الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: في فضل المدينة وفضل أهلها وذكر شيء من المواضع المقصودة للزيارة والتبرك بها
(*)
[فضائل المدينة وأهلها]:
وفضائل المدينة أكثر من أن تُحصى، وأشهر من أن تُذكَر، وأقول ما قاله أبو محمد البسكري (1) رحمه الله: * وكفى بها شرفًا حلول المصطفى صلى الله عليه وسلم بفنائها.
وقد جاء في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: "اللَّهُمَّ إِنَّكَ أخْرجْتَني مِنّ أحَبِّ البِلَادِ إِلَيَّ فَأسْكِنِّي أحَبَّ (2) البِلَادِ إِلَيْكَ"، فأسكنه الله تعالى المدينة (3).
(*) سبق التعليق على التبرك في ص 729.
(1)
أبو محمد عبد الله بن عمران البسكري صاحب أبي عبد الله محمد بن رشيد الذي يحليه بـ (الفقيه) الفاضل الصوفي الأديب المتخلق
…
، وقد ساق في رحلته بعض أشعاره.
انظر (ملء العيبة: 267).
(2)
(ر): في أحب.
(3)
أخرجه الحاكم في (المستدرك: 3/ 3 كتاب الهجرة) عن سعيد بن سعيد المقبري عن أخيه عن أبي هريرة. وقال: رواته مدنيون من بيت أبي سعيد المقبري.
قال الذهبي: "لكنه موضوع فقد ثبت أن أحب البلاد إِلى الله مكة، وسعد ليس =
والإِجماع على أن ما ضمَّ أعضاءه الشريفة صلى الله عليه وسلم أفضَلُ بقاعِ الأرضِ (1)، ولهذا كان ما جاورَ تلك البقعة روضة من رياض الجنة.
وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا، وباركْ لَنا في
= بثقة". (التلخيص: 3/ 3).
ونقل السخاوي عن ابن عبد البر قوله: لا يختلف أهل العلم في نكارته وضعفه، وعن ابن حزم قوله: هو حديث لا يسند، وإِنما هو مرسل من جهة محمد بن الحسن بن زبالة، وهو هالك. (المقاصد الحسنة: 89 رقم 170).
(1)
مدعي هذا الاجماع هو القاضي عياض، فقد قال:"لا خلاف أن موضع قبره أفضل بقاع الأرض"(الشفا: 2/ 75).
وعارضه في دعوى الإِجماع الإِمام أحمد تقي الدين بن تيمية، وقال: "أما التربة التي دفن فيها النبي صلى الله عليه وسلم فلا أعلم أحدًا من الناس قال إِنها أفضل من المسجد الحرام أو المسجد النبوي أو المسجد الأقصى
…
والنصوص الدالة على تفضيل المساجد مطلقة لم يستثن منها قبور الأنبياء ولا قبور الصالحين، ولو كان ما ذكره (عياض) حقًّا لكان مدفن كل نبي وكل صالح أفضل من المساجد التي هي بيوت الله".
(مجموع الفتاوي: 27/ 37 - 38).
وانظر: (مقدمة ابن خلدون: 255، إِتحاف السادة المتقين: 4/ 286، التمهيد: 6/ 18، المحلى: 7/ 441 وما بعدها، قواعد الأحكام لابن عبد السلام: 1/ 39 وما بعدها، إِكمال إِكمال المعلم: 3/ 478، الجامع من المقدمات، لابن رشد: 327 وما بعدها - القرى: 626 - 627).
مَدِينَتِنَا، وبارك لنا في صَاعِنَا ومُدّنا (1)، اللهمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ خليلُك وعبدك ونبيُّك، وأنا عبدُك ونبيُّك، وإِنه دعاك لمكة، وأنا أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك به لمكة ومثله معه" (2).
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لعبد الله بن عباس: "أنت القائل: مكة خير من المدينة؟ قال عبد الله: قلتُ: حرم الله وأمنه وفيها بيته، فقال عمر: لا أقول في حرم الله ولا في بيته وأمنه شيئًا، ثم قال رضي الله عنه كما قال له أولًا، فأجابه عبد الله بجوابه الأول وأجابه عمر بمثل الأول ثلاث
(1) الدعاء بالبركة في المدّ والصاع، طرف مما روته عائشة وأخرجه البخاري كتاب فضائل المدينة (الفتح: 4/ 99) وكتاب المرضى، باب عيادة النساء الرجال (الفتح: 10/ 117) وكتاب الدعوات، باب الدعاء برفع الوباء والوجع (الفتح: 11/ 179) ومالك في الموطإِ ما جاء في فضل المدينة).
(2)
جاء في حديث أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم إِن إِبراهيم خليلك وعبدك، دعاك لأهل مكة وأنا محمد عبدك ورسولك أدعوك لأهل المدينة مثل ما دعاك به إِبراهيم لمكة ندعوك أن تبارك في صاعهم ومدّهم وثمارهم
…
" أخرجه الإِمام أحمد ورجاله رجال الصحيح، كما قال الهيثمي في (مجمع الزوائد: 3/ 304).
ومن حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم بارك لنا في ثمارنا وبارك في مدينتنا وبارك لنا في صاعنا وبارك لنا في مدّنا، اللهم إِن إِبراهيم عبدك وخليلك ونبيك، وإِني عبدك ونبيك وإِنه دعاك لمكة، وإِني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك به لمكة ومثله معه". (أخرجه مالك في الموطإِ: كتاب الجامع، الدعاء للمدينة وأهلها).
ودعاء إِبراهيم هو قوله: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} . (الزرقاني على الموطإِ: 4/ 218 - 219).
مرات، ثم انصرف (1).
وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يصبر أحد على لأواء المدينة (2) وشدتها إِلا كنتُ له شهيدًا أو شفيعًا يوم القيامة (3) وفي رواية: وشفيعًا، ذكره القاضي عياض في المدارك (4).
وقال صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد (5): "إِنهَا طَيّبَةٌ تَنْفِي الذُّنُوبَ كَمَا تنفِي النَّارُ حَبَثَ الفِضَّةِ"(6).
(1) كما قال له أولًا
…
ثم انصرف: ساقط من (ر).
وهذا الأثر أخرجه الإمام مالك في (الموطإِ، كتاب الجامع، جامع ما جاء في أمر المدينة).
انظر: (الزرقاني على الموطإِ: 4/ 235 رقم 1719).
(2)
لأواء المدينة: شدتها وضيق معيشتها (النهاية: لأواء: 4/ 221).
(3)
أخرج مسلم أحاديث في هذا المعنى، منها حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يصبر على لأواء المدينة وشدتها أحد من أمتي إِلا كنت له شفيعًا يوم القيامة أو شهيدًا).
(الصحيح: 1/ 1004 رقم 484 كتاب الحج، باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها).
وانظر (جامع الأصول: 9/ 315، فضائل المدينة 30 - 32. المنتقى: 7/ 188 - 189، وفاء الوفاء: 1/ 39 وما بعدها).
(4)
المدارك: 2/ 33.
(5)
في غزوة أحد: سقطت من (ر)، وطمست في (ص).
(6)
أخرج البخاري ومالك عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم =
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: "والذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يَخْرُجُ أحَدٌ رغْبَةً عنها إِلَّا أخْلَفَ الله فيهَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ"(1).
والأحاديث في أنواع فضلها يطول ذكرها.
وذكر القاضي عياض في المدارك (2) وابن الجوزي في مناسكه (3)، واللفظ
= يقول: "أمرت بقرية تأكل القرى، يقولون: يثرب، وهي المدينة، تنفي الناس، كما ينفي الكير خبث الحديد".
ذهب الخطابي وابن بطال إِلى أن معنى (تأكل القرى) يفتح أهلها القرى فيأكلون أموالهم ويسبون ذراريهم، لأن العرب تقول: أكلنا بلد كذا: إِذا ظهرُوا عليها.
وعند القاضي عبد الوهاب: المعنى رجوح فضلها على القرى.
(فتح الباري: 4/ 87، كتاب فضائل المدينة، باب فضل المدينة وأنها تنفي الناس الزرقاني على الموطإِ: 4/ 222، الجامع: ما جاء في سكنى المدينة والخروج منها).
وانظر (جامع الأصول: 9/ 320 - رقم 6936، فضائل المدينة: 25 - 26، رقم 19).
(1)
أخرج أبو سعيد المفضل اليمني عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يخرج أحد من المدينة رغبة عنها، إِلّا أبدلها الله عز وجل خيرًا منه"(فضائل المدينة: 32 رقم 35 باب من رغب عن سكنى المدينة إِلى غيرها).
ومن حديث عمر أنه صلى الله عليه وسلم قال: "
…
من خرج عنها رغبة عما فيها أبدل الله به من هو خير منه فيها" قال الهيثمي: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. (مجمع الزوائد: 3/ 306).
(2)
1/ 24.
(3)
457.
لابن الجوزي، قال: كان مالك بن أنس يقول في فضل المدينة: هي دار الهجرة والسنة وهي محفوفة بالشهداء، واختارها الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم فجعل قبره صلى الله عليه وسلم بها وبها (1) روضة من رياض الجنة، وفيها منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وزاد القاضي عياض: وعلى أنقابها (2) ملائكة يحرسونها لا يدخلها الدجال ولا الطاعون، وبها خيار الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس ذلك لشيء (3) من البلاد غيرها.
وفي رواية: ومنها: تُبعثُ أشرافُ هذه الأمةِ يوم القيامة (4).
وهذا كلام لا يقوله مالك عن نفسه (5).
وقيل لمالك: أيما أحب إِليك: المقام هنا - يعني المدينة (6) - أو مكة؟ فقال: ها هنا، وقال: كيف لا أختار المدينة وما بالمدينة طريق إِلا سلكه عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وجبريل عليه السلام نزل عليه من عند ربّ العالمين في أقل من ساعة (7).
(1) وبها: سقطت من (ر). وفي مثير الغرام: 457، وفيها.
(2)
(ر): أبوابها، وما أثبتناه يوافق ما في المدارك.
(3)
(ر، ب): لبد، وما أثبتناه يوافق ما في المدارك.
(4)
المدارك: 1/ 34 - 35.
(5)
هذا من كلام عياض وتمامه: لا يدرك بالقياس.
(6)
يعني المدينة: ساقط من (ر).
(7)
المدارك: 1/ 35.
قال القاضي عياض: قال محمد بن مسلمة (1): سمعت مالكًا يقول: دخلت على المهدي، فقال؛ أوصني: فقلت: أوصيك بتقوى الله وحده والعطف على أهل بلد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجيرانه، فإنه بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال *:"المدينة مهاجَرِي ومنها مبعثي وبها قبري وأهلها جيراني، وحقيق على أمتي حفظي في جيراني، فمن حفظهم فيّ كنت له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامة، ومن لم يحفظ وصيتي في جيراني سقاه الله من طينة الخبال"(2). انتهى.
وطِينَةُ الحَبَال: عصارةُ أهلِ النَّار، أجارنا الله منها (3).
وقال القاضي عياض في المدارك، قال مصعب (4): لما قدم المهدي المدينة
(1) محمد بن مسلمة بن محمد بن هشام بن إِسماعيل أبو هشام، روى عن الإِمام مالك وتفقه به، وكان من فقهاء المدينة، وهو ثقة مأمون حجة. ت حوالي 206.
(الجرح والتعديل: 4/ 71، الديباج: 2/ 156، المدارك: 3/ 131).
(2)
المدارك 1/ 35 - 36 وعنه نقله السمهودي في (وفاء الوفاء: 1/ 48). والحديث أخرجه ابن النجار عن معقل بن يسار بلفظ قريب من لفظ مالك (الدرة الثمينة: 17 أ).
كما أورد السمهودي روايات أخرى لهذا الحديث: (وفاء الوفاء: 1/ 47 - 48)، وانظر (القرى 619).
(3)
هذا التفسير يعزى لمعقل بن يسار المزني.
(وفاء الوفاء: 1/ 47).
(4)
مصعب بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام، أبو عبد الله =
استقبله مالك وغيره من أشرافها على أميال، فلما بصر بمالك انحرف المهديُّ إِليه فعانقه وسلم عليه وسايره، فالتفت مالك إِلى المهدي فقال: يا أمير المؤمنين، إِنك تدخل الآن المدينة فتمر بقوم عن يمينك ويسارك، وهم أولاد المهاجرين والأنصار، فسلم عليهم، فإِنَّ ما على وجه الأرض قوم خير من أهل المدينة ولا خير من المدينة، فقال [له] (1): ومن أين قلت ذلك يا أبا عبد الله؟ ! فقال: لأنه لا يُعرف قبرُ نبيٍّ، اليومَ على وجه الأرض، غير قبر محمد صلى الله عليه وسلم (2)، ومن كان قبر محمد عندهم فينبغي أن يعرف فضلهم على غيرهم.
ففعل المهديُّ ما أمره به مالك (3).
وقال القاضي عياض في المدارك: قيل لمالك: لِمَ صار لأهل المدينة لين القلوب وفي أهل مكة قساوة القلوب؟ (4) فقال: لأن أهل مكة أخرجوا نبيهم وأهل المدينة آووه (5).
= القرشي الأسدي، روى عن مالك الموطأ وغيره. وكان علامة قريش في النسب والشعر، وثقة يحيى بن معين. ت 236. (المدارك: 3/ 170).
(1)
زيادة من المدارك.
(2)
أكد الشيخ أحمد تقي الدين بن تيمية أن القبر المتفق عليه هو قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأن قبر الخليل عليه السلام فيه نزاع، أما قبور سائر الأنبياء فلا تعرف.
(الفتاوى الكبرى: 1/ 494 - 495 - ط. دار المعرفة، بيروت).
(3)
المدارك: 2/ 102.
(4)
(ر): القلب - وما أثبتناه موافق لما في المدارك.
(5)
المدارك: 1/ 35.
فصل: في المساجد (1) والآثار التي ينبغي زيارتها والتبرك بها (*)
فأولها: مسجد قُبَاء (2) والذي جعله مسجدًا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإِنه كان مربدًا (3) لكلثوم بن الهدم (4) فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فبناه مسجدًا وأسسه بنفسه (5) هو وأصحابه صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم.
ونقل ابن النجار أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: والذي نفسي بيده، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر في أصحابه ينقلون حجارته على بطونهم، ويؤسسه رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبريل عليه السلام يؤم به
(*) سبق التعليق على التبرك في ص 729.
(1)
تحدث ابن هلال عن هذه المساجد في (مناسكه: 11 أ. 12 ب.)
(2)
انظر عنه (مناسك الحربي: 397 - 398).
(3)
المربد: مكان يبسط فيه الزرع أو التمر للتجفيف، ويرادفه الجرين والمسطح والبيدر. (السيرة الحلبية: 2/ 64).
(4)
كلثوم بن هدم بن امرئ القيس الأوسي الأنصاري، كان يسكن قباء. أسلم قبل وصول الرسول صلى الله عليه وسلم إِلى المدينة. توفي قبل بدر بيسير (أسد الغابة: 4/ 495 - 496).
وقيل: إِن المربد ليتيمين يسميان سهلًا وسهيلًا في حجر أسعد بن زرارة، ابتاعه الرسول صلى الله عليه وسلم منهما. (الجامع لابن أبي زيد: 269، السيرة الحلبية: 2/ 64 - 65).
(5)
ص: هو بنفسه.
البيت، ومحلوف عمر بالله: لو كان مسجدنا هذا بطرف من الأطراف لضربنا إِليه أكباد الإِبل (1).
وفضائله عديدة.
فقد صح في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يزور قُباء راكبًا وماشيًا، فيصلي فيه ركعتين (2).
وفي بعض الروايات: كان صلى الله عليه وسلم يأتي مسجد قباء كل سبت، وكان ابنُ عمر رضي الله عنه يفعله (3).
(1) الدرة الثمينة: 65 أ.
وذكره الطبري في (القرى: 688).
(2)
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي قباء راكبًا وماشيًا" زاد ابن نمير: حدثنا عبيد الله عن نافع: "فيصلي فيه ركعتين".
(صحيح البخارى: 2/ 57 - كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب إِتيان مسجد قباء راكبًا وماشيًا).
(صحيح مسلم: 1/ 1016 رقم 516 - كتاب الحج، باب: فضل مسجد قباء وفضل الصلاة فيه وزيارته).
(3)
أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(صحيح البخاري: 2/ 57 - كتاب الحج، باب: فضل مسجد قباء وفضل الصلاة فيه وزيارته).
وأخرجه أحمد عن ابن عمر بلفظ: "إِن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يزور قباء راكبًا وماشيًا".
(المسند: 2/ 4 - 5).
وروى أبو أمامة عن سهل بن حنيف عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ تَوضَّأ فأسْبَغ الوضُوءَ وَجَاءَ مَسْجِدَ قُبَاء فصَلَّى فيه ركعتَيْنِ كَانَ لَهُ أجْرُ عُمْرَةٍ"(1).
(1) حدث أسيد بن ظهير الأنصاري من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة في مسجد قباء كعمرة".
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإِسناد ولم يخرجاه إِلا أن أبا الأبرد مجهول، ووافقه الذهبي (المستدرك مع التلخيص: 1/ 487، كتاب المناسك، فضل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ومسجد قباء).
روى الطبراني في الكبير عن كعب بن عجرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من توضأ فأسبغ الوضوء، ثم عمد إِلى مسجد قباء لا يريد غيره ولا يحمله على الغدو إِلا الصلاة في مسجد قباء، فصلى فيه أربع ركعات يقرأ في كل ركعة بأم القرآن كان له كأجر المعتمر إِلى بيت الله" قال الهيثمي: فيه يزيد بن عبد الملك النوفلي، وهو ضعيف. (مجمع الزوائد: 4/ 11).
وأورده ابن الجوزي في (مثير الغرام: 475) وابن النجار في (الدرة الثمينة: 65) والمنذري في (الترغيب والترهيب: 2/ 217 - رقم 17).
وأورد الغزالي في الإِحياء قوله صلى الله عليه وسلم: "من خرج من بيته يأتي مسجد قباء ويصلي فيه، كان عدل عمرة".
قال العراقي:
رواه النسائي وابن ماجه من حديث سهل بن حنيف بإِسناد صحيح.
وتتبع الزبيدي طرقه الأخرى.
انظر (إِتحاف السادة المتقين: 4/ 425).
وروي عن سعد بن أبي (1) وقاص رضي الله عنه قال: والله لأن أصلي في مسجد قباء ركعتين أحب إِلّي من أن آتي بيت * المقدس مرتين، ولو تعلمون ما فيه لضربتم إِليه أكباد الإِبل (2).
وقد أثنى الله عز وجل على أهله في كتابه العزيز (3).
(1) سعد بن أبي وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف القرشي، أبو إِسحاق، كان من السابقين إِلى الإِسلام وشهد بدرا والحديبية وغيرهما من المشاهد، وهو أحد الستة الذين جعل عمر فيهم الشوري. ت 55.
(أسد الغابة: 2/ 366 رقم 2037، الإصابة، 2/ 30 رقم 3194، تذكرة الحفاظ: 1/ 22).
(2)
القرى: 637، مثير الغرام: 475
(3)
قال تعالى: {لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108].
وقد أفادنا العلامة الشيخ ابن عاشور أنه ثبت في الصحيح أن الرجال الذين يحبون أن يتطهروا هم بنو عمرو بن عوف أصحاب مسجد قباء، وذلك ما يقتضي أن المسجد المؤسس على التقوى من أول يوم هو مسجدهم، لقوله تعالى:{فِيهِ رِجَالٌ} .
وهذا ما يقصده ابن فرحون بإِشارته إِلى الثناء على أهل مسجد قباء في الكتاب العزيز.
وأفادنا الشيخ ابن عاشور أنه ثبت أيضًا في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن المراد من المسجد الذي أسس التقوى في الآية المذكورة؟ فقال: هو مسجدكم هذا - أي المسجد النبوي. =