الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فُلُوسٍ وَبِنِصْفِ دِرْهَمٍ إلَّا حَبَّةً مِنْ الْفِضَّةِ فَيَكُونُ نِصْفَ دِرْهَمٍ إلَّا حَبَّةً بِمُقَابَلَةِ الْفِضَّةِ وَنِصْفَ دِرْهَمٍ وَحَبَّةٍ بِمُقَابَلَةِ الْفُلُوسِ وَلَوْ قَالَ أَعْطِنِي بِنِصْفِهِ فُلُوسًا وَبِنِصْفِهِ نِصْفًا إلَّا حَبَّةً بَطَلَ فِي الْكُلِّ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْفُلُوسِ وَبَطَلَ فِيمَا يُقَابِلُ الْفِضَّةَ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ عِنْدَهُمَا عِنْدَ التَّفْصِيلِ يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الْمُفْسِدِ وَعِنْدَهُ يَفْسُدُ وَأَصْلُ الْخِلَافِ أَنَّ الْعَقْدَ يَتَكَرَّرُ عِنْدَهُ بِتَكْرَارِ اللَّفْظِ وَعِنْدَهُمَا بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ حَتَّى لَوْ قَالَ أَعْطِنِي بِنِصْفِهِ فُلُوسًا وَأَعْطِنِي بِنِصْفِهِ نِصْفًا إلَّا حَبَّةً جَازَ فِي الْفُلُوسِ وَبَطَلَ فِي الْفِضَّةِ بِالْإِجْمَاعِ وَقَدْ مَرَّ نَظِيرُهُ فِيمَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ وَنَحْوُهُ، ثُمَّ إنْ افْتَرَقَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْفُلُوسَ وَالنِّصْفَ إلَّا حَبَّةً بَطَلَ فِي النِّصْفِ إلَّا حَبَّةً؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِيهِ صَرْفٌ وَقَدْ افْتَرَقَا قَبْلَ قَبْضِ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ.
وَلَا يَبْطُلُ فِي الْفُلُوسِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِيهَا بَيْعٌ فَيَكْفِي قَبْضُ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ وَلَوْ لَمْ يُعْطِهِ الدِّرْهَمَ وَلَمْ يَأْخُذْ هُوَ الْفُلُوسَ حَتَّى افْتَرَقَا بَطَلَ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُمَا افْتَرَقَا عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ فَثَبَتَ بِمَجْمُوعِ مَا مَضَى أَنَّ الْأَمْوَالَ أَنْوَاعٌ نَوْعٌ ثَمَنٌ بِكُلِّ حَالٍ كَالنَّقْدَيْنِ صَحِبَهُ الْبَاءُ أَوْ لَا، قُوبِلَ بِجِنْسِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ، وَنَوْعٌ مَبِيعٌ بِكُلِّ حَالٍ كَالثِّيَابِ، وَالدَّوَابِّ، وَالْعَبِيدِ وَنَوْعٌ ثَمَنٌ مِنْ وَجْهٍ مَبِيعٌ مِنْ وَجْهٍ كَالْمَكِيلِ، وَالْمَوْزُونِ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ كَانَ مَبِيعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا وَصَحِبَهُ الْبَاءُ وَقُوبِلَ بِالْمَبِيعِ فَهُوَ ثَمَنٌ. وَنَوْعٌ ثَمَنٌ بِالِاصْطِلَاحِ، وَهُوَ سِلْعَةٌ فِي الْأَصْلِ كَالْفُلُوسِ، فَإِنْ كَانَ رَائِجًا كَانَ ثَمَنًا، وَإِنْ كَانَ كَاسِدًا، فَهُوَ سِلْعَةٌ مُثَمَّنٌ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ مَا يَثْبُتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ عِنْدَ الْعَرَبِ.
كَذَا ذَكَرَهُ الْفَرَّاءُ، وَالنُّقُودُ لَا تُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ إلَّا دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ فَكَانَتْ ثَمَنًا بِكُلِّ حَالٍ، وَالْعُرُوضُ لَا تُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ إلَّا عَيْنًا فَكَانَتْ مَبِيعَةً، وَالْمَكِيلُ، وَالْمَوْزُونُ غَيْرُ النَّقْدَيْنِ يُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ عَيْنًا تَارَةً وَدَيْنًا أُخْرَى فَكَانَ ثَمَنًا فِي حَالٍ مَبِيعًا فِي حَالٍ وَمِنْ حُكْمِ الثَّمَنِ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ وُجُودُهُ فِي مِلْكِ الْعَاقِدِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ بِفَوَاتِ تَسْلِيمِهِ وَيَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ فِي غَيْرِ الصَّرْفِ، وَالسَّلَمِ وَمِنْ حُكْمِ الْمَبِيعِ أَنْ يُشْتَرَطَ وُجُودُهُ قَبْلَ الْعَقْدِ فِي غَيْرِ السَّلَمِ وَأَنْ لَا يَصِحَّ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَمِنْ شَرْطِهِمَا أَنْ لَا يَجُوزَ التَّفَاضُلُ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِالْجِنْسِ فِي الْمُقَدَّرَاتِ وَأَنْ يَجِبَ تَعْيِينُهُمَا فِيمَا يَتَعَيَّنُ وَقَبْضُهُمَا فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ وَفِي غَيْرِ الْمُقَدَّرَاتِ يَجِبُ تَعْيِينُهُمَا فَقَطْ، وَإِنْ قُوبِلَ بِخِلَافِ جِنْسِهِ، فَإِنْ كَانَ الْبَدَلَانِ مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ يَجِبُ تَعْيِينُهُمَا إنْ كَانَا يَتَعَيَّنَانِ بِالتَّعْيِينِ إنْ جَمَعَهُمَا الْقِدْرُ كَالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَإِنْ كَانَا لَا يَتَعَيَّنَانِ يَجِبُ قَبْضُهُمَا كَالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَجْمَعْهُمَا الْقِدْرُ كَالْحِنْطَةِ، وَالْفِضَّةِ، أَوْ الْفُلُوسِ مَعَ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُقَدَّرًا، وَالْآخَرُ غَيْرَ مُقَدَّرٍ كَالثِّيَابِ مَعَ النَّقْدَيْنِ، أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ يَجِبُ تَعْيِينُ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ دُونَ الْآخَرِ كَيْ لَا يَكُونَ كَالِئًا بِكَالِئٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(كِتَابُ الْكَفَالَةِ)
، وَهِيَ مُطْلَقُ الضَّمِّ لُغَةً قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران: 37] أَيْ ضَمَّهَا إلَى نَفْسِهِ وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «أَنَا
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ: وَبِنِصْفِ دِرْهَمٍ إلَّا حَبَّةً مِنْ الْفِضَّةِ) أَيْ فَجَازَ ذَلِكَ لِأَنَّ الدِّرْهَمَ لَمَّا كَانَ عِبَارَةً عَنْ قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْفُلُوسِ صَارَ كَأَنَّهُ قَالَ أَعْطِنِي بِهَذَا الدِّرْهَمِ كَذَا كَذَا فُلُوسًا وَنِصْفَ دِرْهَمٍ إلَّا حَبَّةً فَلَوْ صَرَّحَ بِهَذَا جَازَ فَكَذَا إذَا ذَكَرَ مَا هُوَ بِمَعْنَاهُ فَكَانَ النِّصْفُ إلَّا حَبَّةً بِإِزَائِهِ مِنْ الْفِضَّةِ مِنْ الدِّرْهَمِ وَالْفُلُوسُ بِإِزَاءِ الْبَاقِي مِنْ الدَّرَاهِمِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ شَرَطَهُ فَقَالَ أَعْطِنِي كَذَا كَذَا فُلُوسًا وَدِرْهَمًا صَغِيرًا وَزْنُهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ إلَّا قِيرَاطًا كَانَ هَذَا جَائِزًا كُلُّهُ إذَا تَقَابَضَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا اهـ.
أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ قَالَ أَعْطِنِي بِنِصْفِهِ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ كَرَّرَ لَفْظَةَ الْإِعْطَاءِ كَانَ جَوَابُهُ كَجَوَابِهِمَا لِأَنَّهُمَا بَيْعَانِ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رحمه الله ذَكَرَ هَذَا تَفْرِيعًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ كَقَوْلِهِمَا إذَا كَرَّرَ لَفْظَ الْإِعْطَاءِ بِأَنْ يَجُوزَ الْعَقْدُ فِي حِصَّةِ الْفُلُوسِ وَيَبْطُلَ فِي حِصَّةِ الْفِضَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا ذَكَرَ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ مِنْ الْأَصْلِ وَقَالَ وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ دِرْهَمًا فَقَالَ أَعْطِنِي بِنِصْفِهِ كَذَا كَذَا فُلُوسًا وَأَعْطِنِي بِنِصْفِهِ الْبَاقِي دِرْهَمًا صَغِيرًا يَكُونُ فِيهِ نِصْفُ دِرْهَمٍ إلَّا حَبَّةً فَإِنَّ هَذَا فَاسِدٌ لِأَنَّهُ صَرْفُ نِصْفٍ بِنِصْفِ الْحَبَّةِ وَيَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يَفْسُدَ فِي الْفُلُوسِ وَالدِّرْهَمِ الصَّغِيرِ جَمِيعًا لِأَنَّهُمَا صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا فَسَدَ بَعْضُهَا فَسَدَ كُلُّهَا وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْفُلُوسُ جَائِزَةٌ لَازِمَةٌ لَهُ وَالدِّرْهَمُ الصَّغِيرُ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ إلَّا حَبَّةً بَاطِلٌ إلَى هُنَا لَفْظُ مُحَمَّدٍ فِي الْأَصْلِ فَقَدْ صَرَّحَ أَنَّ الصَّفْقَةَ وَاحِدَةٌ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ قَالَ إنَّهُمَا بَيْعَانِ اهـ.
(قَوْلُهُ جَازَ فِي الْفُلُوسِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْعَقْدَ تَفَرَّقَ بِتَكْرَارِ الْإِعْطَاءِ كَذَا قَالُوا لَكِنْ فِيهِ إشْكَالٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَعْطِنِي مُسَاوَمَةٌ كَقَوْلِهِ بِعْنِي وَبِالْمُسَاوَمَةِ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ فَكَيْفَ يَتَكَرَّرُ بِتَكْرَارِهِ وَلَعَلَّ الْوَجْهَ أَنْ يُقَالَ بِتَكْرَارِ أَعْطِنِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَقْصُودَهُ تَفْرِيقُ الْعَقْدِ فَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُمَا عَقَدَا عَقْدَيْنِ اهـ.
ابْنُ فِرِشْتَا (قَوْلُهُ وَبَطَلَ فِي الْفِضَّةِ بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ لِتَكْرَارِ لَفْظِ أَعْطِنِي اهـ.
(قَوْلُهُ وَمِنْ شَرْطِهِمَا) أَيْ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ اهـ. .
[كِتَابُ الْكَفَالَةِ]
(كِتَابُ الْكَفَالَةِ) ذَكَرَ كِتَابَ الْكَفَالَةِ عَقِيبَ الْبُيُوعِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْكَفَالَةَ تَكُونُ غَالِبًا فِي الْبِيَاعَاتِ وَلِأَنَّ فِي الْكَفَالَةِ إذَا كَانَ بِأَمْرٍ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ انْتِهَاءً فَنَاسَبَ ذِكْرُهَا عَقِيبَ الْبُيُوعِ الَّتِي هِيَ مُعَاوَضَةٌ اهـ.
أَتْقَانِيٌّ قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله أَوْرَدَ الْكَفَالَةَ عَقِيبَ الْبُيُوعِ لِأَنَّ غَالِبًا يَكُونُ تَحَقُّقُهَا فِي
وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ» أَيْ ضَامُّ الْيَتِيمِ إلَى نَفْسِهِ قَالَ رحمه الله (هِيَ ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فِي الْمُطَالَبَةِ) هَذَا فِي الشَّرْعِ وَقِيلَ: هِيَ ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فِي الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ مُطَالَبٌ بِالدَّيْنِ، وَالْمُطَالَبَةُ بِهِ وَلَا دَيْنَ مُحَالٌ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِإِيفَاءِ الدَّيْنِ فَرْعُ وُجُوبِ الدَّيْنِ وَلَا يُتَصَوَّرُ الْفَرْعُ بِدُونِ الْأَصْلِ، وَالْأَحْكَامُ تَشْهَدُ لِهَذَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وُهِبَ الطَّالِبُ الدَّيْنَ مِنْ الْكَفِيلِ صَحَّ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأَصِيلِ، وَهِبَةُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَا تَصِحُّ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى الطَّالِبُ بِالدَّيْنِ شَيْئًا مِنْ الْكَفِيلِ صَحَّ، وَالشِّرَاءُ بِالدَّيْنِ لَا يَجُوزُ إلَّا مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ الدَّيْنِ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَكَرَّرَ الِاسْتِيفَاءُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْوَاحِدَ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مَرَّتَيْنِ وَيُمْكِنُ وُجُوبُهُ عَلَى شَخْصَيْنِ كَالْغَاصِبِ وَغَاصِبِ الْغَاصِبِ فَإِنَّ الدَّيْنَ وَاجِبٌ عَلَيْهِمَا وَلَا يَسْتَوْفِيهِ إلَّا مِنْ أَحَدِهِمَا أَيِّهِمَا شَاءَ.
وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَجِبَ دَيْنَانِ وَلَا يَسْتَوْفِيَ إلَّا أَحَدَهُمَا وَأَمَّا وُجُوبُ الْمُطَالَبَةِ بِدَيْنٍ عَلَى غَيْرِهِ فَمُمْكِنٌ أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَكِيلَ بِالشِّرَاءِ يُطَالَبُ بِالدَّيْنِ، وَهُوَ عَلَى الْمُوَكِّلِ حَتَّى لَوْ أَبْرَأَهُ الْبَائِعُ صَحَّ، وَكَذَا الْوَلِيُّ، وَالْوَصِيُّ يُطَالَبَانِ بِدَيْنٍ عَلَى الصَّغِيرِ وَلَيْسَ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ، وَالْمَوْلَى يُطَالِبُ بِقَضَاءِ دَيْنٍ عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ، أَوْ بِبَيْعِهِ عِنْدَ طَلَبِ الْغُرَمَاءِ بَيْعَهُ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَإِذَا أَمْكَنَ إيجَابُ الْمُطَالَبَةِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ لُزُومِ الدَّيْنِ، فَلَا حَاجَةَ إلَى إيجَابِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُحَالٌ فِي الْحَقِيقَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ جَعْلِ الدَّيْنِ الْوَاحِدِ دَيْنَيْنِ، فَلَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَا إذَا، وَهَبَ الدَّيْنَ لَهُ، أَوْ اشْتَرَى بِهِ مِنْهُ شَيْئًا فَحِينَئِذٍ يُقَدَّرُ الدَّيْنُ عَلَى الْكَفِيلِ ضَرُورَةَ تَصْحِيحِ تَصَرُّفِهِ فَيُجْعَلُ فِي حُكْمِ دَيْنَيْنِ وَلَا ضَرُورَةَ قَبْلَهُ، فَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّقْدِيرِ وَفِي الْغَاصِبِ وَغَاصِبِ الْغَاصِبِ لَا يَجِبُ لَهُ إلَّا دَيْنٌ وَاحِدٌ عَلَى أَحَدِهِمَا غَيْرُ عَيْنٍ فَلِهَذَا إذَا اخْتَارَ أَحَدَهُمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ لِتَضَمُّنِهِ التَّمْلِيكَ مِنْهُ.
وَهَذَا تَفْسِيرُ الْكَفَالَةِ، وَسَبَبُهَا مُطَالَبَةُ مَنْ لَهُ الْحَقُّ لِلتَّوَثُّقِ بِتَكْثِيرِ مَحَلِّ الْمُطَالَبَةِ، أَوْ تَيْسِيرِ وُصُولِ حَقِّهِ إلَيْهِ، وَرُكْنُهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ آخِرًا، وَشَرْطُهَا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ ثَابِتًا صَحِيحًا بِخِلَافِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ عَلَى مَا يَجِيءُ فِي مَوْضِعِهِ وَأَنْ يَكُونَ الْمَكْفُولُ بِهِ مُمْكِنَ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ الْكَفِيلِ. وَأَهْلُهَا أَنْ يَكُونَ الْكَفِيلُ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ حَتَّى لَا يَصِحُّ مِمَّنْ لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ كَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَالْمُكَاتَبِ، وَالصَّغِيرِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
الْوُجُودِ عَقِيبَ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يُطَمْئِنُ الْبَائِعُ إلَى الْمُشْتَرِي فَيَحْتَاجُ إلَى مَنْ يَكْفُلُهُ بِالثَّمَنِ أَوْ لَا يُطَمْئِنُ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ فَيَحْتَاجُ إلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فِي الْمَبِيعِ وَذَلِكَ فِي السَّلَمِ فَلَمَّا كَانَ تَحَقُّقُهَا فِي الْوُجُودِ غَالِبًا بَعْدَهَا أَوْرَدَهَا فِي التَّعْلِيمِ بَعْدَهَا وَلَهَا مُنَاسَبَةٌ خَاصَّةٌ بِالصَّرْفِ وَهِيَ أَنَّهَا تَصِيرُ بِالْآخِرَةِ مُعَاوَضَةً عَمَّا ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ مِنْ الْأَثْمَانِ وَذَلِكَ عِنْدَ الرُّجُوعِ إلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ ثُمَّ لَزِمَ تَقْدِيمُ الصَّرْفِ لِأَنَّهُ مِنْ أَبْوَابِ الْبَيْعِ السَّابِقِ عَلَى الْكَفَالَةِ فَلَزِمَتْ الْكَفَالَةُ بَعْدَهُ، وَمَحَاسِنُ الْكَفَالَةِ جَلِيلَةٌ وَهِيَ تَفْرِيجُ كَرْبِ الطَّالِبِ الْخَائِفِ عَلَى مَالِهِ وَالْمَطْلُوبِ الْخَائِفِ عَلَى نَفْسِهِ حَيْثُ كُفِيَا مُؤْنَةَ مَا أَهَمَّهُمَا وَقَرَّ جَأْشُهُمَا وَذَلِكَ نِعْمَةٌ كَبِيرَةٌ عَلَيْهِمَا وَلِذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ مِنْ الْأَفْعَالِ الْعَالِيَةِ حَتَّى امْتَنَّ تَعَالَى بِهَا حَيْثُ قَالَ وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا فِي قِرَاءَةِ التَّشْدِيدِ يَتَضَمَّنُ الِامْتِنَانَ عَلَى مَرْيَمَ إذْ جَعَلَ لَهَا مَنْ يَقُومُ بِمَصَالِحِهَا وَيَقُومُ بِهَا بِأَنْ أَتَاحَ لَهَا ذَلِكَ وَسَمَّى نَبِيًّا بِذِي الْكِفْلِ لَمَّا كَفَلَ جَمَاعَةً مِنْ الْأَنْبِيَاءِ لِمَلِكٍ أَرَادَ قَتْلَهُمْ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ)، فَلَا يَثْبُتُ الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ فَيَثْبُتُ الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْأَصِيلِ وَلَمْ يُرَجِّحْ فِي الْمَبْسُوطِ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَمَا يُخَالُ مِنْ لُزُومِ صَيْرُورَةِ الْأَلْفِ الدَّيْنِ الْوَاحِدِ أَلْفَيْنِ أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فِي الدَّيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشَّارِحِينَ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ الْمَالِ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ مَعَ بَقَائِهِ فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ مَا يُوجِبُ بَرَاءَةَ حَقِّ الطَّالِبِ لِأَنَّ (قَوْلُهُ: وَفِي الْغَاصِبِ إلَخْ) قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ مَالًا فَغَصَبَ ذَلِكَ الْمَالَ غَرِيمُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الثَّانِيَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ غَاصِبٌ وَالثَّانِيَ غَاصِبُ الْغَاصِبِ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ لَمْ يَبْرَأْ الثَّانِي وَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِيَ بَرِئَ الْأَوَّلُ اهـ.
ذَكَرَهُ فِي الْغَصْبِ (قَوْلُهُ: وَرُكْنُهَا الْإِيجَابُ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَرُكْنُهَا إيجَابُ الْكَفِيلِ وَقَبُولُ الْمَكْفُولِ لَهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ فِي الْقَبُولِ، وَحُكْمُهَا وُجُوبُ الْمُطَالَبَةِ عَلَى الْكَفِيلِ بِمَا عَلَى الْأَصِيلِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ حُكْمُهَا وُجُوبُ الدَّيْنِ عَلَى الْكَفِيلِ اهـ.
وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْكَمَالُ وَأَمَّا رُكْنُهَا فَالْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ بِالْأَلْفَاظِ الْآتِيَةِ وَلَمْ يَجْعَلْ أَبُو يُوسُفَ فِي قَوْلِهِ الْأَخِيرِ الْقَبُولَ رُكْنًا فَجَعَلَ الْكَفَالَةَ تَتِمُّ بِالْكَفِيلِ وَحْدَهُ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَقَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ وَاخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَقِيلَ: إنَّ الْكَفَالَةَ تَصِحُّ مِنْ الْوَاحِدِ وَحْدَهُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الطَّالِبِ أَوْ تَصِحُّ نَافِذًا وَلِلطَّالِبِ حَقُّ الرَّدِّ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ إنَّمَا تَظْهَرُ فِيمَا إذَا مَاتَ الْمَكْفُولُ لَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ مَنْ يَقُولُ بِالتَّوَقُّفِ يَقُولُ لَا يُؤْخَذُ بِهِ الْكَفِيلُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَشَرْطُهَا إلَخْ) وَمِنْ شَرْطِهَا أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ صَحِيحًا سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الصَّغِيرِ أَوْ عَلَى الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ لِأَنَّهُ يُطَالَبُ بَعْدَ الْعِتْقِ اهـ.
غَايَةٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَمِنْهَا الْحُرِّيَّةُ وَهِيَ شَرْطُ نَفَاذِ هَذَا التَّصَرُّفِ، فَلَا تَجُوزُ كَفَالَةُ الْعَبْدِ مَحْجُورًا كَانَ أَوْ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَالْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ بِدُونِ إذْنِ مَوْلَاهُ، وَلَكِنَّهَا تَنْعَقِدُ حَتَّى يُؤَاخِذُ بِهِ بَعْدَ الْعَتَاقِ لِأَنَّ إعْدَامَ النَّفَاذِ مَا كَانَ لِانْعِدَامِ الْأَهْلِيَّةِ بَلْ لِحَقِّ الْمَوْلَى وَقَدْ زَالَ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ مِنْهُ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ، فَلَا يُحْتَمَلُ النَّفَاذُ اهـ.
(قَوْلُهُ كَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ) قَالَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ، فَلَا كَفَالَةَ مِنْ صَبِيٍّ وَلَا عَبْدٍ مَحْجُورٍ وَقَالَ فِي بَابِ كَفَالَةِ الْعَبْدِ فَلِذَا لَا تَصِحُّ مِنْ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمَأْذُونِ اهـ. .