الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الهمزة
سورة الهمزة مكّيّة، وهي مائة وثلاثون حرفا، وثلاثون كلمة، وتسع آيات. قال صلى الله عليه وسلم:[من قرأها أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من استهزأ بمحمّد صلى الله عليه وسلم وأصحابه]
(1)
.
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} (1)؛قال ابن عبّاس: «نزلت في الأخنس ابن شريق، كان يهمز النّاس ويلمزهم مقبلين ومدبرين»
(2)
.وقال مقاتل:
(3)
.وحرف (كلّ) يقتضي أنّ هذا الوعيد لكلّ كافر يغتاب الناس ويعيبهم. والويل كلمة تقولها العرب في كلّ من وقع في هلكة، ويقال:
إنه واد في جهنّم مملوء من القيح والصّديد مما يسيل من أهل النار.
والهمزة: الطاعن على غيره بغير حقّ بالسّفه والجهل، واللّمزة: المغتاب المعياب، وعن أبي العالية قال: «الهمزة: الّذي يلمز من خلف، واللّمز: هو العيب، قال الله تعالى:{وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ}
(4)
أي لا يعيبنّ بعضكم على بعض».وقال ابن عبّاس: «الهمزة اللّمزة: هم المشّاءون بالنّميمة المفرّقون بين الأحبّة»
(5)
.
(1)
أخرجه الثعلبي في الكشف والبيان: ج 10 ص 285.
(2)
أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (29359) وأبهم الاسم: قال رضي الله عنه: (مشرك يلمز النّاس ويهمزهم).وذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج 20 ص 183 صريحا.
(3)
تفسير مقاتل بن سليمان: ج 3 ص 517.
(4)
الحجرات 11/.
(5)
أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (29349).
وقيل: الهمزة: الذي يأكل لحوم الناس ويغتابهم، واللّمزة: الطعّان عليهم.
وقيل: اللّمزة: الذي يكرم الناس بلسانه ويهمزهم بعينه، وقال ابن كيسان: «الهمزة:
الّذي يؤذي جليسه بسوء اللّفظ، واللّمزة: الّذي يكسر عينه على جليسه، ويشير برأسه، ويومئ بعينيه، ويرمز بحاجبه»
(1)
.
قوله تعالى: {الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ} (2)؛قرأ ابن كثير وأبو عامر ونافع وعاصم «(جمع)» بتخفيف الميم، وقرأ غيرهم بالتشديد، ومعنى الآية: الذي جمع مالا كثيرا من الحرام وعدّده لنوائب دهره. وقيل: عدّه وأحصاه وأحرزه، وقرأ الحسن «(وعدده)» بالتخفيف؛ أي جمعه وعدده؛ أي وخدمه واتباعه، تقول العرب: جمعت الشيء إذا كان متفرّقا، وجمّعت الشيء بالتشديد اذا أكثرت الجمع منه.
قوله تعالى: {يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ} (3)؛معناه: يحسب هذا الكافر الطاعن اللعّان أنّ كثرة ماله تخلده وتبقيه؟ أي يعمل عمل من يظنّ أن ماله يبقيه؟
قوله تعالى: {كَلاّ؛} أي حاشا أن يخلد أحد في الدنيا. ويجوز أن يكون معناه: حقّا؛ {لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ} (4)؛أي ليطرحنّ فيها، وقرأ الحسن «(لينبذان)» أي ليطرحانّ هو وماله. والحطمة: اسم دركة من دركات النار، سميت بذلك؛ لأنّها كثيرة الحطم للكفار، وأصل الحطم الكسر، يقال: رجل حطمة إذا كان كثير الأكل.
قوله تعالى: {وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ} (5)؛تفخيم لشأنها،
وقوله تعالى: {نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ} (6)؛أي لا تخمد أبدا،
وقوله تعالى: {الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ} (7)؛أي تشرف على القلوب، تأكل كلّ شيء من الجلود واللّحوم والعظام والعروق حتى يبلغ إحراقها إلى القلوب.
(1)
ذكره ابن عادل الحنبلي في اللباب في علوم الكتاب: ج 20 ص 489.
قوله تعالى: {إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ} (8)؛أي إنّ الحطمة عليهم؛ أي على الكفار مطبقة الأبواب مغلقة لا تدخل فيها روح، ولا يخرج منها غمّها
(1)
.
قوله تعالى: {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} (9)؛قرأ أهل الكوفة «(عمد)» بضمّتين، وقرأ غيرهم بالنصب، واختاره أبو عبيد لقوله تعالى {رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها}
(2)
، والعمد والعمد جمع عمود، قال الفرّاء:«هو جمع عماد، وهو الاسطوانة»
(3)
، والمعنى: تمدّ أيديهم وأرجلهم إلى عمد ممدودة في النار، وتجعل في أعناقهم السلاسل؛ ليكون ذلك زيادة في تعذيبهم.
آخر تفسير سورة (الهمزة) والحمد لله رب العالمين
(1)
في الجامع لأحكام القرآن: ج 20 ص 186؛ قال القرطبي: (وتشدّ تلك الأطباق بالأوتاد، حتى يرجع عليهم غمّها وحرّها، فلا يدخل عليهم روح).
(2)
لقمان 10/.
(3)
في معاني القرآن: ج 3 ص 291؛ قال الفرّاء: (والعمد، والعمد جمعان صحيحان للعمود، مثل: الأديم، والأدم، والأدم، والإهاب والأهب، والأهب ويقال: إنّها عمد من نار).