الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرابع: استحقاق الدين
، قال في الجواهر: ولمستحق الدين منع المحرم الموسر من الخروج، وليس له * أن يحلله ولا أن يتحلل هو، بل يؤدي، فإِن كان معسرًا فليس لغريمه أن يمنعه من الخروج للحج ولا لغيره (1).
ومن عليه ديْنٌ مؤجل (2) يَحلُّ في غيبته يعطي حميلًا (3)، يقضيه عنه عند دخول حلوله، وإِن كان رجوعه قبل أن يحل فليس له منعه ولا أخذه بحمِيلٍ، وإِن اتهمه بِعدمِ الرجوع حلفه القاضي على الرجوع عند الأجل.
الخامس: الإِحصار بالعدو
، وقال ابن الحاج: يقال حصره العدو فهو محصَر وأحصره المرض فهو محصر، وقيل: هما واحد، وهو الحبس.
والإِحصار يبيح التحلل، وله خَمسُ حالات يصح الإِحلال في ثلاث ويمنع في وجه، ويصح في وجه بشرط.
فأمَّا الثلاث: فأن يكون العدوُّ طارئًا بعد الإِحرام، أو وجوده متقدمًا على الإِحرام، ولكن المحرم لم يعلم به، أو علم به وظن أنه لا يضره.
(1) الجواهر: 1/ 447.
(2)
الدين الذي يمنع من الحج هو في الأصل الدين الذي حل أجله؛ قال القرافي: يمنع الدين الحال الخروج إِلى الحج، لأنه فوري، ولا يمنع الدين المؤجل.
(الفروق: 2/ 204 - الفرق التاسع والمائة بين قاعدة الواجبات والحقوق التي تقدم على الحج وبين قاعدة ما لا يقدم عليه).
(3)
الحميل: الكفيل - وفي الحديث: الحميل غارم، أي الكفيل ضامن (القاموس الفقهي: حمل: 103).
والحالة الرابعة: أن يعلم به ويعلم أنه يضره (1).
قال الباجي: قال مالك: هذا (2) ليس له حكم المحصر، يعني أنه لا يحل (3).
قال ابن بشير: وظاهر المذهب أن له أن يتحلل.
وقال ابن هارون: ما علمت خلافًا لما قاله الباجي عن مالك.
وقال اللخمي مثل قول الباجي.
الحالة الخامسة: أن يشك في منعهم له، فهذا إِن منعوه لم يحل إِلا أن يشترط الإِحلال إِذا منعوه، قاله اللخمي.
فرع:
والحصر يكون من المشركين والعياذ بالله تعالى، ومن الفتن التي تجري بين المسلمين.
فإِذا مُنع الحاج أو المعتمر من الوصول إِلى البيت حلَّ من إِحْرامه حيث كان، سواء وصل إِلى الحرم أو لا، فينحر ما معه من هدي ويحلق ويرجع إِلى
(1) ب: أنه يصده.
(2)
هذا: سقطت من ر، ص.
(3)
هذا ما رواه ابن المواز عن مالك، ووجَّه الباجي هذا الحكم بأن من علم بالحصر قبل الإِحرام وأحرم "فقد ألزمه نفسه فلم يكن له التحلل لذلك" (المنتقى: 2/ 272).
بلده، فإِن أخر حلاقه إِلى بلده حلق ولا دم عليه (1)، وإِنما يلزم الدم بتأخير الحلاق (2) في الحج؛ لأن له وقتًا محدودًا، إِلا أن يرجو زوال الحصر والفتنة فلا يحل من إِحرامه إِذا بقي من الزمن ما يدرك فيه الحج.
فرع:
وفي ما (3) يُكتَفَى به في جواز الإِقدام على التحلل ثلاثة أقوال:
قيل: يكتفي بالظن؛ لأن الأحكام في الغالب منوطة بالظن.
وقيل: إِنما يكتفي بالعلم لأنه لا يجوز له الخُروجُ مِمَّا دخل فيه إِلا بيقين. مثل أن يتيقن دوام ذلك، حتى يفوته الحج.
وقيل: يكتفي بالشك، قاله ابن الحاجب (4).
تنبيه:
قال ابن هارون: ما علمت من قال: إِنه يباح له التحلل بالشك، غير ابن الحاجب.
وقال ابن بشير: إِنه لا يتحلل بالشك بلا خوف.
(1) انظر (الكافي: 1/ 400).
(2)
ب: حلاقه.
(3)
ص: ومما.
(4)
انظر (جامع الأمهات: 210).
وتعقبه ابن راشد أيضًا، ثم قال: ويحتمل أن يريد بقوله: وفيما يكتفي به - أي فيما يكتفي به في (1) رجاء زوال العذر وإِدراك الحج. ولا شك أنه إِذا حصل الرجاء بالعمل أو بالظن أو بالشك، فإِنه لا يتحلل، وعلى هذا المحمل يصح نقله.
وقول ابن الحاج بعد ذلك: "وروي ينتظر حتى لو خلي لم يدرك الحج"(2) يقوي هذا الاحتمال، وإِن كلامه في التوقف عن الإِحلال، لا في مبيحات الإِقدام على الإِحلال.
فرع:
قال اللخمي: لا يخلو المحصَر من أن يكون بعيدًا من مكة أو قريبًا منها أو فيها، أو بعد أن خرج منها * للوقوف، ولم يقف، أو بعد وقوفه بعرفة، فإِن كان على بُعْدٍ من مكة (3) حلَّ مكانه، وكذلك (4) إِن كان قريبًا وصُدَّ عن البيت.
فإِنّ صُدَّ عن عرفةَ دخل مكة وحل بعمرة.
(1) في: سقطت من (ر).
(2)
هذا نص ابن الحاجب كما ورد في (جامع الأمهات: 210). وفي النسخ تصحيف أصلحناه اعتمادًا على الأصل.
(3)
من مكة: سقطت من ر، ص.
(4)
ب: كذا.
فإِن صد عن الوقوف وعن مكة حل مكانه.
وإِن وقف بعرفة ثم صد عن مكة وكانت حجةً معينةً حَلَّ ولا قضاء عليه؛ وإِن كانت مضمونة أو كانت حجة الإِسلام فقيل: يحل ثم يأتي بعمرة بعد ذلك، وقيل: يكون بالخيار بين أن يحل ويأتي بعد ذلك بالحج أو يتكلف المقام على إِحرامه حتى يطوف، ويجزئه؛ ولا يستأنف الحج بعد ذلك.
فرع:
ولا يجوز قتال الحاصر مسلمًا كان (1) أو كافرًا، يريد: إِن كان بمكة أو في الحرم لقوله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: "ألا وإِنها لم تحل لأحد قبلي، وإِنما (2) أحلت لي ساعة من نهار، ألا وإِنها بعد ساعتي هذه حرام"(3).
(1) كان: سقطت من ر، ص.
(2)
ر: حلت.
(3)
من خطبة الفتح عن أبي شريح العدوي أنه صلى الله عليه وسلم قال: إِن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا ولا يعضد بها شجرة فإِن أحد ترخص لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا له: إِن الله أذن لرسوله صلى الله عليه وسلم ولم يأذن لكم، وإِنما أذن لي ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس
…
" (صحيح البخاري: 3/ 17 - 18 - كتاب الحج، باب لا يعضد شجر الحرم). وانظر (خطبة الفتح الأعظم: 20).
تنبيه:
وفي أحكام القرآن لعبد المنعم بن الفرس (1) في سورة الحجرات: واختلف أهل العلم في أهل مكة إِذا بغوا على أهل العدل، فذهب بعض الفقهاء إِلى تحريم قتالهم مع بغيهم وأنه يضيق عليهم، حتى يرجعوا عن البغي، واستثنوا أهل مكة من عموم قوله تعالى:{فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبغِي} (2).
قال: والذي عليه أكثر الفقهاء أنهم يقاتلون على بغيهم إِذا لم يمكن ردهم إِلا بالقتال، لأن قِتال البُغاة حق الله، فحفظ حقه في حرمه أولى من أن يكون مضاعًا فيه (3).
فرع:
ولا يجوز إِعطاء مال للكافر (4) ليخلي بينه وبين الحج لما فيه من الذل
(1) عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم بن الفرس، أبو محمد فقيه أصولي محدث مفسر. مع تفنن في كثير من العلوم. سمع أباه وجده وابن هذيل وغيرهم، وتخرج عليه ابنه عبد الرحمن والتجيبي، تولى القضاء، وصنف أحكام القرآن. ولد سنة 525 ت 599 (بغية الوعاة: 2/ 116 - الديباج: 2/ 133 - الشجرة 510 رقم 452 - المرقبة العليا: 110).
(2)
(3)
أحكام القرآن: 13. وقد صاغ ابن فرحون لغزًا في المعنى (درة الغواص: 172 لغز 234) وانظر تفصيلا في ذلك، لابن عبد البر (الكافي: 1/ 40).
(4)
ر: ماله لكافر.
والوهن على المسلمين، وإِن كان الصاد مسلمًا وطلب شيئًا من المال فقد مال جماعة إِلى جواز ذلك في غير مكة (1) فينبغي أن يكون في تحصيل الحج آكَد.
فرع:
والحصر عن العمرة كالحج.
وقال ابن القاسم: وليس للعمرة حد بل يتحلَّلُ، وإِن لم يخش الفوات.
وقال عبد الملك: يقيم مَا رَجَا إِدراكَها ما لم يضره ذلك.
فرع:
وإن قدر المحصر على إِرسال الهدي فعل، وإِن تعذر نحره في الحل (2).
فرع:
ولا قضاء على المتطوع عند مالك. والنذر المعين كالتطوع والمضمون كفرض الإِسلام.
(1) ذكر ابن العربي أن مالِكًا وغيره قالوا: إِن طلب المعتدِي مالًا يسيرًا يناوله إِياه ويكفي به نفسه ما وراء ذلك من ضرر. (عارضة الأحوذي: 6/ 191).
(2)
المُحْصَر بالعدو يذبح هديه حيث كان. وأما المحصر بالمرض فإِنه يحبس هديه معه لاحتمال أن يصح فيذهب به، إِلا أن يخاف عليه لطول مرض أو غير ذلك فإِنه يبعثه إِذ لا مانع للهدي (التوضيح لخليل: 1/ 247 ب).