الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الممتحنة
سورة الممتحنة مدنيّة، وهي ألف وخمسمائة وعشرة أحرف، وثلاثمائة وثمان وأربعون كلمة، وثلاث عشرة آية. قال صلى الله عليه وسلم:[من قرأها كان المؤمنون والمؤمنات شفعاء له يوم القيامة]
(1)
.
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ؛} نزلت هذه الآية في حاطب بن أبي بلتعة، وذلك أنّ سارة مولاة أبي عمرو صيفي بن هشام أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكّة إلى المدينة بعد بدر بسنتين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتجهّز لفتح مكّة، فقال لها النّبيّ صلى الله عليه وسلم:[أمسلمة جئت؟] قالت: لا، قال:[أمهاجرة جئت؟] قالت: لا، قال:[فما حاجتك؟]
(2)
قالت: كنتم الأهل والعشيرة والموالي، وقد ذهبت أموالي واحتجت حاجة شديدة، فقدمت عليكم لتعطوني وتكسوني وتحملوني، قال:[وأين أنت من شباب أهل مكّة؟] وكانت مغنّية ونائحة، قالت: ما طلب منّي شيء بعد وقعة بدر، فأمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم بني عبد المطّلب فكسوها وأعطوها نفقة
(3)
.
فأتاها حاطب بن أبي بلتعة الأزديّ حليف بني أسد، فكتب إلى أهل مكّة وأعطاها عشرة دنانير على أن توصل الكتاب إلى أهل مكّة، وكتب في الكتاب: من
(1)
أخرجه الثعلبي في الكشف والبيان: ج 9 ص 290.
(2)
في تفسير الكشف والبيان: ج 9 ص 291،والجامع لأحكام القرآن: ج 17 ص 51: [فما جاء بك].
(3)
أخرجه مختصرا الطبري في جامع البيان: الحديث (26293).وفي الدر المنثور: ج 8 ص 127؛ قال السيوطي: (أخرجه ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه وذكره. واللفظ لمقاتل ذكره في التفسير: ج 3 ص 348.
حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكّة: رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يغزوكم، فخذوا حذركم.
مع أشياء كتب بها يتنصّح لهم فيها، فمضت سارة بالكتاب.
فنزل جبريل عليه السلام فأخبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم بما فعل حاطب، فبعث النّبيّ صلى الله عليه وسلم وراءها عليّ بن أبي طالب والزّبير بن العوّام والمقداد، فخرجوا يعادي بهم خيلهم، فطلبوا منها الكتاب، فقالت: ما عندي كتاب، وحلفت على ذلك، ففتّشوا متاعها فلم يجدوه، وقالت: إنّكم لا تصدّقوني حتّى تفتّشوا ثيابي، واصرفوا وجوهكم عنّي فصرفوها، فطرحت ثيابها ففتّشوها فلم يجدوا شيئا، فتركوها وهمّوا بالرّجوع.
فقال عليّ بن أبي طالب: إنّي أشهد أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكذبنا، وإنّها هي الكاذبة فيما تقول، فسلّ سيفه وقال: أخرجي الكتاب وإلاّ والله لأضربنّ عنقك وأقسم على ذلك، فلمّا رأت الحدّ أخرجته من ظفائر رأسها، فأخذوه وخلّوا سبيلها ورجعوا بالكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأرسل إلى حاطب فأتاه، فقال له:[يا حاطب هل تعرف هذا الكتاب؟] قال:
نعم، قال:[ما حملك على ذلك؟] قال: والله يا رسول الله ما كفرت منذ أسلمت، ولا غششتك منذ صحبتك، ولا أحببتهم منذ فارقتهم، فلا تعجل عليّ يا رسول الله، إنّي كنت امرءا ملصقا في قريش، ولم أكن منهم، ولم يكن أحد من المهاجرين إلاّ وله بمكّة من يمنع عشيرته، وأنا غريب فيهم، وكان أهلي بين أظهرهم، فخشيت على أهلي فأردت أن أتّخذ عندهم يدا، فو الله ما فعلت ذلك شكّا في ديني ولا رضى بالكفر بعد الإسلام، ولا ارتبت في الله منذ أسلمت، وقد علمت أنّ الله تعالى نزّل عليهم بأسه، وإنّ كتابي لا يغني عنهم شيئا.
فصدّقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعذره وقال: [إنّه قد صدق].فقام عمر رضي الله عنه وقال: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:[إنّه قد شهد بدرا، وما يدريك أنّ الله تعالى قال لأهل بدر: اعملوا ما شئتم فقد غفر لكم]
(1)
.
(1)
الحديث صحيح أصوله في صحيح البخاري: كتاب الجهاد والسير: باب الجاسوس: الحديث (3007).وأخرج ألفاظه الطبري في جامع البيان: الحديث (26292 و 26293).
وروي: أنّ عبدا لحاطب جاء يشتكي من حاطب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ليدخلنّ حاطب النّار، فقال:[كذبت! لا يدخلها أبدا لأنّه شهد بدرا والحديبية]
(1)
.
ثم أنزل الله تعالى هذه الآية يعرّف بها النبيّ صلى الله عليه وسلم أن حاطبا مؤمن، فقال {(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ)} معناه: لا تتّخذوا الكافرين أحبّاء في العون والنّصرة، {تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ؛} أخبار النبيّ صلى الله عليه وسلم وسرّه، {بِالْمَوَدَّةِ؛} التي بينكم وبينهم وتخبرونهم بما يخبر به الرجل أهل مودّته، {وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ؛} جحدوا بما جاءكم من الحقّ يعني القرآن، ومع ذلك، {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ؛} أي يخرجون الرسول من مكّة ويخرجونكم أيضا من دياركم لأجل إيمانكم بربكم.
قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي؛} هذا شرط، وجوابه متقدّم عليه وهو قوله {(لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ)}.تقديره: إن كنتم خرجتم جهادا مجاهدين في طاعتي وسنّتي ومتّبعين مرضاتي، فلا تتّخذونهم أولياء، وقوله تعالى:{(جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي)} منصوبان لأنّهما مفعول لهما.
وقوله تعالى: {تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ؛} أي تخفون مودّتهم، {وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ،} وأنا أعلم بما تضمرون في صدوركم، وما تظهرون بألسنتكم. قوله تعالى:{وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ؛} يعني الإسرار وإلقاء المودّة إليهم، {فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ} (1)؛أي فقد أخطأ طريق الهدى، والمعنى: ومن يفعل منكم يا معشر المؤمنين ما فعل حاطب، فقد أخطأ طريق الحقّ والهدى.
قوله تعالى: {إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً؛} معناه: إن يصادفوكم ويظفروكم في حال لا يخافونكم عليها يظهروا عداوتكم، {وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ}
(1)
في الدر المنثور: ج 8 ص 128؛ قال السيوطي: (أخرجه عبد بن حميد ومسلم والترمذي والنسائي عن جابر) وذكره.
{أَيْدِيَهُمْ؛} بالقتل والضّرب، {وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ؛} بالشّتم والطعن، {وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} (2)؛ويحبّون أن تكفروا بالله بعد إيمانكم كما أنّهم كافرون، والمعنى:
لا ينفعكم التقرّب إليهم بنقل أخبار النبيّ صلى الله عليه وسلم إليهم.
قوله تعالى: {لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ؛} أي توادّوهم بسبب الأرحام والأولاد، فإنّ الأرحام والأولاد لا ينفعوكم، فلا تعصوا الله ولا تخونوا رسوله لأجلهم، {يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ؛} فيدخل أهل طاعة الله الجنة، ويدخل أهل الكفر النار، {وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ؛} من الخير والشرّ، {بَصِيرٌ} (3).
قرأ عاصم ويعقوب «(يفصل بينكم)» بفتح الياء وكسر الصاد مخفّفا
(1)
،وقرأ ابن عامر والأعرج «(يفصّل)» بضمّ الياء وفتح الصاد مشدّدا، وقرأ طلحة والنخعي «(نفصّل)» بالنون وبضمّة وكسر الصاد مشدّدا، وقرأ الباقون «(يفصل)» بضم الياء وفتح الصاد مخفّفا
(2)
.
ثم ضرب الله لهم إبراهيم مثلا حين تبرّأ من قومه فقال تعالى: {قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ؛} أي قد كانت لكم قدوة حسنة في إبراهيم خليل الله والذين معه من المؤمنين، {إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ؛} لأقاربهم من الكفّار:{إِنّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ؛} ومن دينكم، {وَمِمّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ؛} من الأصنام، {كَفَرْنا بِكُمْ،} تبرّأنا منكم، {وَبَدا؛} وظهر، {بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ؛} بالفعل، {وَالْبَغْضاءُ؛} بالقول، {أَبَداً؛} إلى الأبد، {حَتّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ؛} تقرّوا وتصدّقوا بوحدانيّة الله تعالى، فهلاّ تأسّيت يا حاطب بإبراهيم في إظهاره معاداة الكفّار، وقطع الموالاة بينكم وبينهم كما فعله إبراهيم ومن معه.
قوله تعالى: {إِلاّ قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ؛} أي قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم وأموره، إلاّ في قوله لأبيه لأستغفرن لك، {لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ}
(1)
في المخطوط: (مشددا) وهو خطأ من الناسخ.
(2)
ينظر: الكشف والبيان: ج 9 ص 293.والجامع لأحكام القرآن: ج 17 ص 55.
{اللهِ مِنْ شَيْءٍ؛} إن عصيته، نهوا أن يتأسّوا بإبراهيم في هذا خاصّة فيستغفروا للمشركين.
والمعنى: قد كانت لكم أسوة حسنة في صنع إبراهيم إلاّ في استغفاره لأبيه وهو مشرك. ثم بيّن الله عذره إبراهيم في سورة التّوبة في استغفاره لأبيه فقال تعالى {وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيّاهُ}
(1)
وكان هذا قبل إخبار الله تعالى أن لا يغفر أن يشرك به. وقول إبراهيم: (وما أملك لك من الله من شيء) معناه: لا أقدر على دفع شيء من عذاب الله عنك إن لم تؤمن.
وكان من دعاء إبراهيم وأصحابه: {رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا؛} أي وثقنا، {وَإِلَيْكَ أَنَبْنا؛} أي فوّضنا أمورنا وإليك رجعنا بالتّوبة والطاعة، {وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (4)؛في الآخرة،
{رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (5)؛أي لا تظهر الكفّار علينا فيظنّوا أنّهم على الحقّ وأنّا على الباطل فيفتنوا بها، هكذا قال قتادة. وعن ابن عبّاس أنّه قال:(معناه: لا تسلّطهم فيفتنونا)
(2)
.وقال مجاهد: (معناه: لا تعذّبنا بأيديهم ولا بعذاب من عندك فيقولوا: لو كان هؤلاء على الحقّ ما أصابهم هذا)
(3)
.
قوله تعالى: {لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ؛} معناه: لقد كان لكم في إبراهيم والّذين معه قدوة صالحة فيما يرجع إلى رجاء ثواب الله وحسن المنقلب في اليوم الآخر.
وهذا يقتضي وجوب الاقتداء بهم في أفعالهم، وأما الأولى فنهوا الاقتداء بهم في باب العداوة لله في أمر الدين. قوله تعالى:{(لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ)} بدل من قوله {(لَكُمْ فِيهِمْ)} وهذا كقوله تعالى {وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ}
(1)
التوبة 114/.
(2)
أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (26302).
(3)
أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (26300).
{سَبِيلاً}
(1)
.ومعنى {(يَرْجُوا اللهَ)} أي يخاف الله ويخاف الآخرة، {وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} (6)؛أي من يعرض عن الإيمان ويوالي الكفار فإنّ الله هو الغنيّ عن خلقه، الحميد إلى أوليائه وأهل طاعته.
قال مقاتل: (فلمّا أمر الله المسلمين بعداوة الكفّار أظهروا لهم العداوة والبراءة امتثالا لأمر الله تعالى)
(2)
فأنزل الله: {*عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ؛} أي كونوا على رجاء وطمع في أن يجعل الله بينكم وبين الذين عاديتم من المشركين، {مَوَدَّةً،} يعني من كفار مكّة.
ففعل الله ذلك بأن أسلم كثير منهم بعد الفتح، منهم أبو سفيان بن حرب؛ وأبو سفيان بن الحارث؛ والحارث بن هشام؛ وسهيل بن عمرو؛ وحكم بن حزام، وكانوا من رؤساء الكفّار والمعادين لأهل الإسلام، فصاروا لهم أولياء وإخوانا، فخالطوهم وناكحوهم، وتزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمّ حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب، فلان لهم أبو سفيان، فهذه المودّة التي جعلها الله تعالى بينهم، {وَاللهُ قَدِيرٌ؛} على أن يجعل بينكم المودّة، {وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (7)؛بهم بعد ما تابوا وأسلموا.
قوله: {لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ} يعني أهل العهد الذين عاهدوا المؤمنين على ترك القتال والمظاهرة، وهم خزاعة، {أَنْ تَبَرُّوهُمْ،} والمعنى: لا ينهاكم الله عن برّ الذين لم يقاتلوكم، وهذا يدلّ على جواز البرّ بأهل الذمّة وإن كانت الموالاة منقطعة.
ولذلك جوّز أبو حنيفة ومحمّد صرف صدقة الفطر والكفّارات والنّذور المطلقة إليهم، وأجمعوا على جواز صرف صدقة التطوّع إليهم، وأجمعوا على أنه لا يجوز صرف الزّكوات إليهم لقوله عليه السلام:[أمرت أن آخذ الصّدقة من أغنيائكم وأردّها على فقرائكم]
(3)
.
(1)
آل عمران 97/.
(2)
قاله في التفسير: ج 3 ص 350.
(3)
أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب الزكاة: باب وجوب الزكاة: الحديث (1395).ومسلم في الصحيح: كتاب الايمان: باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الاسلام: الحديث (12/ 29).وأبو داود في السنن: كتاب الزكاة: باب في زكاة السائمة: الحديث (1584).
وقوله تعالى: {(أَنْ تَبَرُّوهُمْ)} في موضع خفض بدل من (الّذين) كأنّه قال عن أن تبرّوا الذين لم يقاتلوكم، وقوله تعالى:{وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (8)؛القسط إليهم أن نعطيهم قسطا من أموالنا على جهة البرّ، ويقال: أقسطت إلى الرجل اذا عاملته بالعدل، قال الزجّاج:(معناه: وتعدلوا فيما بينكم وبينهم من الوفاء بالعهد)
(1)
.
قوله تعالى: {إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ} (9)؛ يعني المحاربين من الكفّار، نهى الله أن يتصدّق عليهم، ونهى عن موالاتهم ومكاتباتهم. والمظاهرة: المعاونة للظّهور بها على العدوّ بالغلبة.
قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} وذلك أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا صالح قريشا يوم الحديبية على أن يردّ عليهم من جاءه من المسلمين، فلمّا هاجر إليه النّساء أبى الله أن يرجعن على المشركين وأمر بامتحانهنّ، وقوله تعالى {(فَامْتَحِنُوهُنَّ)} وذلك أن تستحلف المهاجرة ما هاجرت لحدث أحدثته، ولا خرجت عشقا لرجل من المسلمين ولا خرجت إلاّ رغبة في الإسلام.
قال ابن عبّاس: (صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم كفّار مكّة عام الحديبية على أنّ من أتاه من مكّة ردّه عليهم، ومن أتى مكّة من أصحابه فهو لهم، ولم يردّوه عليه، وكتب النّبيّ صلى الله عليه وسلم بذلك كتابا لهم وختم عليه، فلمّا ختم عليه النّبيّ صلى الله عليه وسلم جاءته سبيعة بنت الحارث الأسلميّة مسلمة.
فجاء زوجها إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو كافر وقال: يا محمّد ردّها عليّ، فإنّك شرطت لنا ذلك عليك، وهذه طينة كتابنا لم تجفّ، فأنزل الله هذه الآية {(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ)} {اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ؛} فاستحلفها رسول الله
(1)
قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: ج 5 ص 125.
صلّى الله عليه وسلّم [بالله ما أخرجك إلينا إلاّ الحرص على الإيمان والرّغبة فيه والمحبّة لله ولرسوله وللإسلام] فحلفت بالله العظيم الّذي لا إله إلاّ هو ما خرجت إلاّ لذلك، فأمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يعطى زوجها مهرها الّذي أنفق عليها، فأعطوه مهرها) وذلك معنى قوله:{وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا}
(1)
.
قوله تعالى: {(اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ)} أي هذا الامتحان لكم، والله عالم بهنّ، وليس عليكم إلاّ علم الظاهر، والله أعلم بإيمانهنّ قبل الامتحان وبعده، فإن علمتموهنّ في الظاهر بالامتحان أنّهن مؤمنات فلا تردّوهن إلى أزواجهنّ الكفّار بمكة، لا المؤمنات حلّ للكفار ولا الكفار يحلّون للمؤمنات. وقوله تعالى {(وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا)} أي أعطوا أزواج المهاجرات من الكفّار ما أنفقوا عليهنّ من المهر.
قوله تعالى: {وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ؛} أي لا جناح عليكم أن تتزوّجوهن إذا أعطيتموهنّ مهورهن ولو كان لهنّ أزواج كفّار في دار الكفر؛ لأن الإسلام قد فرّق بينها وبين الكافر، وهذا كلّه دليل أنّ الحرّة إذا هاجرت إلينا مسلمة أو ذميّة وقعت الفرقة بينهما بنفس المهاجرة، كما هو مذهب أصحابنا.
ولهذا قال أبو حنيفة: (إنّ المهاجرة لا عدّة عليها؛ لأنّ الله تعالى أباح للمسلمين التّزوّج بالمهاجرات من غير أن يشرط انقضاء العدّة، ولو كانت الزّوجيّة باقية بعد المهاجرة لما أمر الله بردّ مهورهنّ على أزواجهنّ. وعلى هذا إذا خرج الزّوج إلينا مسلما أو ذمّيّا وقعت الفرقة بينه وبين امرأته، وأمّا إذا دخل الحربيّ إلينا بأمان، أو دخل المسلم دار الحرب بأمان، أو أسلم الزّوجان في دار الحرب ثمّ خرج أحدهما إلينا لم يبطل نكاحهما).
قوله تعالى: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ؛} معناه: أنّ المرأة المسلمة إذا كفرت والعياذ بالله زالت العصمة بينها وبين زوجها وانقطع النكاح بينهما. والكوافر:
جمع كافرة، نهى الله المؤمنين عن المقام على نكاح المشركات.
(1)
أخرجه الواحدي في أسباب النزول: ص 284.
قوله تعالى: {وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا؛} معناه: واطلبوا من أهل مكّة مهور النّساء اللاتي يخرجن منكم إليهم مرتدّات، وليسأل الكفّار منكم ما أنفقوا على نسائهم اللواتي خرجن إليكم مهاجرات، {ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ؛} بمصالحكم، {حَكِيمٌ} (10)؛فيما حكم بينكم وبينهم.
قال الزهريّ: (فلمّا نزلت هذه الآية أقرّ المسلمون بحكم الله، فأمّا المشركون فأبوا أن يقرّوا)
(1)
فأنزل الله تعالى: {وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا؛} معناه: إن ذهبت امرأة من نسائكم إلى الكفّار فعاقبتم أي فضحتم.
قال الزجّاج: (معناه: فكانت العقبى لكم، أي كانت الغلبة لكم حتى غنمتم)
(2)
،فأعطوا أزواج الذين ذهبت نساؤهم مثل ما أنفقوا من المهور، قبل أن تقسم الغنائم، ثم اقسموا الغنائم كما أمر الله. وقوله تعالى:{وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} (11)؛أي اتّقوه في مخالفة ما أمركم به.
قوله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ؛} وذلك أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا فتح مكّة، جلس عند الصّفا وإلى جنبه عمر رضي الله عنه والنّساء يأتين يبايعنه صلى الله عليه وسلم وفيهنّ هند بنت عتبة متنكّرة مع النّساء خوفا أن يعرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل هذه الآية، فقال صلى الله عليه وسلم:[أبايعكنّ على أن لا تشركن بالله شيئا] فقالت هند: أشركنا وعبدنا الآلهة فما أغنت عنّا شيئا.
فقال صلى الله عليه وسلم: [ولا تسرقن] فقالت هند: إنّ أبا سفيان رجل شحيح ممسك، وإنّي أصيب من ماله لغناه، ولا أدري أيحلّ لي أم لا؟ فقال أبو سفيان: ما أصبت من شيء فيما مضى أو قد بقي فهو لك حلال، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفها وقال:
[إنّك لهند بنت عتبة؟] قالت: فاعف عمّا سلف يا نبيّ الله عفا الله عنك.
(1)
أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (26338).
(2)
قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: ج 5 ص 127.
فقال: [ولا تزنين] قالت: وهل تزني الحرّة؟ فضحك عمر رضي الله عنه وقال: لا لعمري ما تزني الحرّة، فقال:[ولا تقتلن أولادكنّ] فقالت هند: زيّنّاهم صغارا وقتلتموهم كبارا، وكان ابنها حنظلة بن أبي سفيان قتل يوم بدر، فضحك عمر رضي الله عنه حتّى استلقى على ظهره، وتبسّم النّبيّ صلى الله عليه وسلم
(1)
.
ومعنى الآية: {(وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ)} أي لا يدفنّ بناتهنّ أحياء كما كان العرب يفعلونه، فقال تعالى:{وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ؛} أي لا تلحق بزوجها ولدا ليس منه، وذلك أنّ المرأة كانت تلتقط لقيطا فتضعه بين يديها ورجليها وتقول لزوجها: ولدت هذا الولد، فذاك البهتان والافتراء. ويقال: أراد بين الأيدي أن يوضع بين يديها ولد غيرها وبين أيديهنّ أن يأتين بولد حرام، وهذا كناية عن الفرج، فلما قال عليه السلام، قالت هند: والله إنّ البهتان لقبيح وما تأمرنا إلاّ بالرّشد ومكارم الأخلاق.
قوله تعالى: {وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ؛} أي وجميع ما تأمرهنّ وتنهاهنّ من النّوح وشقّ الجيوب وخمش الوجوه ورنّة الشيطان وغير ذلك من أصوات المعصية ومن صوت اللّعب واللهو والمزامير وغير ذلك. والمعروف: كلّ ما كان طاعة، والمنكر: كلّ ما كان معصية، فلما قال صلى الله عليه وسلم:[ولا يعصينك في معروف] قالت هند:
وما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء، فأقرّت النّسوة بما أخذ عليهنّ.
وقوله تعالى: {فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (12)؛ معناه: إذا بايعنك على هذه الشّروط فبايعهن، فقال صلى الله عليه وسلم:[قد بايعتكنّ] كلاما كلّمهن به من غير أن مسّت يده يد امرأة، وكان على يد عمر رضي الله عنه ثوب يصافح به النساء.
قال القرظيّ: (ومعنى قوله تعالى: {(وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ)} قال: المعروف الّذي لا معصية فيه)
(2)
.وقال الربيع: (كلّ ما يوافق طاعة الله فهو معروف)
(3)
.قال
(1)
أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (26358).
(2)
ونقله عنه أيضا الثعلبي في الكشف والبيان: ج 9 ص 298.
(3)
نقله عنه أيضا الثعلبي في الكشف والبيان: ج 9 ص 298.
مجاهد: (غير المعروف هو خلوّ المرأة بالرّجل).
وعن سعيد بن المسيّب: (أنّ معناه: ولا يحلقن ولا يخرقن ثوبا ولا ينتفن شعرا ولا يخمشن وجها ولا يحدّثن الرّجل إلاّ ذا رحم محرم، ولا تخلو المرأة برجل غير ذي رحم محرم ولا تسافر مع غير ذي رحم).وقال ابن عبّاس: (ولا يخنّ)
(1)
.
وعن مصعب بن نوح قال: (أدركت عجوزا ممّن بايعن النّبيّ صلى الله عليه وسلم فحدّثتني عن قوله تعالى: {(وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ)} فقالت: النّوح)
(2)
.وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [النّوائح يجعلن يوم القيامة صفّين وتنبح كما تنبح الكلاب]
(3)
.
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [تخرج النّائحة من قبرها يوم القيامة شعثا غبرا، عليها جلباب من لعنة ودرع من جرب، واضعة يدها على رأسها تقول:
وا ويلاه، وملك يقول: آمين، ثمّ يكون من بعد ذلك حظّها النّار]
(4)
.وقال صلى الله عليه وسلم: [أربع في أمّتي من الجاهليّة لا يتركونهنّ: الفخر في الأحساب، والطّعن في الأنساب، والاستسقاء بالنّجوم، والنّياحة]
(5)
.وقال: [النّائحة إذا لم تتب قبل موتها بعام جاءت يوم القيامة عليها سربال من قطران]
(6)
.
(1)
ذكره أيضا الثعلبي في الكشف والبيان: ج 9 ص 298.
(2)
في الدر المنثور: ج 8 ص 141؛ قال السيوطي: (أخرجه أحمد وعبد بن حميد وابن سعد وابن مردويه بسند جيد عن مصعب بن نوح) وذكره.
(3)
في مجمع الزوائد: ج 3 ص 14؛قال الهيثمي: (رواه الطبراني في الأوسط وفيه سليمان بن داود اليماني وهو ضعيف).
(4)
ذكره المتقي الهندي في كنز العمال: الموت وأحوال تقع بعده: باب ذم النياحة: الحديث (42454)،وقال:(أخرجه ابن النجار عن مسلمة بن جعفر عن حسان بن حميد عن أنس، قال في الميزان: مسلمة يجهل هو وشيخه، وقال الأزدي: ضعيف).
(5)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: ج 3 ص 285:الحديث (3425).والإمام أحمد في المسند: ج 5 ص 343،وإسناده صحيح.
(6)
في مجمع الزوائد: ج 3 ص 14؛قال الهيثمي: (رواه الطبراني في الكبير وفيه عبيد الله بن زمر، وهو ضعيف).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: [لعن الله النّائحة والمستمعة والحالقة والسّالقة والواشمة والموشومة]
(1)
.وعن عمر رضي الله عنه: (أنّه سمع نائحة فضربها حتّى وقع خمارها عن رأسها، فقيل: يا أمير المؤمنين إنّها قد وقع خمارها، قال: إنّها لا حرمة لها)
(2)
.
قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ؛} ختم الله هذه السّورة بمثل كما افتتحها به، حيث نهى المؤمنين عن تولّي أعداء الله، وأراد بالقوم الذين غضب الله عليهم اليهود، والمعنى: يا أيّها الذين آمنوا لا تتولّوا اليهود.
قوله تعالى: {قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ؛} لأنّهم كانوا يعرفون النبيّ صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم، وكانوا لا يؤمنون به، فآيسوا من أن يكون لهم في الآخرة خير.
وقيل: إنّهم كانوا يزعمون أنه لا يكون في الآخرة أكل ولا شرب ولا نعمة، والمراد بذلك اليهود.
وقوله تعالى: {كَما يَئِسَ الْكُفّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ} (13)؛معناه: كما يئس المشركون الذين لا يؤمنون بالبعث من رجوع أصحاب القبور ومن أن يبعثوا.
وقيل: معناه: كما يئس الكفار إذا ماتوا وصاروا في القبور من أن يكون لهم في الآخرة حظّ، ويئسوا من أن يكون لهم في الآخرة نصيب.
آخر تفسير سورة (الممتحنة) والحمد لله رب العالمين.
(1)
في مجمع الزوائد: ج 3 ص 14؛قال الهيثمي: (رواه الطبراني في الكبير وفيه الحسن بن عطية، ضعيف).وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب الجنائز: باب ما ورد من التغليظ في النياحة: الحديث (72158) وليس فيه الحسن بن عطية، واللفظ له.
(2)
أخرجه عبد الرزاق في المصنف: ج 3 ص 557:الحديث (6682).