المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالثوينبغي أن يقصد المزارات التي بالمدينة النبوية والآثار المباركة والمشاهد الفاضلة - إرشاد السالك إلى أفعال المناسك - جـ ٢

[ابن فرحون، برهان الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الخامس: في صفة القرآن

- ‌[معنى القِران]

- ‌الباب السادس: في صفة العُمْرة المفردة

- ‌[حكم العمرة]

- ‌فرع:

- ‌فرع:

- ‌‌‌فرع:

- ‌فرع:

- ‌فرع: [متى تكره العمرة]

- ‌‌‌‌‌فرع:

- ‌‌‌فرع:

- ‌فرع:

- ‌فرع:

- ‌فرع: [أفضل شهور السنة للعمرة]

- ‌فرع: [حيض المعتمرة]:

- ‌الباب السابع: في حج الصبي والمرأة والعبد والكافر يسلم

- ‌[حج الولي بالصبي]

- ‌فرع: [نفقة المحرمة بالحج]:

- ‌الباب الثامن: فيما شُرع للحاج فعله، فإذا تركه تمَّ حجه ووجب عليه الدم

- ‌فرع:

- ‌فرع:

- ‌‌‌فرع

- ‌فرع

- ‌الباب التاسع: في محظورات الحج

- ‌القسم الثاني: التطيب

- ‌الباب الحادي عشر: في بيان الفدية وأنواعها

- ‌الباب الثاني عشر: فيما يُكره للمحرم فعله فإن فعله أطعم شيئًا من طعام

- ‌الباب الثالث عشر: فيما يكره للمحرم فعله، فإن فعله فلا شيء عليه

- ‌[الأمور التي يكره للمحرم فعلها]

- ‌فصل: فيما يجوز للمحرم أن يفعله

- ‌الباب الرابع عشر: في حكم اصطياد المحرم و‌‌جزاء الصيد

- ‌جزاء الصيد

- ‌[تحريم الصيد على المحرم]

- ‌الباب الخامس عشر: في أحكام الهدي و‌‌دماء الحج(*) وذكر أيام الحج، والشعائر في الحج

- ‌دماء الحج

- ‌[الهدي الواجب وأحكامه]:

- ‌فرع:

- ‌فرع:

- ‌فرع:

- ‌[النُّسك وأحكامه]

- ‌فصل

- ‌فصل: في أسنان الهدي

- ‌فصل: في عيوب الهدايا

- ‌فصل

- ‌فصل: في نحر الهدي

- ‌فصل

- ‌فصل: أيام الحج سبعة

- ‌فصل: شعائر الحج

- ‌فرع:

- ‌فرع:

- ‌فرع: [الاشتراك في الهدي]

- ‌فرع: [متى يجب بدل الهدي]

- ‌الباب السادس عشر: في نكاح المحرم وحكم الوطء ومقدماته

- ‌[منع المحرم من النكاح والإنكاح]

- ‌فصل

- ‌الباب السابع عشر: في موانع الحج وفوات الوقوف بالإحصار أو بالمرض أو بخطإ الطريق

- ‌الأول: الأبوَّةُ

- ‌الثاني: الرق

- ‌الثالث: الزوجية

- ‌الرابع: استحقاق الدين

- ‌الخامس: الإِحصار بالعدو

- ‌السادس: الحصر بالمرض

- ‌السابع: حبس السلطان

- ‌الثامن: السفه

- ‌الباب الثامن عشر: في النيابة في الحج والإجارة عليه

- ‌الباب التاسع عشر: في ذكر حرم مكة شرفها الله تعالى وذكر حرم المدينة النبوية شرفها الله تعالى وحكم الاصطياد في حرميهما وقطع الشجر منهما

- ‌[تحريم الاصطياد وقطع النبات في الحرم]

- ‌‌‌فرع:

- ‌فرع:

- ‌فرع:

- ‌‌‌فرع:

- ‌فرع:

- ‌تنبيه

- ‌[إخراج التراب والأحْجَار من الحرم]

- ‌تنبيه:

- ‌[حكم قطع شجر المدينة]

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب العشرون: في ذكر آثار شريفة بمكة ينبغي أن تقصد للتبرك (*) بها

- ‌الموضع الأول: البيت الذي وُلد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الموضع الثاني: منزل خديجة عليها السلام

- ‌الموضع الثالث: مسجد في دار الأرقم التي على الصفا

- ‌الموضع الرابع: مسجد بأعلى مكة يقال له: مسجد الجن

- ‌الموضع الخامس: مسجد في عرفة عن يمين الموقف، يقال له: مسجد إِبراهيم

- ‌الموضوع السادس: مسجد بمنى، يقال له: مسجد الكبش

- ‌الموضع السابع: موضع بأجياد، وهو مسجد فيه موضع يقال له المتكى *

- ‌الموضع الثامن: مسجد العقبة

- ‌الموضع التاسع: مسجد الجعرانة

- ‌الموضع العاشر: مسجد التنعيم

- ‌الموضع الحادي عشر: جبل حراء

- ‌الموضع الثاني عشر: موضع بجبل ثور

- ‌الباب الحادي والعشرون: في القدوم على ضريح سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآداب السلام عليه، وما يتصل بذلك من ذكر المشاهد الشريفة التي بالبقيع، وذكر فضل المدينة وفضل أهلها، وذكر المزارات الكائنة بها

- ‌الفصل الثاني: فيما ينبغي للقادم على المدينة من طريق مكة

- ‌[آداب الزيارة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات: [تتعلق ببعض البدع]

- ‌الفصل الثالثوينبغي أن يقصد المزارات التي بالمدينة النبوية والآثار المباركة والمشاهد الفاضلة

- ‌فائدة:

- ‌حرف الألف

- ‌حرف الثاء

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الخاء

- ‌حرف الذال

- ‌حرف السين

- ‌حرف الشين

- ‌حرف الصاد

- ‌حرف الضاد

- ‌حرف العين

- ‌حرف القاف

- ‌حرف الكاف

- ‌حرف الميم

- ‌حرف النون

- ‌حرف الياء

- ‌الكُنى:

- ‌باب: في فضل المدينة وفضل أهلها وذكر شيء من المواضع المقصودة للزيارة والتبرك بها

- ‌[فضائل المدينة وأهلها]:

- ‌فائدة:

- ‌تنبيه:

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌[الخاتمة]

- ‌فهرس‌‌ المصادر والمرا‌‌جع

- ‌ ا

- ‌ج

- ‌المخطوطا‌‌ت

- ‌ت

- ‌ ح

- ‌ر

- ‌ د

- ‌ ش

- ‌ط

- ‌ غ

- ‌ك

- ‌م

- ‌ن

- ‌‌‌المطبوعات

- ‌ا

- ‌ ب

- ‌ ت

- ‌ث

- ‌ ج

- ‌ح

- ‌خ

- ‌د

- ‌ر

- ‌ ذ

- ‌ ز

- ‌س

- ‌ش

- ‌ص

- ‌ط

- ‌ ع

- ‌ غ

- ‌ ف

- ‌ق

- ‌ك

- ‌ل

- ‌ م

- ‌ن

- ‌ ه

- ‌و

الفصل: ‌الفصل الثالثوينبغي أن يقصد المزارات التي بالمدينة النبوية والآثار المباركة والمشاهد الفاضلة

‌الفصل الثالث

وينبغي أن يقصد المزارات التي بالمدينة النبوية والآثار المباركة والمشاهد الفاضلة

(1).

قال القاضي بدر الدين: وهي ثلاثون (2) نذكر منها ما هو مشهور.

الأول منها، ينبغي أن يخرج إِلى البقيع (3) لزيارة من فيه (4) خصوصًا يوم الجمعة بعد أن يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فإِذا انتهى إِلى البقيع قال: السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإِنا إِن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد ومن يليهم من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، اللهم أَنِّسْ وحشتهم وارحم وحدتهم، وسدد خلل أعمالهم، وانفعهم بجوار نبيك صلى الله عليه وسلم وابعثهم مع الآمنين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وصل على النبي صلى الله عليه وسلم وآله وأصحابه وأزواجه والتابعين لهم بإِحسان إِلى يوم الدين.

(1) يرى الإِمام مالك أن لا يقصد بالمدينة إِلا المسجد النبوي ومسجد قباء. (انظر: الجامع لابن أبي زيد 142) وتخصيص الوقوف أمام قبر من القبور لا أصل له.

(2)

النووي هو القائل: "نحو ثلاثين موضعًا يعرفها أهل المدينة"(الإِيضاح: 162).

(3)

هو بقيع الغرقد: مقبرة المدينة، كان فيه شجر يسمى الغرقد بالغين المعجمة والقاف - وقد زال هذا الشجر وبقي الاسم. (إِتحاف السادة المتقين: 4/ 423 - 424) وانظر (صبح الأعشى: 4/ 289).

(4)

ابن حجر الهيثمي على شرح الإيضاح 503، توضيح المناسك للأزهري 63 (أ)، مناسك ابن هلال: 9 (أب)، تاج المفرق: 1/ 288 - 289.

ص: 776

واعلم أن البقيع أفضل مقابر الدنيا، وجاء في فضله ما لم يأت في غيره، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"مَنِ اسْتَطَاع مِنْكُمْ أنْ يَمُوتَ بالمدينَةِ فليَمُتْ بِهَا، فَمَنْ مَاتَ بِهَا كُنْتُ لَهُ شَهِيدًا أوْ شَفيعًا يَوْمَ القِيَامةِ"(1).

وروى ابن النجار بمسنده إِلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ دَفَنَّاه فِي مَقْبَرَتِنَا هَذِهِ شَفِعْنَا لَهُ"(2).

وروى شيخنا جمال الدين المطري بسنده إِلى أم قيس بنت محصن رضي الله عنها (3) قالت: لو رأيتني ورسول الله صلى الله عليه وسلم آخذ بيدي في سكك (4) المدينة

(1) أخرجه أحمد عن ابن عمر بلفظ: "من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت فإِني أشفع لمن يموت بها". (المسند: 2/ 104).

والترمذي بلفظ قريب في (الصحيح: 5/ 719 رقم 3917 كتاب المناقب باب في فضل المدينة)

وقال: حسن غريب من حديث أيوب السختياني؛ وابن حبان بلفظ: "من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليمت بالمدينة فإِني أشفع لمن مات بها".

كما ورد في (موارد الظمآن 255 رقم 1031) وفي (الدرة الثمينة 18 ب).

(2)

ورد في (وفاء الوفاء: 3/ 889) بلفظ "من دفن في مقبرتنا هذه شفعنا له أو شهدنا له" وقال السمهودي: رواه ابن شبة وابن زبالة عن كعب القرظي.

(3)

أم قيس بنت محصن الأسدية ممن أسلم قديمًا بمكة وبايعت وهاجرت وروت عن النبي صلى الله عليه وسلم، عمَّرت بفضل دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لها. (الإِصابة: 4/ 463 رقم 1457).

(4)

ر: في سكة - وفي (مجمع الزوائد: 4/ 13) في سكة من سكك المدينة.

ص: 777

حتى انتهى إِلى بقيع الغرقد، فقال: يا أم قيس. قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك، قال: ترين هذه المقبرة؟ قلت: نعم، قال:"إِنَّ الله تَعالى يَبْعَثُ منهَا يومَ القِيَامَةِ سَبْعينَ ألْفًا علَى صوُرةِ القَمَرِ ليلةَ البَدْرِ يَدْخُلُون الجَنَّةَ بغَيْرِ حِسَابٍ"(1).

وروى ابن النجار (2) بسنده إِلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: مقبرتان تضيئان لأهل السماء كما تضيء الشمس والقمر لأهل الدنيا: البقيع، بقيع القرقد، ومقبرة بعسقلان (3).

(1) أورده الهيثمي، وقال: رواه الطبراني في الكبير، وفيه مَنْ لمْ أعرفه (مجمع الزوائد: 4/ 13).

ولهذا الحديث شواهد ذكرها السمهودي.

وأورده المرتضى الزبيدي في (إِتحاف السادة المتقين: 4/ 424) وقال: أخرجه أبو محمد القاسم بن علي بن عباس في فضائل المدينة.

(2)

محمد بن محمود بن الحسن بن هبة الله بن محاسن، أبو عبد الله محب الدين بن النجار من أهل بغداد. كان مؤرخًا حافظًا للحديث له رحلة استمرت 27 سنة. من مؤلفاته (الدرة الثمينة في أخبار المدينة) و (نزهة الورى في أخبار أم القرى). ت 643.

(الأعلام: 7/ 307، البداية والنهاية 13/ 169. الرسالة المستطرفة 45. شذرات الذهب 5/ 226، طبقات الشافعية للسبكي 5/ 41، العبر 5/ 180، كحالة 11/ 317، فوات الوفيات 4/ 26 رقم 494 معجم الأدباء: 19/ 49).

(3)

رواه ابن زبالة عن أبي عبد الملك وفيه "مقبرتنا بالبقيع". كما قال السمهودي في (وفاء الوفاء: 3/ 889).

ص: 778

وبسنده إِلى كعب الأحبار (1) رضي الله عنه قال كعب الأحبار: نجدها في التوراة - يعني مقبرة المدينة - كقبة محفوفة بالنخيل وموكل بها ملائكة كلما امتلات أخذوا بأطرافها فكفوها في الجنة (2).

وأكثر الصحابة رضي الله عنهم ممن توفي بالمدينة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته مدفونون بالبقيع (3).

وذكر عن مالك - رحمه الله تعالى - أنه قال: مات بالمدينة من الصحابة رضي الله عنهم عشرة آلاف (4).

وذكر القاضي عياض في المدارك عن مالك بن أنس، أنه قال في خبر طويل في فضل المدينة: ومنها - يعني المدينة - تبعث أشراف هذه الأمة يوم القيامة، وهذا لا يقوله مالك عن عنده بل هو محل توقيف (5).

(1) كعب بن مانع بن ذي هجن الحميري أبو إِسحاق، كان من علماء اليهود في اليمن وأسلم في خلافة أبي بكر ودخل المدينة في خلافة عمر، فأخذ عنه بعض الصحابة أخبار الأمم الغابرة، سكن حمص، ت بها 32. (الأعلام: 6/ 85، تذكرة الحفاظ: 1/ 49، الحلية 5/ 364).

(2)

هذا الأثر أورده السمهودي عن كعب الأحبار في (وفاء الوفاء 3/ 889).

(3)

ب: في البقيع، وانظر (إِتحاف السادة المتقين 4/ 424 - 425).

(4)

المدارك: 1/ 46.

(5)

م. ن. 1/ 35.

ص: 779

وبالبَقِيع سيدُنا عثمان (1) بن عفان رضي الله عنه أفضل الخلق بعد أبي بكر وعمر رضي الله عنهم وولد سيدنا رسول الله (2) صلى الله عليه وسلم، وسادات أهل البيت وكبار الصحابة والتابعين - رضوان الله عليهم أجمعين.

وقد ثبت في الصحيح: أنه كان صلى الله عليه وسلم يقف على أهل البقيع فيسلم (3) عليهم ويدعو لهم، وأن الله تعالى أمره بذلك (4).

وفي النسائي، أنه صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ دَخَلَ مَقْبَرَةً فَقَرأ قلْ هْوَ الله أحَدٌ، أحَدَ

(1) أفاد المرتضى الزبيدي أن قبره في آخر البقيع بموضع يقال له: حش كوكب، وأسفل منه قبر فاطمة بنت أسد أم علي بن أبي طالب. (إِتحاف السادة المتقين: 4/ 424).

(2)

إِبراهيم ابن نبينا صلى الله عليه وسلم سماه باسم أبيه إِبراهيم الخليل أمه مارية القبطية. ولد سنة ثمان، وتوفي عن سبعة عشر شهرًا وأيام. يروى أن أول من دُفن بالبقيع عثمان بن مضعون، وأول من تبعه إِبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم (التحفة اللطيفة: 1/ 85 رقم 8، ذخائر العُقْبى: 153).

(3)

ب: وسلم.

(4)

حديث وقوفه صلى الله عليه وسلم على أهل البقيع أخرجه مسلم عن عائشة مطولًا، وفيه: " .. إِن جبريل أتاني

فقال: إِن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع، فتستغفر لهم" (الصحيح: 1/ 669 - 671 رقم 100، كتاب الجنائز، باب: الصلاة على الجنائز في المسجد) وانظر (إِتحاف السادة المتقين: 4/ 424).

وعن أبي مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِني قد أمرت أن أستغفر لأهل البقيع فانطلق معي". (مسند خليفة بن خياط 72 رقم 80)

ص: 780

عَشَرَ مَرَّةً وأهْدَى لَهُمْ ثَوَابَهَا كُتِبَ لَهُ مَنَ الحَسَنَاتِ بِعَدَدِهِمْ" هذا معنى الحديث.

وأول المشاهد وأولاها بالتقديم مشهد (1) سيدنا أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهو في قبة (2) عالية شرقي البقيع بناها أسامة بن سنان الصالحي أحد أمراء صلاح الدين يوسف بن أيوب (3) سنة إِحدى وستمائة، فتبدأ به رضي الله عنه، لأنه أفضل الناس بعد أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم. واختار بعضهم البداءَة بقبرِ إِبراهيمَ ابن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإِن بدأت بعثمان رضي الله عنه فادخل القبة بخشوعٍ وخضوعٍ وإِجلال وإِكرام، فإِنه في قبره حي (4) بشهادة القرآن العظيم.

(1) الزيارة الشرعية تكون للسلام والدعاء للميت والبدعية تكون لطلب الحاجة منه والدعاء عند قبره أو الدعاء به (فقه الحج لابن تيمية: 110).

(2)

كره جمهور العلماء بناء قبة أو غيرها على القبر (المجموع للنووي: 5/ 60 دار الفكر بيروت).

(3)

يوسف بن أيوب بن شاذي أبو المظفر صلاح الدين الأيوبي، الملقب بالملك الناصر من أشهر ملوك الإِسلام، كان أعظم انتصار له على الفرنج بفلسطين والساحل الشامي وتلاه استرداد طبرية وعكة ويافا، ثم افتتاح القدس سنة 583. وكانت مدة حكمه بمصر 24 سنة وبسوريا 19 سنة. (ت) 589. (الأعلام: 9/ 291، البداية والنهاية: 13/ 7، تاريخ الخميس: 2/ 387، السلوك للمقريزي: 1/ 41).

(4)

الشهداء أحياء في برزخهم، أرواحهم في حواصل طيور خضر تسرح في الجنة. =

ص: 781

وصفة السلام عليه أن تقول:

السلام عليك يا أمير المؤمنين أبا عمرو عثمان، السلام عليك يا جامع

القرآن، السلام عليك يا معدن الإِحسان، السلام عليك يا من خصه الله

بمصاهرة رسوله صلى الله عليه وسلم على ابنتيه (1) السلام عليك يا من بايع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في

بيعة الرضوان بنفسه عنه بإِحدى يديه، وقال:"هذي يدي عن عثمان"(2)،

السلام عليك يا من احتسب نفسه في سبيل الرضوان، السلام عليك يا من

= (تفسير ابن كثير: 1/ 203 - المعارف - بيروت) وهو يعني قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169]. قال ابن جزي: هذا إِعلامٌ بأنَّ حال الشهداءِ حالُ الأحياءِ من التمتع بأرزاق الجنة، (التسهيل لعلوم التنزيل: 124).

(1)

تزوج عثمان رقية بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما ماتت زوجه أم كلثوم تأسف الرسول عليه الصلاة والسلام على مصاهرته فقال:"والذي نفسي بيده لو كان عندي ثالثة لزوجتكها".

ولهذا لقب عثمان بذي النورين، رضي الله عنه. (الرياض المستطابة: 156 - 158).

(2)

جاء في حديث لابن عمر "

بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان، وكانت بيعة الرضوان، بعد ما ذهب عثمان إِلى مكة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى: هذه يد عثمان، فضرب بها على يده، فقال: هذه لعثمان".

أخرجه البخاري (الصحيح: 5/ 18 - 19، كتاب المناقب، باب مناقب عثمان بن عفان).

ص: 782

جهز جيش العُسْرةِ (1) بما أقر به عين سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، السلام عليك يا من شرى بئر رومة (2) فأوقفها على المسلمين، اللَّهُمَّ إِنَّا نشهد أنه كان خليفة صدق وإِمام حق، وأنه نصح للدين (3) وبذل جهده للمسلمين، وأنه قُتل مظلومًا يوم الدار (4)، فأنزله اللهم * أكرم منازل الشهداء الأبرار، وانفعنا بزيارته ومحبته، واحشرنا في زمرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وزمرته.

المشهد الثاني: قبر (5) سيدنا إِبراهيم ابن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتقف عنده خارج الشباك وتقول:

السلام عليك يا سيدي إِبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، السلام عليك يا قُرَّةَ عينِ النبوَّةِ، السلام عليك يا أشرف الناس أبوةً، السلام عليك يا نتيجة الشرف

(1) المراد بجيش العُسرة تبوك، وكانت غزوة تبوك في شهر رجب من سنة تسع قبل حجة الوداع.

وتبوك نصف طريق المدينة إِلى دمشق.

أخرج أحمد والترمذي من حديث عبد الرحمن بن حباب السلمي أن عثمان أعان فيها بثلاثمائة بعير. ومن حديث عبد الرحمن بن سمرة أنه أتى فيها بألف دينار فصبها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم. انظر (فتح الباري: 7/ 54 - 55، و 8/ 111 - 112).

(2)

سيأتي الكلام عليها في ص:

(3)

ر: نصح الدين.

(4)

كان ذلك لثمان عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين (إِتمام الوفاء: 165)

(5)

انظر عنه (تاج المفرق: 1/ 289).

ص: 783

الباذخ وسلالة المجد الراسخ، السلام عليك يا جوهرة الشرف الأعلى ووساطة العقد المحلَّى، السلام عليك، صلى الله على أبيك وعليك، ونفعنا بمحبتك، وحشرنا في زمرة أبيك المصطفى وزمرتك.

ثم تدعو بما شئت.

واعلم أن في قبة قبر (1) سيدنا إِبراهيم عثمان بن مضعون (2) وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما فتسلم عليهما (3) وتدعو.

المشهد الثالث: قبر سيدنا العباس (4) وقبر سيدنا الحسن بن علي بن أبي

(1) وقال المرتضى الزبيدي: كانت عليه قبة لطيفة وقربه قبر نافع القاري وقبر مالك (إِتحاف السادة المتقين: 4/ 424).

(2)

عثمان بن مضعون بن حبيب بن وهب الجُمَحِي القرشي أبو السائب، أسلم أول الإِسلام، وهاجر إِلى الحبشة الهجرة الأولى، وهو أول رجل مات بالمدينة من المهاجرين سنة 2، وهو أول من دفن بالبقيع، وأعلم النبي صلى الله عليه وسلم على قبره بحجر، وكان يزوره. (الاستيعاب 3/ 85، أسد الغابة: 3/ 598 رقم 3588، الإِصابة: 2/ 457 رقم 5455).

(3)

عليهما: سقطت من (ر).

(4)

العباس بن عبد المطلب بن هشام أبو الفضل، عم رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد بيعة العقبة مع الأنصار قبل إِسلامه، وهاجر قبل الفتح بقليل، ثم شهد الفتح وشارك في غزوة حنين. ت 32 بالمدينة وله فضائل جمة.

(أسد الغابة: 3/ 164 رقم 2797، الإِصابة: 2/ 263 رقم 4507 خلاصة التهذيب 189، ذخائر العُقبى: 186).

ص: 784

طالب رضي الله عنهم وهما في قبة عالية في أول البقيع، وهذه القبة بناها الخليفة الناصر أبو العباس أحمد بن المستضيء (1) في أيام خلافته، وكان أولها في سنة سبع وتسعين وخمسمائة وبقي في الخلافة سبعًا وأربعين سنة، ولم أقف على تاريخ بناء (2) القبة.

فتبدأ بزيارة العباس رضي الله عنه فتقول:

السلام عليك يا أبا الفضل العباس، السلام عليك يا عم رسول الله، السلام عليك أيها البر الزكي، السلام عليك أيها العم الحفي، السلام عليك يا ساقي الحجيج بمكة الأمينة، السلام عليك يا من سقى الله بشفاعته أهل المدينة، السلام عليك ورحمة الله وبركاته، اللهم ارفع منزلته وأعل درجته وزده شرفًا وفضلًا وكرامة، وعرفنا به في عرصات القيامة، وانفعنا بولايته ومحبته، ولا تخالف بنا عن طريقته، ثم تدعو وتتوسل (3) به إِلى الله تعالى.

فقد قدمه عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وهو يومئذ أمير المؤمنين بالمدينة (4) فاستسقى به وتشفع به إِلى الله تعالى فسُقُوا عَاجِلًا رضي الله عنه ونفعنا به.

(1) الناصر لدين الله أحمد بن المستضيء بأمر الله الهاشمي العباسي ولد ببغداد سنة 553 وتولى الخلافة بعد موت أبيه سنة 575 واستمر على كرسيها إِلى أن توفي سنة 622. (البداية ب والنهاية: 13/ 106).

(2)

بناء: سقطت من ص.

(3)

أوضح ابن تيمية أن التوسل فيه إِجمال أدى إِلى اضطراب الناس، فالوسيلة التي أمر تعالى أن تبتغي إِليه هي ما يتقرب به إِليه من الواجبات والمستحبات والتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم يكون بدعائه وشفاعته، وذلك جائز. ومن هذا قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه:"اللهم إِنَّا كنَّا إِذا أجدبنا توسلنا إِليك بنبيك فتسقينا، وإِنا نتوسل إِليك بعم نبينا فاسقنا" أي بدعائه وشفاعته، لا بذاته، ولما عدلوا عن التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم إِلى التوسل بالعباس علم أن ما يفعل في حياته قد تعذر بموته، أما التوسل بالإِيمان أو الطاعات فهو مشروع دائما. (قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة: 48 - 51).

(4)

بالمدينة: سقطت من ص.

ص: 785

ثم تيامن وتقصد زيارة سيدتنا فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وزيارة ابنها الحسن بن علي رضي الله عنهما، فإِنه قد جاء أن الحسن رضي الله عنه لما أخذه مرض البطن وعرف (1) من نفسه انقطاع الحياة بعث إِلى عائشة رضي الله عنها يستأذنها في أن يُدفن عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأذنت له، فبلغ ذلك جماعة من بني أمية فلبسوا السلاح، وقالوا: لا يدفن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويدفن عثمان في حش كوكب.

ولبس الحُسين بن علي رضي الله عنهما السلاح مع جماعته، فأرسل الحسن إِلى أخيه وقال: لا حاجة لي بهذا وادفني عند أمي في البقيع، فهذا الخبر يدل على أن قبرها عند قبره رضي الله عنهما.

(1) ب: واعلم.

ص: 786

وذكر الشيخ محب الدين الطبري في "ذخائر العقبي في فضائل ذوي القربى"(1): أن الشيخ أبا العباس * المرسي (2) كان إِذا زار البقيع وقف أمام قبة (3) العباس من داخل القبة، وسلم على فاطمة رضي الله عنهما ويذكر أنه كشف له عن قبرها (4) هناك (5).

واعلم أن في قبر الحسن رضي الله عنه ابن أخيه زين العابدين علي ابن الحسين وأبو جعفر محمد الباقر بن زين العابدين وابنه جعفر الصادق ابن محمد الباقر رضي الله عنهم، فتبتدئ بالسلام عليهم جملة، تسلم على كل واحد منهم فتقول:

السلام عليكم أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ورحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إِنه حميد مجيد {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ

(1) في (كشف الظنون: 821) سماه: ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، وهذا ما أثبت على المطبوع.

(2)

أحمد بن عمر المرسي أبو العباس شهاب الدين من أهل الإِسكندرية وأصله من مرسية بالأندلس فقيه متصوف، لأهل الإِسكندرية فيه اعتقاد كبير. ت 686. (الأعلام: 1/ 179، النجوم الزاهرة: 7/ 371).

(3)

ر: امام قبلة قبة.

(4)

ر: عن قبر.

(5)

كذا في (ذخائر العقبي: 54).

ص: 787

أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (1)، والسلام عليكم يا فروع النبوة والرسالة، السلام عليكم يا معادن الشرف والأصالة، السلام عليكم يا من حيَّاهم الروح الأمين، السلام عليكم يا من حلَّاهم الكتاب المبين.

ثم تسلم على فاطمة رضي الله عنها فتقول:

السلام عليك يا أم الحسن والحسين، السلام عليك أيتها الزهراء البتول، السلام عليك يا ابنة المصطفى الرسول السلام عليك يا من وصفها النبي بالجلال والكمال والأفضال، السلام عليك يا ذات الشرف العليِّ، السلام عليك يا قرينة أمير المؤمنين عليّ، السلام عليك أيتها الجوهرة المصونة والدرة المكنونة، السلام عليك وعلى أبنائك الطاهرين ورحمة الله وبركاته.

ثم تسلم على الحسن رضي الله عنه فتقول:

السلام عليك يا أبا محمد الحسن، السلام عليك يا سبط نبي الهدى، السلام عليك يا قرة عين المصطفى، السلام عليك يا ابن سيف الله المسلول، السلام عليك يا ابن بنت الرسول، السلام عليك يا ابن الزهراء البتول، السلام عليك أيها الإِمام المرتضى الشهيد (2). السلام عليك يا سيد شباب أهل الجنة، السلام عليك يا من أصلح الله به المسلمين وبشر بذلك سيد المرسلين، السلام عليك يا ذا المناقب التي لا تحصى والفضائل التي لا تستقصى، السلام عليك ورحمة الله وبركاته.

(1) الأحزاب: 33.

(2)

السلام عليك أيها الإِمام الشهيد: ساقط من (ر).

ص: 788

ثم تسلم على زين العابدين، فتقول:

السلام عليك يا سيدي علي بن الحسين زين العابدين، السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين، السلام عليك يا إِمام العلماء العاملين، السلام عليك يا فخر العابدين، السلام عليك يا حائز الشرف المبين، السلام عليك يا سلالة النبوة، السلام عليك يا شريف الأبوة، السلام عليك ورحمة الله وبركاته.

ثم تسلم على محمد الباقر فتقول:

السلام عليك يا سيدي أبا جعفر محمد الباقر، السلام عليك يا ذا الشرف الأصيل والفضل الجليل، السلام عليك، السلام عليك يا ابن زين العابدين، السلام عليك يا فخر العلماء العاملين، السلام عليك ورحمة الله وبركاته.

ثم تسلم على جعفر الصادق، فتقول:

السلام عليك يا سيدي جعفر الصادق، والسلام عليك * يا من كان علم اهتداء، وبه في العلم والعمل يُقتدَى.

ثم تقول:

السلام عليكم أيتها الفروع الزكية، والذوات العلية، السلام عليكم أيتها النبعات الطاهرة، السلام عليكم أيها النجوم الزاهرة، السلام عليكم، نفعنا الله بمحبتكم في الدنيا والآخرة، اللهم بجاههم عندك وكرامتهم عليك تقبل زيارتنا وارحم ضراعتنا.

ثم تدعو بما تشاء.

ص: 789

المشهد الرابع: فيه عقيل بن أبي طالب (1) رضي الله عنه وعبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب (2) رضي الله عنه وعبد الله هذا هو المعروف بالجواد، فتقف عليها وتقول:

السلام عليك يا سيدي عقيل بن أبي طالب، السلام عليك يا سيدي عبد الله بن جعفر الطيار، السلام عليكما يا ابنّي عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، السلام عليكما يا صاحبي القدح المُعَلَّى، السلام عليكما يا أهل بيت النبوة والرسالة، السلام عليكما يا صاحبي السماحة والبسالة، زادكما الله فضلًا كما رفعكما قدرا ومحلا، ونفعنا ببركاتكما (3) وأجزل ثوابنا على محبتكما.

وتدعو بما شئت.

(1) عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي أبو يزيد. صحابي فصيح اللسان عالم بأيام قريش ومآثرها وأنسابها. أسلم بعد الحديبية وهاجر في السنة الثامنة، وشهد مؤته واختلف في سنة وفاته، وقيل إِنها 60 هـ. (الأعلام: 5/ 39 - 40، أسد الغابة 4/ 63 رقم 3726، الاصابة: 2/ 487 رقم 5630، ذخائر العقبي: 221).

(2)

عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي صحابي كريم ولد بأرض الحبشة لما هاجر أبواه إِليها وأتى البصرة والكوفة والشام، كان أحد أمراء جيش علي يوم صفين ت 80 بالمدينة. (الإِصابة: 2/ 280 رقم 4591؛ الأعلام: 4/ 204، ذخائر العقبي: 219).

(3)

ص، ب: بزيارتكما.

ص: 790