدُهُمَا ضَمِنَ كُلَّهُ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ إذْ أَمْرُهُ تَنَاوَلَهُمَا مُجْتَمِعَيْنِ لَا مُتَفَرِّقَيْنِ فَلَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا فِي حَالَةِ الِانْفِرَادِ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ وَقَضَاءُ الدَّيْنِ مِثْلُ رَدِّ الْوَدِيعَةِ وَاقْتِضَاؤُهُ مِثْلُ اسْتِرْدَادِ الْوَدِيعَةِ
قَالَ رحمه الله (وَلَا يُوَكِّلُ إلَّا بِإِذْنٍ أَوْ بِاعْمَلْ بِرَأْيِك) أَيْ لَا يُوَكِّلُ الْوَكِيلُ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ أَوْ يَقُولَ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِك؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرَأْيِهِ وَلَمْ يَرْضَ بِرَأْيِ غَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْمُفَوَّضَ إلَيْهِ التَّصَرُّفُ دُونَ التَّوْكِيلِ بِهِ فَلَا يَمْلِكُهُ بِدُونِ التَّفْوِيضِ إلَيْهِ بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ فِي الْحُقُوقِ حَيْثُ يَمْلِكُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ أَصِيلٌ فِيهِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُهُ الْمُوَكِّلُ وَلَا نَهْيُهُ عَنْهُ وَيَمْلِكُهُمَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَلَا يَمْلِكُ التَّوْكِيلَ بِدُونِ رِضَاهُ، فَإِذَا فَوَّضَ إلَيْهِ وَوَكَّلَ كَانَ الثَّانِي وَكِيلًا عَنْ الْمُوَكِّلِ حَتَّى لَا يَكُونَ لِلْأَوَّلِ أَنْ يَعْزِلَهُ وَلَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ، وَيَنْعَزِلَانِ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ وَهُوَ نَظِيرُ اسْتِخْلَافِ الْقَاضِي حَيْثُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْخَلِيفَةِ ثُمَّ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ وَلَا بِمَوْتِهِ وَيَنْعَزِلَانِ بِعَزْلِ الْخَلِيفَةِ لَهُمَا لَكِنْ لَا يَنْعَزِلَانِ بِمَوْتِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخَلِيفَةَ عَامِلٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا يَنْعَزِلُ بِهِ الْقَاضِي الَّذِي وَلَّاهُ هُوَ أَوْ وَلَّاهُ الْقَاضِي بِإِذْنِهِ وَالْمُوَكِّلُ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ فَيَنْعَزِلُ وَكِيلُهُ بِمَوْتِهِ لِبُطْلَانِ حَقِّهِ
قَالَ رحمه الله: (فَإِنْ وَكَّلَ بِلَا إذْنِ الْمُوَكِّلِ فَعَقَدَ بِحَضْرَتِهِ أَوْ بَاعَ أَجْنَبِيٌّ فَأَجَازَ صَحَّ) أَيْ إنْ وَكَّلَ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ فَعَقَدَ الْوَكِيلُ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ أَوْ عَقَدَ أَجْنَبِيٌّ فَأَجَازَهُ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ جَازَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْمُوَكِّلِ حُضُورُ رَأْيِهِ، وَقَدْ حَصَلَ بِهِ وَكَذَا لَوْ عَقَدَ الْوَكِيلُ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ جَازَ مِنْ غَيْرِ إجَازَةٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وَهُوَ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ: وَطَلَاقُ الزَّوْجَةِ وَالْعِتْقُ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ لَوْ قَالَ لِرَجُلَيْنِ طَلِّقَا امْرَأَتِي إنْ شِئْتُمَا أَوْ أَرَدْتُمَا فَطَلَّقَهَا أَحَدُهُمَا لَمْ يَقَعْ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَشِيئَتِهِمَا فَلَا يَنْزِلُ عِنْدَ مَشِيئَةِ أَحَدِهِمَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَمْرُ امْرَأَتِي بِأَيْدِيكُمَا فَطَلَّقَ أَحَدُهُمَا لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ جَعَلَ الرَّأْيَ إلَيْهِمَا لَا إلَى أَحَدِهِمَا اهـ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ طَلِّقَاهَا جَمِيعًا لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُطَلِّقَهَا وَحْدَهُ) حَتَّى لَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِلَا رَأْيِ الْآخَرِ لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا. اهـ. ابْنُ فِرِشْتَا
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرَأْيِهِ) وَالنَّاسُ مُتَفَاوِتُونَ فِي الرَّأْيِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَيَمْلِكُهُمَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ) أَيْ يَمْلِكُ الْمُوَكِّلُ التَّوْكِيلَ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ وَيَمْلِكُ نَهْيَ الْوَكِيلِ عَنْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا فُوِّضَ إلَيْهِ وَوُكِّلَ كَانَ الثَّانِي وَكِيلًا) قَالَ قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِالْخُصُومَةِ، وَقَالَ لَهُ مَا صَنَعْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ غَيْرَهُ بِذَلِكَ جَازَ تَوْكِيلُهُ وَيَكُونُ الْوَكِيلُ الثَّانِي وَكِيلَ الْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ لَا وَكِيلَ الْوَكِيلِ حَتَّى لَوْ مَاتَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ أَوْ عُزِلَ أَوْ جُنَّ أَوْ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ لَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ الثَّانِي وَلَوْ مَاتَ الْمُوَكِّلُ الْأَوَّلُ أَوْ جُنَّ أَوْ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلَانِ وَلَوْ عَزَلَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ الْوَكِيلَ الثَّانِيَ جَازَ عَزْلُهُ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ رَضِيَ بِصُنْعِ الْأَوَّلِ وَعَزْلُ الْأَوَّلِ الثَّانِيَ مِنْ صَنِيعِ الْأَوَّلِ. اهـ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: فَإِنْ وَكَّلَ بِلَا إذْنِ الْمُوَكِّلِ فَعَقَدَ بِحَضْرَتِهِ أَوْ بَاعَ أَجْنَبِيٌّ فَأَجَازَ صَحَّ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه فِي رَجُلٍ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدٍ فَأَمَرَ الْوَكِيلُ رَجُلًا بِبَيْعِهِ قَالَ: إنْ بَاعَهُ وَالْوَكِيلُ الْأَوَّلُ حَاضِرٌ جَازَ ذَلِكَ، وَإِنْ بَاعَهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رَجُلٍ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدٍ فَبَاعَهُ رَجُلٌ غَيْرُ الْوَكِيلِ فَبَلَغَ الْوَكِيلَ فَسَلَّمَ الْبَيْعَ قَالَ جَائِزٌ. إلَى هُنَا لَفْظُ مُحَمَّدٍ فِي أَصْلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ لِمَا وُكِّلَ بِهِ إلَّا أَنْ يُطْلِقَ لَهُ الَّذِي وَكَّلَهُ أَوْ يُجِيزَ أَمْرَهُ فِيمَا وُكِّلَ بِهِ فَيَكُونُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ بِنَاءَ الْوَكَالَةِ عَلَى الْخُصُوصِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُفَوِّضَ إلَى غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ بِذَلِكَ أَوْ يَقُولَ لَهُ وَقْتَ التَّوْكِيلِ: مَا صَنَعْتُ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدٍ وَلَمْ يُجِزْ لَهُ مَا صَنَعَ وَلَا أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ غَيْرَهُ بِبَيْعِ ذَلِكَ فَبَاعَهُ الْوَكِيلُ الثَّانِي، فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إنْ بَاعَهُ بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ جَازَ الْبَيْعُ وَصَارَ كَأَنَّ الْوَكِيلَ الْأَوَّلَ هُوَ الَّذِي بَاعَهُ.
وَلَوْ بَاعَهُ بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ حَتَّى يُجِيزَهُ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ أَوْ الْمُوَكِّلُ وَقَالَ زُفَرُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَكِيلِ الثَّانِي سَوَاءٌ كَانَ بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ أَوْ بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَجُوزُ بَيْعُ الْوَكِيلِ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ وَبِغَيْرِ حَضْرَتِهِ، وَأَمَّا الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ فَاشْتَرَى الثَّانِي فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ إلَى هُنَا لَفْظُ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ عَقَدَ الْوَكِيلُ الثَّانِي إلَى قَوْلِهِ جَازَ مِنْ غَيْرِ إجَازَةٍ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمَتْنِ فَأَجَازَ صَحَّ رَاجِعٌ إلَى مَسْأَلَتَيْ الْوَكِيلِ الثَّانِي وَالْأَجْنَبِيِّ وَإِلَّا لَوْ كَانَ قَوْلُهُ جَازَ رَاجِعًا لِمَسْأَلَةِ الْأَجْنَبِيِّ فَقَطْ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَكَذَا لَوْ عَقَدَ الْوَكِيلُ إلَخْ فَائِدَةً لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُسْتَفَادًا مِنْ الْمَتْنِ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رحمه الله وَنَقَلَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى عَنْ وَكَالَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْزَادَهْ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ أَوْ الْإِجَارَةِ إذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ فَبَاعَ الثَّانِي أَوْ آجَرَ وَالْأَوَّلُ حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ فَأَجَازَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ ذَلِكَ جَازَ فَقَدْ شَرَطَ الْإِجَازَةَ مِنْ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ لِلْجَوَازِ، وَإِنْ حَصَلَ الْبَيْعُ أَوْ الْإِجَارَةُ مِنْ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ وَذَكَرَ بَعْدَ هَذَا أَنَّهُ إذَا بَاعَ الثَّانِي بِحَضْرَةِ