المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ تبطل الكفالة بموت المطلوب والكفيل] - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٤

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْبُيُوعِ)

- ‌[فَصْلٌ يَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالْمَفَاتِيحُ فِي بَيْعِ الدَّارِ وَالشَّجَرُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ]

- ‌بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ

- ‌(بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ)

- ‌(بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ)

- ‌(بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ)

- ‌(فَصْلٌ) (قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِأَمْرِ الْبَائِعِ وَكُلٌّ مِنْ عِوَضَيْهِ مَالٌ

- ‌(بَابُ الْإِقَالَةِ)

- ‌[بَابُ التَّوْلِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ بَيْعُ الْعَقَارِ قَبْلَ قَبْضِهِ]

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌ بَيْعُ الْحَفْنَةِ بِالْحَفْنَتَيْنِ وَالتُّفَّاحَةِ بِالتُّفَّاحَتَيْنِ

- ‌[وَيُعْتَبَرُ التَّعْيِينُ دُونَ التَّقَابُضِ فِي غَيْرِ الصَّرْفِ فِي الرِّبَا]

- ‌ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ

- ‌[بَيْع الْخَبَز بالبر أَوْ الدَّقِيق متفاضلا]

- ‌لَا رِبَا بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ)

- ‌بَابُ الْحُقُوقِ

- ‌[لَا ربا بَيْن الْحَرْبِيّ والمسلم فِي دَار الْحَرْب]

- ‌[الظُّلَّةُ هَلْ تدخل فِي بَيْعِ الدَّارِ]

- ‌بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌(مَبِيعَةٌ وَلَدَتْ فَاسْتُحِقَّتْ بِبَيِّنَةٍ

- ‌[قَالَ عَبْد لمشتر اشتريني فَأَنَا حُرّ فاشتراه فَإِذَا هُوَ عَبْد]

- ‌ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ

- ‌[ادَّعَى حقا مَجْهُولًا فِي دَار فصولح عَلَى مَاله]

- ‌ عِتْقُ مُشْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ بِإِجَازَةِ بَيْعِهِ

- ‌[أرش الْعَبْد إذَا قَطَعَتْ يَده عِنْد الْمُشْتَرِي]

- ‌ بَاعَ دَارَ غَيْرِهِ فَأَدْخَلَهَا الْمُشْتَرِي فِي بِنَائِهِ

- ‌(بَابُ السَّلَمِ)

- ‌[مَا يَجُوز السَّلَم فِيهِ وَمَا لَا يَجُوز]

- ‌[ بَيَان شَرْط السَّلَم]

- ‌[السَّلَم والاستصناع فِي الْخَفّ والطست والقمقم]

- ‌(بَابُ الْمُتَفَرِّقَاتِ)

- ‌[حُكْم بَيْع الْكَلْب]

- ‌ اشْتَرَى عَبْدًا فَغَابَ فَبَرْهَنَ الْبَائِعُ عَلَى بَيْعِهِ وَغَيْبَتُهُ

- ‌[أفرخ طير أَوْ باض فِي أَرْض رَجُل]

- ‌(مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ

- ‌مَا لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ

- ‌(كِتَابُ الصَّرْفِ)

- ‌ التَّصَرُّفُ فِي ثَمَنِ الصَّرْفِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌ اشْتَرَى شَيْئًا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ فُلُوسٍ

- ‌(كِتَابُ الْكَفَالَةِ)

- ‌[ الْكِفَالَة بِالنَّفْسِ وَإِنَّ تَعَدَّدَتْ]

- ‌[ تَبْطُلُ الْكِفَالَة بموت الْمَطْلُوب والكفيل]

- ‌ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِهُبُوبِ الرِّيحِ

- ‌ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ)

- ‌ الْكَفَالَةُ بِاسْتِيفَاءِ الْحَدِّ، أَوْ الْقِصَاصِ

- ‌[الْكِفَالَة عَنْ مَيِّت مُفْلِس]

- ‌[فَصْلٌ أَعْطَى الْمَطْلُوبُ الْكَفِيلَ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ]

- ‌{بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ}

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌[مَا تَصِحّ فِيهِ الْحَوَالَةِ]

- ‌ طَلَبَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الْمُحِيلَ بِمَا أَحَالَ

- ‌(كِتَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌ تَقَلُّدُ الْقَضَاءِ مِنْ السُّلْطَانِ

- ‌(فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ)

- ‌[بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَغَيْرِهِ]

- ‌ الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ

- ‌[الْقَضَاء عَلَى غَائِب]

- ‌[بَابُ التَّحْكِيمِ]

- ‌[ إقراض الْقَاضِي مَال الْيَتِيم]

- ‌(بَابُ مَسَائِلَ شَتَّى)

- ‌ أَرَادَ صَاحِبُ الْعُلْوِ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى الْعُلْوِ بَيْتًا

- ‌ قَالَ لِآخَرَ اشْتَرَيْتُ مِنِّي هَذِهِ الْأَمَةَ فَأَنْكَرَ

- ‌يَبْطُلُ الصَّكُّ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ)

- ‌ مَاتَ ذِمِّيٌّ فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ أَسْلَمْتُ

- ‌[قَالَ مالي وَمَا أملك فِي الْمَسَاكِين صَدَقَة]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَةِ]

- ‌[شُرُوط الشُّهُود فِي الزِّنَا]

- ‌[مَا يَشْتَرِط للشهادة فِي ثُبُوت الْوِلَادَة والبكارة وَعُيُوب النِّسَاء]

- ‌(بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ)

- ‌(بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ)

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ)

- ‌(كِتَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ)

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ]

- ‌(بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ)

- ‌(كِتَابُ الدَّعْوَى)

- ‌(بَابُ التَّحَالُفِ)

- ‌[فَصْلٌ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الشَّيْءُ أَوْدَعَنِيهِ أَوْ آجَرَنِيهِ أَوْ أَعَارَنِيهِ]

- ‌(بَابُ مَا يَدَّعِيهِ الرَّجُلَانِ)

- ‌(بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ)

الفصل: ‌[ تبطل الكفالة بموت المطلوب والكفيل]

عَلَى الْمَكْفُولِ لَهُ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُمْ كَمَا إذَا أَدَّى هُوَ بِنَفْسِهِ حَالَ حَيَاتِهِ، وَإِذَا مَاتَ الطَّالِبُ يَخْلُفُهُ وَصِيُّهُ، أَوْ وَارِثُهُ، فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ؛ إذْ هُمْ قَائِمُونَ مَقَامَهُ فِي اسْتِيفَائِهِ.

قَالَ رحمه الله (وَبَرِئَ بِدَفْعِهِ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ إذَا دَفَعْته إلَيْك فَأَنَا بَرِيءٌ)؛ لِأَنَّ مُوجَبَ التَّسْلِيمِ الْبَرَاءَةُ فَتَثْبُتُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُنَصَّ عَلَيْهَا؛ إذْ مُوجَبُ التَّصَرُّفِ يَثْبُتُ مِنْ غَيْرِ تَنْصِيصٍ عَلَيْهِ وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَقُولَ سَلَّمْته إلَيْك بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ قَدْ يَكُونُ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ، أَوْ اسْتِعَانَةٍ، أَوْ إجَارَةٍ، إلَّا إذْ كَانَ بِطَلَبِهِ فَحِينَئِذٍ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى أَنْ يُنَصَّ عَلَيْهِ لِتَقَدُّمِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا أَقَرَّ الطَّالِبُ بِالْقَبْضِ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى النَّصِّ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يُقِرُّ إلَّا بِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ وَلَوْ سَلَّمَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ بِهِ إلَى الطَّالِبِ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ وَيَنْزِلُ قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُجْعَلْ قَابِضًا لَتَضَرَّرَ الْكَفِيلُ فَصَارَ كَالْغَاصِبِ يَرُدُّ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ أَوْ قِيمَتَهَا، وَكَالْمَدِينِ إذَا قَضَى الدَّيْنَ بِخِلَافِ مَا إذَا سَلَّمَهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْكَفِيلِ حَيْثُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ فَصَارَ نَظِيرَ قَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ.

قَالَ رحمه الله (وَبِتَسْلِيمِ الْمَطْلُوبِ نَفْسَهُ مِنْ كَفَالَتِهِ وَبِتَسْلِيمِ وَكِيلِ الْكَفِيلِ وَرَسُولِهِ) يَعْنِي بِتَسْلِيمِ هَؤُلَاءِ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ؛ لِأَنَّ الْمَكْفُولَ بِهِ مُطَالَبٌ بِالتَّسْلِيمِ وَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ نَفْسَهُ فَإِذَا سَلَّمَ فَقَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ، فَلَا مَعْنَى لِبَقَاءِ الْكَفَالَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَوَكِيلُ الْكَفِيلِ يَقُومُ مَقَامَهُ وَرَسُولُهُ سَفِيرٌ عَنْهُ فَيَكُونُ فِعْلُهُمَا كَفِعْلِهِ وَشَرْطُ بَرَاءَتِهِ أَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ سَلَّمْت إلَيْك بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَفِي لَفْظِ الْمُخْتَصَرِ مَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ وَبِتَسْلِيمِ الْمَطْلُوبِ نَفْسَهُ مِنْ كَفَالَتِهِ شَرْطَ أَنْ يَكُونَ التَّسْلِيمُ مِنْ كَفَالَتِهِ، فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ إذَا لَمْ يَقُلْ مِنْ كَفَالَتِهِ نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْكَفِيلِ وَوَكِيلِهِ وَرَسُولِهِ فِي الْمَبْسُوطِ، وَالْمُحِيطِ وَفِي تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِنَفْسِهِ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ سَلَّمَهُ إلَيْهِ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَقَالَ عِنْدَ الدَّفْعِ سَلَّمْته إلَيْك عَنْ الْكَفِيلِ، فَإِنْ قَبِلَهُ الطَّالِبُ بَرِئَ الْكَفِيلُ، وَإِنْ سَكَتَ الطَّالِبُ وَلَمْ يَقُلْ قَبِلْت لَمْ يَبْرَأْ الْكَفِيلُ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ.

قَالَ رحمه الله (فَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ أُوَافِ بِهِ غَدًا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا عَلَيْهِ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ، أَوْ مَاتَ الْمَطْلُوبُ ضَمِنَ الْمَالَ)؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِالْمَالِ مُعَلَّقَةٌ بِشَرْطِ عَدَمِ الْمُوَافَاةِ فَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ لَزِمَهُ الْمَالُ وَلَا يَبْرَأُ عَنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ ثَابِتَةً قَبْلَ وُجُوبِ الْمَالِ عَلَيْهِ، فَلَا تَنْتَفِي بِوُجُودِهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَفَلَهُمَا جُمْلَةً فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ صَحَّتْ وَلَوْ تَنَافَيَا لَمَا صَحَّتْ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ لِلتَّوَثُّقِ، وَالتَّوَثُّقُ بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ لَا يُنَافِي التَّوَثُّقَ بِالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ كَمَا لَا يُنَافِي التَّوَثُّقَ بِكَفَالَةِ نَفْسٍ أُخْرَى، أَوْ بِمَالٍ آخَرَ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله الْكَفَالَتَانِ بَاطِلَتَانِ أَمَّا الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ فَقَدْ بَيَّنَّا قَوْلَهُ مِنْ قَبْلُ وَأَمَّا الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ فَلِأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِشَرْطٍ عَلَى خَطَرٍ وَتَعْلِيقُ وُجُوبِ الْمَالِ بِالشَّرْطِ غَيْرُ جَائِزٍ كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ وَلَنَا أَنَّ النَّاسَ تَعَامَلُوهُ، وَالْقِيَاسُ يُتْرَكُ بِالتَّعَامُلِ كَمَا فِي الِاسْتِصْنَاعِ وَغَيْرِهِ، وَبَابَ الْكِفَالَة أَوْسَعُ لِكَوْنِهَا مِنْ التَّبَرُّعَاتِ، وَلِأَنَّ الْكَفَالَةَ تُشْبِهُ الْبَيْعَ انْتِهَاءً مِنْ حَيْثُ إنَّ الْكَفِيلَ يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ إذَا كَانَ بِأَمْرِهِ وَتُشْبِهُ النَّذْرَ ابْتِدَاءً مِنْ حَيْثُ إنَّهُ الْتِزَامٌ ابْتِدَاءً فَلِشَبَهِهِ بِالْبَيْعِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ أَصْلًا وَبِاعْتِبَارِ النَّذْرِ وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ بِمُطْلَقِ الشَّرْطِ فَقُلْنَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ مُتَعَارَفٍ وَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِهِ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ، وَالتَّعْلِيقُ بِعَدَمِ الْمُوَافَاةِ مُتَعَارَفٌ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِوُجُوبِ الْمَالِ وَإِنَّمَا هُوَ تَعْلِيقٌ لِوُجُوبِ الْمُطَالَبَةِ فِي الصَّحِيحِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ قَبْلُ فَيَصِحُّ فَإِذَا صَحَّ تَعْلِيقُهُ بِعَدَمِ الْمُوَافَاةِ وَلَمْ يُوَافِ بِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ، أَوْ لِعَجْزِهِ بِمَوْتِهِ، أَوْ بِجُنُونِهِ فَقَدْ وُجِدَ الشَّرْطُ فَيَلْزَمُهُ الْمَشْرُوطُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْمُوَافَاةِ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ السَّبَبِ.

فَإِنْ قِيلَ: شَرْطُ وُجُوبِ الْمَالِ عَدَمُ مُوَافَاةِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

[ تَبْطُلُ الْكِفَالَة بموت الْمَطْلُوب والكفيل]

قَوْلُهُ الْمَكْفُولِ لَهُ) كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ وَصَوَابُهُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ اهـ.

(قَوْلُهُ إذْ مُوجَبُ التَّصَرُّفِ يَثْبُتُ مِنْ غَيْرِ تَنْصِيصٍ عَلَيْهِ) أَيْ كَالْغَاصِبِ يَرُدُّ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ يَبْرَأُ بِمُجَرَّدِ التَّسْلِيمِ مَعَ أَنَّهُ جَانٍ وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْجِنَايَةُ وَكَثُبُوتِ الْمِلْكِ بِالشِّرَاءِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِلَا شَرْطٍ لِأَنَّهُ مُوجَبُ التَّصَرُّفِ وَكَحِلِّ الِاسْتِمْتَاعِ يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ فَإِنَّهُ مُوجَبُهُ اهـ.

غَايَةٌ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَقُلْ مِنْ كَفَالَتِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ نَفْسِهِ فَيَكُونُ عَنْ نَفْسِهِ اهـ.

غَايَةٌ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ، فَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ أُوَافِ بِهِ غَدًا إلَخْ) وَلَوْ قَالَ إنْ وَافَيْتُك بِهِ غَدًا فَعَلَيَّ مَا عَلَيْهِ وَوَافَاهُ بِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْمَالُ اهـ.

صُغْرَى فِي الْوَكَالَةِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا نَصُّهُ لِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ هُوَ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِعَدَمِ الْمُوَافَاةِ لَا تَعْلِيقُهَا بِالْمُوَافَاةِ اهـ.

(قَوْلُهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا عَلَيْهِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهَذَا لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُلْ لِمَا عَلَيْهِ بَلْ قَالَ إذَا لَمْ يُوَافِ بِهِ إلَى وَقْتِ كَذَا فَعَلَيْهِ كَذَا لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَسَيَجِيءُ اهـ.

غَايَةٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِالْمَالِ إلَخْ) لِأَنَّهُ إذَا أَدَّى الْمَالَ بَرِئَ عَنْ أَحَدِ الضَّمَانَيْنِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَحَدِ الضَّمَانَيْنِ الْبَرَاءَةُ مِنْ الضَّمَانِ الْآخَرِ فَيَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ بَيْنَ الضَّمَانَيْنِ لِأَنَّ الضَّمَانَيْنِ لِلتَّوَثُّقِ فَيَجُوزُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ دَيْنًا آخَرَ، فَلَا جُرْمَ أَنَّهُ وَجَبَ الْإِحْضَارُ اهـ.

غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَلَنَا قَوْله تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] وَالزَّعِيمُ الْكَفِيلُ بَيَانُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّقَ الْكَفَالَةَ بِالْمَالِ بِالشَّرْطِ وَهُوَ الْمَجِيءُ بِالصَّاعِ فَعُلِمَ أَنَّ تَعْلِيقَ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ صَحِيحٌ وَهَذَا لِأَنَّ شَرِيعَةَ مَنْ قَبْلَنَا تَلْزَمُنَا إذَا قَصَّ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ) أَيْ إنَّهَا مُعَاوَضَةٌ انْتِهَاءً أَلَا تَرَى إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَبِاعْتِبَارِ النَّذْرِ وَجَبَ) أَيْ إذَا قَالَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَعَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ فَكَلَّمَ فُلَانًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا اهـ.

بَدَائِعُ (قَوْلُهُ: وَالتَّعْلِيقُ بِعَدَمِ الْمُوَافَاةِ مُتَعَارَفٌ) أَيْ بَيْنَ النَّاسِ لِأَنَّهَا لِتَأْكِيدِ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ الْوُصُولُ إلَى الْحَقِّ وَفِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ ذَلِكَ فَصَحَّ فَإِذَا صَحَّ التَّعْلِيقُ وَوُجِدَ الشَّرْطُ يَلْزَمُ الْمَالُ اهـ. أَتْقَانِيٌّ رحمه الله.

ص: 150

مُسْتَحِقِّهِ عَلَيْهِ وَبِمَوْتِ الْمَكْفُولِ بِهِ بَرِئَ الْكَفِيلُ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إحْضَارُهُ فَكَيْفَ يَلْزَمُهُ الْمَالُ بِعَدَمِ مُوَافَاتِهِ بَعْدَ مَا بَرِئَ أَلَا تَرَى أَنَّ الطَّالِبَ إذَا أَبْرَأَهُ عَنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَلَمْ يُحْضِرْهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَالُ لِفَقْدِ شَرْطِهِ فَكَذَا هُنَا قُلْنَا الْإِبْرَاءُ وُضِعَ لِلْفَسْخِ فَتَنْفَسِخُ بِهِ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَالْمَوْتُ لَمْ يُوضَعْ لِلْفَسْخِ، وَإِنَّمَا بَرِئَ لِعَجْزِهِ عَنْ التَّسْلِيمِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ تَسْلِيمٌ يَقَعُ ذَرِيعَةً إلَى الْخِصَامِ، وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْهُ فَكَانَ ضَرُورِيًّا فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا فَيَبْرَأُ عَنْ التَّسْلِيمِ وَلَا ضَرُورَةَ إلَى انْفِسَاخِهِ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ بِالْمَالِ، فَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِي حَقِّهِ، وَإِنْ مَاتَ الْكَفِيلُ فَقَدْ ذَكَرَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّ وَارِثَهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْكَفِيلِ إنْ دَفَعَهُ إلَى الطَّالِبِ بَرِئَ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهُ حَتَّى مَضَى الْوَقْتُ كَانَ الْمَالُ عَلَى الْوَارِثِ يَعْنِي مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَلَوْ مَاتَ الطَّالِبُ فَدَفَعَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ بِهِ إلَى وَارِثِ الطَّالِبِ فِي الْوَقْتِ بَرِئَ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهُ حَتَّى مَضَى الْوَقْتُ لَزِمَهُ الْمَالُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ.

قَالَ رحمه الله (وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مِائَةَ دِينَارٍ فَقَالَ رَجُلٌ إنْ لَمْ أُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ الْمِائَةُ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ الْمِائَةُ)، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ آخِرًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُبَيِّنَ الْمِائَةَ، أَوْ لَمْ يُبَيِّنْهَا بِأَنْ تَعَلَّقَ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ فَلَزِمَهُ فَقَالَ لِي عَلَيْك حَقٌّ وَلَمْ يَدَّعِ عَلَيْهِ مَالًا مُقَدَّرًا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ آخَرُ دَعْهُ فَأَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَعَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ فَادَّعَى الْمُدَّعِي وَأَثْبَتَهَا لَزِمَ الْكَفِيلَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ رحمه الله إنْ لَمْ يُبَيِّنْهَا، ثُمَّ ادَّعَى وَبَيَّنَهَا لَا تَلْزَمُهُ وَلَهُ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا مَا قَالَهُ أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ رحمه الله، وَهُوَ أَنَّ الْكَفِيلَ عَلَّقَ مَالًا مُطْلَقًا بِخَطَرٍ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ الَّتِي لَك عَلَيْهِ فَكَانَتْ هَذِهِ رِشْوَةً الْتَزَمَهَا الْكَفِيلُ لَهُ عِنْدَ عَدَمِ الْمُوَافَاةِ بِهِ، فَهَذَا يُوجِبُ أَنْ لَا يَصِحَّ، وَإِنْ بَيَّنَهَا الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ عَدَمَ النِّسْبَةِ إلَيْهِ هُوَ الَّذِي، أَوْجَبَ الْبُطْلَانَ، وَالثَّانِي مَا قَالَهُ الْكَرْخِيُّ، وَهُوَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمَّا لَمْ يُبَيِّنْ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَاهُ فَلَمْ يَجِبْ إحْضَارُهُ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي فَلَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ أَيْضًا لِعَدَمِ صِحَّةِ الدَّعْوَى وَلَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ فَإِذَا بَطَلَ الْأَصْلُ بَطَلَ الْفَرْعُ، وَهَذَا الْوَجْهُ يُوجِبُ أَنْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ إذَا بَيَّنَ الْمَالَ عِنْدَ الدَّعْوَى وَلَهُمَا أَنَّ هَذِهِ الْكَفَالَةَ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهَا فَتَصِحُّ أَمَّا إذَا بَيَّنَ الْمَالَ عِنْدَ الدَّعْوَى فَلِأَنَّ الْمَالَ ذُكِرَ مُعَرَّفًا فَيَنْصَرِفُ إلَى مَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِالْإِرْسَالِ، وَالْمُرَادُ مَا عَلَيْهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ فَلِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِالْإِبْهَامِ فِي الدَّعْوَى فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَيُجْمِلُونَهَا إجْمَالًا وَلَا يُبَيِّنُونَهَا إلَّا عِنْدَ الْقَاضِي دَفْعًا لَحِيلَ الْخُصُومِ وَصَوْنًا لِكَلَامِهِمْ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ فَصَحَّتْ الدَّعْوَى، وَالْمُلَازَمَةُ عَلَى احْتِمَالِ الْبَيَانِ مِنْ جِهَتِهِ فَإِذَا بَيَّنَ انْصَرَفَ بَيَانُهُ إلَى ابْتِدَاءِ الدَّعْوَى فَظَهَرَ بِهِ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ قَدْ صَحَّتْ فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهَا وَلِأَنَّهُ لَوْ جُعِلَ الْتِزَامًا لِمَا عَلَيْهِ تَصِحُّ، وَإِلَّا فَلَا فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِهِ وَلَوْ كَفَلَ رَجُلٌ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ يَوْمَ كَذَا فَعَلَيْهِ مَا لِلطَّالِبِ عَلَى فُلَانٍ آخَرَ جَازَ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ رحمه الله وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَفِي الْمُحِيطِ جَعَلَ الْخِلَافَ بِالْعَكْسِ وَجَعَلَ أَبَا حَنِيفَةَ مَعَ أَبِي يُوسُفَ.

قَالَ رحمه الله (وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ)، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَقَالَا يُجْبَرُ فِي حَدِّ الْقَذْفِ وَالْقِصَاصِ وَفِي غَيْرِهِمَا مِنْ الْحُدُودِ لَا يُجْبَرُ وَلَوْ سَمَحَتْ بِهِ نَفْسُهُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ لَهُمَا أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُبَيِّنَ الْمِائَةَ أَوْ لَمْ يُبَيِّنْهَا) قَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ رَجُلٌ قَدَّمَ رَجُلًا إلَى الْقَاضِي وَادَّعَى عَلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ وَبَيَّنَهَا بِأَنْ قَالَ رُكْنِيَّةٌ أَوْ نَيْسَابُورِيَّةٌ أَوْ لَمْ يُبَيِّنْهَا بِأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ مِائَةً وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ أَوْ ادَّعَى حَقًّا مُطْلَقًا أَوْ مَالًا مُطْلَقًا وَفِي جَامِعِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مِائَةَ دِينَارٍ وَبَيَّنَهَا أَوْ لَمْ يُبَيِّنْهَا أَيْ وَبَيَّنَ مِقْدَارَ الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ الْمُدَّعِي بِهِ، وَكَذَا فِي جَامِعِ قَاضِي خَانْ اهـ.

(قَوْلُهُ بِخَطَرٍ) هُوَ عَدَمُ الْمُوَافَاةِ اهـ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدَمِ الْمُوَافَاةِ بِهِ) وَهَذَا الْوَجْهُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ اهـ.

كَمَالٌ.

(قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِمَا مِنْ الْحُدُودِ لَا يُجْبَرُ) ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْكَفَالَةِ مِنْ شَرْحِ كِتَابِ الْكَافِي أَنَّ الْكَفَالَةَ بِنَفْسِ مَنْ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ وَحَدُّ السَّرِقَةِ وَمَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ وَمَا دُونَ النَّفْسِ تَصِحُّ إنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْجَبْرِ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ فِي الْحُدُودِ لَا يُجْبَرُ بِالْإِجْمَاعِ وَفِي الْقِصَاصِ لَا يُجْبَرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ يُجْبَرُ وَقَالَ فِي الشَّامِلِ فِي قِسْمِ الْمَبْسُوطِ وَفِي الْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ جَازَتْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ وَلَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِنَفْسِ الْحَدِّ وَقَالَ فِي الشَّامِلِ أَيْضًا فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْكَفَالَةِ مِنْ قِسْمِ الْمَبْسُوطِ لَا تَجُوزُ كَفَالَةٌ فِي قِصَاصٍ وَحَدٍّ وَيَقُولُ الْقَاضِي لِمُدَّعِي الْقَذْفِ الْزَمْهُ إلَى قِيَامِي إنْ كَانَتْ بَيِّنَتُك حَاضِرَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَأْخُذُ كَفِيلًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ قَالَ وَالْخِلَافُ فِي أَمْرِ الْقَاضِي بِإِعْطَائِهِ لَا فِي الصِّحَّةِ فَإِنَّهُ لَوْ كَفَلَ إنْسَانٌ صَحَّ وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ جَائِزَةٌ فِي قَوْلِهِمْ إذَا بَذَلَهَا الْمَطْلُوبُ بِنَفْسِهِ، وَلَكِنْ هَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِالْكَفِيلِ إذَا طَلَبَ الْخَصْمُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَأْخُذُ الْقَاضِي مِنْهُ كَفِيلًا، وَلَكِنْ يَحْبِسُهُ حَتَّى تُقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَوْ يَسْتَوْفِيَ كَذَا ذُكِرَ فِي التُّحْفَةِ ثُمَّ لَا يَحْبِسُهُ الْقَاضِي حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَانِ مَسْتُورَانِ أَوْ شَاهِدٌ عَدْلٌ يَعْرِفُهُ الْقَاضِي فَيَشْهَدُ أَنَّهُ زَنَى أَوْ قَتَلَ فَيَحْبِسُهُ الْقَاضِي حِينَئِذٍ لِثُبُوتِ التُّهْمَةِ بِأَحَدِ شَطْرَيْ الشَّهَادَةِ مِنْ الْعَدَدِ وَالْعَدَالَةِ حَتَّى يَشْهَدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْعُدُولُ اهـ.

غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَمَحَتْ) أَيْ لَوْ تَبَرَّعَ بِإِعْطَاءِ الْكَفِيلِ وَسَامَحَ فِي ذَلِكَ نَفْسُ الْمَطْلُوبِ وَبَذَلَ الْكَفِيلُ بِنَفْسِهِ فِي الْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ تَسْلِيمَ النَّفْسِ وَتَسْلِيمُ النَّفْسِ وَاجِبٌ اهـ.

غَايَةٌ

ص: 151

شُرِعَتْ لِتَسْلِيمِ النَّفْسِ وَتَسْلِيمُ النَّفْسِ وَاجِبٌ عَلَى الْأَصِيلِ هُنَا فَصَحَّتْ الْكَفَالَةُ بِهِ كَمَا فِي دَعْوَى الْمَالِ بِخِلَافِ الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ؛ لِأَنَّهَا مَحْضُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْكَفَالَةُ شُرِعَتْ وَثِيقَةً لِصَاحِبِ الْحَقِّ كَيْ لَا يَفُوتَ حَقُّهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى غَنِيٌّ عَنْهُ وَبِخِلَافِ نَفْسِ الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ بِهِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الْكَفِيلِ فَلَا يُشْرَعُ وَلَهُ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «لَا كَفَالَةَ فِي حَدٍّ مُطْلَقًا» وَلِأَنَّ الْكَفَالَةَ لِلِاسْتِيثَاقِ وَمَبْنَاهُمَا عَلَى الدَّرْءِ فَالْإِجْبَارُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ فِيهِمَا يُفْضِي إلَى فَسَادِ الْوَضْعِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْحُقُوقِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِالشُّبُهَاتِ وَلَوْ أَعْطَى بِنَفْسِهِ الْكَفِيلَ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ فِيهِمَا جَازَ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ النَّفْسِ مُسْتَحَقٌّ عَلَى الْأَصِيلِ فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْحُدُودِ. وَأَلْحَقَ

التُّمُرْتَاشِيُّ حَدَّ السَّرِقَةِ بِهِمَا فِي حَقِّ جَوَازِ التَّكْفِيلِ بِنَفْسِ مَنْ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ وَفِي الْإِجْبَارِ عَلَيْهِ عِنْدَهُمَا وَأَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى شَرْطٌ فِيهِ كَمَا هُوَ شَرْطٌ فِيهِمَا، وَالْمُدَّعِي يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ شُهُودِهِ وَمَطْلُوبِهِ فَرُبَّمَا يُخْفِي الْمَطْلُوبُ نَفْسَهُ فَيَسْتَوْثِقُ بِكَفِيلٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْحُدُودِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى لَيْسَ بِشَرْطٍ فِيهَا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ حُضُورُ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ بِسَبَبِ الدَّعْوَى؛ إذْ لَا يُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدٍ فِيهَا، فَلَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِهَا أَصْلًا وَإِنْ طَابَتْ بِهَا نَفْسُهُ وَسَمَحَتْ فَإِذَا لَمْ يَكْفُلْ عِنْدَهُ يُلَازِمُهُ إلَى أَنْ يَقُومَ الْقَاضِي مِنْ مَجْلِسِهِ، فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَبِهَا، وَإِلَّا خَلَّى سَبِيلَهُ وَلَيْسَ تَفْسِيرُ الْجَبْرِ عِنْدَهُمَا هُنَا أَنْ يُجْبَرَ بِالْحَبْسِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعُقُوبَةِ لَكِنْ يَأْمُرُهُ بِالْمُلَازَمَةِ وَيَدُورُ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ، وَإِذَا أَرَادَ دُخُولَ دَارِهِ اسْتَأْذَنَهُ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ دَخَلَ مَعَهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ مَنَعَهُ مِنْ الدُّخُولِ وَأَجْلَسَهُ فِي بَابِ الدَّارِ كَيْ لَا يَغِيبَ بِالْخُرُوجِ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ.

قَالَ رحمه الله (وَلَا يُحْبَسُ فِيهِمَا حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَانِ مَسْتُورَانِ، أَوْ عَدْلٌ) أَيْ لَا يُحْبَسُ فِي الْحُدُودِ، وَالْقِصَاصِ حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَانِ مَسْتُورَانِ، أَوْ وَاحِدٌ عَدْلٌ يَعْرِفُهُ الْقَاضِي بِالْعَدَالَةِ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ هُنَا لِتُهْمَةِ الْفَسَادِ وَشَهَادَةُ الْمَسْتُورَيْنِ تَصْلُحُ لِلْحُكْمِ بِهِ فَتَصْلُحُ لِإِثْبَاتِ التُّهْمَةِ وَخَبَرُ الْوَاحِدِ حُجَّةٌ فِي الدِّيَانَاتِ، وَالْمُعَامَلَاتِ فَيَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْعَدْلِ التُّهْمَةُ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ أَصْلُ الْحَقِّ، وَالْحَبْسُ بِتُهْمَةِ الْفَسَادِ مَشْرُوعٌ؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «حَبَسَ رَجُلًا بِتُهْمَةٍ» بِخِلَافِ دَعْوَى الْأَمْوَالِ حَيْثُ لَا يُحْبَسُ فِيهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ؛ لِأَنَّهُ نِهَايَةُ الْعُقُوبَةِ فِيهِ، فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِحُجَّةٍ تَامَّةٍ كَالْحَدِّ نَفْسِهِ وَعَنْهُمَا أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ فِي الْحُدُودِ، وَالْقِصَاصِ أَيْضًا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَهُوَ الِاسْتِيثَاقُ بِالْكَفَالَةِ.

قَالَ رحمه الله (وَبِالْمَالِ وَلَوْ مَجْهُولًا إذَا كَانَ دَيْنًا صَحِيحًا بِكَفَلْتُ عَنْهُ بِأَلْفٍ وَبِمَالِك عَلَيْهِ وَبِمَا يُدْرِكُك فِي هَذَا الْبَيْعِ وَمَا بَايَعْت فُلَانًا فَعَلَيَّ وَمَا ذَابَ لَك عَلَيْهِ فَعَلَيَّ وَمَا غَصَبَك فُلَانٌ فَعَلَيَّ) أَيْ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ وَلَوْ كَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ مَجْهُولًا بِقَوْلِهِ كَفَلْت؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ مَشْرُوعَةٌ فِيهِ عَلَيْهِ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ، وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: وَلَهُ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «لَا كَفَالَةَ فِي حَدٍّ مُطْلَقًا» ) رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو اهـ.

وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ فِي حَدٍّ مُطْلَقًا يَعْنِي لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ حَدٍّ فِيهِ حَقُّ الْعَبْدِ وَبَيْنَ حَدٍّ هُوَ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ فِي جَمِيعِ الْحُدُودِ وَهَذَا مِنْ كَلَامِ شُرَيْحٍ لَا مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي عَنْ شُرَيْحٍ وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَنَا فِي رَفْعِهِ نَظَرٌ اهـ.

غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَمَبْنَاهُمَا) أَيْ حَدُّ الْقَذْفِ وَالْقِصَاصِ اهـ.

(قَوْلُهُ بِنَفْسِ مَنْ عَلَيْهِ) أَيْ إذَا سَمَحَتْ بِهِ نَفْسُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَإِذَا لَمْ يَكْفُلْ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَأْمُرُهُ بِالْمُلَازَمَةِ إلَخْ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُلَازَمَةِ الْمَنْعُ مِنْ الذَّهَابِ لِأَنَّهُ حَبْسٌ لَكِنْ يَذْهَبُ الطَّالِبُ مَعَ الْمَطْلُوبِ فَيَدُورُ مَعَهُ أَيْنَمَا دَارَ كَيْ لَا يَتَغَيَّبَ اهـ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ دَعْوَى الْأَمْوَالِ حَيْثُ لَا يُحْبَسُ إلَخْ) وَالْحَبْسُ بِالتُّهْمَةِ ذَكَرُوهُ أَيْضًا فِي أَوَّلِ بَابِ الْحُدُودِ قَالَ الْكَمَالُ فِي بَابِ الْحُدُودِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَقَدْ حَبَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا بِالتُّهْمَةِ فَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ جَدِّهِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَبَسَ رَجُلًا فِي تُهْمَةٍ» زَادَ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ ثُمَّ خَلَّى سَبِيلَهُ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «أَقْبَلَ رَجُلَانِ مِنْ بَنِي غِفَارٍ حَتَّى نَزَلَا بضجعان مِنْ مِيَاهِ الْمَدِينَةِ وَعِنْدَهَا نَاسٌ مِنْ غَطَفَانَ مَعَهُمْ ظَهْرٌ لَهُمْ فَأَصْبَحَ الْغَطَفَانِيُّونَ وَقَدْ فَقَدُوا بَعِيرَيْنِ مِنْ إبِلِهِمْ فَاتَّهَمُوا الْغِفَارِيَّيْنِ فَأَتَوْا بِهِمَا إلَى رَسُولِ صلى الله عليه وسلم فَحَبَسَ أَحَدَ الْغِفَارِيَّيْنِ وَقَالَ لِلْآخَرِ اذْهَبْ فَالْتَمِسْ فَلَمْ يَكُ إلَّا يَسِيرٌ حَتَّى جَاءَ بِهِمَا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَحَدِ الْغِفَارِيَّيْنِ اسْتَغْفِرْ لِي فَقَالَ غَفَرَ اللَّهُ لَك يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ عليه الصلاة والسلام، وَلَك وَقَتَلَك فِي سَبِيلِهِ قَالَ فَقُتِلَ يَوْمَ الْقَيِّمَةِ» اهـ.

مَا قَالَ الْكَمَالُ (فَرْعٌ يُحْفَظُ) الْكَفِيلُ بِأَمْرِ الْأَصِيلِ إذَا أَدَّى الْمَالَ إلَى الدَّائِنِ بَعْدَ مَا أَدَّى الْأَصِيلُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ لِأَنَّهُ شَيْءٌ حُكْمِيٌّ، فَلَا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْعِلْمُ وَالْجَهْلُ كَعَزْلِ الْوَكِيلِ ضِمْنًا قَالَهُ فِي الْقُنْيَةِ قَبْلَ بَابِ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ اهـ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ نِهَايَةُ الْعُقُوبَةِ فِيهِ) وَفِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ أَقْصَى الْعُقُوبَةِ الْقَتْلُ وَالْقَطْعُ وَالضَّرْبُ فَجَازَ الْحَبْسُ قَبْلَ ثُبُوتِ الْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ اهـ. غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ إلَخْ) وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِذِكْرِ الْمَكْفُولِ لَهُ وَالْمَكْفُولِ عَنْهُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مَجْهُولًا لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ أَلَا تَرَى إلَى مَا قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ مَا ذَابَ لَك عَلَى أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ فَهُوَ عَلَيَّ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِجَهَالَةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ مَا ذَابَ عَلَيْك لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ فَهُوَ عَلَيَّ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِجَهَالَةِ الْمَضْمُونِ لَهُ اهـ.

أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ مَا بَايَعْت فُلَانًا فَهُوَ عَلَيَّ جَازَ ذَلِكَ وَلَزِمَهُ كُلُّهُ قَلِيلًا بَايَعَهُ أَوْ كَثِيرًا مَرَّةً أَوْ مِرَارًا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْكَفَالَةِ إلَّا جَهَالَةُ الْمَكْفُولِ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا بَايَعَ وَهِيَ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْكَفَالَةِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ وَالْمَكْفُولُ لَهُ مَعْلُومًا اهـ.

ص: 152

التَّوَسُّعِ فَيُتَحَمَّلُ فِيهَا الْجَهَالَةُ الْيَسِيرَةُ وَغَيْرُهَا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مُتَعَارَفًا وَعَلَى الْكَفَالَةِ بِالدَّرَكِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ كَمْ قَدْرُ مَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الْبَيْعِ وَكَفَى بِهِ حُجَّةً وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا صَحِيحًا كَمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ صَحِيحًا كَبَدَلِ الْكِتَابَةِ لَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِهِ وَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِالشَّجَّةِ وَقَطْعِ الْأَطْرَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُوجَبُهُ الْقِصَاصَ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ دَيْنٌ صَحِيحٌ لَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ بِخِلَافِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِدَيْنٍ صَحِيحٍ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ يَمْلِكُ إسْقَاطَهُ.

قَالَ رحمه الله (وَطَالَبَ الْكَفِيلَ، أَوْ الْمَدْيُونَ إلَّا إذَا شَرَطَ الْبَرَاءَةَ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ حَوَالَةً كَمَا أَنَّ الْحَوَالَةَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْرَأَ بِهَا الْمُحِيلُ كَفَالَةٌ) أَيْ الطَّالِبُ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ طَالَبَ الْكَفِيلَ، وَإِنْ شَاءَ طَالَبَ الْأَصِيلَ، وَكَذَا لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُمَا مَعًا؛ لِأَنَّهُ مُوجَبُ الْكَفَالَةِ؛ إذْ هِيَ تُنْبِئُ عَنْ الضَّمِّ وَذَلِكَ يَقْتَضِي بَقَاءَ الْأَوَّلِ لَا الْبَرَاءَةَ إلَّا إذَا شَرَطَ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ حَوَالَةً، فَلَا يُطَالِبُ الْأَصِيلَ كَمَا إذَا أَحَالَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْرَأَ الْمُحِيلُ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ لِمَا عُرِفَ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمَعَانِي لَا لِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ قَالَ رحمه الله (وَلَوْ طَالَبَ أَحَدَهُمَا لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ) لِمَا ذَكَرْنَا بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إذَا اخْتَارَ أَحَدَ الْغَاصِبَيْنِ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ أَحَدَهُمَا يَتَضَمَّنُ التَّمْلِيكَ مِنْهُ عِنْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِهِ، فَلَا يُمْكِنُهُ التَّمْلِيكُ مِنْ الْآخَرِ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَّا الْمُطَالَبَةُ بِالْكَفَالَةِ لَا تَقْتَضِيهِ مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ حَقِيقَةُ الِاسْتِيفَاءِ.

قَالَ رحمه الله (وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ مُلَائِمٍ كَشَرْطِ وُجُوبِ الْحَقِّ كَأَنْ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ، أَوْ لِإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ كَأَنْ قَدِمَ زَيْدٌ، وَهُوَ مَكْفُولٌ عَنْهُ، أَوْ لِتَعَذُّرِهِ كَأَنْ غَابَ عَنْ الْمِصْرِ) أَيْ يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِشُرُوطٍ مُلَائِمَةٍ لَا بِمُطْلَقِ الشَّرْطِ، وَالْمُلَاءَمَةُ تَثْبُتُ بِكَوْنِ الشَّرْطِ سَبَبًا لِوُجُوبِهِ كَقَوْلِهِ إنْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ فَعَلَيَّ الثَّمَنُ، أَوْ بِكَوْنِهِ مُمَكِّنًا مِنْ الِاسْتِيفَاءِ كَقَوْلِهِ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ فَعَلَيَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ، أَوْ بِكَوْنِهِ سَبَبًا لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ مِنْهُ كَقَوْلِهِ إنْ غَابَ زَيْدٌ فَعَلَيَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ، فَهَذِهِ جُمْلَةُ الشُّرُوطِ الَّتِي يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِهَا، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] فَوَجْهُ التَّمَسُّكِ بِالْآيَةِ أَنَّهُ عَلَّقَ الْكَفَالَةَ بِالشَّرْطِ وَذَلِكَ الشَّرْطُ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الْحَمْلِ عَلَى الْمَجِيءِ بِالصَّاعِ وَشَرِيعَةُ مَنْ قَبْلَنَا شَرِيعَةٌ لَنَا مَا لَمْ تُنْسَخْ.

وَلَا يُقَالُ الْكَفِيلُ مَنْ يَكُونُ ضَامِنًا عَنْ غَيْرِهِ، وَهَذَا الْكَفِيلُ ضَامِنٌ عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ أَمْكَنَ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى الْكَفَالَةِ بِأَنْ يَكُونَ رَسُولًا مِنْ جِهَةِ الْمَلِكِ، وَالرَّسُولُ سَفِيرٌ، فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ كَأَنَّهُ يَقُولُ إنَّ الْمَلِكَ قَالَ لِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ، ثُمَّ يَقُولُ هُوَ مِنْ جِهَتِهِ وَأَنَا بِذَلِكَ الْحِمْلِ الَّذِي عَلَى الْمَلِكِ كَفِيلٌ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَفَالَةَ لِلْمَجْهُولِ جَائِزَةٌ وَأَنْتُمْ لَا تَقُولُونَ بِهِ فَلَمْ تَبْقَ لَكُمْ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ جَازَ أَنْ تُنْسَخَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَتَبْقَى مَعْمُولًا بِهَا مِنْ جِهَةِ التَّعْلِيقِ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّ ضَمَانَ الدَّرَكِ جَائِزٌ وَلَوْ كَانَ مَنْسُوخًا لَمَا جَازَ، ثُمَّ الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْمَالِ الْمَكْفُولِ بِهِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْكَفَالَةِ كَقَوْلِهِ مَا غَصَبَك فُلَانٌ فَعَلَيَّ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِدَيْنٍ صَحِيحٍ) أَيْ لِأَنَّ الدَّيْنَ الصَّحِيحَ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ اهـ. غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَطَلَبَ) كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ وَعِبَارَةُ الْمَتْنِ وَطَالَبَ اهـ.

(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْرَأَ بِهَا الْمُحِيلُ كَفَالَةً) قَالَ قَاضِي خَانْ رحمه الله رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَقَالَ الطَّالِبُ لِلْمَطْلُوبِ أَحِلْنِي بِمَا لِي عَلَيْك عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَنَّك ضَامِنٌ لِذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ الضَّمَانَ عَلَى الْمُحِيلِ فَقَدْ جَعَلَ الْحَوَالَةَ كَفَالَةً لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بِشَرْطِ عَدَمِ بَرَاءَةِ الْمُحِيلِ كَفَالَةٌ اهـ.

وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ حُكْمُ مَا يَقَعُ فِي زَمَانِنَا مِنْ قَوْلِ رَبِّ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ أَحِلْنِي عَلَى فُلَانٍ وَاضْمَنْ لِي صِحَّةَ الْحَوَالَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ مُلَائِمٍ) ثُمَّ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ تَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ بَعْدَ أَنْ رَقَمَ لِصَاحِبِ الْمُحِيطِ وَقَالَ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ مُتَعَارَفٍ صَحِيحٌ وَبِغَيْرِهِ لَا يَصِحُّ وَأَطْلَقَ الْقُدُورِيُّ رحمه الله فِي مُخْتَصَرِهِ وَيَجُوزُ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِالشُّرُوطِ قَالَ الْأَقْطَعُ فِي شَرْحِهِ إذَا كَانَ الشَّرْطُ لِوُجُوبِ الْحَقِّ أَوْ لِإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ جَازَ تَعْلِيقُهَا بِهِ كَقَوْلِهِ إذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَوْ قَدِمَ زَيْدٌ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لِلْوُجُوبِ وَقُدُومَ زَيْدٍ قَدْ يَسْهُلُ بِهِ الْأَدَاءُ بِأَنْ يَكُونَ مَكْفُولًا عَنْهُ أَوْ مُضَارِبَهُ وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ كَقَوْلِهِ إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ ثُمَّ رَقَمَ لِشَرْحِ أَبِي ذَرٍّ إنَّمَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِسَبَبِ وُجُوبِ الْحَقِّ فَأَمَّا دُخُولُ الدَّارِ وَقُدُومُ زَيْدٍ لَيْسَ مِنْ أَسْبَابِ الْحَقِّ، فَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ الضَّمَانِ بِهِ قَالَ رحمه الله إلَّا أَنَّ الْأَصَحَّ مَا ذَكَرَهُ أَبُو نَصْرٍ أَنَّهُ يَصِحُّ بِقُدُومِ زَيْدٍ وَقَدْ نُصَّ عَلَيْهِ فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَشَرْطِ) هَذَا هُوَ الثَّابِتُ فِي نُسَخِ الْمَتْنِ وَفِي خَطِّ الشَّارِحِ كَشُرُوطِ اهـ.

(قَوْلُهُ كَأَنْ قَدِمَ زَيْدٌ إلَخْ) لِأَنَّ قُدُومَ الْمَكْفُولِ عَنْهُ سَبَبٌ لِلْوُصُولِ إلَى الْأَدَاءِ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ مَا غَصَبَك فُلَانٌ فَعَلَيَّ) وَقَالَ فِي الْأَجْنَاسِ أَيْضًا وَلَوْ قَالَ مَا قُضِيَ لَك بِهِ عَلَى فُلَانٍ فَعَلَيَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمَطْلُوبُ حَتَّى يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ مَاتَ الْمَطْلُوبُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى عَلَيْهِ فَخَاصَمَ الطَّالِبُ وَرَثَتَهُ أَوْ وَصِيَّهُ فَقُضِيَ لَهُ عَلَيْهِمْ بِحَقٍّ لَزِمَ الْكَفِيلَ وَلَوْ مَاتَ الْكَفِيلُ لَحِقَهُ فِي تَرِكَتِهِ ذَكَرَهُ فِي تَرِكَةِ الْأَصْلِ وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ قَالَ لِآخَرَ مَا غَصَبَك فُلَانٌ أَوْ مَا سَرَقَك فَإِنِّي لَهُ ضَامِنٌ جَازَ ذَلِكَ الضَّمَانُ وَلَوْ قَالَ مَا غَصَبَك أَهْلُ هَذِهِ الدَّارِ فَأَنَا لَهُ ضَامِنٌ فَهُوَ بَاطِلٌ حَتَّى يُسَمِّيَ إنْسَانًا بِعَيْنِهِ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ ضَمِنْت لَك مَا يَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ وَلَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ وَلَا كَذَلِكَ إذَا سَمَّى إنْسَانًا بِعَيْنِهِ لِأَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ فَقَالَ مَا يَجِبُ لَك عَلَى فُلَانٍ فَهُوَ عَلَيَّ جَازَ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى ذَكَرَ فِي كَفَالَةِ الْأَصْلِ لَوْ قَالَ مَنْ بَايَعَ فُلَانًا الْيَوْمَ مِنْ بَيْعٍ فَعَلَيَّ فَبَايَعَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ لَمْ يَلْزَمْ الْكَفِيلَ شَيْءٌ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ ضَمِنْت لِوَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ فَلَمْ يَصِحَّ وَلَوْ قَالَ لِقَوْمٍ حَاضِرِينَ مَا بَايَعْتُمُوهُ بِهِ مِنْ شَيْءٍ فَعَلَيَّ جَازَ لِأَنَّهُ قَدْ ضَمِنَ لِمُعَيَّنِينَ وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ يُعْطِك فُلَانٌ مَالَك فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ لَمْ يَلْزَمْ الضَّامِنَ شَيْءٌ حَتَّى يَتَقَاضَاهُ الطَّالِبُ فَيَقُولُ لَا أُعْطِيك وَلَوْ مَاتَ الْمَطْلُوبُ قَبْلَ التَّقَاضِي فَقَالَ وَارِثُهُ أُعْطِيك

ص: 153