المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قَالَ رحمه الله (وَكُرِهَ السَّفَاتِجُ) وَهُوَ قَرْضٌ اسْتَفَادَ بِهِ الْمُقْرِضُ - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٤

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْبُيُوعِ)

- ‌[فَصْلٌ يَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالْمَفَاتِيحُ فِي بَيْعِ الدَّارِ وَالشَّجَرُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ]

- ‌بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ

- ‌(بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ)

- ‌(بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ)

- ‌(بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ)

- ‌(فَصْلٌ) (قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِأَمْرِ الْبَائِعِ وَكُلٌّ مِنْ عِوَضَيْهِ مَالٌ

- ‌(بَابُ الْإِقَالَةِ)

- ‌[بَابُ التَّوْلِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ بَيْعُ الْعَقَارِ قَبْلَ قَبْضِهِ]

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌ بَيْعُ الْحَفْنَةِ بِالْحَفْنَتَيْنِ وَالتُّفَّاحَةِ بِالتُّفَّاحَتَيْنِ

- ‌[وَيُعْتَبَرُ التَّعْيِينُ دُونَ التَّقَابُضِ فِي غَيْرِ الصَّرْفِ فِي الرِّبَا]

- ‌ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ

- ‌[بَيْع الْخَبَز بالبر أَوْ الدَّقِيق متفاضلا]

- ‌لَا رِبَا بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ)

- ‌بَابُ الْحُقُوقِ

- ‌[لَا ربا بَيْن الْحَرْبِيّ والمسلم فِي دَار الْحَرْب]

- ‌[الظُّلَّةُ هَلْ تدخل فِي بَيْعِ الدَّارِ]

- ‌بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌(مَبِيعَةٌ وَلَدَتْ فَاسْتُحِقَّتْ بِبَيِّنَةٍ

- ‌[قَالَ عَبْد لمشتر اشتريني فَأَنَا حُرّ فاشتراه فَإِذَا هُوَ عَبْد]

- ‌ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ

- ‌[ادَّعَى حقا مَجْهُولًا فِي دَار فصولح عَلَى مَاله]

- ‌ عِتْقُ مُشْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ بِإِجَازَةِ بَيْعِهِ

- ‌[أرش الْعَبْد إذَا قَطَعَتْ يَده عِنْد الْمُشْتَرِي]

- ‌ بَاعَ دَارَ غَيْرِهِ فَأَدْخَلَهَا الْمُشْتَرِي فِي بِنَائِهِ

- ‌(بَابُ السَّلَمِ)

- ‌[مَا يَجُوز السَّلَم فِيهِ وَمَا لَا يَجُوز]

- ‌[ بَيَان شَرْط السَّلَم]

- ‌[السَّلَم والاستصناع فِي الْخَفّ والطست والقمقم]

- ‌(بَابُ الْمُتَفَرِّقَاتِ)

- ‌[حُكْم بَيْع الْكَلْب]

- ‌ اشْتَرَى عَبْدًا فَغَابَ فَبَرْهَنَ الْبَائِعُ عَلَى بَيْعِهِ وَغَيْبَتُهُ

- ‌[أفرخ طير أَوْ باض فِي أَرْض رَجُل]

- ‌(مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ

- ‌مَا لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ

- ‌(كِتَابُ الصَّرْفِ)

- ‌ التَّصَرُّفُ فِي ثَمَنِ الصَّرْفِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌ اشْتَرَى شَيْئًا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ فُلُوسٍ

- ‌(كِتَابُ الْكَفَالَةِ)

- ‌[ الْكِفَالَة بِالنَّفْسِ وَإِنَّ تَعَدَّدَتْ]

- ‌[ تَبْطُلُ الْكِفَالَة بموت الْمَطْلُوب والكفيل]

- ‌ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِهُبُوبِ الرِّيحِ

- ‌ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ)

- ‌ الْكَفَالَةُ بِاسْتِيفَاءِ الْحَدِّ، أَوْ الْقِصَاصِ

- ‌[الْكِفَالَة عَنْ مَيِّت مُفْلِس]

- ‌[فَصْلٌ أَعْطَى الْمَطْلُوبُ الْكَفِيلَ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ]

- ‌{بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ}

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌[مَا تَصِحّ فِيهِ الْحَوَالَةِ]

- ‌ طَلَبَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الْمُحِيلَ بِمَا أَحَالَ

- ‌(كِتَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌ تَقَلُّدُ الْقَضَاءِ مِنْ السُّلْطَانِ

- ‌(فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ)

- ‌[بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَغَيْرِهِ]

- ‌ الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ

- ‌[الْقَضَاء عَلَى غَائِب]

- ‌[بَابُ التَّحْكِيمِ]

- ‌[ إقراض الْقَاضِي مَال الْيَتِيم]

- ‌(بَابُ مَسَائِلَ شَتَّى)

- ‌ أَرَادَ صَاحِبُ الْعُلْوِ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى الْعُلْوِ بَيْتًا

- ‌ قَالَ لِآخَرَ اشْتَرَيْتُ مِنِّي هَذِهِ الْأَمَةَ فَأَنْكَرَ

- ‌يَبْطُلُ الصَّكُّ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ)

- ‌ مَاتَ ذِمِّيٌّ فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ أَسْلَمْتُ

- ‌[قَالَ مالي وَمَا أملك فِي الْمَسَاكِين صَدَقَة]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَةِ]

- ‌[شُرُوط الشُّهُود فِي الزِّنَا]

- ‌[مَا يَشْتَرِط للشهادة فِي ثُبُوت الْوِلَادَة والبكارة وَعُيُوب النِّسَاء]

- ‌(بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ)

- ‌(بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ)

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ)

- ‌(كِتَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ)

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ]

- ‌(بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ)

- ‌(كِتَابُ الدَّعْوَى)

- ‌(بَابُ التَّحَالُفِ)

- ‌[فَصْلٌ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الشَّيْءُ أَوْدَعَنِيهِ أَوْ آجَرَنِيهِ أَوْ أَعَارَنِيهِ]

- ‌(بَابُ مَا يَدَّعِيهِ الرَّجُلَانِ)

- ‌(بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ)

الفصل: قَالَ رحمه الله (وَكُرِهَ السَّفَاتِجُ) وَهُوَ قَرْضٌ اسْتَفَادَ بِهِ الْمُقْرِضُ

قَالَ رحمه الله (وَكُرِهَ السَّفَاتِجُ) وَهُوَ قَرْضٌ اسْتَفَادَ بِهِ الْمُقْرِضُ أَمْنَ خَطَرِ الطَّرِيقِ وَصُورَتُهُ أَنْ يُقْرِضَ مَالَهُ إذَا خَافَ عَلَيْهِ الْفَوَاتَ لِيُرَدَّ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعِ الْأَمْنِ وَهُوَ تَعْرِيبُ سفته وَسَفَّتْهُ شَيْءٌ مُحْكَمٌ وَسُمِّيَ هَذَا الْقَرْضُ بِهِ لِإِحْكَامِ أَمْرِهِ وَإِنَّمَا كُرِهَ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «نَهَى عَنْ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا» وَقِيلَ إذَا لَمْ تَكُنْ الْمَنْفَعَةُ مَشْرُوطَةً، فَلَا بَأْسَ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(كِتَابُ الْقَضَاءِ)

الْقَضَاءُ فِي اللُّغَةِ الْإِتْقَانُ وَالْإِحْكَامُ قَالَ قَائِلُهُمْ وَعَلَيْهِمَا مَسْرُودَتَانِ قَضَاهُمَا دَاوُد أَوْ صَنَعَ السَّوَابِغَ تُبَّعُ أَيْ أَحْكَمَ صَنْعَتَهَا وَهُوَ فِي الشَّرْعِ فَصْلُ الْخُصُومَاتِ وَأَنَّهُ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ وَبِهِ أُمِرَ كُلُّ نَبِيٍّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ} [المائدة: 44] وَقَالَ تَعَالَى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [المائدة: 49] وَالْحَاكِمُ نَائِبٌ عَنْ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ فِي إنْصَافِ الْمَظْلُومِ مِنْ الظَّالِمِ وَإِيصَالِ الْحَقِّ إلَى الْمُسْتَحِقِّ وَدَفْعِ الظُّلْمِ عَنْ الْعِبَادِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ الصِّفَاتِ الْحَمِيدَةِ يَمِيلُ إلَيْهَا كُلُّ لَبِيبٍ وَمَحَاسِنُهُ لَا تَخْفَى عَلَى أَحَدٍ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَفَسَدَ الْبِلَادُ وَالْعِبَادُ.

قَالَ رحمه الله (أَهْلُهُ أَهْلُ الشَّهَادَةِ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَثْبُت بِهِ الْوِلَايَةُ عَلَى الْغَيْرِ الشَّاهِدِ بِشَهَادَتِهِ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ أَنْ يَحْكُمَ، وَالْحَاكِمُ بِحُكْمِهِ يُلْزِمُ الْخَصْمَ وَمَنْ صَلُحَ شَاهِدًا صَلُحَ قَاضِيًا فَكَانَا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ فَيُسْتَفَادُ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ قَالَ رحمه الله (وَالْفَاسِقُ أَهْلٌ لِلْقَضَاءِ كَمَا هُوَ أَهْلٌ لِلشَّهَادَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَلِّدَ، وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي عَدْلًا فَفَسَقَ بِأَخْذِ الرِّشْوَةِ، لَا يَنْعَزِلُ وَيَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ؛ وَإِذَا أَخَذَ الْقَضَاءَ بِالرِّشْوَةِ لَا يَصِيرُ قَاضِيًا) وَكَذَا لَوْ قَضَى بِالرِّشْوَةِ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ فِيمَا ارْتَشَى وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إذَا قُلِّدَ الْفَاسِقُ ابْتِدَاءً يَصِحُّ، وَلَوْ قُلِّدَ وَهُوَ عَدْلٌ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ؛ لِأَنَّ الْمُقَلِّدَ اعْتَمَدَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَكُرِهَ السَّفَاتِجُ) قَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى السَّفْتَجُ إنْ كَانَ مَشْرُوطًا فِي الْقَرْضِ فَهُوَ حَرَامٌ وَالْقَرْضُ بِهَذَا الشَّرْطِ فَاسِدٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا جَازَ وَقَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ رَجُلٌ أَقْرَضَ رَجُلًا مَالًا عَلَى أَنْ يَكْتُبَ لَهُ بِهَا إلَى بَلَدِ كَذَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ أَقْرَضَهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَكَتَبَ كَانَ هَذَا جَائِزًا، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ اُكْتُبْ لِي سَفْتَجَةً إلَى مَوْضِعِ كَذَا عَلَى أَنْ أُعْطِيَك هُنَا، فَلَا خَيْرَ فِيهِ وَقَالَ فِي كِفَايَةِ الْبَيْهَقِيّ وَسَفَاتِجُ التُّجَّارِ مَكْرُوهَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِإِسْقَاطِ خَطَرِ الطَّرِيقِ إلَّا أَنْ يُقْرِضَ مُطْلَقًا ثُمَّ يَكْتُبَ السَّفْتَجَةَ، فَلَا بَأْسَ. هَكَذَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ كُلِّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا» ولِأَنَّهُ تَمْلِيكُ دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ، فَإِذَا شَرَطَ فِي بَلَدٍ أَنْ يَدْفَعَ فِي بَلَدٍ آخَرَ صَارَ فِي حُكْمِ التَّأْجِيلِ وَالتَّأْجِيلُ فِي الْأَعْيَانِ لَا يَصِحُّ، وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الدَّفْعَ فِي بَلَدٍ آخَرَ إلَّا أَنَّهُمْ اسْتَحْسَنُوا فَقَالُوا لَا يُكْرَهُ كَذَا فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ، ثُمَّ قِيلَ إنَّمَا أَوْرَدَ الْقُدُورِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي هَذَا الْبَابِ لِأَنَّهَا مُعَامَلَةٌ فِي الدُّيُونِ كَالْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ وَنُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ نُورِ الدِّينِ الْكُرْدِيِّ أَنَّهُ قَالَ إنَّمَا أَوْرَدَهَا فِي الْحَوَالَةِ لِأَنَّهُ أَحَالَ الْخَطَرَ الْمُتَوَقَّعَ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ فِي مَعْنَى الْحَوَالَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ رحمه الله (قَوْلُهُ وَقِيلَ إذَا لَمْ تَكُنْ الْمَنْفَعَةُ مَشْرُوطَةً، فَلَا بَأْسَ بِهِ) قَالَ الْكَمَالُ، ثُمَّ قَالُوا إنَّمَا يَحِلُّ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ عُرْفٌ ظَاهِرٌ فَإِنْ كَانَ يُعْرَفُ أَنَّ ذَلِكَ يُفْعَلُ لِذَلِكَ، فَلَا وَاَلَّذِي يُحْكَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَمْ يَقْعُدْ فِي ظِلِّ جِدَارِ غَرِيمِهِ، فَلَا أَصْلَ لَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ انْتِفَاعًا بِمِلْكِهِ كَيْفَ وَلَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا وَلَا مُتَعَارَفًا، وَإِنَّمَا أَوْرَدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا لِأَنَّهَا مُعَامَلَةٌ فِي الدُّيُونِ كَالْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ مَا نَصُّهُ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَضَاهُ أَحْسَنَ مِمَّا عَلَيْهِ لَا يُكْرَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا اهـ كَمَالٌ.

[كِتَابُ الْقَضَاءِ]

(كِتَابُ الْقَضَاءِ)(قَوْلُهُ فِي الشِّعْرِ أَوْ صَنَعَ) امْرَأَةٌ صَنَاعُ الْيَدَيْنِ أَيْ حَاذِقَةٌ مَاهِرَةٌ بِعَمَلِ الْيَدَيْنِ وَامْرَأَتَانِ صَنَاعَانِ وَنِسْوَةٌ صُنُعٌ مِثْلُ قَذَالٍ وَقُذُلٍ وَرَجُلٌ صِنْعُ الْيَدَيْنِ وَصِنْعُ الْيَدَيْنِ أَيْضًا بِالْكَسْرِ أَيْ صَانِعٌ حَاذِقٌ، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ صَنَعٌ بِالتَّحْرِيكِ قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ

وَعَلَيْهِمَا مَسْرُودَتَانِ قَضَاهُمَا

دَاوُد أَوْ صَنَعُ السَّوَابِغِ تُبَّعُ هَذِهِ رِوَايَةُ الْأَصْمَعِيِّ وَيُرْوَى أَوْ صِنْعُ السَّوَابِغِ اهـ صِحَاحٌ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ أَهْلُهُ أَهْلُ الشَّهَادَةِ) قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَلَا تَصِحُّ وِلَايَةُ الْقَاضِي حَتَّى تَجْتَمِعَ فِي الْمَوْلَى شَرَائِطُ الشَّهَادَةِ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ، وَإِنَّمَا شَرَطَ شَرَائِطَ الشَّهَادَةِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ وَالْعَدَالَةِ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ وِلَايَةٌ كَالشَّهَادَةِ بَلْ الْقَضَاءُ وِلَايَةٌ عَامَّةٌ فَلَمَّا اشْتَرَطَ فِي الشَّهَادَةِ مِنْ الصِّفَاتِ كَانَ اشْتِرَاطُهَا فِي الْقَضَاءِ أَوْلَى اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالْفَاسِقُ أَهْلٌ لِلْقَضَاءِ كَمَا هُوَ أَهْلٌ لِلشَّهَادَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَلِّدَ) أَيْ كَمَا فِي حُكْمِ الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْبَلَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُ، وَلَوْ قَبِلَ جَازَتْ عِنْدَنَا اهـ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ قَضَى بِالرِّشْوَةِ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ فِيمَا ارْتَشَى) ذَكَرَ الْأُسْرُوشِنِيُّ إذَا ارْتَشَى الْقَاضِي وَحَكَمَ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ فِيمَا ارْتَشَى وَيَنْفُذُ فِيمَا لَمْ يَرْتَشِ وَذَكَرَ الْإِمَامُ الْبَزْدَوِيُّ أَنَّهُ يَنْفُذُ فِيمَا ارْتَشَى أَيْضًا وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَنَّ قَضَايَاهُ فِيمَا ارْتَشَى وَفِيمَا لَمْ يَرْتَشِ بَاطِلَةٌ وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَخَذَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخَصَّافِ وَإِنْ ارْتَشَى وَلَدُ الْقَاضِي أَوْ كَاتِبُهُ أَوْ بَعْضُ أَعْوَانِهِ فَإِنْ كَانَ بِأَمْرِهِ وَرِضَاهُ فَهُوَ وَمَا لَوْ ارْتَشَى الْقَاضِي سَوَاءٌ وَيَكُونُ قَضَاؤُهُ مَرْدُودًا وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عِلْمِ الْقَاضِي نَفَذَ وَإِنْ كَانَ الْمُرْتَشِي رَدَّ مَا قَبَضَ إلَى هُنَا لَفْظُ الْفُصُولِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إذَا قُلِّدَ الْفَاسِقُ ابْتِدَاءً يَصِحُّ) قَالَ فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي تَقْلِيدِ الْفَاسِقِ الْقَضَاءَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِحَّ التَّقْلِيدُ وَلَا يَنْعَزِلَ بِالْفِسْقِ، ثُمَّ قَالَ فِي الْمُحِيطِ يَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ إلَّا إذَا شُرِطَ فِي التَّقْلِيدِ أَنَّهُ مَتَى جَارَ يَنْعَزِلُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَنْعَزِلُ وَالْإِمَامُ يَصِيرُ إمَامًا مَعَ الْفِسْقِ وَلَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ بِلَا

ص: 175

عَدَالَتَهُ فَلَمْ يَكُنْ رَاضِيًا دُونَهَا كَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا أَبَقَ يَنْعَزِلُ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ وَهُوَ آبِقٌ جَازَ، وَعَنْ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ فِي النَّوَادِرِ أَنَّ الْفَاسِقَ لَا يَصْلُحُ قَاضِيًا وَالظَّاهِرُ هُوَ الْأَوَّلُ وَأَنَّ الْعَدَالَةَ شَرْطُ الْأَوْلَوِيَّةِ، وَكَذَا الِاجْتِهَادُ حَتَّى لَوْ وَلِيَ الْجَاهِلُ الْقَضَاءَ صَحَّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا عَدْلًا مَأْمُونًا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: قَاضِيَانِ فِي النَّارِ وَقَاضٍ فِي الْجَنَّةِ» الْحَدِيثَ فَفَسَّرَ الْقَاضِيَيْنِ أَحَدَهُمَا جَاهِلٌ يَحْكُمُ بِالْجَهْلِ وَالْآخَرُ عَالِمٌ يَحْكُمُ بِالْجَوْرِ وَالثَّالِثُ الْعَالِمُ الْعَادِلُ يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ وَلِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْقَضَاءِ بِالْحَقِّ وَالْجَاهِلُ عَاجِزٌ عَنْهُ، وَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا وَالْفَاسِقُ غَيْرُ مَأْمُونٍ، فَلَا يَجُوزُ.

وَلَنَا أَنَّ الْمَقْصُودَ إيصَالُ الْحَقِّ إلَى الْمُسْتَحِقِّ وَهُوَ يَحْصُلُ بِالْعَمَلِ بِفَتْوَى غَيْرِهِ، وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ عليه الصلاة والسلام سَمَّاهُ قَاضِيًا، وَلَوْلَا أَنَّ التَّوْلِيَةَ تَصِحُّ لَمَا سَمَّاهُ قَاضِيًا وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ أَجَازُوا حُكْمَ مَنْ تَغَلَّبَ مِنْ الْأُمَرَاءِ وَجَارَ وَتَقَلَّدُوا مِنْهُ الْأَعْمَالَ وَصَلَّوْا خَلْفَهُ، وَلَوْلَا أَنَّ تَوْلِيَتَهُ صَحِيحَةٌ لَمَا فَعَلُوا ذَلِكَ قَالَ رحمه الله (وَالْفَاسِقُ يَصْلُحُ مُفْتِيًا وَقِيلَ لَا) يَصْلُحُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَخَبَرُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي الدِّيَانَاتِ، وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَجْتَهِدُ حَذَارِ النِّسْبَةِ إلَى الْخَطَأِ قَالَ رحمه الله (وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَكُونَ فَظًّا غَلِيظًا جَبَّارًا عَنِيدًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْثُوقًا بِهِ فِي عَفَافِهِ وَعَقْلِهِ وَصَلَاحِهِ وَفَهْمِهِ وَعِلْمِهِ بِالسُّنَّةِ وَالْآثَارِ وَوُجُوهِ الْفِقْهِ) وَيَكُونُ شَدِيدًا مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ لَيِّنًا مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقَضَاءِ دَفْعُ الْفَسَادِ وَإِيصَالُ الْحُقُوقِ إلَى مُسْتَحِقِّيهَا وَإِقَامَةِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مِنْ أَهَمِّ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَأَقْوَى وَاجِبٍ عَلَيْهِمْ فَكُلُّ مَنْ كَانَ أَعْرَفَ وَأَقْدَرَ وَأَوْجَهَ وَأَهْيَبَ وَأَصْبَرَ عَلَى مَا أَصَابَهُ مِنْ النَّاسِ كَانَ أَوْلَى وَيَنْبَغِي لِلْمَوْلَى أَنْ يَتَفَحَّصَ فِي ذَلِكَ وَيُوَلِّي مَنْ هُوَ أَوْلَى لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ قَلَّدَ إنْسَانًا عَمَلًا وَفِي رَعِيَّتِهِ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَجَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ» .

قَالَ رحمه الله (وَالِاجْتِهَادُ شَرْطُ الْأَوْلَوِيَّةِ) لِأَنَّهُ أَقْدَرُ عَلَى الْحُكْمِ بِالْحَقِّ وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الِاجْتِهَادِ قِيلَ أَنْ يَعْلَمَ الْكِتَابَ بِمَعَانِيهِ وَالسُّنَّةَ بِطُرُقِهَا وَالْمُرَادُ بِعِلْمِهِمَا عِلْمُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَحْكَامُ مِنْهُمَا وَمَعْرِفَةُ الْإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسِ لِيُمْكِنَهُ اسْتِخْرَاجُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَاسْتِنْبَاطُهَا مِنْ أَدِلَّتِهَا بِطَرِيقِهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْفُرُوعِ الَّتِي اسْتَخْرَجَهَا الْمُجْتَهِدُونَ بِآرَائِهِمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُشْتَرَطُ مَعَ هَذَا أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِالْفُرُوعِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى اجْتِهَادِ السَّلَفِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَنْ حَفِظَ الْمَبْسُوطَ وَمَذْهَبَ الْمُتَقَدِّمِينَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَالْأَشْبَهُ أَنْ يُقَالَ أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ حَدِيثٍ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْفِقْهِ لِيَعْرِفَ مَعَانِيَ الْآثَارِ أَوْ صَاحِبَ فِقْهٍ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْحَدِيثِ كَيْ لَا يَشْتَغِلَ بِالْقِيَاسِ فِي الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَقِيلَ لَا بُدَّ مَعَ هَذَا مِنْ أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ قَرِيحَةٍ يَعْرِفُ بِهَا عَادَاتِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَحْكَامِ تُبْتَنَى عَلَيْهَا قَالَ رحمه الله (وَالْمُفْتِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَكَذَا) يَعْنِي فِي الْعِلْمِ وَالْأَمَانَةِ؛ لِأَنَّهُ أَقْدَرُ عَلَى الْمَقْصُودِ وَأَبْعَدُ مِنْ الْغَلَطِ وَأَكْثَرُ اهْتِمَامًا فِي دِينِهِ عِنْدَ تَجَدُّدِ الْحَوَادِثِ فَيَكُونُ كَلَامُهُ أَوْثَقَ فَيُعْتَمَدُ عَلَيْهِ قَالَ رحمه الله (وَكُرِهَ التَّقَلُّدُ لِمَنْ خَافَ الْحَيْفَ) أَيْ الظُّلْمَ كَيْ لَا يَكُونَ ذَرِيعَةً إلَى مُبَاشَرَةِ الظُّلْمِ قَالَ رحمه الله (وَإِنْ أَمِنَهُ لَا) أَيْ إنْ أَمِنَ الظُّلْمَ لَا يُكْرَهُ التَّقَلُّدُ لِأَنَّ كِبَارَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَعُلَمَاءَهُمْ تَقَلَّدُوهُ وَكَفَى بِهِمْ قُدْوَةً قَالَ رحمه الله (وَلَا يَسْأَلُ الْقَضَاءَ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ وُكِلَ إلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أُجْبِرَ عَلَيْهِ نَزَلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ مِنْ السَّمَاءِ يُسَدِّدُهُ ولِأَنَّ مَنْ طَلَبَهُ يَعْتَمِدُ عَلَى نَفْسِهِ فَيُحْرَمُ وَمَنْ أُجْبِرَ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ عَلَى رَبِّهِ فَيُلْهَمُ» وَكَرِهَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنْ يَدْخُلَ فِي الْقَضَاءِ مُخْتَارًا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ اُبْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ فَكَأَنَّمَا ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ» وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْحَقِّ لَا يُمْكِنُهُ إلَّا بِأَعْوَانٍ وَقَدْ لَا يُعِينُهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَكَانَ فِي بَنِي إسْرَائِيلَ مَنْ فَرَّغَ نَفْسَهُ لِلْعِبَادَةِ سِتِّينَ سَنَةً تُرْجَى لَهُ النُّبُوَّةُ فَإِذَا اشْتَغَلَ بِالْقَضَاءِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

خِلَافٍ إلَى هُنَا لَفْظُ الْخُلَاصَةِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالْفَاسِقُ يَصْلُحُ مُفْتِيًا) قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ النَّاطِفِيُّ فِي آخَرِ أَدَبِ الْقَاضِي مِنْ كِتَابِ الْأَجْنَاسِ الْفَقِيهُ إذَا كَانَ فَاسِقًا هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَفْتَى مِنْهُ فِيهِ كَلَامٌ بَيْنَ الْمَشَايِخِ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ فِي نَوَادِرِهِ سَمِعْت بِشْرَ بْنَ غَيَّاثٍ يَقُولُ أَرَى الْحَجْرَ عَلَى ثَلَاثَةٍ: فَقِيهٍ فَاسِقٍ وَطَبِيبٍ جَاهِلٍ وَمُكَارٍ مُفْلِسٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ فِي قَوْلِ نَفْسِهِ لَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَفْتِيَ مِنْ الْفَقِيهِ الْفَاسِقِ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُخَطِّئَهُ الْفُقَهَاءُ فَيُجِيبُ بِمَا هُوَ الصَّوَابُ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَكُونَ فَظًّا) أَيْ جَافِيًا. اهـ. (قَوْلُهُ غَلِيظًا) أَيْ شَدِيدًا فِي الْكَلَامِ مُتَفَاحِشًا. اهـ. (قَوْلُهُ جَبَّارًا) أَيْ مُتَكَبِّرًا مُقْبِلًا بِغَضَبٍ. اهـ. (قَوْلُهُ عَنِيدًا) أَيْ مُعَانِدًا عَنِيفًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقَضَاءِ دَفْعُ الْفَسَادِ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ بِعَيْنِهَا فَسَادٌ. اهـ. عَيْنِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِعِلْمِهِمَا عِلْمُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَحْكَامُ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِجَمِيعِ مَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ كَيْ لَا يَشْتَغِلَ بِالْقِيَاسِ فِي الْمَنْصُوصِ إلَخْ) وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ أَنَّ الْأَوَّلَ مُشْتَهِرٌ بِالْحَدِيثِ وَلَهُ فِقْهٌ أَيْضًا، وَالثَّانِي مُشْتَهِرٌ بِالْفِقْهِ وَلَهُ بَصَرٌ بِالْحَدِيثِ أَيْضًا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وُكِلَ إلَى نَفْسِهِ) عَلَى صِيغَةِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ بِتَخْفِيفِ الْكَافِ أَيْ فُوِّضَ أَمْرُهُ إلَيْهَا وَمَنْ فُوِّضَ أَمْرُهُ إلَى نَفْسِهِ كَانَ مَخْذُولًا غَيْرَ مُرْشَدٍ لِلصَّوَابِ لِكَوْنِ النَّفْسِ أَمَارَةً بِالسُّوءِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَقَدْ لَا يُعِينُهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الدُّخُولَ فِيهِ رُخْصَةٌ طَمَعًا فِي إقَامَةِ الْعَدْلِ وَالتَّرْكُ عَزِيمَةٌ فَلَعَلَّهُ يُخْطِئُ ظَنُّهُ، فَلَا يُوَفَّقُ لَهُ. اهـ. .

ص: 176