الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إطْلَاقُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ يَتَنَاوَلُ الْبَيْعَ بِالْعَيْنِ وَالدَّيْنَ فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التُّهْمَةِ وَلَوْ مَاتَ الْمَالِكُ لَا يَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ فِي الْفَصْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْمُوَرِّثِ لِنَفْسِهِ فَلَا يَنْتَقِلُ إلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ أَوْ الْأَبِ إذَا تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِمَا فِي مَالِ الصَّغِيرِ، ثُمَّ بَلَغَ الصَّغِيرُ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى الِابْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى إجَازَتِهِمَا لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَتَوَقَّفُ لَهُ فَيَنْتَقِلُ إلَيْهِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا تَزَوَّجَتْ أَمَةٌ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا وَكَانَ قَدْ وَطِئَهَا، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى حَيْثُ تَنْتَقِلُ الْإِجَازَةُ إلَى ابْنِهِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الِانْتِقَالِ إلَى الْوَارِثِ كَانَ لِمَعْنًى وَهُوَ حُدُوثُ حِلٍّ بَاتَ عَلَى مَوْقُوفٍ فَأَبْطَلَهُ وَقَدْ عُدِمَ ذَلِكَ هُنَا بِوَطْءِ أَبِيهِ فَلَا يَبْطُلُ حَتَّى لَوْ قُدِّرَ فِي الشِّرَاءِ أَيْضًا مِثْلُ ذَلِكَ بِأَنْ بَاعَهَا الْمَوْلَى مِمَّنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَالنِّكَاحُ مَوْقُوفٌ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَلَوْ أَجَازَ الْمِلْكَ فِي حَيَاتِهِ وَلَا يَعْلَمُ حَالَ الْمَبِيعِ جَازَ الْبَيْعُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: لَا يَصِحُّ حَتَّى يَعْلَمَ قِيَامَهُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي شَرْطِ الْإِجَازَةِ فَلَا يَثْبُتُ مَعَ الشَّكِّ.
قَالَ رحمه الله (وَصَحَّ
عِتْقُ مُشْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ بِإِجَازَةِ بَيْعِهِ
لَا بَيْعُهُ) مَعْنَاهُ لَوْ غَصَبَ رَجُلٌ عَبْدًا وَبَاعَهُ فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي فَأَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ جَازَ عِتْقُهُ وَلَوْ لَمْ يُعْتِقْهُ الْمُشْتَرِي وَلَكِنْ بَاعَهُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَجُوزُ عِتْقُهُ أَيْضًا وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ وَقَدْ قَالَ: عليه الصلاة والسلام «لَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» وَهَذَا؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَالْمَوْقُوفُ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ إذْ لَا نَفَاذَ فِيهِ وَعِنْدَ الْإِجَازَةِ إنْ ثَبَتَ الْمِلْكُ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ فَهُوَ ثَابِتٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَلَا يَصْلُحُ شَرْطًا لِلْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّ الْمُصَحِّحَ لِلْإِعْتَاقِ مِلْكٌ كَامِلٌ لِمَا رَوَيْنَا وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ فِيهِ الْمِلْكَ مُطْلَقًا وَالْمُطْلَقُ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ وَلِهَذَا لَوْ أَعْتَقَهُ الْغَاصِبُ، ثُمَّ أَدَّى الضَّمَانَ لَا يَصِحُّ الْعِتْقُ مَعَ أَنَّ الْمِلْكَ الثَّابِتَ لَهُ بِالضَّمَانِ أَقْوَى مِنْ الْمِلْكِ الثَّابِتِ لِلْمُشْتَرِي حَتَّى يَنْفُذَ بَيْعُ الْغَاصِبِ إذَا أَدَّى الضَّمَانَ وَلَا يَنْفُذُ بَيْعُ الْمُشْتَرِي إذَا أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، ثُمَّ أَجَازَ الْبَيْعَ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَكَذَا إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ، ثُمَّ بَاعَهُ، ثُمَّ أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ لَمْ يَنْفُذْ الثَّانِي مَعَ أَنَّ الْبَيْعَ أَسْرَعُ نَفَاذًا مِنْ الْعِتْقِ حَتَّى صَحَّ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ لَهُ دُونَ عِتْقِهِمَا وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ، ثُمَّ أَدَّى الضَّمَانَ نَفَذَ بَيْعُهُ وَلَوْ أَعْتَقَهُ، ثُمَّ أَدَّى الضَّمَانَ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ لِمَا ذَكَرْنَا وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ الْغَاصِبُ فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ، ثُمَّ أَدَّى الْغَاصِبُ الضَّمَانَ صَحَّ بَيْعُ الْغَاصِبِ وَبَطَلَ عِتْقُهُ لِمَا بَيَّنَّا وَلَهُمَا أَنَّ الْمِلْكَ ثَبَتَ مَوْقُوفًا بِتَصَرُّفٍ مُطْلَقٍ مُفِيدٍ لِلْمِلْكِ بِالْوَضْعِ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى مَا مَرَّ فَيَتَوَقَّفُ الْإِعْتَاقُ مُرَتَّبًا عَلَيْهِ وَيَنْفُذُ بِنَفَاذِهِ وَصَارَ كَإِعْتَاقِ الْمُشْتَرِي مِنْ الرَّاهِنِ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ وَيَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ الْمَبِيعَ وَكَإِعْتَاقِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَارِثِ وَالتَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةٌ بِالدَّيْنِ فَأَجَازَتْ الْغُرَمَاءُ الْبَيْعَ أَوْ إعْتَاقَ الْوَارِثِ عَبْدًا مِنْ التَّرِكَةِ وَهِيَ مُسْتَغْرَقَةٌ بِالدَّيْنِ فَقَضَى الدَّيْنَ أَوْ أَبْرَأَ الْغُرَمَاءُ.
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
عَنْ سُؤَالٍ بِأَنْ يُقَالَ لِمَ جُعِلَ شِرَاءً وَلَمْ يُجْعَلْ بَيْعًا مَعَ أَنَّ بَيْعَ الْمُقَايَضَةِ شِرَاءٌ مِنْ وَجْهٍ فَأَجَابَ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا يَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ فِي الْفَصْلَيْنِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَرَضًا أَوْ دَيْنًا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى حَيْثُ تَنْتَقِلُ الْإِجَازَةُ إلَى ابْنِهِ) أَيْ فَإِنْ أَجَازَ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا فَهَذِهِ فُضُولِيَّةٌ وَتَوَقَّفَ عَمَلُهَا عَلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ اهـ (قَوْلُهُ بِأَنْ بَاعَهَا الْمَوْلَى) أَيْ الْأَمَةَ الَّتِي تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ) أَيْ تَنْتَقِلُ الْإِجَازَةُ إلَى الْمُشْتَرِي.
[عِتْق مشتر مِنْ غَاصِب بإجازة بَيْعه]
(قَوْلُهُ جَازَ عِتْقُهُ) قَالَ الْكَمَالُ كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا، لَكِنَّهُمْ أَثْبَتُوا خِلَافَهُ مَعَ زُفَرَ فِي بُطْلَانِ الْعِتْقِ وَهَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي جَرَتْ الْمُحَاوَرَةُ فِيهَا بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ حِينَ عَرَضَ عَلَيْهِ هَذَا الْكِتَابَ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: مَا رَوَيْت لَك عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْعِتْقَ جَائِزٌ وَإِنَّمَا رَوَيْت أَنَّ الْعِتْقَ بَاطِلٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: بَلْ رَوَيْت لِي أَنَّ الْعِتْقَ جَائِزٌ وَإِثْبَاتُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي صِحَّةِ الْعِتْقِ بِهَذَا لَا يَجُوزُ لِتَكْذِيبِ الْأَصْلِ الْفَرْعَ صَرِيحًا وَأَقَلُّ مَا هُنَا أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ هُنَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: إنَّ هَذِهِ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَنَحْنُ سَمِعْنَا مِنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِتْقُهُ وَسَيَجِيءُ اهـ وَقَوْلُهُ جَازَ عِتْقُهُ أَيْ اسْتِحْسَانًا. اهـ. هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَالْمُطْلَقُ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ) وَاسْتَوْضَحَ عَلَى ذَلِكَ بِفُرُوعٍ أَرْبَعَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ حَتَّى يَنْفُذَ بَيْعُ الْغَاصِبِ إذَا أَدَّى الضَّمَانَ) هَذَا إذَا أَدَّى قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ أَمَّا إذَا ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْبَيْعِ لَا يَنْفُذُ بَيْعُهُ. اهـ. عِمَادِيَّةٌ فِي آخِرِ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ (قَوْلُهُ إنَّ الْبَيْعَ أَسْرَعُ نَفَاذًا مِنْ الْعِتْقِ) أَيْ فَإِذَا لَمْ يَنْفُذْ بَيْعُهُ لَمْ يَنْفُذْ إعْتَاقُهُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى اهـ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ بَاعَ) اسْتِيضَاحٌ ثَانٍ لِكَوْنِ الْبَيْعِ أَسْرَعَ نَفَاذًا. اهـ. (قَوْلُهُ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ لِمَا ذَكَرْنَا) أَيْ أَنَّ الْبَيْعَ أَسْرَعُ نَفَاذًا اهـ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ الْغَاصِبُ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ وَكَذَا لَا يَصِحُّ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ إذَا أَدَّى الْغَاصِبُ الضَّمَانَ وَلَا الطَّلَاقُ فِي النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ حَتَّى لَوْ أُجِيزَ لَا يَقَعُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَكُلٌّ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فِي الْحَاجَةِ إلَى الْمِلْكِ عَلَى السَّوَاءِ وَلِذَا إذَا جَعَلَ فُضُولِيٌّ أَمْرَ امْرَأَةٍ بِيَدِهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا، ثُمَّ أَجَازَ الزَّوْجُ لَا تَطْلُقُ بَلْ يَثْبُتُ التَّفْوِيضُ فَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا الْآنَ طَلُقَتْ وَإِلَّا لَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَبَطَلَ عِتْقُهُ) أَيْ بَطَلَ عِتْقُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ إذَا أَدَّى الْغَاصِبُ الضَّمَانَ وَهَذَا قَوْلُ الْبَعْضِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ عِتْقَهُ نَافِذٌ اهـ كَمَا سَيَجِيءُ بَعْدَ أَسْطُرٍ. اهـ. (قَوْلُهُ بِتَصَرُّفٍ مُطْلَقٍ) قَالَ الْكَمَالُ: وَمُطْلَقٌ بِفَتْحِ اللَّامِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَخَرَجَ جَوَابُ قَوْلِهِ لَا يَصِحُّ عِتْقُ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِتَصَرُّفٍ مُطْلَقٍ إذْ الْخِيَارُ بِمَنْعِ ثُبُوتِهِ فِي حَقِّ الْحُكْمِ بَاتًّا وَمَوْقُوفًا وَقَدْ يُقْرَأُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَيَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ الْبَيْعَ) وَالْجَامِعُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إعْتَاقٌ فِي بَيْعٍ مَوْقُوفٍ. اهـ. فَتْحٌ وَقَوْلُهُ الْمُرْتَهِنُ هُوَ الصَّوَابُ، وَلَكِنَّ الَّذِي بِخَطِّ
مِنْهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ وَالشَّيْءُ إذَا تَوَقَّفَ تَوَقَّفَ بِحُقُوقِهِ وَإِذَا نَفَذَ نَفَذَ بِحُقُوقِهِ بِخِلَافِ إعْتَاقِ الْغَاصِبِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ لَمْ يُوضَعْ لِإِفَادَةِ الْمِلْكِ لِكَوْنِهِ عُدْوَانًا مَحْضًا وَإِنَّمَا يَمْلِكُ ضَرُورَةَ أَدَاءِ الضَّمَانِ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ الْبَدَلَانِ فِي مِلْكِ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَلَمْ يَكُنْ الْغَصْبُ مُثْبِتًا لِلْمِلْكِ فِي الْحَالِ وَلَا سَبَبًا لَهُ لِيَتَوَقَّفَ هُوَ وَيَتَوَقَّفَ الْعِتْقُ بِتَوَقُّفِهِ حُكْمًا لَهُ بَلْ هُوَ سَبَبٌ لَهُ ضَرُورَةً عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ وَالْعِتْقُ وُجِدَ قَبْلَهُ وَبِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي الْبَيْعِ خِيَارٌ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ وَالْكَلَامُ فِيهِ وَشَرْطُ الْخِيَارِ يَمْنَعُ مِنْ انْعِقَادِهِ فِي حَقِّ الْحُكْمِ أَصْلًا فَكَانَ الْمِلْكُ فِيهِ غَيْرَ مَوْجُودٍ لِوُجُودِ الْخِيَارِ الْمَانِعِ مِنْهُ فَلَمْ يُصَادِفْ الْإِعْتَاقُ مَحَلَّهُ وَهُوَ الْمِلْكُ وَهُنَا الْبَيْعُ مُطْلَقٌ وَالْأَصْلُ فِي الْأَسْبَابِ الْمُطْلَقَةِ أَنْ تَعْمَلَ فِي حَقِّ الْحُكْمِ بِلَا تَرَاخٍ وَالتَّرَاخِي إنَّمَا ثَبَتَ هُنَا ضَرُورَةَ دَفْعِ الضَّرَرِ وَلَا ضَرَرَ فِي تَوَقُّفِ الْمِلْكِ وَالْإِعْتَاقِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِإِظْهَارِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ وَنَعْنِي بِتَوَقُّفِ الْمِلْكِ أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي حَقِّ الْأَحْكَامِ الَّتِي لَا يَتَضَرَّرُ الْمَالِكُ بِهَا وَالْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ إذَا أَعْتَقَ، ثُمَّ مَلَكَ الْمَغْصُوبَ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ لَا يَنْفُذُ إعْتَاقُهُ عِنْدَ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي ثَبَتَ بِنَاءً عَلَى مِلْكِ الْغَاصِبِ وَمِلْكُ الْغَاصِبِ لَا يَكْفِي لِصِحَّةِ الْإِعْتَاقِ فَكَذَا مَا ثَبَتَ بِنَاءً عَلَيْهِ.
وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْفُذُ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي ثَبَتَ مُطْلَقًا بِسَبَبٍ مُطْلَقٍ وَهُوَ الشِّرَاءُ فَاحْتَمَلَ الْعِتْقَ عِنْدَ الْإِجَازَةِ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْغَصْبِ وَهُوَ سَبَبٌ ضَرُورِيٌّ لَا مُطْلَقٌ لِمَا مَرَّ فَكَانَ الْمِلْكُ فِيهِ نَاقِصًا وَالنَّاقِصُ لَا يَكْفِي لِلْإِعْتَاقِ وَيَكْفِي لِجَوَازِ الْبَيْعِ أَلَا تَرَى أَنَّ مِلْكَ الْمُكَاتَبِ يَكْفِي لِجَوَازِ الْبَيْعِ دُونَ الْعِتْقِ وَإِنَّمَا يَبْطُلُ بَيْعُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ عِنْدَ إجَازَةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِجَازَةِ ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَهُوَ الْبَائِعُ الثَّانِي مِلْكٌ بَاتٌّ فَإِذَا طَرَأَ عَلَى مِلْكٍ مَوْقُوفٍ لِغَيْرِهِ أَبْطَلَهُ لِاسْتِحَالَةِ اجْتِمَاعِ الْمِلْكِ الْبَاتِّ وَالْمِلْكِ الْمَوْقُوفِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَلَا يُقَالُ لَوْ كَانَ هَذَا مَانِعًا لَمَا ثَبَتَ الْمِلْكُ الْمَوْقُوفُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْفُضُولِيِّ لِوُجُودِ الْمِلْكِ الْبَاتِّ فِيهِ لِمَالِكِهِ بَلْ كَانَ هَذَا أَوْلَى بِالِامْتِنَاعِ؛ لِأَنَّ الْبَاتَّ فِيهِ مَوْجُودٌ عِنْدَ ثُبُوتِ الْمَوْقُوفِ فَإِذَا كَانَ يَرْفَعُهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ فَأَوْلَى أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الثُّبُوتِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ أَسْهَلُ مَنْ الرَّفْعِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَنْعُ وَالرَّفْعُ إنَّمَا يَكُونَانِ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَلَا تَعَارُضَ، ثُمَّ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ الْمَوْقُوفَ لَمْ يَظْهَرْ فِي حَقِّ الْمَالِكِ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ قَائِمٌ بِهِمَا فَإِذَا أَجَازَ الْمَالِكُ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ فَالْمِلْكُ الْبَاتُّ يَثْبُتُ لِلْفُضُولِيِّ وَالْمِلْكُ الْمَوْقُوفُ ظَاهِرٌ فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّ الْفُضُولِيَّ عَاقِدٌ فَوَقَعَ التَّعَارُضُ فَيَرْفَعُ الْبَاتُّ الْمَوْقُوفَ.
وَلَا يُقَالُ: إنَّ الْغَاصِبَ إذَا أَدَّى ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ بَعْدَمَا بَاعَهُ يَنْفُذُ بَيْعُهُ وَقَدْ طَرَأَ عَلَى الْمِلْكِ الْمَوْقُوفِ الْمِلْكُ الْبَاتُّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: مِلْكُ الْغَاصِبِ ثَابِتٌ ضَرُورَةً إذْ لَيْسَ الْغَصْبُ بِسَبَبٍ مَوْضُوعٍ لِلْمِلْكِ فَلَا يُجْعَلُ ثَابِتًا فِي مَحَلٍّ لَيْسَ فِيهِ ضَرُورَةٌ فَلَا يَظْهَرُ فِي إبْطَالِ التَّوَقُّفِ وَحَاصِلُ الْخِلَافِ رَاجِعٌ إلَى أَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ وَلَا يَنْعَقِدُ فِي حَقِّ الْحُكْمِ لِانْعِدَامِ الْوِلَايَةِ فَكَانَ الْإِعْتَاقُ حَاصِلًا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَعِنْدَهُمَا يَنْعَقِدُ فِي حَقِّ الْحُكْمِ وَيُوجِبُ الْمِلْكَ عَلَى سَبِيلِ التَّوَقُّفِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ الْمُنْعَقِدِ تَعْجِيلُ الْحُكْمِ.
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
الشَّارِحِ الْمُشْتَرِي. اهـ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إعْتَاقِ الْغَاصِبِ بِنَفْسِهِ) جَوَابٌ عَنْ الْأَوَّلِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي الْبَيْعِ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ الثَّانِي. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ الرَّابِعِ (قَوْلُهُ، ثُمَّ مَلَكَ) أَيْ الْغَاصِبُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْفُذُ) كَذَا ذَكَرَهُ هِلَالُ الرَّأْيِ ابْنُ يَحْيَى الْبَصْرِيُّ فِي وَقْفِهِ وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي يُوسُفَ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيمَنْ غَصَبَ أَرْضًا فَبَاعَهَا فَوَقَفَهَا الْمُشْتَرِي، ثُمَّ أَدَّى الْغَاصِبُ ضَمَانَهَا حَتَّى مَلَكَهَا قَالَ: يَنْفُذُ وَقْفُهُ عَلَى طَرِيقَةِ الِاسْتِحْسَانِ فَالْعِتْقُ أَوْلَى. اهـ. كَمَالٌ رحمه الله (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَبْطُلُ بَيْعُ الْمُشْتَرِي) جَوَابٌ عَنْ الثَّالِثِ اهـ وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَبْطُلُ بَيْعُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ إلَخْ وَكَذَا لَوْ وَهَبَهُ مَوْلَاهُ لِلْغَاصِبِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ مَاتَ فَوَرِثَهُ فَهَذَا كُلُّهُ يُبْطِلُ الْمِلْكَ الْمَوْقُوفَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُ الْبَاتِّ مَعَ الْمَوْقُوفِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ عَلَى وَجْهٍ يَطْرَأُ فِيهِ الْبَاتُّ وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ فِيهِ مِلْكٌ بَاتٌّ وَعَرَضَ مَعَهُ الْمِلْكُ الْمَوْقُوفُ اهـ كَمَالٌ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِجَازَةِ ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رحمه الله: وَفَرَّقَ الزَّاهِدُ الْعَتَّابِيُّ بَيْنَ إعْتَاقِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ حَيْثُ يَنْفُذُ بِالْإِجَازَةِ وَبَيْنَ الْبَيْعِ الثَّانِي حَيْثُ لَا يَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَقَالَ: إنَّ بِالْعِتْقِ يَنْتَهِي الْمِلْكُ وَالْمُنْتَهِي مُتَقَرِّرٌ حُكْمًا وَمَا كَانَ مُقَرِّرًا لِلشَّيْءِ كَانَ مِنْ حُقُوقِهِ فَيَتَوَقَّفُ بِتَوَقُّفِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَرِّرٍ لِلْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ إزَالَةُ الْمِلْكِ لَا إنْهَاءُ الْمِلْكِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ حُقُوقِهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ بِتَوَقُّفِهِ وَحَقِيقَةُ الْفِقْهِ فِي ذَلِكَ أَنَّ زَوَالَ الْمِلْكِ ضِدُّ الْمِلْكِ وَالشَّيْءُ لَا يَتَوَقَّفُ بِتَوَقُّفِ ضِدِّهِ أَمَّا الْعِتْقُ فَمُقَرِّرٌ لِلْمِلْكِ وَمُقَرِّرُ الشَّيْءِ جَازَ أَنْ يَتَوَقَّفَ بِتَوَقُّفِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ أَعْتَقَ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَلَوْ بَاعَ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْمِلْكُ الْمَوْقُوفُ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ) وَفِي صُورَةِ إعْتَاقِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ لَمْ يَطْرَأْ الْمِلْكُ الْبَاتُّ عَلَى الْمِلْكِ الْمَوْقُوفِ فَنَفَذَ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي وَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْبَاتَّ فِيهِ مَوْجُودٌ إلَخْ) هَذِهِ مُغَالَطَةٌ بَيَانُهَا فِي الْعِنَايَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ، ثُمَّ) أَيْ فِي الْمُغَالَطَةِ الْمَذْكُورَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَإِذَا أَجَازَ الْمَالِكُ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ) أَيْ بَيْعَ الْغَاصِبِ لِلْفُضُولِيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ فَالْمِلْكُ الْبَاتُّ يَثْبُتُ لِلْفُضُولِيِّ) وَهُوَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ إذْ هُوَ فُضُولِيٌّ أَيْضًا لِبَيْعِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ اهـ وَقَوْلُهُ فَالْمِلْكُ الْبَاتُّ الَّذِي بِخَطِّهِ فَالْمِلْكُ الثَّابِتُ. اهـ. (قَوْلُهُ لَا يَنْعَقِدُ فِي حَقِّ الْحُكْمِ) أَيْ وَهُوَ الْمِلْكُ اهـ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا يَنْعَقِدُ فِي حَقِّ الْحُكْمِ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ: وَبَعْدُ فَالْمُقَدِّمَةُ الْقَائِلَةُ فِي كَلَامِ مُحَمَّدٍ الْمُصَحِّحُ لِلْإِعْتَاقِ الْمِلْكُ الْكَامِلُ لَمْ يُصَرَّحْ فِيهَا بِدَفْعٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَخْرَجَ مِنْ الدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ مَنْعُ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى مِلْكٍ كَامِلٍ وَقْتَ ثُبُوتِهِ بَلْ وَقْتَ نَفَاذِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ.