الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة لم يكن
سورة (لم يكن) مكّيّة، وقيل: مدنيّة، وهي ثلاثمائة وسبعة وتسعون حرفا، وأربع وتسعون كلمة، وثمان آيات.
قال صلى الله عليه وسلم: [لو يعلم النّاس ما في (لم يكن) لعطّلوا الأهل والمال وتعلّموها، لا يقرؤها منافق أبدا، وإنّ الملائكة المقرّبون ليقرءوها منذ خلق الله السّماوات والأرض لا يفترون عن قراءتها. وما من عبد يقرؤها في ليل إلاّ بعث الله ملائكة يحفظونه في دينه ودنياه، ويدعون له بالمغفرة والرّحمة، وإن قرأها نهارا أعطي من الثّواب مثل ما أضاء عليه النّهار وأظلم عليه اللّيل]
(1)
.وقال صلى الله عليه وسلم: [من قرأ (لم يكن) كان يوم القيامة مع خير البريّة ميّتا ومقبلا].
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ؛} وهم اليهود والنصارى، {وَالْمُشْرِكِينَ؛} وهم عبدة الأوثان، {مُنْفَكِّينَ؛} أي منتهين عن كفرهم وشركهم، وقيل: لم يكونوا زائلين، {حَتّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} (1)؛الواضحة، وهي محمّد صلى الله عليه وسلم أتاهم بالقرآن، فبيّن ضلالتهم وجهالتهم ثم دعاهم.
ثم فسّر البيّنة فقال: {رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً} (2)؛من الباطل والتناقض،
{فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} (3)؛أي مستقيمة عادلة، ومعنى قوله تعالى {(رَسُولٌ مِنَ اللهِ)} يعني محمّدا صلى الله عليه وسلم {(يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً)} أي يقرأ عليهم ما
(1)
في أحكام القرآن: ج 4 ص 1969؛ قال ابن العربي: (وهذا حديث باطل، وإنما الحديث الصحيح ما روي عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبيّ بن كعب: [إنّ الله قد أمرني أن أقرأ عليك لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا] قال: وسمّاني لك؟ قال: [نعم]،فبكى).
تضمّنته الصّحف المطهّرة من المكتوب، سمّيت مطهّرة؛ لأنّها مطهّرة من الباطل والتناقض، ولا يمسّها إلاّ المطهّرون من الأنجاس وهم الملائكة، وأراد بها الصّحف التي في أيديهم كما قال {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ، كِرامٍ بَرَرَةٍ}
(1)
،في تلك الصّحف {(كُتُبٌ قَيِّمَةٌ)} أي مستقيمة في جهة الصّواب، لا تؤدّي إلى اعوجاج، ولا تدلّ إلاّ على الحقّ.
قوله تعالى: {وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} (4)؛فيه تقريع لليهود والنصارى، فإنّهم ما اختلفوا في أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم إلاّ من بعد ما جاءهم النبيّ صلى الله عليه وسلم بالقرآن والمعجزات،
{وَما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ؛} أي ما أمر هؤلاء الذين سبق ذكرهم من اليهود والمشركين في جميع كتب الله إلاّ أن يعبدوا الله، {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ؛} في دينهم؛ {حُنَفاءَ؛} مائلين عن كلّ دين سوى الإسلام؛ وأن؛ {وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ؛} بحقوقها في مواقيتها، وأن؛ {وَيُؤْتُوا؛} يعطوا؛ {الزَّكاةَ؛} المفروضة، {وَذلِكَ دِينُ؛} الله {الْقَيِّمَةِ} (5)؛أي المستقيمة.
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} (6)؛أي شرّ خليقة، ومنه برئ الله، والبرءة بالهمز هم الخليقة، ومنه برأ الله الخلق، ومنه البارئ بمعنى الخالق. ومن قرأ بغير الهمز كأنه ترك الهمز على وجه التخفيف.
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} (7)؛أي خير الخليقة،
{جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنّاتُ عَدْنٍ؛} أي بساتين إقامة، {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ؛} الأربعة، {خالِدِينَ فِيها أَبَداً رضي الله عنهم؛} بإيمانهم، {وَرَضُوا عَنْهُ؛} بالثّواب الذي أكرمهم الله به، {ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} (8)؛بامتثال أوامره، واجتناب معاصيه.
آخر تفسير سورة (البينة) والحمد لله رب العالمين
(1)
عبس 15/-16.