الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب السابع: في حج الصبي والمرأة والعبد والكافر يسلم
[حج الولي بالصبي]
وللولي أن يحج بالصبيِّ (1)، ويلبي الطفل الذي يتكلم، والطفل الذي لا يتكلم لا يلبِّي عنه.
وكيفية إِحرامه: أن يَنويَ الوليُّ إِدخالَ الصبيِّ في الإِحرام، ولا يلزمُهُ أن ينويَ إِدخالَه عند الميقات، بل له أن يؤخر إِحرامه حتى يدنُوَ من الحرم، وإِذا
(1) الأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم للمرأة التي أخذت بعضدِ صبي وسألتْه عليه السلام: يا رسول الله هل لهذا حج؟ : قال: "نعم، ولك أجر"، رواه ابن عباس وأخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب في الصبي يحج. قال المنذري: أخرجه مسلم والنسائي. (مختصر سنن أبي داود: 2/ 281) وانظر (طريق الرشد: 1/ 221 رقم 585. المحرر في الحديث: 1/ 384 رقم 66 - إِحكام الأحكام: 3/ 98). والولي يحرم بالصبي والمجنون ولا يحرم بالمغمى عليه، وقد علل الونشريسي هذا الحكم بـ "أن الإِغماء عارض يزول ويمكن أن يتربص به، أى المغمى عليه إِلى أن يبرأ وهو بصدد أن يبرأ في الحال، وليس الصبا والجنون المطبق مما يذهب في الحال". (عدة البروق: 128، الفرق 192).
وانظر ما ذكر ابن عبد البر في سر تشريع الحج بالصبي في (التمهيد: 1/ 105).
نوى إِدخالَه في الإِحرام جرَّدَهُ من المخيط، فينعقد إِحرامه بذلك (1) الفعل.
فرع:
وفي الموازية: لا يحج بالرضيع. وهو محمول على الكراهة.
قال ابن الجلاب: والرضيع ونحوه (2) لا يجرد للإِحرام، ويجرد غيره من المتحركين (3).
فرع:
ويطوف الولي (4) بالطفل ويسعى به محمولًا، إِن لم يقو على السعي، ويرمي عنه إِن لم يحسن، ويُحضره المشاعِرَ بعرفةَ والمزدلفةَ والمشعرِ الحرام (5) ومِنى، ولا يركع عنه ركعتيْ الطواف على المشهور (6)، لقوله صلى الله عليه وسلم:"لا يركع أحد عن أحد"(7).
(1) في ر: أجزأه ذلك، عوضًا عن: فينعقد إِحرامه بذلك.
(2)
ر: وغيره، وما أثبتناه مطابق لما في التفريع.
(3)
التفريع: 1/ 353، ومثله في (الكافي: 1/ 411).
(4)
الولي: سقطت من ر، ص.
(5)
الحرام: انفردت بها (ر).
(6)
هذا ما اقتصرت عليه (المدونة: 2/ 184).
(7)
لم نعثر على تخريج لهذا الحديث، وفي معناه بلاغ مالك أن عبد الله بن عمر كان يُسأل: هل يصوم أحد عن أحد أو يصلي أحد عن أحد؟ فيقول: لا يصوم أحد =
ونقل ابن عبد الحكم: أنه يركع عنه؛ لأنه ينوب عنه في النية وهي كالصلاة، لا ينوب فيها أحد عن أحد (1).
وأما من عقل الصلاة فيأمره وليه بالركوع.
فرع:
وإِذا كان الوليُّ مأمورًا بتجريد الطفل، فلا بأس أن يُبْقيَ عليه الخلاخيل الفضةَ ونحوها (2).
فرع:
وأما الصبيُّ المميزُ والعبدُ فيحرمان عن أنفسهما، ويفعلان ما يفعله الكبير، إِذا أحرما بإِذن الولي والسيد (3).
= عن أحد ولا يصلي أحد عن أحد (الموطأ: كتاب الصوم، النذر في الصيام والصيام عن الميت). (تنوير الحوالك: 1/ 222).
(1)
نقل ابن عبد الحكم وارد في (تقييد أبي الحسن الصغير: 2/ 14 أ) وأضاف إِليه قول حمد يس. (كقول مالك فيمن أوصى أن يحج عنه رجل فإِنه يصلي عنه ركعتي الطواف).
وفي رواية ابن وهب عن مالك: لا يركع عنه ولا شيء على الصبي في ركعتيه. (التمهيد: 1/ 105).
(2)
المدونة: 2/ 129، التوضيح: 1/ 199 ب.
(3)
بالنسبة إِلى الصبي، انظر (المدونة: 2/ 127).
فرع:
وإِذا لم تَدْعُ ضرورةٌ إِلى الحجِّ بالمولى عليه من يتيم ونحوه فزيادة نفقة السفر تلزم الولي، إِلا أن يخاف عليه (1) * ضيعةً في غيبته، ولا يجد من يكفله، فالنفقة كلها في مال الصبي (2).
فرع:
وما لزم الصبي من الفدية وجزاء الصيد فعلى وليه؛ لأنه المتسبب في لزوم ذلك له (3).
وقيل: هو في مالِ الصَّبِيِّ؛ لأنه المباشر، والمباشرُ مقدم في الضمان على المتسبب، فأشبه الجناية.
(1) هنا يبدأ نقص في (ر)، مقداره صفحتان 92 و 93.
(2)
هذا ما مشى عليه ابن الحاجب فقال: "وزيادة النفقة على الولي إِلا إِن خيف عليه ضيعة".
(انظر التوضيح لخليل: 1/ 200 أ) و (مختصر ابن عرفة: 1/ 128 أ) وقد عقد الونشريسي في ذلك فرقًا نصه: "إِنما تسقط زيادة النفقة عن ولي الصبي إِذا خاف عليه الضيعة إِن لم يحمله معه إِلى الحج، ولا تسقط عنه الفدية ولا جزاء الصيد إِن أحرم به وفعل موجبهما؛ لأن الولي إِنما يضطر إِلى الخروج به لا إِلى إِحرامه فكأنه هو الذي فعل". (عدة البروق: 126، الفرق: 183).
وانظر (الكافي: 1/ 412).
(3)
تكون الفدية والجزاء في مال الأب إِلا أن يخرج به؛ نظرًا لأنه لو تركه ضاع فتكون =
وقيل: حكمها حكم زيادة النفقة، فيفرق بين خروجه مختارًا أو خشية الضيعة.
فرع:
ولا يطوف بالصبي إِلا من طاف عن نفسه (1) وجائز أن يسعى به من لم يَسْعَ لنفسه.
ومن سعى بصبيٍّ ينوي السعيَ عن نفسه وعن الصبي أجزأهما عند مالك، وذلك إِذا طاف بالصبي غيره، حتى لا يفصل الذي يسعى به بين طوافه وسعيه بطواف الصبي (2) ذكره في الطرر لأبي إِبراهيم الأعرج.
ولو فعل ذلك به في الطواف أعاد الطائف عن نفسه استحبابًا، وقيل: إِيجابًا.
وأما الصبي فقيل: يجزيه، وقيل: يعيد عنه استحبابا، وقيل: إِيجابًا وقيل: يجزئ عنهما.
فرع:
وإِذا طاف به غير محمول رمل به الأشواط الثلاثة في بطن المَسيل. وإِن
= الفدية والجزاء حينئذ في مال الصبي، فإِن لم يكن له مال أتبعه به. (النوادر: 1/ 160 ب).
(1)
هذا ما رواه ابن وهب عن مالك، ونقله ابن عبد البر في:(التمهيد: 1/ 105).
(2)
المدونة: 2/ 127.
كان محمولًا فقال ابن القاسم: لا يرمل به، وقال أصبغ: يرمل، والأول أحسن.
فرع:
ولو خلط الرمي بنية واحدة عنه وعن الصبي لم يجزه، وفيه خلاف.
ولو رمى عن نفسه كلَّ جمرة بسبع عنه وسبع عن الصبيِّ حتَّى أكمل أجزأ عنهما.
وكذلك لو رمى حصاةً عنه وحصاةً عن الصبيٍّ، حتى أكمل سبعًا عنه وسبعًا عن الصبي، أجزأهما أيضًا؛ وتغتفر تفرقته بين رميه عن نفسه ورميه عن الصبي؛ لأنها تفرقةٌ يسيرة، كما لو تراخى يسيرًا، ذكره عبد الحق في تهذيب الطالب.
فرع:
فلو بلغ الصبي في أثناء حجه بعد الإِحرام، مضى فيه ولا يجزئه عن فرضه.
وكذلك العبد يُعتقُ في أثناء الحج لا يجزئُه عن فرضه (1)؛ لأن ابتداءَ حجهما على وجه التطوع، فلا ينوب لهما عن الفرض (2)، إِلَّا أنْ يكون
(1) كذا في (الكافي: 1/ 413) وقال ابن عبد البر: لا خلاف بين العلماء في ذلك.
(2)
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما صبي حج ثم بلغ =
الصبيُّ والعبد غيرَ محرمين.
فإِذا بلغ الصبي وعتق العبد وأحرما بالحج، ولو كان ذلك ليلة النحر بعد النفر من عرفة ووقفا بعرفة، فإِنه يجزيهما عن حجة الفرض (1).
وكذلك لو أحرم الصبيُّ أو العبدُ بغير إِذنِ الوليِّ أو السيد فحلل الولي الصبي وحلل السيد العبد، واستصحبا في السفر، فبلغ الصبي فأذن له الولي في الإِحرام فوقف بعرفة ليلة النحر، أجزأه عن حجة الفريضة، أما لو أحرم بإِذنه فليس له تحليله (2).
وكذلك العبد والأمة (3).
= الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى
…
وأيما عبد حج، ثم أعتق فعليه حجة أخرى".
أخرجه البيهقي في (السنن الكبرى: 4/ 349 - 350. كتاب المناسك، باب الصبي يحج قبل البلوغ).
وابن حزم في (المحلي: 7/ 44 - 45. كتاب الحج، مسألة 812) وصححه ثم زعم نسخه.
قال ابن عبد الهادي: لم يرفعه إِلا يزيد بن زريع عن شعبة وهو ثقة، والصحيح أنه موقوف. (المحرر في الحديث: 1/ 385 - رقم 663).
(1)
المعونة للقاضي عبد الوهاب: 1/ 596 ط المكتبة التجارية، الباز.
(2)
انظر (مناسك خليل: 46 ب).
(3)
قال القرافي: "يقدم حق السيد على الحج؛ لأن الحج لا يلزم العبد، وحق السيد واجب فوري". (الفروق: 2/ 204، الفرق التاسع والمائة بين قاعدة الواجبات. والحقوق التي تقدم على الحج، وبين قاعدة ما لا يقدم عليه).
قال ابن راشد: وأما العبد فلو عتق بعد أن حلله سيده فهل حكمه حكم الصبي إِذا أحرم عن فرضه أجزأه؟ أوليس كالصبي لأنه مكلف فيتقدم قضاء ما ترتب عليه ويجدد الإِحرام بالحجة التي حلله منها ويبقى فرضه في ذمته؟ قولان:
قال ابن راشد: لا يحتاج إِلى تجديد إِحرام ويستمر على إِحرامه الذي حلله سيده منه، ورأى أنه لم يبطل وإِنما كان ممنوعًا من الإِتمام لحق السيد.
ولم يحك اللخمي إِلا القول ببطلان إِحرامه بالتحليل.
تنبيه:
ما ذكره ابن راشد نحوه في كلام صاحب التوضيح (1) وكلاهما فيه إِشكال.
وقد نقل غيرهما أن العبد إِذا أحرم بفريضته أنها تصح، وإِنما الخلاف هل يلزم العبد قضاء الحجة التي حلله سيده منها أولًا؟ قولان (2).
وهذا أقرب إِلى صحة النقل (3).
(1) التوضيح: 1/ 200 أ - ب - عند شرح قول ابن الحاجب: (وفي العبد يحلله سيده قبله (أي قبل العتق) قولان: وقد ساق خليل كلام ابن راشد المذكور أعلاه.
(2)
القول بالقضاء، وقد نسبه اللخمي لابن القاسم، والقول بعدمه، وقد نسبه لأشهب (التوضيح: 1/ 200 أ - ب).
(3)
انظر (الذخيرة: 3/ 183 وما بعدها).
فصل
وإِذا أسلم الكافر وأدرك الوقوف بعرفة أجزأه عن حجة الإِسلام (1)، ولو كان إِسلامه ليلة النحر فإِنه يحرم ويلبي، ثم يقطع التلبية، ولا يضره كونه لم يختتن، ويأتي ببقية أفعال الحج.
فصل
وإِذا تَطوَّعت المرأة بالحج بغير إِذن زوجها فحلَّلَها بعد إِحرامها فعليها القضاء.
وقال سحنون: لا قضاء على المرأة إِذا طُلِّقَتْ، ولا على العبد إِذا عتق.
فرع:
ومن أكرهَ امرأتَه على الوطءِ فأفسدَ حجَّهَا وهي متطوعة أو في نذر معين كان عليها القضاءُ عند ابن القاسم.
ولا شيء عليها عند أشهب.
فلو فارقها وتزوجت لم يكن لزوجها منعُها من قضاءِ ما قد وجب عليها، ومؤنتها على المطلق لها؛ لأنه لما أكرهها كان عليه أن يحجها. وإِن كانت نفقة عام القضاء أكثر من الأولى؛ لأنه المتسبب في تكليفها النفقة الثانية.
(1) المدونة: 2/ 140.
وإِن مات أخذ ذلك من رأس ماله، وإِن ماتت هي أهدى عنها.
والقضاء على الفور في قابل تطوعًا كان أو فرضًا.
فرع:
وأما المرأة الصَّرُورة المستطيعةُ لحج الفرض فليس لزوجها منعُها، وإِن قلنا: الحج على التراخي، وهذا هو الأصح.
فرع:
فلو أحرمت بحجة الفرض من الميقات، لكن على بعد من وقت الحج، كان له أن يحلها، إِذا كانت له إِليها حاجة إِذا خرج معها وهو حلال لم يحرم (1).
فرع:
وفي المدوَّنَة إِذا أحرمت بحجة الفرض (2) فحللها الزوج فإِنها يجب عليها القضاء (3).
وقال أكثر أهل المذهب: تحليلها باطل، وهي باقية على الإِحرام (4).
(1) الذخيرة: 3/ 185 - 186.
(2)
ص: الفريضة.
(3)
المدونة: 2/ 142.
(4)
كذا في (النوادر: 1/ 161 أ) معزوًّا لابن المواز.
ولو أفسد الحج عليها بالوطْءِ تمادت في حجها الفاسد وقضته، وكان على الزوج أن ينفقَ عليها في القضاء (1) كما تقدم.
فرع:
إِذا أحرمت المرأة ثم طلقت فإِنها تمضي على إِحرامها، ولو سبق الطلاق الإِحرام لم يصح لها أن تحرم حتى تنقضي العدة.
وقال أبو الحسن الصغير: إِذا أحرمت المرأةُ بعد موت زوجها نفذت، وهي عاصية.
فرع:
وإِذا كانت الأمة زوجة، فقال سند: لا تحج إِلا بإِذن سيدها وزوجها (2)
تنبيه:
لو أعطت المرأة زوجها مهرها على أن يحج بها لم يجز (3)؛ لأنه فسخ دين في دين، قاله ابن القاسم (4) * في سماع أصبغ من كتاب السلم والآجال.
(1) ينفق عليها وإِن كانت نفقة عام القضاء أكثر من الأول؛ لأنه السبب في تكلفها النفقة الثانية، وإِن مات أخذت ذلك من ماله. وإِن ماتت هي يهدي عنها. (تقييد أبي الحسن عن المدونة: 2/ 13 أ).
(2)
كذا في (الذخيرة: 3/ 186 ب) وعزاه سند إِلى مالك.
(3)
لابن رشد تفصيل في ذلك. انظر (البيان والتحصيل: 4/ 42 - 43).
(4)
هنا ينتهي النقص في (ر).