الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث عشر: فيما يكره للمحرم فعله، فإن فعله فلا شيء عليه
[الأمور التي يكره للمحرم فعلها]
.
يكره للمحرم شم الطيب، فإِن شمه فلا شيء عليه.
ويكره التمادي في المكث بمكان (1) يعبق فيه ريح الطيب.
ويكره شم الريحان والورد والياسمين وشبهه من غير المؤنث، ولا حدّ فيه، ولا فدية في حمل قارورة مسك مصمتة (2) الرأس ونحوها، ويستحب له أن يضع يده على أنفه إِذا مرَّ بطيب (3)، ويكره له التجربة ومباشرة رائحته، فإِن فعل ذلك ولم يمسه فلا شيء عليه، ولا يستديم شم الطيب بين الصفا والمروة.
ورأى مالك أن يُقامَ العطارون من المسعَى في أيام الحج.
ويكره له أن يمر في مواضع العطارين، فإِن فعل فلا شيء عليه.
(1) ص: ويكره المكث والتمادي بمكان.
(2)
المصمت: الذي لا جوف له، باب مصمت وقفل مصمت: مبهم، قد أبهم إِغلاقه. (اللسان: صمت).
(3)
كذا في النوادر: 1/ 159 أ - مواهب الجليل: 3/ 143 معزوًا لابن القاسم.
وقال مالك في الذين يصيبهم خَلوق (1) الكعبة: أرجو أن يكون خفيفًا (2).
وقال ابن القاسم: وأرى أن لا تُخلق الكعبة أيام الحج (3).
ويكره للمحرم أن يغسل يديه بالريحان، ولا يحرم في ثوب فيه مسك أو طيب، فإِن فعل فلا شيء عليه.
قال أشهب: إِلا أن يكون كثيرًا، ويكون كالتطيب فيفتدي.
ويكره له أن ينظر في المرآة لغير شكوى ولا ضرورة، لأن ذلك يؤدي إِلى أن يزيل الشعث، فإِن نظر فيها فلا شيء عليه، وليستغفر الله تعالى (4)، وكذلك المرأة.
ويكره غسل يديه بالأُشنان (5) عند وضوئه (6) من الطعام. كان في
(1) الخَلُوق: ما يتخلف به من الطيب. قال بعض الفقهاء: الخلوق مائع فيه صفرة. (المصباح): خلق).
(2)
الخرشي على مختصر خليل: 2/ 352 - 353.
(3)
مشى على ذلك ابن الحاجب، فقال:"ولا تخلق الكعبة أيام الحج"(المختصر: 206). انظر (المدونة: 2/ 217).
(4)
التاج والإكليل: 3/ 155 - التوضيح لخليل: 1/ 239 أ - النوادر: 1/ 159 ب.
(5)
الأشنان (بضم الهمزة، وكسرها لغة) وهي عبارة معربة على تقدير فُعلان - وهو ما يسمى بالعربية الحرض - يقال: تأشن: إِذا غسل يديه بالأشنان. (المصباح: أشن).
(6)
الوضوء هنا: بمعناه اللغوي. قال ابن الأثير: قد يراد به غَسل بعض الأعضاء (اللسان: وضأ).
الأشنان طيب أو لم يكن، لأنه ينقي البشرة.
وكان ابن شهاب - رحمه الله تعالى - يدس أصابعه في التراب إِذا توضأ فيذهب ريح الدسم بذلك.
وكان مالك يرخص للمحرم أن يغسل يديه بالدقيق والأشنان غير المطيب.
قال ابن حبيب: وقول ابن شهاب أحوط.
وكذلك لا فدية في غسل اليدين بالأشنان المطيب بالريحان وشبهه من مذكر الطيب بخلاف مؤنث الطيب كالزعفران والورس.
وقد تقدم كراهة الحجامة لغير ضرورة (1).
ويكره له صب الماء على رأسه من حر يجده (2).
ويكره له أن يجفف رأسه بثوب إِذا اغتسل ولكن يحكه بيده حكًّا رفيقًا.
وكره للمحرمة أن تطوف منتقبة أو المحرم مغطى الفم، لأن (الطواف بالبيت صلاة)(3) وذلك يكره في الصلاة، فإِن فعلا فلا شيء عليهما.
(1) تقدم في ص 561.
(2)
نقل الحطاب هذا الحكم عن ابن فرحون، وأورد قولًا آخر بالجواز نقلا عن ابن يونس وصاحب الطراز. (مواهب الجليل: 3/ 155) وانظر (التمهيد: 4/ 268).
(3)
جزء من حديث رواه طاوس عن رجل أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرجه النسائي في كتاب المناسك، إِباحة الكلام في الطواف - والطواف كالصلاة في كثير من الأحكام أو مثلها في الثواب. (السنن بشرح السيوطي وحاشية سندي 4/ 222).
ويكره للمحرم أن يدل على الصيد حلالًا أو محرمًا، فإِن قتله المدلول فلا شيء عليه، أعني على الدال، رواه ابن القاسم عن مالك، وهو آثم وليستغفر الله تعالى (1).
وقال أشهب: إِن كان المدلول محرمًا فعلى كل واحد منهما الجزاء وإِن كان * حلالًا فليستغفر الله تعالى ولا شيء عليه، وكذلك إِن ناوله السوط.
ويكره للمحرم أن يقلّب الجارية ليشتريها لنفسه أو لبعض ولده.
قال مالك: لا أحب للمحرم أن يقلب جارية للابتياع.
قال ابن الحاج: وهذا يدل على أن له أن ينظر إِلى معصمها وساقها وصدرها، وهو دليل قوله في كتاب بيع الخيار من المدونة لأن الرقيق قد يجرد للشراء (2).
فكره له أن يقلبها خيفة أن تعجبه ليتلذذ بذلك، فربما آل به ذلك إِلى أن ينقص من أجره أو يفسد حجه أو يوجب عليه الهدي.
وقال في جامع البيوع مع العتبية: إِنه لا ينظر عند التقليب إِلا إِلى وجهها وكفيها أو يخبر عنها كما يخبر عن المرأة التي يتزوجها (3).
فهذا القدر مما لا يتعلق به كراهة في حال الإِحرام.
(1) المدونة: 2/ 193.
(2)
المدونة: 10/ 12.
(3)
البيان والتحصيل: 7/ 296.
قال ابن الحاج: ولا بأس أن يأخذ السواك من المحرم.
ويكره أن يحتش في الحرم حلال أو حرام، لقوله صلى الله عليه وسلم "ولا يُخْتَلَى خَلَاهَا"(1).
والخلا: الحشيش الأخضر، فإِذا يبس فهو حشيش.
وإِنما كره ذلك خيفة قتل الدواب فإِن فعل ذلك أحد وسلم فلا شيء عليه، وليستغفر الله تعالى، وأما رعيه فإِنه جائز غير مكروه (2).
(1) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِن الله حرم مكة ولم تحل لأحد قبلي ولا لأحد بعدي وإِنما حلت لي ساعة لا يُختلى خلاها ولا يعضد شجرها
…
الحديث". أخرجه البخاري (الصحيح: 3/ 13 كتاب البيوع باب ما قيل في الصوّاغ).
(2)
المدونة: 2/ 311 - 312.