الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التشهد الأخير، والأحاديث الواردة في روايات الصلاة مشهورة، وقد تقدم ذكر طبقة منها (1) في السلام عليه صلى الله عليه وسلم.
تنبيهات: [تتعلق ببعض البدع]
الأول: قال في التحفة: وليس من السنة أن يمس جدار القبر بيده، ولا يقبله، ولا يقبل الصندوق، ويبعد عن ذلك كله، ويقف في موقف الزائر كما تقدم بيانه (2) وهذا يقتضي المنع جملة، وهو ظاهر كلام الجميع (3).
وعن نافع ان ابن عمر رضي الله عنهما كان يكره أنْ يكثر من مسِّ قبر النبي صلى الله عليه وسلم، رواه ابن عساكر بسنده.
وهذا تقييد لما تقدم، وهو عن ابن عمر رضي الله عنهما في القبر نفسه.
فالجدار الظاهر أخف إِذا لم يكثر مسه، وهذا يدل عن قرب موقف الزائر، ويفسر معنى الدنو الذي أمر به مالك - رحمه الله تعالى -.
الثاني: لا يدور بحجرة النبي صلى الله عليه وسلم (4).
وأطلق النووي على ذلك: أنه لا يجوز (5).
(1) تقدم في ص 757 وما بعدها.
(2)
تقدم في ص 752.
(3)
المغني: 3/ 559.
(4)
مناسك خليل: 61 أ
(5)
عبارته: "لا يجوز أن يطاف بقبر النبي صلى الله عليه وسلم"(الايضاح: 160). =
وفي التحفة: هو مكروه من فعل الجُهَّال.
الثالث: إِلصاقُ البطن أو الظهر بجدار القبر بدعةٌ (1).
الرابع: أن لا ينحني للقبر الشريف عند السلام، فإِنه بدعة يفعله من لا علم عنده، ويظن أنه من شعائر التعظيم.
الخامس (2): قال الشيخ أبو بكر الطرطوشي في كتاب البدع: ولا يمس المنبَر بيده (3).
= وقال مثل ذلك المحبُّ الطبري في (القِرى: 628).
وقد ذكر أبو عبد الله بن الحاج أن العالم ينبغي له أن يحذر غيره من البدع التي أحدثها الزائرون. ومنها طوافهم بالقبر الشريف كما يطاف بالكعبة الحرام، وتمسحهم به وتقبيله قصد التبرك. وقال:"إِن التبرك إِنما يكون بالاتباع له عليه الصلاة والسلام، وما كان سبب عبادة الجاهلية للأصنام إِلا من هذا الباب ولأجل ذلك كره علماؤنا رحمة الله عليهم التمسح بجدار الكعبة أو بجدران المسجد أو بالمصحف إِلى غير ذلك مما يتبرك به سدًّا لهذا الباب، ولمخالفة السنة". - (المدخل: 1/ 256 - 256).
(1)
قال النووي: "يكره إِلصاق البطن والظهر بجدار القبر
…
ويكره مسحه باليد وتقبيله، بل الأدب أن يبعد منه كما يبعد منه لو حضر في حياته صلى الله عليه وسلم، هذا هو الصواب، وهو الذي قاله العلماء وأطبقوا عليه" (الإِيضاح: 160 - 161) وانظر (نزهة الناظرين: 109).
(2)
الخامس: سقطت من (ر)، (ص).
(3)
الحوادث والبدع: 144.
تنبيه:
اعلم أن المنبر الذي صُنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبق له أثر بالكلية (1).
وفي الطراز لسند: أن منبر النبي صلى الله عليه وسلم جعل عليه منبر كالغلاف، وجعل في المنبر الأعلى طاق مما يلي الروضة يدخل الناس منها أيديَهم يمسون منبر النبي صلى الله عليه وسلم ويتبركون بذلك.
ثم إِن ذلك المنبر وما كان في باطنه احترق في جملة حريق المسجد الواقع في سنة أربع وخمسين وستمائة، ثم عمل منبر جديد وعمل فيه طاق مما يلي الروضة يحاكي تلك الطاق الأولى، وتشبيهًا لهذا المنبر بالمنبر الذي احترق.
وذكر جمال الدين المطري عن يعقوب بن أبي بكر المحترق في هذا الحريق *، وأن منبر النبي صلى الله عليه وسلم دثر وأخذ ما بقي من أعواده فعملت أمشاطًا للتبرك (2).
(1) انظر عن منبر المسجد النبوي (نظام الحكومة النبوية: 1/ 67 - 69) وفيه يذكر الكتاني أن للحافظ محمد بن ناصر الدين الدمشقي تأليفًا سماه: عرف العنبر في وصف المنبر.
وانظر (الدرة الثمنية 46 أ - السيرة الحلبية 2/ 138 - 143 وفاء الوفاء: 2/ 426 - 427 صبح الأعشى: 4/ 288).
(2)
تقدم تعليقنا على مسألة التبرك في ص 729.
ونقله عمن أدركه من أهل المدينة، والإِمام سند أثبت وأصحُّ في النقل.
ويؤيد ذلك ما نقله ابن عساكر في التحفة: وقد احترقت بقايا منبر النبي صلى الله عليه وسلم القديمة، وفات الزائر لمس رمانة المنبر التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يضع يده الكريمة عليها عند جلوسه عليه، ولمس موضع جلوسه وموضع قدميه الشريفتين بركة عامة ونفع عائد.
فثبت بهذا أن عمل الناس من قديم على التبرك بمس منبره صلى الله عليه وسلم (1) بخلاف المنبر الموجود الآن فليس له فضيلة منبر النبي صلى الله عليه وسلم، وإِن كان فضله عظيمًا بكونه في البقعة الشريفة نفع الله ببركتها، لكن ذكر ابن عساكر أنه يستحب أن يدعو عند المنبر لشرف محله.
السادس: كره مالك رحمه الله لأهل المدينة كلما دخل أحدهم وخرج - الوقوف عند القبر الشريف، وقال: إِنما ذلك للغرباء أو لمن سافر من أهل المدينة أو قدم من سفر، فذكر له ما يفعله بعض أهل المدينة من الوقوف على القبر الشريف في كل يوم مرة أو أكثر. وبعضهم في الجمعة مرة؟ فقال: لم يبلغني هذا عن أحد من أهل العلم ببلدنا، وتركه واسع، ولا يصلح آخر هذه الأمة إِلا ما أصلح أولها، ولم يبلغني عن صدر هذه الأمة أنهم كانوا يفعلون ذلك، ويكره (2) إِلا لمن أراد منهم سفرًا أو قدم من سفر (3).
(1) انظر (المغني: 3/ 559).
(2)
ر: وكره.
(3)
الشفا: 2/ 72 مجموع فتاوي ابن تيمية: 27/ 117 - 118، الايضاح: 162، =
السابع: ما يفعله جهلة العوام (1) من أكل التمر الصيحاني وغيره في المسجد (2) وقد كثر هذا وصاروا يمتهنون المسجد الشريف ويأكلون ما يأكلونه في الأسواق من الأطعمة والفواكه والبقْل وغير ذلك، وتكثر زبالة مآكلهم، وذلك بدعة شنيعة.
الثامن: اختلاط الرجال والنساء في الحجرة وهن حاسرات الوجوه والأذرعة، ويقع بينهم من الزحمة في الحجرة الشريفة ما ينتفي معه الأدب والخشوع، ويؤذن بالفساد، وكذلك في صحن المسجد الشريف يوقدون شمعًا لا يُحصَى كثرة ويجلس حوله الرجال والنساء ويأكلون أنواع المآكل والفواكه. والله تعالى يرحم الجميع ببركته صلى الله عليه وسلم.
التاسع: يجب على الحاج والزائر لقبره صلى الله عليه وسلم أن يحذر كل الحذر من التندم على سفره أو العزم على عدم عوده إِليه صلى الله عليه وسلم، بقوله أو فعل أو نية.
= المدخل 1/ 256، نزهة الناظرين: 111 - البيان والتحصيل: 18/ 444 - 445.
وقد استحسن العلامة ابن تيمية كلام الإِمام مالك وقال: "هذا مالك وهو أعلم أهل زمانه
…
يكره الوقوف للدعاء بعد السلام عليه، وبين أن المستحب هو الدعاء له ولصاحبيْه وهو المشروع من الصلاة والسلام، وأن ذلك أيضًا لا يستحب لأهل المدينة كل وقت بل عند القدوم من سفر أو إِرادته، لأن ذلك تحية له، والمحيا لا يقصد بيته كل وقت لتحيته بخلاف القادمين من السفر". (مجموع الفتاوي: 27/ 118) وانظر كلامه في كتابه (قاعدة جليلة: 72 - 73).
(1)
ب: جهال العوام.
(2)
الإِيضاح للنووي: 162.
ويحذر من توبيخ غيره على سفره للحج أو الزيارة أو المشهورة عليه، فإِن فاعل ذلك متعرض لعظيم المقت، جاهل بمقصود الحج لا يدري فيم ذهب ولا فيم رجع، وربما تعرض لإِحْباط عمله بذلك، والعياذ بالله تعالى.
العاشر: قال ابن حبيب: وأكثر من الصلاة في مسجده عليه الصلاة والسلام المكتوبة والنافلة، ما أقمت بها، وذكر بسنده حديث: * "صلاة في مسجدي كألف صلاة فيما سواه (1) وجمعة في مسجدي كألف جمعة فيما سواه (2)، ورمضان في مسجدي كألف رمضان فيما سواه"(3)، من (4) مختصر الواضحة.
(1) عن ابن الزبير قال: قال صلى الله عليه وسلم: "صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أفضَلُ مِنْ ألْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ المَسَاجِدِ إِلَّا المَسْجِدِ الحَرَامِ" أخرجه أحمد والبزار والطبراني. قال الهيثمي: رجال أحمد والبزار رجال الصحيح - (مجمع الزوائد: 4/ 4 - 5)
(2)
القِرى: 628 - وقال: أخرجه صاحب مثير الغرام.
(3)
أورده السيوطي في الجامع الصغير بلفظ: "صلاة في مسجدي هذا كألف صلاة فيما سواه إِلا المسجد الحرام، وصيام شهر رمضان بالمدينة كصيام ألف شهر فيما سواه، وصلاة الجمعة بالمدينة كألف جمعة فيما سواها". وقال: أخرجه البيهقي في شعب الإِيمان.
قال الغزالي: وكذا كل عمل بالمدينة بمائة ألف.
ولاحظ المناوي أن مخرجه عقبَهُ بالقدح في سنده فقال: هذا إِسناد ضعيف (فيض القدير: 4/ 227 - 228، الحديث رقم 4108).
وعدد المرتضى الزبيدي طرق رواية هذا الحديث في (إِتحاف السادة المتقين: 4/ 284).
(4)
ب: وفي
وقال غيره من الشافعية: ينبغي الإِكثارُ من التنفل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم (1)، ولا يقطع صلاة الفرض في مسجده صلى الله عليه وسلم مدة إِقامته بالمدينة، لما جاء في فضل ذلك.
وينبغي أن يختم في المسجد ختمةً، لحديثٍ ورد في ذلك (2).
وتقدم ذكر الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في مسجده وحضرته (3).
الحادي عشر: ينبغي لمن أراد الخروج من المدينة الشريفة من أهلها ومن الحاج (4) والزوار أن يقصدوا المسجد الشريف عند آخر عهدهم بالمدينة، ويفعلوا من الصلاة والزيارة والدعاء والصلاة بعد الزيارة كما تقدم بيانه، وقد حرض على ذلك أصحابنا وغيرهم من الشافعية (5) فلا يتساهل في ذلك إِلا محروم.
(1) ابن حجر الهيثمي على شرح الإِيضاح: 502.
(2)
عن أبي مجلز قال: كانوا يحبون لمن أتى المساجد الثلاثة أن يختم فيها القرآن قبل أن يخرج: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد بيت المقدس. (القرى: 507)
قال المحب الطبري: أخرجه سعيد بن منصور.
(3)
تقدم في ص. 746 وما بعدها.
(4)
ص، ب: أو من الحجاج.
(5)
انظر: (الإِيضاح: 164).