الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني عشر: فيما يُكره للمحرم فعله فإن فعله أطعم شيئًا من طعام
وقد تقدم منها جملة مثل: نتف شعره أو شعرات، ولم يمط عنه بذلك أذًى، ناسيًا كان أو جاهلًا، وتقدم تقليم ظفر واحد، وأن لا يغمس رأسه في الماء (1).
وروى ابن القاسم وأشهب عن مالك: أنه كره ذلك له.
وقال ابن القاسم: إِن فعل أطعم شيئًا من طعام.
وقال أشهب: لا أكره له غمس رأسه في الماء.
وما يخاف منه بالغمس ينبغي أن يخاف في مثله بصب الماء على الرأس أنه يكره له غسل رأسه بالماء وحده لغير جنابة.
ومن ذلك أن يطأ برجليه (2) على ذباب أو نمل أو ذَرّ (3) فيقتلهن، فيتصدق بشيء من طعام - ليلًا كان أو نهارًا (4) - وكذلك إِن كان يقول
(1) التاج والإِكليل: 3/ 155 - مواهب الجليل: 3/ 155.
(2)
ص: براجلته.
(3)
الذر: صغار النمل. (شرح غريب ألفاظ المدونة: 43).
(4)
قال الونشريسي في فروقه: "إِنما أوجبوا الفدية على المحرم إِذا انقلب في نومه على =
بعيره أو هو راكبه أو يسوقه فوطئ البعير على شيء من ذلك فقتله (1)، وقد تقدم طرحه القراد عن البعير (2) ومثله الحَلَمة (3) والحَلَمتان، ولم يأخذ مالك في ذلك بفعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في نزع القراد عن بعيره، من أجل أن القراد من دواب الإِبل كالقمل التي هي من دواب بني آدم.
وكان ابن عباس رضي الله عنهما لا يرى بتقريد المحرم بعيره بأسًا.
وروي عن ابن عمر أنه كان يكره ذلك، وبه أخذ مالك وأصحابه.
ولا يقتل المحرم الوزغ وإِن كان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتله (4)، فحمل مالك ذلك
= جراد أو ذباب أو غيره، ولم يوجبوا عليه فيما جره في نومه على وجهه من لحاف أو غيره ثم انتبه فنزعه شيئًا؛ لأن المحرم إِذا قتل جرادًا أو ذبابًا في نومه كان ذلك إِتلافًا للنفس، وإِتلاف النفس يستوي عمده وخطؤه لقوله تعالى:{فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] وقوله: {وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا} . خرج مخرج الغالب، فلا مفهوم له، قاله أبو عمران". (عدة البروق: 134 - الفرق 217).
(1)
المدونة 2/ 207 - مختصر ابن عرفة 1/ 158 أ.
(2)
تقدم في ص 565.
(3)
الحَلَمَة: الصغيرة من القردان أو الضحمة. جمعها حلَم كلام. يقال: حَلَّم البعيرَ وحِلَّامًا: نزع عنه الحلَم. (معجم متن اللغة: حلم).
(4)
عن سعيد بن المسيب أن أم شريك أخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بقتل الأوزاغ - البخاري في (الصحيح: 4/ 98. كتاب بدء الخلق، باب خير مال المسلم غنم يتبع بها شعَف الجبال).
على الحلال كان في الحل أو الحرم، وإن قتلها المحرم فقال مالك: يتصدق بشيء، وهو مثل شحمة الأرض.
قال ابن عبد السلام: وقد خالف بعض شيوخ المذهب مالكًا رحمه الله في منع قتل الوزغ للمحرم.
ولا يقتل المحرم الزنبور ولا البق ولا الذباب ولا البعوض ولا البرغوث، فإِن فعل ذلك أطعم ما تيسر من الطعام (1).
وسئل مالك رحمه الله عن المحرم يجد عليه البقة وما أشبهها فيأخذها فتموت؟ فقال: لا أرى عليه شيئًا في هذا.
ومن قتل نحلة أو نملة لدغته فليُطعم.
وقال الشيخ أبو إِسحاق بن شعبان في كتابه الزاهي: ولو قتل بعوضة أو برغوثًا أو نملة أو ذرةً أو خنفساء أو زنبورًا أو ذبابًا وما أشبه ذلك كان مخيرًا: إِن شاء حكم عليه الحكمان أن يطعم شيئًا من طعام وإِن شاء صام مكانها بحكمهما يومًا.
ولم يحد مالك فيما دون إِماطة الأذى أكثر من حفنة.
وقال مالك - رحمه الله تعالى -: الحفنة كف واحد، وهي القبضة.
وقال بعضهم: القبضة (2) أقل من الكف.
(1) ما تيسر من الطعام: ساقط من (ب).
(2)
القبضة: سقطت من (ر).
ولا يقتل المحرم الجراد، فإِن قتل جرادة فقد تقدم أنه يطعم حفنة من طعام، وفي الكثير قيمتها من الطعام، يكون ذلك بحكم ذوي عدل في الواحدة والكثير.
فإِن أخرجه بغير حكومة فعليه أن يعيد ذلك ثانية بعد حكومة ولا تجزئه الأولى.
وإِذا عم الجراد المسالك ولم * يستطيعوا التحفظ منه فليس عليهم في ذلك شيء، إِذا لم يتعمدوا قَتلهَا. قال مالك: ولو أطعم مساكين لم أر بذلك بأسًا، بخلاف ما لو تقلب على جراد أو ذباب ونحوهما وهو نائم، فإِنه يلزمه الجزاء إِذا كان كثيرًا (1).
(1) المدونة: 2/ 224.