الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فائدة:
هذه القبة هي دار عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه.
ونقل ابن النجار عن عوسجة قال: كنت أدعو ليلة إِلى زاوية دار عقيل التي تلى باب الدار، فمر بي جعفر بن محمد الجواد فقال: وقفت ها هنا على أثر بلغك؟ فقلت: لا، فقال: هذا موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل إِذ جاء يستغفر لأهل البقيع، فينبغي فيه الدعاء.
واعلم أنَّ الدعاء عند قبر عبد الله بن جعفر من المواضع المشهورة باستجابة الدعاء (1): وقد جرب ذلك.
المشهد الخامس قبر أم علي بن أبي طالب رضي الله عنها وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل في قبرها. وهي فاطمة (2) بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف رضي الله عنها فتقول:
السلام عليك يا فاطمة بنت أسد بنت هاشم، السلام عليك يا ذات الشرف
(1) يؤكد ابن تيمية أن ليس في الإِسلام بقعة تقصد بالصلاة والدعاء إِلا مساجد المسلمين ومشاعر الحج (مجموع الفتاوى: 27/ 137).
(2)
فاطمة بنت أسد بن هاشم والدة الإِمام علي وإِخوته، قال الزبير بن بكار: إِنها أول هاشمية ولدت خليفة وبعدها فاطمة الزهراء، كانت امرأة صالحة، توفيت بالمدينة وكفنها النبي صلى الله عليه وسلم في قميصه. (الإِصابة 4/ 368 رقم 831، أعلام النساء: 4/ 33).
العلي، السلام عليك يا أم أمير المؤمنين علي (1)، السلام عليك يا من اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبرها، السلام عليك يا من ألبسها المصطفى صلى الله عليه وسلم قميصه بعد موتها، السلام عليك، رفع الله منزلتك ونفعنا بزيارتك، ثم تدعو.
المشهد السادس: الحظيرة التي في قبلة قبة سيدنا عقيل رضي الله عنه وهو حوش محوط بالبناء بالحجارة السوداء يقال: إِن فيه أزواج (2) النبي صلى الله عليه وسلم فتقف عليهن وتسلم عليهن، فتقول: السلام عليكن يا أزواج سيد المرسلين، السلام عليكن يا أمهات المؤمنين، السلام عليكُنَّ يا حائزات الشرف الأعلى، السلام عليكن يا من اخترن الله ورسوله على العرض الأدنى (3)، السلام عليكنَّ ورحمةُ الله وبركاته، اللهم انفعنا بمحبتهن واحشرنا في زمرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وآله وأزواجه وذريته، ولا تخالف بنا على طريقتهم، وارحمنا ببركتهم.
ثم تدعو بما شئت.
(1) ب: علي بن أبي طالب.
(2)
انظر (تاج المفرق: 1/ 289).
(3)
إِشارة إِلى قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 28، 29].
وقد خير الرسول صلى الله عليه وسلم نساءه بين الطلاق والمتعة إِن أردن زينة الدنيا وبين البقاء في عصمته إِن أردن الآخرة، فاخترن البقاء في عصمته (التسهيل لعلوم التنزيل: 526 - 527). =
المشهد السابع: الحظيرة التي على يسار الخارج من باب البقيع وهو قبر (1) صفية * في عمة النبي (2) صلى الله عليه وسلم، وهي أخت حمضة بن عبد المطلب وأم الزبير بن العوام رضي الله عنهم، فتقف عليها وتقول:
السلام عليك يا صفية بنت عبد المطلب، السلام عليك يا عمة رسول الله، السلام عليك يا أخت أسد الله، السلام عليك يا من جاهدت الأعداء في سبيل الله، السلام عليك يا ذات الشرف العليِّ، السلام عليك يا ذات الأصل
= وروي عن عبد الله بن عباس: "
…
قالت عائشة رضي الله عنها: أنزلت آية التخيير فبدأ بي أول امرأة فقال: إِني ذاكر أمرًا لا عليك أن تعجلي حتى تستأمري أبويك، قالت: قد أعلم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقك، ثم قال: إِن الله قال: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} إِلى قوله: {عَظِيمًا} [الأحزاب: 28، 29]. قلت: أفي هذا أستأمر أبويَّ؟ فإِنِّي أريد الله ورسوله والدارَ الآخرة، ثم خَيَّر نساءه فقلن مثل ما قالت عائشة".
أخرجه البخاري (الصحيح: 3/ 106 - كتاب المظالم باب الغرفة والعلية المشرفة وغير المشرفة ثم السطوح وغيرها).
(1)
انظر (تاج المفرق: 1/ 288).
(2)
صفية بنت عبد المطلب بن هاشم القرشية أسلمت قديما، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهاجرت إِلى المدينة وهي أم الزبير والسائب وعبد الكعبة أبناء العوام بن خويلد.
توفيت في خلافة عمر بن الخطاب سنة 20 وعمرها 73 سنة (الإِصابة: 4/ 339 - 340 رقم 654، أعلام النساء: 2/ 341، ذخائر العقبي: 251).
الزكي، السلام عليك يا قرة عين المصطفى، السلام عليك يا قدوة الأبرار، السلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وصفية هذه رضي الله عنها حضرت غزوة أحد، قتلت في غزوة الخندق كافرًا، وفضائلها عديدة رضي الله عنها.
المشهد الثامن: قبر مالك بن أنس إِمام دار الهجرة رحمه الله فتقف عليه وتقول: السلام يا مالك بن أنس، رحمة الله عليك ورضوانه، السلام عليك يا إِمام دار الهجرة، السلام عليك يا من بشر به النبي صلى الله عليه وسلم الأمة (1)، السلام عليك يا من جعله الله على الخلق (2) حُجةً، السلام عليك يا حامل لواء الدين، السلام عليك يا ناشر سنة سيد المرسلين، السلام
(1) يعني حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُوشِكُ النَّاس أنْ يَضْرِبُوا أكْبَادَ الإِبِل، فَلَا يَجِدُونَ عَالِمًا أعْلمَ مِنْ عَالمِ المَدِينَةِ".
أخرجه الحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم، وأقره الذهبي، وقد كان ابن عيينة يقول: نرى هذا العالم مالك بن أنس. (المستدرك مع التلخيص: 1/ 90 - 91 كتاب العلم).
وأخرجه الترمذي وقال: حسن. (صحيح الترمذي مع العارضة: 10/ 152 - 153).
وأخرجه أحمد في (المسند: 2/ 299) وابن عبد البر في (الانتقاء: 19، التمهيد: 1/ 85).
(2)
ر: الخلائق.
عليك يا من شدت إِليه الرحال، وضربت إِليه أكباد الإِبل في طلب السنة والعلم، السلام عليك يا من نشر الله علمه في الآفاق، وجعله إِمامًا يقتدى به إِلى يوم التلاق، نفعنا الله بمحبتك واتباعك وجمعنا وإِياك في دار كرامته. ثم تدعو بما شئت.
المشهد التاسع: قبر إِسماعيل بن جعفر الصادق (1) وهو في مشهد كبير على ركن سور البلد، وبابه من داخل المدينة بناه بعض ملوك مصر العبيديين، ويقال: إِن هذه العرصة التي فيها هذا المشهد وما حولها كانت دار زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنهم أجمعين؛ وبين الباب الأول وبين المشهد بئر منسوبة إِلى زين العابدين بن علي بن الحسين رضي الله عنهم أجمعين، وكذلك بجانب المشهد مسجد صغير مهجور يقال أيضًا: إِنه مسجد زين العابدين، فتقف عليه وتسلم عليه. فتقول:
السلام عليك يا سيدي إِسماعيل بن جعفر الصادق، السلام عليك يا ذا الشرف الباذخ والمجد الراسخ، السلام عليك يا سلالة النبوة، السلام عليك يا شريف الأبوة، السلام عليك يا معدن العلم والدين، السلام عليك يا ابن عم سيد المرسلين، السلام عليك ورحمة الله وبركاته، نفعنا لله بمحبتك وزيارتك، وتدعو بما شئت.
(1) إِسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد الباقر الهاشمي القرشي، تنسب إِليه فرقة الإِسماعيلية من الشيعة. ت 143 بالمدينة وترك أبناءه بالمدينة بعده (الأعلام: 1/ 306).
وذكر عن مالك (1) أن في البقيع من الصحابة رضي الله عنهم عشرة آلاف صحابي (2) وأما كبار التابعين وتابع التابعين فما يحصيهم إِلا الله تعالى، فينبغي السلام عليهم والدعاء لهم والتوسل بهم إِلى الله تعالى (3).
المشهد العاشر: قبر النفس الزكية، وهو محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم أجمعين. ومشهده خارج باب المدينة على طريق درب الشام شرقي جبل سلع وعليه بناء كبير أرادوا أن يعقدوا عليه قبة فما اتفق، وقبره هناك بسبب أنه مات شهيدًا، قتله أبو جعفر المنصور لما خاف منه أن تعقد البيعة له، وكانت خلافة المنصور في سنة سبع وثلاثين ومائة رحمه الله.
فتسلم عليه، وتقول:
السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا ابن بنت رسول الله، السلام عليك يا سلالة الشرف الأعلى، السلام عليك يا شريف المقام، السلام عليك يا سلالة الحسن بن علي، عليهما السلام. السلام عليك أيها الإِمام السعيد الشهيد، السلام عليك ورحمة الله وبركاته، نفعنا الله بمحبتك وزيارتك، ونفعنا بآبائِكَ الطيبين الطاهرين.
ثم تدعو.
(1) ر: عن مالك بن أنس.
(2)
المدارك: 1/ 46.
(3)
فينبغي
…
تعالى: ساقط من ر، ص.
واعلم أن في الحجرة الشريفة بنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه علامة خطيرة في خشب مربعة، وفيها محراب موضع منخفض يُصلى فيه.
وذكر بعض المؤرخين أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه دفنها في بيتها هذا، وعمي أثر القبر، فينبغي أن يسلم عليها في هذا الموضع أيضًا، لاحتمال صحة هذا النقل.
هذا، واعلم أن بين باب المدينة المعروف بباب السويقة وبين بابها المعروف بالدرب الصغير تحت السور قبة صغيرة، وفيها قبر يقال: إِنه قبر مالك بن سنان الأنصاري (1).
وذكر ابن الجوزي مالك بن سنان في شهداء أحد، فيبعد أنه هو ويحتمل أن يكون نقل - والله أعلم - وأدركت أكابر ممن يشار إِليهم بالعلم يقصدون زيارة ذلك القبر، وقبته اليوم ممتهنة، وربما جعلوها مخزنًا للتبن وغيره.
المشهد الحادي عشر: مشهد سيدنا حَمزة بن عبد المطلب، استشهد رضي الله عنه في غزوة أحد، وكانت في السنة الثالثة من الهجرة، وعلى سيدنا حمزة رضي الله عنه قبة عظيمة ومشهد كبير بنته أم الخليفة الناصر لدين الله بن المستضيء في سنة تسعين وخمسمائة (2).
(1) مالك بن سنان بن عبيد بن ثعلبة الأنصاري الخدري، ممن شهد أحُدًا واستشهد بها. (الإِصابة: 2/ 278 رقم 4583).
(2)
كذا في (وفاء الوفاء: 3/ 921) وهو ينقل عن ابن النجار.
وقال تاج الدين عبد الباقي بن متى (1): إِن ذلك كان سنة خمس وتسعين وخمسمائة.
وقيل: في قبر سيدنا حمزة ابن أخته عبد الله بن جَحْش (2)، قيل: وهو الملقب المجْدُوع فى الله؛ لأنه قاتل في سبيل الله وجُدع أنفُه وهو أول من سمي أمير المؤمنين لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم أميرًا على سرية (3) إِلى نخلة (4).
وليس في القبة من الشهداء أحدٌ سواهما.
(1) عبد الباقي بن عبد المجيد بن عبد الله بن أبي المعالي متى (بتاء مثناة من فوق) المخزومي، تاج تآليفه: مختصر الصحاح، وشرح الشفاء، وتاريخ اليمن، ولد سنة 680، (فوات الوفيات: 2/ 246 رقم 240، العقد الثمين: 5/ 321 رقم 1695).
(2)
عبد الله بن جَحش بن رِئَاب بن يعمر الأسدي، ممن أسلم قديمًا، هاجر إِلى الحبشة ثم إِلى المدينة وهو أخو زينب بنت جحش أم المؤمنين، وكان من أمراء السرايا واستشهد يوم أحد، ودفن هو وحمزة في قبر واحد.
(أسد الغابة: 3/ 194 رقم 2856، الإِصابة: 2/ 278 رقم 4583 الأعلام: 2/ 203، التحفة اللطيفة: 2/ 382، رقم 1971، حلية الأولياء: 1/ 108).
(3)
كانت السرية في رجب من السنة الأولى للهجرة، وكان عبد الله بن جحش في ثمانية من المهاجرين، نزلوا بنخلة واعترضوا عير تجارة لقريش فقتلوا عمرو بن الحضرمي وأسروا عثمان بن عبد الله بن المغيرة الخزومي، وغنموا العير، وفي ذلك نزل قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ
…
} الآية [البقرة: 217].
(الجامع لابن أبي زيد: 272، الجامع من المقدمات: 105، الروض الأنف: 5/ 63).
(4)
نخلة موضع على ليلة من مكة، ينسب إِليها بطن نخلة. (معجم ما استعجم: 4/ 1304).
والقبر الذي عند رجلي سيدنا حمزة رجل من الترك، كان متولي عمارة المشهد (1)، والذي في الصحن بعض الأشراف من أمراء المدينة (2).
فإِذا وقفت بين يديه رضي الله عنه فتقول:
السلام عليك يا سيدي أبا عمارة حمزة بن عبد المطلب، السلام عليك يا سيد الشهداء، السلام عليك يا عم المصطفى * السلام عليك يا أسد الله وأسد رسوله، السلام عليك يا من جاهد في الله حق جهاده، السلام عليك يا من باع نفسه في سبيل الله وبذلها في مراده، السلام عليك يا من استشهد في نصرة الدين وإِعلاء دعوة سيد المرسلين، أشهد أنك جاهدت في الله حق جهاده حتى أتاك اليقين، جزاك الله عن الإِسلام والمسلمين خيرًا.
ثم تقول:
السلام عليك يا سيدي عبد الله بن جحش، السلام عليك يا من استشهد في نصرة الإِسلام ورفع كلمة الدين، رفع الله منزلتكما في عليين، وأنزلكما أعلى منازل الشهداء المقربين، ونفعنا بزيارتكما ومحبتكما، وجمعنا معكما (3) في دار الكرامة.
(1) ذكر السمهودي أن اسمه منقر (وفاء الوفاء: 3/ 923).
(2)
كذا في (م، ن: 3/ 923).
(3)
ب، ص: معكم.
ثم تدعو بما شئت وتتوسل (1) بهما إِلى الله تعالى في قضاء حوائجك.
المشهد الثاني عشر: زيارة شهداء أحد الذين قُتلوا يوم غزوة أحد، مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهم سبعون (2).
أربعة منهم من المهاجرين (3) وهم: حمزة بن عبد المطلب، وعبد الله بن جَحش، ومُصعب بن عُميْر (4)، وشماس بن عثمان (5).
وستة وستون من الأنصار، وقبورهم قبلي أحد قد دثرت وليس عليها إِلَّا الحجارة، ولا شك أنها بالقرب من سيدنا حمزة، وذكر: أنها القبور التي شمالي قبة سيدي حمزة على يسار السالك إِلى المهراس الذي في جبل أحد،
(1) لا يجوّز الإمام مالك التوسل، ولهذا أفتى العامة بالانصراف بعد السلام على الرسول صلى الله عليه وسلم كما رأينا في كلام ابن فرحون ص 766 وفي تعليقنا رقم 2 فيها. وانظر تعليقنا على التوسل في ص 785 رقم 4.
(2)
الدرة الثمنية: 27 ب.
(3)
سيرة ابن هشام: 3/ 75 - 76.
(4)
مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، أبو عبد الله من السابقين إِلى الإِسلام، شهد بدرًا ثم أحدًا واستشهد فيها، أسلم على يديه كثير من أهل المدينة عندما أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إِليهم معلمًا.
(الاستيعاب 3/ 448، الإِصابة 3/ 401، تهذيب الأسماء 1/ 2/ 96 - 97).
(5)
شماس بن عثمان بن الشريد بن هَرَمِيّ بن عامر بن مخزوم القرشي المخزومي، من الهاجرين الأولين، شهد بدرًا، وكان يوم أحد يقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه.
(الاستيعاب: 2/ 153 - 155، أسد الغابة: 2/ 528، الإِصابة: 2/ 152).
وغربي القبة قبور أيضًا، قيل: إِنها من جملة قبور (1) الشهداء، وقيل: إِنها قبورُ النَّاس الذين ماتوا في عام الرمادة (2) في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فينبغي أن تقف بالقرب من تلك القبور (3) كلها، فتتوسطها وتسلم عليهم، وتدعو لهم وتتوسل إِلى الله تعالى بهم (4) في قضاء حوائجك.
وقد ذكر رزين (5) عن عبد الأعلى أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف عليه وقرأ: {مِنَ
(1) قبور: سقطت من (ر)
(2)
أصابت الناس في إِمارة عمر مجاعة شديدة آخر سنة سبع عشرة وأول سنة ثمان عشرة بالمدينة وما حولها، فكانت الريح تثير ترابًا كالرماد، فسمي عام الرمادة، وفي هذه المحنة آلى عمر آن لا يذوق سمنًا ولا لبنًا ولا لحمًا، حتى يتوفر ذلك في السوق للناس.
انظر (تاريخ الطبري: 4/ 96 وما بعدها).
(3)
القبور: سقطت من (ر).
(4)
الدعاء لهم مشروع كما شرع عند الجنازة، أمّا بهم فليس مشروعًا، ولم يكن من عمل الصحابة رضي الله عنهم، قال ابن تيمية:"المسألة بخلقه لا تجوز، لأنه لا حق للخلق على الخالق، فلا يجوز أن يسأل بما ليس مستحقًّا".
(5)
رزين بن معاوية بن عمار العبدي الأندلسي السرقسطي أبو الحسن إِمام المالكية بالحرم، من تأليفه كتاب في أخبار مكة وكتاب جمع فيه ما في الصحاح الخمسة والموطأ. ت 525.
(الأعلام: 3/ 46، وفيه وفاته 535، الرسالة المستطرفة 130، شذرات الذهب: 4/ 106، العقد الثمين: 5/ 398 - 399 رقم: 1192).
الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} (1) الآية، ثم قال:
اللهم إِني عبدك ونبيك، أشهد أن هؤلاء شهداء.
ونظر صلى الله عليه وسلم إِلى الصحابة (2) وقال: "ائْتُوهُمْ وَسَلِّمُوا عَلَيْهمْ فَإِنَّهُ لَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ أحَدٌ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ والأرْضُ إِلَّا رَدُّوا عَلَيْهِ"(3).
ونقل ابن الحاج في مناسكه عن ابن شعبان أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتيهم كل
(1) الأحزاب: 23 - وتمامها: {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} .
(2)
ص: أصحابه.
(3)
أخرج ابن النجار هذا الحديث بلفظ: "هؤلاء شهداء فأتوهم وسلموا عليهم، ولن يسلم عليهم أحد ما قامت السماوات والأرض إِلا ردوا عليه".
(الدرة الثمينة: 31 ب - 32 أ).
وقال السمهودي: روى يحيى أنه لما انكشف الناس يوم أحد وقف صلى الله عليه وسلم على مصعب بن عمير، فقال: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ
…
} إِلى قوله: {وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} اللهم إِن عبدك ونبيك يشهد أن هؤلاء شهداء فأتوهم وسلموا عليهم فلن يسلم عليهم أحد ما قامت السماوات والأرض إِلا ردوا عليه، ثم وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم موقفًا آخر، فقال: هؤلاء أصحابي الذين أشهد لهم يوم القيامة، فقال أبو بكر: فما نحن بأصحابك؟ فقال: بلى، ولكن لا أدري كيف تكونون بعدي إِنهم خرجوا من الدنيا خماصًا).
وأشار السمهودي إِلى أن الثعلبي المفسر رواه بلفظ يختلف قليلًا عما جاء في رواية يحيى السالفة. (وفاء الوفاء: 3/ 931). =
عام، فيقف عليهم ويرفع صوته، ويقول:{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} (1).
وكذلك فعل الخلفاء (2) الثلاثة بعده.
ويقول ما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم من التلاوة. ثم يقول:
السلام عليكم يا شهداء أحد، السلام عليكم يا من لا يضاهيهم من الشهداء أحد، السلام عليكم يا من صدقوا ما عاهدوا الله عليه، السلام عليكم يا من تقربوا إِلى الله تعالى بأنفسهم، وذلك أعظم ما يتقرب به إِليه، السلام عليكم يا من أثنى عليهم الرحمن وأنزل مدحهم في القرآن الكريم (3)، السلام عليكم يا ذوي السعادة والسيادة، السلام عليكم يا من نالوا من فضل الله غاية الإِرادة، السلام عليكم يا من اشترى الله تعالى منهم أنفسهم * بأن
= وقد أورد حماد بن إِسحاق بن إِسماعيل تـ: 267 في كتابه (تركة النبي صلى الله عليه وسلم: 54 - 55) حديثًا رواه عقبة بن عامر "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات يوم فصلى على أهل أحد صلاته على الميت" قال محققه أكرم ضياء العمري: أخرجه البخاري من طريق ليث بن سعد (كتاب الجنائز: 2/ 93 - 94) وفي عشرة مواضع أخرى من صحيحه، وإسناد المؤلف حماد بن إِسماعيل صحيح أيضًا.
(1)
الرعد: 24.
(2)
(ر): نقل عن الخلفاء.
(3)
يعني الآية السالفة: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23].