الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس: في صفة القرآن
[معنى القِران]
وهو أن يَقْرنَ العمرةَ بالحجِّ معًا في إِحرامٍ واحد ينويهما (1) جميعًا، ويكون عملُه لهما واحدًا، ويقدم العمرة في نيته قبل الحج، والنية تكفيه وإِن لم يسمهما، وإِن سمَّاهُمَا قدَّم العمرة في اللفظ وقال: لبيك اللهم بعمرةٍ وحجةٍ.
وعليه طوافٌ واحدٌ وسعيٌ واحد.
وإِن أصاب صيدًا أو فعل ما يلزمه به الفدية فجزاءٌ واحدٌ وفديةٌ واحدة (2):
وله صفةٌ أخرى تُسمى الإِردَافَ، وهو أن يُدْخِل الحج على العمرة قبل طوافها، فتندرج العمرة في الحج، ومعنى اندراجها أنه يَستغني بطوافِ الحج وسعيِه وحلاقِه عن الطواف للعمرة والسعي والحلاق.
(1) ص: ينوي بهما.
(2)
المعونة، للقاضي عبد الوهاب: 1/ 556.
فرع:
فإِن أردف الحج بعد أن طاف وقبل أن يركع ارتدف، على كراهية لذلك.
وقيل: يرتدف ولو ركع، وقيل: يرتدف ما لم يتم السعي، وعلى هذا القول فيبطل السعي ويقطعه.
وقال أشهب: إِذا شرع في الطواف وأكمل شوطًا لم يرتدف، ولا يكون قارنًا.
فرع مرتب:
وإِذا قلنا: يرتدف بعد الشروع في الطواف، فإِن كان قبل إِكمال الطواف لم يلزمْهُ إِتمامُه، وإِن كان بعده ركع؛ لأن الركوع من تمام الطواف، وإِن كان قد ركع لم يَسْع.
فرع:
قال ابن زرقون: ولا خلاف في إِباحةِ الإِفراد والتمتع والقِران، وإِنما اختلفوا في الأفضل من ذلك.
وفي التهذيب: الإِفراد أفضل (1).
(1) أصله في (المدونة: 2/ 120) وأورده ابن رشد في (البيان والتحصيل: 3/ 444، 17/ 327) ومشى عليه ابن أبي زيد في (الرسالة الفقهية: 181) وأكده بالنقل في (النوادر: 1/ 161 ب). وانظر (التهذيب: 1/ 500).
واختلف فيما بين التَّمتُّع والقِران (1) على أربعة أقوال:
أحدها: القِران أفضل، وهو لمالك في المجموعة، لشبهه بالإِفراد.
الثاني: التمتع أفضل: وهو من المعونة (2) والتلقين (3)، لاشتماله على العملين.
الثالث: أنه يختلف باختلاف الأحوال.
قال أشهب: القران أحب إِليّ، ومن قدم وبينه وبين الحج زمن طويل، يشق عليه فيه الإِحرام، ويخاف قلة الصبر، فالتمتع أحبّ إِلي.
الرابع: لا يجوز تفضيل بعضها على بعض؛ لأنه صلى الله عليه وسلم شرعها ولم يفضل بينها.
يريد: الإِفراد والقِرَان والتمتع.
فرع:
قال اللخمي: من أردف الحج من الحِلِّ طاف للقدوم إِذا دخل مكة، وإِن كان أردفه بعد أن دخل الحرم لم يطف، وأخَّر ذلك حتى يقدم من عرفة؛ لأنها
(1) عز ابن رشد (الحفيد) سبب الاختلاف في ذلك إِلى "اختلافهم فيما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان مفردًا، وروي أنه تمتع، وروي عنه أنه كان قارنًا، فاختار مالك الإِفراد"(بداية المجتهد: 1/ 266).
(2)
المعونة: 1/ 563.
(3)
انظر التلقين: 67.
حِلٌّ؛ وشبهه بالمكي الذي يحرم بالحج من مكة.
فرع:
ولا يرتدف حجٌّ على عمرة فاسدةٍ ولا يلزمه إِن فعل (1)، وقال عبد الملك: يرتدف الحجُّ على العمرة الفاسدة.
وسيأتي بيانُه في حكم الوطء.
فرع:
ومن المدونة قال مالك: وإِذا أحرم مكي بعمرة من مكة، ثم أضاف إِليها حجة؛ لزماهُ وصارَ قارنًا (2) ويخرج إِلى الحل فإِن الحرم ليس بميقات للعمرة، ولا دم عليه للقران، لأنه مكي.
وقال ابن الماجشون: عليه دم القران.
(1) النوادر: 1/ 162 أ.
(2)
المدونة: 2/ 131.
فصل
وشرط وجود دم القران (1): أن يحج من عامه؛ لأنه نقص طوافًا وسعيًا للعمرة، واندرجا له في الحج.
تنبيه:
هذا الشرط لا يحتاج إِليه إِذا تأملته، وقد نصَّ عليه المتأخرون، لأن مرادهم الاحترازُ عمَّن فاته الحجُّ، لأنه حينئذ يتحلَّل بعمرةٍ وبحج من العام الثاني، فيسقط عنه دمُ القران الذي لزمه في العام الأول، فإِن لم يتحلل فقد نقص طوافًا وسعيًا، كما ذكرناه، فيجبر بالدم، قاله ابن عبد السلام.
وله شرط ثان: وهو أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام ولا من ذي طوى، فإِن الحاضر لا دم عليه، كما تقدم على المشهور (2).
وقال عبد الملك: يلزمهم (3) الدم؛ لأن القِران أسقط عنهم أحد العملين.
وللحاضر أن يفعل في القران، في الاكتفاء بطواف واحد وسعي واحد، مَا يفعلُه غيرُ الحاضر.
(1) ص: هدي القران.
(2)
هذا ما مشى عليه ابن أبي زيد القيرواني، فقال:"وليس على أهل مكة هَدْي في تمتع ولا قران". (الرسالة الفقهية: 181).
(3)
أورد العدوي قول عبد الملك بن الماجشون الموجب للهديَ على القارن من أهل مكة قياسًا على التمتع، وقال: اختاره اللخمي. (العدوي على كفاية الطالب الرباني: 1/ 494).
فرع:
ولا يُشترط في وجوب دم القران الإِحرامُ به في أشهر الحج، كما يشترط في دم التمتع؛ بل لو أحرم به قبل أشهر الحج كان قارنًا؛ لأن موجبَ الدم إِسقاطُ أحدِ العملين، فمتى وُجدَ، وُجد الوجوب.
فرع:
لو أحرمَ بالحج، ثم أدخل العمرةَ عليه، لم ينعقد، وكان إِحرامه بها لغوًا؛ ولا يجب قضاؤها؛ لأن الأضعف لا يدخل على الأقوى، وكذلك لو أدخل حجًا على حج لم ينعقد الثاني؛ والله أعلم.